الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حجة التخصيص: أن الأصل الاتحاد في الضمائر وجميع ما يعود عليه الحكم المتأخر أي شيء كان، وليس يحصل الاتحاد إلاّ إذا اعتقدنا أن المراد بالسابق ما يصلح لذلك الحكم اللاحق، ومتى كان كذلك لزم التخصيص جزماً.
حجة الوقف تعارض الأدلة، وإنما جعلنا الرغبة في الرجعة صفة، وذلك لأنها أمر حقيقي وحالة من أحوال النفوس، والحكم الشرعي قائم بذات الله تعالى لا بنفس الخلق، فهي حينئذ صفة، وأما كون الزوج أولى بالرجعة، فذلك حكم شرعي يرجع إلى الإباحة، والتحريم على غيره أن يمنعه من ذلك، وهذه أحكام شرعية، بخلاف الرغبة، فلذلك اختلفت المثل.
الفصل الخامس فيما يجوز التخصيص إليه
ويجوز عندنا للواحد، هذا إطلاق القاضي عبد الوهاب، وأما الإمام فحكى إجماع أهل السنة على ذلك في (من) و (ما) ونحوهما قال: وقال القفال: ويجب إبقاء أقل الجمع في الجموع المعرفة، وقيل يجوز إلى الواحد فيها. وقال أبو الحسين البصري لا بد من الكثرة في الكل إلاّ إذا استعمله الواحد المعظم نفسه.
أما (من) و (ما) فلفظهما مفرد، ولذلك يجوز أن يعود الضمير عليهما مفرداً كقوله تعالى:«فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره» (1) ومن يعش عن ذكر الرحمن
(1) 7 الزلزلة.
نقيض له شيطاناً» (1) ، «والسماء وما بناها» (2) ، «ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم» (3) فلذلك حسن أن يراد بهما الواحد ويجوز التخصيص إليه ويخالفهما الجمع المعرف كلفظ المشركين، فإن المحافظة على صيغة الجمع تمنع من إرادة الواحد والتخصيص إليه، وحجة الجواز إلى الواحد في الجموع أيضاً أن الجمع قد يطلق ويراد به الواحد كما في قوله تعالى:«الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم» (4) قيل الجامع أبو سفيان وهو المراد بالناس، وكذلك في قوله تعالى:«أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله» (5) قيل المحسود رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المراد بالناس.
واحتج أبو الحسين أن البيت إذا كان ملآن من الرمان وقال أكلت ما في البيت من الرمان وأراد واحدة أن ذلك يقبح، فحينئذ لا بد من كثرة يحسن إطلاق العموم لأجلها، وإلا امتنع. وقد نص إمام الحرمين وغيره على استقباح تخصيص الحنفية قوله عليه الصلاة والسلام «أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل» بالمكاتبة أو بالأمة وأن هذا التخصيص في غاية البعد، ولا يجوز لغة، مع أن نوع المكاتبة أو الأمة أفراده غير متناهية، فكيف إذا لم يبق إلاّ فرد واحد فكان أشد بالقبح.
وأما المعظم نفسه فهو في معنى الجمع العظيم فقد وُزن أبو بكر بالأمة، فرجح، ووُزن عمر بالأمة فرجح رضي الله عنهما فكيف بالأنبياء عليه الصلاة والسلام، فكيف بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
(1) 36 الزخرف.
(2)
5 الشمس.
(3)
3، 4 الكافرون.
(4)
173 آل عمران.
(5)
54 النساء.