الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْعُ السَّادِسَ عَشَرَ:
فِي الْأَفْرَادِ
(1)
وَهُوَ أَقْسَامٌ تَارَةً يَنْفَرِدُ بِهِ الرَّاوِي عَنْ شَيْخِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ، أَوْ يَنْفَرِدُ بِهِ أَهْلُ (قُطْرٍ، كَمَا يُقَالُ)"تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الشَّامِ" أَوْ "الْعِرَاقِ" أَوْ "الْحِجَازِ" أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَقَدْ يَتَفَرَّدُ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَيَجْتَمِعُ فِيهِ (الْوَصْفَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.)
وَلِلْحَافِظِ الدَّارَقُطْنِيِّ كِتَابٌ فِي الْأَفْرَادِ فِي مِائَةِ جُزْءٍ، وَلَمْ يُسْبَقْ إِلَى نَظِيرِهِ (وَقَدْ جَمَعَهُ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ)(2) فِي أَطْرَافٍ رَتَّبَهُ فِيهَا (3).
(1) انظر: "معرفة علوم الحديث" للحاكم ص 96، و"مقدمة ابن الصلاح" ص 257، و"النكت" للزركشي 2/ 198، و"التقييد والإيضاح" ص 115، و"الشذا الفياح" 1/ 199، و"النكت لابن حجر" 2/ 703، و"فتح المغيث" 2/ 38، و"تدريب الراوي" 1/ 290.
(2)
كل ما بين القوسين مطموس في "ب".
(3)
قال د. خالد الحايك -حفظَهُ اللهُ- "كتابُ الدارَقُطنِي" مَفقُودٌ، والمطبوعُ أطرافُهُ لمحمدِ بنِ طاهر المَقْدِسِي، قد اختَصَرَهُ فَذَكَر مَدارَ الأسانيدِ المُتَفَرِّدِ بها، ونَقَلَ أقوالَ الدَّارقُطني في ذلك، فَحَفِظَ لنا أقوالَ الدراقطني، وعند التخرِيجِ مِن كتاب الدارقطني نقولُ:"أخرجَهُ الدارقطني في الغَرائِب والأفرادِ، كما في أطرافِهِ (ج/ ص) ".
النَّوعُ السَّابِعَ عَشَرَ (1):
فِي زِيَادَةِ الثِّقَةِ (2)
(إِذَا تَفَرَّدَ الرَّاوِي بِزِيَادَةٍ فِي)(3) الحَدِيثِ عَن بَقِيَّةِ الرُّوَاةِ عَن شَيخٍ لَهُم، وَهَذَا الَّذِي يُعَبَّرُ عَنهُ بِزِيَادَةِ الثِّقَةِ، فَهَل هِيَ مَقبُولَةٌ أَم لَا؟ .
فِيهِ خِلَافٌ مَشهُورٌ فَحَكَى الخَطِيبُ عَن أَكثَرِ الفُقَهَاءِ قَبُولَهَا، وَرَدَّهَا أَكثَرُ المُحَدِّثِينَ.
وَمِن (4) النَّاسِ مَن قَالَ: إِن اِتَّحَدَ مَجلِسُ السَّمَاعِ لَم تُقبَل، وَإِن تَعَدَّدَ قُبِلَت.
(1) انظر: "معرفة علوم الحديث" للحاكم ص 130، و"الكفاية" 2/ 538، و"مقدمة ابن الصلاح" ص 250، و"شرح علل الترمذي" 1/ 418، و"النكت" للزركشي 1/ 174، و"التقييد والإيضاح" ص 111، و"الشذا الفياح" 1/ 192، و"النكت لابن حجر" 2/ 686، و"فتح المغيث" 2/ 28، و"تدريب الراوي" 1/ 285، و"إتحاف النبيل"2/ 163 - 189، و "أسباب اختلاف المحدثين" 1/ 343 - 367"، ومقدمة "الإلزامات والتتبع" تحقيق الشيخ مقبل بن هادي، وبحث "زيادة الثقة في كتب المصطلح" للمليباري فهو مهم، و"سمط اللآلي" للحويني ص 121 - 130
(2)
قال ابن رجب 1/ 425 "مسألة زيادة الثقة التي نتكلم فيها هاهنا فصورتها أن يروي جماعة حديثاً واحداً بإسناد واحد ومتن واحد، فيزيد بعض الرواة فيه زيادة لم يذكرها بقية الرواة"
(3)
مطموس في "ب".
(4)
في "ط": ومن المحدثين الناس.
ومنهم من قال: تُقبل الزيادة إذا كانت من غير الراوي، بخلاف ما إذا نشط فرواها تارة وأسقطها أخرى «1» .
ومنهم من قال: إن كانت مخالفة في الحكم لما (1) رواه الباقون لم تُقبل، وإلا قُبلت، كما لو تفرد بالحديث كلِّهِ، فإنه يُقبل تفرده به إذا كان ثقة ضابطاً أو حافظاً. وقد حكى الخطيبُ على ذلك الإجماع (2).
وقد مثَّل الشيخ أبو عمرو (3) زيادة الثقة بحديث مالك عن نافع عن ابن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان، على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى، من المسلمين ". فقوله: " من المسلمين ": من زيادات مالك عن نافع.
وقد زعم الترمذي (4)«2» أن مالكاً تفرد بها، وسكت أبو عمرو
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
«1» [شاكر] أي أن هذا القائل يرى قبول الزيادة من غير الراوي، وأما من نفس الراوي فلايقبلها. وهو قول غير جيد. [شاكر].
«2» [شاكر] ذكره الترمذي في (العلل) التي في آخر الجامع [5/ 749] فقال: ورُب حديث إنما يستغرب لزيادة تكون في الحديث، وإنما يصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه مثل ما روى مالك ابن أنس - فذكر الحديث - ثم قال: وزاد مالك في هذا الحديث "من المسلمين"، وروى أيوب وعبيد الله بن عمر وغير واحد من الأئمة هذاالحديث عن نافع عن ابن عمر ولم يذكروا فيه "من المسلمين". وقد روى بعضهم عن نافع مثل رواية مالك ممن لا يعتمد على حفظه. انتهى كلام الترمذي.
ذكره العراقي في شرحه على المقدمة مدافعا عن الترمذي أنه لم يذكر التفرد =
(1) في "ب": كما.
(2)
الكفاية 2/ 539
(3)
المقدمة ص 252
(4)
السنن (676)
على ذلك. ولم يتفرد بها مالك. فقد رواها مسلم (1) من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع، (كما رواها مالك، وكذلك رواها البخاري وأبو داود والنسائي (2) من طريق عمر بن نافع) (3) عن أبيه، كمالك.
قال (4): ومن أمثلة ذلك حديث: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ". تفرد أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي بزيادة " وتربتها طهوراً " عن ربعي بن حراش «1» عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه مسلم وابن خُزيمة وأبو عوانة الاسفرائيني في صحاحهم من حديثه (5).
وذكر (6) أن الخلاف في الوصل والإرسال، كالخلاف في قبول زيادة الثقة (7)«2»
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= مطلقا عن مالك، وإنما قيده بتفرد الحافظ كمالك، إلى آخر ما أطال به. (ص 93 - 94). [شاكر][1]
«1» [شاكر]" رِبْعِي ": بكسر الراء وإسكان الباء الموحدة وكثر العين المهملة وتشديد الياء المثناة. و "حِراش": بكثر الحاء المهملة وتخفيف الراء وآخره شين معجمة. [شاكر]
«2» [شاكر] هذا باب دقيق من أبواب التعارض والترجيح بين الأدلة، وهو =
(1) برقم (984)
(2)
البخاري (1053)، أبو داود (1614)، النسائي (5/ 48)
(3)
ساقط من "ب".
(4)
المقدمة ص 254
(5)
مسلم (522)، وابن خُزيمة (264)، وأبو عوانة (874).
(6)
المقدمة ص 255
(7)
مسألة زيادة الثقة من المسائل التي كثر الخوض فيها وخلاصة قول =
_________
[1]
انظر شرح علل الترمذي (1/ 418 - 421) فهو مهم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= من البحوث الهامة عند المحدثين والفقهاء والأصوليين. فإذا روى العدل الثقة حديثا وزاد فيه زيادة لم يروها غيره من العدول الذين رووا نفس الحديث، أو رواه الثقة العدل نفسه مرة ناقصاً ومرة زائداً -: فالقول الصحيح الراجح: أن الزيادة مقبولة، سواء أوقعت ممن رواه ناقصا أم من غيره، وسواء أتعلق به حكم شرعي أم لا، وسواء غيرت الحكم الثابت أم لا، وسواء أوجبت نقد أحكام ثبتت بخبر ليست هي فيه أم لا؟ وهذا هو مذهب الجمهور من الفقهاء والمحدثين، وادعى ابن طاهر الاتفاق على هذا القول .. وقد عقد الإمام الحجة أبو محمد علي ابن حزم في هذه المسألة فصلا هاماً بالأدلة الدقيقة في كتابه (الإحكام فى الأصول) (ج 2 ص 90 - 96) ومما قال فيه:" إذا روى العدل زيادة على ما روى غيره، فسواء انفرد بها أو شاركه فيها غيره، مثله أو دونه أو فوقه، فالأخذ بتلك الزيادة فرض، ومن خالفنا في ذلك فإنه يتناقض أقبح تناقض، فيأخذ بحديث رواه واحد ويضيفه إلى ظاهر القرآن - الذي نقله أهل الدنيا كلهم- أو يخصه به، وهم بلا شك أكثر من رواة الخبر الذي زاد عليهم حكما آخر لم يروه غيره، وفي هذا التناقض من القبح ما لا يستجيزه ذو فهم وذو ورع" ثم قال: " ولا فرق بين أن يروي الراوي العدل حديثا فلا يرويه أحد غيره، أو يرويه غيره مرسلا، أو يرويه ضعفاء، وبين أن يروي الراوي العدل لفظة زائدة لم =
= المحدثين النقاد فيها هو ما قاله ابن حجر في نزهته ص 96: "المنقولُ عن أئمة الحديث المتقدمين: كعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطانِ، وأحمدَ بنِ حنبل، ويحيى بن معين، وعليّ بن المدِيني، والبُخَارِيّ، وأبي زُرعَة، وأبي حاتم، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم، اعتبارُ الترجيح فيما يتعلقُ بالزيادة وغيرها، ولا يُعرَفُ عن أحدٍ منهم إطلاقُ قبولِ الزيادةِ".
وقال الإمام مسلم [التمييز ص 129] ط "ابن الجوزي": " والزيادة في الأخبار لا تلزم إلا عن الحفاظ الذين لم يُعثر عليهم الوهم في حفظهم".
النَّوعُ الثَّامِنَ عَشَرَ:
(1)
المُعَلَّلُ مِنَ الحَدِيثِ (2)
وَهُوَ فَنٌّ خَفِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِن عُلَمَاءِ الحَدِيثِ، حَتَّى قَالَ بَعضُ
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= يروها غيره من رواة الحديث، وكل ذلك سواء، واجب قبوله، بالبرهان الذي قدمناه في وجوب قبول خبر الواحد العدل الحافظ. وهذه الزيادة وهذا الإسناد هما خبر واحد عدل حافظ، ففرض قبوله لهما؛ ولا نبالي روى مثل ذلك غيره أو لم يروه سواه. ومن خالفنا فقد دخل في باب ترك قبول خبر الواحد، ولحق بمن أتى ذلك من المعتزلة، وتناقض في مذهبه. وانفراد العدل باللفظة كانفراده بالحديث كله، ولا فرق ".
ثم إن في المسألة أقوالا أخرى كثيرة، ذكرها السيوطي في التدريب تفصيلا. ولا نرى لشيء منها دليلا يركن إليه. والحق ما قلناه، والحمد لله. نعم: قد يتبين للناظر المحقق من الأدلة والقرائن القوية أن الزيادة التي زادها الراوي الثقة زيادة شاذة أخطأ فيها، فهذا له حكمه، وهو من النادر الذي لا تبنى عليه القواعد. [شاكر]
(1) زاد في غراس "معرفة"
(2)
انظر: معرفة علوم الحديث للحاكم ص 112، ومقدمة ابن الصلاح ص 259، ، والنكت للزركشي 2/ 204، والتقييد والإيضاح ص 115، والشذا الفياح 1/ 202، والنكت لابن حجر 2/ 710، وفتح المغيث 2/ 47، وتدريب الراوي 1/ 294، وشرح علل الترمذي وهو رأس في هذا الباب
حُفَّاظِهِم (1) مَعرِفَتُنَا بِهَذَا كِهَانَةٌ عِندَ الجَاهِلِ (2).
وَإِنَّمَا يَهتَدِي إِلَى تَحقِيقِ هَذَا الفَنِّ الجَهَابِذَةُ النُّقَّادُ مِنهُم، يُمَيِّزُونَ بَينَ صَحِيحِ الحَدِيثِ وَسَقِيمِهِ، وَمُعوَجِّهِ وَمُستَقِيمِهِ، كَمَا يُمَيِّزُ الصَّيرَفِيُّ البَصِيرُ بِصِنَاعَتِهِ بَينَ الجِيَادِ وَالزُّيُوفِ، وَالدَّنَانِيرِ وَالفُلُوسِ فَكَمَا لَا يَتَمَارَى هَذَا، كَذَلِكَ يَقطَعُ ذَاكَ بِمَا ذَكَرنَاهُ، وَمِنهُم مَن يَظُنُّ (3)، وَمِنهُم مَن يَقِفُ، بِحَسَبِ مَرَاتِبِ عُلُومِهِم وَحِذقهِم وَاطِّلَاعِهِم عَلَى طُرُقِ الحَدِيثِ (4)، وَذَوقِهِم حَلَاوَةَ عِبَارَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي لَا يُشبِهُهَا غَيرُهَا مِن أَلفَاظِ النَّاسِ.
فَمِنَ الأَحَادِيثِ المَروِيَّةِ مَا عَلَيهِا أَنوَارُ النُّبُوَّةِ (5)، وَمِنهَا مَا وَقَعَ فِيهِ تَغيِيرُ لَفظٍ أَو زِيَادَةٌ بَاطِلَةٌ أَو مُجَازَفَةٌ أَو نَحوُ ذَلِكَ، يُدرِكُهَا البَصِيرُ مِن أَهلِ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ.
وَقَد يَكُونُ التَّعلِيلُ مُستَفَادًا مِنَ الإِسنَادِ، وَبَسطُ أَمثِلَةِ ذَلِكَ يَطُولُ جِدًّا، وَإِنَّمَا يَظهَرُ بِالعَمَلِ.
وَمِن أَحسَنِ كِتَابٍ وُضِعَ فِي ذَلِكَ وَأَجَلِّهِ وَأَفحَلِهِ (كِتَابُ العِلَلِ)(6)
(1) في ط: الحفاظ.
(2)
انظر العلل لابن أبي حاتم 1/ 389 وقال: سمعت أبي يقول: "قال عبد الرحمن بن مهدي: إنكارنا الحديث، عند الجهال كهانة".
(3)
في ب: نطق!
(4)
قال الخطيب في الجامع [2/ 295]: والسبيل إلى معرفة عِلة الحديث أن يُجمع بين طُرقه وينظر في اختلاف رواته ويُعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط.
وقال ابن المديني: الباب إذا لم تُجمع طُرقه لم يتبين خطؤه. [الجامع للخطيب 2/ 212]
(5)
في ب: أنوار كثيرة.
(6)
طبع كرسالة علمية بدار ابن الجوزي بتحقيق الشيخ الفاضل مازن السرساوي.
لِعَلِيِّ بنِ المَدِينِيِّ شَيخِ البُخَارِيِّ وَسَائِرِ المُحَدِّثِينَ بَعدَهُ، فِي هَذَا الشَّأنِ على الخصوص (1). وكذلك " كتاب العلل " لعبد الرحمن بن أبي حاتم (2)، وهو مرتب على أبواب الفقه «1» ، و " كتاب العلل " للخلال (3)«2» . ويقع في مسند الحافظ أبي بكر البزار من التعاليل ما لا يوجد في غيره من المسانيد. وقد جمع أزمة ما ذكرناه كله الحافظ الكبير أبو الحسن الدارقطني في كتابه في ذلك، وهو من أجل كتاب، بل أجل ما رأيناه وضع في هذا الفن، لم يسبق إلى مثله، وقد أعجز من يريد أن يأتي بشكله (4)،
فرحمه الله وأكرم مثواه، ولكن يعوزه شيء لا بد منه، وهو:
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
«1» [شاكر] وقد طبع في مصر في مجلدين. اهـ[شاكر]
«2» [شاكر] كان في الأصل "للخلابي" وهو تحريف، فصححناه "للخلال"، لأنه هو الذي له كتاب في العلل [شاكر]
(1) يَقصد أن ابن المديني شيخ البخاري وشيخ من أتى من بعده في علم العلل على الخصوص.
وقال الخطيب في الجامع (2/ 302): "وكان علي بن المديني فيلسوف هذه الصنعة وطبيبها ولسان طائفة الحديث وخطيبها رحمة الله عليه وأكرم مثواه لديه".
(2)
وَقَد طُبع فِي سَبعةِ مُجلدَات بإشرَاف الشَّيخِ سَعْدِ الحُمَيِّد وَهِي طَبعَةٌ تُقتَنَى، وَقَدَّمَ لَهَا بِمُقَدِّمَةٍ عِلِميَّةٍ فِي مُصْطَلَحِ العِلَّة وأَسْبَابِها مِن أَفْضَل مَا يُقْرَأ فِي بَابِهِ.
(3)
وقد طَبع الشَّيخُ الفَاضِلُ طَارِق عَوَض اللهِ المُنتَخَب مِنهُ لِابنِ قُدَامَةَ، وُيوجَد جُزء مِنه غَير مَا طُبع مَخطُوط فِي مَركز وَدُود للمَخْطُوطَاتِ.
(4)
مثبت من ط، ب، مطموس في ح.
وقال الذهبي "قال الخطيب: سألت البرقاني: هل كان أبو الحسن يملي عليك (العلل) من حفظه؟ قال: نعم، أنا الذي جمعتها، وقرأها الناس من نسختي.
…
=
أن يرتب على الأبواب، ليقرب تناوله للطلاب، وأن تكون أسماء الصحابة الذين اشتمل عليهم مرتبين على حروف المعجم، ليسهل الأخذ منه، فإنه مبدد جداً، لا يكاد يهتدي الإنسان إلى مطلوبه منه بسهولة «1» .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
«1» [شاكر] هذا الفن من أدق فنون الحديث وأعوصها، بل هو رأس علومه وأشرفها. ولا يتمكن منه إلا أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب. ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل، كابن المديني وأحمد والبخاري ويعقوب بن شيبة وأبي حاتم وأبي زرعة والترمذي والدارقطني. وقد ألفت فيه كتب خاصة. فمنها "كتاب العلل" في آخر سنن الترمذي، وهو مختصر [1]. ومنها الكتب التي ذكرها المؤلف.
وقد حكى السيوطي في التدريب أن الحافظ ابن حجر ألف فيه كتابا سماه "الزهر المطلول في الخبر المعلول" ولم أره، ولو وجد لكان في رأيي جديرا بالنشر، لأن الحافظ ابن حجر دقيق الملاحظة واسع الاطلاع، ويظن أنه يجمع كل ما تكلم فيه المتقدمون من الأئمة من الأحاديث المعلولة =
= قلت: هنا يخضع للدارقطني ولسعة حفظه الجامع لقوة الحافظة ولقوة الفهم والمعرفة، وإذا شئت أن تبين براعة هذا الإمام الفرد فطالع العلل له فإنك تندهش ويطول تعجبك"
_________
[1]
طبع مفردا بتحقيق الشيخ الفاضل عادل الزرقي وبتقديم العلامة عبد الله السعد، وللترمذي أيضا كتاب "العلل الكبير" وقد طُبع طبعتين بتحقيق د/حمزة الديب في مجلدين وصبحي السامرائي في مجلد والأخيرة أجود وفيهما سقط استدركه بعض الباحثين في ملتقى أهل الحديث أنظره فهو مهم.
ومن أفضل الكتب النظرية المعاصرة في الحديث المعل كتاب "العلة وأجناسها" لمصطفى باحوا، نوّه به وأشاد في ذكره الشريف حاتم العوني والدكتور أحمد معبد حفظه الله.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= وتجد الكلام على علل الحديث مفرقا في كتب كثيرة، من أهمما "نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية" للحافظ الزيلعي. و "التلخيص الحبير"، و "فتح الباري"، كلاهما للحافظ ابن حجر. و "نيل الأوطار" للشوكاني. و "المُحلى" للإمام الحجة أبي محمد علي بن حزم الظاهري، وكتاب "تهذيب سنن أبي داود" للعلامة المحقق ابن قيم الجوزية.
وعلة الحديث سبب غامض خفي [1] قادح في الحديث، مع أن الظاهر السلامة منه.
والحديث المعلول: هو الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن الظاهر سلامته منها.
ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات، الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر.
والطريق إلى معرفة العلل [2]: جمع طرق الحديث، والنظر في اختلاف رواته، وفي ضبطهم وإتقانهم. فيقع في نفس العالم العارف بهذا الشأن أن الحديث معلول، ويغلب على ظنه، فيحكم بعدم صحته، أو يتردد فيتوقف فيه [3].
وربما تقصر عبارته عن إقامة الحجة على دعواه. فقال عبد الرحمن بن مهدي [4]: "معرفة علل الحديث إلهام، لو قلت للعالم بعلل الحديث: من أين قلت =
[1] قال الشيخ مقبل ابن هادي "غارة الفصل" ص 68: "لكنهم [يعني المحدثين] قد يعلون بما علته ظاهرة كأن يكون في السند كذاب
…
وما قرأنا في كتب المصطلح في تعريف العلة أنها سبب خفي
…
لا ينفي أنهم قد يعلون بما علته ظاهرة ويكون التعريف أغلبي لا كلي".
[2]
للشيخ الفاضل د /علي الصياح رسالة جيدة بعنوان" المنهج السليم في دراسة الحديث المعل " ننصح بقرائتها
[3]
قال ابن رجب "شرح العلل"2/ 756: "حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث، ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كل واحد منهم لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان، ولا يشبه حديث فلان، فيعللون الأحاديث بذلك".
[4]
(معرفة علوم الحديث ص 113)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= هذا؟ لم يكن له حجة، وكم من شخص لايهتدي لذلك".
وقيل له أيضا [1]: "إنك تقول للشيء: هذا صحيح، وهذا لم يثبت، فعمن تقول ذلك؟ فقال: أرأيت لو أتيت الناقد فأريته دراهمك، فقال: هذا جيد، وهذا بَهْرَج، أكنت تسأل عن ذلك، أو تسلم له الأمر؟ ! قال: بل أسلم له الأمر، قال: فهذا كذلك، لطول المجالسة والمناظرة والخبرة".
وسُئل أبو زرعة [2]: "ما الحجة في تعليلكم الحديث؟ فقال: الحجة أن تسألني عن حديث له علة، فأذكر علته، ثم تقصد ابن واراة - يعني محمد بن مسلم بن وارة - فتسأله عنه، فيذكر علته، ثم تقصد أبا حاتم: فيعلله، ثم تميز كلامنا على ذلك الحديث، فإن وجدت بيننا خلاف، فاعلم أن كلا منا تكلم على مراده، وإن وجدت الكلمة متفقة فاعلم حقيقة هذا العلم. ففعل الرجل ذلك، فاتفقت كلمتهم، فقال: أشهد أن هذا العلم إلهام".
والعلة قد تكون بالإرسال في الموصول أو الوقف في المرفوع، أو بدخول حديث في حديث، أو وهم واهم، أو غير ذلك، مما يتبين للعارف بهذا الشأن من جمع الطرق ومقارنتها، ومن قرائن تنضم إلى ذلك [3].
وأكثر ما تكون العلل في أسانيد الحديث، فتقدح في الإسناد والمتن معاً، إذا ظهر منها ضعف الحديث.
وقد تقدح في الإسناد وحده، إذا كان الحديث مرويا بإسناد آخر صحيح.
مثل الحديث الذي رواه يَعلى بن عُبيد الطَّنافسي - أحد الثقات - عن سفيان الثوري عن عَمرو بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البيِّعان بالخيار
…
"، الحديث.
فهذا الإسناد متصل بنقل العدل عن العدل، وهو معلول، وإسناده غير صحيح، =
[1][الكامل لابن عدي 1/ 109]
[2]
(معرفة علوم الحديث ص 113)
[3]
قال الإمام الحاكم في معرفة علوم الحديث ص 112 "وإنما يُعَلل الحديث مِن أوجهٍ ليس للجرحِ فيها مَدخل فإن حديثَ المجروحِ ساقطٌ واهٍ وعلة الحديث يكثر في أحاديث الثقات أن يحدثوا بحديث له علة فيخفى عليهم علمه فيصير الحديث معلولا والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= والمتن صحيح على كل حال لأن يعلى بن عبيد غَلِطَ على سفيان في قوله "عمرو بن دينار"، وإنما صوابه:"عبد الله بن دينار"، هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان، كأبي نعيم الفضل بن دكين، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومخلد بن يزيد .... وغيرهم، رووه عن سفيان عن "عبد الله بن دينار" عن ابن عمر [1].
وقد تقع العلة في متن الحديث، كالحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه (رقم 399) من رواية الوليد ابن مسلم: حدثنا الأوزاعي عن قتادة أنه كتب إليه يخبره عن أنس بن مالك أنه حدثه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بـ "الحمد لله رب العالمين"، لا يذكرون "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول قراءة ولا في آخرها.
ثم رواه مسلم [رقم 399 مكرر] أيضا من رواية الوليد عن الأوزاعي: أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنسا يذكر ذلك، قال ابن الصلاح في كتاب علوم الحديث [ص 261]: فعلل قوم رواية اللفظ المذكور - يعني التصريح بنفي قراءة البسملة - لما رأوا الأكثرين إنما قالوا فيه: فكانوا يستفتحون القراءة بـ (الحمد الله رب العالمين)، من غير تعرض لذكر البسملة، وهوالذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في الصحيح [2] ورأوا أن من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له، ففهم من قوله: كانوا يستفتحون بالحمد الله أنهم كانوا لا يبسملون، فرواه على ما فهم، وأخطأ، لأن معناه أن السوره التي كانوا يفتتحون بها السور هي الفاتحة، وليس فيه تعرض لذكر التسمية.
وانضم إلى ذلك أمور: منها أنه ثبت عن أنس أنه سُئل عن الافتتاح بالتسمية، فذكر أنه لا يحفظ فيها شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله أعلم". [3] وقد أطال الحافظ العراقي في شرحه على ابن الصلاح الكلام على تعليل هذا الحديث (ص 98 - 103) =
[1] انظر (علل الدارقطني 13/ 168)
[2]
البخاري (743)، مسلم (399) وقد ذكر نفي البسملة
[3]
انظر مسند أحمد (12700)، وسنن الدارقطني (1208) وقال "هذا إسناد صحيح".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= وكذلك السيوطي في التدريب ص (89 - 91). [1]
وانظر ما كتبه الأخ العلامة الشيخ محمد حامد الفقي في تعليقه على المنتقى لابن تيمية (ج 1 ص 372 - 376).
ثم إن الحاكم في كتابه علوم الحديث قسم أجناس العلل إلى عشرة أجناس ننقلها بأمثلتها من (التدريب) للسيوطي ص 91 - 93 [2]، ونصححها من كتاب "علوم الحديث" للحاكم (ص 113 - 119) إذ طُبع بعد ذلك بمطبعة دار الكتب المصرية، مع احتفاظنا بتلخيص السيوطي، وهي:
الأول: أن يكون السند ظاهره الصحة وفيه من لا يُعرف بالسماع ممن رَوَى عنه كحديث موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من جلس مجلسا كثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غُفر له ما كان في مجلسه ذلك)[3].
فروى أن مسلما جاء إلى البخاري وسأله عنه فقال هذا حديث مليح ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث إلا أنه معلول، حدثنا به موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن عون بن عبدالله قوله، قال محمد بن إسماعيل [هو البخاري] وهذا أولى لأنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماع من سهيل [4].
وهذه العلة نقلها أيضا الحافظ العراقي عن الحاكم (ص 97 - 98)[5] ثم عقب عليه فقال: هكذا أعل الحاكم في علومه هذا الحديث بهذه الحكاية والغالب على الظن عدم صحتها وأنا أتهم بها أحمد بن حمدون القصار، راويها عن مسلم فقد تكلم فيه، وهذا الحديث قد صححه الترمذي وابن حبان والحاكم، ويبعد أن =
[1] انظر ((التقييد)) (ص 118)، و ((التدريب)) (1/ 289 - 302)
[2]
التدريب (1/ 304 - 307)
[3]
أخرجه الترمذي في السنن (3433) وقال: " هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه لا نعرفه من حديث سُهيل إلا من هذا الوجه "، وابن حبان في الصحيح (594)
[4]
انظر الإرشاد للخليلي (3/ 960 - 961)، والنكت لابن حجر (2/ 719)
[5]
(التقييد ص 118)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= البخاري يقول إنه لا يعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث مع أنه قد ورد من حديث جماعة من الصحابة غير أبي هريرة وهم، أبو برزة الأسلمي، ورافع بن خديج، وجبير بن مطعم، والزبير بن العوام، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله ابن عمرو، وأنس بن مالك، والسائب بن يزيد، وعائشة، وقد بينت هذه الطرق كلها في تخريج أحاديث الإحياء للغزالي". [1]
الثاني: - مما نقل في التدريب عن الحاكم -: أن يكون الحديث مرسلاً من وجه رواه الثقات الحفاظ ويسند من وجه ظاهره الصحة.
كحديث قبيصة بن عقبة عن سفيان عن خالد الحذاء وعاصم عن أبي قلابة عن أنس مرفوعاً "أرحم أمتي أبو بكر وأشدهم في دين الله عُمر وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرئهم أبي بن كعب وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وإن لكل أمه أميناً وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة. [2]
قال الحاكم "فلو صح إسناده لأخرج في الصحيح وإنما روى خالد الحذَّاء عن أبي قلابة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أرحم أمتي .... " مرسلاً [3]
وأسند ووصل "أن لكل أمة أمينا وأبو عبيدة أمين هذه الأمة" هكذا رواه البصريون الحفاظ عن خالد الحذَّاء وعاصم جميعا وأسقط المرسل من الحديث وخرج المتصل بذكر أبي عبيدة في الصحيحين" [4]
الثالث: أن يكون الحديث محفوظاً عن صحابي ويروى عن غيره لاختلاف بلاد رواته كرواية المدنيين عن الكوفيين كحديث موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه مرفوعاً "إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة"[5]
قال هذا إسناد لا يَنظر فيه حديثي إلا ظن أنه من شرط الصحيح والمدنيون =
[1] أنظر المغني عن حمل الأسفار (2/ 193)
[2]
انظر السنن الكبرى للبيهقي (12548) ط. الهند
[3]
انظر سنن البيهقي الكبرى برقم (12550) مع الجوهر النقي
[4]
البخاري (3745)، ومسلم (4382)
[5]
سنن النسائي الكبرى (10201)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= إذا رووا عن الكوفيين زَلَقوا [1].
ثم رواه الحاكم بإسناده إلى حماد بن زيد عن ثابت البناني قال سمعت أبا بردة يحدث عن الأغر المزني وكانت له صحبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم مائة مرة". [2]
ثم ذكر الحاكم أنه رواه مسلم في صحيحه هكذا وقال وهو الصحيح المحفوظ.
تنبيه:
في نسخة التدريب الأغر المدني بالدال وهو تصحيف فإن الأغر المدني تابعي مولى لأبي هريرة وأبي سعيد، وأما الصحابي فهو الأغر المزني بالزاي وهو الذي يروي عنه أبو بردة بن أبي موسى الأشعري
الرابع: أن يكون محفوظا عن صحابي ويروي عن تابعي يقع الوهم بالتصريح بما يقتضي صحبته بل لا يكون معروفا من جهته كحديث زهير بن محمد عن عثمان بن سليمان عن أبيه أنه "سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور".
قال الحاكم خرج العسكري وغيره من المشايخ هذا الحديث في الوحدان وهو معلول من ثلاثة أوجه
أحدها: أن عثمان هو ابن أبي سليمان
والآخر: أن عثمان إنما رواه عن نافع ابن جبير بن مطعم عن أبيه
والثالث: قوله سمع النبي صلى الله عليه وسلم وأبو سليمان لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ولا رآه" [3]
الخامس: أن يكون روى بالعنعنة وسقط منه رجل دل عليه طريق أخرى محفوظة.
كحديث يونس عن ابن شهاب عن علي بن الحسين عن رجال من الأنصار "أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فرمى بنجم فاستنار
…
" الحديث. =
[1] انظر رسالة ((الوَهَم في روايات مختلفي الأمصار)) فهي جيدة لشرح هذا الباب
[2]
انظر العلل للدارقطني 7/ 216 - 217
[3]
انظر العلل للدارقطني 13/ 427 - 428
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= قال الحاكم علة هذا الحديث أن يونس على حفظه وجلالة محله قصَّر به وإنما هو عن ابن عباس قال حدثني رجال من الأنصار.
وهكذا رواه ابن عيينة وشعيب وصالح والأوزاعي وغيرهم عن الزهري.
السادس: أن يختلف على رجل بالإسناد وغيره ويكون المحفوظ عنه ما قابل الإسناد كحديث علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال "قلت يا رسول الله مالك أفصحنا؟
…
" الحديث [1].
وذكر الحاكم (المعرفة: 116) علته وهي ما أسند عن علي بن خشرم حدثنا علي بن الحسين بن واقد: بلغني عن عمر فذكره
السابع: الاختلاف على رجل في تسمية شيخه أو تجهيله كحديث (أبي شهاب) عن سفيان الثوري عن حجاج بن فرافصة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا "المُؤمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ، وَالفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ". [2]
وذكر الحاكم علته وهي ما أسند عن محمد بن كثير حدثنا سفيان الثوري عن حجاج عن رجل عن أبي سلمة فذكره.
تنبيه: قال السيوطي في التدريب [3] في هذه العلة السابعة "كحديث الزهري عن سفيان الثوري"! وهو خطأ غريب من مثله، فإن الزهري أقدم جدا من الثوري، ولم يذكر أحد أنه روى عنه والصواب: كحديث أبي شهاب عن سفيان الثوري، كما في علوم الحديث. وأبو شهاب هو الحناط - بالنون- واسمه "عبد ربه بن نافع الكناني". والحديث عنه في "المستدرك" للحاكم (ج 1 ص 43) فاشتبه الإسم على السيوطي، وظنه ابن شهاب، فنقله بالمعنى، وجعله "الزهري"! ! وهذا من مدهشات غلط العلماء الكبار، رحمهم الله ورضي عنهم. =
[1] رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان "(1/ 117)
وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (ص: 73) وفي تاريخ أصبهان لأبي نعيم بسند ضعيف فذكره. وانظر الضعيفة للألباني رقم: 1194
[2]
انظر العلل للدارقطني 8/ 47
[3]
انظر التدريب 1/ 356
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= ثم إن هذه العلة التي أعل بها الحاكم هذا الحديث غير جيدة، بل غير صحيحة، لأن أبا شهاب الحناط لم ينفرد عن الثوري بتسمية يحيى بن أبي كثير، فقد تابعه عليه عيسى بن يونس ويحيى بن الضريس، فروياه عن الثوري عن حجاج عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا.
وله أيضا شاهد - وإن شئت فسمه متابعة قاصرة - فرواه عبد الرزاق عن بشر بن رافع عن يحيى بن أبي كثير بإسناده.
فانتقد تعليل الحديث بغلط أبي شهاب الحناط، وانظر أسانيده في المستدرك وبالله التوفيق.
الثامن: أن يكون الراوي عن شخص أدركه وسمع منه ولكنه لم يسمع منه أحاديث معينة فإذا رواها عنه بلا واسطة فعلّتها أنه لم يسمعها منه كحديث يحيى ابن أبي كثير عن أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر عند أهل بيت قال أفطر عندكم الصائمون
…
" الحديث.
قال الحاكم: "قد ثبت عندنا من غير وجه رواية يحيى ابن أبي كثير عن أنس بن مالك إلا أنه لم يسمع منه هذا الحديث" ثم أسند عن يحيى قال حُدثت عن أنس فذكره [1].
التاسع: أن تكون طريق معروفة يروي أحد رجالها حديثا من غير ذلك الطريق فيقع من رواه من تلك الطريق بناء على الجادة في الوهم كحديث المنذر بن عبد الله الحزامي عن عبد العزيز بن الماجشون عن عبد الله دينار عن ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال سبحانك اللهم .. " الحديث.
قال الحاكم: لهذا الحديث علة صحيحة. والمنذر بن عبد الله أخذ طريق المجرة فيه.
ثم رواه بإسناده [2] إلى مالك بن إسماعيل عن عبد العزيز حدثنا عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب [3] =
[1] انظر العلل للدارقطني 12/ 150
[2]
أي الإمام الحاكم
[3]
ثم قال الحاكم بعده: "وهذا مخرج في الصحيح لـ مسلم، بغير هذا اللفظ". انظر صحيح مسلم (771)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= العاشر: أن يروي الحديث مرفوعا من وجه وموقوفا من وجه كحديث أبي فروة يزيد بن محمد حدثنا أبي عن أبيه عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا من "ضحك في صلاته يعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء" ثم ذكر الحاكم علته وهي ما روي بإسناده عن وكيع عن الأعمش عن أبي سفيان قال سُئل جابر فذكره [1].
ثم إن الحاكم لم يجعل هذه الأجناس لحصر أنواع العلل، فقد قال الحاكم بعد ذكر هذه الأنواع:"وبقيت أجناس لم نذكرها، وإنما جعلتها مثالا لأحاديث كثيرة معلولة، ليهتدي إليها المتبحر في هذا العلم. فإن معرفة علل الحديث من أجلِّ هذه العلوم".
واعلم أن من العلة ما لايقدح في صحة متن الحديث، وهو ما قلناه سابقا، من أن العلة قد تكون في الإسناد وحده، دون المتن، لصحته بإسناد آخر صحيح.
كالحديث الذي ذكرنا من رواية يعلى بن عبيد عن الثوري عن عمرو بن دينار، وقلنا أنه وهم فيه بذكر عمرو بن دينار، إذ هو محفوظ من رواية الثوري عن عبد الله بن دينار، وعمرو وعبد الله ثقتان.
وقد يطلق بعض علماء الحديث اسم "العلة" في أقوالهم على الأسباب التي يضعف بها الحديث: من جرح الراوي بالكذب أو الغفلة أو سوء الحفظ، أو نحو ذلك من الأسباب الظاهرة القادحة، فيقولون:"هذا الحديث معلول بفلان" مثلا، ولا يريدون العلة المصطلح عليها، لأنها إنما تكون بالأسباب الخفية التي تظهر من سبر طرق الحديث، كما تقدم.
وقد أطلق أبو يعلى الخليلي في كتاب الإرشاد "العلة" على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف، نحو إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط، حتى قال:"من أقسام الصحيح: ما هو صحيح معلول، كما قال بعضهم: من الصحيح ما هو صحيح شاذ"، ولم يقصد بهذا التقيد بالاصطلاح، ومثل له بحديث مالك في =
[1] انظر سنن الدارقطني 1/ 172
والله الموفق (1).
______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______
= الموطأ أنه قال: "بلغنا أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للمملوك طعامه وكسوته"، فرواه مالك معضلا هكذا في الموطأ، ورواه موصولا خارج الموطأ، فقد رواه إبراهيم ابن طهمان والنعمان ابن عبد السلام عن مالك عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة. فقد صار الحديث بعد بيان إسناده صحيحا.
قال بعضهم: "وذلك عكس المعلول، فإنه ما ظاهره السلامة فاطلع فيه بعد الفحص على قادح، وهذا كان ظاهره الإعلال بالإعضال، فلما فتش تبين وصله".
ونقل ابن الصلاح، وتبعه النووي ثم السيوطي، أن الترمذي سمى النسخ علة من علل الحديث.
ونقل السيوطي في التدريب عن العراقي أنه قال "فإن أراد - يعني الترمذي - أنه علة في العمل بالحديث فصحيح، أو في صحته فلا، لأن في الصحيح أحاديث كثيرة منسوخة.
والذي أجزم به أن الترمذي إن كان سمى النسخ علة - فإني لم أقف على ذلك في كتابه ولعلي أجده فيه بعد- فإنما يريد به أنه علة في العمل بالحديث فقط، ولا يمكن أن يريد أنه علة في صحته، لأنه قال في سننه (ج 1 ص 23 - 24) [1]:"إنما كان (الماء من الماء) في أول الإسلام، ثم نسخ بعد ذلك". فلو كان النسخ عنده علة في صحة الحديث لصرح بذلك. [شاكر]
(1) في ب: والله أعلم.
_________
[1]
سنن الترمذي، ط. بشار 1/ 171