الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْآخر الرَّهْن، أَو ادّعى أَحدهمَا الْإِجَارَة وَالْآخر الشِّرَاء، أَو أَحدهمَا الصَّدَقَة مَعَ الْقَبْض وَالْآخر الشِّرَاء، أَو ادّعى كل مِنْهُمَا الْإِجَارَة، وَلَا بَيِّنَة فِي جَمِيع ذَلِك، فَأقر ذُو الْيَد لأَحَدهمَا يمْنَع الآخر بِمُجَرَّد إِقْرَاره للْأولِ وَلَا يسْتَحْلف لَهُ (ر: الدّرّ، آخر كتاب الْوَقْف، والمادة / 1742 / من الْمجلة) .
وَمِنْهَا: مَا لَو أقرّ الْأَب على ابْنَته الْبكر الْبَالِغَة بِقَبْضِهِ مهرهَا من زَوجهَا، فَإِنَّهُ حجَّة عَلَيْهَا، وتبرأ بِهِ ذمَّة الزَّوْج.
وَمِنْهَا: مَا لَو أقرّ اثْنَان من الْوَرَثَة بِولد للمتوفى فَإِنَّهُ يثبت نسبه فِي حق غَيرهم من الْوَرَثَة، وَفِي حق النَّاس كَافَّة، وَلَا يحْتَاج فِي ذَلِك للفظ الشَّهَادَة وَلَا لمجلس الْقَضَاء على الْأَصَح (ر: الدّرّ وحاشيته، دَعْوَى النّسَب) .
وَمِنْهَا: مَا فِي الْفَصْل الْخَامِس عشر من جَامع الْفُصُولَيْنِ (صفحة / 202 من المجلد الأول) : لَو ادّعى عينا على آخر وَأَرَادَ تَحْلِيفه فَأقر بِهِ لِابْنِهِ الصَّغِير تنْدَفع عَنهُ الْيَمين، لِأَنَّهُ بعد أَن أقرّ بِهِ لِابْنِهِ الصَّغِير لَا يَصح إِقْرَاره بِهِ لغيره، فَلَا يُفِيد تَحْلِيفه، لِأَن التَّحْلِيف رَجَاء النّكُول، وَهُوَ كَالْإِقْرَارِ. انْتهى بِالْمَعْنَى.
فقد يتَعَدَّى الْإِقْرَار فِي هَذِه الصُّورَة، لَكِن تقدم (آخر الْكَلَام عَن الْمَادَّة / 76) نقلا عَن الْبَاب السَّابِع وَالثَّلَاثِينَ فِي الْقَضَاء بِدَعْوَى الْوَقْف من معِين الْحُكَّام أَن الْمُفْتى بِهِ قَول مُحَمَّد من أَنه لَو أَرَادَ تَحْلِيف الْأَب ليَأْخُذ الْقيمَة مِنْهُ لَو نكل فَإِنَّهُ يحلف، وَلَو أَرَادَ تَحْلِيفه ليَأْخُذ الْعين لَا يحلف. وَعَلِيهِ فَيحمل مَا فِي الْفُصُولَيْنِ على مَا إِذا طلب تَحْلِيفه ليَأْخُذ الْعين لَو نكل. (انْظُر مَا سَيَأْتِي تَحت الْمَادَّة / 79 / نقلا عَن الْفَصْل الثَّالِث والفصل الْخَامِس عشر من جَامع الْفُصُولَيْنِ) .
(تَنْبِيه:)
إِذا اجْتمعت الْبَيِّنَة مَعَ الْإِقْرَار ثمَّ وَقع الْقَضَاء فَإِنَّهُ يعْتَبر الْقَضَاء وَاقعا
بِسَبَب الْإِقْرَار، إِلَّا فِي مسَائِل تقدّمت فِي الْكَلَام على الْمَادَّة التَّاسِعَة عشرَة يعْتَبر فِيهَا الْقَضَاء وَاقعا بِالْبَيِّنَةِ، لِئَلَّا يتَضَرَّر الْمُدعى عَلَيْهِ إِذا اعْتبر وَاقعا بِسَبَب الْإِقْرَار فلتراجع. انْتهى.
مِمَّا خرج عَن هَذِه الْقَاعِدَة أَيْضا مَا فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من جَامع الْفُصُولَيْنِ (صفحة / 202) برمز الْجَامِع الْكَبِير: وَكيل البيع أقرّ بِقَبض مُوكله الثّمن يبرأ المُشْتَرِي، كَمَا لَو أقرّ بِقَبض نَفسه. انْتهى.
وَنقل صَاحب جَامع الْفُصُولَيْنِ بعد هَذَا عَن صَاحب الذَّخِيرَة أَنه قَالَ: فعلى قِيَاس هَذِه الْمَسْأَلَة يَنْبَغِي أَن يَصح إِقْرَاره بِقَبض الطَّالِب فِي مَسْأَلَة الْوَكِيل بِقَبض الدّين. وَقَالَ صَاحب جَامع الْفُصُولَيْنِ عقبه: " أَقُول: يُمكن الْفرق بَينهمَا بِأَن وَكيل البيع أصيل فِي قبض الثّمن تعود الْحُقُوق إِلَيْهِ، كَمَا هُوَ مُقَرر فِي مَحَله، فَلهُ أَن يُوكل غَيره بِقَبض ثمنه، كَمَا مر قبيل هَذَا، فَأقر بِمَا لَهُ تسليطه فصح، بِخِلَاف وَكيل الْقَبْض إِذْ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيل فَكَانَ مقرا بِمَا لَيْسَ لَهُ تسليطه فلغا. وَالله أعلم ".
وَنقل هَذَا الْفرق فِي نور الْعين وَاسْتَشْكَلَهُ بِأَن وَكيل الْخُصُومَة يَصح إِقْرَاره على مُوكله فِي مجْلِس القَاضِي لَا فِي غير مجْلِس القَاضِي وَإِن انْعَزل بِهِ. ثمَّ قَالَ: فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يَصح إِقْرَار الْوَكِيل بِقَبض الطَّالِب كَمَا قَالَ صَاحب الذَّخِيرَة آنِفا.
ثمَّ أيد كَلَام صَاحب الذَّخِيرَة بِمَا ذكره مُحَمَّد فِي الأَصْل من أَن وَكيل الْخُصُومَة أَو الْقَبْض لَو أقرّ فِي مجْلِس الْقَضَاء بِقَبض مُوكله، وَالْمُوكل قد اسْتثْنى إِقْرَاره لم يجز. انْتهى. ثمَّ قَالَ: وَوَجهه التأييد هُوَ أَن الْمَفْهُوم من قَوْله: " وَالْمُوكل قد اسْتثْنى إِقْرَاره " أَنه لَو لم يسْتَثْن جَازَ إِقْرَاره عَلَيْهِ. انْتهى كَلَام نور الْعين.
ولي فِيهِ نظر، فَإِن جَوَاب صَاحب الْفُصُولَيْنِ سديد، وَمَا استشكله بِهِ فِي نور الْعين لَا يرد عَلَيْهِ، فَإِن إِقْرَار وَكيل قبض الدّين بِقَبض مُوكله جنس، وَإِقْرَار
وَكيل البيع بِقَبض مُوكله الثّمن جنس آخر لَا تشابه بَينهمَا فِيمَا يظْهر حَتَّى يَصح تَخْرِيج أَحدهمَا على الآخر وَقِيَاسه عَلَيْهِ. وَذَلِكَ أَن وَكيل البيع أصيل فِي حُقُوق العقد، وَمن جُمْلَتهَا قبض الثّمن، لَا وَكيل فِيهَا، وَلذَا لَا يملك الْمُوكل عَزله عَنْهَا، وَلَا يجْبر المُشْتَرِي على دفع الثّمن للْمُوكل الْمَالِك وَإِن كَانَ لَو دفع لَهُ يبرأ، فَيكون إِقْرَار الْوَكِيل بِقَبض مُوكله الثّمن من المُشْتَرِي إِقْرَارا على نَفسه بِبَرَاءَة ذمَّة المُشْتَرِي حَيْثُ أقرّ بِدَفْعِهِ الثّمن للْمَالِك، وَهُوَ دفع صَحِيح تَبرأ بِهِ ذمَّته. بِخِلَاف وَكيل قبض الدّين ووكيل الْخُصُومَة فَإِنَّهُمَا ليسَا أصليين، وَلذَا يملك الْمُوكل عزلهما أَو يجْبر الْمَدْيُون على الدّفع للْمُوكل لَو طَالبه، فَيكون إِقْرَار الْوَكِيل بِالْقَبْضِ، وَالْحَالة هَذِه، من قبيل إِقْرَار الْإِنْسَان على غَيره لَا إِقْرَاره على نَفسه. فعلى قَول الإِمَام من أَن وَكيل قبض الدّين يملك الْخُصُومَة يَصح إِقْرَاره على مُوكله فِي مجْلِس الْقَضَاء كوكيل الْخُصُومَة، لِأَن الْخُصُومَة إِقْرَار أَو إِنْكَار فالتوكيل بهَا تَوْكِيل بِالْإِقْرَارِ، وَعَلِيهِ يتمشى مَفْهُوم كَلَام الأَصْل الَّذِي تمسك بِهِ نور الْعين لتأييد بحث صَاحب الذَّخِيرَة. وعَلى قَوْلهمَا من أَن وَكيل الْقَبْض لَا يملك الْخُصُومَة وَجَرت عَلَيْهِ الْمجلة فِي الْمَادَّة / 1520 / _ لَا يَصح إِقْرَاره على مُوكله بِالْقَبْضِ، وَلَا تَبرأ بِإِقْرَارِهِ هَذَا ذمَّة الْمَدْيُون من الدّين الْمُوكل بِقَبْضِهِ، وَلَا يلْزم من عدم صِحَة إِقْرَاره على مُوكله وَعدم بَرَاءَة ذمَّة الْمَدْيُون أَن تسمع دَعْوَاهُ عَلَيْهِ فَإِن إِقْرَاره بِقَبض مُوكله الدّين يمنعهُ من سَماع دَعْوَاهُ على الْمَدْيُون بِالدّينِ لتناقضه، والمتناقض لَا تسمع دَعْوَاهُ وَإِن كَانَ وَكيلا عَن غَيره. هَذَا مَا ظهر لي، وَالله سبحانه وتعالى أعلم.
هَذَا وَقد ذكر هَذَا الْفَرْع فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ عَن فرع الْجَامِع الْكَبِير مُطلقًا عَن التَّقْيِيد، وَلَكِن قَيده فِي الْفَصْل الرَّابِع فِي الْوكَالَة بِالْبيعِ من الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّة بِأَن يكون الْمُوكل سلم الْمَبِيع إِلَى وَكيل البيع. وَزَاد أَن الْمُوكل لَهُ أَن يحلف الْوَكِيل على مَا زعم من أَنه، أَي الْمُوكل، قبض الثّمن من المُشْتَرِي، فَإِن حلف برِئ هُوَ أَيْضا، وَإِن نكل ضمن الثّمن للْمُوكل.
وَمِمَّا خرج عَنْهَا أَيْضا مَا فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ (الْفَصْل / 34
صفحة / 224) : لَو أنْفق أَجْنَبِي على بعض الْوَرَثَة فَقَالَ: أنفقت بِأَمْر الْوَصِيّ، وَأقر بِهِ الْوَصِيّ، وَلَا يعلم ذَلِك إِلَّا بقول الْوَصِيّ بعد مَا أنْفق يقبل قَول الْوَصِيّ لَو كَانَ الْمُنفق عَلَيْهِ صَغِيرا (انْتهى) فقد تعدى إِقْرَار الْوَصِيّ على الصَّغِير.