الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من شرط النسخ التراخي والمقارنة ضده فلا نسخ، فكل واحد منهما حجة قطعاً فتعين التخيير، وإذا كان المتأخر هو المظنون لم ينسخ المعلوم، لما تقدم أن القاعدة أنا نشترط في الناسخ أن يكون مساوياً أو أقوى، والمظنون أضعف من المعلوم، ويتعين المعلوم عند جهل التاريخ لرجحانه بكونه معلوماً، ومهما ظفرنا بجهة ترجيح تعين العمل بالراجح.
ويقدم الخاص على العام لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تقتلوا الصبيان» مع قوله تعالى: «اقتلوا المشركين» (1) فإن تقديم الحديث لا يقتضي إلغاءه ولا إلغاء الآية، وتقديم عموم الآية يقتضي إلغاء الحديث، ولأن الآية يجوز إطلاقها بدون إرادة الصبيان، ولا يجوز إطلاق الحديث بدون إرادة الصبيان، لأنهم جميع مدلوله فيبقى هدراً، فالأول أولى. وقوله تعالى:«وأن تجمعوا بني الأختين» (2) بتناول المملوكتين والحرتين، وقوله تعالى:«أو ما ملكت أيمانكم» (3) يتناول الأختين والأجنبيتين، وضابط الأعم والأخص من وجه أن يوجد كل واحد منهما مع الآخر وبدونه، وقد وجد الأول في الأختين الحرتين بدون الملك، ووجد الثاني في المملوكات الأجنبيات بدون الأخوة، واجتمعا معاً في الأختين المملوكتين، فهما حينئذ كل واحد منهما أعم ن الآخر من وجه وأخص من وجه، ولا رجحان لأحدهما على الآخر من هذا الوجه بل من خارج، وقد رجح المشهور من المذاهب التحريم في الأختين المملوكتين بأن أيتهما لم يدخلها التخصيص بالإجماع، بل قيل لا تخصيص فيها وهو المشهور، وقيل يباحان، وقيل بالتوقف كما قاله بعض الصحابة رضوان الله عليهم، (حللتهما آية وحرمتهما آية) وأما آية الملك فمخصوصة إجماعاً بملك اليمين من موطوءة الآباء وغيرهم، وما لم يخصص بالإجماع مقدم على ما خصص بالإجماع، فتقدم آية الأختين فيحرم الجمع بينهما.
الفصل الثالث في ترجيحات الأخبار
وهي إما في الإسناد أو المتن، فالأول قال الباجي يترجح بأنه في قضية مشهور والآخر ليس كذلك أو راوية أحفظ أو أكثر، أو مسموع منه عليه الصلاة والسلام، والآخر مكتوب به أو متفق على رفعه إليه عليه
(1) 5 التوبة.
(2)
23 النساء.
(3)
3 النساء.
الصلاة والسلام، أو اتفق رواته على إثبات الحكم
به أو راويه صاحب القضية أو إجماع أهل المدينة على العمل به أو راويه أحسن نسقاً أو عالم من الاضطراب أو موافق لظاهر الكتاب، والآخر ليس كذلك.
القضية المشهورة ببعد الكذب فيها بخلاف القضية الخفية، والكتابة تحتملا لتزوير بخلاف المسموع، والمرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حجة إجماعاً، أما الموقوف على بعض الصحابة يقوله من قبل نفسه ولا يقول سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيحتمل أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيكون حجة إجماعاً، أو هو من اجتهاده فيخرج على الخلاف في قول الصحابي وفعله هل هو حجة أول لا؟ والحجة إجماعاً تقدم على المتردد بين الحجة وغيرها، واتفاق الرواة عند إثبات الحكم دليل قوة الخبر وضبطه عندهم، وإذا اختلفوا دل ذلك على ضعف السند أو الدلالة أو وجود المعارض، فكان الأول أرجح، وصاحب القضية إذا رواها كان أعلم بها وأبعد عن الذهول والتخليط فيها، بخلاف ما إذا روى غيره، وإجماع أهل المدينة مرجح لأنهم مهبط الوحي ومعدن الرسالة، وإذا وقع شرع كان ظاهراً فيهم وعنهم يأخذ غيرهم، وإذا لم يوجد شيء بين أظهرهم دل ذلك على بطلانه أو نسخه، وحسن النسق أنسب للفظ النبوة فإنه عليه الصلاة والسلام أنصح العرب، فإضافة الأفصح إليه أنسب من ضده، والاضطراب اختلاف ألفاظ الرواة وهو يوجب خللاً في الظن عند السامع فما لا خلل فيه أرجح، والمعتضد بالكتاب العزيز أقوى في الظن من المنفرد لغير عاضد فيقدم.
قال الإمام أو يكون راويه فقيهاً أو عالماً بالعربية أو عرفت عدالته بالاختبار، أو علمت بالعدد الكثير أو ذكر سبب عدالته أو لم يختلط عقله في بعض الأوقات، أو كونه من أكابر الصحابة رضوان الله عليهم، أو له أهم واحد أو لم يعرف له رواية في زمن الصبا والآخر ليس كذلك أو يكون مدنياً والآخر مكياً، أو راويه متأخر الإسلام.
العلم بالفقه أو العربية مما يبعد الخطأ في النقل فيقدم على الجاهل بهما، وعدالة الاختيار هي عدالة الخلطة فهي أقوى من عدالة التزكية من غير خلطة للمزكى عنده، والمذكور سبب عدالته دليل قوة سبب التزكية، فإنه لا يذكر إلا مع قوته. . وأما إذا سكت المزكي عن سبب العدالة احتملا لضعف، والذي اختلط عقله في
بعض الأوقات يخشى أن يكون ما يرويه لنا الآن مما سمعه في تلك الحالة، والذي لم يختلط عقله أمناً فيه ذلك، والذي له اسم واحد يبعد التدليس فيه، والذي له اسمان يقرب اشتباهه بغيره ممن ليس بعدل وهو مسمى بأحد اسميه فتقع الرواية عن ذلك الذي ليس بعدل، فيظن السامع أنه العدل ذو الاسمين فيقبله، والذي وقعت روايته في زمن الصبا إذا روى عنه لنا يجوز أن يكون مما يقل عنه في زمن الصبا، ورواية الصبي غير موثوق بها بخلاف الذي لم يرو إلا بعد البلوغ، وما روى بالمدينة ظاهر حالة التأخر عن المكي لأنه بعد الهجرة، والمتأخر يرجح لأنه قد يكون
الناسخ، ولقول ابن عباس رضي الله عنهما كنا نأخذ الأحدث فالأحدث من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون مساوياً لمتأخر الإسلام، ويحتمل استماعه أول إسلامه فيكون متقدماً في الزمان مرجوحاً في العمل، والذي لا احتمال فيه أولى مما فيه احتمال المرجوحية.
وأما ترجيح المتن قال الباجي يترجح السالم من الاضطراب والنص في المراد أو غير متفق على تخصيصه أو ورد على غير سبب، أو قضي به على الآخر في موضع أو ورد بعبارات مختلفة، أو يتضمن نفي النقص، عن الصحابة رضوان الله عليهم، والآخر ليس كذلك.
الاضطراب اختلاف ألفاظ الرواة، والنص هو الذي لا يحتمل المجاز والذي لم يتفق على تخصيصه كما تقدم في آية الأختين والوارد على سبب اختلف العلماء فيه، هل يقصر على سببه أم يخلى على عمومه؟ والذي لم يرد على سبب سلم عن هذا الاختلاف ويحمل على عمومه إجماعاً، وإذا قدم أحد الخبرين على الآخر في موطن كان ذلك ترجيحاً له عليه لأنها مزية له، وإذا ورد بعبارات مختلفة والمعنى واحد قوى ذلك المعنى في النفس، وبعد اللفظ عن المجاز، والعبارة الواحدة تحتمل المجاز وأن يراد غير ذلك المعنى الظاهر وهذا غير الاضطراب فإنه اختلاف اللفظ واختلاف المعنى بالزيادة والنقصان.
قال الإمام رحمه الله أو يكون نصبح اللفظ، أو لفظه حقيقة، أو يدل على المراد من وجهين، أو يؤكد لفظه بالتكرار أو يكون ناقلاً