الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- مَا لَو قَالَ كَفِيل النَّفس: إِن لم أوافك بمديونك فلَان غَدا فَأَنا أدفَع لَك دينه، فَلم يوافه بِهِ لزمَه الدّين، إِلَّا إِذا عجز عَن الموافاة بِغَيْر موت الْمَدْيُون أَو جُنُونه. أما لَو عجز بِأَحَدِهِمَا عَن الموافاة بِهِ لَهُ فالكفالة لَازمه لَهُ (ر: التَّنْوِير وَشَرحه) .
وَالظَّاهِر أَن مثله مَا لَو قَالَ للْمُعِير أَو الْمُودع (بِالْكَسْرِ) : إِن أضاع أَو اسْتهْلك الْمُسْتَعِير أَو الْوَدِيع الْعَارِية أَو الْوَدِيعَة فَأَنا أؤدي ضَمَانهَا، فأضاعها أَو استهلكها لزمَه الضَّمَان بِنَاء على وعده الْمُعَلق.
- وَمثل فرع الْكفَالَة: مَا لَو بَاعَ الْعقار بِغَبن فَاحش، ثمَّ وعد المُشْتَرِي البَائِع بِأَنَّهُ إِن أوفى لَهُ مثل الثّمن يفْسخ مَعَه البيع صَحَّ وَلزِمَ الْوَفَاء بالوعد. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته، قبيل الْكفَالَة) .
وَلَا فرق فِي لُزُوم الْوَعْد الْمُعَلق الْمَذْكُور بَين أَن يصدر فِي مجْلِس البيع الْمَذْكُور أَو بعده (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، الْمحل الْمَذْكُور) .
ثمَّ إِن قَوْلنَا: " فِيمَا يُمكن وَيصِح الْتِزَامه لَهُ شرعا " خرج بِهِ مَا لَا يَصح الْتِزَامه شرعا، كضمان الخسران، كَمَا إِذا قَالَ: اشْتَرِ هَذَا المَال وَإِن خسرت فِيهِ فَأَنا أؤدي لَك مَا تخسره، فَاشْتَرَاهُ وخسر فَإِنَّهُ لَا يرجع عَلَيْهِ بِشَيْء.
(تَنْبِيه:)
ظَاهر هَذِه الْقَاعِدَة أَنَّهَا مُطلقَة عَامَّة فِي كل وعد أَتَى بِصُورَة التَّعْلِيق وَالْحَال خِلَافه، فَإِنَّهُم لم يفرعوا عَلَيْهَا غير مَسْأَلَتي البيع وَالْكَفَالَة المتقدمتين، وَلم يظْهر لي بعد التتبع ثَالِث لَهما، بل ذكر فِي بُيُوع التَّنْقِيح فِيمَا لَو تبَايعا بِثمن الْمثل بيعا باتاً، ثمَّ بعد ذَلِك أشهد المُشْتَرِي أَنه، أَي البَائِع، إِن دفع لَهُ نَظِير الثّمن بعده مُدَّة كَذَا يكن بَيْعه مردوداً عَلَيْهِ ومقالاً مِنْهُ، فَإِن الْإِشْهَاد الْمَذْكُور وعد من المُشْتَرِي فَلَا يجْبر عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ البيع بِثمن الْمثل وَعَزاهُ إِلَى التُّمُرْتَاشِيّ والبزازي مَعَ أَنه كَمَا ترى مُعَلّق بِالشّرطِ.
(تَنْبِيه آخر:)
ذكر بعض شرَّاح الْمجلة أَنه فِي مِثَال الْمَادَّة الْمَذْكُورَة لَو مَاتَ الْمَكْفُول عَنهُ
قبل أَن يُطَالِبهُ الْمَكْفُول لَهُ لَا يلْزم الْكَفِيل الضَّمَان من غير أَن يسْتَند فِي ذَلِك إِلَى مساعدة نقل شَرْعِي سوى قَوْلهم: الْمُعَلق بِالشّرطِ عدم قبل وجود الشَّرْط. وَتَابعه على ذَلِك بعض مدرسي الْمجلة فِي زَمَاننَا، وَلَكِن لم يعزه للشَّارِح الْمَذْكُور، بل عزاهُ إِلَى رد الْمُحْتَار عَن الإِمَام مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى. وَبعد مُرَاجعَة رد الْمُحْتَار وجد أَن لَفظه هَكَذَا: وَعنهُ أَيْضا (أَي عَن مُحَمَّد) إِن لم يعطك فَأَنا ضَامِن، فَمَاتَ قبل أَن يتقاضاه وَيُعْطِيه بَطل الضَّمَان. انْتهى. وَعَزاهُ إِلَى النَّهر عَن الدِّرَايَة. وَهُوَ غير صَحِيح، سَوَاء أرجعنا ضمير (مَاتَ) إِلَى الْكَفِيل كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر، أَو إِلَى الْمَكْفُول كَمَا فهمه الْفَاضِل الْمدرس، فَإِن الْكفَالَة لَا تبطل بِمَوْت وَاحِد مِنْهُمَا أياً كَانَ وَإِن كَانَ مَوته قبل الْمُطَالبَة. أما لَو مَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ المَال فقد قَالَ فِي الذَّخِيرَة (فِي آخر الْفَصْل السَّابِع من الْكفَالَة) مَا ملخصه أَنه: إِذا كَانَ لرجل على رجل ألف دِرْهَم حَالَة فَقَالَ رجل: إِن لم يعطك فلَان مَا لَك عَلَيْهِ فَهُوَ ضَامِن، فتقاضاه وَلم يُعْطه فَإِنَّهُ يصير كَفِيلا اسْتِحْسَانًا لمَكَان الْعرف. ثمَّ قَالَ بعده: وَفِي الْمُنْتَقى: إِذا مَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ المَال قبل أَن يُطَالِبهُ الطَّالِب لزم الْكَفِيل المَال. انْتهى. فَهُوَ صَرِيح كَمَا ترى فِي عدم بطلَان الضَّمَان بِمَوْت الْمَدْيُون قبل الْمُطَالبَة.
أما لَو مَاتَ الْكَفِيل فقد قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّة (فِي الْبَاب الثَّانِي من الْكفَالَة) : إِن لم يواف بِهِ غَدا فَعَلَيهِ مَا عَلَيْهِ، فَمَاتَ الْمَكْفُول عَنهُ لزم المَال بِمُضِيِّ الْغَد. وَإِن مَاتَ الْكَفِيل قبل الْأَجَل إِن سلمه ورثته قبل الْأَجَل أَو الْمَكْفُول سلم نَفسه عَن جِهَة الْكَفِيل قبل مُضِيّ الْأَجَل برِئ. انْتهى. فقد صرح بِعَدَمِ بطلَان الْكفَالَة بِمَوْت الْكَفِيل.
وَمَا نَقله عَن رد الْمُحْتَار عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى فِيهِ سقط لم يتَنَبَّه لَهُ الْفَاضِل الْمدرس، يعلم من مُرَاجعَة الْبَحْر، فَإِن الْعبارَة المنقولة عَن النَّهر عَن الدِّرَايَة مَأْخُوذَة مِنْهُ. وَقد نقلهَا فِي الْبَحْر عَن الْبَزَّازِيَّة لَا عَن الدِّرَايَة، وَإِنَّمَا نقل عَن الدِّرَايَة قبل ذَلِك كلَاما فِيهِ التَّمْثِيل للكفالة الْمُعَلقَة بِشَرْط ملائم وأنهاه ثمَّ قَالَ: وَمِنْه مَا فِي الْبَزَّازِيَّة: إِن غَابَ وَلم أوافك بِهِ فَأَنا ضَامِن لما عَلَيْهِ. فَإِن هَذَا على أَن يوافي بعد الْغَيْبَة. وَعَن مُحَمَّد قَالَ: إِن لم يدْفع مديونك مَالك،
أَو لم يقضه، فَهُوَ عَليّ، ثمَّ إِن الطَّالِب تقاضى الْمَطْلُوب، فَقَالَ الْمَدْيُون: لَا أدفعه، أَو لَا أقضيه، وَجب على الْكَفِيل السَّاعَة. وَعنهُ أَيْضا: إِن لم يعطك الْمَدْيُون دينك فَأَنا ضَامِن، إِنَّمَا يتَحَقَّق الشَّرْط إِذا تقاضاه وَلم يُعْطه ذَلِك. وَفِي الْفَتَاوَى: إِن تقاضيت وَلم يعطك فَأَنا ضَامِن، فَمَاتَ قبل أَن يتقاضاه وَيُعْطِيه بَطل الضَّمَان. انْتهى، وَهِي بحروفها فِي الْبَزَّازِيَّة (فِي نوع فِي أَلْفَاظ الْكفَالَة) ولدى مقابلتها على عبارَة رد الْمُحْتَار تبين أَنه سقط مِنْهَا سطر هُوَ مَا بعد (فَأَنا ضَامِن) الثَّانِيَة إِلَى قَوْله (فَمَاتَ قبل أَن يتقاضاه) الْوَاقِعَة بعد (فَأَنا ضَامِن) الثَّالِثَة، فاتصل قَوْله (فَمَاتَ) بقوله (فَأَنا ضَامِن) الثَّانِيَة، فاختل الْكَلَام. وَالْحق مَا نَقَلْنَاهُ. هَذَا مَا ظهر وَالله سبحانه وتعالى أعلم.