الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَشْتَرِطُ التَّسْلِيمَ فِي الْأَوْقَافِ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَجَازَ وَقْفَ الْمَقَابِرِ وَالطُّرُقِ قَالَ هِلَالٌ وَكَذَلِكَ الْقَنْطَرَةُ يَتَّخِذُهَا الرَّجُلُ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَتَطَرَّقُونَ فِيهَا لَا يَكُونُ بِنَاؤُهَا مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ وَقَدْ صَارَ وَقْفًا وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَوَازِ وَقْفِ الْبِنَاءِ وَفِي الْقُنْيَةِ صَغِيرٌ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ السِّقَايَةِ مَاءً لِإِصْلَاحِ الدَّوَاةِ أَوْ قَصْعَةً لِلشُّرْبِ ثُمَّ بَلَغَ فَنَدِمَ لَا يَكْفِيهِ النَّدَمُ بَلْ يَرُدُّ الضَّمَانَ إلَى الْقَيِّمِ وَلَا يَجْزِيهِ صَبُّ مِثْلِهِ فِي السِّقَايَةِ أَخَذَ مِنْ السِّقَايَةِ مَاءً مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَ جَرَّةً مَثَلًا وَكَانَ الْقَيِّمُ قَدْ صَبَّ فِي تِلْكَ السِّقَايَةِ خَمْسِينَ جَرَّةً فَصَبَّ هُوَ جَرَّةً قَضَاءً لِلْحَقِّ بَعْدَ إذْنِ الْقَيِّمِ صَارَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِلْمَاءِ وَالْجَمَدِ لَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّتِهَا خَابِيَةً لِيَسْقِيَ الْمَاءَ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يُدْفَنَ فِيهَا أَقْرِبَاؤُهُ فَإِذَا انْقَطَعُوا فَأَخَّرَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَدَفَنَ فِيهَا مِنْ أَقْرِبَائِهِ حَالَ حَيَاتِهِ صَحَّ الْوَقْفُ.
وَلَوْ وَقَفَ مَقْبَرَةً أَوْ خَانًا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلِوَارِثِهِ أَنْ يَدْفِنَ فِيهَا أَوْ يُنْزِلَ فِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ جُعِلَ شَيْءٌ مِنْ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا صَحَّ كَعَكْسِهِ) يَعْنِي إذَا بَنَى قَوْمٌ مَسْجِدًا وَاحْتَاجُوا إلَى مَكَان لِيَتَّسِعَ فَأَدْخَلُوا شَيْئًا مِنْ الطَّرِيقِ لِيَتَّسِعَ الْمَسْجِدُ وَكَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ جَازَ ذَلِكَ وَكَذَا إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ عَلَى النَّاسِ وَبِجَنْبِهِ أَرْضٌ لِرَجُلٍ تُؤْخَذُ أَرْضُهُ بِالْقِيمَةِ كَرْهًا لِمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم لَمَّا ضَاقَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ أَخَذُوا أَرْضِينَ بِكُرْهٍ مِنْ أَصْحَابِهَا بِالْقِيمَةِ وَزَادُوا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ فِي الْمَسْجِدِ مَمَرًّا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِتَعَارُفِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فِي الْجَوَامِعِ وَجَازَ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ حَتَّى الْكَافِرِ إلَّا الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا فِيهِ الدَّوَابَّ.
كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ رحمه الله وَفِي الْخَانِيَّةِ طَرِيقٌ لِلْعَامَّةِ وَهِيَ وَاسِعَةٌ فَبَنَى فِيهِ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ مَسْجِدًا لِلْعَامَّةِ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ بِالطَّرِيقِ قَالُوا لَا بَأْسَ بِهِ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمَسْجِدُ لَهُمْ أَيْضًا وَإِنْ أَرَادَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَنْ يُدْخِلُوا شَيْئًا مِنْ الطَّرِيقِ فِي دُورِهِمْ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالطَّرِيقِ لَا يَكُونُ لَهُمْ ذَلِكَ وَلِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ تَحْوِيلُ بَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ.
قَوْمٌ بَنَوْا مَسْجِدًا وَاحْتَاجُوا إلَى مَكَان لِيَتَّسِعَ الْمَسْجِدُ فَأَخَذُوا مِنْ الطَّرِيقِ وَأَدْخَلُوهُ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالطَّرِيقِ لَا يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ عَلَى النَّاسِ وَبِجَنْبِهِ أَرْضٌ لِرَجُلٍ تُؤْخَذُ أَرْضُهُ بِالْقِيمَةِ كَرْهًا وَلَوْ كَانَ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ أَرْضُ وَقْفٍ عَلَى الْمَسْجِدِ فَأَرَادُوا أَنْ يَزِيدُوا شَيْئًا فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْأَرْضِ جَازَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْقَاضِي. اهـ.
وَقَدَّمْنَا حُكْمَ مَا إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ بِزِيَادَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ الطَّرِيقِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
(كِتَابُ الْبَيْعِ)
قَدَّمْنَا فِي الطَّهَارَةِ أَنَّ الْمَشْرُوعَاتِ أَرْبَعَةٌ: حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى خَالِصَةٌ وَحُقُوقُ الْعِبَادِ خَالِصَةٌ وَمَا اجْتَمَعَا وَغَلَبَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا اجْتَمَعَا وَغَلَبَ حَقُّ الْعَبْدِ وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ خَلْقِ الثَّقَلَيْنِ، ثُمَّ شَرَعَ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَبَدَأَ بِالنِّكَاحِ وَمَا يَتْبَعُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَذَكَرَ الْعَتَاقَ لِمُنَاسَبَةِ الطَّلَاقِ فِي الْإِسْقَاطِ، ثُمَّ الْأَيْمَانَ لِمُنَاسَبَتِهَا لِكِلَيْهِمَا، ثُمَّ الْحُدُودَ لِمُنَاسَبَتِهَا لِلْيَمِينِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَّارَةِ، فَإِنَّهَا دَائِرَةٌ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْعُقُوبَةِ وَالْحُدُودُ عُقُوبَاتٌ، ثُمَّ ذَكَرَ السِّيَرَ بَعْدَهَا لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَقْصُودِ وَهُوَ إخْلَاءُ الْعَالَمِ عَنْ الْفَسَادِ وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ مُعَامَلَةٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ. وَالثَّانِي مَعَ الْكُفَّارِ، ثُمَّ اللَّقِيطَ لِلِاشْتِرَاكِ فِي كَوْنِ النُّفُوسِ عُرْضَةٌ لِلْفَوَاتِ، ثُمَّ اللُّقَطَةَ لِلِاشْتِرَاكِ فِي كَوْنِ الْأَمْوَالِ كَذَلِكَ، وَكَذَا فِي الْإِبَاقِ وَالْمَفْقُودِ، ثُمَّ ذَكَرَ الشَّرِكَةَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَمَّا كَانَ فِيهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِ الشَّرِيكِ كَانَ بِعَرْضِيَّةِ التَّوَى، ثُمَّ الْوَقْفَ بَعْدَهَا
ــ
[منحة الخالق]
وَإِنْ جُعِلَ شَيْءٌ مِنْ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا صَحَّ كَعَكْسِهِ
[كِتَابُ الْبَيْعِ]
لِلِاشْتِرَاكِ فِي اسْتِيفَاءِ الْأَصْلِ مَعَ الِانْتِفَاعِ بِالزِّيَادَةِ، ثُمَّ الْبُيُوعَ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إزَالَةُ الْمِلْكِ لَا إلَى مَالِكٍ وَفِي الْبُيُوعِ إلَيْهِ فَكَانَ الْوَقْفُ بِمَنْزِلَةِ الْبَسِيطِ وَالْبَيْعُ كَالْمُرَكَّبِ وَالْكَلَامُ فِيهِ يَقَعُ فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعَ: الْأَوَّلُ فِي مَعْنَاهُ لُغَةً وَشَرِيعَةً فَالْمَقْصُودُ مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَوْ لَا، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يوسف: 20] كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ بَاعَهُ يَبِيعُهُ بَيْعًا وَمَبِيعًا فَهُوَ بَائِعٌ وَبَيِّعٌ وَالْبَيْعُ مِنْ الْأَضْدَادِ مِثْلُ الشِّرَاءِ وَيُطْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنَّهُ بَائِعٌ لَكِنْ إذَا أُطْلِقَ الْبَائِعُ فَالْمُتَبَادِرُ إلَى الذِّهْنِ بَاذِلُ السِّلْعَةِ وَيُطْلَقُ الْبَيْعُ عَلَى الْمَبِيعِ فَيُقَالُ بَيْعٌ جَيِّدٌ وَيُجْمَعُ عَلَى بُيُوعٍ وَأَبَعْته بِالْأَلِفِ لُغَةً قَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ وَبِعْت زَيْدًا الدَّارَ يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ وَقَدْ تَدْخُلُ مِنْ عَلَى الْمَفْعُولِ الْأَوَّلُ عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ فَيُقَالُ بِعْت مِنْ زَيْدٍ الدَّارَ وَرُبَّمَا دَخَلَتْ اللَّامُ مَكَانَ مِنْ فَيُقَالُ بِعْتُك الشَّيْءَ وَبِعْت لَك فَهِيَ زَائِدَةٌ وَابْتَاعَ زَيْدٌ الدَّارَ بِمَعْنَى اشْتَرَاهَا وَبَاعَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَيْ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ وَفِي الْحَدِيثِ «لَا يَبِعْ أَحَدُكُمْ» أَيْ لَا يَشْتَرِي؛ لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْبَائِعِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «لَا يَبْتَاعُ أَحَدُكُمْ» وَيُرِيدُ يَحْرُمُ سَوْمُ الرَّجُلِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ لِقَوْلِهِمْ بَيْعٌ رَابِحٌ وَبَيْعٌ خَاسِرٌ وَذَلِكَ حَقِيقَةٌ فِي وَصْفِ الْأَعْيَانِ لَكِنَّهُ أُطْلِقَ عَلَى الْعَقْدِ مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ وَقَوْلُهُمْ صَحَّ الْبَيْعُ أَوْ بَطَلَ أَيْ صِيغَتُهُ لَكِنَّهُ لَمَّا حُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَهُوَ مُذْكَرٌ أُسْنِدَ الْفِعْلُ إلَيْهِ اهـ.
وَفِي الْقَامُوسِ بَاعَهُ يَبِيعُهُ بَيْعًا أَوْ مَبِيعًا وَالْقِيَاسُ مُبَاعًا إذَا بَاعَهُ، وَإِذَا اشْتَرَاهُ ضِدُّ وَهُوَ مَبِيعٌ وَمَبْيُوعٌ وَبِيعَ الشَّيْءُ قَدْ تُضَمُّ بَاؤُهُ فَيُقَالُ بُوعَ اهـ.
وَفِي الشَّرِيعَة مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ (هُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالتَّرَاضِي) مِنْ اسْتَبْدَلْت الثَّوْبَ بِغَيْرِهِ أَوْ بَدَّلْت الثَّوْبَ بِغَيْرِهِ أَبْدَلَهُ مِنْ بَابِ قَتَلَ، كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَفِي الْمِعْرَاجِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ زَادَ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ، فَقَالَ فِيهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَادَلَةَ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَالْمَالُ فِي اللُّغَةِ مَا مَلَكْته مِنْ شَيْءٍ وَالْجَمْعُ أَمْوَالٌ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَفِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ الْمَالُ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ وَالْمَالِيَّةُ إنَّمَا ثَبَتَ بِتَمَوُّلِ النَّاسِ كَافَّةً أَوْ بِتَقَوُّمِ الْبَعْضِ وَالتَّقَوُّمُ يَثْبُتُ بِهَا وَبِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ لَهُ شَرْعًا فَمَا يَكُونُ مُبَاحَ الِانْتِفَاعِ بِدُونِ تَمَوُّلِ النَّاسِ لَا يَكُونُ مَالًا كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَمَا يَكُونُ مَالًا بَيْنَ النَّاسِ وَلَا يَكُونُ مُبَاحَ الِانْتِفَاعِ لَا يَكُونُ مُتَقَوِّمًا كَالْخَمْرِ، وَإِذَا عُدِمَ الْأَمْرُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَالدَّمِ. اهـ.
وَصَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الْخَمْرَ لَيْسَ بِمَالٍ وَأَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْعَقِدْ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِخَمْرٍ، فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِالْقِيمَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. الْمَالُ اسْمٌ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّ خُلِقَ لِمَصَالِحِ الْآدَمِيِّ وَأَمْكَنَ إحْرَازُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ وَالْعَبْدُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ حَقِيقَةً حَتَّى لَا يَجُوزَ قَتْلُهُ وَإِهْلَاكُهُ. اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ لَمْ يَقُلْ عَلَى سَبِيلِ التَّرَاضِي لِيَشْمَلَ مَا لَا يَكُونُ بِتَرَاضٍ كَبَيْعِ الْمُكْرَهِ، فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ اهـ.
وَأَجَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ بِأَنَّ مَنْ ذَكَرَهُ أَرَادَ تَعْرِيفَ الْبَيْعِ النَّافِذِ وَمَنْ تَرَكَهُ أَرَادَ تَعْرِيفَ الْبَيْعِ مُطْلَقًا نَافِذًا كَانَ أَوْ غَيْرَ نَافِذٍ وَأَقُولُ: بَيْعُ الْمُكْرَهِ فَاسِدٌ مَوْقُوفٌ لَا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَقَطْ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ، وَقَدْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ لَا يَكُونُ مُتَقَوِّمًا كَالْخَمْرِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ رُبَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِ الْحَشِيشَةِ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَالًا لَكِنْ لَا يُبَاحُ فِي الشَّرْعِ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَبِهِ أَفْتَى مَوْلَانَا صَاحِبُ الْبَحْرِ اهـ.
غَزِّيٌّ وَأَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهَا لِغَيْرِ الْأَكْلِ لِكَوْنِهَا طَاهِرَةً بِخِلَافِ الْخَمْرِ لِكَوْنِهَا نَجِسَةً فَتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَصَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الْخَمْرَ لَيْسَ بِمَالٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَالِ الْمُتَقَوِّمَ وَإِلَّا فَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَالًا لَزِمَ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ الْبَيْعُ بِجَعْلِهَا ثَمَنًا مَعَ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا وَفِي التَّلْوِيحِ فِي فَصْلِ النَّهْيِ أَنَّ الْبَيْعَ بِالْخَمْرِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ جُعِلَتْ ثَمَنًا وَهُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بَلْ وَسِيلَةٌ إلَى الْمَقْصُودِ إذْ الِانْتِفَاعُ بِالْأَعْيَانِ لَا بِالْأَثْمَانِ، وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ وُجُودُ الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَارَ الثَّمَنُ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ بِمَنْزِلَةِ آلَاتِ الصُّنَّاعِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ لِكَوْنِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ إذْ الْمُتَقَوِّمُ مَا يَجِبُ إبْقَاؤُهُ بِعَيْنِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ وَالْخَمْرُ وَاجِبٌ اجْتِنَابُهَا بِالنَّصِّ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهَا لَكِنَّهَا تَصْلُحُ لِلثَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ وَيُدَّخَرُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ أَوْ مَا خُلِقَ لِمَصَالِحِ الْآدَمِيِّ وَيَجْرِي فِيهِ الشُّحُّ وَالضِّنَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَقُولُ: بَيْعُ الْمُكْرَهِ فَاسِدٌ مَوْقُوفٌ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ تَفْسِيرَ الْمَوْقُوفِ عِنْدَنَا الَّذِي لَا حُكْمَ لَهُ ظَاهِرٌ أَوْ أَقُولُ: كَيْفَ يَكُونُ مَوْقُوفًا مَعَ فَسَادِهِ وَالْمَوْقُوفُ مِنْ قَبِيلِ الصَّحِيحِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْفُذْ كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ بِنَفْسِهِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ مِنْ قِسْمِ الصَّحِيحِ أَوْ هُوَ قِسْمٌ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قِسْمِ الْفَاسِدِ هَكَذَا وَجَدْت مَكْتُوبًا عَلَى نُسْخَةِ بَعْضِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى قِسْمَيْنِ: فَاسِدٌ وَصَحِيحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
قُلْتُ: سَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ
عَرَّفَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّهُ فِي اللُّغَةِ وَالشَّرِيعَةِ الْمُبَادَلَةُ وَزِيدَ فِيهَا التَّرَاضِي وَرَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ إذَا فَقَدَ الرِّضَا لَا يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ بَيْعًا بَلْ غَصْبًا، وَلَوْ أَعْطَاهُ شَيْئًا آخَرَ مَكَانَهُ وَعَرَّفَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ مُبَادَلَةُ شَيْءٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ بِشَيْءٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بِالْقَوْلِ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْفِعْلِ فَالْأَوَّلُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ. وَالثَّانِي التَّعَاطِي اهـ.
وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِمْ أَنَّ مَعْنَاهُ الْمُبَادَلَةُ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ أَنَّ رُكْنَهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى مِنْ أَنَّهُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْمَحَلِّ عِنْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَرَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ نَفْسُ حُكْمِهِ وَهُوَ الْمِلْكُ، فَإِنَّهُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّصَرُّفِ ابْتِدَاءً إلَّا لِمَانِعٍ فَخَرَجَ بِالِابْتِدَاءِ قُدْرَةُ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَبِقَوْلِنَا إلَّا لِمَانِعِ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى بَيْعِهِ لِمَانِعِ النَّهْيِ وَفِي الْحَاوِي الْمِلْكُ الِاخْتِصَاصُ الْحَاجِزُ وَأَنَّهُ حُكْمُ الِاسْتِيلَاءِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ ثَبَتَ لَا غَيْرُ إذْ الْمَمْلُوكُ لَا يَمْلِكُ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ الْمِلْكَيْنِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ مُحَالٌ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ الَّذِي ثَبَتَ الْمِلْكُ فِيهِ خَالِيًا عَنْ الْمِلْكِ وَالْخَالِي عَنْ الْمِلْكِ هُوَ الْمُبَاحُ وَالْمُثْبِتُ لِلْمِلْكِ فِي الْمُبَاحِ الِاسْتِيلَاءُ لَا غَيْرُ. وَهُوَ طَرِيقُ الْمِلْكِ فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ فِيهَا وَبِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ الْحَاصِلُ بِالِاسْتِيلَاءِ إلَيْهِ فَمِنْ شَرْطِ الْبَيْعِ شُغْلُ الْمَبِيعِ بِالْمِلْكِ حَالَةَ الْبَيْعِ حَتَّى لَمْ يَصِحَّ فِي مُبَاحٍ قَبْلَ الِاسْتِيلَاءِ، وَمِنْ شَرْطِ الِاسْتِيلَاءِ خُلُوُّ الْمَحَلِّ عَنْ الْمِلْكِ وَقْتَهُ وَبِالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ تَحْصُلُ الْخِلَافَةُ عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى كَأَنَّهُ حَيٌّ لَا الِانْتِقَالُ حَتَّى مَلَكَ الْوُرَّاثُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ دُونَ الْمُشْتَرِي فَالْأَسْبَابُ ثَلَاثَةٌ مُثْبِتٌ لِلْمِلْكِ وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ وَنَاقِلٌ لِلْمِلْكِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ وَخِلَافَةٌ وَهُوَ الْمِيرَاثُ وَالْوَصِيَّةُ وَمَا أُرِيدَ لِأَجْلِهِ حُكْمُ التَّصَرُّفِ حِكْمَةً وَثَمَرَةً فَحُكْمُ الْبَيْعِ الْمِلْكُ وَحِكْمَتُهُ إطْلَاقُ الِانْتِفَاعِ وَالْعُقُودُ تَبْطُلُ إذَا خَلَتْ عَنْ الْأَحْكَامِ وَلَا تَبْطُلُ بِخُلُوِّهَا عَنْ الْحُكْمِ اهـ.
وَمِمَّا ظَهَرَتْ فِيهِ فَائِدَةُ الْخِلَافَةِ جَوَازُ إقَالَةِ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ، وَمِنْهَا الْخُصُومَةُ فِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ كَمَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ وَعَرَّفَهُ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّهُ عَقْدٌ مُتَضَمِّنٌ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ وَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَتِهِ شَرْعًا لِمَا سَمِعْت مِنْ أَنَّ الْمُبَادَلَةَ تَكُونُ بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ، وَإِنَّمَا زَادَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمِصْبَاحِ أَنَّ الْمُبَادَلَةَ حَقِيقَةً لِلْأَعْيَانِ وَلِلْعَقْدِ مَجَازٌ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ، وَإِنْ كَانَ مَبْنَاهُ عَلَى الْبَدَلَيْنِ لَكِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْمَبِيعُ دُونَ الثَّمَنِ، وَلِذَا تُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ وَيَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ.
وَأَمَّا رُكْنُهُ فَفِي الْبَدَائِعِ رُكْنُهُ الْمُبَادَلَةُ الْمَذْكُورَةُ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّ رُكْنَهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ الدَّالَّانِ عَلَى التَّبَادُلِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا مِنْ التَّعَاطِي فَرُكْنُ الْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى الرِّضَا بِتَبَادُلِ الْمِلْكَيْنِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ.
وَأَمَّا شَرَائِطُهُ فَأَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ: شَرْطُ انْعِقَادٍ وَشَرْطُ صِحَّةٍ وَشَرْطُ نَفَاذٍ وَشَرْطُ لُزُومٍ فَالْأَوَّلُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ فِي الْعَاقِدِ وَفِي نَفْس الْعَقْدِ وَفِي مَكَانِ الْعَقْدِ وَفِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَشَرَائِطُ الْعَاقِدِ: الْعَقْلُ فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَالْعَدَدُ فِي الْعَاقِدِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِالْوَكِيلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إلَّا فِي الْأَبِ وَوَصِيِّهِ، وَالْقَاضِي فَإِنَّهُ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إذَا بَاعُوا أَمْوَالَهُمْ مِنْهُ أَوْ اشْتَرَوْا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ لِلْيَتِيمِ فِي الْوَصِيِّ وَزَادَ فِي الْمِعْرَاجِ شِرَاءَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ بِأَمْرِهِ. وَأَمَّا الْقَاضِي، فَإِنَّهُ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ قَضَاءٌ وَقَضَاؤُهُ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ.
كَذَا فِي الْخِزَانَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ الْوَاحِدُ لَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إلَّا فِي الْأَبِ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ خواهر زاده هَذَا إذَا أَتَى بِلَفْظٍ يَكُونُ أَصِيلًا فِي ذَلِكَ اللَّفْظِ بِأَنْ قَالَ بِعْت هَذَا مِنْ وَلَدِي فَيُكْتَفَى بِهِ. وَأَمَّا إذَا أَتَى بِلَفْظٍ لَا يَكُونُ أَصْلًا فِيهِ بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ لِوَلَدِي لَا يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ اشْتَرَيْت وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ
ــ
[منحة الخالق]
فِي أَوَّلِ بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ لِلْمَشَايِخِ طَرِيقَيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ يُدْخِلُ الْمَوْقُوفَ تَحْتَ الصَّحِيحِ فَهُوَ قِسْمٌ مِنْهُ وَهُوَ الْحَقُّ لِصِدْقِ التَّعْرِيفِ وَحُكْمِهِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَا أَفَادَ الْمِلْكَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْقَبْضِ وَلَا يَضُرُّ تَوَقُّفُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ كَتَوَقُّفِ الْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ عَلَى إسْقَاطِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ قِسْمًا لِلصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ مَشَى الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ، فَإِنَّهُ قَسَّمَهُ إلَى صَحِيحٍ وَبَاطِلٍ وَفَاسِدٍ وَمَوْقُوفٍ اهـ.
وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ بَيْعِ الْمُكْرَهِ مَوْقُوفًا بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ لِمَا يَأْتِي مَتْنًا فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُمْضِيَ الْبَيْعَ أَوْ يَفْسَخَ وَأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ عِنْدَ الْقَبْضِ لِلْفَسَادِ فَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِكَوْنِهِ فَاسِدًا نَعَمْ يُخَالِفُ بَقِيَّةَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ فِي صُوَرٍ أَرْبَعَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي إكْرَاهِ التَّنْوِيرِ، وَقَدْ أَفَادَ فِي الْمَنَارِ وَشَرْحِهِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا لِعَدَمِ الرِّضَا الَّذِي هُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ وَأَنَّهُ بِالْإِجَازَةِ يَصِحُّ وَيَزُولُ الْفَسَادُ وَحِينَئِذٍ فَالْمَوْقُوفُ عَلَى الْإِجَازَةِ صِحَّتُهُ فَصَحَّ كَوْنُهُ فَاسِدًا مَوْقُوفًا وَظَهَرَ كَوْنُ الْمَوْقُوفِ مِنْهُ فَاسِدًا، وَمِنْهُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ التَّرَاضِيَ لَيْسَ خَاصًّا بِمَفْهُومِهِ الشَّرْعِيِّ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَزِيدَ فِيهَا أَيْ فِي الشَّرِيعَةِ التَّرَاضِي بَلْ هُوَ مَأْخُوذٌ فِي مَفْهُومِهِ اللُّغَوِيِّ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَتِهِ شَرْعًا) أَيْ إلَى زِيَادَةِ قَوْلِهِ عَقْدٌ