الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهَا: مَا لَو ادّعى الْمُودع رد الْوَدِيعَة أَو هلاكها، فَالْقَوْل قَوْله، مَعَ أَن كلا من الرَّد والهلاك عَارض وَالْأَصْل عَدمه
…
وَمَا لَو اخْتلف فِي الصِّحَّة وَالْمَرَض، فَالْقَوْل قَول من يَدعِي الْمَرَض، وَالْبَيِّنَة بَيِّنَة من يَدعِي الصِّحَّة، كَمَا فِي الْمَادَّة / 1766 / من الْمجلة، مَعَ أَن الْمَرَض عَارض وَالْأَصْل الصِّحَّة.
وَمِنْهَا: مَا لَو اخْتلف فِي الْعقل وَالْجُنُون، فَالْقَوْل قَول من يَدعِي الْجُنُون، وَالْبَيِّنَة بَيِّنَة من يَدعِي الْعقل، كَمَا فِي الْمَادَّة / 1767 / من الْمجلة.
وَمِنْهَا مَا لَو اخْتلف فِي الْقدَم والحدوث فَالْقَوْل قَول من يَدعِي الْقدَم، وَالْبَيِّنَة بَيِّنَة مدعي الْحُدُوث، كَمَا فِي الْمَادَّة / 1768 / من الْمجلة. (انْظُر مَا كتبناه على الْمَادَّة الثَّامِنَة) .
وَإِنَّمَا خرجت هَذِه لِأَن مدعي الْهَلَاك، أَو الرَّد، أَو الْمَرَض، أَو الْجُنُون، أَو الْقدَم إِنَّمَا هُوَ فِي الْحَقِيقَة مُنكر لما يَدعِيهِ الْمُدَّعِي من الضَّمَان فِي الأولى، وَمن حق إِزَالَة مَا يَدعِي حُدُوثه فِي الْأَخِيرَة، وَمن مُوجب عقد الْمَرِيض وَالْمَجْنُون فِي الْبَاقِي.
(تَنْبِيه:)
حَيْثُ كَانَت الْبَيِّنَة لإِثْبَات خلاف الظَّاهِر فَهِيَ لَا تُقَام على النَّفْي، لِأَن نفي الْمُدعى بِهِ إِمَّا عبارَة عَن دَعْوَى عدم وجوده، وَدَعوى عدم وجوده هِيَ الأَصْل فِيمَا كَانَ عارضاً، أَو عبارَة عَن دَعْوَى عدم زَوَاله، وَإِن دَعْوَى عدم زَوَاله هِيَ الأَصْل فِيمَا كَانَ وجودياً (انْظُر مَا كتبناه على الْمَادَّة التَّاسِعَة) .
والبينات تُقَام لإِثْبَات خلاف الأَصْل. وَلَا فرق فِي عدم سماعهَا على النَّفْي بَين مَا يُحِيط بِهِ علم الشَّاهِد وَبَين مَا لَا يُحِيط (كَمَا فِي الْهِدَايَة، من بَاب الْيَمين فِي الْحَج وَالصَّلَاة) .
فَلَو ادّعى عَلَيْهِ أَنه بَاعَ أَو اشْترى أَو آجر أَو اسْتَأْجر أَو أقرّ أَو فعل كَذَا مِمَّا يلْزمه بِهِ ضَمَان أَو قصاص مثلا فِي الْمَكَان الْفُلَانِيّ فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ من السّنة الْفُلَانِيَّة، فَأَقَامَ الْمُدعى عَلَيْهِ بَيِّنَة شهِدت أَنه لم يفعل ذَلِك فِي ذَلِك الْيَوْم
لَا تقبل، أَو أَقَامَ بَيِّنَة شهِدت بِأَنَّهُ فِي الْيَوْم الْمَذْكُور لم يكن فِي ذَلِك الْمَكَان لَا تقبل.
نعم، إِذا كَانَ عدم وجوده فِي ذَلِك الْمَكَان أمرا مستفيضاً متواتراً عِنْد النَّاس لَا تسمع الدَّعْوَى بِهِ، لِئَلَّا يلْزم تَكْذِيب الثَّابِت بِالضَّرُورَةِ (كَمَا فِي رد الْمُحْتَار، قبيل بَاب الِاخْتِلَاف فِي الشَّهَادَة) .
وَلم يقبلُوا الشَّهَادَة على النَّفْي إِلَّا فِي الشُّرُوط (كَمَا فِي رد الْمُحْتَار، من بَاب الْيَمين فِي البيع وَالشِّرَاء، من كتاب الْأَيْمَان، نقلا عَن الْمَبْسُوط) .
ثمَّ الشُّرُوط على قسمَيْنِ: الْقسم الأول _ الشُّرُوط الْمُعَلق عَلَيْهَا: كَمَا لَو علق طَلَاق زَوجته على عدم فعل الشَّيْء الْفُلَانِيّ فِي وَقت معِين، ثمَّ اخْتَصمَا بعد مُضِيّ الْوَقْت الْمعِين، فَادّعى أَنه فعله، وَادعت أَنه لم يَفْعَله، فَإِن القَوْل قَوْله بِيَمِينِهِ أَنه فعله، لِأَنَّهُ بِدَعْوَاهُ الْفِعْل يُنكر وُقُوع الطَّلَاق، وَالْبَيِّنَة بينتها. فَلَو أَقَامَت بَيِّنَة شهِدت أَنه لم يَفْعَله فِي ذَلِك الْوَقْت تقبل وَيقْضى بِوُقُوع الطَّلَاق.
وَكَذَا لَو قَالَ الآخر: إِن لم أوافك بمديونك فلَان فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ فَأَنا كَفِيل بِمَا لَك عَلَيْهِ، ثمَّ اخْتلفَا بعد مُضِيّ الْيَوْم الْمَذْكُور فَقَالَ: وافيتك بِهِ، وَأنكر الدَّائِن، فَالْبَيِّنَة بَيِّنَة الدَّائِن على أَنه لم يوافه بِهِ وَالْقَوْل قَول الآخر بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُنكر الْكفَالَة. وَانْظُر مَا نَقَلْنَاهُ فِي كلامنا على الْمَادَّة التَّاسِعَة، عَن الْبَاب السَّابِع من الْكفَالَة من كتاب الذَّخِيرَة، فَإِنَّهُ ضَرُورِيّ.
(الْقسم الثَّانِي _ الشُّرُوط الَّتِي تتَوَقَّف عَلَيْهَا الصِّحَّة فِي الْعُقُود:)
فَإِذا اخْتلف المتعاقدان فِي صِحَة عقد وفساده، فَالْقَوْل قَول مدعي الصِّحَّة، وَالْبَيِّنَة بَيِّنَة مدعي الْفساد (كَمَا هُوَ مَعْلُوم) حَتَّى لَو كَانَ الْفساد لفقد شَرط من شُرُوط الصِّحَّة فَالْبَيِّنَة بَيِّنَة مدعي الْفساد على نفي وجوده. فقد قَالَ فِي الْفَصْل الثَّانِي عشر من جَامع الْفُصُولَيْنِ: ادّعى الْمُسلم إِلَيْهِ أَن السّلم فَاسد لِأَنَّهُ لم يذكر الْأَجَل تقبل بَينته، لِأَن الْأَجَل شَرط لصِحَّة السّلم، فَتقبل الْبَيِّنَة عَلَيْهِ وَلَو كَانَ نفيا.
لَكِن قَوْلهم الْبَيِّنَة تقبل على النَّفْي فِي هَذِه الْمسَائِل مُقَيّد بِمَا إِذا لم تظهر فِي شَهَادَة الشَّاهِد مجازفة، بِأَن كَانَ النَّفْي مِمَّا يُحِيط بِهِ علمه. أما إِذا كَانَ النَّفْي مِمَّا لَا يُحِيط بِهِ علم الشَّاهِد كَمَا لَو حلف إِن لم يَأْكُل الطَّعَام الْفُلَانِيّ فِي السّنة الْفُلَانِيَّة فامرأته طَالِق، ثمَّ مَضَت السّنة وَاخْتلف هُوَ وَالزَّوْجَة فَادّعى أَنه أكله، وأقامت الْبَيِّنَة على أَنه لم يَأْكُل، فَالظَّاهِر أَن هَذِه الْبَيِّنَة لَا تقبل، لظُهُور المجازفة فِيهَا لِاسْتِحَالَة إحاطتهم بِهِ عَادَة.