الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْقَاعِدَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ
(الْمَادَّة / 24))
(إِذا زَالَ الْمَانِع عَاد الْمَمْنُوع)
(أَولا: الشَّرْح)
هَذَا نَصهَا كَمَا فِي أَوَائِل بَاب الْحَضَانَة من كتاب الدُّرَر.
أفادت هَذِه الْقَاعِدَة حكم عكس مَا أفادته الْقَاعِدَة السَّابِقَة، فَإِن السَّابِقَة أفادت حكم مَا جَازَ بِسَبَب ثمَّ زَالَ، وَهَذِه أفادت حكم مَا امْتنع لسَبَب ثمَّ زَالَ السَّبَب الْمَانِع.
المُرَاد بِلَفْظ " عَاد " من قَوْلهم: " عَاد الْمَمْنُوع ": (ظهر) أَو (حصل) ، ليشْمل مَا وجد فِي أَصله مُمْتَنعا بمانع ثمَّ زَالَ، كَمَا فِي بعض الْفُرُوع الْآتِيَة.
(ثَانِيًا: التطبيق)
يتَفَرَّع على هَذِه الْقَاعِدَة مسَائِل:
(أ) مِنْهَا: مَا لَو أوصى لوَارث ثمَّ امْتنع إِرْثه بمانع صحت، كَمَا لَو أوصى لِأَخِيهِ ثمَّ ولد لَهُ ابْن ثمَّ مَاتَ الْمُوصي.
(ب) وَمِنْهَا: مَا لَو وهب حِصَّة شائعة قَابِلَة للْقِسْمَة ثمَّ قسم وَسلمهَا صحت الْهِبَة.
(ج) وَمِنْهَا: مَا لَو وهب عينا لآخر فَزَاد الْمَوْهُوب لَهُ فِيهَا زِيَادَة مُتَّصِلَة غير مُتَوَلّدَة حَتَّى امْتنع حق الرُّجُوع، فَإِذا زَالَت تِلْكَ الزِّيَادَة عَاد حق الرُّجُوع.
(د) وَمِنْهَا: مَا لَو عوض الْمَوْهُوب لَهُ الْوَاهِب عَن هِبته امْتنع حق الرُّجُوع، فَإِذا اسْتحق الْعِوَض عَاد حق الرُّجُوع.
(هـ) وَمِنْهَا: مَا لَو انْهَدَمت الدَّار المأجورة سَقَطت الْأُجْرَة، فَإِذا بناها الْمُؤَجّر فِي الْمدَّة قبل أَن يفْسخ الْمُسْتَأْجر الْإِجَارَة عَادَتْ فِي الْمُسْتَقْبل.
(و) وَمِنْهَا: مَا لَو اطلع على عيب قديم فِي الْمَبِيع لَهُ رده، وَلَكِن إِذا حدث عِنْده عيب آخر امْتنع الرَّد، فَإِذا زَالَ الْعَيْب الْحَادِث وَلَو بمداواة المُشْتَرِي عَاد حق الرَّد.
(ز) وَمِنْهَا: مَا لَو رهن المُشْتَرِي الْمَبِيع فَاسِدا امْتنع حق الْفَسْخ، فَإِذا افتكه عَاد الْفَسْخ لَو لم يكن قضي على المُشْتَرِي بِقِيمَتِه. (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ، صفحة / 49) وَفِي الموطن الْمَذْكُور: الأَصْل أَن الْمَانِع إِذا زَالَ بِمَا هُوَ فسخ من كل وَجه كفك رهن، وَرُجُوع فِي هبة، ورد الْمَبِيع على المُشْتَرِي (الَّذِي هُوَ البَائِع الثَّانِي) بِعَيْب بعد قَبضه بِقَضَاء، فَللْبَائِع فَاسِدا حق الْفَسْخ لَو لم يقْض بِقِيمَتِه، وَلَو زَالَ الْمَانِع بِسَبَب هُوَ بِمَنْزِلَة عقد جَدِيد فِي حق الْغَيْر، كَأَن رد على المُشْتَرِي بعد الْقَبْض بِعَيْب بتراض بَطل حق البَائِع فِي الرَّد كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ ثَانِيًا، وَلَو قضى بِقِيمَتِه بَطل حق الِاسْتِرْدَاد فِي الْوُجُوه كلهَا. انْتهى بِبَعْض توضيح.
(ح) وَمِنْهَا: مَا لَو اشْتَرَاهُ فرهنه ثمَّ اطلع على عيب قديم عِنْد البَائِع يمْتَنع الرَّد، فَإِذا افتكه فَلهُ رده. (ر: رد الْمُحْتَار، فِي خِيَار الْعَيْب) .
(ط) وَمِنْهَا: مَا لَو شهد وَهُوَ صبي أَو أعمى وَقد تحملهَا بَصيرًا فَردَّتْ، ثمَّ بلغ الصَّبِي أَو أبْصر الْأَعْمَى فَشهد بهَا تقبل. وَالْأَصْل أَنه إِذا ردَّتْ شَهَادَته لتهمة فَزَالَتْ ثمَّ شهد لَا تقبل، وَإِن ردَّتْ لشُبْهَة فَزَالَتْ ثمَّ شهد بهَا تقبل.
(ي) وَمِنْهَا: مَا لَو تنَاقض الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ ثمَّ ارْتَفع التَّنَاقُض بِتَصْدِيق الْخصم أَو بتكذيب الْحَاكِم فَإِن دَعْوَاهُ تسمع. (ر: الْمَادَّتَيْنِ / 1653 - 1654 / من الْمجلة.
(ك) وَمِنْهَا: مَا لَو أقرّ لآخر بِعَين فِي يَد غَيره فَإِن إِقْرَاره لَا يعْمل عمله،
وَلَكِن إِذا ملكهَا الْمقر يَوْمًا مَا فَإِن الْمقر لَهُ يُطَالِبهُ بِمُوجب إِقْرَاره. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، من الِاسْتِحْقَاق) .
(ل) وَمِنْهَا: مَا لَو أذن الرَّاهِن للْمُرْتَهن بِاسْتِعْمَال الرَّهْن أَو إعارته، فَاسْتَعْملهُ أَو أَعَارَهُ فَإِنَّهُ يخرج من ضَمَانه فَلَو هلك فِي أثْنَاء ذَلِك يهْلك أَمَانَة فَإِذا انْتهى الْعَمَل عَاد رهنا.
(م) وَمِنْهَا: مَا لَو زَالَ سَبَب الْفساد فِي الْمجْلس فَإِنَّهُ يَنْقَلِب البيع صَحِيحا فِي بعض المفسدات.
(ن) وَمِنْهَا: مَا لَو شرى شَيْئا بِعقد فَاسد فتعيب عِنْده لَا بِفعل البَائِع ثمَّ فسخ البيع بِسَبَب الْفساد وَأخذ البَائِع الْمَبِيع ونقصان الْعَيْب ثمَّ زَالَ الْعَيْب يسْتَردّ المُشْتَرِي من البَائِع مَا دَفعه لَهُ من نُقْصَان الْعَيْب. (ر: رد الْمُحْتَار، فِي البيع الْفَاسِد قبيل قَول الْمَتْن: وَكره تَحْرِيمًا البيع عِنْد الْأَذَان الأول) .
(س) وَمِنْهَا: مَا لَو أذن الْمُسْتَأْجر للمؤجر بِبيع الْمَأْجُور فَبَاعَهُ حَتَّى انْفَسَخت الْإِجَارَة ثمَّ رد المُشْتَرِي الْعين الْمَبِيعَة بطرِيق هُوَ فسخ (كَمَا إِذا ردهَا بِعَيْب قبل الْقَبْض مُطلقًا أَو بعده بِقَضَاء) تعود الْإِجَارَة، وَبِه يُفْتى. (ر: رد الْمُحْتَار، عَن الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّة، أواسط فسخ الْإِجَارَة) .
(ع) وَمِنْهَا: مَا لَو آجر إِجَارَة مُضَافَة ثمَّ بَاعَ الْمَأْجُور أَو وهبه قبل مَجِيء الْوَقْت فَإِن الْإِجَارَة تبطل (هَذَا مَبْنِيّ على الْمُعْتَمد فِي الْمَذْهَب من عدم لُزُوم الْإِجَارَة المضافة، وَلَكِن الْمجلة على خِلَافه) فَلَو رد عَلَيْهِ بِعَيْب بِقَضَاء أَو رَجَعَ فِي الْهِبَة قبل الْوَقْت عَادَتْ الْإِجَارَة. (ر: رد الْمُحْتَار، من مَا يبطل بِالشّرطِ الْفَاسِد وَلَا يَصح تَعْلِيقه بِهِ، عِنْد قَول الْمَتْن: وَمَا تصح إِضَافَته إِلَى الْمُسْتَقْبل نقلا عَن جَامع الْفُصُولَيْنِ) .
(ف) وَمِنْهَا: مَا لَو وَكله بِبيع شَيْء ثمَّ بَاعه الْمُوكل ثمَّ ارْتَفع البيع بِمَا هُوَ فسخ من كل وَجه (كَأَن رد عَلَيْهِ بِعَيْب قَضَاء) فَإِن الْوَكِيل لَو بَاعَ وَالْحَالة هَذِه يَصح. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، آخر بَاب عزل الْوَكِيل، صفحة / 418 / من الْجُزْء الرَّابِع من رد الْمُحْتَار) .
(ص) وَمِنْهَا: مَا لَو تزوجت صَاحِبَة حق الْحَضَانَة بِغَيْر محرم من الصَّغِير الْمَحْضُون، ثمَّ طلقت، فَإِنَّهَا يعود إِلَيْهَا حق حضانتها لزوَال الْمَانِع.
(ق) وَكَذَلِكَ لَو نشزت الزَّوْجَة ثمَّ عَادَتْ إِلَى بَيت زَوجهَا، فَإِنَّهَا يعود إِلَيْهَا اسْتِحْقَاق النَّفَقَة، لزوَال الْمَانِع أَيْضا وَهُوَ النُّشُوز.
وَقد يتَوَهَّم فِي هَاتين الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ (ص) و (ق) أَنَّهُمَا قد سقط فيهمَا الْحق ثمَّ عَاد على سَبِيل الِاسْتِثْنَاء من قَاعِدَة أَن (السَّاقِط لَا يعود) الْآتِيَة. لَكِن نَص فِي الدُّرَر والشرنبلالية: أَوَائِل الْحَضَانَة، على أَن هَذَا من قبيل زَوَال الْمَانِع وعودة الْمَمْنُوع، لِأَن الْحق فيهمَا لَا يسْقط.