الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُلُّ الْغَلَّةِ لِزَيْدٍ وَلَكِنْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنْ نَقُولَ إنَّ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْجَبَ الْوَقْفَ بِاسْمِ الْوَلَدِ وَاسْمُ الْوَلَدِ يَنْتَظِمُ الْوَاحِدَ فَصَاعِدًا فَحَازَ الْفَرْدُ الْوَاحِدُ اسْتِحْقَاقَ الْكُلِّ وَلَا كَذَلِكَ مَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ اسْمَ زَيْدٍ لَا يَنْتَظِمُ الْمَذْكُورِينَ وَاسْمَ الْمَذْكُورِينَ لَا يَنْتَظِمُ زَيْدًا فَلَا يَكُونُ لِهَذَا اسْتِحْقَاقُ الْكُلِّ وَتَمَامُهُ فِيهَا.
وَفِي الْمُحِيطِ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَحْدَهُمْ وَلَوْ شَرَطَ بَعْدَهُمْ لِلْفُقَرَاءِ جَازَ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَذْكُرْ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَهُوَ عَلَى سِتَّةٍ الْأَوَّلُ هَذِهِ صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَوْ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ أَوْ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى صَارَ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ ذَكَرَ الْأَبَدَ أَوْ لَا الثَّانِي مَوْقُوفَةٌ صَدَقَةٌ عَلَى وُجُوهِ الْبِرِّ أَوْ الْخَيْرِ أَوْ الْيَتَامَى جَازَ مُؤَبَّدًا كَالْفُقَرَاءِ.
وَالثَّالِثُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ بِعَيْنِهِ أَوْ عَلَى وَلَدِي أَوْ فُقَرَاءِ قَرَابَتِي لَا يَصِيرُ وَقْفًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَيَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالرَّابِعُ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ جَازَ عِنْدَ الْكُلِّ الْخَامِسُ وَقْفٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ جَازَ بِلَا ذِكْرِ الْأَبَدِ السَّادِسُ عَلَى الْعِمَارَةِ لِمَسْجِدٍ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ قِيلَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ وَقِيلَ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِمَكَانِ الْعُرْفِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَصَحَّ
وَقْفُ الْعَقَارِ بِبَقَرِهِ وَأُكْرَتِهِ)
أَمَّا الْعَقَارُ مُنْفَرِدًا فَلِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَقَفُوهُ وَأَمَّا جَوَازُ وَقْفِ الْمَنْقُولِ تَبَعًا لِلْعَقَارِ فَإِطْلَاقُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُ الْمَنْقُولِ يَمْنَعُهُ كَوَقْفِهِ قَصْدًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا وَقَفَ ضَيْعَةً بِبَقَرِهَا وَأَكَرَتِهَا وَهُمْ عَبِيدُهُ وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ آلَاتِ الْحِرَاثَةِ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْأَرْضِ فِي تَحْصِيلِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ.
وَقَدْ يَثْبُتُ مِنْ الْحُكْمِ تَبَعًا مَا لَا يَحْصُلُ مَقْصُودًا كَالشُّرْبِ فِي الْبَيْعِ وَالْبِنَاءِ فِي الْوَقْفِ وَمُحَمَّدٌ مَعَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ إفْرَادُ بَعْضِ الْمَنْقُولِ بِالْوَقْفِ عِنْدَهُ فَلَأَنْ يَجُوزَ الْوَقْفُ فِيهِ تَبَعًا أَوْلَى وَالْعَقَارُ الْأَرْضُ مَبْنِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَبْنِيَّةٍ.
كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْقَامُوسِ الْعَقَارُ الضَّيْعَةُ كَالْعُقْرَى بِالضَّمِّ وَيَدْخُلُ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ وَالشَّجَرُ وَالْبِنَاءُ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ بِلَا ذِكْرٍ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالرَّيَاحِينُ وَالْخُلَّافُ وَالْآسُ وَالثَّمَرُ وَالْبَقْلُ وَالطَّرْفَاءُ وَمَا فِي الْأَجَمَةِ مِنْ حَطَبٍ وَالْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَوَرَقُ الْحِنَّاءِ وَالْقُطْنُ وَالْبَاذِنْجَانُ.
وَأَمَّا الْأُصُولُ الَّتِي تَبْقَى وَالشَّجَرُ الَّذِي لَا يُقْطَعُ إلَّا بَعْدَ عَامَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ تَبَعًا وَالْبَقَرُ وَالْعَبِيدُ بِلَا ذِكْرٍ وَلَا تَدْخُلُ الْأَشْجَارُ الْعِظَامُ وَالْأَبْنِيَةُ فِيمَا إذَا جَعَلَ أَرْضَهُ أَوْ دَارِهِ مَقْبَرَةً وَتَكُونُ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدٌ وَقَفَ أَرْضَهُ بِحُقُوقِهَا وَجَمِيعِ مَا فِيهَا وَمِنْهَا وَعَلَى الشَّجَرَةِ ثَمَرَةٌ قَائِمَةٌ يَوْمَ الْوَقْفِ.
قَالَ هِلَالٌ فِي الْقِيَاسِ تَكُونُ الثَّمَرَةُ لَهُ وَلَا تَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَقْفِ وَلَوْ وَقَفَ دَارًا بِجَمِيعِ مَا فِيهَا وَفِيهَا حَمَامَاتٌ يَطِرْنَ أَوْ بَيْتًا وَفِيهَا كُورَاتُ عَسَلٍ يَدْخُلُ الْحَمَامُ وَالنَّحْلُ تَبَعًا لِلدَّارِ وَالْعَسَلِ كَذَا فِي الْإِسْعَافِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَقْفَ كَالْبَيْعِ لَا يَدْخُلُ فِيهِمَا الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ إلَّا بِالذِّكْرِ وَفِي الْإِقْرَارِ بِأَرْضٍ فِي يَدِهِ لِرَجُلٍ وَفِيهَا ثَمَرَةٌ قَائِمَةٌ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالْأَرْضِ إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْأَرْضِ وَفِي الْهِبَةِ قَالَ هِلَالٌ لَا تَدْخُلُ الثَّمَرَةُ فِي الْهِبَةِ وَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ لِمَكَانِ الشُّيُوعِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ هَذَا الْحُكْمُ فِي الْهِبَةِ إنَّمَا عُرِفَ بِقَوْلِ هِلَالٍ لَيْسَ فِيهَا رِوَايَةٌ ظَاهِرَةٌ عَنْ أَصْحَابِنَا وَفِي رَهْنِ الْأَرْضِ يَدْخُلُ الشَّجَرُ وَالْكَرْمُ وَالْبِنَاءُ وَالزَّرْعُ وَالثَّمَرُ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَيَجُوزُ الرَّهْنُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِيهَا لَوْ وَقَفَهَا بِحُقُوقِهَا فَالثَّمَرَةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْأَشْجَارِ تَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ وَفِي الْبَيْعِ لَا تَدْخُلُ وَلَوْ قَالَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَصَبُ السُّكَّرِ لَا يَدْخُلُ وَشَجَرُ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ يَدْخُلُ وَالرَّحَى تَدْخُلُ فِي وَقْفِ الضَّيْعَةِ وَرَحَى الْمَاءِ وَرَحَى الْيَدِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ الدَّوَالِيبُ تَدْخُلُ وَالدَّوَالِي لَا تَدْخُلُ وَفِي وَقْفِ الْحَمَّامِ تَدْخُلُ قُدُورُ الْحَمَّامِ وَفِي وَقْفِ الْحَانُوتِ يَدْخُلُ مَا كَانَ يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا وَخَوَابِي الدَّبَّاسِينَ وَقُدُورُ الدَّبَّاغِينَ لَا تَدْخُلُ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْبِنَاءِ أَوْ لَمْ تَكُنْ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى سِتَّةٍ إلَخْ) يَظْهَرُ مِنْهُ إنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمُعَيَّنِ مَا يَشْمَلُ الْمَوْقُوفَ لِأَجْلِهِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ عَامًّا كَوُجُوهِ الْبِرِّ أَوْ خَاصًّا كَفُلَانٍ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّسَامُحِ (قَوْلُهُ وَالثَّالِثُ إلَخْ) يُخَالِفُهُ مَا قَدَّمَهُ قَبْلَ وَرَقَةٍ عَنْ ظَاهِرِ الْمُجْتَبَى وَالْخُلَاصَةِ وَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ جَازَ عِنْدَ الْكُلِّ) لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ صَدَقَةٌ صَارَ كَأَنَّهُ ذَكَرَ الْفُقَرَاءَ وَهُوَ تَأْبِيدٌ مَعْنًى بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ مَوْقُوفَةٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ التَّأْبِيدَ لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ
[وَقْفُ الْعَقَارِ بِبَقَرِهِ وَأُكَرَتِهِ]
(قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ تَبَعًا وَالْبَقَرُ وَالْعَبِيدُ بِلَا ذِكْرٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا فَإِنَّ عِبَارَةَ الْإِسْعَافِ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي تَبَعًا لِلدَّارِ وَالْعَسَلِ نَصُّهَا كَمَا لَوْ وَقَفَ ضَيْعَةً وَذَكَرَ مَا فِيهَا مِنْ الْعَبِيدِ وَالدَّوَالِيبِ وَآلَاتِ الْحِرَاثَةِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا تَبَعًا لَهَا. اهـ.
فَقَوْلُهُ وَذَكَرَ مَا فِيهَا يُفِيدُ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ بِلَا ذِكْرٍ وَهُوَ مُفَادُ قَوْلِ الْمَتْنِ وَصَحَّ وَقْفُ الْعَقَارِ بِبَقَرِهِ وَأَكَرَتِهِ
وَقَفَ أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ وَاسْتَثْنَى الْأَشْجَارَ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَثْنِيًا لِلْأَشْجَارِ بِمَوَاضِعِهَا فَيَصِيرُ الدَّاخِلُ تَحْتَ الْوَقْفِ مَجْهُولًا. اهـ.
وَالْأَكَرَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْكَافِ الْحَرَّاثُونَ مِنْ أَكَرْت الْأَرْضَ حَرَثْتهَا وَاسْمُ الْفَاعِلِ أَكَّارٌ لِلْمُبَالَغَةِ وَالْجَمْعُ أَكَرَةٌ كَأَنَّهُ جَمْعُ آكِرٍ وِزَانُ كَفَرَةٍ جَمْعُ كَافِرٍ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَفِي الْعِنَايَةِ الْأَكَرَةُ جَمْعُ أَكَّارٍ وَهُوَ الزَّرَّاعُ كَأَنَّهَا جَمْعُ آكِرٍ تَقْدِيرًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ لِصِحَّةِ وَقْفِ الْعَقَارِ تَحْدِيدَهُ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ كَوْنُ الْمَوْقُوفِ مَعْلُومًا وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَا أَشْهَدَنَا عَلَى أَرْضِهِ أَنَّهُ وَقَفَهَا وَهُوَ فِيهَا وَلَمْ يَذْكُرْ لَنَا حُدُودَهَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى وَقْفِ أَرْضٍ بِعَيْنِهَا إلَّا أَنَّهُمَا لَا يَعْرِفَانِ جِيرَانَ الْحُدُودِ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْخَلَلُ فِي شَهَادَتِهِمَا وَلَوْ شَهِدَا عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَ أَرْضَهُ وَذَكَرَ حُدُودَهَا وَلَكِنَّا لَا نَعْرِفُ تِلْكَ الْأَرْضَ فِي أَنَّهَا فِي أَيِّ مَكَان جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَيُكَلَّفُ الْمُدَّعِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي يَدَّعِيهَا هَذِهِ الْأَرْضُ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ وَلَمْ يُحَدِّدْهَا لَنَا وَلَكِنَّا نَعْرِفُ أَرْضَهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لَعَلَّ لِلْوَاقِفِ أَرْضًا أُخْرَى وَكَذَا لَوْ قَالَا لَا نَعْرِفُ لَهُ أَرْضًا أُخْرَى لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لَعَلَّ لِلْوَاقِفِ أَرْضًا أُخْرَى وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ. اهـ.
وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ اشْتِرَاطُ تَحْدِيدِهَا فَإِنَّهُ قَالَ إذَا كَانَتْ الدَّارُ مَشْهُورَةً مَعْرُوفَةً صَحَّ وَقْفُهَا وَإِنْ لَمْ تُحَدَّدْ اسْتِغْنَاءً بِشُهْرَتِهَا عَنْ تَحْدِيدِهَا. اهـ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إنَّمَا ذَلِكَ الشَّرْطُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِوَقْفِيَّتِهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي الْقُنْيَةِ وَقَفَ ضَيْعَةً يَذْكُرُ حُدُودَ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ الْمَقَابِرِ وَالطُّرُقَاتِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْحِيَاضِ الْعَامَّةِ ثُمَّ رَقَمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ إنْ أَمْكَنَ ثُمَّ رَقَمَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ بِدُونِ التَّحْدِيدِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَفَ عَقَارًا عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ هَيَّأَ مَكَانًا لِبِنَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَهَا اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهَا إلَى الْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ تُبْنَى فَإِذَا بُنِيَتْ رُدَّتْ إلَيْهَا الْغَلَّةُ أَخْذًا مِنْ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ وَلَا أَوْلَادَ لَهُ حَكَمُوا بِصِحَّتِهِ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ يُولَدَ لِفُلَانٍ اهـ.
وَقَدْ أَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْعَبِيدَ يَصِحُّ وَقْفُهُمْ تَبَعًا لِلضَّيْعَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْكَامَهُمْ فِي الْبَقَاءِ مِنْ التَّزْوِيجِ وَالْجِنَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَحُكْمُهُمْ عَلَى الْعُمُومِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَه بِلَا إذْنٍ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ جَارِيَةَ الْوَقْفِ جَازَ وَعَبْدَهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ مِنْ أَمَةِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَاضِي وَالسُّلْطَانِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْإِسْعَافِ وَإِنْ جَنَى أَحَدٌ مِنْهُمْ جِنَايَةً فَعَلَى الْمُتَوَلِّي مَا هُوَ الْأَصْلَحُ مِنْ الدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ وَلَوْ فَدَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي الزَّائِدِ فَيَضْمَنُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ فِدَاهُ أَهْلُ الْوَقْفِ كَانُوا مُتَطَوِّعِينَ وَيَبْقَى الْعَبْدُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِي الصَّدَقَةِ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَجِنَايَةُ عَبْدِ الْوَقْفِ فِي مَالِ الْوَقْفِ وَأَمَّا حُكْمُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَتَلَ عَبْدَ الْوَقْفِ عَمْدًا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ. اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ تَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ قُتِلَ خَطَأً وَيَشْتَرِي بِهِ الْمُتَوَلِّي عَبْدًا وَيَصِيرُ وَقْفًا كَمَا لَوْ قُتِلَ الْمُدَبَّرُ خَطَأً وَأَخَذَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا وَيَصِيرُ مُدَبَّرًا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْخَصَّافِ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ فَمِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَاقِفُ وَفِي الْإِسْعَافِ لَوْ شَرَطَ نَفَقَتَهُمْ مِنْ غَلَّتِهَا ثُمَّ مَرِضَ بَعْضُهُمْ يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ إنْ قَالَ عَلَى أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ نَفَقَاتُهُمْ مِنْ غَلَّتِهَا أَبَدًا مَا كَانُوا أَحْيَاءً وَإِنْ قَالَ لِعَمَلِهِمْ فِيهَا لَا يَجْرِي شَيْءٌ مِنْ الْغَلَّةِ عَلَى مَنْ تَعَطَّلَ مِنْهُمْ عَنْ الْعَمَلِ وَلَوْ بَاعَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْفَتْحِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ إنَّمَا ذَلِكَ إلَخْ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ حَيْثُ قَيَّدَ بِالْمَشْهُورَةِ أَنَّ غَيْرَهَا لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا مَا لَمْ تُحَدَّدْ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ فَإِنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ لَا لِصِحَّةِ الْوَقْفِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ الْفَتْحِ وَكَوْنُ ذَاكَ فِي الشَّهَادَةِ لَا يُنَافِي هَذَا تَأَمَّلْ وَفِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُمَا أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَقَالَا لَمْ يُحَدِّدْهَا لَنَا قَالَ الْوَقْفُ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَشْهُورَةً تُغْنِي شُهْرَتُهَا عَنْ تَحْدِيدِهَا فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ قَضَيْت بِأَنَّهَا وَقْفٌ. اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ بَعْدَمَا قَسَّمَ مَسْأَلَةَ التَّحْدِيدِ إلَى سَبْعَةِ صُوَرٍ قَالَ وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أَيْ مَا لَوْ لَمْ يُحَدِّدْهَا أَصْلًا وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهَا فَقَالَ الْخَصَّافُ فِيهَا الْوَقْفُ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَشْهُورَةً إلَخْ وَقَالَ هِلَالٌ الشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ الْخَصَّافُ يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِظَاهِرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ التَّحْدِيدُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ يَصِحُّ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ وَقَفْتُ دَارِي عَلَى كَذَا وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِإِبْطَالِ الْوَقْفِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الشُّهُودِ لَمْ يُحَدِّدْهَا لَنَا وَلَا نَعْرِفُهَا وَلَا هِيَ مَشْهُورَةٌ.
فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ تَأْوِيلُ قَوْلِ الْخَصَّافِ الْوَقْفُ بَاطِلٌ بِمَعْنَى: الشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ كَمَا قَالَ هِلَالٌ وَغَيْرُهُ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِهِ وَالتَّيَقُّظُ لِفَهْمِهِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى