الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الشَّاذُّ
(1)
قَالَ الشَّافِعِيُّ (2): وَهُوَ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ حَدِيثًا يُخَالِفُ مَا رَوَى النَّاسُ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْوِيَ مَا لَمْ يَرْوِ غَيْرُهُ.
وَقَدْ حَكَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ الحجازي الْقَزْوِينِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ أَيْضًا، قَالَ (3): وَالَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّاذَّ مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ يَشِذُّ بِهِ ثِقَةٌ أَوْ غَيْرُ ثِقَةٍ فَيُتَوَقَّفُ فِيمَا شَذَّ بِهِ الثِّقَةُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَيُرَدُّ مَا شَذَّ بِهِ غَيْرُ الثِّقَةِ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ النَّيْسَابُورِيُّ (4): هُوَ الَّذِي يَنْفَرِدُ بِهِ الثِّقَةُ وَلَيْسَ لَهُ مُتَابِعٌ.
(1) انظر: "معرفة علوم الحديث" للحاكم ص 119، و"مقدمة ابن الصلاح" ص 237، و"شرح علل الترمذي" 1/ 448، و"النكت" للزركشي 2/ 113، و"التقييد والإيضاح" ص 100، و"الشذا الفياح" 1/ 180، و"النكت لابن حجر" 2/ 652، و"فتح المغيث" 2/ 5، و"تدريب الراوي"1/ 267، "أسباب اختلاف المحدثين"1/ 369 - 376، و"تحرير علوم الحديث "2/ 1018
(2)
انظر"آداب الشافعي ومناقبه"لابن أبي حاتم (ص 233، 234)، وكذلك "معرفة علوم الحديث للحاكم" ص 119.
(3)
الإرشاد ص 13 ط. دار الفكر
(4)
معرفة علوم الحديث ص 119، وانظر "الجواهر السليمانية شرح المنظومة البيقونية" ص 298 فإنه مهم لكلام الحاكم.
قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ (1): وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا حَدِيثُ "الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"(2) فَإِنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ وَعَنْهُ عَلْقَمَةُ وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ.
(قُلْتُ): ثُمَّ تَوَاتَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا فَيُقَالُ إِنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْنِ وَقِيلَ: أَزْيَدُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ اِبْنُ مَنْدَهْ مُتَابَعَاتٍ غَرَائِبَ وَلَا يصِحُّ كَمَا بَسَطْنَاهُ فِي مُسْنَدِ عُمَرَ وَفِي الْأَحْكَامِ الْكَبِير «1» .
قَالَ: وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ"(3).
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
«1» [شاكر] ومن هذا يُعرف خطأ من زعم أن حديث " الأعمال بالنيات " متواتر، وقد حكى لنا هذا ثقات من شيوخنا عن عالم كبير لم ندرك الرواية عنه. وزعم غيره أنه حديث مشهور. وكلا القولين خطأ، بل هو حديث فرد غريب صحيح. ولذلك قال الحافظ أبو بكر البزار بعد تخريجه - فيما نقله عنه العراقي (ص 85) [1]:" لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عمر ولا عن عمر إلا من حديث علقمة ولا من علقمة إلا من حديث محمد بن إبراهيم ولا عن محمد بن إبراهيم إلا من حديث يحيى بن سعيد ". [شاكر]
(1) المقدمة ص 237
(2)
متفق عليه أخرجه البخاري (1)، (2529)، (3898)، (5070)، (6689)، (6953)، ومسلم (1907)
(3)
أخرجه البخاري (2535)، ومسلم (1506)"وقال الناس كلهم عيال على عبدالله بن دينار في هذا الحديث".
_________
[1]
" التقييد (ص 103)
وَتَفَرَّدَ مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ"(1).
وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فَقَطْ.
وَقَدْ قَالَ مُسْلِمٌ (2): لِلزُّهْرِيِّ (تِسْعُونَ حَرْفًا لَا يَرْوِيهَا غَيْرُهُ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُسْلِمٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ)(3) مِنْ تَفَرُّدِهِ بِأَشْيَاءَ لَا يَرْوِيهَا غَيْرُهُ يُشَارِكُهُ فِي نَظِيرِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الرُّوَاةِ.
فَإِذَاً الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَوَّلًا هُوَ الصَّوَابُ أَنَّهُ إِذَا رَوَى الثِّقَةُ شَيْئًا قَدْ خَالَفَهُ فِيهِ النَّاسُ فَهُوَ الشَّاذُّ يَعْنِي الْمَرْدُودَ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ مَا لَمْ يَرْوِ غَيْرُهُ بَلْ هُوَ مَقْبُولٌ إِذَا كَانَ عَدْلًا ضَابِطًا حَافِظًا.
فَإِنَّ هَذَا لَوْ رُدَّ لَرُدَّتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْ هَذَا النَّمَطِ وَتَعَطَّلَتْ كَثِيرٌ مِنَ الْمَسَائِلِ عَنْ الدَّلَائِلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِهِ غَيْرَ حَافِظٍ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ عَدْلٌ ضَابِطٌ فَحَدِيثُهُ حَسَنٌ فَإِنْ فَقَدَ ذَلِكَ فَمَرْدُودٌ «1» وَاللَّهُ أَعْلَمُ)(4).
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
«1» [شاكر] ويسمى "منكرا"، وهو الذي يأتي في النوع التالي لهذا [شاكر]
(1) أخرجه مالك في الموطأ (1599)، والبخاري (1846)
(2)
انظر مسلم 2/ 82 رقم (1647).
(3)
ساقط من "ط"، "ع".
(4)
ساقط من "ط"، "ب"، "ع".