الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْقَاعِدَة الثَّمَانُونَ
(الْمَادَّة / 81))
("
قد يثبت الْفَرْع مَعَ عدم ثُبُوت الأَصْل
")
(الشَّرْح، مَعَ التطبيق)
" قد يثبت " أَي قد يُوجد وَيبقى " الْفَرْع مَعَ عدم ثُبُوت الأَصْل " أَي وجوده.
أفادت هَذِه الْمَادَّة أَنه لَا تلازم بَين الأَصْل وَالْفرع فِي الْوُجُود: أما وجود الأَصْل بِدُونِ وجود الْفَرْع، كالمديون إِذا لم يكن لَهُ كَفِيل، فَهُوَ ظَاهر، إِذْ لَيْسَ كل أصل لَهُ فرع.
وَأما وجود الْفَرْع بِدُونِ وجود الأَصْل فأمثلته كَثِيرَة: مِنْهَا: مَا أفادته الْمَادَّة بقولِهَا: " مثلا: لَو قَالَ رجل: إِن لفُلَان على فلَان دينا، وَأَنا كَفِيل بِهِ، وَبِنَاء على إِنْكَار الْأَصِيل ادّعى الدَّائِن على الْكَفِيل بِالدّينِ لزم الْكَفِيل أَدَاؤُهُ ".
وَكَذَا لَو غصب إِنْسَان شَيْئا فَبَاعَهُ، ثمَّ تداولته الْأَيْدِي بِالْبيعِ وَالشِّرَاء، فَأجَاز الْمَالِك أحد الْعُقُود، جَازَ ذَلِك العقد الَّذِي أجَازه خَاصَّة لَا مَا قبله وَلَا مَا بعده (ر: رد الْمُحْتَار، بَاب الْفُضُولِيّ من كتاب البيع، عِنْد قَول المُصَنّف: " ووقف بيع الْغَاصِب
…
الخ ") .
وَكَذَا لَو ادّعى الزَّوْج بدل الْخلْع على الْمَرْأَة فأنكرت، بَانَتْ وَلَا يلْزم المَال. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، من الْخلْع) .
وَكَذَا لَو أَقَامَت الْمَرْأَة الْبَيِّنَة على النِّكَاح، وَالزَّوْج غَائِب، يقْضى بِالنَّفَقَةِ لَا بِالنِّكَاحِ، كَمَا هُوَ مَذْهَب زفر الْمُفْتى بِهِ (ر: الدّرّ، من النَّفَقَة) .
وَكَذَا لَو أوقع على إِحْدَى زوجتيه طَلَاقا مُبْهما ثمَّ مَاتَت إِحْدَاهمَا قبل الْبَيَان تتَعَيَّن الْأُخْرَى للطَّلَاق. فَلَو قَالَ: كنت عنيت بِالطَّلَاق الَّتِي مَاتَت، لَا يعْتَبر قَوْله، وَلَكِن يحرم بِسَبَبِهِ الْمِيرَاث (ر: الْبَدَائِع، من الْعدة ج 3 / 225) .
وَكَذَا الْوَكِيل بِقَبض الْعين لَو طلبَهَا من ذِي الْيَد فَأَقَامَ ذُو الْيَد الْبَيِّنَة على أَنَّهَا ملكه بِالشِّرَاءِ أَو الْهِبَة من مُوكله، أَو أَنَّهَا رهن عِنْده مِنْهُ، تسمع بَينته فتقصر يَد الْوَكِيل بِدُونِ أَن يقْضى بِالشِّرَاءِ أَو الْهِبَة أَو الرَّهْن إِلَّا إِذا أحضر الْمُوكل وأقيمت الْبَيِّنَة بمواجهته.
وَمثله الْوَكِيل بِنَقْل الزَّوْجَة أَو العَبْد، إِذا أَقَامَت الزَّوْجَة أَو العَبْد الْبَيِّنَة على الطَّلَاق، أَو الْعتاق، تقصر يَد الْوَكِيل وَلَا يقْضى بِأَحَدِهِمَا (ر: الْهِدَايَة، بَاب الْوكَالَة بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْض) . فقد قضي بقصر يَد الْوَكِيل الَّذِي هُوَ فرع من غير أَن يقْضى بالمدعى بِهِ الَّذِي هُوَ الأَصْل.
وَكَذَا لَو ادّعى مَجْهُول النّسَب على آخر أَنه ابْنه، وَبرهن، فَأَقَامَ الآخر الْبَيِّنَة على أَن الْمُدَّعِي هُوَ ابْن فلَان الآخر، تقبل فِي دفع بَيِّنَة الْمُدَّعِي لَا فِي إِثْبَات نسبه من فلَان الآخر (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ، أَوَاخِر الْفَصْل الْعَاشِر، عَن فَتَاوَى رشيد الدّين) . وَقد وَقع فِي الْفَتَاوَى الْخَانِية أَن الْبَيِّنَة الثَّانِيَة لَا تقبل، لَكِن نَقله فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ أَيْضا، وَاعْتمد بعد التَّحْقِيق حمله على التَّوْفِيق الْمُتَقَدّم من أَنَّهَا تقبل لدفع الدَّعْوَى لَا لإِثْبَات النّسَب من الْغَيْر.
وَكَذَا لَو ولدت الْأمة المتزوجة، فَادّعى مَوْلَاهَا نسب وَلَدهَا، فَإِنَّهَا لَا تصح دَعْوَاهُ، بل يثبت النّسَب من الزَّوْج، لَكِن يصير الْوَلَد حرا، وَتصير الْأمة أم ولد للْمولى. (ر: الدّرّ فِي ثُبُوت النّسَب) .
هَذَا، وكما لَا تلازم بَين الْفَرْع وَالْأَصْل فِي الْوُجُود لَا تلازم بَينهمَا فِي السُّقُوط بعد الْوُجُود: أما عدم سُقُوط الأَصْل بِسُقُوط الْفَرْع فَكَذَلِك أَمر ظَاهر، إِذْ لَا يلْزم من إِبْرَاء كَفِيل المَال وَالنَّفس مثلا بَرَاءَة الْأَصِيل.
أما عدم سُقُوط الْفَرْع بِسُقُوط الأَصْل، فكالفرع الْمُسْتَثْنى من الْقَاعِدَة الموفية الْخمسين.
وكما لَا تلازم بَينهمَا فِي ذَلِك لَا تلازم بَينهمَا فِي السلطة والصلاحية، فكثيراً مَا يملك الأَصْل مَا لَا يملكهُ الْفَرْع، وَذَلِكَ ظَاهر، كالموكل يملك مَا لَا يملكهُ وَكيله.
وَقد يملك الْفَرْع مَا لَا يملكهُ الأَصْل، كَالْمَرِيضِ إِذا صَار مديوناً بِمَا يُحِيط بِمَالِه إِذا بَاعَ فِي مرض مَوته وحابى فِيهِ وَلَو قَلِيلا، فَإِن محاباته لَا تجوز وَإِن قلّت: وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ بِالْخِيَارِ إِن وفى الثّمن إِلَى تَمام الْقيمَة وَإِن شَاءَ فسخ. وَأما وَصِيّه بعد مَوته إِذا بَاعَ تركته لقَضَاء دُيُونه وحابى قدر مَا يتَغَابَن فِيهِ صَحَّ بَيْعه وَيجْعَل عفوا (ر: رد الْمُحْتَار، أَوَائِل فصل لَا يعْقد وَكيل البيع وَالشِّرَاء) فقد ملك الْفَرْع مَا لَا يملكهُ الأَصْل فِي هَذَا.
((الصفحة فارغة))