الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة
(الْمَادَّة / 17))
("
الْمَشَقَّة تجلب التَّيْسِير)
(أَولا _ الشَّرْح)
الْمَشَقَّة تجلب التَّيْسِير لِأَن الْحَرج مَدْفُوع بِالنَّصِّ، وَلَكِن جلبها التَّيْسِير مَشْرُوط بِعَدَمِ مصادمتها نصا، فَإِذا صادمت نصا روعي دونهَا. (ر: الْأَشْبَاه والنظائر لِابْنِ نجيم) .
المُرَاد بالمشقة الجالبة للتيسير: الْمَشَقَّة الَّتِي تنفك عَنْهَا التكليفات الشَّرْعِيَّة. أما الْمَشَقَّة الَّتِي لَا تنفك عَنْهَا التكليفات الشَّرْعِيَّة كمشقة الْجِهَاد وألم الْحُدُود ورجم الزناة وَقتل الْبُغَاة والمفسدين والجناة، فَلَا أثر لَهَا فِي جلب تيسير وَلَا تَخْفيف.
(ثَانِيًا _ التطبيق)
الْمَشَقَّة الَّتِي تجلب التَّيْسِير تحتهَا سَبْعَة أَنْوَاع: أَولهَا _ السّفر، وتيسيراته كَثِيرَة، مِنْهَا:(أ) جَوَاز تحميل الشَّهَادَة للْغَيْر فِي غير حد وقود.
(ب) وَمِنْهَا: جَوَاز بيع الْإِنْسَان مَال رَفِيقه وَحفظ ثمنه لوَرثَته بِدُونِ ولَايَة وَلَا وصاية إِذا مَاتَ فِي السّفر وَلَا قَاضِي ثمَّة.
(ج) وَمِنْهَا: جَوَاز فسخ الْإِجَارَة بِعُذْر السّفر.
(د) وَمِنْهَا: جَوَاز تَزْوِيج الْوَلِيّ الْأَبْعَد للصغيرة عِنْد عدم انْتِظَار الْكُفْء الْخَاطِب استطلاع رَأْي الْوَلِيّ الْأَقْرَب الْمُسَافِر.
(هـ) وَمِنْهَا: جَوَاز إِنْفَاق الْمضَارب على نَفسه فِي السّفر من مَال الْمُضَاربَة.
(و) وَمِنْهَا: جَوَاز كِتَابَة القَاضِي إِلَى القَاضِي فِي بلد الْمُدعى عَلَيْهِ بِشَهَادَة شُهُود الْمُدَّعِي عِنْده.
ثَانِيهَا _ الْمَرَض. وتيسيراته كَذَلِك كَثِيرَة مِنْهَا: (أ) جَوَاز تحميل الشَّهَادَة، كَمَا مر قَرِيبا.
(ب) وَتَأْخِير إِقَامَة الْحَد على الْمَرِيض غير حد الرَّجْم إِلَى أَن يبرأ.
(ج) وَمِنْهَا: عدم صِحَة الْخلْوَة مَعَ قيام الْمَرَض الْمَانِع من الْوَطْء، سَوَاء كَانَ فِي الزَّوْج أَو فِي الزَّوْجَة.
ثَالِثهَا _ الْإِكْرَاه. وَهُوَ: التهديد مِمَّن هُوَ قَادر على الْإِيقَاع بضربٍ مبرح أَو بِإِتْلَاف نفس أَو عضوٍ أَو بِحَبْس أَو قيد مديدين مُطلقًا، أَو بِمَا هُوَ دون ذَلِك لذِي جاه، وَيُسمى إِكْرَاها ملجئاً، وَبِمَا يُوجب غماً يعْدم الرِّضَا، وَهُوَ مَا كَانَ بِغَيْر ذَلِك، وَيُسمى غير ملجئ.
وَهُوَ بقسميه إِمَّا أَن يكون فِي الْعُقُود أَو فِي الإسقاطات أَو فِي المنهيات. والعقود والإسقاطات إِمَّا أَن تُؤثر فيهمَا الْهزْل أَو لَا. والمنهيات إِمَّا أَن تكون مِمَّا يُبَاح عِنْد الضَّرُورَة أَو لَا. وَمَا لَا يُبَاح عِنْد الضَّرُورَة إِمَّا أَن يكون جِنَايَة على الْغَيْر كَقَتل محقون الدَّم أَو قطع عُضْو مُحْتَرم، أَو لَا يكون جِنَايَة على الْغَيْر كالردة.
(أ) أما الْعُقُود والإسقاطات الَّتِي يُؤثر فِيهَا الْهزْل، كَالْبيع وَالْإِجَارَة وَالرَّهْن وَالْهِبَة وَالْإِقْرَار وَالْإِبْرَاء، إِذا أكره عَلَيْهَا بملجئ أَو بِغَيْر ملجئ ففعلها ثمَّ زَالَ الْإِكْرَاه، فَلهُ الْخِيَار، إِن شَاءَ فسخ وَإِن شَاءَ أمضى.
(ب) وَأما الْعُقُود والإسقاطات الَّتِي لَا يُؤثر فِيهَا الْهزْل، كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاق وَالْعَفو عَن دم الْعمد، فَلَا تَأْثِير للإكراه فِيهَا، فَلَا خِيَار للمكره بعد زَوَال الْإِكْرَاه، بل هِيَ مَاضِيَة على الصِّحَّة، وَلَكِن لَهُ أَن يرجع على الْمُكْره لَهُ على