الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْقَاعِدَة السَّادِسَة وَالتِّسْعُونَ
(الْمَادَّة / 97))
("
لَا يجوز لأحد أَن يَأْخُذ مَال أحد بِلَا سَبَب شَرْعِي
")
(الشَّرْح، مَعَ التطبيق)
" لَا يجوز لأحدٍ " مَا، وَلَو والداً أَو ولدا أَو زوجا " أَن يَأْخُذ " جاداً أَو لاعباً " مَال أحدٍ " مَا، وَلَو وَلَده أَو وَالِده أَو زَوجته " بِلَا سَبَب شَرْعِي " يسوغ لَهُ الْأَخْذ.
ثمَّ إِذا كَانَ السَّبَب شَرْعِيًّا فِي الظَّاهِر وَلَكِن لم يكن فِي الْوَاقِع وَنَفس الْأَمر حَقِيقِيًّا، كالصلح عَن دَعْوَى كَاذِبَة على بدل، فَإِن بدل ذَلِك الصُّلْح يقْضى لَهُ بِهِ، وَلَكِن لَا يحل لَهُ، وَيجب عَلَيْهِ ديانَة رده إِن أَخذه، وَإِن كَانَ السَّبَب فِي الحكم الظَّاهِر شَرْعِيًّا وَقضى بِهِ القَاضِي، لِأَنَّهُ _ وَالْحَالة هَذِه _ رشوة، أَخذه لِقَاء كف ظلمه وتعديه بِهَذِهِ الدَّعْوَى الكاذبة الَّتِي لَا تسوغ لَهُ أَخذ الْبَدَل فِيمَا بَينه وَبَين ربه سُبْحَانَهُ. فقد روى البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَمَالك وَأحمد فِي مُسْنده عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ:" إِنَّمَا أَنا بشر، وَإِنَّكُمْ تختصمون إِلَيّ، فَلَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من بعض فأقضي لَهُ على نَحْو مَا أسمع، فَمن قضيت لَهُ بِحَق [أَخِيه] فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَة من النَّار فليأخذها أَو ليتركها ".
وَكَذَا لَو اعْترف بعد الصُّلْح بِكَوْنِهِ مُبْطلًا فِي الدَّعْوَى وَأَنه لم يكن لَهُ على الْمُدَّعِي شَيْء بَطل الصُّلْح وَيسْتَرد الْمُدعى عَلَيْهِ الْبَدَل (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، من الصُّلْح) .
ثمَّ إِن السَّبَب الشَّرْعِيّ يكون قَوِيا، وَيكون ضَعِيفا:
فالسبب الْقوي لَا يحْتَاج فِي تَجْوِيز الْأَخْذ إِلَى قَضَاء القَاضِي، وَذَلِكَ هُوَ الْكثير الْغَالِب، كَثمن الْبياعَات، وَمثل الْقَرْض، وَبدل الْمَغْصُوب، وَبدل الْإِجَارَة إِذا صَار دينا فِي الذِّمَّة، كَمَا إِذا شَرط تَعْجِيله أَو مَضَت مرحلة فِي إِجَارَة الدَّابَّة للسَّفر أَو يَوْم للسُّكْنَى أَو فرغ الْأَجِير من الْعَمَل، وَالْمَال الْمَكْفُول بِهِ، وَالْمَال الْمَوْرُوث، وَنَفَقَة الزَّوْجَة وَالْأَوْلَاد والأبوين وأمثال ذَلِك. فَإِن جَمِيع ذَلِك يجوز أَخذه شرعا بِلَا قَضَاء القَاضِي وَإِن لم يرض من عَلَيْهِ الْحق.
وَالسَّبَب الضَّعِيف لَا يجوز الْأَخْذ مَعَه بِدُونِ رضَا من عَلَيْهِ الْحق إِلَّا بِقَضَاء القَاضِي. وَذَلِكَ: 1 - كاسترداد الْعين الْمَوْهُوبَة من الْمَوْهُوب لَهُ.
2 -
وكنفقة غير الزَّوْجَة وَالْأَوْلَاد والأبوين من الْأَقَارِب.
3 -
وكتناول أَوْلَاد الْبَنَات مَعَ أَوْلَاد الْبَنِينَ من غلَّة الْوَقْف على الْأَوْلَاد.
4 -
وكأخذ المُشْتَرِي من بَائِعه مَا دَفعه لَهُ من ثمن الْمَبِيع الَّذِي ظهر لَهُ أَنه ملك الْغَيْر.
5 -
وكأخذه من البَائِع مَا دَفعه لَهُ من ثمن مَبِيع ظهر بعد الْقَبْض معيبا.
6 -
وكأخذ الشَّفِيع الْعقار الْمَبِيع بِالشُّفْعَة.
7 -
وكأخذ الدَّائِن دينه من غير جنسه على الْمَرْوِيّ فِي الْمَذْهَب. فَإِن جَوَاز الْأَخْذ فِي جَمِيع ذَلِك مَوْقُوف على قَضَاء القَاضِي بِالرُّجُوعِ بِالْهبةِ فِي الأولى، وبالنفقة فِي الثَّانِيَة، وبدخول أَوْلَاد الْبَنَات فِي الثَّالِثَة، وبالاستحقاق الْمُوجب للرُّجُوع بِالثّمن بِشُرُوطِهِ فِي الرَّابِعَة، وبالرد بِالْعَيْبِ فِي الْخَامِسَة، وبالشفعة فِي السَّادِسَة، وعَلى بيع القَاضِي مَال الْمَدْيُون وصيرورته من جنس الدّين فِي السَّابِعَة. وَلَكِن الْفَتْوَى فِي الْأَخِيرَة على جَوَاز الْأَخْذ فِي زَمَاننَا إِذا ظفر الدَّائِن بِغَيْر جنس حَقه من مَال الْمَدْيُون من غير حَاجَة إِلَى أَن يَبِيعهُ القَاضِي بِجِنْس الدّين، لِكَثْرَة العقوق (ر: رد الْمُحْتَار، من الْحجر، عِنْد قَول الْمَتْن:" وَبَاعَ دنانيره بِدَرَاهِم دينه ") .