الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تَنْبِيه ثَالِث:)
يجب أَن يكون الْمُدعى بِهِ مَعْلُوما، لما فِي الْمَادَّة / 1619 / إِذْ لَا يقْضى بِمَجْهُول.
وكما أَنه يجب أَن يكون التَّحْلِيف على مَعْلُوم أَيْضا. فَلَا تَحْلِيف على حق مَجْهُول، فَلَو ادّعى أحد الشَّرِيكَيْنِ على الآخر خِيَانَة مُبْهمَة لم يحلف، لِأَن الْجَهَالَة كَمَا تمنع قبُول الْبَيِّنَة تمنع الِاسْتِحْلَاف (ر: الْحَمَوِيّ على الْأَشْبَاه من كتاب الْقَضَاء) .
وَكَذَا لَو ادّعى على رجل: إِنَّه اسْتهْلك مَالِي، أَو قَالَ كَانَ هَذَا شَرِيكي وَقد خَان فِي الرِّبْح وَلَا أَدْرِي كم قدره، وَطلب التَّحْلِيف من القَاضِي، لَا يجِيبه إِلَى ذَلِك.
وَكَذَا الْمَدْيُون إِذا قَالَ: قضيت بعض ديني، وَلَا أَدْرِي كم قضيت، أَو قَالَ: نسيت قدره وَأَرَادَ أَن يحلف الطَّالِب لَا يلْتَفت إِلَيْهِ لِأَن دَعْوَى الْمَجْهُول كَمَا تمنع قبُول الْبَيِّنَة تمنع الِاسْتِحْلَاف (ر: جَامع أَحْكَام الصغار من مسَائِل أدب القَاضِي) .
إِلَّا فِي مسَائِل يجْرِي فِيهَا التَّحْلِيف على الْمَجْهُول: مِنْهَا: مَا إِذا اتهمَ القَاضِي وَصِيّ الْيَتِيم. وَمِنْهَا مَا إِذا اتهمَ مولى الْوَقْف فَإِنَّهُ يحلفهما، نظرا للْيَتِيم وَالْوَقْف.
وَمِنْهَا: مَا إِذا ادّعى الْمُودع على الْمُودع خِيَانَة مُبْهمَة فَإِنَّهُ يحلفهُ.
وَمِنْهَا: الْمسَائِل الثَّلَاث الَّتِي تسمع فِيهَا الدَّعْوَى بِمَجْهُول، وَهِي: دَعْوَى الرَّهْن، وَالْغَصْب، وَالسَّرِقَة.
فَفِي هَذِه الْمسَائِل السِّت لَو طلب الْمُدَّعِي فِيهَا يَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يحلف وَإِن كَانَ على مَجْهُول (ر: نور الْعين، من آخر الْفَصْل الْخَامِس عشر نقلا عَن الْأَشْبَاه) .
وَزَاد الْحَمَوِيّ سابعة لَهَا، وَهِي: دَعْوَى الْوَدِيعَة المجهولة.
فَإِذا اسْتحْلف على أحد هَذِه المجهولات فَحلف برِئ وَإِن نكل يجْبر على الْبَيَان (ر: الْحَمَوِيّ على الْأَشْبَاه، وَمثله فِي الدُّرَر، كتاب الدَّعْوَى) .
وَالظَّاهِر أَن سَماع الدَّعْوَى بِمَجْهُول فِي السّرقَة مُقَيّد بِمَا إِذا ادّعى التَّضْمِين لَا الْقطع، لِأَنَّهُ إِذا كَانَ الْمَالِك يَدعِي الْقطع لَا يحلف السَّارِق، إِذْ لَا تَحْلِيف فِي الْحُدُود.
أَقُول: وَيُزَاد أَيْضا مسَائِل أخر تسمع فِيهَا الدَّعْوَى بِمَجْهُول، فَيجْرِي حينئذٍ فِيهَا أَيْضا التَّحْلِيف على الْمَجْهُول، وَهِي: الْوَصِيَّة، وَالْإِقْرَار، وَالْإِبْرَاء (ر: رد الْمُحْتَار من كتاب الدَّعْوَى، نقلا عَن الْمِعْرَاج) .
وَيُزَاد أَيْضا مَا لَو قَالَ مَرِيض: لَيْسَ لي فِي الدُّنْيَا شَيْء ثمَّ مَاتَ، فلبعض الْوَرَثَة أَن يحلفوا زَوجته وبنته على أَنَّهُمَا لَا يعلمَانِ شَيْئا من تَرِكَة الْمُتَوفَّى. (ر: رد الْمُحْتَار، من كتاب الْإِقْرَار ج / 462، نقلا عَن حاوي الزَّاهدِيّ) .
نقل الْحَمَوِيّ فِي حَاشِيَة الْأَشْبَاه، عَن الْخَانِية (صفحة / 343) أَن دَعْوَى الْوَصِيَّة المجهولة لَا تسمع وَلَا يسْتَحْلف الْخصم عَنْهَا، وَهَذَا خلاف مَا نَقله فِي رد الْمُحْتَار عَن الْمِعْرَاج من سَماع دَعْوَى الْوَصِيَّة المجهولة كَمَا هُوَ مرسوم أدناه، وَنقل فِي تَكْمِلَة رد الْمُحْتَار أَيْضا عبارَة مِعْرَاج الدِّرَايَة الْمَذْكُورَة فبلغت الْمسَائِل عشرا بعد حذف الْوَصِيَّة. والتتبع رُبمَا نفى الْحصْر.
يجب أَن يُزَاد أَيْضا فِي الْمسَائِل الَّتِي تصح الدَّعْوَى فِيهَا بِالْمَجْهُولِ مَا جَاءَ فِي الفرائد البهية فِي الْقَوَاعِد الْفِقْهِيَّة لمحمود حَمْزَة مفتي دمشق الأسبق رحمه الله، نقلا عَن فصل الْأَنْهَار من الْخَانِية، وَلَفظه:" فَائِدَة: الْجَهَالَة فِي الشّرْب لَا تمنع صِحَة الدَّعْوَى وَالشَّهَادَة؛ كَذَا فِي فصل الْأَنْهَار من الْخَانِية " بَيَانه: رجل ادّعى شرب يَوْم من نهر مَعْلُوم فِي كل شهر، وَأقَام الْبَيِّنَة على ذَلِك صحت دَعْوَاهُ وَتسمع الشَّهَادَة وَيحكم بهَا. وَمثل ذَلِك مسيل المَاء، لِأَن الْجَهَالَة فِي مثل ذَلِك لَا تمنع من صِحَة الدَّعْوَى وَالشَّهَادَة. انْتهى.
وَالظَّاهِر أَن الْجَهَالَة فِي قدر مَا يستجره من المَاء بالسقي وَقدر مَا يسيله فِي المسيل. ثمَّ الْجَهَالَة المغتفرة فِي هَذِه الدَّعَاوَى إِذا كَانَ الْمُدعى بِهِ عينا، هَل هِيَ