الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهُ، فَلَا نحكم بِأَنَّهُ من الثَّانِي بِمُجَرَّد الشَّك الْحَاصِل بِسَبَب حبلها من الزَّوْج الثَّانِي، فَإِذا ولدت يحكم حينئذٍ بِأَن اللَّبن بعد الْولادَة من الثَّانِي. (ر: الدّرّ وحاشيته رد الْمُحْتَار، كتاب الرَّضَاع) .
(تَنْبِيه:)
إِن الشَّك، وَإِن كَانَ لَا يقوى على رفع مَا ثَبت حُصُوله يَقِينا فِيمَا مضى، فَإِنَّهُ قد يمْنَع وجوده حُصُول مَا يُزِيلهُ بعد وجوده، يدل لذَلِك مَا جَاءَ فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ: برهن الْمُدعى عَلَيْهِ بعد الحكم، أَن الْمُدَّعِي أقرّ قبل الدَّعْوَى أَنه لَا حق لَهُ فِي الْعين الْمُدعى بهَا فَإِنَّهُ لَا يبطل الحكم، لجَوَاز التَّوْفِيق بِأَن يكون لَا حق لَهُ قبل الدَّعْوَى ثمَّ حدث لَهُ حق فَادّعى، فَلَا يبطل الحكم الْجَائِز: بشكٍ، وَلَو برهن على ذَلِك قبل الحكم تقبل وَلَا يحكم، إِذْ الشَّك يمْنَع الحكم وَلَا يرفعهُ. (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ، أَوَاخِر الْفَصْل الْعَاشِر، ج 1 / 165، برمز " مش " لمنهاج الشَّرِيعَة - بِبَعْض توضيح) . وَنقل عَن صَاحب التَّنْقِيح أَنه قَالَ عَقبهَا: لَكِن يَنْبَغِي أَن يكون هَذَا مَبْنِيا على القَوْل بِأَن إِمْكَان التَّوْفِيق كَاف.
وَلَكِن لم يظْهر لي صِحَة مَا ادَّعَاهُ من الْبناء الْمَذْكُور أصلا، وَالَّذِي حمله على القَوْل بِهَذَا قَول صَاحب جَامع الْفُصُولَيْنِ بِجَوَاز التَّوْفِيق بِأَن يكون
…
الخ. فَإِنَّهُ اعْتَبرهُ بَيَانا لما هُوَ مُمكن من التَّوْفِيق، وَلَيْسَ بِظَاهِر بل هُوَ تَوْجِيه وتعليل لعدم بطلَان الحكم، بعد وُقُوعه مُسْتَوْفيا طَرِيقه الشَّرْعِيّ، بِهَذَا الدّفع الْمَشْكُوك فِي إِبْطَاله لَهُ، بِخِلَاف مَا قبل وُقُوعه فَإِنَّهُ دفع لَهُ عَن الْوُقُوع، وَالدَّفْع أسهل من الرّفْع. وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ لما اخْتلف حكم الْإِتْيَان بِالدفع الْمَذْكُور قبل الحكم
عَمَّا بعده. وَيُقَال كَمَا أَنه إِذا أُتِي بِهِ بعد الحكم لَا يبطل الحكم لِإِمْكَان التَّوْفِيق، كَذَلِك إِذا أُتِي بِهِ قبل الحكم لَا يمْنَع الحكم لِإِمْكَان التَّوْفِيق. وَالْوَاقِع خِلَافه، فَإِن الحكم كَمَا ترى مُخْتَلف. فَلْيتَأَمَّل.
هَذَا وَلَا تنَافِي بَين مَا نَقَلْنَاهُ آنِفا، عَن أَوَاخِر الْفَصْل الْعَاشِر من جَامع الْفُصُولَيْنِ، وَبَين مَا جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْخَانِية، من بحث تَكْذِيب الشُّهُود من كتاب الشَّهَادَات وَلَفظه:" فِي الْمُنْتَقى: رجل ادّعى فِي يَد رجل مَتَاعا أَو دَارا أَنَّهَا لَهُ، وَأقَام الْبَيِّنَة وَقضى القَاضِي لَهُ، فَلم يقبضهُ حَتَّى أَقَامَ الَّذِي فِي يَده الْبَيِّنَة أَن الْمُدَّعِي أقرّ عِنْد غير القَاضِي أَنه لَا حق لَهُ فِيهِ، قَالَ: إِن شهدُوا أَنه أقرّ بذلك قبل الْقَضَاء بَطل الْقَضَاء، وَإِن شهدُوا أَنه أقرّ بِهِ بعد الْقَضَاء لَا يبطل الْقَضَاء، لِأَن الثَّابِت بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عيَانًا، وَلَو عاين القَاضِي إِقْرَاره بذلك كَانَ الحكم على هَذَا الْوَجْه " انْتهى، وَنَقله عَن الْفَتَاوَى الْخَانِية فِي رد الْمُحْتَار، أَوَائِل بَاب الِاخْتِلَاف فِي الشَّهَادَة.
وَبَيَان عدم التَّنَافِي أَن قَول الْفَتَاوَى الْخَانِية: " إِن شهدُوا أَنه أقرّ بذلك قبل الْقَضَاء " مَعْنَاهُ أَنه قَالَه قبل الْقَضَاء بعد الدَّعْوَى لم يبْق إِمْكَان لما ذكره فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ من جَوَاز التَّوْفِيق بِأَنَّهُ لم يكن لَهُ حق ثمَّ حدث حق فَادّعى فَيبْطل الْقَضَاء لَا محَالة، وَعدم بطلَان الْقَضَاء بِهِ فِيمَا إِذا شهدُوا أَنه قَالَه بعد الْقَضَاء إِنَّمَا هُوَ لكَون قَوْله:" لَا حق لي فِيهِ " يتَنَاوَل الْحَال فَقَط، وَلَيْسَ من ضَرُورَة انْتِفَاء الْحق فِي الْحَال انتفاؤه فِي الْمَاضِي، بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ بعد الْقَضَاء:" لم يكن لي فِيهِ حق " فَإِنَّهُ يبطل الْقَضَاء، لِأَنَّهُ يتَنَاوَل الْمَاضِي. (ر: الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة، كتاب الْقَضَاء، الْبَاب الْعَاشِر) .
(ثَالِثا _ الْمُسْتَثْنى)
يسْتَثْنى من الْقَاعِدَة الْمَذْكُورَة:
مَا لَو ادّعى المُشْتَرِي عَيْبا فِي الْمَبِيع مُوجبا لرده على البَائِع، بعد قَبضه الْمَبِيع، فَإِنَّهُ لَا يجْبر على دفع الثّمن للْبَائِع حَتَّى تَنْتَهِي الْخُصُومَة فِي الْعَيْب، فَإِن ثَبت قدم الْعَيْب عِنْد البَائِع يفْسخ القَاضِي البيع، فَإِن عجز المُشْتَرِي عَن الْإِثْبَات يجْبر على دفع الثّمن حينئذٍ. (ر: تنوير الْأَبْصَار وَغَيره، من خِيَار
الْعَيْب) . فقد زَالَ الْيَقِين هَا هُنَا، وَهُوَ وجوب دفع الثّمن الْمُتَيَقن بِهِ للْحَال بِمُجَرَّد الشَّك، وَهُوَ قدم الْعَيْب الْمُحْتَمل الثُّبُوت وَعَدَمه