الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُوَ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ أَحْرَزَ بِإِسْلَامِهِ نَفْسَهُ فَقَطْ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ خَرَجَ إلَيْنَا بَعْدَ الظُّهُورِ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَجَمِيعُ مَالِهِ هُنَاكَ فَيْءٌ إلَّا أَوْلَادَهُ الصِّغَارَ لِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لَهُ وَمَالُهُ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ لِلتَّبَايُنِ وَمَا أَوْدَعَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لَيْسَ فَيْئًا لِأَنَّ يَدَهُمَا يَدٌ صَحِيحَةٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ وَدِيعَتِهِ عِنْدَ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهَا فَيْءٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَى دَارِهِ فَجَمِيعُ مَا خَلَّفَهُ فِيهَا مِنْ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ وَالْمَالِ فَيْءٌ لِأَنَّ التَّبَايُنَ قَاطِعٌ لِلْعِصْمَةِ وَلِلتَّبَعِيَّةِ وَقَيَّدَ بِالْحَرْبِيِّ إذَا أَسْلَمَ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ وَاشْتَرَى مِنْهُمْ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَى الدَّارِ فَالْكُلُّ لَهُ إلَّا الدُّورَ وَالْأَرَضِينَ فَإِنَّهَا فَيْءٌ لِأَنَّ يَدَهُ صَحِيحَةٌ وَمَا كَانَ لَهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَ حَرْبِيٍّ فَهُوَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَهِيَ الْأَصَحُّ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِكَوْنِ الْعَقَارِ فَيْئًا إلَى أَنَّ الزَّرْعَ الْمُتَّصِلَ بِالْأَرْضِ قَبْلَ حَصَادِهِ فَيْءٌ تَبَعًا لِلْأَرْضِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَيَّدْنَا بِالظُّهُورِ عَلَى الدَّارِ لِأَنَّهُمْ إذَا أَغَارُوا عَلَيْهَا وَلَمْ يَظْهَرُوا فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِيرُ مَالُهُ فَيْئًا وَإِنَّمَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ وَوَلَدَهُ الصَّغِيرَ وَفِي الْمُحِيطِ حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَنَا بِغَيْرِ أَمَانِ فَهُوَ فَيْءٌ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أُخِذَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ) .
أَفْرَدَهَا بِفَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ لِكَثْرَةِ شُعَبِهَا وَالْقِسْمَةُ جَمْعُ نَصِيبٍ شَائِعٍ فِي مُعَيَّنٍ قَالَ الشَّارِحُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقْسِمَ الْغَنِيمَةَ وَيُخْرِجَ خُمُسَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] وَيَقْسِمُ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ عَلَى الْغَانِمِينَ لِلنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِيهِ وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ اهـ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَنْ يَعْرِضَ الْعَسْكَرَ لِيَعْرِف عَدَدَهُمْ رَاجِلَهُمْ وَفَارِسَهُمْ وَيَكْتُبَ أَسْمَاءَهُمْ فَمَنْ كَتَبَ اسْمَهُ فَارِسًا ثُمَّ مَاتَ فَرَسُهُ بَعْدَمَا جَاوَزَ الدَّرْبَ اسْتَحَقَّ سَهْمَ الْفَارِسِ وَلَوْ بَاعَهَا لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا أَنْ يَسْتَبْدِلَ فَرَسًا آخَرَ (قَوْلُهُ لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَلِلْفَارِسِ سَهْمَانِ) يَعْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» وَلِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْكِفَايَةِ وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْثَالِ الرَّاجِلِ لِأَنَّهُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ وَالثَّبَاتِ وَالرَّاجِلُ لِلثَّبَاتِ لَا غَيْرُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» فَتَعَارَضَ فِعْلَاهُ فَيُرْجَعُ إلَى قَوْلِهِ وَقَدْ قَالَ عليه السلام «لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ» كَيْفَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَسَمَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ» وَإِذَا تَعَارَضَتْ رِوَايَتَاهُ تَرَجَّحَتْ رِوَايَةُ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْكَرَّ وَالْفَرَّ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ غَنَاؤُهُ مِثْلُ غَنَاءِ الرَّاجِلِ فَيُفَضَّلُ عَلَيْهِ بِسَهْمٍ وَلِأَنَّهُ تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ مِقْدَارِ الزِّيَادَةِ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَتِهِ فَيُدَارُ الْحُكْمُ عَلَى سَبَبٍ ظَاهِرٍ وَلِلْفَارِسِ سَبَبَانِ النَّفْسُ وَالْفَرَسُ وَلِلرَّاجِلِ سَبَبٌ وَاحِدٌ فَكَانَ اسْتِحْقَاقُهُ عَلَى ضَعْفِهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَتَعَقَّبَهُ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّ طَرِيقَةَ اسْتِدْلَالِهِ مُخَالِفَةٌ لِقَوَاعِدِ الْأُصُولِ فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الدَّلِيلِينَ إذَا تَعَارَضَا وَتَعَذَّرَ التَّوْفِيقُ وَالتَّرْجِيحُ يُصَارُ إلَى مَا بَعْدَهُ لَا إلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَالَ فَتَعَارَضَ فِعْلَاهُ فَيَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَالْمَسْلَكُ الْمَعْهُودُ فِي مِثْلِهِ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ وَيَقُولُ فِعْلُهُ لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْقَوْلَ أَوْلَى بِالِاتِّفَاقِ اهـ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ وَفِي الْمُحِيطِ وَالْفَارِسُ فِي السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ يَسْتَحِقُّ سَهْمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِتَالُ عَلَى الْفَرَسِ فِي السَّفِينَةِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُبَاشِرْ الْقِتَالَ عَلَى الْفَرَسِ فَقَدْ تَأَهَّبَ لِلْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ وَالْمُتَأَهِّبُ لِلشَّيْءِ كَالْمُبَاشِرِ اهـ.
أَطْلَقَ فِي الْفَارِسِ وَهُوَ مَنْ مَعَهُ فَرَسٌ فَشَمِلَ الْفَرَسُ الْمَمْلُوكَ وَالْمُسْتَأْجَرَ وَالْمُسْتَعَارَ وَالْمَغْصُوبَ إذَا لَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ الْمُقَاتَلَةِ فَسَيَأْتِي وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَهَلْ يَتَصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِالسَّهْمِ الَّذِي كَانَ لِفَرَسِهِ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَالَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يَتَصَدَّقُ وَعَلَى
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَمَا أَوْدَعَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا) لَيْسَ فَيْئًا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فَجَمِيعُ مَالِهِ هُنَاكَ فَيْءٌ إلَّا أَوْلَادَهُ الصِّغَارَ وَقَدْ نَقَلَ فِي النَّهْرِ الْعِبَارَةَ عَنْ الْفَتْحِ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ التَّقْيِيدَ فَأَوْهَمَ خِلَافَ الْمُرَادِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بَقِيَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّقْيِيدِ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْنَا إذْ لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْخُرُوجِ وَعَدَمِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْمُسْتَأْمَنِ.
[أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَخْذِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْنَا]
(قَوْلُهُ أَخَذَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ إذَا دَخَلَ بِلَا أَمَانٍ وَهُوَ حَرْبِيٌّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَأَخَذَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ فَيْءٌ لِانْعِقَادِ دُخُولِهِ سَبَبًا لِلِاسْتِرْقَاقِ تَأَمَّلْ وَرَاجِعْ.
[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْغَنَائِم]
(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ) .