الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ
في آدَابُ طَالِبِ الْحَدِيثِ
(1)
يَنْبَغِي لَهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْه إِخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ عز وجل فِيمَا يُحَاوِلُهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكُنْ قَصْدُهُ عَرَضًا (2) مِنَ الدُّنْيَا فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْمُقدماتِ (3) الزَّجْرِ الشَّدِيدِ وَالتَّهْدِيدِ الْأَكِيدِ عَلَى ذَلِكَ.
وَلْيُبَادِرْ إِلَى سَمَاعِ الْعَالِي فِي بَلَدِه فَإِذَا اِسْتَوْعَبَ ذَلِكَ اِنْتَقَلَ إِلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْه أَوْ إِلَى أَعْلَى مَا يُوجَدُ فِي الْبُلْدَان وَهُوَ الرِّحْلَةُ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْمُقدمات (4) مَشْرُوعِيَّةَ ذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ-: إِنَّ اللَّهَ لَيَدْفَعُ الْبَلَاءَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِرِحْلَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ (5).
(1) انظر المحدث الفاصل ص 201، والمقدمة ص 428، والشذا الفياح 1/ 400، والتقييد والإيضاح ص 250، وفتح المغيث 3/ 279، والتدريب 2/ 583
(2)
في "ط": غرضا.
(3)
كذا في الأصل، وفي باقي المخطوطات: المهمات.
(4)
كذا في الأصل، وفي باقي المخطوطات: المهمات.
(5)
أخرجه الخطيب في شرف أصحاب الحديث رقم (114)، وفي"الرحلة في طلب الحديث" رقم (15).
قَالُوا: وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَا يُمْكِنُهُ مِنْ فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ الْوَارِدَةِ فِي الْأَحَادِيثِ.
كان بشر بن الحارث الحافي يقول: يا أصحاب الحديث أدوا زكاة الحديث، من كل مائتي حديث خمسة أحاديث (1).
وقال عمرو بن قيس الْمُلَائِيِّ: إذا بلغك شيء من الخير (2) فاعمل به (ولو مرة، تكن من أهله (3).
قال وكيع: إذا أردت حفظ الحديث فاعمل به (4).) (5)
قالوا: ولا يطول على الشيخ في السماع حتى يضجره.
قال الزهري: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب (6).
وليُفد غيره من الطلبة، ولا يكتم شيئا من العلم، فقد جاء الزجر عن ذلك «1». قالوا: ولا يستنكف أن يكتب عمن هو دونه في الرواية والدراية.
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
«1» [شاكر] تبليغ العلم واجب ولا يجوز كتمانه، ولكنهم خصصوا ذلك =
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية 8/ 336، والخطيب في جامعه 1/ 144 برقم 181.
(2)
في "ط"، "ع"، "ب": الخبر.
(3)
انظر الجامع للخطيب 1/ 144 برقم 182.
(4)
انظر جامع بيان العلم وفضله 2/ 259 طبعة الريان، وأخرجه الخطيب في الجامع (2/ 258) عن وكيع عن إبراهيم بن مجمع بن جارية بلفظ " كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به"، وانظر المقدمة ص 430.
(5)
ساقط من "ط".
(6)
أخرجه الخطيب في الجامع 2/ 128، وأبو نعيم في الحلية 3/ 366 ط. دار الكتب العلمية، وابن عساكر في تاريخ دمشق 5/ 365 ط. الفكر.
قال وكيع: لا ينبُل الرجل (حتى)(1) يكتب عمن هو فوقه، ومن هو مثله، ومن هو دونه (2).
قال ابن الصلاح (3): وليس بموفق من ضيع شيئاً من وقته في الاستكثار من الشيوخ، لمجرد الكثرة وصيتها.
قال: وليس من ذلك قول أبي حاتم الرازي (4): إذا كتبت فَقمِشّ، وإذا حدثت ففتش (5)«1» .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= بأهله، وأجازوا كتمانه عمن لا يكون مستعدا لأخذه، وعمن يصر على الخطأ بعد إخباره بالصواب. سئُل بعض العلماء عن شيء (من) العلم؟ فلم يجب، فقال السائل: أما سمعت حديث: (من علِمَ علماً فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار)؟
فقال: "اترك اللجام واذهب! فإن جاء من يفقه وكتمته فليلجمني به"[1].
وقال بعضهم: "تصفح طلاب علمك، كما تتصفح طلاب حرمك"[2]. [شاكر]
«1» [شاكر] القمش: جمع الشيء من هنا ومن هنا. قال العراقي: "كأنه أراد: اكتب الفائدة ممن سمعتها ولا تؤخرها حتى تنظر هل هو أهل للأخذ عنه أم لا؟ فربما فات ذلك بموته أو سفره أو غير ذلك. فإذا كان وقت الرواية أو العمل ففتش حينئذ". [شاكر]
(1) في الأصل "عن أن".
(2)
أخرجه الخطيب في جامعه 2/ 216 برقم 1654 بلفظ: " لا يكون الرجل عالما حتى يسمع ممن هو أسن منه وممن هو دونه وممن هو مثله"وانظر المقدمة ص 431
(3)
المقدمة ص 431.
(4)
أخرجه الخطيب في الجامع 2/ 220.
(5)
في "ع": ففنش
_________
[1]
انظر إحياء علوم الدين 1/ 58
[2]
انظر نثر الدر لأبي سعد منصور بن الحسين الآبي 4/ 147
قال ابن الصلاح (1): ثم لا ينبغي لطالب الحديث أن يقتصر على مجرد سماعه وكتبه، من غير فهمه ومعرفته، فيكون قد أتعب نفسه، ولم يظفر بطائل.
ثم حث على سماع الكتب المفيدة من المسانيد والسنن وغيرها «1» .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
«1» [شاكر] ينبغي للطالب أن يقدم الاعتناء بالصحيحين. ثم بالسنن، كسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان، والسنن الكبرى للبيهقي وهو أكبر كتاب في أحاديث الأحكام، ولم يصنف في باب مثله، ثم بالمسانيد وأهمها مسند أحمد بن حنبل، ثم بالكتب الجامعة المؤلفة في الأحكام، وأهمها موطأ مالك، ثم كتب ابن جريج، وابن أبي عروبة، وسعيد بن منصور، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، ثم كتب العلل، ثم يشتغل بكتب رجال الحديث وتراجمهم وأحوالهم، ثم يقرأ كثيرا من كتب التاريخ وغيرها [1][شاكر].
(1) المقدمة ص 432
_________
[1]
انظر المقدمة ص 432