الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع فيما ليس من مخصصاته
وليس من مخصصات العموم سببه، بل يحمل عندنا على عمومه إذا كان مستقلاً لعدم المنافاة خلافاً للشافعي والمزني، وإن كان السبب يندرج في العموم أولى من غيره، وعلى ذلك أكثر أصحابنا، وعن مالك فيه روايتان.
رأيت في ثلاثة مذاهب يخصص، لا يخصص، الفرق بين المستقل، وبين غير المستقل فلا يخصص، حكاها ابن العربي وغيره، مثال المستقل قصة عويمر في اللعان (1) مثال غير المستقل قوله عليه الصلاة والسلام:«أينقص الرطب إذا جف قالوا نعم قلا فلا إذن» فقوله: فلا إذن لا يستقل بنفسه فيتعين ضمه إلى الكلام الأوّل بجملته، ويصير التقدير لا يباع الرطب بالتمر لأنه ينقص إذا جف، لأن (إذن) التنوين فيها موضوع للعوض من الجملة أو الجمل السابقة، ومنه قوله تعالى:«إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وقال الإنسان مالها، يومئذ تحدث أخبارها» (2) قوله يومئذ، أي يوم هذه الجمل المتقدمة، فالتنوين بدل منها.
حجة التخصيص به: أن الكلام إنّما سبق لأجله فهو كالجواب له، والجواب شأنه أن يكون مطابقاً للسؤال، ولا يزيد عليهن فيخصص العموم به.
حجة عدم التخصيص: أن الجمع ممكن فيثبت حكم السبب وحكم ما زاد عليه ولا
يتنافيا وإن سلمنا أنه يجري مجرى الجواب، والجواب إذا حصل فيه زيادة اعتبرت، كما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من ماء البحر فقال «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» (3) وحكمها ثابت مع طورية الماء ولا تنافي في ذلك، ولأنه لو كانت العمومات تختص بأسبابها لاختصت آية اللعان وآية الظهار وآية السرقة بأسبابها وهو خلاف الإجماع، لأن غالب عمومات الشريعة لها أسباب فيلزم تخصيص أكثر العمومات.
(1) عندما رأى على زوجته ما يريبه فنزلت آية اللعان.
(2)
الآيات من 1 إلى 4 سورة الزلزلة.
(3)
فزاد هنا حل الميتة.
فائدة: في قولي المخصص لا بد أن يكون منافياً للنص المخصص وهو الفرق بين النية المخصصة والنية المؤكدة، وأكثر الذين يفتون لا يطلبون الفرق بينهما في الفتاوى، بل يفتون الناس فيهما سواء، وإذا جاء الحالف وقد حلفت لا لبست ثوباً ونويت الكتان فيقولون لا تحنث بغيره، وليس كما قالوا بل يقولون إذا قال لا لبست ثوباً يقتضي حنثه بأي ثوب كان، ثم النية بعد ذلك لها أحوال: أحدها أن يقول نويت حملة الثياب فيقولون له تحنث بكل ثوب باللفظ وبالنية المؤكدة له. وثانيها: أن يقول نويت بعض الثياب وهي الكتان وتركت غيرها لم أتعرض له فيقول له تحنث بثياب الكتان باللفظ المؤكد بالنية، وبغير الكتان بمجرد اللفظ السالم عن معارضة النية، فإن الصريح يقتضي ثبوت حكمه من غير احتياج إلى نية، بدليل أنه، لو لم يكن لي نية البتة إلاّ في البعض ولا في الكل فإنه يحنث باللفظ الصريح ولا يحتاج معه غيره. وثالثها: أن يقول نويت إخراج غير الكتان من اليمين بأن استحضرته وأخرجته منافية لموجب اللفظ، واللفظ يقتضي الاندراج، وأنت نويت عدم الاندراج فحصل التنافي بين هذه النية وبين اللفظ فهي مخصصة بخلاف التي قبلها، إنّما هي مؤكدة للبعض الذي خطر بالبال، والبعض الآخر لم يخطر بالبال فلم تخرجه النية فوقع الحنث بالجميع.
فالواجب على المفتي أن لا يكتفي بقول المستفتي أردت الكتان، بل حتى يقول له هل أردت إخراج غير الكتان من يمينك فإذا قال نعم حينئذ يفتيه بتخصص حنثه بالكتان، وإلا فلا، فتأمل هذا الموضع فهو عزيز في تخصيصات العمومات في الفتاوى وغيرها.
فإن قلت: هل لو قال والله لا لبست ثوب الكتان لم يحنث بغير الكتان ولم يخطر غير الكتان بباله ولا نفاه بلفظه، وكونه نوى الكتان وذهل عن غيره هو بمنزلة هذا القيد اللفظي، وقد أجمعوا على عدم تحنيثه في هذا القيد اللفظي، وكذلك هذه النية فإنَّها مثله كما تقرر.
قلت: سؤال حسن قويّ، غير أن الجواب عنه حسن جميل؛ وهو أن نقول
المخصصات اللفظية المتصلة من الغاية والشرط والصفة والإضافة ألفاظ لا تستقل بنفسها؛ وقاعدة العرب أن ما لا يستقل بنفسه إذا جاء عقيب ما يستقل بنفسه جعلت العرب ذلك المستقل بنفسه غير مستقل، ولا يعتبر إلاّ المجموع المركب منهما المستقل وما بعده مِمّا لا يستقلن فيصير الجميع كالكلمة الواحدة.
بدليل ما هو أشد الأشياء ضيقاً وهو الإقرار عند الحاكم، فلو قال له عندي الثياب الزرق أو الدراهم الزائفة لم يلزمه الحاكم غير الموصوف بتلك الصفة ولا يقضي عليه بعموم الثياب ولا الدراهم، فغير الإقرار بطريق الأولى، وما سره إلاّ ما تقدم من القاعدة اللغوية، فهذا هو شأن الصفة وغيرها، لا يستقل، وأما النية فليس للعرب فيها هذا الوضع، بل يعتبر ما نوى، فإن كانت مؤكدة له لم تُغير حكماً أو معارضة له قدمت النية، فافترق البابان.
ومن وجه آخر على تقديم تسليم عدم صحة هذه القاعدة وهو أن اللفظ له دلالة والنية لا دلالة لها، فإن الدلالات من خصائص الألفاظ والإرادة مدلول لا دليل، وإذا تقرر هذا فالقيد يدل بمفهومه على عدم دخول غير الكتان في يمينه بطريق المفهوم ودلالة الالتزام؛ فتكون دلالة اللفظ التزاماً معارضة لظاهر العموم مطابقة، فلما حصل التعارض أمكن التخصيص بالمعارض الأخص، كما تقدم تقريره، والنية لما لم تكن لها دلالة لم يوجد ما يعارض العموم في قصده الكتان خاصة وذهوله عن غيره.
فهذان جوابان سديدان، وبهذه المباحثة يفهم معنى قول العلماء إن العام قد يستعمل في الخاص، فإن معناه إرادة إخراج بعض مسماه عن مدلول اللفظ، وليس معناه إرادة بعضه بالحكم، فتأمل ذلك فالفرق بينهما هو في غاية الظهور، وعند أكثر الفقهاء في غاية الخفاء.
والضمير الخاص لا يخصص عموم ظاهره كقوله تعالى: «والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء» (1) وهذا عام ثم قال وبعولتهن أحق بردهن في
(1) 228 البقرة.
ذلك، وهذا خاص بالرجعيات، نقله الباجي عنا خلافاً للشافعي والمزني.
معناه بل يبقى لفظ المطلقات على عمومه، لأنه جمع معرف باللام.
ومذهب الراوي يخصص عند مالك والشافعي رضي الله عنهما خلافاً لبعض أصحابنا وبعض أصحاب الشافعي.
هذه المسألة منقولة هكذا على الإطلاق، والذي أعتقده أنه مخصوص بما إذا كان الراوي صحابياً، شأنه الأخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول إنه إذا خالف مذهبه ما رواه يدل ذلك منه على أنه اطلع من رسول الله صلى الله عليه وسلم على قرائن حالية تدل على تخصيص ذلك العام،
وأنه عليه الصلاة والسلام أطلق العام لإرادة الخاص وحده، فلذلك كان مذهبه مخالفاً لروايته، أما إذا كان الراوي مالكاً أو غيره من المتأخرين الذي لم يشاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يتأتى ذلك فيه، ومذهبه ليس دليلاً حتى يخصص به كلام صاحب الشرع، والتخصيص بغير دليل لا يجوز إجماعاً.
حجة التخصيص: ما تقدم فإن عدالته تمنعه من ترك بعض العموم إلاّ لمستند من قرائن صاحب الكلام؛ فإذا ثبتت القرائن ثبت التخصيص.
حجة عدم التخصيص: أن عموم كلام صاحب الشرع حجة، والراوي لم يتركه إلاّ لاجتهاد؛ ويجوز أن يكون أصاب أم لا، والأصل بقاء العموم على عمومه، ولو كان كلّ اجتهاد صحيحاً لكان قول كلّ مجتهد حجة وهو خلاف الإجماع.
وذكر بعض العموم لا يخصصه خلافاً لأبي ثور.
ذكر بعض العموم كقوله تعالى: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى» (1) فالإحسان بلام التعريف عام في جميع أنواع الإحسان، فيندرج فيه إيتاء ذي القربى، فذكره بعده ليس تخصيصاً للأول بإيتاء ذي القربى، بل اهتماماً بهذا النوع من هذا العام، وعادة العرب أنها إذا اهتمت ببعض أنواع العام
(1) 90 النحل.
خصصته بالذكر إبعاداً له عن المجاز، والتخصيص بذلك النوع، فإذا نص عليه ينفى احتمال التخصيص فيه دون غيره فلا ينفي احتمال التخصيص فيه البتة، وكذلك قوله تعالى:«وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي» (1) مع أن المنكر عام للام التعريف فيه فهو بعمومه يشمل البغي (2) فذكره بعد ذلك إنّما هو إشعار بأنه أقبح المنكر وأهم أنواعه بالذكر، فلا يتوهم تخصيص العام المتقدم بإخراجه منه، وكذلك قوله تعالى:«وملائكته وجبريل» (3) خص جبريل اهتماماً به، وكثير من العلماء يمثل هذا الباب بقوله تعالى:«فيها فاكهة ونخل ورمان» (4) وليس منه لأن فاكهة مطلق لا عموم فيه حتى يكون أولاً قد تناول الرمان فيخصص بعد ذلك بالذكر، بخلاف المثل السابقة عامة تناولت ما ذكر بعدها.
إذا علم هذا فاعلم أنه قد وقع في المذهب استدلالات على خلاف هذه القاعدة فينبغي أن يتفطن لها فمن ذلك نهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع ما لم يقبض، وهو عام في جميع المبيعات؛ ونهى عن بيع الطعام قبل قبضه، والطعام بعض ذلك العموم، فقال مالك - رحمه الله تعالى - لا يحرم إلاّ بيع الطعام قبل قبضه، قال جماعة من المالكية لأن
العموم المتقدم مطلق وهذا مقيد، والمطلق يحمل على المقيد، وهذا غلط، بل هذا تخصيص العام بذكر بعض أنواعه، والصحيح أنه باطل كما تقدم، والمطلق والمقيد، إنّما معناه أن يكون المطلق ماهية كليّة فيذكر معها أو بعدها قيد نحو «فتحرير رقبة» (5) وفي آية أخرى «فتحرير رقبة مؤمنة» (6) فهذه هو المطلق والمقيد الذي يحمل فيه المطلق على المقيد؛ لأن المقيد زاد على الثابت أو لا مدلول القيد، أما إذا كان اللفظ عاماً فالقيد يكون منقصاً إن
(1) 90 النحل.
(2)
في الأصل: المنكر وقد أصلحناها ليستقيم المعنى.
(3)
97 البقرة.
(4)
68 الرحمن.
(5)
3 المجادلة.
(6)
92 النساء.
أخرجنا ماعدا محل القيد، وفي المطلق لا يكون منقصاً، فلذلك كان الصحيح حمل المطلق على المقيد، والصحيح عدم تخصيص العموم بذكر بعضه، فهذا فرق عظيم ينبغي أن تلاحظه فهو نفيس في الأصول والفروع.
وكونه مخاطباً لا يخصص العام إن كان خبراً، وإن كان أمراً جعل جزاء قال الإمام يشبه أن يكون مخصصاً.
المراد المخاطب بكسر الطاء الفاعل للخطاب، مثال الخبر من دخل داري فهو سارق السلعة، هل يقتضي ذلك أنه إذا دخل هو أن يكون مخبراً عن نفسه أنه سارق؟ مثال الأمر الذي هو جزاء قوله من دخل داري فأعطه درهماً، فقوله أعطه أمر وهو جواب الشرط، ووجه الإحالة فيه أنه لا يأمر نفسه ولا يأمر لنفسه بدرهم من ماله، ومن ذلك قول المرأة زوجني ممن شئت، فهل له أن يزوجها من نفسه لاندراجه في العموم؟ أو قال بع سلعتي ممن رأيت فهل له شراؤها لأنه رأى نفسه؟ بين العلماء خلاف، والصحيح أنه مندرج في العموم لأنه متناول له لغة، والأصل عدم التخصيص.
وذكر العام في معرض المدح أو الذم لا يخصص، خلافاً لبعض الفقهاء.
مثاله أن يذكر الله تعالى فاعل المحرم ثم يقول بعد ذكره «إنه لا يفلح الظالمون» (1) فهل يقتضي أنه مخصوص بمن تقدم ذكره أو يكون عاماً ويندرج فيه المتقدم ذكره اندراجاً أولياً، وكذلك إذا ذكر الله تعالى فاعل المأمور به ثم يقول عقبه «إن الله مع المحسنين» (2) إنه «كان للأوابين غفوراً» (3) ونحو ذلك فهل يعم اللفظ والحكم كلّ محسن وكل أواب، أو يختص بمن تقدم ذكره، خلاف.
حجة التخصيص به أنه ذكر العام بعده يجري مجرى الجواب عنه، والجواب شأنه أن يكون مطابقاً للسؤال من غير زيادة، وكأنه قال مع المحسنين الذين تقدم ذكرهم، والأوابين الذين (4) تقدم ذكرهم.
(1) 21 الأنعام.
(2)
69 العنكبوت.
(3)
2 الإسراء.
(4)
في الأصل: الذي.
حجة عدم التخصيص أن اللفظ عام ولا ضرورة لتخصيصه بمن تقدم فإن حكم الجميع ثابت بالعموم، والأصل عدم التخصيص فيبقى اللفظ عاماً على حاله.
تنبيه: قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: ليس من هذا الباب العام المرتب على شرط تقدم بل يختص اتفاقاً، كقوله تعالى:«إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفوراً» (1) فالشرط المتقدم هو صلاح المخاطبين الحاضرين، وصلاحهم لا يكون سبباً للمغفرة لمن تقدم من الأمم قبلهم، أو يأتي بعدهم، فإن قواعد الشرع تأبى ذلك، وإن سعى كلّ أحد لا يتعداه لغفران غيره إلاّ أن يكون له فيه تسبب وهنا لا تسبب، فلا يتعدى، فيتعين أن يكون المراد فإنه كان للأوابين منكم غفوراً؛ فإن شرط الجزاء لا يترتب جزاؤه على غيره، وهذه قاعدة لغوية وشرعية، أما إذا لم يكن شرطاً أمكن جريان الخلاف.
وعطف الخاص على العام لا يقتضي تخصيصه خلافاً للحنفية كقوله عليه الصلاة والسلام «لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده» فإن الثاني خاص بالحربي، فيكون الأوّل كذلك عندهم.
القاعدة: أن الأدنى يقتل بالأعلى وبمساويه، وهل يقتل الأعلى بالأدنى؟ هو موضع الخلاف؛ فقوله عليه الصلاة والسلام:«لا يقتل مؤمن بكافر» عام في جميع الكفار فيتناول الذمي فلا يقتل به المسلم إذا قتله عمداً عندنا خلافاً للحنفية. قالوا أول الحديث لكم وآخره عليكم فإن ذا العهد يقتل بالذمي، لأن الذمي أعلى منه لأن عقد الذمة يدون للذرية، والمعاهدة لا تدوم، والأدنى يقتل بالأعلى، فيقتل المعاهد بالذمي، فيتعين أن الذي لا يقتل به المعاهد هو الكافر الحربي، والقاعدة أن العطف يقتضي التسوية، والمعطوف لا يقتل بالحربي، فيكون المعطوف عليه لا يقتل بالحربي عملاً بالتسوية، فيكون الكافر المذكور أول الحديث المراد به الحربي، وهو متفق عليه، إنّما النزاع في الذمي فدخل العام المعطوف عليه التخصيص بسبب عطف الخاص عليه.
(1) 25 الإسراء.
والجواب عنه من أربعة أوجه: أحدها أنا نمنع أن الواو عاطفة بل هي للاستئناف فلا يلزم التشريك. وثانيها: سلمناه لكن العطف يقتضي التشريك في أصل الحكم دون توابعه. قالا لنحاة فإذا قال مررت بزيد قائماً وعمرو، لا يلزم أن يكون مررت بعمرو أيضاً قائماً بل في أصل المرور فقط، كذلك جميع التوابع من المتعلقات وغيرها يقتضي العطف هنا لأنه لا يقتل، أما تعيين من يقتل به الآخر فلا؛ لأن الذي يقتل به من توابع الحكم. وثالثها: لا نسلم أن معنى قوله عليه الصالة والسلام «ولا ذو عهد في عهده» معناه بحربي بل معناه التنبيه على السببيّة فإن (في) قد تقدم في باب الحروف تقرير أنها تكون للسببية فيصير معنى
الكلام ولا يقتل ذو عهد بسبب المعاهدة، فيفيدنا ذلك أن المعاهدة سبب يوجب العصمة، وليس المراد أنه يقتص منه ولا غير ذلك. ورابعها: أن معناه نفي الوهم عمن يعتقد أن عقد المعاهدة كعقد الذمة يدون؛ فنبه عليه السلام أن أثر ذلك العهد إنّما هو في ذلك الزمان خاصة لا يتعداه لما بعده وتكون (في) على هذا للظرفية، وهو الغالب عليها.
وتعقيب العام باستثناء أو صفة أو حكم لا يتأتى إلاّ في البعض لا يخصصه عند القاضي عبد الجبار، وقيل يخصصه وقبل بالوقف، واختاره الإمام، فالاستثناء كقوله تعالى:«لا جناح عليكم إن طلقتم النساء» إلى قوله «إلاّ أن يعفون» (1) فإنه خاص بالرشيدات، والصفة كقوله تعالى:«يا أيها النبي إذا طلقتم النساء» إلى قوله: «لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا» (2) أي الرغبة في الرجعة، والحكم كقوله تعالى:«وبعولتهن أحق بردهن» (3) فإن خاص بالرجعيات، فتبقى العمومات على عمومها، وتختص هذه الأمور بمن يصلح له. ولنا في سائر صور النزاع أن الأصل بقاء العموم على عمومه فمهما أمكن ذلك لا يعدل عنه تغليباً للأصل.
(1) 236 - 237 البقرة.
(2)
1 الطلاق.
(3)
228 البقرة.