الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا هِيَ زَوْجَة لَهُ، وَإِن كَانَت زوجه لَهُ فَهِيَ طَالِق بَائِن. قَالُوا: وَإِنَّمَا حلفناه بِالطَّلَاق، لجَوَاز أَن يكون كَاذِبًا فِي الْحلف، فَلَو لم يحلف بِالطَّلَاق تبقى الْمَرْأَة معلقَة لَا ذَات بعل وَلَا مُطلقَة، فَلَا تتمكن من التَّزْوِيج بآخر، لِأَن جحود النِّكَاح لَيْسَ بِطَلَاق (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ، الْفَصْل الْعشْرين، وَالرَّابِع عشر من نِكَاح الْبَزَّازِيَّة) .
(تَنْبِيه:)
يشْتَرط للْقَضَاء بِالْبَيِّنَةِ حُضُور الْخصم بِنَفسِهِ، أَو حُضُور نَائِب عَنهُ عِنْد أَدَاء الشُّهُود الشَّهَادَة إِذا كَانَ الْخصم تَحت ولَايَة الْحَاكِم، وَإِذا لم يكن تَحت ولَايَة الْحَاكِم فَسَمعَهَا وَكتب بهَا للْحَاكِم الَّذِي كَانَ الْمُدعى عَلَيْهِ تَحت ولَايَته، فَيشْتَرط للْقَضَاء بهَا تلاوتها من طرف الْحَاكِم الْمَكْتُوب إِلَيْهِ على الْمُدعى عَلَيْهِ أَو نَائِبه، لِأَنَّهُ لَا يقْضى على غَائِب وَلَا لَهُ من غير حُضُوره أَو حُضُور نَائِب عَنهُ (ر: الدّرّ الْمُخْتَار بَاب كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي) إِلَّا فِي بعض مسَائِل تسمع فِيهَا الْبَيِّنَة بِدُونِ حُضُور الْخصم وَلَا حُضُور نَائِب عَنهُ.
وَمِنْهَا: مَا لَو اشْترى مَنْقُولًا، وَقيد بالمنقول إِذْ الْعقار لَا يَبِيعهُ القَاضِي (الدّرّ الْمُخْتَار، من الْمحل الْمَذْكُور سَابِقًا) ، وَغَابَ قبل أَن ينْقد ثمنه ويقبضه وَجَهل مَكَانَهُ فَأَقَامَ بَائِعه بَيِّنَة شهِدت لَدَى الْحَاكِم بذلك فَإِن الْحَاكِم يَبِيعهُ وَيدْفَع للْبَائِع الثّمن، فَإِن زَاد شَيْء حفظه للْمُشْتَرِي، وَإِن نقص شَيْء يبْقى دينا على الْغَائِب يَسْتَوْفِيه البَائِع مِنْهُ إِذا ظفر بِهِ (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، من متفرقات كتاب الْبيُوع) وَذكر فِي معِين الْحُكَّام، قبيل فصل فِي الشَّهَادَة فِي الْوَصِيَّة بعد الْمَوْت، أَن القَاضِي يستوثق من البَائِع بكفيل. وَنقل فِي رد الْمُحْتَار عَن الْبَحْر تَوْجِيه الْقَضَاء بِالْبَيِّنَةِ هُنَا من غير حُضُور الْخصم بِأَن السّلْعَة فِي يَده وَقد أقرّ بهَا للْغَائِب على وَجه تكون مَشْغُولَة بِحقِّهِ. انْتهى. ثمَّ قَالَ: قَالَ فِي الْخَامِس من الْفُصُولَيْنِ (رمز لَهُ فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ بعلامة الْفَتَاوَى الصُّغْرَى للصدر الشَّهِيد) : الْخصم شَرط لقبُول الْبَيِّنَة لَو أَرَادَ الْمُدَّعِي أَن يَأْخُذ من يَد الْخصم الْغَائِب شَيْئا أما إِذا أَرَادَ أَن يَأْخُذ حَقه من ثمن مَال كَانَ للْغَائِب فِي يَده، فَلَا يشْتَرط وَلَا يحْتَاج لوكيل لهَذِهِ الْمَسْأَلَة.
وَكَذَا لَو اسْتَأْجر إبِلا إِلَى مَكَّة ذَاهِبًا وجائياً وَدفع الْكِرَاء وَمَات رب الْإِبِل فِي الذّهاب فانفسخت الْإِجَارَة فَلهُ أَن يركبهَا وَلَا يضمن، وَعَلِيهِ أجرتهَا إِلَى مَكَّة فَإِذا أَتَاهَا وَرفع الْأَمر إِلَى القَاضِي فَرَأى بيعهَا وَدفع بعض الْأجر إِلَى الْمُسْتَأْجر جَازَ. وعَلى هَذَا لَو رهن الْمَدْيُون وَغَابَ غيبَة مُنْقَطِعَة، فَرفع الْمُرْتَهن الْأَمر إِلَى القَاضِي ليبيع الرَّهْن يَنْبَغِي أَن يجوز كَمَا فِي هَاتين الْمَسْأَلَتَيْنِ. انْتهى، وَأقرهُ فِي الْبَحْر (انْتهى كَلَام رد الْمُحْتَار) . أَقُول: وَأقرهُ فِي نور الْعين أَيْضا.
وَظَاهره أَنه فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (مَسْأَلَة اسْتِئْجَار الْإِبِل، وَمَسْأَلَة الرَّهْن) لَا بُد من إِقَامَة الْبَيِّنَة لَدَى القَاضِي على مَا ذكر ليجيبه القَاضِي إِلَى طلبه كَمَا فِي الْمَسْأَلَة الأولى. ثمَّ هَذِه الْبَيِّنَة إِنَّمَا تُقَام لَا لأجل الْقَضَاء على الْغَائِب، بل لنفي التُّهْمَة وانكشاف الْحَال (ر: رد الْمُحْتَار، من الْمحل الْمَذْكُور عَن الزَّيْلَعِيّ) .
وَمن هَذَا الْقَبِيل مَا جَاءَ فِي الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته، من خِيَار الشَّرْط _ عِنْد قَول المُصَنّف وَالشَّارِح:" فَإِن فسخ " بالْقَوْل " لَا " يَصح " إِلَّا إِذا علم "، نقلا عَن الْعَيْنِيّ _ من أَن البَائِع إِذا غَابَ وَلم يعلم بِالْفَسْخِ فَإِن المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ يرفع الْأَمر للْحَاكِم لينصب عَن البَائِع الْغَائِب من يرد عَلَيْهِ الْمَبِيع. وَنقل فِي رد الْمُحْتَار _ تَحت هَذَا _ عَن الْعمادِيَّة أَن هَذَا أحد قَوْلَيْنِ، وَقيل: لَا ينصب لِأَنَّهُ ترك النّظر لنَفسِهِ بِعَدَمِ أَخذ وَكيل مِنْهُ ليرد عَلَيْهِ. انْتهى موضحاً. وَظَاهر كَلَام الْعمادِيَّة اخْتِيَار القَوْل الأول، وَهُوَ الَّذِي جزم بِهِ الْعَيْنِيّ.
وَمن هَذَا الْقَبِيل أَيْضا مَا جَاءَ فِي خِيَار الْعَيْب من التَّنْوِير وَشَرحه، نقلا عَن الدُّرَر مَا لَفظه:(ظهر عيب بمشري) البَائِع (الْغَائِب) وأثبته (عِنْد القَاضِي فَوَضعه عِنْد عدل) فَإِذا هلك (هلك على المُشْتَرِي إِلَّا إِذا قضى) القَاضِي (بِالرَّدِّ على بَائِعه) لِأَن الْقَضَاء على الْغَائِب بِلَا خصم ينفذ على الْأَظْهر. انْتهى. لَكِن كتب فِي رد الْمُحْتَار، تَحت قَول الشَّارِح ينفذ على الْأَظْهر، مَا لَفظه:(أَي لَو كَانَ القَاضِي يرى ذَلِك، كشافعي وَنَحْوه، بِخِلَاف الْحَنَفِيّ، كَمَا حَرَّره فِي الْبَحْر وقدمناه فِي كتاب الْمَفْقُود، وَسَيَأْتِي تَمَامه فِي الْقَضَاء) انْتهى. وَكتب الخادمي محشي الدُّرَر، نقلا عَن الْمنح، نَظِير مَا كتبه فِي رد الْمُحْتَار نقلا عَن الْبَحْر الَّذِي هُوَ مَأْخَذ
صَاحب الْمنح أَيْضا، فَإِن مَتنه التَّنْوِير وَشَرحه الْمنح مأخوذان من بَحر شَيْخه ابْن نجيم، وَلم أر ذَلِك صَوَابا، فَإِن الَّذِي حَرَّره فِي الْبَحْر من كتاب الْقَضَاء، وَكَذَا مَا قدمه محشي الدّرّ الْمُخْتَار فِي الْمَفْقُود، وَمَا وعد بِهِ فِي كتاب الْقَضَاء إِنَّمَا هُوَ فِي مُطلق الْقَضَاء على الْغَائِب بِلَا خصم عَنهُ حَاضر، لَا فِي خُصُوص فرع الرَّد بِالْعَيْبِ على الْغَائِب الَّذِي هُوَ مَوْضُوع الْبَحْث، بل أرى أَن الصَّوَاب أَن يكون الْقَضَاء بِالرَّدِّ على الْغَائِب بِحكم خِيَار الْعَيْب فِي الْفَرْع الْمَذْكُور نَظِير فرع الْقَضَاء بِالرَّدِّ على الْغَائِب بِحكم خِيَار الشَّرْط الْمَذْكُور آنِفا، وَأَن يكون كلا الفرعين جَارِيا على مَذْهَبنَا أَيْضا كَبَقِيَّة الْفُرُوع المسوقة أول التَّنْبِيه، وَلَيْسَ خَاصّا بِمذهب من يرى إِطْلَاق جَوَاز الْقَضَاء على الْغَائِب كَمَا قَالَه المحشيان، محشي الدّرّ ومحشي الدُّرَر الْمَذْكُور، فَإِن الْمَعْنى الَّذِي فِي فرع الرَّد على الْغَائِب بِخِيَار الشَّرْط، وَهُوَ دفع الضَّرَر عَن المُشْتَرِي لِئَلَّا يدْخل فِي ملكه مَا لَا يلائمه من غير رضَا مِنْهُ، مَوْجُود نَظِيره فِي فرع الرَّد على الْغَائِب بِخِيَار الْعَيْب، فَإنَّا إِذا لم نمكنه من الرَّد على البَائِع لغيبته فَاتَ عَلَيْهِ الْمَقْصُود من الْملك إِلَى أجل غير مَعْلُوم، إِذْ لَا يُمكنهُ وَالْحَالة هَذِه سوى إِمْسَاكه مَضْمُونا عَلَيْهِ إِلَى أَن يحضر البَائِع (وحضوره موهوم) من غير ارتفاق بِهِ بِاسْتِيفَاء شَيْء من مَنَافِعه أَو بِبيعِهِ وَالِانْتِفَاع بِثمنِهِ، لِأَنَّهُ إِن فعل شَيْئا من ذَلِك لزمَه الْمَبِيع بِعَيْبِهِ من غير رُجُوع بِنُقْصَان الْعَيْب، وَهَذَا مَا لَا يرتضيه الشَّرْع.
وَهَكَذَا قررت فِي الدَّرْس حِين مروري بِهَذِهِ الْقَاعِدَة، ثمَّ فِي أثْنَاء إِحْدَى تدريساتي للدرر ومروري بِخِيَار الْعَيْب رَأَيْت فِي حَاشِيَة الْمولى عبد الْحَلِيم على الدُّرَر عِنْد الْكَلَام على فرع الْقَضَاء بِالرَّدِّ على الْغَائِب بِخِيَار الْعَيْب مَا لَفظه:" تَصْوِير الْقَضَاء بِالرَّدِّ عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَن يكون هَكَذَا: نصب القَاضِي وَكيلا مسخراً على الْغَائِب، فَسمع دَعْوَى مدعي الْعَيْب، فَأثْبت المُشْتَرِي الشِّرَاء وَالْعَيْب وَطلب الْوَكِيل التَّحْلِيف بِأَنَّهُ مَا رَضِي بِهِ أَو أَبرَأَهُ عَنهُ فَحلف فَقضى القَاضِي بِالرَّدِّ على البَائِع، ثمَّ وَضعه عِنْد الْوَكِيل المسخر لَو عدلا أَو عِنْد غَيره. وَيدل عَلَيْهِ مَا سبق عَن الْخَانِية فِي خِيَار الشَّرْط من أَن القَاضِي ينصب خصما عَمَّن عَلَيْهِ الْخِيَار ليرد عَلَيْهِ " انْتهى بِلَفْظِهِ. وَهُوَ مُوَافق لما فهمته وَللَّه الْحَمد.