الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث في أقسامه
المبين إما بنفسه كالنصوص والظواهر وإما بالتعليل كفحوى الخطاب أي باللزوم كالدالة على الشروط والأسباب والبيان، إما بالقول أو بالفعل كالكتابة أو الإشارة، أو
بالدليل العقلي أو بالترك، فيعلم أنه ليس واجباً، أو بالسكوت بعد السؤال، فيعلم عدم الحكم الشرعي في تلك الحادثة.
وجه التعليل أن الله تعالى لما قال: «ولا تقل لهما أف» (1) فهمنا أن علة هذا النهي هو العقوق، ونحن نعلم أن العقوق بالضرب أشد فنأخذ من تحريم التأفيف تحريم الضرب بطريق الأولى، فصار تحريم الضرب بيناً بسبب التعليل، وقد تقدم بيان تسميته فحوى الخطاب.
والشرط المدلول عليه التزاماً كما تقول فلان صلى صلاة شرعية، يفهم بطريق اللزوم حصول الطهارة والسترة وغيرهما مِمّا هو متعين في الصلاة.
والدلالة على الأسباب كدلالة الاحتراق على وجود النار، والري على وجود الماء، والشبع على وجود الأكل دلالة ظاهرة.
مثال البيان بالقول قوله عليه الصلاة والسلام: «فيما سقت السماء العشر» في بيان قوله تعالى: «وآتوا حقه يوم حصاده» (2) .
مثال البيان بالفعل تبيينه عليه الصلاة السلام قوله تعالى: «ولله على الناس حج البيت» (3) بحجه عليه الصلاة والسلام. وبيان جبريل عليه الصلاة والسلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم أوقات الصلاة، بأن صلى به، وبيانه عليه الصلاة والسلام الشهر وقال:«الشهر هكذا وهكذا وهكذا وقبض أصبعه في الثالثة» أي تسع وعشرون.
(1) 23 الإسراء.
(2)
141 الأنعام.
(3)
97 الأنعام.
ومثال البيان بالإشارة ما جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار بيده نحو المشرق وقال: «الفتنة من هنا من حيث يطلع قرن الشيطان» . وأشار عليه الصلاة والسلام إلى الحرير في يده وقال: «هذا حرام على ذكور أمتي» .
ومثال البيان بالكتابة تبيينه عليه الصالة والسلام نصب الزكاة في كتاب عمر ابن حزم وغيره من الكتب في مقادير الزكاة ومقادير الديات.
ومثال البيان بالدليل العقلي تبيين قوله تعالى: «الله خالق كلّ شيء» (1) بما دل العقل عليه من استحالة تعلق هذا النص بذات الله تعالى وصفاته، ومنه التخصيص بالقياس فإنه من أدلة العقل.
ومثال البيان بالترك ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن الشرب قائماً ثم فعله وترك الجلوس، فدل ذلك على أن الجلوس في الشرب ليس واجباً بل مندوباً، وكتركه عليه الصلاة والسلام للجلسة الوسطى لما قام من اثنتين، فيعلم عدم وجوبها.
ومثال السكوت بعد السؤال قصة عويمر العجلاني لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شأن
امرأته وأنه رأى منها ما يسوءه فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكت، فدل ذلك على عدم حكم اللعان، ثم نزلت آية اللعان، فقال عليه الصلاة والسلام:«قد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآن» ولاعن بينهما.
فائدة: يمكن البيان من الله تعالى بالقول، وأما بالفعل والكتابة والإشارة، فقد صرح الإمام فخر الدين على استحالة البيان بها على الله تعالى، لأنه ذكره في الإشارة بمعنى يشمل الثلاثة، وفيما قاله نظر، بسبب أنه صرح بإمكان البيان بالقول من الله تعالى، والقول يستحيل عليه تعالى، لأن المراد به الحروف والأصوات الدالة على الكلام النفسيّ، وهذا يستحيل قيامه بذات الله تعالى، وإنما يبين به إذا خلقه في بعض مخلوقاته كجبريل عليه الصلاة والسلام، أو مَن
(1) 16 الرعد.