الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْقَاعِدَة الْخَمْسُونَ
(الْمَادَّة / 51))
("
السَّاقِط لَا يعود، كَمَا أَن الْمَعْدُوم لَا يعود
")
(أَولا _ الشَّرْح)
السَّاقِط من الْحُقُوق الْقَابِلَة للسقوط لَا يعود، مَعْنَاهُ أَن مَا يقبل السُّقُوط من الْحُقُوق، إِذا سقط مِنْهُ شَيْء بمسقط فَإِنَّهُ لَا يعود بعد سُقُوطه، وكما أَن الْمَعْدُوم لَا يعود، والساقط أصبح مَعْدُوما بعد سُقُوطه فَلَا يعود.
فقولنا: " الْقَابِلَة للسقوط " صفة كاشفة وَلَيْسَت قيدا للِاحْتِرَاز عَن الْحُقُوق غير الْقَابِلَة للسقوط، كحق فسخ العقد الْفَاسِد، وَحقّ الرُّجُوع فِي الْهِبَة، وَحقّ الِاسْتِحْقَاق فِي الْوَقْف. وَكَذَا حق الْوَكِيل فِي الْقيام بِمَا وكل بِهِ، وَحقّ الْمُسْتَعِير فِي الِانْتِفَاع بالعارية، وَحقّ الإدخال والإخراج فِي الْوَقْف لمن شَرط لَهُ من وَاقِف أَو غَيره، كَمَا بَحثه ابْن نجيم فِي هَذِه الثَّلَاثَة الْأَخِيرَة، وَحقّ خِيَار الرُّؤْيَة على مَا سَيَأْتِي، وَحقّ تَحْلِيف الْيَمين المتوجهة على أحد المتداعيين. (ر: تنوير الْأَبْصَار، قبيل التَّحَالُف) فَإِنَّهَا لَا تسْقط حَتَّى يتعرف عودهَا من عَدمه.
(ثَانِيًا _ التطبيق)
مِمَّا فرع على هَذِه الْقَاعِدَة الْمَذْكُورَة: مَا لَو كَانَ الثّمن غير مُؤَجل وَسلم البَائِع الْمَبِيع للْمُشْتَرِي قبل قبض الثّمن، فَإِنَّهُ يسْقط حَقه فِي حبس الْمَبِيع، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَاده بعد ذَلِك وحبسه ليستوفي الثّمن. وَكَذَلِكَ لَو قَبضه المُشْتَرِي وَالْحَالة هَذِه بمرأى من البَائِع وَلم يَنْهَهُ، وَالْبيع بَات، فَإِنَّهُ يسْقط حَقه فِي الْحَبْس للْمَبِيع. أما لَو كَانَ البيع وَفَاء فَلَا يسْقط
حق الْحَبْس قِيَاسا واستحساناً، وَله أَن يسْتَردّهُ ليحبسه بِالثّمن. (ر: الْبَدَائِع / 124) .
وَكَذَلِكَ الْأَجِير إِذا كَانَ لَهُ حق حبس الْعين، بِأَن كَانَ لعمله أثر فِيهَا (والأثر مَا كَانَ عينا قَائِمَة) كالخياط والصباغ إِذا سلمهَا حَقِيقَة أَو سلمهَا حكما بِأَن عمل فِي بَيت اسْتَأْجرهُ سقط حَقه فِي الْحَبْس.
وَكَذَلِكَ حق الْمُرْتَهن فِي حَبسه الرَّهْن فَإِنَّهُ إِذا أسْقطه يسْقط.
وَكَذَلِكَ من لَهُ خِيَار الرُّؤْيَة إِذا تصرف فِي الْمَبِيع تَصرفا يُوجب حَقًا للْغَيْر، كَالْإِجَارَةِ وَالْبيع بِدُونِ رِضَاء لَهُ، وكالهبة وَالرَّهْن مَعَ التَّسْلِيم، فَإِن خِيَاره يسْقط وَإِن كَانَ ذَلِك قبل الرُّؤْيَة عِنْد أبي يُوسُف وَهُوَ الْأَصَح.
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَرضًا بِيعَتْ بِخِيَار فَأذن للأكار بزرعها _ وَلَو بطرِيق الْعَارِية _ فزرعها سقط خِيَاره.
وَأما مَا لَا يُوجب حَقًا للْغَيْر، كَهِبَة وَرهن بِلَا تَسْلِيم، وَبيع وَإِجَارَة بِخِيَار لَهُ وَعرض الْمَبِيع للْبيع وإعارته وَطلب الشُّفْعَة بِهِ فَإِنَّهُ يسْقط الْخِيَار بعد الرُّؤْيَة لَا قبلهَا، كقبضه وَنقد الثّمن.
وَمِنْه مَا لَو أَبْرَأ مديونه عَن الدّين فَقبل أَو سكت وَلم يرد سقط الدّين وَلَا تسمع دَعْوَاهُ بِهِ وَإِن أقرّ بِهِ الْمَدْيُون بعد ذَلِك. نعم لَو ادّعى الْمَدْيُون الْإِبْرَاء وَأنْكرهُ الدَّائِن وَقَالَ: إِنَّك أَقرَرت بِالدّينِ بعد التَّارِيخ الَّذِي ادعيت الْإِبْرَاء فِيهِ تسمع دَعْوَاهُ إِقْرَار الْمَدْيُون.
وَكَذَلِكَ من كَانَ لَهُ حق فِي الْمُرُور أَو التسييل فِي ملك الْغَيْر فأسقطه صَرِيحًا أَو أذن لمَالِك الرَّقَبَة أَن يَبْنِي فِي الْمَمَر أَو المسيل فَإِنَّهُ يسْقط حَقه. بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ مَالِكًا لرقبة الْمَمَر أَو المسيل وَأسْقط حَقه عَنهُ فَإِنَّهُ لَا يسْقط.
وَمِنْه مَا لَو ردَّتْ شَهَادَته لعِلَّة غير الْعَمى والصغر وَالْكفْر وَالرّق، ثمَّ زَالَت الْعلَّة فَأَعَادَهَا لَا تسمع.
وَمِنْه الْمُوصى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ إِذا أسقط حَقه مِنْهَا سقط.