الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْقَاعِدَة الثَّانِيَة وَالسَّبْعُونَ
(الْمَادَّة / 73))
("
لَا حجَّة مَعَ الِاحْتِمَال
")
(أَولا _ الشَّرْح)
" لَا حجَّة " أَي لَا برهَان مَقْبُول وَلَا احتجاج مسموع " مَعَ " قيام " الِاحْتِمَال " وانتصابه على أَن مَا قَامَت عَلَيْهِ الْحجَّة لَيْسَ خَالِيا من التُّهْمَة، فَإِن التُّهْمَة إِذا تمكنت من فعل الْفَاعِل حكم بِفساد فعله (ر: تأسيس النّظر صفحة / 19) . لَكِن هَذَا فِي الِاحْتِمَال النَّاشِئ عَن دَلِيل.
(ثَانِيًا _ التطبيق)
مثلا: لَو أقرّ أحد لأحد ورثته بدين أَو عين فَإِن كَانَ فِي مرض مَوته لَا يَصح مَا لم يصدقهُ بَاقِي الْوَرَثَة وَلَو فِي حَيَاة الْمُورث، أَو يجيزوه بعد مَوته. وَذَلِكَ لِأَن احْتِمَال كَون الْمَرِيض قصد بِهَذَا الْإِقْرَار حرمَان سَائِر الْوَرَثَة مُسْتَند إِلَى دَلِيل، وَهُوَ كَونه فِي الْمَرَض.
وَنَظِير ذَلِك: مَا لَو وكل آخر بشرَاء شَيْء فشراه وَلم يبين أَنه شراه لنَفسِهِ أَو لمُوكلِه، ثمَّ بعد أَن تلف المشرى بِيَدِهِ أَو حدث بِهِ عيب قَالَ: إِنِّي كنت شريته لموكلي، لَا يصدق.
وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ الْوَكِيل بِالشِّرَاءِ مَاله لمُوكلِه، أَو اشْترى الْوَكِيل بِالْبيعِ مَال مُوكله لنَفسِهِ لَا يَصح فيهمَا.
وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ الْوَكِيل بِالْبيعِ مَال مُوكله، وَلَو بِثمن الْمثل، مِمَّن لَا تقبل
شَهَادَتهم لَهُ كأبويه وَأَوْلَاده وَزَوجته بِدُونِ تَفْوِيض من الْمُوكل (ر: الْمَادَّة / 1486 و 1488 و 1496 و 1497 / من الْمجلة) .
وكل ذَلِك لتمكن احْتِمَال التُّهْمَة فِي فعل الْوَكِيل، وَقيام الدَّلِيل على ذَلِك الِاحْتِمَال " وَهُوَ أَن يكون الْحَامِل لَهُ فِي الْفَرْع الأول على طَرحه على الْمُوكل هَلَاك الْمَبِيع أَو تعيبه، وَفِي بَقِيَّة الْفُرُوع حب الأثرة الْحَامِل على الْمُحَابَاة لنَفسِهِ أَو لمن لَا تقبل شَهَادَته لَهُ ".
وَمِنْه: مَا لَو بَاعَ الْمَرِيض (مرض الْمَوْت) مَاله من وَارثه، وَلَو بأضعاف قِيمَته، لم يجز عِنْد أبي حنيفَة، إِلَّا أَن يُجِيز الْوَرَثَة، لِأَنَّهُ مُتَّهم، لجَوَاز أَنه أَرَادَ إيثاره على سَائِر الْوَرَثَة بِعَين من أَعْيَان مَاله.
وَمِنْه: مَا لَو أقرّ الْمَرِيض لامْرَأَته بِأَنَّهُ كَانَ طَلقهَا فِي صِحَّته وَانْقَضَت عدتهَا، وصدقته الْمَرْأَة، ثمَّ أوصى لَهَا بِوَصِيَّة، أَو أقرّ لَهَا بدين، ثمَّ مَاتَ، فلهَا الْأَقَل من الْمِيرَاث ومبلغ الْوَصِيَّة أَو الدّين الْمقر بِهِ عِنْد أبي حنيفَة، لدَلِيل احْتِمَال التُّهْمَة فِي إِقْرَاره.
وَمِنْه: مَا لَو بَاعَ شَيْئا وَسلمهُ، وَقبل أَن يقبض ثمنه اشْتَرَاهُ من لَا تقبل شَهَادَته لَهُ من المُشْتَرِي بِأَقَلّ من الثّمن الأول. لَا يجوز شِرَاؤُهُ عِنْد أبي حنيفَة، لقِيَام دَلِيل التُّهْمَة فِي ذَلِك.
وَمِنْه: مَا لَو شهد الْوَصِيّ الْوَارِث الْكَبِير بدين على الْمَيِّت لَا تقبل شَهَادَته عِنْد أبي حنيفَة، لمَكَان التُّهْمَة (ر: تأسيس النّظر، للدبوسي، وَفِيه فروع أخر تنظر هُنَاكَ) .
أما إِذا لم يكن ذَلِك الِاحْتِمَال ناشئاً وَلَا منبعثاً عَن دَلِيل، بل عَن مُجَرّد توهم وحدس، فَلَا يُقَاوم الْحجَّة وَلَا يقوى على معارضتها، إِذْ لَا عِبْرَة بِالِاحْتِمَالِ إِذا لم يكن ناشئاً عَن دَلِيل (ر: توضيح التَّنْقِيح، لصدر الشَّرِيعَة، من بحث الْعَام) . وَذَلِكَ بِأَن كَانَ الْإِقْرَار فِي مِثَال الْمَادَّة وَاقعا فِي حَال الصِّحَّة جَازَ، وَاحْتِمَال إِرَادَة الْمقر حرمَان سَائِر الْوَرَثَة حينئذٍ من حَيْثُ إِنَّه احْتِمَال مُجَرّد وَنَوع من التَّوَهُّم لَا يمْنَع حجية الْإِقْرَار اه.