الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْعُ التَّاسِعُ: الْمُرْسَلُ
(1)
قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ (2): "وَصُورَتُهُ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا (3) حَدِيثُ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ الَّذِي قَدْ أَدْرَكَ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ وَجَالَسَهُمْ كَعُبَيْدِ (4) اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ ثُمَّ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَمْثَالِهِمَا إِذَا قَالَ "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".
و(5) الْمَشْهُورُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ التَّابِعِينَ أَجْمَعِينَ فِي ذَلِكَ وَحَكَى اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (6) عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ إِرْسَالُ صِغَارِ التَّابِعِينَ مُرْسَلًا.
ثُمَّ إِنَّ الْحَاكِمَ يَخُصُّ الْمُرْسَلَ بِالتَّابِعِينَ (7) وَالْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ يُعَمِّمُونَ التَّابِعِينَ وَغَيْرَهُمْ.
(1) انظر: "معرفة علوم الحديث" للحاكم ص 25، و"الكفاية" 2/ 435 - 458، و"مقدمة ابن الصلاح" ص 202، و"شرح علل الترمذي" 1/ 237، و"النكت" للزركشي 1/ 439، و"التقييد والإيضاح"ص 70، و"الشذا الفياح" 1/ 147، و"النكت لابن حجر" 2/ 540، و"فتح المغيث" 1/ 238، و"تدريب الراوي" 1/ 219، "أسباب اختلاف المحدثين"لخلدون الأحدب 1/ 203 - 270 وهو مهم جداً، و"النقد البناء" للشيخ طارق عوض الله
(2)
المقدمة ص 153.
(3)
في" ط ": منها.
(4)
في "ب": كعبد.
(5)
في "ع": وأنَّ.
(6)
انظر التمهيد 1/ 20 - 21
(7)
معرفة علوم الحديث ص 25
(قُلْتُ): (1) قَالَ أَبُو عَمْرٍو بْنُ الْحَاجِبِ فِي "مُخْتَصَرِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ"(2) الْمُرْسَلُ قَوْلُ [غَيْر](3) الصَّحَابِيِّ "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".
هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِتَصْوِيرِهِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ حُجَّةً فِي الدِّينِ فَذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِعِلْمِ الْأُصُولِ وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا "الْمُقَدِّمَاتِ"(4).
وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي "مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ"(5): "أَنَّ الْمُرْسَلَ فِي أَصْلِ قَوْلِنَا وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ"، وَكَذَا حَكَاهُ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (6) عَنْ جَمَاعَةِ (7) أَصْحَابِ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ (8): "وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ سُقُوطِ الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ وَالْحُكْمِ بِضَعْفِهِ هُوَ الَّذِي اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ آرَاءُ جَمَاعَةِ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَنُقَّادِ الْأَثَرِ وَتَدَاوَلُوهُ فِي تَصَانِيفِهِم «1» ".
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
«1» [شاكر] لأنه حذف منه راو غير معروف، وقد يكون غير ثقة. والعبرة في الرواية بالثقة واليقين، ولا حجة في المجهول. [شاكر].
(1) في"ط": كما قال.
(2)
انظر رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب 2/ 462
(3)
ساقط من "ح".
(4)
وهو في حكم المفقود، والله المستعان.
(5)
انظر مقدمة "صحيح مسلم" 1/ 24.
(6)
التمهيد 1/ 5
(7)
في "ط"، "ع": من أصحاب الحديث، والصواب ما أثبتناه من "ح" وكذا في التمهيد (1/ 5)، و"مقدمة ابن الصلاح"(211).
(8)
المقدمة ص 210
قَالَ (1): "وَالِاحْتِجَاجُ بِهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا فِي طَائِفَةٍ" وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(قُلْتُ): وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةٍ (2).
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَنَصَّ عَلَى أَنَّ مُرْسَلَاتِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ حِسَانٌ قَالُوا لِأَنَّهُ تَتَبَّعَهَا فَوَجَدَهَا مُسْنَدَةً (3) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ كَلَامَهُ فِي "الرِّسَالَةِ"(4): "أَنَّ مَرَاسِيلَ كِبَارِ التَّابِعِينَ حُجَّةٌ إِنْ جَاءَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَلَوْ مُرْسَلَةً أَوْ اِعْتَضَدَتْ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ
(1) المقدمة ص 211
(2)
انظر "جامع التحصيل" ص 21 طبعة ابن تيمية
(3)
قال الشافعي: "إرسال ابن المسيب عندنا حسن" مختصر المُزني (ص: 78)
وقال أيضاً: " ليس المنقطع بشيء، ما عدا منقطع ابن المسيب " أخرجه ابن أبي حاتم في " آداب الشافعي ومناقبه "(ص: 232) والخطيب في " الفقيه والمتفقه "(1/ 533)
وقال النووي في الإرشاد " اشتهر عند فقهاء أصحابنا أن مرسل سعيد بن المسيب حجة عند الشافعي حتى إن كثيرا منهم لا يعرفون غير ذلك وليس الأمر على ذلك وإنما قال الشافعي في مختصر المزني وإرسال سعيد بن المسيب عندنا حسن فذكر صاحب المهذب وغيره من أصحابنا في أصول الفقه في معنى كلامه وجهين لأصحابه منهم من قال مراسيله حجة لأنها فتشت فوجدت مسانيد.
ومنهم من قال ليست بحجة عنده بل هي كغيرها على ما نذكره وإنما رجح الشافعي به والترجيح بالمرسل صحيح. وانظر "جامع التحصيل" ص 26، "تحرير علوم الحديث" 2/ 931 للجديع. وهو مهم وكذلك "أسباب اختلاف المحدثين" للدكتور /خلدون الأحدب
(4)
ص 461 - 463 ط الشيخ شاكر.
أَوْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَوْ كَانَ الْمُرْسِلُ لَوْ سَمَّى لَا يُسَمِّي إِلَّا ثِقَةً فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُرْسَلُهُ حُجَّةً وَلَا يَنْتَهِضُ إِلَى رُتْبَةِ المتصل (1) ".
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَأَمَّا مَرَاسِيلُ غَيْرِ كِبَارِ التَّابِعِينَ فَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَبِلَهَا"(2).
قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ (3): "وَأَمَّا مَرَاسِيلُ الصَّحَابَةِ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمْثَالِهِ فَفِي حُكْمِ الْمَوْصُولِ; لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَرْوُونَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَكُلُّهُمْ عُدُولٌ فَجَهَالَتُهُمْ لَا تَضُرُّ" وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(قُلْتُ): وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى قَبُولِ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ (4).
وَذَكَرَ اِبْنُ الْأَثِيرِ (5) وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا (وَيُحْكَى هَذَا
(1) في "ح": المؤتصل. وهي صحيحة أيضا
(2)
الرسالة ص 465. وقال رضي الله عنه ص 467: " ومن نظر في العلم بخبرة وقلة غفلة استوحش من مرسل كل من دون كبار التابعين بدلائل ظاهرة فيها"
(3)
انظر المقدمة ص 211، 212 بتصرف.
(4)
انظر الكفاية للخطيب 2/ 435.وقال: " مراسيل الصحابة كلهم مقبولة لكون جميعهم عدولا مرضيين وإن الظاهر فيما أرسله الصحابي ولم يبين السماع فيه أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من صحابيَّ سمعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما من روى منهم عن غير الصحابة فقد بيَنَّ في روايته ممن سمعه وهو أيضا قليل نادر فلا اعتبار به وهذا هو الأشبه بالصواب عندنا".
وقال أبو العباس القرطبي في "المفهم شرح مسلم"(1/ 122): " الصحابة لا فرق بين إسنادهم وإرسالهم؛ إذ الكل عدول على مذهب أهل الحق". وانظر "النكت" لابن حجر 2/ 541.
وقال ابن حجر في "هدي الساري" ص 350: " وقد اتفق المحدثون على أن مرسل الصحابي في حكم الموصول".
(5)
جامع الأصول 1/ 118 - 119
الْمَذْهَبُ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ) (1) لِاحْتِمَالِ تَلَقِّيهِمْ [ذلك](2) عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ «1» .
وَقَدْ وَقَعَ رِوَايَةُ الْأَكَابِرِ عَنْ الْأَصَاغِرِ، وَالْآبَاءِ عَنْ الْأَبْنَاءِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ -تَعَالَى-.
تَنْبِيهٌ: وَالْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ "السُّنَنِ الْكَبِيرِ" وَغَيْرِهِ يُسَمِّي مَا رَوَاهُ التَّابِعِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ "مُرْسَلًا"(3) فَإِنْ كَانَ يَذْهَبُ مَعَ هَذَا
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
«1» [شاكر] قال السيوطي في التدريب [ص 71][1]: "وفي الصحيحين من ذلك ما لا يحصى-يعني من مراسيل الصحابة -؛ لأن أكثر رواياتهم عن الصحابة، وكلهم عُدول، ورواياتهم عن غيرهم نادرة، وإذا رووها بينوها، بل أكثر ما رواه الصحابة عن التابعين ليس أحاديث مرفوعة بل إسرائيليات أو حكايات أو موقوفات وهذا هو الحق. [شاكر]
(1) ساقط من "ط"، "ب"، "ع". وانظر "جامع التحصيل" 1/ 36، و"التحبير شرح التحرير" للمرداوي 5/ 2151، و"توضيح الأفكار"1/ 266
(2)
زيادة من (غراس)
(3)
قال الدكتور نجم خلف في كتابه "الصناعة الحديثية في السنن الكبرى للبيهقي"(ص: 261): "قد ثبت أن البيهقي يسمي هذا النوع من الحديث أحيانا مرسلا، وهو بذلك لا يريد أنه في حكم المرسل من حيث الاحتجاج وهو وإن كان استعمالا ضيقا لم يتجاوز عدد مراته ثلاثا في كتابه السنن الكبرى رغم ضخامة الكتاب وسعته ولكن العلماء احتجوا عليه بسببها وناقشوه فيها" ثم ذكر كلام ابن كثير هذا
وقال السخاوي في "فتح المغيث"(1/ 190): "لو قال التابعي: عن رجل، =
_________
[1]
(1/ 234)، ط. طيبة.
إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ مُرْسَلُ الصَّحَابَةِ أَيْضًا لَيْسَ بِحُجَّةٍ (1) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
= فلا يخلو إما أن يصفه بالصحبة أم لا، فإن لم يصفه بها، فلا يكون ذلك متصلا ; لاحتمال أن يكون تابعيا آخر، بل هو مرسل على بابه.
وإن وصفه بالصحبة، فقد وقع في أماكن من السنن وغيرها للبيهقي تسميته أيضا مرسلا، ومراده مجرد التسمية، فلا يجري عليه حكم الإرسال في نفي الاحتجاج، كما صرح بذلك في القراءة خلف الإمام من " معرفته " عقب حديث رواه عن محمد بن أبي عائشة عن رجل من الصحابة ; فإنه قال: وهذا إسناد صحيح، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ثقة، فترك ذكر أسمائهم في الإسناد لا يضر، إذا لم يعارضه ما هو أصح منه. انتهى.
وبهذا القيد ونحوه يجاب عما توقف عن الاحتجاج به من ذلك، لا لكونه لم يسم ولو لم يصرح به، ويتأيد كون مثل ذلك حجة بما روى البخاري عن الحميدي قال: إذا صح الإسناد عن الثقات إلى رجل من الصحابة، فهو حجة وإن لم يسم.
وكذا قال الأثرم: قلت لأحمد: إذا قال رجل من التابعين: حدثني رجل من الصحابة ولم يسمه، فالحديث صحيح؟ قال: نعم"
(1)
قال الألباني 1/ 160: "هذا الإلزام ليس على إطلاقه لأننا لا نفهم من الكلام المنقول عنه أنه يريد أن ما رواه التابعي عن رجل من الصحابة هو مرسل صحابي بل مرسل بمعنى منقطع وهذا الانقطاع إنما هو بين التابعي والرجل من الصحابة.
هذا هو الذي يحسن أن يوجه به كلام البيهقي وقد ذكر نحوه الصيرفي في "كتاب الدلائل" كما تراه في "شرح العراقي على مقدمة علوم الحديث"(ص 58) وخلاصة ما نقله عنه- وارتضاه - أن التابعي إن قال "سمعت رجلا من الصحابة " قُبل وإن قال "عن" لم يقبل" ورأيي أن الأخير ينبغي أن يقيد بما إذا كان التابعي المعنعن معروفا بالتدليس وإلا فهو مقبول أيضا، والله أعلم".