الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاسْتِحْبَابًا وَقَيَّدَ بِنِصْفِ السَّنَةِ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ فِي آخِرِهَا يُسْتَحَبُّ الصَّرْفُ إلَى قَرِيبِهِ لِأَنَّهُ قَدْ أَوْفَى تَعَبَهُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْوَفَاءُ ثُمَّ قِيلَ رِزْقُ الْقَاضِي وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ يُعْطَى فِي آخِرِ السَّنَةِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا أَخَذَهُ أَوَّلَهَا ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ مُضِيِّهَا قِيلَ يَجِبُ رَدُّ مَا بَقِيَ وَقِيلَ لَا يَجِبُ عِنْدَ هُمَا كَالنَّفَقَةِ الْمُعَجَّلَةِ إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. .
[بَابُ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ]
شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْكُفْرِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْأَصْلِيِّ وَالْمُرْتَدُّ فِي اللُّغَةِ الرَّاجِعُ مُطْلَقًا وَفِي الشَّرِيعَةِ الرَّاجِعُ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْبَدَائِعِ رُكْنُ الرِّدَّةِ إجْرَاءُ كَلِمَةِ الْكُفْرِ عَلَى اللِّسَانِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ بَعْدَ وُجُودِ الْإِيمَانِ وَشَرَائِطُ صِحَّتِهَا الْعَقْلُ فَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ الْمَجْنُونِ وَلَا الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَأَمَّا مَنْ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعٌ فَإِنْ ارْتَدَّ حَالَ الْجُنُونِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ ارْتَدَّ حَالَ إفَاقَتِهِ صَحَّتْ وَكَذَا لَا تَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ الذَّاهِبِ الْعَقْلِ وَالْبُلُوغُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّتِهَا مِنْ الصَّبِيِّ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَكَذَا الذُّكُورَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا وَمِنْهَا الطَّوْعُ فَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ الْمُكْرَهِ عَلَيْهَا اهـ.
وَالْإِيمَانُ التَّصْدِيقُ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم عَنْ اللَّهِ تبارك وتعالى مِمَّا عُلِمَ مَجِيئُهُ بِهِ ضَرُورَةً وَهَلْ هُوَ فَقَطْ أَوْ هُوَ مَعَ الْإِقْرَارِ قَوْلَانِ فَأَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الثَّانِي وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى الْأَوَّلِ وَالْإِقْرَارُ شَرْطُ إجْرَاءِ أَحْكَامِ الدُّنْيَا بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ يَعْتَقِدُ مَتَى طُولِبَ بِهِ أَتَى بِهِ فَإِنْ طُولِبَ بِهِ فَلَمْ يُقِرَّ فَهُوَ كُفْرُ عِنَادٍ وَالْكُفْرُ لُغَةً السَّتْرُ وَشَرْعًا تَكْذِيبُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ مِمَّا يَثْبُتُ عَنْهُ ادِّعَاؤُهُ ضَرُورَةً وَفِي الْمُسَايَرَةِ وَلِاعْتِبَارِ التَّعْظِيمِ الْمُنَافِي لِلِاسْتِخْفَافِ كَفَّرَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَلْفَاظٍ كَثِيرَةٍ وَأَفْعَالٍ تَصْدُرُ مِنْ الْمُتَهَتِّكِينَ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الِاسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ كَالصَّلَاةِ بِلَا وُضُوءٍ عَمْدًا بَلْ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى تَرْكِ سُنَّةٍ اسْتِخْفَافًا بِهَا بِسَبَبِ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زِيَادَةً أَوْ اسْتِقْبَاحَهَا كَمَنْ اسْتَقْبَحَ مِنْ آخَرَ جَعْلَ بَعْضِ الْعِمَامَةِ تَحْتَ حَلْقِهِ أَوْ إحْفَاءَ شَارِبِهِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمَنْ هَزَلَ بِلَفْظِ كُفْرٍ ارْتَدَّ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ لِلِاسْتِخْفَافِ فَهُوَ كَكُفْرِ الْعِنَادِ وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي يَكْفُرُ بِهَا تُعْرَفُ فِي الْفَتَاوَى اهـ.
فَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَلْفَاظَ التَّكْفِيرِ الْمَعْرُوفَةَ فِي الْفَتَاوَى مُوجِبَةٌ لِلرِّدَّةِ عَنْ الْإِسْلَامِ حَقِيقَةً وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيُحْكَى عَنْ بَعْضِ مَنْ لَا سَلَفَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ يَكْفُرُ بِكَذَا وَكَذَا فَذَاكَ لِلتَّخْوِيفِ وَالتَّهْوِيلِ لَا لِحَقِيقَةِ الْكُفْرِ وَهَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ إلَى آخِرِهِ.
وَالْحَقُّ أَنَّ مَا صَحَّ عَنْ الْمُجْتَهِدِ فَهُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَأَمَّا مَا ثَبَتَ عَنْ غَيْرِهِ فَلَا يُفْتَى بِهِ فِي مِثْلِ التَّكْفِيرِ وَلِذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ بَابِ الْبُغَاةِ أَنَّ الَّذِي صَحَّ عَنْ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْخَوَارِجِ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ وَيَقَعُ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ تَكْفِيرُ كَثِيرٍ لَكِنْ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ هُمْ الْمُجْتَهِدُونَ بَلْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَلَا عِبْرَةَ بِغَيْرِ الْفُقَهَاءِ اهـ.
فَيَكْفُرُ إذَا وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ أَوْ سَخِرَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ أَوْ بِأَمْرٍ مِنْ أَوَامِرِهِ وَأَنْكَرَ وَعْدَهُ أَوْ وَعِيدَهُ أَوْ جَعَلَ لَهُ شَرِيكًا أَوْ وَلَدًا أَوْ زَوْجَةً أَوْ نَسَبَهُ إلَى الْجَهْلِ أَوْ الْعَجْزِ أَوْ النَّقْصِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ فُلَانٌ فِي عَيْنِي كَالْيَهُودِيِّ فِي عَيْنِ اللَّهِ فَكَفَّرَهُ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ لَا إنْ عَنَى بِهِ اسْتِقْبَاحَ فِعْلِهِ وَقِيلَ يَكْفُرُ إنْ عَنَى الْجَارِحَةَ لَا الْقُدْرَةَ وَالْأَصَحُّ مَذْهَبُ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي الْمُتَشَابِهِ كَالْيَدِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ أَنْ يُقَالَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَيَكْفُرُ بِقَوْلٍ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ اللَّهُ فِعْلًا لَا حِكْمَةَ فِيهِ وَبِإِثْبَاتِ الْمَكَانِ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قَالَ اللَّهُ فِي السَّمَاءِ فَإِنْ قَصَدَ حِكَايَةَ مَا جَاءَ فِي ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ لَا يَكْفُرُ وَإِنْ أَرَادَ الْمَكَانَ كَفَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ كَفَرَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَيَكْفُرُ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْضَى بِالْكُفْرِ وَبِقَوْلِهِ لَوْ أَنْصَفَنِي اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ انْتَصَفْت مِنْك أَوْ إنْ قَضَى اللَّهُ يَوْمَ
ــ
[منحة الخالق]
(بَابُ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ)
(قَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ أَنْ يُقَالَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قِيلَ لَا تَجُوزُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ وَقِيلَ تَجُوزُ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ «يُوقَفُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الصِّرَاطِ» قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ رحمه الله هَذَا اللَّفْظُ مُوَسَّعٌ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ تَعَالَى مُنَزَّهًا عَنْ الْجِهَةِ وَجَوَّزَهُ السَّرَخْسِيُّ أَيْضًا وَمَنْ يَتَحَرَّزُ عَنْ إطْلَاقِهِ بِالْفَارِسِيَّةِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ فِتْنَةِ الْجُهَّالِ فَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الدِّينِ فَلَا بَأْسَ بِهِ
الْقِيَامَةِ أَوْ إذَا أَنْصَفَ وَبِقَوْلِهِ بَارَكَ اللَّهُ فِي كَذِبِك وَبِقَوْلِهِ اللَّهُ جَلَسَ لِلْإِنْصَافِ أَوْ قَامَ لَهُ وَبِقَوْلِهِ هَذَا لَا يَمْرَضُ هَذَا مِمَّنْ نَسِيَهُ اللَّهُ أَوْ مُنْسَى اللَّهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِوَصْفِهِ تَعَالَى بِالْفَوْقِ أَوْ بِالتَّحْتِ وَبِظَنِّهِ أَنَّ الْجَنَّةَ وَمَا فِيهَا لِلْفَنَاءِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَبِقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ أَنْت أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ اللَّهِ وَقِيلَ لَا وَبِقَوْلِهِ لَا أَخَافُ اللَّهَ أَوْ لَا أَخْشَاهُ عِنْدَ الْبَعْضِ.
وَمَحَلُّ الِاخْتِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ الِاسْتِهْزَاءِ وَبِقَوْلِهَا لَا جَوَابًا لِقَوْلِهِ أَمَا تَعْرِفِينَ اللَّهَ عَلَى الظَّاهِرِ وَبِقَوْلِهِ لَا أُرِيدُ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ وَإِنَّمَا أُرِيدُ الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْعَتَاقِ عِنْدَ الْبَعْضِ خِلَافًا لِلْعَامَّةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِقَوْلِهِ رَأَيْت اللَّهَ فِي الْمَنَامِ وَبِقَوْلِهِ الْمَعْدُومُ لَيْسَ بِمَعْلُومِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِقَوْلِ الظَّالِمِ أَنَا أَفْعَلُ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِإِدْخَالِهِ الْكَافَ فِي آخِرِ اللَّهِ عِنْدَ نِدَائِهِ مَنْ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا عَلَى الْأَصَحِّ وَبِتَصْغِيرِ الْخَالِقِ عَمْدًا عَالِمًا وَبِقَوْلِهِ لَيْتَنِي لَمْ أُسْلِمْ إلَى هَذَا الْوَقْتِ حَتَّى أَرِثَ أَبِي وَبِقَوْلِهِ إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا أَمْسِ فَهُوَ كَافِرٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَبِقَوْلِهِ اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْت كَذَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَا فَعَلَ عِنْدَ الْعَامَّةِ إنْ كَانَ اخْتِيَارًا لَا مَخَافَةً وَبِقَوْلِهِ إنْ كُنْت قُلْته فَأَنَا كَافِرٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَالَهُ وَبِقَوْلِهِ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ لَوْلَا وَلَمْ يُتِمَّ تَعْلِيقَهُ خِلَافًا لِلْبَعْضِ قِيَاسًا عَلَى أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لَوْلَا لَمْ يَقَعْ وَبِقَوْلِهَا نَعَمْ جَوَابًا لِقَوْلِهِ أَتَعْلَمِينَ الْغَيْبَ وَبِتَزَوُّجِهِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَبِقَوْلِهِ فُلَانٌ يَمُوتُ بِهَذَا الْمَرَضِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَبِقَوْلِهِ عِنْدَ رِقَاءِ الْهَامَّةِ يَمُوتُ أَحَدٌ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ وَبِقَوْلِهِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الدَّائِرَةِ الَّتِي تَكُونُ حَوْلَ الْقَمَرِ يَكُونُ مَطَرٌ مُدَّعِيًا عِلْمَ الْغَيْبِ وَبِرُجُوعِهِ مِنْ سَفَرِهِ عِنْدَ سَمَاعِ صِيَاحِ الْعَقْعَقِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَبِإِتْيَانِ الْكَاهِنِ وَتَصْدِيقِهِ وَبِقَوْلِهِ أَنَا أَعْلَمُ الْمَسْرُوقَاتِ وَبِقَوْلِهِ أَنَا أُخْبِرُ عَنْ إخْبَارِ الْجِنِّ إيَّايَ وَبِعَدَمِ الْإِقْرَارِ بِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام أَوْ عَيْبُهُ نَبِيًّا بِشَيْءٍ أَوْ عَدَمُ الرِّضَا بِسُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ وَبِقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ آدَمَ عليه السلام نَبِيٌّ أَوْ لَا.
وَلَوْ قَالَ آمَنْت بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام وَبِعَدَمِ مَعْرِفَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَبِنِسْبَتِهِ نَبِيًّا إلَى الْفَوَاحِشِ كَعَزْمِهِ عَلَى الزِّنَا وَقِيلَ لَا وَبِقَوْلِهِ إنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَصَوْا وَإِنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ كُفْرٌ وَبِقَوْلِهِ لَمْ تَعْصِ الْأَنْبِيَاءُ حَالَ النُّبُوَّةِ وَقَبْلَهَا لِرَدِّهِ النُّصُوصَ لَا بِقَوْلِهِ لَا أَقْبَلُ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْإِمْهَالِ فَكَيْفَ أَقْبَلُهَا مِنْك وَلَا بِإِنْكَارِهِ نُبُوَّةَ الْخَضِرِ وَذِي الْكِفْلِ عليهما السلام لِعَدَمِ الْإِجْمَاعِ عَلَى نُبُوَّتِهِمَا وَيَكْفُرُ مَنْ أَرَادَ بُغْضَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِقَلْبِهِ وَبِقَوْلِهِ لَوْ كَانَ فُلَانٌ نَبِيًّا لَا أُؤْمِنُ بِهِ لَا بِقَوْلِهِ لَوْ كَانَ صِهْرِي رَسُولَ اللَّهِ لَا أَأْتَمِرُ بِأَمْرِهِ وَيَكْفُرُ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ مَا قَالَ الْأَنْبِيَاءُ حَقًّا أَوْ صِدْقًا وَبِقَوْلِهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَبِطَلَبِهِ الْمُعْجِزَةَ حِينَ ادَّعَى رَجُلٌ الرِّسَالَةَ وَقِيلَ إذَا أَرَادَ إظْهَارَ عَجْزِهِ لَا يَكْفُرُ وَاخْتُلِفَ فِي تَصْغِيرِهِ شَعْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا إذَا أَرَادَ الْإِهَانَةَ فَيَكْفُرُ أَمَّا إذَا أَرَادَ التَّعْظِيمَ فَلَا وَبِقَوْلِهِ لَا أَدْرِي أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنْسِيًّا أَوْ جِنِّيًّا وَبِشَتْمِهِ رَجُلًا اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ ذَاكِرًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْبَعْضِ وَبِشَتْمِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم حِينَ أُكْرِهَ عَلَى شَتْمِهِ قَائِلًا قَصَدْته وَبِقَوْلِهِ جُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاعَةً لَا بِقَوْلِهِ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَالَ لَوْ لَمْ يَأْكُلْ آدَمَ عليه الصلاة والسلام الْحِنْطَةَ مَا صِرْنَا أَشْقِيَاءَ وَبِرَدِّهِ حَدِيثًا مَرْوِيًّا إنْ كَانَ مُتَوَاتِرًا أَوْ قَالَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ سَمِعْنَاهُ كَثِيرًا وَبِتَمَنِّيهِ أَنْ لَا يَكُونَ بَعْضُ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيًّا مُرِيدًا بِهِ الِاسْتِخْفَافَ بِهِ أَوْ عَدَاوَتَهُ لَا بِقَوْلِهِ لَوْ لَمْ يَبْعَثْ اللَّهُ نَبِيًّا لَمْ يَكُنْ خَارِجًا عَنْ الْحِكْمَةِ.
وَبِقَوْلِهِ أَنَا لَا أُحِبُّهُ حِينَ قِيلَ لَهُ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ الْقَرْعَ وَقِيلَ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِهَانَةِ وَبِقَوْلِهَا نَعَمْ حِينَ قَالَ لَهَا لَوْ شَهِدَ عِنْدَك الْأَنْبِيَاءُ وَالْمَلَائِكَةُ لَا تُصَدِّقِيهِمْ حِينَ قَالَتْ لَهُ لَا تَكْذِبُ وَبِاسْتِخْفَافِهِ بِسُنَّةٍ مِنْ السُّنَنِ وَبِقَوْلِهِ لَا أَدْرِي أَنَّ النَّبِيَّ فِي الْقَبْرِ مُؤْمِنٌ أَمْ كَافِرٌ وَبِقَوْلِهِ مَا كَانَ عَلَيْنَا نِعْمَةٌ مِنْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ أَنَا أُخْبِرُ عَنْ إخْبَارِ الْجِنِّ إيَّايَ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِأَنَّ الْجِنَّ كَالْإِنْسِ لَا تَعْلَمُ الْغَيْبَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ} [سبأ: 14] الْآيَةَ فِي الْجِنِّ
النَّبِيِّ عليه السلام لِأَنَّ الْبَعْثَةَ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ وَبِقَذْفِهِ عَائِشَةَ رضي الله عنها مِنْ نِسَائِهِ صلى الله عليه وسلم فَقَطْ وَبِإِنْكَارِهِ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَبِإِنْكَارِهِ إمَامَةَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى الْأَصَحِّ كَإِنْكَارِهِ خِلَافَةَ عُمَرَ رضي الله عنه عَلَى الْأَصَحِّ لَا بِقَوْلِهِ لَوْلَا نَبِيُّنَا لَمْ يُخْلَقْ آدَمَ عليه السلام وَهُوَ خَطَأٌ وَيَكْفُرُ بِقَوْلِهِ لَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ بِكَذَا لَمْ أَفْعَلْ وَلَوْ صَارَتْ الْقِبْلَةُ إلَى هَذِهِ الْجِهَةِ مَا صَلَّيْت أَوْ لَوْ أَعْطَانِي اللَّهُ الْجَنَّةَ لَا أُرِيدُهَا دُونَك أَوْ لَا أَدْخُلُهَا مَعَ فُلَانٍ أَوْ لَوْ أَعْطَانِي اللَّهُ الْجَنَّةَ لِأَجْلِك أَوْ لِأَجْلِ هَذَا الْعَمَلِ لَا أُرِيدُهَا وَأُرِيدُ رُؤْيَتَهُ وَبِقَوْلِهِ لَا أَتْرُكُ النَّقْدَ لِأَجْلِ النَّسِيئَةِ جَوَابًا لِقَوْلِهِ دَعْ الدُّنْيَا لِلْآخِرَةِ وَبِقَوْلِهِ لَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ بِالزَّكَاةِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ أَوْ بِالصَّوْمِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ لَا أَفْعَلُ وَبِقَوْلِهِ الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَبِقَوْلِهِ لَا أَدْرِي الْكَافِرُ فِي الْجَنَّةِ أَوْ فِي النَّارِ أَوْ لَا أَدْرِي أَيْنَ يَصِيرُ الْكَافِرُ.
وَيُقْتَلُ بِقَوْلِهِ أَنَا أَلْعَنُ الْمَذْهَبَيْنِ جَوَابًا لِقَوْلِهِ عَلَى أَيِّ الْمَذْهَبَيْنِ أَنْت أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ الشَّافِعِيِّ وَإِنْ تَابَ عُزِّرَ وَيَكْفُرُ بِإِنْكَارِهِ أَصْلَ الْوِتْرِ وَالْأُضْحِيَّةَ وَبِاسْتِحْلَالِ وَطْءِ الْحَائِضِ لَا بِقَوْلِهِ لَيْسَ لِي مَوْضِعُ شِبْرٍ فِي الْجَنَّةِ لِاسْتِقْلَالِهِ الْعَمَلَ وَلَا بِقَوْلِهِ لَا تَكْتُبُ الْحَفَظَةُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَلَا بِقَوْلِهِ هَذَا مَكَانٌ لَا إلَهَ فِيهِ وَلَا رَسُولَ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ إنْكَارَ الدِّينِ وَلَا بِقَوْلِ الْمَرْأَةِ لَا أَتَعَلَّمُ وَلَا أُصَلِّي جَوَابًا لِقَوْلِ الزَّوْجِ تَعَلَّمِي وَلَا بِإِنْكَارِ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ وَلَا يَفْسُقُ خُصُوصًا فِي هَذَا الزَّمَانِ وَلَا بِقَوْلِهِ مَنْ أَكَلَ حَرَامًا فَقَدْ أَكَلَ مَا رَزَقَهُ اللَّهُ لَكِنَّهُ أَثِمَ وَيَكْفُرُ بِاسْتِحْلَالِهِ حَرَامًا عُلِمَتْ حُرْمَتُهُ مِنْ الدِّينِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لَا بِفِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَالٍ خِلَافًا لِمَا عَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله فِي أَكْلِ الْخِنْزِيرِ وَلِمَا عَنْ أَبِي حَفْصٍ فِي الْخَمْرِ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ وَيَكْفُرُ بِقَوْلِهِ لِلْقَبِيحِ إنَّهُ حَسَنٌ وَبِقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ رُؤْيَتِي إيَّاكَ كَرُؤْيَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ عِنْدَ الْبَعْضِ خِلَافًا لِلْأَكْثَرِ وَقِيلَ بِهِ إنْ قَالَهُ لِعَدَاوَتِهِ لَا لِكَرَاهَةِ الْمَوْتِ وَبِقَوْلِهِ لَا أَسْمَعُ شَهَادَةَ فُلَانٍ وَإِنْ كَانَ جِبْرِيلُ أَوْ مِيكَائِيلَ عليهما السلام وَبِعَيْبِهِ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الِاسْتِخْفَافِ بِهِ لَا بِقَوْلِهِ أَنَا أَظُنُّ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ تُوُفِّيَ وَلَا يَقْبِضُ رُوحِي مَجَازًا عَنْ طُولِ عُمْرِهِ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ بِهِ الْعَجْزَ عَنْ تَوَفِّيهِ وَيَكْفُرُ إذَا أَنْكَرَ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ سَخِرَ بِآيَةٍ مِنْهُ إلَّا الْمُعَوِّذَتَيْنِ فَفِي إنْكَارِهِمَا اخْتِلَافٌ.
وَالصَّحِيحُ كُفْرُهُ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ إنْ كَانَ عَامِّيًّا يَكْفُرُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا لَا وَبِوَضْعِ رِجْلِهِ عَلَى الْمُصْحَفِ عِنْدَ الْحَلِفِ مُسْتَخِفًّا وَبِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى ضَرْبِ الدُّفِّ أَوْ الْقَضِيبِ وَبِاعْتِقَادِ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ حَقِيقَةً وَالْمِزَاحِ بِالْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} [القيامة: 29] أَوْ مَلَأَ قَدَحًا وَجَاءَ بِهِ وَقَالَ {وَكَأْسًا دِهَاقًا} [النبأ: 34] أَوْ قَالَ عِنْدَ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 3] وَقِيلَ إنْ كَانَ جَاهِلًا لَا يَكْفُرُ وَبِقَوْلِهِ الْقُرْآنُ أَعْجَمِيٌّ وَلَوْ قَالَ فِيهِ كَلِمَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ فَفِي أَمْرِهِ نَظَرٌ وَفِي تَسْمِيَتِهِ آلَةَ الْفَسَادِ كُرَّاسَتَهُ وَبِقِرَاءَةِ الْقَارِئِ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [النساء: 174] مُرِيدًا مُدَرِّسًا اسْمُهُ إبْرَاهِيمُ وَبِنَظْمِهِ الْقُرْآنَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَبِبَرَاءَتِهِ مِنْ الْقُرْآنِ لِأَمْرٍ خَافَهُ لَكِنْ قَالَ الْوَبَرِيُّ أَخَافُ كُفْرَهُ وَبِإِنْكَارِهِ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ وَقِيلَ لَا وَبِقَوْلِ الْمَرِيضِ لَا أُصَلِّي أَبَدًا جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ صَلِّي وَقِيلَ لَا وَكَذَا قَوْلُهُ لَا أُصَلِّي حِينَ أُمِرَ بِهَا وَقِيلَ إنَّمَا يَكْفُرُ إذَا قَصَدَ نَفْيَ الْوُجُوبِ وَبِقَوْلِ الْعَبْدِ لَا أُصَلِّي فَإِنَّ الثَّوَابَ يَكُونُ لِلْمَوْلَى وَبِقَوْلِهِ جَوَابًا لِصَلِّ إنَّ اللَّهَ نَقَصَ مِنْ مَالِي فَأَنَا أُنْقِصُ مِنْ حَقِّهِ وَبِقَوْلِ مُصَلِّي رَمَضَانَ فَقَطْ إنَّ الصَّلَاةَ فِي رَمَضَانَ تُسَاوِي سَبْعِينَ صَلَاةً وَبِتُرْكِ الصَّلَاةِ مُتَعَمِّدًا غَيْرَ نَاوٍ لِلْقَضَاءِ وَغَيْرَ خَائِفٍ مِنْ الْعِقَابِ وَبِصَلَاتِهِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مُتَعَمِّدًا أَوْ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ عَمْدًا.
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَبِقَذْفِهِ عَائِشَةَ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ قَذَفَ سَائِرَ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يَكْفُرُ وَيَسْتَحِقُّ اللَّعْنَةَ إلَّا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا وَعَنْهُنَّ (قَوْلُهُ لَا بِقَوْلِهِ لَوْلَا نَبِيُّنَا لَمْ يُخْلَقْ آدَمَ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَوْلَا نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ قَالَ هَذَا شَيْءٌ يَذْكُرُهُ الْوُعَّاظُ عَلَى رُءُوسِ الْمَنَابِرِ يُرِيدُونَ بِهِ تَعْظِيمَ مُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلام وَالْأَوْلَى أَنْ يَحْتَرِزُوا عَنْ أَمْثَالِ هَذَا فَإِنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام وَإِنْ كَانَ عَظِيمَ الْمَنْزِلَةِ وَالْمَرْتَبَةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ لِكُلِّ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام مَنْزِلَةٌ وَمَرْتَبَةٌ وَخَاصِّيَّتُهُ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ فَيَكُونُ كُلُّ نَبِيٍّ أَصْلًا بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بِقَوْلِهِ مَنْ أَكَلَ حَرَامًا فَقَدْ أَكَلَ مَا رَزَقَهُ اللَّهُ لَكِنَّهُ أَثِمَ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِ الْمُعْتَزِلَةِ لِأَنَّ الرِّزْقَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مَا يَسُوقُهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى الْحَيَوَانِ فَيَأْكُلُهُ وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَكْلًا أَوْ لُبْسًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَأَنَّ ذَلِكَ الْمُنْسَاقَ قَدْ يَكُونُ حَلَالًا وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ الْحَرَامُ لَيْسَ بِرِزْقٍ لِأَنَّهُمْ فَسَرُّوهُ بِمَمْلُوكٍ يَأْكُلُهُ الْمَالِكُ.
وَمَبْنَى الِاخْتِلَافِ عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مُعْتَبَرَةٌ فِي مَفْهُومِ الرِّزْقِ وَأَنَّهُ لَا رَازِقَ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَحْدَهُ وَأَنَّ الْعَبْدَ يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ عَلَى أَكْلِ الْحَرَامِ وَمَا يَكُونُ مُسْتَنِدًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَكُونُ قَبِيحًا وَمُرْتَكِبُهُ لَا يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ الْفَاسِدِ وَتَمَامِ مَبْحَثِهِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْعَقَائِدِ فَتَأَمَّلْ
وَالْمَأْخُوذُ بِهِ الْكُفْرُ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَطْ وَقِيلَ لَا فِي الْكُلِّ وَمَحَلُّ الِاخْتِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ اسْتِخْفَافًا بِالدِّينِ لَا بِسُجُودِهِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَيَكْفُرُ بِإِتْيَانِهِ عِيدَ الْمُشْرِكِينَ مَعَ تَرْكِ الصَّلَاةِ تَعْظِيمًا لَهُمْ وَبِقَوْلِهِ لَا أُؤَدِّي الزَّكَاةَ بَعْدَ الْأَمْرِ بِأَدَائِهَا عَلَى قَوْلٍ وَلَوْ تَمَنَّى أَنْ لَا يُفْرَضَ رَمَضَانُ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ عَلَى نِيَّتِهِ وَيَكْفُرُ بِقَوْلِهِ جَاءَ الشَّهْرُ الثَّقِيلُ إلَّا إذَا أَرَادَ التَّعَبَ لِنَفْسِهِ وَبِاسْتِهَانَتِهِ لِلشُّهُورِ الْمُفَضَّلَةِ وَبِقَوْلِهِ إنَّ هَذِهِ الطَّاعَاتِ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَذَابًا عَلَيْنَا بِلَا تَأْوِيلٍ أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ يَفْرِضْ اللَّهُ هَذِهِ الطَّاعَاتِ لَكَانَ خَيْرًا لَنَا وَبِالِاسْتِهْزَاءِ بِالْأَذْكَارِ وَبِتَسْمِيَتِهِ عِنْدَ أَكْلِ الْحَرَامِ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ كَالزِّنَا وَاخْتَلَفَ فِي تَحْمِيدِهِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَبِقَوْلِهِ لَا أَقُولُ: عِنْدَ أَمْرِهِ بِقَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَقِيلَ لَا إنْ عَنَى أَنِّي لَا أَقُولُ: بِأَمْرِك وَلَا يَكْفُرُ الْمَرِيضُ إذَا قِيلَ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ لَا أَقُولُ: وَيَكْفُرُ بِالِاسْتِهْزَاءِ بِالْأَذَانِ لَا بِالْمُؤَذِّنِ وَبِإِنْكَارِهِ الْقِيَامَةَ أَوْ الْبَعْثَ أَوْ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ أَوْ الْمِيزَانَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ الصِّرَاطَ أَوْ الصَّحَائِفَ الْمَكْتُوبَ فِيهَا أَعْمَالُ الْعِبَادِ لَا إذَا أَنْكَرَ بَعْثَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَاخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِ امْرَأَةٍ لَا تَعْرِفُ أَنَّ الْيَهُودَ يُبْعَثُونَ.
وَسُئِلَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله عَنْ امْرَأَةٍ لَا تَعْرِفُ أَنَّ الْكُفَّارَ يَدْخُلُونَ النَّارَ فَقَالَ تَعْلَمُ وَلَا تَكْفُرُ وَيَكْفُرُ بِإِنْكَارِهِ رُؤْيَةَ اللَّهِ عز وجل بَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَبِإِنْكَارِهِ عَذَابَ الْقَبْرِ وَبِقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى إذَا بُعِثُوا هَلْ يُعَذَّبُونَ بِالنَّارِ وَبِإِنْكَارِ حَشْرِ بَنِي آدَمَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَلَا بِقَوْلِهِ أَنَّ الْمُثَابَ وَالْمُعَاقَبَ الرُّوحُ فَقَطْ وَلَا بِقَوْلِهِ سَلَّمْتهَا إلَى مَنْ لَا يَمْنَعُ السَّارِقَ جَوَابًا لِمَنْ وَضَعَ ثِيَابَهُ وَقَالَ سَلَّمْتهَا إلَى اللَّهِ وَيُخَافُ الْكُفْرُ عَلَى مَنْ قَالَ لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ غَوْغًا عَلَى وَجْهِ الرَّدِّ وَالْإِنْكَارِ وَيَكْفُرُ بِقَوْلِهِ لَهُ فُضُولِيٌّ وَيُخَافُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَيُّهُمَا أَسْرَعُ وُصُولًا جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ حَلَالٌ وَاحِدٌ أَحَبُّ إلَيْك أَمْ حَرَامَانِ وَيَكْفُرُ بِتَصَدُّقِهِ عَلَى فَقِيرٍ بِشَيْءٍ حَرَامٍ يَرْجُو الثَّوَابَ وَبِدُعَاءِ الْفَقِيرِ لَهُ عَالِمًا بِهِ وَبِتَأْمِينِ الْمُعْطَى وَبِقَوْلِهِ الْحَرَامُ أَحَبُّ إلَيَّ جَوَابًا بِالْقَوْلِ الْقَائِلِ لَهُ كُلْ مِنْ الْحَلَالِ لَا بِقَوْلِهِ إنِّي أَحْتَاجُ إلَى كَثْرَةِ الْمَالِ وَالْحَلَالُ وَالْحَرَامُ عِنْدِي سَوَاءٌ وَلَا بِقَوْلِهِ لِحَرَامٍ هَذَا حَلَالٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَقِدَهُ فَلَا يَكْفُرُ السُّوقِيُّ بِقَوْلِهِ هَذَا حَلَالٌ لِلْحَرَامِ تَرْوِيجًا لِشِرَائِهِ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ الْحَرَامَ حَلَالًا فَإِنْ كَانَ حَرَامًا لِغَيْرِهِ كَمَالِ الْغَيْرِ لَا يَكْفُرُ.
وَإِنْ كَانَ لِعَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ دَلِيلُهُ قَطْعِيًّا كَفَرَ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ التَّفْصِيلُ فِي الْعَالِمِ أَمَّا الْجَاهِلُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لِعَيْنِهِ وَلِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا الْفَرْقُ فِي حَقِّهِ إنَّمَا كَانَ قَطْعِيًّا كَفَرَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا فَيَكْفُرُ إذَا قَالَ الْخَمْرُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ حُرْمَتَهَا لَا بِقَوْلِهِ حَرَامٌ وَلَكِنْ لَيْسَتْ هَذِهِ الَّتِي تَزْعُمُونَ أَنَّهَا حَرَامٌ وَيَكْفُرُ مَنْ قَالَ إنَّ حُرْمَةَ الْخَمْرِ لَمْ تَثْبُتْ بِالْقُرْآنِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ حَلَالٌ وَبِاسْتِحْلَالِهِ الْجِمَاعَ لِلْحَائِضِ لَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَقِيلَ لَا فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَا بِاسْتِحْلَالِ سُؤْرِ كَلْبٍ أَوْ رَبْعِ أَرْضٍ غُصِبَ وَبِاسْتِحْلَالِ اللِّوَاطَةِ إنْ عَلِمَ حُرْمَتَهُ مِنْ الدِّينِ وَبِقَوْلِهِ هِيَ لِي حَلَالٌ حِينَ نُهِيَ عَنْ تَقْبِيلِهِ أَجْنَبِيَّةً وَبِقَوْلِهِ الشَّرِيعَةُ كُلُّهَا تَلْبِيسٌ أَوْ حِيَلٌ إنْ قَالَ فِي كُلِّ الشَّرَائِعِ لَا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْحِيَلُ الشَّرْعِيَّةُ وَقِيلَ يَكْفُرُ فِي الْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَيُخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ إذَا شَتَمَ عَالِمًا أَوْ فَقِيهًا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَيَكْفُرُ بِقَوْلِهِ لِعَالِمٍ ذَكَرُ الْحِمَارِ فِي إسْتِ عِلْمِك مُرِيدًا بِهِ عِلْمَ الدِّينِ وَبِجُلُوسِهِ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ وَالتَّشَبُّهِ بِالْمُذَكِّرِينَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ يَسْأَلُونَ مِنْهُ الْمَسَائِلَ وَيَضْحَكُونَ مِنْهُ ثُمَّ يَضْرِبُونَهُ بِالْمِحْرَاقِ وَكَذَا يَكْفُرُ الْجَمِيعُ لِاسْتِخْفَافِهِمْ بِالشَّرْعِ.
وَكَذَا لَوْ لَمْ يَجْلِسْ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ وَلَكِنْ يَسْتَهْزِئُ بِالْمُذَكِّرِينَ وَيَتَمَشَّى وَالْقَوْمُ يَضْحَكُونَ وَبِإِلْقَاءِ الْفَتْوَى عَلَى الْأَرْضِ حِينَ أَتَى بِهَا خَصْمُهُ وَبِقَوْلِهِ لَا تَذْهَبْ وَإِنْ ذَهَبْت تَطْلُقُ امْرَأَتُك اسْتِهْزَاءً بِالْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ إلَى مَجْلِسِ الْعِلْمِ جَوَابًا لِقَوْلِهِ أَيْنَ تَذْهَبُ وَبِقَوْلِهِ قَصْعَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ خَيْرٌ مِنْ الْعِلْمِ لَا بِقَوْلِهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهِ لِإِرَادَتِهِ أَنَّهَا نِعْمَةٌ مِنْ اللَّهِ وَالْأَوَّلُ لَا تَأْوِيلَ لَهُ سِوَى الِاسْتِخْفَافِ بِالْعِلْمِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَيَكْفُرُ بِتَصَدُّقِهِ عَلَى فَقِيرٍ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ كَلَامٍ فَعُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّصَدُّقِ أَيْضًا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا تَصَدَّقَ بِالْحَرَامِ الْقَطْعِيِّ أَمَّا إذَا أَخَذَ مِنْ إنْسَانٍ مِائَةً وَمِنْ آخَرَ مِائَةً وَخَلَطَهُمَا ثُمَّ تَصَدَّقَ لَا يَكْفُرُ لِأَنَّهُ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَ حَرَامَ التَّصَرُّفِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ بِعَيْنِهِ بِالْقَطْعِ (قَوْلُهُ وَبِاسْتِحْلَالِهِ الْجِمَاعَ لِلْحَائِضِ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ الْجِمَاعُ فِي الْحَيْضِ كُفْرٌ وَفِي الِاسْتِبْرَاءِ بِدْعَةٌ وَضَلَالٌ وَلَيْسَ بِكُفْرٍ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ رُسْتُمَ أَنَّهُ قَالَ إنْ اسْتَحَلَّ الْجِمَاعَ فِي الْحَيْضِ مُتَأَوِّلًا أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ النَّهْيَ لَمْ يَكْفُرْ وَإِنْ عَرَفَ النَّهْيَ وَاعْتَقَدَ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ وَمَعَ ذَلِكَ اسْتَحَلَّ كَانَ كَافِرًا وَعَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ إنَّ اسْتِحْلَالَ الْجِمَاعِ فِي الْحَيْضِ كُفْرٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ
وَبِقَوْلِ الْمَرِيضِ الْمُشْتَدِّ مَرَضُهُ إنْ شِئْت تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَإِنْ شِئْت كَافِرًا وَبِقَوْلِ الْمُبْتَلَى أَخَذْت مَالِي وَأَخَذْت وَلَدِي وَأَخَذْت كَذَا وَكَذَا فَمَاذَا تَفْعَلُ وَمَاذَا بَقِيَ وَبِقَوْلِهِ عَمْدًا لَا جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ أَلَسْت مُسْلِمًا حِينَ ضَرَبَ عَبْدَهُ أَوْ وَلَدَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا لَا إنْ غَلِطَ أَوْ قَصَدَ الْجَوَابَ وَبِقَوْلِ الزَّوْجِ لَيْسَ لِي حَمِيَّةٌ وَلَا دِينُ الْإِسْلَامِ حِينَ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ ذَلِكَ وَبِقَوْلِهِ لِمُسْلِمٍ يَا كَافِرُ عِنْدَ الْبَعْضِ وَلَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنْ يَكْفُرُ إنْ اعْتَقَدَهُ كَافِرًا لَا إنْ أَرَادَ شَتْمَهُ وَبِقَوْلِهِ لَبَّيْكَ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ يَا كَافِرُ يَا يَهُودِيُّ يَا مَجُوسِيُّ وَبِقَوْلِهِ أَنَا مُلْحِدٌ لِأَنَّ الْمُلْحِدَ كَافِرٌ وَلَوْ قَالَ مَا عَلِمْته لَا يُعْذَرُ وَبِقَوْلِهِ الْمُعْتَذِرُ لِغَيْرِهِ كُنْت كَافِرًا فَأَسْلَمْت عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَقِيلَ لَا وَبِقَوْلِهِ كُنْت مَجُوسِيًّا أَسْلَمْت الْآنَ وَبِنِسْيَانِ الْعَاصِي التَّوْبَةَ وَتَحْقِيرِ الذَّنْبِ وَعَدَمِ رُؤْيَةِ الْعُقُوبَةِ بِالذَّنْبِ وَعَدَمِ رُؤْيَةِ الْمَعَاصِي قَبِيحَةً وَبِعَدَمِ رُؤْيَةِ الطَّاعَةِ حُسْنًا وَبِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ الثَّوَابَ عَلَى الطَّاعَةِ وَبِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ وُجُوبَ الطَّاعَاتِ وَبِقَوْلِهِ كَفَرْت حِينَ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ زَعَمَ الْقَوْمُ أَنَّهَا كُفْرٌ وَلَيْسَتْ بِكُفْرٍ فَقِيلَ لَهُ كَفَرْت وَطَلَّقْت زَوْجَتَك وَتَكْفُر الْمَرْأَةُ إذَا تَكَلَّمَتْ بِالْكُفْرِ لِقَصْدِ أَنْ تَحْرُمَ عَلَى زَوْجِهَا وَالْإِيمَانُ مُسْتَقِرٌّ فِي قَلْبِهَا وَقَوْلُهَا أَصِيرُ كَافِرَةً حَتَّى أَتَخَلَّصُ مِنْ الزَّوْجِ وَمَنْ قَصَدَ الْكُفْرَ سَاعَةً أَوْ يَوْمًا فَهُوَ كَافِرٌ فِي جَمِيعِ الْعُمْرِ وَبِتَمَنِّيهِ الْكُفْرَ أَنْ لَوْ كَانَ كَافِرًا فَأَسْلَمَ حِينَ أَسْلَمَ كَافِرًا فَأُعْطِيَ شَيْئًا وَبِتَمَنِّيهِ أَنْ لَمْ يُحَرَّمْ الظُّلْمُ وَالزِّنَا وَالْقَتْلُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَكُلُّ حَرَامٍ لَا يَكُونُ حَلَالًا فِي وَقْتٍ بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَمُنَاكَحَةِ الْمَحَارِمِ وَبِتَمَنِّيهِ أَنْ لَوْ كَانَ نَصْرَانِيًّا حَتَّى يَتَزَوَّجَ نَصْرَانِيَّةً سَمِينَةً رَآهَا وَبِوَضْعِ قَلَنْسُوَةِ الْمَجُوسِيِّ عَلَى رَأْسِهِ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا لِضَرُورَةِ دَفْعِ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ وَبِشَدِّ الزُّنَّارِ فِي وَسَطِهِ إلَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ خَدِيعَةً فِي الْحَرْبِ وَطَلِيعَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَبِقَوْلِهِ مُعَلِّمُ صِبْيَانِ الْيَهُودِ خَيْرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِكَثِيرٍ فَإِنَّهُمْ يَقْضُونَ حُقُوقَ مُعَلِّمِي صِبْيَانِهِمْ وَبِقَوْلِهِ الْمَجُوسِيَّةُ خَيْرٌ مِمَّا أَنَا فِيهِ يَعْنِي فِعْلَهُ وَبِقَوْلِهِ النَّصْرَانِيَّةُ خَيْرٌ مِنْ الْمَجُوسِيَّةِ لَا بِقَوْلِهِ الْمَجُوسِيَّةُ شَرٌّ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ وَبِقَوْلِهِ النَّصْرَانِيَّةُ خَيْرٌ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ النَّصْرَانِيَّةُ شَرٌّ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ وَبِقَوْلِهِ لَمُعَامَلَةُ الْكُفْرِ خَيْرٌ مِمَّا أَنْتَ تَفْعَلُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ مُطْلَقًا.
وَقَيَّدَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ بِأَنْ يَقْصِدَ تَحْسِينَ الْكُفْرِ لَا تَقْبِيحَ مُعَامَلَتِهِ وَبِخُرُوجِهِ إلَى نَيْرُوزِ الْمَجُوسِ وَالْمُوَافَقَةِ مَعَهُمْ فِيمَا يَفْعَلُونَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَبِشِرَائِهِ يَوْمَ النَّيْرُوزِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يَشْتَرِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِلنَّيْرُوزِ لَا لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَبِإِهْدَائِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ بَيْضَةً تَعْظِيمًا لِذَلِكَ الْيَوْمِ لَا بِإِجَابَتِهِ دَعْوَةَ مَجُوسِيٍّ حَلَقَ رَأْسَ وَلَدِهِ وَبِتَحْسِينِ أَمْرِ الْكُفَّارِ اتِّفَاقًا حَتَّى قَالُوا لَوْ قَالَ تَرْكُ الْكَلَامِ عِنْدَ أَكْلِ الطَّعَامِ مِنْ الْمَجُوسِيِّ حَسَنٌ أَوْ تَرْكُ الْمُضَاجَعَةِ حَالَةَ الْحَيْضِ مِنْهُمْ حَسَنٌ فَهُوَ كَافِرٌ وَبِذَبْحِهِ شَيْئًا فِي وَجْهِ إنْسَانٍ وَقْتَ الْخُلْعَةِ أَوْ لِلْقَادِمِ مِنْ الْحَجِّ أَوْ الْغَزْوِ وَالْمَذْبُوحُ مَيْتَةٌ وَقِيلَ لَا يَكْفُرُ وَقَوْلُهُ لِسُلْطَانِ زَمَانِنَا عَادِلٌ وَقِيلَ لَا وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ قَوْلُ الْخُطَبَاءِ فِي أَلْقَابِ السُّلْطَانِ الْعَادِلُ الْأَعْظَمُ مَالِكُ رِقَابِ الْأُمَمِ سُلْطَانُ أَرْضِ اللَّهِ مَالِكُ بِلَادِ اللَّهِ وَبِقَوْلِهِ لَا تَقُلْ لِلسُّلْطَانِ هَذَا حِينَ عَطَسَ السُّلْطَانُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَرْحَمُك اللَّهُ وَيَسْقِي وَلَدَهُ الْخَمْرَ فَجَاءَ أَقْرِبَاؤُهُ وَنَثَرُوا الدَّرَاهِمَ وَالسُّكَّرَ كَفَرَ الْكُلُّ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَنْثُرُوا الدَّرَاهِمَ وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا مُبَارَكٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا قَالَ أُحِبُّ الْخَمْرَ فَلَا أَصْبِرُ عَنْهَا وَيَكْفُرُ بِتَلْقِينِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ لِيَتَكَلَّمَ بِهَا وَلَوْ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَبِأَمْرِهِ امْرَأَةً بِالِارْتِدَادِ لِتَبِينَ مِنْ زَوْجِهَا وَبِالْإِفْتَاءِ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكْفُرْ الْمَرْأَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرِّضَا بِكُفْرِ غَيْرِهِ كُفْرٌ وَقِيلَ لَا وَبِعَزْمِهِ عَلَى أَنْ يَأْمُرَ بِالْكُفْرِ وَبِقَوْلِهِ لِمَنْ يُنَازِعُهُ أَفْعَلُ كُلَّ يَوْمٍ عَشَرَةَ أَمْثَالِك مِنْ الطِّينِ أَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الطِّينِ قَاصِدًا مِنْ حَيْثُ الْخِلْقَةِ لَا مِنْ حَيْثُ بَيَانِ صَنْعَتِهِ وَلَا بِقَوْلِهِ قَدْ خَلَقْت هَذِهِ الشَّجَرَةَ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ عَادَةُ الْفُرْسِ حَتَّى لَوْ عَنَى بِهِ حَقِيقَةَ الْخَلْقِ يَكْفُرُ وَلَا بِقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ يَنْبَغِي لَك أَنْ تَسْجُدَ لِي سَجْدَةً لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الشُّكْرُ وَالْمِنَّةُ.
وَيَكْفُرُ بِقَوْلِهِ أَيُّ شَيْءٍ أَصْنَعُ إذَا لَزِمَنِي الْكُفْرُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَبِنِسْيَانِ الْعَاصِ التَّوْبَةَ إلَى قَوْلِهِ وَبِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ الطَّاعَةَ حَسْنَاءَ) أَيْ يَكْفُرُ بِرُؤْيَتِهِ مَجْمُوعَ ذَلِكَ وَلِذَا لَمْ يُكَرِّرْ حَرْفَ الْجَرِّ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الرِّضَا بِكُفْرِ غَيْرِهِ كَفَرَ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي النِّصَابِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِالرِّضَا بِكُفْرِ الْغَيْرِ وَفِي غَرَرِ الْمَعَانِي لَا خِلَافَ بَيْنَ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْكُفْرِ كُفْرٌ وَفِي شَرْحِ السِّيرَتَانِ الرِّضَا بِكُفْرِ الْغَيْرِ إنَّمَا يَكُونُ كُفْرًا إذَا كَانَ يَسْتَخِفُّ الْكُفْرَ وَيَسْتَحْسِنُهُ أَمَّا إذَا أَحَبَّ الْمَوْتَ أَوْ الْقَتْلَ عَلَى الْكُفْرِ لِمَنْ كَانَ شَدِيدًا مُؤْذِيًا بِطَبْعِهِ حَتَّى يَنْتَقِمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ فَهَذَا لَا يَكُونُ كُفْرًا وَقَدْ عَثَرْنَا عَلَى رِوَايَةِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الرِّضَا بِكُفْرِ الْغَيْرِ كُفْرٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. .
جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ أَيُّ شَيْءٍ تَصْنَعُ قَدْ لَزِمَك الْكُفْرُ وَبِإِبْدَالِهِ حَرْفًا أَوْ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ عَمْدًا وَبِاعْتِقَادِ أَنَّ الْخَرَاجَ مِلْكُ السُّلْطَانِ لَا بِقَوْلِهِ أَنَا فِرْعَوْنُ أَوْ إبْلِيسُ إلَّا إذَا قَالَ اعْتِقَادِي كَاعْتِقَادِ فِرْعَوْنَ وَمَنْ حَسَّنَ كَلَامَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَقَالَ مَعْنَوِيٌّ أَوْ كَلَامٌ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ كُفْرًا مِنْ الْقَائِلِ كَفَرَ الْمُحَسِّنُ وَكَذَا مَنْ حَسَّنَ رُسُومَ الْكَفَرَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ مَنْ قَالَ إنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ رَأَوْهُ بِالْبَصْرَةِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِمَكَّةَ وَمَسْأَلَةُ ثُبُوتِ النَّسَبِ بَيْنَ الْمَشْرِقِيِّ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِيَّةِ تُؤَيِّدُ الْقَائِلَ بِعَدَمِهِ وَيُخَافُ الْكُفْرُ عَلَى مَنْ قَالَ بِحَيَاتِي وَحَيَاتِك وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي إيمَانِهِ فَهُوَ كَافِرٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُصَدِّقًا لَكِنْ يَشُكُّ أَنَّ هَذَا التَّصْدِيقَ إيمَانٌ أَوْ كُفْرٌ وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ هَذَا كُلُّهُ حَاصِلُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ الْفُصُولِ مِنْ بَابِ أَلْفَاظِ التَّكْفِيرِ سِوَى الْفَارِسِيُّ وَفِي الْخُلَاصَةِ يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَبِقَوْلِهِ لَوْ عَاقَبَنِي اللَّهُ مَعَ مَا بِي مِنْ الْمَرَضِ وَمَشَقَّةِ الْوَلَدِ فَقَدْ ظَلَمَنِي وَبِشَدِّ الْمَرْأَةِ حَبْلًا فِي وَسَطِهَا وَقَالَتْ هَذَا زُنَّارٌ وَمَنْ أَبْغَضَ عَالِمًا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ ظَاهِرٍ خِيفَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ وَلَوْ صَغَّرَ الْفَقِيهَ أَوْ الْعَلَوِيَّ قَاصِدًا الِاسْتِخْفَافَ بِالدِّينِ كَفَرَ لَا إنْ لَمْ يَقْصِدْهُ وَالسُّجُودُ لِلْجَبَابِرَةِ كُفْرٌ إنْ أَرَادَ بِهِ الْعِبَادَةَ لَإِنْ أَرَادَ بِهِ التَّحِيَّةَ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا مَنْ قَالَ أَرْوَاحُ الْمَشَايِخِ حَاضِرَةٌ تَعْلَمُ يَكْفُرُ وَمَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ فَهُوَ كَافِرٌ.
وَمَنْ قَالَ إنَّ الْإِيمَانَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْفَتَاوَى وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى هِدَايَةِ الرَّبِّ وَأَمَّا فِعْلُ الْعَبْدِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ وَإِذَا أَخَذَ أَحَدٌ الْمَكْسَ مُقَاطَعَةً فَقَالُوا لَهُ مُبَارَكٌ كَفَرُوا وَوَقَعَتْ بِسَرَايِ الْجَدِيدَةِ وَاقِعَةٌ وَهِيَ أَنَّ وَاحِدًا قَاطَعَ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ احْتِسَابًا بِهَا أَعْنِي الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ فَضَرَبُوا عَلَى بَابِهِ طُبُولَاتٍ وَبُوقَاتٍ وَنَادَوْا مُبَارَكٌ بَادٍ لِمُقَاطَعَتِهِ الِاحْتِسَابَ وَكَانَ إمَامَ الْجَامِعِ فَامْتَنَعْنَا مِنْ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ حَتَّى عَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ الْإِسْلَامَ أَخْذًا مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ لِرَجُلٍ يَا أَحْمَرَ قَالَ خَلَقَنِي اللَّهُ مِنْ سَوِيقِ التُّفَّاحِ وَخَلَقَك مِنْ طِينٍ كَفَرَ قَالَ وَاحِدٌ مِنْ الْفَسَقَةِ لَوْ وَضَعْت هَذِهِ الْخَمْرَةَ بَيْنَ يَدَيْ جِبْرِيلَ عليه السلام لَرَفَعَهَا عَلَى جَنَاحِهِ يَكْفُرُ وَلَا يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ يَا حَاضِرُ يَا نَاظِرُ وَلَا بِقَوْلِهِ دَرْوِيشُ دَرْوِيشَانِ وَالْقَوْلُ بِالْكُفْرِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بَاطِلٌ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا لَا يُخْرِجُ الرَّجُلَ مِنْ الْإِيمَانِ إلَّا جُحُودُ مَا أَدْخَلَهُ فِيهِ مَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ رِدَّةٌ يَحْكُمُ بِهَا بِهِ وَمَا يَشُكُّ أَنَّهُ رِدَّةٌ لَا يَحْكُمُ بِهَا إذْ الْإِسْلَامُ الثَّابِتُ لَا يَزُولُ بِشَكٍّ مَعَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَيَنْبَغِي لِلْعَالِمِ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ هَذَا أَنْ لَا يُبَادِرَ بِتَكْفِيرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مَعَ أَنَّهُ يَقْضِي بِصِحَّةِ إسْلَامِ الْمُكْرَهِ أَقُولُ: قَدَّمْت هَذِهِ لِتَصِيرَ مِيزَانًا فِيمَا نَقَلْته فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ الْمَسَائِلِ فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ كَفَرَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ عَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الْكُفْرُ شَيْءٌ عَظِيمٌ فَلَا أَجْعَلُ الْمُؤْمِنَ كَافِرًا مَتَى وَجَدْت رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ اهـ.
وَقَالَ قَبْلَهُ وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ إذَا أَطْلَقَ الرَّجُلُ كَلِمَةَ الْكُفْرِ عَمْدًا لَكِنَّهُ لَمْ يَعْتَقِدْ الْكُفْرَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يَكْفُرُ لِأَنَّ الْكُفْرَ يَتَعَلَّقُ بِالضَّمِيرِ وَلَمْ يَعْقِدْ الضَّمِيرَ عَلَى الْكُفْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَكْفُرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي لِأَنَّهُ اسْتَخَفَّ بِدِينِهِ اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ وُجُوهٌ تُوجِبُ التَّكْفِيرَ وَوَجْهٌ وَاحِدٌ يَمْنَعُ التَّكْفِيرَ فَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَمِيلَ إلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَمْنَعُ التَّكْفِيرَ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِالْمُسْلِمِ زَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَّا إذَا صَرَّحَ بِإِرَادَةِ مُوجِبِ الْكُفْرِ فَلَا يَنْفَعُهُ التَّأْوِيلُ حِينَئِذٍ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَا يَكْفُرُ بِالْمُحْتَمَلِ لِأَنَّ الْكُفْرَ نِهَايَةٌ فِي الْعُقُوبَةِ فَيَسْتَدْعِي نِهَايَةً فِي الْجِنَايَةِ وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا نِهَايَةَ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا كَفَرَ عِنْدَ الْكُلِّ وَلَا اعْتِبَارَ بِاعْتِقَادِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَمَنْ تَكَلَّمَ بِهَا مُخْطِئًا أَوْ مُكْرَهًا لَا يَكْفُرُ عِنْدَ الْكُلِّ وَمَنْ تَكَلَّمَ بِهَا عَالِمًا عَامِدًا كَفَرَ عِنْدَ الْكُلِّ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ تَكَلَّمَ بِهَا اخْتِيَارًا جَاهِلًا بِأَنَّهَا كُفْرٌ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِتَكْفِيرِ مُسْلِمٍ أَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَحْمَلٍ حَسَنٍ أَوْ كَانَ فِي كُفْرِهِ اخْتِلَافٌ وَلَوْ رِوَايَةً ضَعِيفَةً فَعَلَى هَذَا فَأَكْثَرُ أَلْفَاظِ التَّكْفِيرِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُفْتَى بِالتَّكْفِيرِ بِهَا وَلَقَدْ أَلْزَمْت نَفْسِي أَنْ لَا أُفْتِيَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَأَمَّا مَسْأَلَةُ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَتَاوَى فَقَدْ تَرَكْتهَا عَمْدًا لِأَنَّ مَحَلَّهَا أُصُولُ الدِّينِ وَقَدْ أَوْضَحَهَا الْمُحَقِّقُ فِي الْمُسَايَرَةِ.
(قَوْلُهُ بِعَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْمُرْتَدِّ) أَيْ يَعْرِضُهُ الْإِمَامُ وَالْقَاضِي وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه لِأَنَّ رَجَاءَ الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ ثَابِتٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الرِّدَّةَ كَانَتْ بِاعْتِرَاضِ شُبْهَةٍ لَمْ يُبَيِّنْ صِفَتَهُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابُهُ فَقَطْ وَلَا يَجِبُ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ قَدْ بَلَغَتْهُ وَعَرْضُ الْإِسْلَامِ هُوَ الدَّعْوَةُ إلَيْهِ وَدَعْوَةُ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَى غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ تَكْرَارَ الْعَرْضِ عَلَيْهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّأْجِيلِ (قَوْلُهُ وَتُكْشَفُ شُبْهَتُهُ) بَيَانٌ لِفَائِدَةِ الْعَرْضِ أَيْ فَإِنْ كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ أَبْدَاهَا كُشِفَتْ عَنْهُ لِأَنَّهُ عَسَاهُ اعْتَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَتُزَاحُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَيُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ) لِأَنَّهَا مُدَّةٌ ضُرِبَتْ لِإِبْدَاءِ الْأَعْذَارِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَطْلَقَهُ فَأَفَادَ أَنَّهُ يُمْهَلُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ بِدُونِ اسْتِمْهَالٍ بَلْ يُقْتَلُ مِنْ سَاعَتِهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ يَرْجُو إسْلَامَهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا اُسْتُمْهِلَ فَظَاهِرُ الْمَبْسُوطِ الْوُجُوبُ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا طَلَبَ التَّأْجِيلَ كَانَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُمْهِلَهُ وَعَنْ الْإِمَامِ الِاسْتِحْبَابُ مُطْلَقًا وَأَفَادَ بِإِطْلَاقِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ إذَا ارْتَدَّ ثَانِيًا إلَّا أَنَّهُ إذَا تَابَ ضَرَبَهُ الْإِمَامُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ وَإِنْ ارْتَدَّ ثَالِثًا ثُمَّ تَابَ ضَرَبَهُ الْإِمَامُ ضَرْبًا وَجِيعًا وَحَبَسَهُ حَتَّى تَظْهَرَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَيَرَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ مُخْلِصٌ ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ فَإِنْ عَادَ فَعَلَ بِهِ هَكَذَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَأَفَادَ بِإِطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ رِدَّةٍ وَرِدَّةٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَسَائِلُ الْأُولَى الرِّدَّةُ بِسَبِّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ كُلُّ مَنْ أَبْغَضَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَلْبِهِ كَانَ مُرْتَدًّا فَالسَّابُّ بِطَرِيقِ أَوْلَى ثُمَّ يُقْتَلُ حَدًّا عِنْدَنَا فَلَا
ــ
[منحة الخالق]
قَوْلُهُ لَمْ يُبَيِّنْ صِفَتَهُ) أَيْ صِفَةَ الْعَرْضِ وَذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّ قَوْلَهُ يُعْرَضُ ظَاهِرٌ فِي وُجُوبِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ فَقَوْلُهُ لَمْ يُبَيِّنْ صِفَتَهُ مَمْنُوعٌ نَعَمْ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ فَقَطْ
(قَوْلُهُ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ كُلُّ مَنْ أَبْغَضَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَخْ) قَالَ تِلْمِيذُ الْمُؤَلِّفِ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ وَجَعْلِهِ إيَّاهُ مَتْنًا مَا نَصُّهُ وَبِمِثْلِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ الْبَزَّازِيُّ وَبِهَذَا جَزَمَ شَيْخُنَا فِي فَوَائِدِهِ لَكِنْ سَمِعْت مِنْ مَوْلَانَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَمِينِ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الْعَالِ مُفْتِي الْحَنَفِيَّةِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَنَّ صَاحِبَ الْفَتْحِ تَبِعَ الْبَزَّازِيُّ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ الْبَزَّازِيَّ تَبِعَ صَاحِبَ الصَّارِمِ الْمَسْلُولِ فَإِنَّهُ عَزَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا نَقَلَهُ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِ وَلَمْ يَعْزُهُ إلَى أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ اهـ.
وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ أَفْلَاطُونَ زَادَهُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِمُعِينِ الْحُكَّامِ أَنَّهَا رِدَّةٌ حَيْثُ قَالَ مَعْزِيًّا إلَى شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مَا صُورَتُهُ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام أَوْ بَغَضَهُ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ رِدَّةً وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّينَ اهـ.
وَفِي النَّتْفِ مَنْ سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ مُرْتَدٌّ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ وَيُفْعَلُ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِالْمُرْتَدِّ اهـ.
فَقَوْلُهُ وَيُفْعَلُ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِالْمُرْتَدِّ ظَاهِرٌ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَمِمَّنْ نَقَلَ أَنَّهَا رِدَّةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالشِّفَاءِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَجْمَعَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْتَلُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ وَبِمِثْلِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي الْمُسْلِمِ لَكِنَّهُمْ قَالُوا هِيَ رِدَّةٌ وَرَوَى مِثْلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ رحمه الله وَحَكَى الطَّبَرِيُّ مِثْلَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ يُنْقِصُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَرِئَ مِنْهُ أَوْ كَذَّبَهُ اهـ. إلَى هُنَا كَلَامُ صَاحِبِ الْمِنَحِ.
لَكِنْ قَالَ بَعْدَمَا يَأْتِي عَنْ الْجَوْهَرَةِ فِي سَابِّ الشَّيْخَيْنِ أَقُولُ: يَقْوَى الْقَوْلُ بِعَدَمِ قَبُولِ تَوْبَةِ مَنْ سَبَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ الشَّرِيفَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْإِفْتَاءِ وَالْقَضَاءِ رِعَايَةً لِحَضْرَةِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ الْمَخْصُوصِ بِكَمَالِ الْفَضْلِ وَالْبَسَالَةِ اهـ.
وَفِيهِ كَلَامٌ تَعَرَّفْهُ وَقَدْ حَرَّرْت الْمَسْأَلَةَ فِي تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ فَرَاجِعْهَا ثُمَّ جَمَعْت فِي ذَلِكَ كِتَابًا سَمَّيْته تَنْبِيهَ الْوُلَاةِ وَالْحُكَّامِ عَلَى أَحْكَامِ شَاتِمِ خَيْرِ الْأَنَامِ أَوْ أَحَدِ أَصْحَابِهِ الْكِرَامِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبَيَّنْت فِيهِ أَنَّ قَوْلَ الشِّفَاءِ لَكِنَّهُمْ قَالُوا هِيَ رِدَّةٌ إلَخْ صَرِيحٌ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ لِأَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَهُ يُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِمِثْلِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَيْ قَالَ أَنَّهُ يُقْتَلُ لَكِنْ قَالُوا أَنَّهُ رِدَّةٌ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ لَمْ يَتُبْ كَمَا هُوَ حُكْمُ الرِّدَّةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلِاسْتِدْرَاكِ الْمَذْكُورِ فَائِدَةٌ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ عِنْدَنَا الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ فِي السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَجِدْ لِلْحَنَفِيَّةِ إلَّا قَبُولَ التَّوْبَةِ