الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السابع عشر في القياس
وفيه سبعة فصول
الفصل الأول في حقيقته
وهو إثبات مثل حكم معلوم لمعلوم آخر لأجل اشتباههما في علة الحكم عند المثبت فالإثبات المراد به المشترك بين العلم والظن والاعتقاد ونعني بالمعلوم المشترك بين المعلوم والمظنون، وقولنا عند المثبت ليدخل فيه القياس الفاسد.
لأنا إذا أثبتنا فقد نعلم ثبوت الحكم في الفروع، وقد نعقده اعتقاداً جازماً لا يحتمل عدم المطابقة وقد نظنه، واشتركت الثلاثة في الإثبات فهو مرادنا.
وقولي معلوم أولى من قول من قال إثبات حكم فرع لأصل (1) أو إثبات حكم الأصل في الفرع لأن الأصل والفرع إنّما يعقلان بعد معرفة القياس فتعريف القياس بهما دَور، فإذا قلنا معلوم اندفعت هذه الشبهة الموجبة للدور.
وقولي لأجل اشتباههما في علة الحكم احتراز من إثبات الحكم بالنص؛ فإن ذلك لا يكون قياساً كما لو ورد نص يخص الأرز بتحريم الربا كما ورد في البر.
(1) لعل صحة الجملة: إثبات حكم أصل لفرع.
وقولي مثل حكم، لأن الحكم الثابت في الفرع ليس هو عين الثابت في الأصل بل مثله، وهما مختلفان بالعوارض فالأول امتاز ثبوته بالإجماع، والثاني ثابت بالقياس، والأول لا خلاف فيه والثاني فيه الخلاف، غير أنه مثله من جهة أنه تحريم أو تحليل، والعوارض من جهة المحال والأدلة معينات ومميزات لأحد المثلين عن الآخر، ولا بد لأحد المثلين من مميز وإلا كانا واحداً والواحد ليس بمثلين.
ومعنى اندراج القياس الفاسد أنا لو قلنا لاشتراكهما في علة الحكم لم يتناول ذلك إلاّ العلة المرادة لصاحب الشرع، فالقياس بغيرها يلزم أن لا يكون قياساً؛ لكن الخلاف لما وقع في الربا هل علته الطعم أو الكيل أو القوت أو غير ذلك من الماذهب في العلل، وقاس كلّ إمام بعلته التي اعتقدها، فأجمعنا على أن الجميع أقيسة شرعية لأنا إن قلنا كلّ مجتهد
مصيب فظاهر، وإن قلنا المصيب واحد فلم يتعين، فتعين أنيكون الجميع أقيسة شرعية، مع أن جميع تلك العلل ليست مرادة لصاحب الشرع، فالقائس بغير علة صابح الشرع قياسه فاسد وهو قياسه، فلذلك قلنا عند المثبت ليتناول جميع تلك العلل كانت علة صاحب الشرع أم لا.
فائدة: القياس معناه في اللغة التسوية، يقال قاس الشيء بالشيء إذا ساواه به والقياس في الشريعة مساواة الفرع للأصل في ذلك الحكم فسمي قياساً، فهو من باب تخصيص اللفظ ببعض مسمياته، كتخصيص الدابة ببعض مسمياتها وهو الفرس عند العراقيين والحمار عند المصريين، فالقياس على هذا حقيقة عرفة مجاز راجع لغوي.