المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الحادي عشر: المعضل - الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ط ابن الجوزي

[أحمد شاكر]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم الدكتور خالد الحايك

- ‌تقديم تحقيق "الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث

- ‌ أهمية الكتاب العلمية:

- ‌نسبة الكتاب لابن كثير:

- ‌ حَوْلَ تَسْمِيَةِ الكِتَابِ:

- ‌ الباعث على تحقيق "الباعث" تحقيقا جديدا:

- ‌ المنهج المتبع في تحقيق الكتاب والتعليق عليه:

- ‌أولا ما يخص العمل في "متن اختصار علوم الحديث" للحافظ ابن كثير:

- ‌ثانيا ما يخص شرح الشيخ العلامة أحمد شاكر:

- ‌ وصف المخطوطات

- ‌نماذج من المخطوطات

- ‌شكر خاص

- ‌مقدمات الكتاب

- ‌تقديم الكتاببقلم الأستاذ الشيخ محمد عبدالرزاق حمزة

- ‌نسبه وميلاده وشيوخه ونشأته:

- ‌مؤلفاته من كتب مطولة ورسائل مختصرة

- ‌وفاته

- ‌ذِكْرُ تَعْدَادِ أَنْوَاعِ الحَدِيثِ

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْحَدِيثُ الضَّعِيفُ

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ: الْمُسْنَدُ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسُ: الْمُتَّصِلُ

- ‌النَّوْعُ السَّادِسُ: الْمَرْفُوعُ

- ‌النَّوْعُ السَّابِعُ: الْمَوْقُوفُ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ: الْمَقْطُوعُ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ: الْمُرْسَلُ

- ‌النَّوعُ العَاشِرُ: المُنقَطِعُ

- ‌النَّوْعُ الْحَادِي عَشَرَ: الْمُعْضَلُ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِيَ عَشَرَ: [الْمُدَلِّسُ]

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الشَّاذُّ

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعَ عَشَرَ: الْمُنْكَرُ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسَ عَشَرَفِي الِاعْتِبَارَاتِ وَالْمُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ

- ‌النَّوْعُ السَّادِسَ عَشَرَ:فِي الْأَفْرَادِ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعَ عَشَرَ:الْمُضْطَرِبُ

- ‌النَّوْعُ الْعِشْرُونَ:مَعْرِفَةُ الْمُدْرَجِ

- ‌النَّوْعُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ:مَعْرِفَةُ الْمَوْضُوعِ الْمُخْتَلَقِ الْمَصْنُوعِ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: الْمَقْلُوبُ

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَكَيْفِيَّةُ سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَتَحَمُّلِهِ وَضَبْطِهِ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَكِتَابَةُ الْحَدِيثِ وَضَبْطُهُ وَتَقْيِيدُهُ

- ‌النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَفي صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَفي آدَابُ طَالِبِ الْحَدِيثِ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَمَعْرِفَةُ الْإِسْنَادِ الْعَالِي وَالنَّازِلِ

- ‌النَّوْعُ الثَّلَاثُونَمَعْرِفَةُ الْمَشْهُور

- ‌النَّوْعُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَمَعْرِفَةُ الْغَرِيبِ والْعَزِيزِ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَمَعْرِفَةُ غَرِيبِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَمَعْرِفَةُ الْمُسَلْسَلِ

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَمَعْرِفَةُ نَاسِخِ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخِهِ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَمَعْرِفَةُ ضَبْطِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ مَتْنًا وَإِسْنَادًاوَالِاحْتِرَازُ مِنْ التَّصْحِيفِ فِيهَما

- ‌النَّوْعُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَمَعْرِفَةُ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ

- ‌النَّوْعُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَمَعْرِفَةُ الْمَزِيدِ فِي الْأَسَانِيدِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَمَعْرِفَةُ الْخَفِيِّ مِنَ الْمَرَاسِيلِ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَمَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ

- ‌النَّوْعُ الْمُوفِي أَرْبَعِينَمَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَمَعْرِفَةُ الْمُدَبَّجِ

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَمَعْرِفَةُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الرُّوَاةِ

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَمَعْرِفَةُ رِوَايَةِ الْآبَاءِ عَنْ الْأَبْنَاءِ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَرِوَايَةُ الْأَبْنَاءِ عَنْ الْآبَاءِ

- ‌النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَمَعْرِفَةُ رِوَايَةِ السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ

- ‌النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَمَعْرِفَةُ مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ مِنْ صَحَابِيٍّ وَتَابِعِيٍّ وَغَيْرِهِمْ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَمَعْرِفَةُ مَنْ لَهُ أَسْمَاءٌ مُتَعَدِّدَةٌ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَمَعْرِفَةُ الْأَسْمَاءِ الْمُفْرَدَةِ وَالْكُنَى الَّتِي لَا يَكُونُ مِنْهَا فِي كُلِّ حَرْفٍ سِوَاهُ

- ‌النَّوْعُ الْمُوفِي خَمْسِينَ:مَعْرِفَةُ الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى

- ‌النَّوْعُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ:مَعْرِفَةُ مَنْ اُشْتُهِرَ بِالِاسْمِ دُونَ الْكُنْيَةِ

- ‌النَّوعُ الثَّانِي وَالخَمسُونَ:مَعرِفَةُ الأَلقَابِ

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ:مَعْرِفَةُ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ في الْأَسْمَاءِ وَالْأَنْسَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ:مَعْرِفَةُ الْمُتَّفِقِ وَالْمُفْتَرِقِ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَنْسَابِ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ:نَوْعٌ يَتَرَكَّبُ مِنْ النَّوْعَيْنِ قَبْلَهُ

- ‌النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ:فِي صِنْفٍ آخَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ

- ‌النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَمَعْرِفَةُ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى غَيْرِ آبَائِهِمْ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَفِي النِّسَبِ الَّتِي عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهَا

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَفِي مَعْرِفَةِ الْمُبْهَمَاتِ مِنْ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ

- ‌النَّوْعُ الْمُوفِي السِّتِّينَمَعْرِفَةُ وَفَيَاتِ الرُّوَاةِ وَمَوَالِيدِهِمْ وَمِقْدَارِ أَعْمَارِهِمْ

- ‌النَّوعُ الحَادِي وَالسِّتُّونَفي مَعرِفَةُ الثِّقَات وَالضُّعَفَاءِ مِن الرُّوَاةِ وَغَيرِهِم

- ‌النَّوعُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَفي مَعرِفَةُ مَن اِختَلَطَ فِي آخِرِ عُمرِهِ

- ‌النَّوعُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَمَعرِفَةُ الطَّبَقَاتِ

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَفي مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي مِنْ الرُّوَاةِ وَالْعُلَمَاءِ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ:مَعْرِفَةُ أَوْطَانِ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانِهِمْ

الفصل: ‌النوع الحادي عشر: المعضل

‌النَّوْعُ الْحَادِي عَشَرَ: الْمُعْضَلُ

(1)

وَهُو (2) مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ اِثْنَانِ فَصَاعِدًا (3)، وَمِنْهُ مَا يُرْسِلُهُ تَابِعُ التَّابِعِيِّ.

قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ (4): "وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ سَمَّاهُ الْخَطِيبُ فِي بَعْضِ مُصَنَّفَاتِهِ (5) "مُرْسَلًا" وَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُسَمِّي كُلَّ مَا لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ "مُرْسَلًا".

قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ (6): وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَال: "وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا; فَيَقُولُ لَا، فَيُخْتَمُ عَلَى

(1) انظر: "معرفة علوم الحديث" للحاكم ص 36، و"الكفاية"1/ 96، و"مقدمة ابن الصلاح" ص 216، و "النكت" للزركشي 2/ 14، و"التقييد والإيضاح"ص 81، و"الشذا الفياح" 1/ 159، و"النكت لابن حجر" 2/ 575، و"فتح المغيث" 1/ 276، و"تدريب الراوي" 1/ 240.

(2)

في "ط": قال ابن الصلاح: وهو ......

(3)

انظر"المقدمة" ص 216.

(4)

ساقط من "ط"، المقدمة ص 218

(5)

هكذا هي في جميع النسخ المعتمدة لدينا، وفي المقدمة ص 218 (في بعض كلامه

).

(6)

المقدمة ص 219.

ص: 140

فِيه (1)

الْحَدِيثَ". قَالَ: فَقَدْ أَعْضَلَهُ الْأَعْمَشُ; لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ يَرْوِيهِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ -صلي الله عليه وسلم- قَالَ: فَقَدْ أَسْقَطَ مِنْهُ الْأَعْمَشُ أَنَسًا وَالنَّبِيَّ -صلي الله عليه وسلم- فَنَاسَبَ أَنْ يُسَمَّى مُعْضَلًا.

قَالَ: وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُطْلِقَ عَلَى الْإِسْنَادِ المُعَنْعَنِ اِسْمَ "الْإِرْسَالِ" أَوْ "الِانْقِطَاعِ".

قَالَ: وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ مَحْمُولٌ عَلَى السَّمَاعِ، إِذَا تَعَاصَرُوا، مَعَ الْبَرَاءَةِ مِنْ وَصْمَةِ التَّدْلِيسِ.

(وَقَدْ اِدَّعَى)(2) الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ الْمُقْرِئُ (3) إِجْمَاعَ أَهْلِ النَّقْلِ عَلَى ذَلِكَ، وَكَادَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ أَيْضًا) «1» .

‌______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______

«1» [شاكر] وقوله " وكاد ابنُ عبد البر

الخ" قال العراقي [1]: " ولا حاجة إلى قوله وكاد، فقد ادعاه فقال في مقدمة التمهيد [2] اعلم وفقك الله أنى تأملت أقاويل أئمة الحديث ونظرت في كتب من اشترط الصحيح في النقل منهم. ومن لم يشترطه فوجدتهم أجمعوا على قبول الإسناد المعنعن لا خلاف بينهم في ذلك إذا جمع شروطا ثلاثة وهى عدالةُ المحدثين ولقاءُ بعضهِم بعضاً مجالسةً ومشاهدةً وأن يكونوا برآء من التدليس ثم قال وهو قول مالك وعامة أهل العلم. [شاكر][3].

(1) انظر تدريب الراوي 1/ 243 وقال: "ووصله فضيل بن عمرو عن الشعبي عن أنس قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم

"

(2)

في "ط": وقال ادعي.

(3)

جزء لأبي عمرو الداني في علوم الحديث ص 18 - 19 "طبعة التوعية الإسلامية"

_________

[1]

" التقييد والإيضاح"(1/ 83)

[2]

"التمهيد"(1/ 12).

[3]

قال الألباني 1/ 169: الذي ادعاه ابن عبد البر الإجماع على قبول الإسناد المعنعن بشروط =

ص: 141

(قُلْتُ): وَهَذَا هُوَ الَّذِي اِعْتَمَدَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَشَنَّعَ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى مَنْ يَشْتَرِطُ مَعَ الْمُعَاصَرَةِ اللُّقْيَ، حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ يُرِيدُ الْبُخَارِيَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ، فَإِنَّهُ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فِي أَصْلِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ، وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِطُهُ فِي أَصْلِ الصِّحَّةِ، وَلَكِنْ اِلْتَزَمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ "الصَّحِيحِ"(1)(2).

(1) راجع النكت لابن حجر 2/ 595 قال: " ادعى بعضهم أن البخاري إنما التزم ذلك في جامعه لا في أصل الصحة، وأخطأ في هذه الدعوى، بل هذا شرط في أصل الصحة عند البخاري، فقد أكثر من تعليل الأحاديث في تاريخه بمجرد ذلك."

(2)

قال د. خالدُ الحَايك حفظهُ الله: " أَرَى أنَّهُ لم يَقصد لا البخاريَ ولا ابنَ المدينيِّ، وإنما قَصَدَ مجموعة من طلبة الحديثِ قد تنطَّعوا من عدمِ قبولِ الحديثِ إلا بأن يَثْبُتَ لهُم السَّماعَ من كل طريقٍ". قلنا: وانْظُر "إجماعَ المحدثينِ" لحاتِم العوني.

_________

= ثلاثة: أحدها لقاء بعضهم بعضا وهذا الشرط ليس في التعريف الذي ادعى الداني الإجماع عليه وقال المؤلف عقبه "وكاد ابن عبد البر أن يدعي ذلك أيضا"

فظهر أن تعبير ابن الصلاح دقيق وأن اعتراض العراقي عليه غير وارد".اهـ

مسألة:

قد يقال في اشتراط البراءة من التدليس غِنَىً عن الشرط الثاني لأنه إذا كان بريئا من التدليس فلن يروي إلا عمن سمع منه فعلا.

والجواب أنه إنما اشترط انتفاء التدليس وشَرطَ ثبوت اللقاء كذلك؛ لأن الراوي العدل الثقة الذي لا يُدلس قد يُرسل عمن لم يسمع منه، عاصره أم لم يعاصره، وهو ما يسميه العلماء بالإرسال الخفي.

يؤيد هذا ما قاله الحافظ بن حجر "النكت"2/ 596 في كلامه على مذهب البخاري واشتراطه ثبوت اللقاء قال: "والحامل للبخاري على اشتراط ذلك تجويز أهل ذلك العصر للإرسال فلو لم يكن مدلسا، وحدث عن بعض من عاصره لم يدل ذلك على أنه سمع منه، لأنه وإن كان غير مدلس، فقد يحتمل أن يكون أرسل عنه لشيوع الإرسال بينهم، فاشترط أن يثبت أنه لقيه وسمع منه ليحمل ما يرويه عنه بالعنعنة على السماع، لأنه لو لم يحمل على السماع لكان مدلَّسَاً والغرضُ السَّلامةُ من التدليس".

ص: 142

وَقَدْ اِشْتَرَطَ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ مَعَ اللِّقَاءِ طُولَ الصَّحَابَةِ «1» (1).

وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ (2): "إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ قُبِلَتْ الْعَنْعَنَةُ".

وَقَالَ الْقَابِسِيُّ (3): "إِنْ أَدْرَكَهُ إِدْرَاكًا بَيِّنًا"(4).

وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِيمَا إِذَا قَالَ الرَّاوِي "إِنَّ فُلَانًا قَالَ" هَلْ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ "عَنْ فُلَانٍ"، فَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الِاتِّصَالِ، حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ؟ أَوْ يَكُونَ قَوْلُهُ "إِنَّ فُلَانًا قَالَ" دُونَ قَوْلِهِ "عَنْ فُلَانٍ"؟ كَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَرْدِيجِيُّ، فَجَعَلُوا

‌______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______

«1» [شاكر]" الصحابة " بفتح الصاد وقد تكسر أيضا: مصدر " صحبه يصحبه "[شاكر]

(1) انظر شرح علل الترمذي 1/ 365

(2)

انظر رسالة أبي عمرو الداني في علوم الحديث ص 20

(3)

الإمام الحافظ الفقيه، العلامة عالم المغرب، أبو الحسن علي ابن محمد بن خلف المعافري القروي القابسي المالكي، صاحب " الملخِّص "، وكان عارفا بالعلل والرجال، والفقه والاصول والكلام، مصنفا يقظا دينا تقيا، وكان ضريرا، وهو من أصح العلماء كتبا، كتب له ثقات أصحابه، وتوفي سنة ثلاث وأربع مائة" [السير 17/ 158].

(4)

انظر شرح النووي على مسلم 1/ 169 ط. المكتب الثقافي، و "الغاية شرح الهداية" للسخاوي ص 137، و "توجيه النظر" 1/ 189

ص: 143

"عَنْ" صِيغَةَ اِتِّصَالٍ، وَقَوْلُهُ "إِنَّ فُلَانًا قَالَ كَذَا" فِي حُكْمِ الِانْقِطَاعِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ (1) وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي كَوْنِهِمَا مُتَّصِلَيْنِ، قَالَهُ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (2). وَمِمَّنْ (نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ)(3)(4).

وَقَدْ حَكَى اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (5) الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَادَ الْمُتَّصِلَ (بِالصَّحَابِيِّ، سَوَاءٌ فِيهِ أَنْ يَقُولَ)(6)"عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم"، أَوْ "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" أَوْ "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".

وَبَحَثَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو (7) هَهُنَا فيمَا «1» إِذَا أَسْنَدَ الرَّاوِي مَا أَرْسَلَهُ غَيْرُهُ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَدَحَ فِي (8) عَدَالَتِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، إِذَا كَانَ الْمُخَالِفُ لَهُ أَحْفَظَ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ عَدَدًا، وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ بِالْكَثْرَةِ أَوْ الْحِفْظِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَ الْمُسْنَدَ مُطْلَقًا، إِذَا كَانَ عَدْلًا ضَابِطًا وَصَحَّحَهُ الْخَطِيبُ وَابْنُ الصَّلَاحِ، وَعَزَاهُ إِلَى الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ، وَحُكِيَ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ «2» (9).

‌______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______

«1» [شاكر] في "الأصل": "ما". [شاكر]

«2» [شاكر] وهو الحق الذي لا مرية فيه لأن زيادة الثقة دليل على أنه حفظ =

(1) انظر الكفاية 2/ 484، وشرح علل الترمذي 1/ 377 - 382

(2)

التمهيد 1/ 26

(3)

مطموس في "ب"، ساقط من "ع".

(4)

انظر الكفاية 2/ 484 وفيه: " عن أحمد بن حنبل قال كان مالك زعموا يرى عن فلان وأن فلانا سواء"

(5)

التمهيد 1/ 26

(6)

مطموس في "ب".

(7)

المقدمة ص 228.

(8)

في "ب": إلي.

(9)

انظر السنن الكبرى للبيهقي (13993)، والكفاية 2/ 503 "باب القول فيما روى من الأخبار مرسلا ومتصلا هل يثبت ويجب العمل به أم لا"

ص: 144