الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِثْلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ إذْنَ الْقَاضِي إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا يَكْفِي الْإِشْهَادُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ لِلْمُلْتَقَطِ عَلَيْهِ نِكَاحٌ وَبَيْعٌ وَإِجَارَةٌ) أَمَّا النِّكَاحُ فَلِانْعِدَامِ سَبَبِ الْوِلَايَةِ مِنْ الْقَرَابَةِ وَالْمِلْكِ وَالسَّلْطَنَةِ وَأَمَّا تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْأُمِّ لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ لِتَثْمِيرِ الْمَالِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالرَّأْيِ الْكَامِلِ وَالشَّفَقَةِ الْوَافِرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا وَالْمَوْجُودُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدُهُمَا وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ فَرِوَايَةُ الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ يُؤَجِّرُهُ وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَرَاهِيَةِ وَهِيَ الْأَصَحُّ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى تَثْقِيفِهِ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إتْلَافَ مَنَافِعِهِ فَأَشْبَهَ الْعَمَّ بِخِلَافِ الْأُمِّ فَإِنَّهَا تَمْلِكُ الِاسْتِخْدَامَ فَتَمْلِكُ الْإِجَارَةَ وَقَدَّمْنَا أَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهِ لِلسُّلْطَانِ وَأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ لِلْمُلْتَقِطِ جَازَ وَفِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ لَوْ قَرَّرَ الْقَاضِي وَلَاءً لِلْمُلْتَقِطِ صَحَّ التَّقْرِيرُ (قَوْلُهُ وَيُسَلِّمُهُ فِي حِرْفَةٍ) لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَثْقِيفِهِ وَحِفْظِ مَالِهِ وَالْحِرْفَةُ الصَّنْعَةُ وَالتَّثْقِيفُ تَقْوِيمُ الْمُعْوَجِّ بِالثِّقَافِ وَهُوَ مَا يُسَوَّى بِهِ الرِّمَاحُ وَيُسْتَعَارُ لِلتَّأْدِيبِ وَالتَّهْذِيبِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَيَقْبِضُ هِبَتَهُ) لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ وَلِهَذَا يَمْلِكُهُ الصَّغِيرُ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ عَاقِلًا وَتَمْلِكُهُ الْأُمُّ وَوَصِيُّهَا وَلَمْ يَذْكُرْ خِتَانَهُ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتِنَهُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهَلَكَ كَانَ ضَامِنًا اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ أَمَرَ الْمُلْتَقِطُ الْخَتَّانَ فَخَتَنَهُ ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ خِتَانِهِ فَصَارَ بِهَذَا الْأَمْرِ جَانِيًا وَلَا يَضْمَنُ الْخِتَانَ قِيلَ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْخِتَانَ بِكَوْنِهِ مُلْتَقِطًا فَإِنْ عَلِمَ ضَمِنَ اهـ.
وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَهُ وِلَايَةُ نَقْلِهِ إلَى حَيْثُ شَاءَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ مِنْ مِصْرَ إلَى قَرْيَةٍ أَوْ بَادِيَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(كِتَابُ اللُّقَطَةِ)
.
وَجْهُ تَأْخِيرِهَا ظَاهِرٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ لَقَطَهُ أَخَذَهُ مِنْ الْأَرْضِ فَهُوَ مَلْقُوطٌ وَاللُّقَطَةُ مُحَرَّكَةٌ كَهُمَزَةٍ مَا اُلْتُقِطَ اهـ.
وَفِي الْمُغْرِبِ اللُّقَطَةُ الشَّيْءُ الَّذِي تَجِدُهُ مُلْقًى فَتَأْخُذُهُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَلَمْ أَسْمَعْ اللُّقَطَةَ بِالسُّكُونِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هِيَ فُعَّلَةٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَصْفُ مُبَالَغَةٍ لِلْفَاعِلِ كَهُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ وَلُعَنَةٍ وَضُحَكَةٍ لِلْكَثِيرِ الْهَمْزِ وَغَيْرِهِ وَبِسُكُونِهَا لِلْمَفْعُولِ كَضُحْكَةٍ وَهَمْزَةٍ لِلَّذِي يُضْحَكُ مِنْهُ وَيُهْزَأُ بِهِ.
وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْمَالِ لُقَطَةً بِالْفَتْحِ لِأَنَّ طَابِعَ النُّفُوسِ تَتَبَادَرُ إلَى الْتِقَاطِهِ لِأَنَّهُ مَالٌ فَصَارَ الْمَالُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ دَاعٍ إلَى أَخْذِهِ لِمَعْنًى فِيهِ نَفْسِهِ كَأَنَّهُ الْكَثِيرُ الِالْتِقَاطُ مَجَازًا وَإِلَّا فَحَقِيقَتُهُ الْمُلْتَقِطُ الْكَثِيرُ الِالْتِقَاطُ وَمَا عَنْ الْأَصْمَعِيِّ وَابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْقَافِ اسْمٌ لِلْمَالِ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا يَعْنِي يُطْلَقُ الِالْتِقَاطُ عَلَى الْمَالِ أَيْضًا اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُ الشَّارِحِينَ تَعْرِيفَهَا اصْطِلَاحًا وَعَرَّفَهَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا إلَى الْمُضْمَرَاتِ بِأَنَّهَا مَالٌ يُوجَدُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مَالِكٌ وَلَيْسَ بِمُبَاحٍ اهـ.
فَخَرَجَ مَا عُرِفَ مَالِكُهُ فَإِنَّهُ أَمَانَةٌ لَا لُقَطَةٌ وَلِأَنَّ حُكْمَهَا التَّعْرِيفُ وَهَذَا لَا يُعَرَّفُ بَلْ يُدْفَعُ إلَى مَالِكِهِ وَخَرَجَ بِالْأَخِيرِ مَالُ الْحَرْبِيِّ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا كَانَ مُحْرَزًا بِمَكَانٍ أَوْ حَافِظٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ لُقَطَةٌ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي التَّعْرِيفِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هِيَ مَالٌ مَعْصُومٌ مُعَرَّضٌ لِلضَّيَاعِ وَعَرَّفَهَا فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهَا رَفْعُ شَيْءٍ ضَائِعٍ لِلْحِفْظِ عَلَى الْغَيْرِ لَا لِلتَّمْلِيكِ وَجَعَلَ عَدَمَ الْحَافِظِ لَهَا مِنْ شَرَائِطِهَا ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْبَابِ أَخَذَ الثَّوْبَ مِنْ السَّكْرَانِ الْوَاقِعِ النَّائِمِ عَلَى الْأَرْضِ لِيَحْفَظَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَتَاعٌ ضَائِعٌ كَاللُّقَطَةِ فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ كَانَتْ دَرَاهِمُهُ فِي كُمِّهِ فَأَخَذَهَا لِيَحْفَظَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِضَائِعٍ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِمَالِكِهِ اهـ.
وَالْكَلَامُ فِيهَا فِي مَوَاضِعَ فِي الِالْتِقَاطِ وَالْمُلْتَقِطِ وَاللُّقَطَةِ أَمَّا الْأَوَّلُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ فَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ خَافَ ضَيَاعَهَا يُفْتَرَضُ الرَّفْعُ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ يُبَاحُ رَفْعُهَا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ وَالْأَفْضَلُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ) قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ أَيْ لِيَأْخُذَ الْأُجْرَةَ لِنَفْسِهِ اعْتِبَارًا بِالْعَمِّ بِخِلَافِ الْأُمِّ فَإِنَّ لَهَا إجَارَتَهُ اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ الَّذِي يَظْهَرُ حَمْلُ الْمَنْعِ مِنْ إجَارَتِهِ عَلَى مَا إذَا أَجَّرَهُ الْمُلْتَقِطُ لِتَكُونَ الْأُجْرَةُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ لِلَّقِيطِ وَمَا سَبَقَ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ وَكَذَا تَعْلِيلُهُمْ الْمَنْعَ بِإِتْلَافِ الْمَنَافِعِ يُشِيرُ إلَيْهِ أَيْضًا فَلَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ مَا ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ.
[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]
(قَوْلُهُ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا كَانَ مُحَرَّزًا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ الْحِرْزُ بِالْمَكَانِ وَنَحْوِهِ خَرَجَ بِقَوْلِهِ يُوجَدُ أَيْ فِي الْأَرْضِ ضَائِعًا إذْ لَا يُقَالُ فِي الْمُحْرَزِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ فِي الْمُحِيطِ جَعَلَ عَدَمَ الْإِحْرَازِ مِنْ شَرَائِطِهَا
الرَّفْعُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ اهـ.
وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ مَنْدُوبُ الْأَخْذِ وَمُبَاحُهُ وَحَرَامُهُ فَالْأَوَّلُ أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا الضَّيَاعَ لَوْ تَرَكَهَا لِأَنَّهُ إحْيَاءٌ لِمَالِ الْمُسْلِمِ فَكَانَ مُسْتَحَبًّا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا خَافَ الضَّيَاعَ وَجَبَ أَخْذُهَا وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ لِأَنَّ التَّرْكَ عِنْدَ الْخَوْفِ تَضْيِيعٌ وَالتَّضْيِيعُ حَرَامٌ وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ لِأَنَّ التَّرْكَ لَا يَكُونُ تَضْيِيعًا بَلْ امْتِنَاعٌ عَنْ حِفْظٍ غَيْرِ مُلْتَزَمٍ وَهُوَ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ كَالِامْتِنَاعِ عَنْ قَبُولِ الْوَدِيعَةِ وَأَمَّا حَالَةُ الْإِبَاحَةِ فَأَنْ لَا يَخَافَ الضَّيَاعَ وَأَمَّا حَالَةُ الْحُرْمَةِ فَهُوَ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ لَا لِصَاحِبِهَا فَتَكُونُ فِي مَعْنَى الْغَصْبِ اهـ.
فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ لَيْسَ مَذْهَبُنَا وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّ الْأَخْذَ مَنْدُوبٌ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ التَّعْرِيفَ وَالرَّدَّ عَلَى صَاحِبِهَا وَإِنْ خَافَ الضَّيَاعَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهَا صِيَانَةً لِحَقِّ الْمُسْلِمِ لِأَنَّ لِمَالِهِ حُرْمَةً كَمَا لِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ فَالتَّرْكُ أَوْلَى اهـ.
وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْمُجْتَبَى وَأَشَارَ فِي الْهِدَايَةِ إلَى التَّبَرِّي مِنْهُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ إذَا خَافَ الضَّيَاعَ عَلَى مَا قَالُوا وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا ضَاعَتْ بَعْدَمَا خَافَ الضَّيَاعَ وَلَمْ يَلْتَقِطْهَا وَمُقْتَضَى الْقَوْلِ بِافْتِرَاضِ رَفْعِهَا الضَّمَانُ لَوْ لَمْ يَرْفَعْ وَضَاعَتْ لَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ لَوْ انْفَتَحَ زِقٌّ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ بَرِئَ وَلَوْ أَخَذَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ ضَمِنَ لَوْ مَالِكُهُ غَائِبًا لَا لَوْ حَاضِرًا وَكَذَا لَوْ رَأَى مَا وَقَعَ مِنْ كَمْ رَجُلٍ اهـ.
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِافْتِرَاضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ فَائِدَةَ الِافْتِرَاضِ الْإِثْمُ بِالتَّرْكِ لَا الضَّمَانُ فِي الدُّنْيَا بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ مَنَعَ الْمَالِكَ عَنْ أَمْوَالِهِ حَتَّى هَلَكَتْ يَأْثَمُ وَلَا يَضْمَنُ وَأَمَّا الْمُلْتَقِطُ فَلَمْ أَرَ مَنْ بَيَّنَ شَرَائِطَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ بِدَلِيلِ مَا فِي الْمُجْتَبَى التَّعْرِيفُ إلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ وَالْوَارِثِ اهـ.
فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ الْتِقَاطِهِ وَأَمَّا حُرِّيَّةُ الْمُلْتَقِطِ فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِأَنَّ لِلْعَبْدِ يَدًا صَحِيحَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ لَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ وَدِيعَةَ عَبْدِهِ مَأْذُونًا أَمْ لَا مَا لَمْ يَحْضُرْ وَيُظْهِرْ أَنَّهُ مِنْ كَسْبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ وَدِيعَةَ الْغَيْرِ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَإِنْ بَرْهَنَ أَنَّهُ لِلْعَبْدِ تُدْفَعُ إلَيْهِ اهـ.
لَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ الْتَقَطَ لَقِيطًا فَقَالَ الْمَوْلَى هُوَ عَبْدِي وَقَالَ الْعَبْدُ الْتَقَطْته فَإِنْ مَحْجُورًا فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى وَإِنْ مَأْذُونًا فَلِلْعَبْدِ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ اللُّقَطَةِ إذَا تَنَازَعَا فِيهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ تَعْرِيفِ لُقَطَتِهِ هَلْ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَوْلَاهُ وَإِذَا عُرِّفَتْ فَهَلْ يَتَمَلَّكُهَا الْمَوْلَى إنْ كَانَ فَقِيرًا وَهَلْ يَتَوَقَّفُ الِالْتِقَاطُ عَلَى إذْنِ الْمَوْلَى وَهَلْ الْإِذْنُ فِي التِّجَارَةِ إذْنٌ فِي الِالْتِقَاطِ وَهَلْ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ فِيهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي رَشِيدٍ قَالَ وَجَدْت خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْحِيرَةِ وَأَنَا مُكَاتَبٌ قَالَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ اعْمَلْ بِهَا وَعَرِّفْهَا قَالَ فَعَمِلْت بِهَا حَتَّى أَدَّيْت مُكَاتَبَتِي ثُمَّ أَتَيْته فَأَخْبَرْته فَقَالَ ادْفَعْهَا إلَى خَزَائِنِ بَيْتِ الْمَالِ اهـ.
وَسَيَأْتِي أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ رَدَّ الْآبِقَ فَالْجُعْلُ لِمَوْلَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلِالْتِقَاطِ وَأَنَّ الْمَوْلَى يُعَرِّفُهَا ثُمَّ يَتَمَلَّكُهَا إنْ كَانَ فَقِيرًا.
وَأَمَّا إسْلَامُ الْمُلْتَقِطِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ بِدَلِيلِ مَا فِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ لَوْ أَقَامَ مُدَّعِيهَا شُهُودًا كُفَّارًا عَلَى مُلْتَقِطٍ كَافِرٍ قُبِلَتْ اهـ.
فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ الْتِقَاطِ الْكَافِرِ وَعَلَى هَذَا تَثْبُتُ الْأَحْكَامُ مِنْ التَّعْرِيفِ وَالتَّصْدِيقِ بَعْدَهُ أَوْ الِانْتِفَاعُ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْتِقَاطِ الْمُرْتَدِّ لَقِيطًا أَوْ لُقَطَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَشَايِخَنَا إنَّمَا لَمْ يُقَيِّدُوا الْمُلْتَقِطَ بِشَيْءٍ لِإِطْلَاقِهِ عِنْدَنَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ أَحَقُّ بِإِمْسَاكِهَا مِنْ غَيْرِهِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ لَيْسَ مَذْهَبَنَا) قَالَ فِي النَّهْرِ مَا فِي الْبَدَائِعِ شَاذٌّ وَمَا فِي الْخُلَاصَةِ يَجْرِي عَلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ والتتارخانية وَالِاخْتِيَارِ وَارْتَضَاهُ فِي الْفَتْحِ وَقَيَّدَهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ بِأَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ رَدَّهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا ضَاعَتْ بَعْدَ مَا خَافَ الضَّيَاعَ إلَخْ) أَقُولُ: ذُكِرَ فِي الْخَانِيَّةِ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ ضَمَانِهِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ حَيْثُ قَالَ رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً لِيُعَرِّفَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا إلَى الْمَكَانٍ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا تَحَوَّلَ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ أَعَادَهَا إلَيْهِ وَبَيْنَ مَا إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إنَّمَا يَبْرَأُ إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ التَّحَوُّلِ أَمَّا إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ مَا تَحَوَّلَ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُخْتَصَرِ هَذَا إذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ لِيُعَرِّفَهَا فَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا لِيَأْكُلَهَا لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَدْفَعْ إلَى صَاحِبِهَا لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ لِيَأْكُلَهَا يَصِيرُ غَاصِبًا وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَابَّةٌ فَرَكِبَهَا ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا وَتَرَكَهَا فِي مَكَانِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ ضَامِنًا وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ لَا يَكُونُ اهـ.
وَتَمَامُهُ فِيهَا وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ أَيْضًا وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا خَافَ ضَيَاعَهَا بَعْدَ الرَّدِّ وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ حِينَئِذٍ بَعْدَ رَفْعِهَا فَكَيْفَ قَبْلَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ) قَالَ الْحَمَوِيُّ وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا فَقَدْ قَالَ فِي الْبِنَايَةِ وَلَوْ الْتَقَطَ الْعَبْدُ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ يَجُوزُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ اهـ.
قَالَهُ أَبُو السُّعُودِ
وَذَكَرَ فِي اللَّقِيطِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ مِنْهُ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَضَاعَتْ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَهَا فِي يَدِ رَجُلٍ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّانِي فِي أَخْذِ اللُّقَطَةِ كَالْأَوَّلِ وَلَيْسَ الثَّانِي فِي أَخْذِ الْوَدِيعَةِ كَالْأَوَّلِ وَلَوْ الْتَقَطَ الرَّجُلُ لَقِيطًا فَأَخَذَهُ مِنْهُ رَجُلٌ ثُمَّ اخْتَصَمَا فِيهِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَارَ أَحَقَّ بِإِمْسَاكِهِ بِحُكْمِ الْيَدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُسْتَحَقٌّ آخَرُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مُسْتَحَقٌّ لَمَا وَجَدَهُ مَطْرُوحًا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ وَلَا كَذَلِكَ اللُّقَطَةُ لِأَنَّ لَهَا مُسْتَحَقًّا آخَرَ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ فَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ لِصَاحِبِ الْيَدِ الْأَوَّلِ فَكَانَ الثَّانِي فِي إثْبَاتِ الْيَدِ كَالْأَوَّلِ اهـ.
فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَيْسَ أَحَقَّ بِهَا وَهُوَ مُشْكِلٌ لَوْ انْتَزَعَهَا إنْسَانٌ مِنْهُ غَصْبًا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْأَوَّلِ حَقُّ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ لَوْ كَانَ فَقِيرًا فَكَيْفَ يُبْطِلُهُ الثَّانِي نَعَمْ لَوْ ضَاعَتْ مِنْ الْأَوَّلِ وَالْتَقَطَهَا آخَرُ فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَا يُخَاصِمُهُ لِأَنَّهَا لُقَطَةٌ لِلثَّانِي وَالْأَوَّلُ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ وَلَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُمْ فِيمَا إذَا ضَاعَتْ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى فِيمَا إذَا ضَاعَتْ وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَدِيعَةِ الثَّانِيَةِ فِيمَا إذَا أَخَذَهَا رَجُلٌ مِنْهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّقِيطِ وَأَمَّا اللُّقَطَةُ فَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ لُقَطَةٍ وَلُقَطَةٍ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ وَصَحَّ الْتِقَاطُ الْبَهِيمَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَكَان وَمَكَانٍ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (لُقَطَةُ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ أَمَانَةٌ إنْ أَخَذَهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى رَبِّهَا وَأَشْهَدَ) لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ عليه السلام «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً» وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السلام فِي الْحَرَمِ «وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهُ إلَّا لِمُنْشِدِهَا» فَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الِالْتِقَاطُ إلَّا لِلتَّعْرِيفِ وَالتَّخْصِيصُ بِالْحَرَمِ لِبَيَانِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ التَّعْرِيفُ فِيهِ لِمَكَانٍ أَنَّهُ لِلْغُرَبَاءِ ظَاهِرًا.
وَأَمَّا كَوْنُهَا أَمَانَةً فَلِأَنَّ الْأَخْذَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ عِنْدَ الْعَامَّةِ قَيَّدَ بِأَخْذِهَا لِيَرُدَّهَا لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبِغَيْرِ إذْنِ الشَّرْعِ وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهَا لِلْمَالِكِ فَلَا ضَمَانَ إجْمَاعًا لِأَنَّ تَصَادُقَهُمَا حُجَّةٌ فِي حَقِّهِمَا كَالْبَيِّنَةِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْإِشْهَادَ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ بِأَنْ قَالَ الْمُلْتَقِطُ أَخَذْته لِلْمَالِكِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَضْمَنُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ لِاخْتِيَارِهِ الْحَسَنَةَ دُونَ الْمَعْصِيَةِ وَلَهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ وَادَّعَى مَا يُبَرِّئُهُ وَهُوَ الْأَخْذُ لِمَالِكِهِ وَفِيهِ وَقَعَ الشَّكُّ فَلَا يُبَرَّأُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الظَّاهِرِ مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَرِّفُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ وَرَجَّحَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ اهـ.
وَيَكْفِيهِ فِي الْإِشْهَادِ أَنْ يَقُولَ مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَنْشُدُ لُقَطَةً فَدُلُّوهُ عَلَيْهَا وَاحِدَةً كَانَتْ اللُّقَطَةُ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْيَنَابِيعِ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَعَ أَبِي يُوسُفَ اهـ.
وَيَكْفِيهِ فِي الْإِشْهَادِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ عِنْدِي لُقَطَةً كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِكَوْنِهِ لُقَطَةً لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عِنْدِي شَيْءٌ فَمَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَسْأَلُ فَدُلُّوهُ عَلَى كَفَاهُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مِنْ يُشْهِدُهُ عِنْدَ الرَّفْعِ أَوْ خَافَ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الرَّفْعِ يَأْخُذُهُ مِنْهُ الظَّالِمُ فَتَرَكَ الْإِشْهَادَ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ كَوْنِي مَنَعَنِي مِنْ الْإِشْهَادِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُشْهِدُهُ فَجَاوَزَهُ ضَمِنَ وَفِي الْقُنْيَةِ وَجَدَ الصَّبِيُّ لُقَطَةً وَلَمْ يُشْهِدْ يَضْمَنُ كَالْبَائِعِ اهـ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ صِحَّةِ الْتِقَاطِهِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِهَا لُقَطَةً لَكِنْ اخْتَلَفَا هَلْ الْتَقَطَهَا لِلْمَالِكِ أَوْ لَا أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا لُقَطَةً فَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ أَخَذْتهَا غَصْبًا وَقَالَ الْمُلْتَقِطُ لُقَطَةً وَقَدْ أَخَذْتهَا لَك فَالْمُلْتَقِطُ ضَامِنٌ بِالْإِجْمَاعِ اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا إذَا رَدَّهَا إلَى مَكَانِهَا وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَغَيْرِهَا وَإِذَا أَخَذَ الرَّجُلُ لُقَطَةً لِيُعَرِّفَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ فَقَدْ بَرِئَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَيْسَ أَحَقَّ بِهَا) قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لَكِنْ فِي السِّرَاجِ الصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الْخُصُومَةَ لِأَنَّ يَدَهُ أَحَقُّ.
عَنْ الضَّمَانِ هَذَا إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَمَّا إذَا أَعَادَهَا بَعْدَمَا تَحَوَّلَ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَتْ دَابَّةٌ فَرَكِبَهَا ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا فَتَرَكَهَا فِي مَكَانِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ هُوَ ضَامِنٌ وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ لَا وَكَذَا إذَا أَخَذَ الْخَاتَمَ مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى أُصْبُعِهِ بَعْدَمَا انْتَبَهَ وَلَوْ أَعَادَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَبِهَ مِنْ تِلْكَ النَّوْمَةِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ اتِّفَاقًا اهـ.
وَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّهَا عَدَمُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْوَجْهُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا وَأَطْلَقَ فِي الْإِشْهَادِ فَانْصَرَفَ إلَى مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَهُوَ عَدْلَانِ وَلِذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَظَاهِرُ الْمَبْسُوطِ اشْتِرَاطُ عَدْلَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَعَرَّفَ إلَى أَنْ عَلِمَ أَنَّ رَبَّهَا لَا يَطْلُبُهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى أَشْهَدَ فَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّعْرِيفَ شَرْطٌ أَيْضًا وَأَنَّ الْإِشْهَادَ لَا يَكْفِي لِنَفْيِ الضَّمَانِ وَهَكَذَا شُرِطَ فِي الْمُحِيطِ لِنَفْيِ الضَّمَانِ الْإِشْهَادُ وَإِشَاعَةُ التَّعْرِيفِ وَحُكِيَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِيهِ اخْتِلَافًا فَقَالَ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ التَّعْرِيفِ أَنْ يُشْهِدَ عِنْدَ الْأَخْذِ وَيَقُولَ آخُذُهَا لِأَرُدَّهَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ لَمْ يُعَرِّفْهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَفَى وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ يَأْتِي عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَيُنَادِي اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ الْإِشْهَادُ أَيْ التَّعْرِيفُ وَقْتَ الْأَخْذِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ قَبْلَ هَلَاكِهَا لِيَعْرِفَ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِيَرُدَّهَا لَا لِنَفْسِهِ اهـ.
وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ عِنْدَ الْأَخْذِ بِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ يَكْفِي هَذَا الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْأَخْذِ عَنْ التَّعْرِيفِ بَعْدَهُ أَوْ لَا وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ التَّعْرِيفَ بَعْدَ الْأَخْذِ يَكْفِي عَنْ الْإِشْهَادِ وَقْتَ الْأَخْذِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلتَّعْرِيفِ مُدَّةً اتِّبَاعًا لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنَّهُ بَنَى الْحُكْمَ عَلَى غَالِبِ الرَّأْيِ فَيُعَرِّفُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَطْلُبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْجَوْهَرَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّهُ التَّقْدِيرُ بِالْحَوْلِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَدَّرَ بِحَوْلٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ قِيلَ يُعَرِّفُهَا كُلَّ جُمُعَةٍ وَقِيلَ كُلَّ شَهْرٍ وَقِيلَ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَالَ السَّرَخْسِيُّ حُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ بِبَلْخٍ وَجَدَ لُقَطَةً وَكَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا وَقَدْ قَالَ فِي نَفْسِهِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهَا وَلَوْ عَرَّفْتهَا فِي الْمِصْرِ رُبَّمَا يَظْهَرُ صَاحِبُهَا فَخَرَجَ مِنْ الْمِصْرِ حَتَّى انْتَهَى إلَى رَأْسِ بِئْرٍ فَدَلَّى رَأْسَهُ فِي الْبِئْرِ وَجَعَلَ يَقُولُ وَجَدْت كَذَا فَمَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَنْشُدُ ذَلِكَ فَدُلُّوهُ عَلَيَّ وَبِجَنْبِ الْبِئْرِ رَجُلٌ يُرَقِّعُ شَمْلَتَهُ وَكَانَ صَاحِبَ اللُّقَطَةِ فَتَعَلَّقَ بِهِ حَتَّى أَخَذَهَا مِنْهُ لِيَعْلَمَ أَنَّ الْمَقْدُورَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتْرُكَ مَا لَزِمَهُ شَرْعًا وَهُوَ إظْهَارُ التَّعْرِيفِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لَا يَكْثُرُ هَمُّك مَا يُقَدَّرُ يَكُونُ وَمَا تُرْزَقُ يَأْتِيك» اهـ.
وَهُوَ خَطَأٌ مِنْ هَذَا الْمُلْتَقِطِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَعْرِيفٍ اتِّفَاقًا.
قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ ثُمَّ التَّعْرِيفُ إنَّمَا يَكُونُ جَهْرًا فِي الْأَسْوَاقِ وَفِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ وَفِي الْجَامِعِ وَإِنْ كَانَتْ شَيْئًا لَا يَبْقَى عَرَّفَهُ حَتَّى يَخَافَ فَسَادَهُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ اهـ.
كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ وَجَدَ اللُّقَطَةَ رَجُلَانِ عَرَّفَاهَا جَمِيعًا وَاشْتَرَكَا فِي حُكْمِهَا اهـ.
وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا كَانَ صَبِيًّا عَرَّفَهَا وَلِيُّهُ زَادَ فِي الْقُنْيَةِ أَوْ وَصِيُّهُ ثُمَّ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ تَمْلِيكِهَا لِلصَّبِيِّ لَوْ كَانَ فَقِيرًا لِأَنَّهُ يَعْلَمُ بِالْأُولَى وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ الصَّدَقَةُ بِهَا مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِضْرَارِ عَلَى احْتِمَال أَنْ لَا يُجِيزَ مَالِكُهَا إذَا حَضَرَ وَالْعَيْنُ هَالِكَةٌ مِنْ يَدِ الْفَقِيرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَلَيْسَ فِي إمْسَاكِهَا أَوْ تَمْلِيكِهَا ضَرَرٌ ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا إذَا تَصَدَّقَ بِهَا الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ ثُمَّ ظَهَرَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ وَضَمِنَهَا أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ فِي مَالِهِمَا دُونَ الصَّبِيِّ اهـ.
وَإِذَا صَحَّ هَذَا الْبَحْثُ فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ تَصَدُّقِهِمَا حِينَئِذٍ وَفِي الْقَامُوسِ التَّعْرِيفُ الْإِعْلَامُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ وَيُعْطِيَهَا حَتَّى يُعَرِّفَهَا يُرِيدُ إذَا عَجَزَ عَنْ التَّعْرِيفِ بِنَفْسِهِ اهـ.
فَأَفَادَ جَوَازَ الِاسْتِنَابَةِ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .