الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَاقِفُ لِلْقَيِّمِ تَفْوِيضَ أَمْرِهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ مِثْلَ مَا شَرَطَهُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ فَجَعَلَ الْقَيِّمُ بَعْضَ مَعْلُومِهِ لِرَجُلٍ أَقَامَهُ قَيِّمًا وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي ثُمَّ مَاتَ يَكُونُ لِوَصِيِّهِ مَا سُمِّيَ لَهُ فَقَطْ وَيَرْجِعُ الْبَاقِي إلَى أَصْلِ الْغَلَّةِ وَلَوْ شَرَطَ الْمَعْلُومَ وَلَمْ يُشْرَطْ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِغَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ لِأَحَدٍ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِأَمْرِ الْوَقْفِ وَيَنْقَطِعُ الْمَعْلُومُ عَنْهُ بِمَوْتِهِ وَلَوْ وَكَّلَ هَذَا الْقَيِّمُ وَكِيلًا فِي الْوَقْفِ أَوْ أَوْصَى بِهِ إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَ لَهُ كُلَّ الْمَعْلُومِ أَوْ بَعْضَهُ ثُمَّ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا يَبْطُلُ تَوْكِيلُهُ وَوِصَايَتُهُ وَمَا جُعِلَ لِلْوَصِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ مِنْ الْمَالِ وَيَرْجِعُ إلَى غَلَّةِ الْوَقْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ عَيَّنَهُ لِجِهَةٍ أُخْرَى عِنْدَ انْقِطَاعِهِ عَنْ الْقَيِّمِ فَيَنْفُذُ فِيهَا حِينَئِذٍ وَقُدِّرَ الْجُنُونُ الْمُطْبِقُ بِمَا يَبْقَى حَوْلًا لِسُقُوطِ الْفَرَائِضِ كُلِّهَا عَنْهُ وَلَوْ عَادَ عَقْلُهُ عَادَتْ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ لِأَنَّهَا زَالَتْ بِعَارِضٍ فَإِذَا زَالَ عَادَ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْإِسْعَافِ.
قَوْلُهُ (وَيُنْزَعُ لَوْ خَائِنًا كَالْوَصِيِّ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يُنْزَعَ) أَيْ وَيَعْزِلُ الْقَاضِي الْوَاقِفَ الْمُتَوَلِّيَ عَلَى وَقْفِهِ لَوْ كَانَ خَائِنًا كَمَا يَعْزِلُ الْوَصِيَّ الْخَائِنَ نَظَرًا لِلْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ وَلَا اعْتِبَارَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ أَنْ لَا يَعْزِلَهُ الْقَاضِي وَالسُّلْطَانُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ فَبَطَلَ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ لِلْقَاضِي عَزْلَ الْمُتَوَلِّي الْخَائِنِ غَيْرِ الْوَاقِفِ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ عَزْلَ الْقَاضِي لِلْخَائِنِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَمُقْتَضَاهُ الْإِثْمُ بِتَرْكِهِ وَالْإِثْمُ بِتَوْلِيَةِ الْخَائِنِ وَلَا شَكَّ فِيهِ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْخَائِنِ وَالسَّارِقِ وَالْغَاصِبِ بِأَنَّ الْخَائِنَ هُوَ الَّذِي خَانَ مَا جُعِلَ عَلَيْهِ أَمِينًا وَالسَّارِقُ مَنْ أَخَذَ خُفْيَةً مِنْ مَوْضِعٍ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَرُبَّمَا قِيلَ كُلُّ سَارِقٍ خَائِنٍ دُونَ عَكْسِهِ وَالْغَاصِبُ مَنْ أَخَذَ جِهَارًا مُعْتَمِدًا عَلَى قُوَّتِهِ اهـ.
وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَعْزِلُهُ الْقَاضِي بِمُجَرَّدِ الطَّعْنِ فِي أَمَانَتِهِ وَلَا يُخْرِجُهُ إلَّا بِخِيَانَةٍ ظَاهِرَةٍ بِبَيِّنَةٍ وَإِنَّ لَهُ إدْخَالَ غَيْرِهِ مَعَهُ إذَا طَعَنَ فِي أَمَانَتِهِ وَأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهُ ثُمَّ تَابَ وَأَنَابَ أَعَادَهُ وَأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ التَّعْمِيرِ خِيَانَةٌ وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْوَقْفَ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ تَصَرَّفَهُ تَصَرُّفًا غَيْرَ جَائِزٍ لِمَا بِهِ وَبَيَّنَّاهُ غَايَةَ الْبَيَانِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى نَصْبِ الْقَاضِي الْمُتَوَلِّي
وَإِنَّمَا الْكَلَامُ الْآنَ فِي
شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ
فَقَدْ أَفَادُوا هُنَا أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ شَرْطٍ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ فَقَالُوا هُنَا إنَّ اشْتِرَاطَهُ أَنْ لَا يَعْزِلَهُ الْقَاضِي شَرْطٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوَاهُ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ مَا هُوَ صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ يُعْمَلُ بِهِ وَمِنْهَا مَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَنَصَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ عَنْ شَيْخِهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: قَوْلُ الْفُقَهَاءِ: نُصُوصُهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ يَعْنِي فِي الْفَهْمِ وَالدَّلَالَةِ لَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ مَعَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ لَفْظَهُ وَلَفْظَ الْمُوصِي وَالْحَالِفِ وَالنَّاذِرِ وَكُلِّ عَاقِدٍ يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ فِي خِطَابِهِ وَلُغَتِهِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا وَافَقَتْ لُغَةَ الْعَرَبِ وَلُغَةَ الشَّرْعِ أَمْ لَا وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ جِهَادٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ وَنَحْوَهُ لَمْ يَصِحَّ. اهـ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ قُلْتُ: وَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى مَا ذَكَرَ فَمَا كَانَ مِنْ عِبَارَةِ الْوَاقِفِ مِنْ قَبِيلِ الْمُفَسَّرِ لَا يَحْتَمِلُ تَخْصِيصًا وَلَا تَأْوِيلًا يُعْمَلُ بِهِ وَمَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الظَّاهِرِ كَذَلِكَ وَمَا اُحْتُمِلَ وَفِيهِ قَرِينَةٌ حُمِلَ عَلَيْهَا وَمَا كَانَ مُشْتَرَكًا لَا يُعْمَلُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا عُمُومَ لَهُ عِنْدَنَا وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ نَظَرُ الْمُجْتَهِدِ لِتَرَجُّحِ أَحَدِ مَدْلُولَيْهِ وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْمُجْمَلِ إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ وَإِنْ كَانَ حَيًّا يَرْجِعُ إلَى بَيَانِهِ هَذَا مَعْنَى مَا أَفَادَهُ. اهـ.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا إذَا تَرَكَ صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ مُبَاشَرَتَهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ فِيهَا الْعَمَلُ لَا يَأْثَمُ عِنْدَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَمُقْتَضَاهُ الْإِثْمُ بِتَرْكِهِ) مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي الْمَوْضِعِ الثَّالِثِ عَنْ الْخَصَّافِ أَنَّهُ يُخْرِجُهُ أَوْ يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ وَقَدَّمْنَا الْجَوَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَزْلِهِ إزَالَةُ ضَرَرِهِ عَنْ الْوَقْفِ فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ بِضَمِّ ثِقَةٍ إلَيْهِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ وَإِنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ التَّعْمِيرِ خِيَانَةٌ) قَالَ الرَّمْلِيُّ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَا يُعَمَّرُ بِهِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَخِيفَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ بِتَأْخِيرِ الْعِمَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
[شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ]
(قَوْلُهُ قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ وَأَرَادَ بِشَيْخِ الْإِسْلَامِ تَقِيَّ الدِّينِ بْنَ تَيْمِيَّةَ الْحَنْبَلِيَّ فَإِنَّهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَزَا هَذَا إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ شَيْخِهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَأَبُو دَاوُد عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُفْلِحٍ وَشَيْخُهُ هُوَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَهَذَا كَمَا تَرَى لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ رَأْيًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَأَيُّ مَانِعٍ مِنْ أَنَّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَدَاءَ خِدْمَةٍ كَقِرَاءَةٍ أَوْ تَدْرِيسٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَمَّا الْعَمَلُ أَوْ التَّرْكُ لِمَنْ يَعْمَلُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَعْمَلْ أَوْ لَمْ يَتْرُكْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي إثْمِهِ وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ مِمَّا يَلْزَمُ بِتَعْطِيلِهَا تَرْكُ شَعِيرَةٍ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ كَالْأَذَانِ وَنَحْوِهِ فَتَدَبَّرْهُ. اهـ.
وَقَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ هَذَا الشَّارِحُ فِي فَتَاوَاهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّرْفَ فِي الْوَقْفِ عَلَى اتِّبَاعِ شَرْطِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى بِمِلْكِهِ فَهَذِهِ الشُّرُوطُ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهَا وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ وَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ قَاضٍ إمْضَاءً إلَخْ نَقْلًا عَنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِلْأَسْيُوطِيِّ مُعَزِّيًا إلَى فَتَاوَى السُّبْكِيّ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي يُنْقَضُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إذَا كَانَ
اللَّهِ تَعَالَى غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ وَمِنْ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ الْخَصَّافُ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْمُتَوَلِّي الْأَرْضَ فَإِنَّ إجَارَتَهَا بَاطِلَةٌ وَكَذَا اشْتَرَطَ أَنْ لَا يُعَامَلَ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ نَخْلٍ وَأَشْجَارٍ وَكَذَا إذَا شَرَطَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إذَا أَجَّرَهَا فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ التَّوْلِيَةِ فَإِذَا خَالَفَ الْمُتَوَلِّي صَارَ خَارِجًا وَيُوَلِّيهَا الْقَاضِي مَنْ يَثِقُ بِأَمَانَتِهِ وَكَذَا إذَا شَرَطَ أَنَّهُ إنْ أَحْدَثَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْوَقْفِ حَدَثًا فِي الْوَقْفِ يُرِيدُ إبْطَالَهُ كَانَ خَارِجٌ اُعْتُبِرَ فَإِنْ نَازَعَ الْبَعْضُ وَقَالَ أَرَدْتُ تَصْحِيحَ الْوَقْفِ وَقَالَ سَائِرُ أَهْلِ الْوَقْفِ إنَّمَا أَرَدْتَ إبْطَالَهُ نَظَرَ الْقَاضِي فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ تَنَازَعُوا فَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ تَصْحِيحَهُ فَلَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ إبْطَالَهُ أَخْرَجَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى إخْرَاجِهِمْ.
وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ نَازَعَ الْقَيِّمَ وَتَعَرَّضَ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ لِإِبْطَالِهِ فَنَازَعَهُ الْبَعْضُ وَقَالَ مَنَعَنِي حَقِّي صَارَ خَارِجًا وَلَوْ كَانَ طَالِبًا حَقَّهُ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ طَالَبَهُ بِحَقِّهِ فَلِلْمُتَوَلِّي إخْرَاجُهُ فَلَوْ أَخْرَجَهُ لَيْسَ لَهُ إعَادَتُهُ بِدُونِ الشَّرْطِ وَمِنْهَا مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ إلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ صَارَ خَارِجًا فَانْتَقَلَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ صَارَ خَارِجًا فَإِنْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ صَارَ مُعْتَزِلِيًّا فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ إلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ صَارَ خَارِجًا اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَى غَيْرِهِ فَصَارَ خَارِجِيًّا أَوْ رَافِضِيًّا خَرَجَ فَلَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْإِسْلَامِ خَرَجَ الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ فَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَذْهَبِ الْإِثْبَاتِ إلَى غَيْرِهِ خَرَجَ فَخَرَجَ وَاحِدٌ ثُمَّ عَادَ إلَى مَذْهَبِ الْإِثْبَاتِ لَا يَعُودُ إلَى الْوَقْفِ إلَّا بِالشَّرْطِ وَكَذَلِكَ لَوْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ مَذْهَبًا مِنْ الْمَذَاهِبِ وَشَرَطَ أَنَّهُ إنْ انْتَقَلَ عَنْهُ خَرَجَ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ.
وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ قَرَابَتِهِ مِنْ بَغْدَادَ فَلَا حَقَّ لَهُ اُعْتُبِرَ لَكِنْ هُنَا إذَا عَادَ إلَى بَغْدَادَ رُدَّ إلَى الْوَقْفِ وَلَوْ شَرَطَ وَقْفَهُ عَلَى الْعُمْيَانِ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّ فِيهِمْ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ وَكَذَا عَلَى الْعُورَانِ وَالْعُرْجَانِ وَالزَّمْنَى. اهـ.
مُخْتَصَرًا وَمِنْهَا مَا فِي قَاضِي خَانْ لَوْ وَقَفَ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ عَدَمَ تَزَوُّجِهِنَّ كَانَ الشَّرْطُ صَحِيحًا فَعَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَ فِي حَقِّ الصُّوفِيَّةِ بِالْمَدْرَسَةِ عَدَمَ التَّزَوُّجِ كَمَا بِالْمَدْرَسَةِ الشَّيْخُونِيَّةِ بِالْقَاهِرَةِ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ وَمِنْهَا مَا فِي الْفَتَاوَى أَيْضًا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا تُؤَاجَرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهَا وَكَانَتْ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَلَكِنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُؤَاجِرَهَا الْقَاضِي أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ النَّظَرِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَلَى الْمَيِّتِ أَيْضًا وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا تُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إلَّا إذَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا بِنَفْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إذَا كَانَ رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَاضِي. اهـ.
وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الشَّرَائِطَ الرَّاجِعَةَ إلَى الْغَلَّةِ وَتَحْصِيلَهَا لَا يَقْدِرُ الْمُتَوَلِّي عَلَى مُخَالَفَتِهَا وَلَوْ كَانَ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ وَإِنَّمَا يُخَالِفُهَا الْقَاضِي وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَمْ تَرْجِعْ إلَى الْغَلَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مُخَالَفَةُ الْقَاضِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي تَقْرِيرِ الْقَاضِي فَرَّاشًا لِلْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَفِي الْقُنْيَةِ وَقَفَ عَلَى الْمُتَفَقِّهَةِ حِنْطَةً فَيَدْفَعُهَا الْقَيِّمُ دَنَانِيرَ
ــ
[منحة الخالق]
حُكْمًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ قَالَ وَمَا خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَهُوَ حُكْمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ نَصَّهُ فِي الْوَاقِفِ نَصًّا أَوْ ظَاهِرًا. اهـ.
قَالَ هَذَا الشَّارِحُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ مَشَايِخِنَا كَغَيْرِهِمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ اهـ.
فَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ أَيْضًا تَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ.
قُلْتُ: اسْتَثْنَى الْمُؤَلِّفُ فِي أَشْبَاهِهِ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلَ الْأُولَى شَرَطَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْزِلُ النَّاظِرَ فَلَهُ عَزْلُ غَيْرِ الْأَهْلِ الثَّانِيَةُ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ وَقْفُهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهِ سَنَةً أَوْ كَانَ فِي الزِّيَادَةِ نَفْعٌ لِلْفُقَرَاءِ فَلِلْقَاضِي الْمُخَالَفَةُ دُونَ النَّاظِرِ الثَّالِثَةُ لَوْ شَرَطَ أَنْ يُقْرَأَ عَلَى قَبْرِهِ فَالتَّعْيِينُ بَاطِلٌ الرَّابِعَةُ شَرَطَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَاضِلِ الْغَلَّةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ فِي مَسْجِدِ كَذَا كُلَّ يَوْمٍ لَمْ يُرَاعَ شَرْطُهُ وَلِلْقَيِّمِ التَّصَدُّقُ عَلَى سَائِلِ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَسْأَلُهُ الْخَامِسَةُ لَوْ شَرَطَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ خُبْزًا وَلَحْمًا مُعَيَّنًا كُلَّ يَوْمٍ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ مِنْ النَّقْدِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَهُمْ طَلَبُ الْعَيْنِ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ السَّادِسَةُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى مَعْلُومِ الْإِمَامِ إذَا كَانَ لَا يَكْفِيهِ وَكَانَ عَالِمًا تَقِيًّا السَّابِعَةُ شَرَطَ الْوَاقِفُ عَدَمَ الِاسْتِبْدَالِ فَلِلْقَاضِي الِاسْتِبْدَالُ إذَا كَانَ أَصْلَحَ. اهـ.
كَلَامُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ هُنَا إذَا عَادَ إلَخْ) لِأَنَّ النَّظَرَ هَاهُنَا إلَى حَالِهِمْ يَوْمَ الْقِسْمَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ وَكَانَ فِيهِمْ فُقَرَاءُ وَأَغْنِيَاءُ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ لَوْ افْتَقَرَ الْأَغْنِيَاءُ وَاسْتَغْنَى الْفُقَرَاءُ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِمَنْ افْتَقَرَ دُونَ مَنْ اسْتَغْنَى وَلَوْ لَمْ يُنْظَرْ إلَى حَالِهِمْ يَوْمَ الْقِسْمَةِ لَرُبَّمَا لَزِمَهُ دَفْعُ الْغَلَّةِ إلَى الْأَغْنِيَاءِ دُونَ الْفُقَرَاءِ إسْعَافٌ
فَلَهُمْ طَلَبُ الْحِنْطَةِ وَلَهُمْ أَخْذُ الدَّنَانِيرِ إنْ شَاءُوا. اهـ.
وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْخِيَارَ لَلْمُسْتَحِقِّينَ فِي أَخْذِ الْخُبْزِ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ أَوْ قِيمَتِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُتَوَلِّي وَأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ مَا شَاءُوا وَفِي الْقُنْيَةِ يَجُوزُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ وُجُوهِ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ إلَى الْإِمَامِ إذَا كَانَ يَتَعَطَّلُ لَوْ لَمْ يَصْرِفْ إلَيْهِ يَجُوزُ صَرْفُ الْفَاضِلِ عَنْ الْمَصَالِحِ إلَى الْإِمَامِ الْفَقِيرِ بِإِذْنِ الْقَاضِي لَا بَأْسَ بِأَنْ يُعَيِّنَ شَيْئًا مِنْ مُسَبَّلَاتِ الْمَصَالِحِ لِلْإِمَامِ زَيْدٍ فِي وَجْهِ الْإِمَامِ مِنْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ نُصِبَ إمَامٌ آخَرُ فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِقِلَّةِ وُجُودِ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ لِمَعْنًى فِي الْإِمَامِ الْأَوَّلِ نَحْوُ فَضِيلَةٍ أَوْ زِيَادَةِ حَاجَةٍ فَلَا تَحِلُّ لِلثَّانِي قَالَ الْإِمَامُ لِلْقَاضِي إنَّ مَرْسُومِي الْمُعَيَّنِ لَا يَفِي بِنَفَقَتِي وَنَفَقَةِ عِيَالِي فَزَادَ الْقَاضِي فِي مَرْسُومِهِ مِنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ رِضَا أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَالْإِمَامُ مُسْتَغْنٍ وَغَيْرُهُ يَؤُمُّ بِالْمَرْسُومِ الْمَعْهُودِ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ إذَا كَانَ عَالِمًا تَقِيًّا. اهـ.
ثُمَّ قَالَ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ أَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَضَعَهَا حَيْثُ شَاءَ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْأَغْنِيَاءَ وَفِيهَا مِنْ بَابِ الْوَقْفِ الَّذِي مَضَى زَمَنُ صَرْفِهِ وَلَمْ يَصْرِفْهُ إلَى الْمَصْرِفِ مَاذَا يَصْنَعُ بِهِ وَقَفَ مُسْتَغَلًّا عَلَى أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَلَّتِهِ كَذَا شَاةً كُلَّ سَنَةٍ وَقْفًا صَحِيحًا وَلَمْ يُضَحِّ الْقَيِّمُ عَنْهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَفِيهَا بَابُ تَصَرُّفَاتِ الْقَيِّمِ مِنْ التَّبْدِيلِ وَتَغْيِيرِ الشُّرُوطِ وَنَحْوِهَا قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ رحمه الله إذَا جَعَلَ الْوَقْفَ عَلَى شِرَاءِ الْخُبْزِ وَالثِّيَابِ وَالتَّصَدُّقِ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ يَجُوزُ عِنْدِي بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ مِنْ غَيْرِ شِرَاءِ خُبْزٍ وَلَا ثَوْبٍ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ هُوَ الْمَقْصُودُ حَتَّى جَازَ التَّقَرُّبُ بِالتَّصَدُّقِ دُونَ الشِّرَاءِ.
وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ عَلَى مُحْتَاجِي الْمُجَاهِدِينَ جَازَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ كَالْخُبْزِ وَالثِّيَابِ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُسَلِّمَهُ الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ فَيُجَاهِدَ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ وَيَسْتَرِدَّ مِمَّنْ أَحَبَّ ثُمَّ يَدْفَعَ إلَى مَنْ أَحَبَّ جَازَ الْوَقْفُ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَلَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ وَلَا بِالسِّلَاحِ بَلْ يَشْتَرِي الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ وَيَبْذُلُهَا لِأَهْلِهَا عَلَى وَجْهِهَا لِأَنَّ الْوَقْفَ وَقَعَ لِلْإِبَاحَةِ لَا لِلتَّمْلِيكِ وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى شِرَاءِ النَّسَمِ وَعِتْقِهَا جَازَ وَلَمْ يَجُزْ إعْطَاءُ الْغَلَّةِ وَكَذَا لَوْ وَقَفَ لِيُضَحِّيَ أَوْ لِيُهْدِيَ إلَى مَكَّةَ فَيَذْبَحَ عَنْهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ جَازَ وَهُوَ دَائِمٌ أَبَدًا وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ يُرَاعَى فِيهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَمَا لَوْ نَذَرَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ بِذَبْحِ شَاتِهِ أُضْحِيَّةً لَمْ يَتَصَدَّقْ بِقِيمَتِهِ وَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا سَمَّى وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَبْدِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ شَاتِه أَوْ ثَوْبِهِ جَازَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ.
وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مُحْتَاجِي أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُمْ الثِّيَابَ وَالْمِدَادَ وَالْكَاغَدَ وَنَحْوَهَا مِنْ مَصَالِحِهِمْ جَازَ الْوَقْفُ وَهُوَ دَائِمٌ لِأَنَّ لِلْعُلُومِ طُلَّابًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَجُوزُ مُرَاعَاةُ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ التَّصَدُّقُ عَلَيْهِمْ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ وَلَوْ وَقَفَ لِيَشْتَرِيَ بِهِ الْكُتُبَ وَيَدْفَعَ إلَى أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا جَازَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ وَإِنْ كَانَ إبَاحَةً وَإِعَارَةً فَلَا وَقَفَ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ مَنًّا مِنْ الْخُبْزِ وَرُبْعًا مِنْ اللَّحْمِ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِمْ قِيمَةَ ذَلِكَ وَرِقًا وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَاضِلِ غَلَّةِ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ فِي مَسْجِدِ كَذَا كُلَّ يَوْمٍ.
فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى السُّؤَالِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى فَقِيرٍ لَا يَسْأَلُ قَالَ رضي الله عنه الْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ يُرَاعَى فِي هَذَا الْأَخِيرِ شَرْطُ الْوَاقِفِ. اهـ.
فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ الْوَصْفُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَصَرِيحِ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى إمَامٍ حَنَفِيٍّ قُلْتُ: نَعَمْ فَلَا يَجُوزُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ إلَخْ) أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ثُبُوتَ طَلَبِ الْحِنْطَةِ لَهُمْ لِكَوْنِهَا أَصْلَ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ وَأَمَّا أَنَّ لَهُمْ أَخْذَ الدَّنَانِيرِ فَهُوَ لِكَوْنِ الْقَيِّمِ رَضِيَ بِذَلِكَ فَإِذَا رَضُوا أَيْضًا بِأَخْذِهَا بَدَلًا عَنْ أَصْلِ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ جَازَ ذَلِكَ وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَهُمْ اسْتِبْدَالَ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ بِالدَّنَانِيرِ سَوَاءٌ رَضِيَ الْقَيِّمُ أَوْ لَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ يَجُوزُ صَرْفُ شَيْءٍ إلَخْ) أَيْ إذَا اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ قَوْلِهِ وَيُبْدَأُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِعِمَارَتِهِ فِي قَوْلِهِ السَّادِسَ عَشَرَ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَام لِلْقَاضِي إنَّ مَرْسُومِي إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ (عت) فِي وُجُوهِ الْإِمَامَةِ قِلَّةٌ فَزَادَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ دَارًا لَهُ مِنْ مُسَبَّلَاتِ الْمَسْجِدِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ لَا يَنْفُذُ نَقَلَهُ الزَّاهِدِيُّ فِي قُنْيَتِهِ وَكَذَا فِي حَاوِيهِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي رِسَالَتِهِ الْقَوْلُ النَّفْيُ نَاقِلًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ كَانَ لِلْإِمَامِ مَعْلُومٌ فَزَادُوهُ وَحَكَمَ بِذَلِكَ حَاكِمٌ هَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ قَالَ لَا. اهـ.
وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْحَاوِي قَالَ فِي الرِّسَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَذَا يُفِيدُ مَنْعَ الزِّيَادَةِ فِي الْمَعَالِيمِ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَانِنَا إذَا كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ شَرْطِ الْوَاقِفِينَ وَأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي لَيْسَ بِنَافِذٍ فِيهَا فَمَنْ جَعَلَ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي مُطْلَقًا فَقَدْ زَادَ فِي الشَّرِيعَةِ بِرَأْيِهِ وَأَفْسَدَ الدِّينَ بِسُوءِ فَهْمِهِ فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ حَاكِمٍ رَوْعُهُ وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مَنْعُهُ اهـ.
أَقُولُ: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَطَّلْ الْمَسْجِدُ بِقُلِّ الْمَرْسُومِ عَنْ الْإِمَامَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الَّذِي يَقْبَلُ الْقَلِيلَ عَالِمًا تَقِيًّا أَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ جَاهِلًا فَاسِقًا فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأَشْبَاهِ بِجَوَازِ الزِّيَادَةِ بِقَوْلِهِ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى مَعْلُومِ الْإِمَامِ إذَا كَانَ لَا يَكْفِيهِ وَكَانَ عَالِمًا تَقِيًّا