الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القَاضِي، فأبان الزَّوْجَة لَا بِقصد إِسْقَاط النَّفَقَة بل بِسَبَب آخر، أَو مَاتَ عَنْهَا، فَإِن النَّفَقَة المتراكمة عَلَيْهِ تسْقط عَن ذمَّته، كَمَا نصوا عَلَيْهِ فِي النَّفَقَات، لِأَنَّهُ لما بَطل النِّكَاح بَطل مَا ترَتّب عَلَيْهِ من النَّفَقَة (انْظُر: فرع النَّفَقَة المرسوم تَحت الْمَادَّة / 100) .
ثمَّ لَا فرق فِي بطلَان المتضمن (بِفَتْح الْمِيم) بَين أَن يكون متضمناً حَقِيقَة للباطل، كَمَسْأَلَة بيع الْإِنْسَان دَمه للْآخر وَمَسْأَلَة شِرَائِهِ الْيَمين من خَصمه المارتين، وَبَين أَن يكون مترتباً عَلَيْهِ ترتباً بِأَن أفرد بِذكرِهِ مَعَه وقرنه بِهِ، كالإبراء وَالْإِقْرَار بعد عقد فَاسد وكتصرفات المُشْتَرِي من الْمُكْره على البيع المارات.
(ثَالِثا: الْمُسْتَثْنى)
خرج عَن هَذِه الْقَاعِدَة مسَائِل كَثِيرَة:
(أ) مِنْهَا: لَو صَالح الشَّفِيع عَن شفعته أَو اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِمَال لم يَصح الصُّلْح وَلم يلْزم المَال وَسَقَطت شفعته، بِخِلَاف مَا لَو صَالحه عَن دَعْوَى الشُّفْعَة فَإِنَّهُ يَصح وَيلْزم المَال.
(ب) وَمِنْهَا: مَا لَو صَالح الزَّوْج زَوجته المخيرة على مَال لتختاره، فَفعلت واختارت زَوجهَا لم يَصح الصُّلْح وَلم يلْزم المَال وَسقط خِيَارهَا.
(ج) وَمِنْهَا: مَا لَو جعل الْكَفِيل بِالنَّفسِ مَالا للمكفول لَهُ ليسقط عَنهُ الْكفَالَة، فأسقطها، سَقَطت وَلم يلْزم المَال.
(د) وَمِنْهَا: مَا لَو اشْترى ثمراً غير مدرك، ثمَّ اسْتَأْجر الْأَشْجَار ليبقى الثَّمر عَلَيْهَا إِلَى وَقت الْإِدْرَاك، فَالْإِجَارَة بَاطِلَة، وَلَا يبطل مَا فِي ضمنهَا من الْإِذْن بإبقاء الثَّمر، فَإِذا أبقاه فَزَاد طابت لَهُ الزِّيَادَة. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، من بَاب مَا يدْخل فِي البيع تبعا وَمَا لَا يدْخل) .
(هـ) وَمِنْهَا: مَا لَو اشْترى دَارا وَقبل أَن يَرَاهَا بِيعَتْ دَار بجانبها فَأَخذهَا بِالشُّفْعَة، ثمَّ رد الأولى بِخِيَار الرُّؤْيَة، تبقى الثَّانِيَة الَّتِي أَخذهَا بِالشُّفْعَة لَهُ (ر: رد الْمُحْتَار، من خِيَار الرُّؤْيَة) فقد بَطل شِرَاؤُهُ الَّذِي ترَتّب عَلَيْهِ الْأَخْذ بِالشُّفْعَة وَلم يبطل الْأَخْذ بهَا.
(و) وَمِنْهَا: مَا لَو طلق إِحْدَى زوجتيه طَلَاقا مُبْهما، ثمَّ مَاتَت إِحْدَاهمَا قبل الْبَيَان، تتَعَيَّن الْأُخْرَى الْحَيَّة للطَّلَاق. فَلَو قَالَ: كنت عنيت المتوفاة بِالطَّلَاق لَا يعْتَبر قَوْله ذَلِك، وَلَكِن يحرم بِسَبَبِهِ الْمِيرَاث (ر: الْمَبْسُوط 6 / 123) فَإِن قَوْله: " كنت عنيت المتوفاة بِالطَّلَاق " لم يعْمل عمله، وَلَكِن لم يبطل مَا ترَتّب عَلَيْهِ من حرمَان الْإِرْث.
(ز) وَمِنْهَا: مَا لَو طلق زَوجته غير الْمَدْخُول بهَا ثِنْتَيْنِ، ثمَّ قَالَ: كنت طَلقتهَا قبل ذَلِك وَاحِدَة، لَا يبطل عَنهُ الثنتان وَيلْزم بِالَّتِي أقرّ بهَا، وَلَا تحل لَهُ إِلَّا من بعد زوج آخر (ر: الذَّخِيرَة، فِي الْفَصْل الثَّالِث من كتاب الطَّلَاق، قبيل نوع فِي تَغْيِير صفة الْوَاقِع) فقد بَطل هَا هُنَا المتضمن وَالْإِقْرَار بالطلقة السَّابِقَة وَلم يبطل مَا فِي ضمنه من الْحُرْمَة الْمُغَلَّظَة.
(ح) وَمِنْهَا: مَا لَو كَانَ لَهُ على آخر دين مُؤَجل، فشرى بِهِ مِنْهُ شَيْئا، فَإِن الْأَجَل يسْقط، فَإِذا تَقَايلا عقد البيع انْفَسَخ البيع وَلَا يعود الْأَجَل وَصَارَ دينه حَالا (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته، فِي الْإِقَالَة، عِنْد قَول الْمَتْن:" هِيَ فسخ فِي حق الْمُتَعَاقدين ") فقد بَطل المتضمن، وَهُوَ عقد البيع، وَلم يبطل مَا وَقع فِي ضمنه وَهُوَ سُقُوط الْأَجَل وحلول الدّين.
(ط) وَمِنْهَا: مَا لَو أقرّ الْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ على مُوكله فِي غير مجْلِس الْحَاكِم، فَإِن إِقْرَاره لَا يعْتَبر، وَلَكِن يَنْعَزِل بِهِ عَن الْوكَالَة (ر: الْمَادَّة / 1517 من الْمجلة) . فقد بَطل الْإِقْرَار هَا هُنَا وَلم يبطل مَا تضمنه من أَنه لَا يحِق لَهُ مخاصمة الْمُدَّعِي فِيمَا يَدعِي على مُوكله.
(ي) وَمِنْهَا: مَا لَو أقرّ مُتَوَلِّي الْوَقْف الْمُدَّعِي ملكية الْمَوْقُوف، فَإِن إِقْرَاره لَا يسري على الْوَقْف، وَلَكِن يخرج بِهِ عَن الْخُصُومَة، لما صَرَّحُوا بِهِ من أَن من أقرّ بِشَيْء لغيره فَكَمَا لَا يملك أَن يَدعِيهِ لنَفسِهِ لَا يملك أَن يَدعِيهِ لغيره.
(ك) وَمِنْهَا: مَا إِذا بَاعَ سلْعَة وَقبض ثمنهَا ثمَّ سلمهَا للْمُشْتَرِي ثمَّ وجد الثّمن زُيُوفًا - أَي مغشوشاً وغشه مغلوب - فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَاد السّلْعَة وحبسها بِالثّمن، بل لَهُ رد الزُّيُوف على المُشْتَرِي ومطالبته بالجيد فَقَط (ر: متن التَّنْوِير وَشَرحه، آخر فصل مَا يدْخل فِي البيع تبعا وَمَا لَا يدْخل) .
فقد ارْتَفع قبض البَائِع برد الزُّيُوف وَلم يبطل مَا تضمنه من الْإِذْن للْمُشْتَرِي بِقَبض الْمَبِيع، بِخِلَاف مَا لَو وجد الثّمن ستوقة - أَي رصاصاً - فَإِنَّهُ يسْتَردّ السّلْعَة ويحبسها بِالثّمن، لِأَنَّهَا لَيست بِدَرَاهِم أصلا (ر: الدّرّ، الْمحل الْمَذْكُور) .
(ل) وَمِنْهَا: مَا لَو بَاعَ عقارا بيعا فَاسِدا وَسلمهُ للْمُشْتَرِي فَبنى فِيهِ أَو غرس، فَإِنَّهُ يَنْقَطِع حق الْفَسْخ وَلَا يُؤمر بِنَقْض الْبناء أَو قلع الْغَرْس، لِأَنَّهُ كَانَ بتسليط البَائِع (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته، من البيع الْفَاسِد، عِنْد قَول الْمَتْن:" بنى أَو غرس فِيمَا اشْتَرَاهُ فَاسِدا ") . فقد فسد العقد وَلم يبطل مَا تضمنه من التسليط على الْبناء وَالْغَرْس.
(م) وَمِنْهَا: مَا لَو اشْترى شَيْئا وَأعْطى بِثمنِهِ للْبَائِع رهنا، ثمَّ ظهر أَن البيع بَاطِل، كَمَا إِذا كَانَ البيع شَاة مذبوحة مثلا فَظهر أَنَّهَا ميتَة، فَإِنَّهُ لَا يبطل الرَّهْن، بل يبْقى على الصِّحَّة وَيكون مَضْمُونا على البَائِع ضَمَان الرَّهْن، فَإِذا هلك فِي يَده يدْفع للرَّاهِن قِيمَته إِن كَانَت أقل من قدر الثّمن، وَيدْفَع لَهُ قدر الثّمن إِن كَانَت قِيمَته مثله أَو أَكثر (ر: الدّرّ، من بَاب مَا يَصح رَهنه وَمَا لَا يَصح) .
(ن) وَمِنْهَا: مَا لَو دخل بِالزَّوْجَةِ بعد نِكَاح فَاسد قد سمى لَهَا فِيهِ مهْرا، فَإِنَّهُ يجب لَهَا مهر الْمثل لَا يتَجَاوَز بِهِ الْمُسَمّى، وَمَا لَو استوفى الْمَنْفَعَة فِي الْإِجَارَة الْفَاسِدَة فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ أجر الْمثل لَا يتَجَاوَز بِهِ الْمُسَمّى لَو كَانَ هُنَاكَ مُسَمّى، لرضا الزَّوْجَة بِالْمُسَمّى فِي الأول، ورضا الْمُؤَجّر بِهِ فِي الثَّانِي، (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته، من كتاب النِّكَاح، وأوائل الْإِجَارَة الْفَاسِدَة) فقد فسد المتضمن، وَهُوَ النِّكَاح وَالْإِجَارَة، وَلم يفْسد المتضمن، وَهُوَ الرِّضَا بِالْمُسَمّى فيهمَا الَّذِي
تضمنه العقد.
(س) وَمِنْهَا: مَا لَو برهن أَنه ابْن عَم الْمَيِّت، وَذكر النّسَب، فَقبل أَن يقْضى لَهُ برهن خَصمه أَنه ابْن عَم فلَان الآخر أَو أَن جد الْمَيِّت فلَان غير مَا بَينه الْمُدَّعِي، يقبل فِي حق الْمُدَّعِي لَا فِي إِثْبَات النّسَب من الآخر (ر: معِين الْحُكَّام، من الْفَصْل الأول، من بَاب الْقَضَاء بالتناقض، نقلا عَن الْفَتَاوَى الرشيدية وَعَن جَامع الْفَتَاوَى مُلَخصا) فقد بَطل المتضمن هُنَا، وَهُوَ الشَّهَادَة بِالنّسَبِ، فَلم يقْض بِهِ وَلَكِن لم يبطل المتضمن وَهُوَ دفع دَعْوَى الْمُدَّعِي. وَعلل صَاحب جَامع الْفُصُولَيْنِ عدم الْقَضَاء بِالنّسَبِ فِي هَذَا بِأَنَّهُ لَيْسَ بخصم فِي إثْبَاته على الْغَيْر (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ، آخر الْفَصْل الْعَاشِر) . وَانْظُر مَا سَيَأْتِي من هَذَا النَّوْع تَحت الْكَلَام على الْمَادَّة / 81.