الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِإِحْرَازِ نَفْسِهِ لِاخْتِلَافِ الدَّارَيْنِ فَبَقِيَ الْكُلُّ غَنِيمَةً وَعَمَّمَ الْمُودَعَ لِعَدَمِ الْفَرْقِ فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ عليه السلام «عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» يُخَالِفُهُ قُلْت هَذَا بِاعْتِبَارِ الْغَلَبَةِ يَعْنِي الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ بِالْعُرْفِ لِأَنَّ مِنْ دَأْبِ الشَّرْعِ بِنَاءَ الْحُكْمِ عَلَى الْغَلَبَةِ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ فَجَاءَنَا فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَوَلَدُهُ الصَّغِيرُ حُرٌّ مُسْلِمٌ وَمَا أَوَدَعُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَهُوَ لَهُ وَغَيْرُهُ فَيْءٌ) بَيَانٌ لِحُكْمٍ مَتْرُوكٍ الْحَرْبِيُّ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَجَاءَ إلَيْنَا مُسْلِمًا وَتَرَكَ أَمْوَالَهُ وَأَوْلَادَهُ ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ أَمَّا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ فَهُوَ تَبَعٌ لِأَبِيهِ حِينَ أَسْلَمَ إذْ الدَّارُ وَاحِدَةٌ فَكَانَ حُرًّا مُلِمًّا وَمَا كَانَ مِنْ وَدِيعَةٍ لَهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَهُوَ لَهُ لِأَنَّهُ فِي يَدٍ مُحْتَرَمَةٍ وَيَدُهُ كَيَدِهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فَيْءٌ فَأَمَّا الْمَرْأَةُ وَأَوْلَادُهُ الْكِبَارُ فَلَمَّا قُلْنَا وَأَمَّا الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْحَرْبِيِّ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَعْصُومًا لِأَنَّ يَدَ الْحَرْبِيِّ لَيْسَتْ يَدًا مُحْتَرَمَةً وَشَمِلَ غَيْرُهُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ فَيَكُونُ فَيْئًا لِعَدَمِ النِّيَابَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
[قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً أَوْ حَرْبِيًّا جَاءَنَا بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ]
(قَوْلُهُ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً الْأُولَى لَهُ أَوْ حَرْبِيًّا جَاءَنَا بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِلْإِمَامِ) لِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا مَعْصُومَةً خَطَأً فَيُعْتَبَرُ بِسَائِرِ النُّفُوسِ الْمَعْصُومَةِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لِلْإِمَامِ أَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لَهُ لِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ لَا أَنَّهُ يَمْلِكُهُ الْإِمَامُ بَلْ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِهِ هَاهُنَا وَإِلَّا فَحُكْمُ الْقَتْلِ الْخَطَأِ مَعْلُومٌ وَلِذَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْكَفَّارَةِ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ فَإِنَّهُ لَا وَلِيّ لَهُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَشَمِلَتْ الثَّانِيَةَ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِنَا وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ فَإِنَّهُ لَا وَلِيَّ لَهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ وَفِي الْعَمْدِ الْقَتْلُ أَوْ الدِّيَةُ لَا الْعَفْوُ) أَيْ لَوْ قَتَلَ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ عَمْدًا خُيِّرَ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ قَتَلَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ لِبَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ النَّفْسَ مَعْصُومَةٌ وَالْقَتْلُ عَمْدٌ وَالْوَلِيُّ مَعْلُومٌ وَهُوَ السُّلْطَانُ لِأَنَّهُ وَلِيُّ مِنْ لَا وَلِيَّ لَهُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَأَخْذُهُ الدِّيَةَ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ بِرِضَا الْقَاتِلِ لِأَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ هُوَ الْقَوَدُ عَيْنًا وَهَذَا لِأَنَّ الدِّيَةَ وَإِنْ كَانَتْ أَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَتْلِهِ لَكِنْ قَدْ يَعُودُ عَلَيْهِمْ مِنْ قَتْلِهِ مَنْفَعَةً أُخْرَى هُوَ أَنْ يَنْزَجِرَ أَمْثَالُهُ عَنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ الْعَفْوُ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْعَامَّةِ وَوِلَايَتُهُ نَظَرِيَّةٌ وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ إسْقَاطُ حَقِّهِمْ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَشَمِلَ كَلَامُهُ اللَّقِيطَ فَإِنْ قَتَلَ خَطَأً فَالدِّيَةُ لِلْإِمَامِ قَتَلَهُ الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ وَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا خُيِّرَ كَمَا فِي الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ لَهُ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الْوَارِثِ غَالِبًا أَوْ هُوَ مُحْتَمِلٌ فَكَانَ فِيهِ شُبْهَةٌ وَهُوَ يَسْقُطُ بِهَا وَلَهُمَا أَنَّ الْمَجْهُولَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ لَيْسَ بِوَلِيٍّ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَصَارَ كَالْعَدَمِ فَتَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى السُّلْطَانِ كَمَا فِي الْإِرْثِ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مَعْلُومٌ فَإِرْثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ وَكَذَا مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ ظَاهِرًا إذَا أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يُعْطِي كُلَّ مَالِهِ وَإِنْ احْتَمَلَ مَجِيءَ وَارِثٍ لَكِنْ بَعْدَ التَّأَنِّي كَمَا لَا يَخْفَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ)
.
بَيَانٌ لِمَا يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّ بَعْدَ بَيَانِ مَا يَصِيرُ بِهِ ذِمِّيًّا وَذِكْرُ الْعُشْرِ تَتْمِيمٌ لِلْوَظَائِفِ الْمَالِيَّةِ وَقَدَّمَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَالْعُشْرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَاحِدُ الْعَشَرَةِ وَالْخَرَاجُ اسْمٌ لِمَا يَخْرُجُ مِنْ غَسْلَةِ الْأَرْضِ أَوْ الْغُلَامِ ثُمَّ سُمِّيَ مَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ خَرَاجًا يُقَالُ فُلَانٌ أَدَّى خَرَاجَ أَرْضِهِ (قَوْلُهُ أَرْضُ الْعَرَبِ وَمَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ أَوْ فُتِحَ عَنْوَةً وَقَسَمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ عُشْرِيَّةً) أَمَّا أَرْضُ الْعَرَبِ فَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ لَمْ يَأْخُذُوا الْخَرَاجَ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ وَتَعَقَّبَهُ فِي الْبِنَايَةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْعَدَمَ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَصْلٍ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مِنْهُمْ الْخَرَاجَ لَنُقِلَ وَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ دَلَّ عَلَى عَدَمِهِ وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْفَيْءِ فَلَا يَثْبُتُ فِي أَرَاضِيهِمْ كَمَا لَا يَثْبُتُ فِي رِقَابِهِمْ
ــ
[منحة الخالق]
[جَاءَنَا حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَلَهُ زَوْجَةٌ وَوَلَدٌ وَمَالٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَأَسْلَمَ]
(قَوْلُهُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إلَخْ) نَظَرٌ فِيهِ فِي النَّهْرِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ قَتَلَ حَرْبِيًّا أَيْ لَا وَلِيَّ لَهُ وَبِهَذَا تَغَايَرَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ فِي النَّظَرِ نَظَرٌ إذْ وُجُودُ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَلَا وُجُودٍ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ فَيَدَّعِيَ فَيَكُونَ الْمَالُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ (قَوْلُهُ فَإِرْثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ) الْمُرَادُ يُوضَعُ مَالُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِيُصْرَفَ فِي مَصَارِفِهِ لِأَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ غَيْرُ وَارِثٍ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ لَكِنْ بَعْدَ التَّأَنِّي) بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزَةِ وَالنُّونِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ التَّمَهُّلِ
[بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ]
وَهَذَا لِأَنَّ وَضْعَ الْخَرَاجِ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يُقِرَّ أَهْلَهَا عَلَى الْكُفْرِ كَمَا فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ وَذَكَرَ فِي الْمُغْرِبِ مَعْزِيًّا إلَى كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ أَبُو يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي حُدُودُ أَرْضِ الْعَرَبِ مَا وَرَاءَ حُدُودِ أَرْضِ الْكُوفَةِ إلَى أَقْصَى صَخْرٍ بِالْيَمَنِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ عَدَنَ أَبْيَنَ إلَى الشَّامِ وَمَا وَالَاهَا.
وَفِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ قَالَ الْكَرْخِيُّ هِيَ أَرْضُ الْحِجَازِ وَتِهَامَةَ وَالْيَمَنِ وَمَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَالْبَرِّيَّة يَعْنِي الْبَادِيَةَ قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَرْضُ الْعَرَبِ مِنْ الْعُذَيْبِ إلَى مَكَّةَ وَعَدَنَ أَبْيَنَ إلَى أَقْصَى حَجَرٍ بِالْيَمَنِ بِهَمْزَةٍ وَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ مِمَّا لَمْ أَجِدْهُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ مَنْ رَوَى إلَى أَقْصَى حَجْرٍ بِالسُّكُونِ وَفَسَّرَهُ بِالْجَانِبِ فَقَدْ حَرَّفَ لِوُقُوعِ صَخْرٍ مَوْقِعَهُ وَكَأَنَّهُمَا ذَكَرَا ذَلِكَ تَأْكِيدًا لِلتَّحْدِيدِ وَإِلَّا فَهُوَ عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ اهـ.
مَا فِي الْمُغْرِبِ وَجَزِيرَةِ الْعَرَبِ بِمَعْنَى أَرْضِهَا وَمَحَلَّتِهَا وَفِي الْبِنَايَةِ الْعُذَيْبُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَاءٌ لِتَمِيمٍ وَالْحَجَرُ بِفَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى الصَّخْرَةِ وَمُهَرَةُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالسُّكُونِ اسْمُ رَجُلٍ وَقِيلَ اسْمُ قَبِيلَةٍ يُنْسَبُ إلَيْهَا الْإِبِلُ الْمَهْرِيَّةُ وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمُقَامُ بِهِ فَيَكُونُ بِمُهَرَةٍ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ بِالْيَمَنِ اهـ.
وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ أَهْلُهَا أَوْ فُتِحَتْ قَهْرًا وَقُسِّمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ فَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى ابْتِدَاءِ التَّوْظِيفِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْعُشْرِ أَلْيَقُ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَكَذَا هُوَ أَحَقُّ حَيْثُ يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْخَارِجِ وَالْعَنْوَةُ بِالْفَتْحِ الْقَهْرُ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ (قَوْلُهُ وَالسَّوَادُ وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَأُقِرَّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ أَوْ فُتِحَ صُلْحًا خَرَاجِيَّةٌ) أَمَّا السَّوَادُ فَالْمُرَادُ بِهِ سَوَادُ الْعِرَاقِ فَلِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه وَضَعَ عَلَيْهِ الْخَرَاجَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَهُوَ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَتَنَقَّلَ فِيهِ أَثَرٌ مُعَيَّنٌ وَفِي الْبِنَايَةِ الْمُرَادُ بِالسَّوَادِ الْقُرَى وَبِهِ صَرَّحَ التُّمُرْتَاشِيُّ وَسُمِّيَ السَّوَادُ لِخُضْرَةِ أَشْجَارِهِ وَزُرُوعِهِ وَقَالَ الْإِتْرَازِيُّ الْمُرَادُ مِنْ السَّوَادِ الْمَذْكُورِ سَوَادُ الْكُوفَةِ وَهُوَ سَوَادُ الْعِرَاقِ وَحْدَهُ مِنْ الْعُذَيْبِ إلَى عَقَبَةِ حُلْوَانَ عَرْضًا وَمِنْ الْعَلْثِ إلَى عَبَّادَانَ طُولًا وَأَمَّا سَوَادُ الْبَصْرَةِ فَالْأَهْوَازُ وَفَارِسُ اهـ.
وَتَقَدَّمَ ضَبْطُ الْعُذَيْبِ وَحُلْوَانُ بِضَمِّ الْحَاءِ اسْمُ بَلَدٍ وَالْعَلْثُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ قَرْيَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْعَلَوِيَّةِ عَلَى شَرْقَيْ دِجْلَةَ وَهُوَ أَوَّلُ الْعِرَاقِ وَعَبَّادَانُ بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ حِصْنٌ صَغِيرٌ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ وَفِي الْمِثْلِ مَا وَرَاءَ عَبَّادَانَ قَرْيَةٌ.
وَفِي شَرْحِ الْوَجِيزِ طُولُ سَوَادِ الْعِرَاقِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ فَرْسَخًا وَعَرْضُهُ ثَمَانُونَ فَرْسَخًا وَمِسَاحَتُهُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ أَلْفَ جَرِيبٍ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ وَأَمَّا مَا أَقَرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا سَوَاءٌ فُتِحَتْ قَهْرًا أَوْ صُلْحًا فَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى ابْتِدَاءِ التَّوْظِيفِ عَلَى الْكَافِرِ وَالْخَرَاجُ أَلْيَقُ بِهِ وَيَلْحَقُ بِمَا أَقَرَّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ مَا نَقَلَ إلَيْهَا غَيْرُ أَهْلِهَا مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنَّهَا خَرَاجِيَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا أَقَرَّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْقُدُورِيِّ وَقَيَّدَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ بِأَنْ يَصِلَ إلَيْهَا مَاءُ الْأَنْهَارِ لِتَكُونَ خَرَاجِيَّةً وَمَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا مَاءُ الْأَنْهَارِ وَاسْتُخْرِجَ مِنْهَا عَيْنٌ فَهِيَ أَرْضُ عُشْرٍ لِأَنَّ الْعُشْرَ يَتَعَلَّقُ بِالْأَرَاضِيِ النَّامِيَةِ وَنَمَاؤُهَا بِمَائِهَا فَيُعْتَبَرُ السَّقْيُ بِمَاءِ الْعُشْرِ أَوْ بِمَاءِ الْخَرَاجِ اهـ.
وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي أَقَرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا لَوْ كَانَتْ تُسْقَى بِعَيْنٍ أَوْ بِمَاءِ السَّمَاءِ لَمْ تَكُنْ الْإِخْرَاجِيَّةُ لِأَنَّ أَهْلَهَا كُفَّارٌ وَالْكَفَّارَةُ وَلَوْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ أَرْضٌ عُشْرِيَّةٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُشْرِيَّةُ قَدْ تُسْقَى بِعَيْنٍ أَوْ بِمَاءِ السَّمَاءِ لَا تَبْقَى عَلَى الْعُشْرِيَّةُ بَلْ تَصِيرُ خَرَاجِيَّةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَكَيْفَ بَدَأَ الْكَافِرُ بِتَوْظِيفِ الْعُشْرِ ثُمَّ كَوْنُهَا عُشْرِيَّةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ كَذَلِكَ أَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ فَهُوَ أَيْضًا يَمْنَعُهُ وَالْعِبَارَةُ الَّتِي نَقَلَهَا عَنْ الْجَامِعِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لَيْسَتْ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَدْ أَطَالَ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي تَقْرِيرِهِ ثُمَّ قَالَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً وَإِنْ أَقَرَّ الْكُفَّارُ عَلَيْهَا لَا يُوَظَّفُ عَلَيْهِمْ إلَّا الْخَرَاجُ وَلَوْ سُقِيَتْ بِمَاءِ الْمَطَرِ وَإِنْ قُسِّمَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يُوَظَّفُ إلَّا الْعُشْرُ وَإِنْ سُقِيَتْ بِمَاءِ الْأَنْهَارِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالتَّفْصِيلُ فِي الْأَرْضِ الْمُحْيَاةِ الَّتِي لَمْ تُقْسَمْ وَلَمْ يُقَرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا بِأَنْ أَحْيَاهَا مُسْلِمٌ فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا مَاءُ الْأَنْهَارِ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ أَوْ مَاءُ عَيْنٍ وَنَحْوُهُ فَعُشْرِيَّةٌ اهـ.
وَفِي التَّبْيِينِ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ أَمَّا الْكَافِرُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ مِنْ أَيِّ مَاءٍ سَقَى لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُبْتَدَأُ بِالْعُشْرِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّفْصِيلُ فِي حَالَةِ الِابْتِدَاءِ إجْمَاعًا إلَى آخِرِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَأَقَرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا أَنَّ الْإِمَامَ أَقَرَّهُمْ عَلَى مِلْكِهِمْ لِلْأَرَاضِيِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَأَرْضُ السَّوَادِ مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا يَجُوزُ بَيْعُهُمْ لَهَا وَتَصَرُّفُهُمْ فِيهَا وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ مِنْ عَدَنَ أَبْيَنَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هِيَ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْيُمْنِ أُضِيفَتْ إلَى أَبْيَنَ بِوَزْنِ أَبْيَضَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ عَدَنَ بِهَا أَيْ أَقَامَ كَذَا فِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يُؤْخَذُ مِمَّا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
فَإِنْ أَسْلَمُوا سَقَطَتْ الْجِزْيَةُ عَنْ رُءُوسِهِمْ وَلَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ عَنْ أَرَاضِيهِمْ اهـ.
وَإِذَا بَاعَهَا انْتَقَلَتْ بِوَظِيفَتِهَا مِنْ الْخَرَاجِ وَكَذَا إذَا مَاتَ انْتَقَلَتْ إلَى وَرَثَتِهِ كَذَلِكَ وَإِذَا وَقَفَهَا مَالِكُهَا بَقِيَ الْخَرَاجُ عَلَى حَالِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِوُجُوبِهِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ وَأَرْضِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَفِي الْهِدَايَةِ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه وَضَعَ عَلَى مِصْرَ الْخَرَاجَ حِينَ افْتَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه وَكَذَا أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم عَلَى وَضْعِ الْخَرَاجِ عَلَى الشَّامِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْمَأْخُوذُ الْآنَ مِنْ أَرَاضِي مِصْرَ إنَّمَا هُوَ بَدَلُ إجَارَةٍ لَا خَرَاجَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَرَاضِيَ لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِلزُّرَّاعِ وَهُوَ بَعْدَمَا قُلْنَا إنَّ أَرْضَ مِصْرَ خَرَاجِيَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَأَنَّهُ لِمَوْتِ الْمَالِكِينَ شَيْئًا فَشَيْئًا مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافِ وَرَثَةٍ فَصَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَصِحَّ بَيْعُ الْإِمَامِ وَلَا شِرَاؤُهُ مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ لِشَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّ نَظَرَهُ فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ كَنَظَرِهِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ عَقَارِهِ إلَّا لِضَرُورَةِ عَدَمِ وُجُودِ مَا يُنْفِقُهُ سِوَاهُ فَلِذَا كَتَبْت فِي فَتْوَى رُفِعَتْ إلَيَّ فِي شِرَاءِ السُّلْطَانِ الْأَشْرَفِ بِرِسْبَايْ الْأَرْضُ مِمَّنْ وَلَّاهُ نَظَرَ بَيْتِ الْمَالِ هَلْ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي وَلَّاهُ فَكَتَبْت إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى جَازَ ذَلِكَ اهـ.
كَأَنَّهُ أَجَابَ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَخْفَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ.
أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُفْتَى بِهِ لَا يَنْحَصِرُ جَوَازُ بَيْعِ عَقَارِ الْيَتِيمِ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ فِيهِ وَفِيمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْهُ أَوْ رَغِبَ فِيهِ بِضَعْفِ قِيمَتِهِ فَكَذَلِكَ نَقُولُ لِلْإِمَامِ بَيْعُ الْعَقَارِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ إذَا رَغِبَ فِيهِ بِضَعْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْمُفْتَى
ــ
[منحة الخالق]
أَنَّ مَا تُؤْخَذُ فِي بِلَادِنَا الشَّامِيَّةِ مُزَارَعَةٌ بِالْحِصَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِلزُّرَّاعِ وَتَأَمَّلْ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي رِسَالَتِهِ التُّحْفَةِ الْمُرْضِيَةِ أَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ فِي الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ عَلَى أَرْبَابِهَا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ فَحِينَئِذٍ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ فَيُؤَجِّرُهَا الْإِمَامُ وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ كَدَارٍ صَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَاخْتَارَ السُّلْطَانُ اسْتِغْلَالَهَا فَإِنَّهُ يُؤَجِّرُهَا وَيَأْخُذُ أُجْرَتَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِبَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا اخْتَارَ بَيْعَهَا فَلَهُ ذَلِكَ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ اهـ.
قَوْلُهُ فَيُؤَجِّرُهَا الْإِمَامُ يَعْنِي بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُزَارِعِينَ أَنْ يُؤَجِّرُوهَا لِأَنْفُسِهِمْ بِمَالٍ يَأْخُذُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ غَيْرَ مَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَيَظْهَرُ بِهِ جَهْلُ مُزَارِعِي الْأَرَاضِي السُّلْطَانِيَّةِ وَأَرَاضِي الْوَقْفِ بِبِلَادِنَا بِأُجْرَةٍ يَأْخُذُهَا الْمُزَارِعُ لِنَفْسِهِ وَأَفْتَيْت بِعَدَمِ جَوَازِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ بَدَلُ إجَارَةٍ لَا خَرَاجٍ) ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة السُّلْطَانُ إذَا دَفَعَ أَرَاضِي لَا مَالَك لَهَا وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْأَرَاضِي الْمُمَلَّكَةَ إلَى قَوْمٍ لِيُعْطُوا الْخَرَاجَ جَازَ وَطَرِيقُ الْجَوَازِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا إقَامَتُهُمْ مَقَامَ الْمُلَّاكِ فِي الزِّرَاعَةِ وَإِعْطَاءِ الْخَرَاجِ أَوْ الْإِجَارَةِ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ وَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ خَرَاجًا فِي حَقِّ الْإِمَامِ أُجْرَةً فِي حَقِّهِمْ اهـ.
أَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا عُشْرَ عَلَى الْمُزَارِعِينَ فِي الْأَرَاضِي الشَّامِيَّةِ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَرَاضِي الْمُمَلَّكَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ خَرَاجًا فَهُوَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْعُشْرِ وَإِنْ كَانَ أُجْرَةً فَالْمُسْتَأْجِرُ لَا عُشْرَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا الْعُشْرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ نَعَمْ عِنْدَ هُمَا الْعُشْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَكِنَّ هَذَا الْمَأْخُوذَ لَيْسَ أُجْرَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ خَرَاجٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ نَقُولُ الْإِمَامُ بَيْعُ الْعَقَارِ إلَخْ) قَالَ فِي رِسَالَتِهِ التُّحْفَةِ الْمُرْضِيَةِ ثُمَّ ظَاهِرُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ لِلْإِمَامِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ فَصْلِ الْخَرَاجِ مَا نَصُّهُ أَرْضُ خَرَاجٍ مَاتَ مَالِكُهَا فَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَيَأْخُذَ الْخَرَاجَ مِنْ أُجْرَتِهَا وَفِي سِيَرِ وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ فِي بَابِ الْبَاءِ لَوْ أَرَادَ السُّلْطَانُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِأَنْ يَبِيعَهَا ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ لِنَفْسِهِ اهـ.
فَقَدْ أَفَادَ جَوَازَ الْبَيْعِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِشَيْءٍ مَعَ أَنَّهَا بِمَوْتِ مَالِكِهَا صَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ إذْ الْمَفْرُوضُ أَنْ لَيْسَ لِمَالِكِهَا وَارِثٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَلَوْ خَلَّفَ مَالِكُهَا وَارِثًا لَكَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ وَالْخَرَاجُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِيهَا وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا لِأَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ فِي أَرَاضِي الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ مُؤْنَةٌ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَصَرَّحَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةً عَامَّةً وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَالِاعْتِيَاضُ عَنْ الْمُشْتَرَكِ الْعَامِّ جَائِزٌ مِنْ الْإِمَامِ وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ صَحَّ بَيْعُهُ اهـ.
فَقَوْلُهُ شَيْئًا نَكِرَةً فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَيَعُمُّ الْمَنْقُولَ وَالْعَقَارَ وَالدُّورَ وَالْأَرَاضِيَ اهـ.
بِهِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ وَقَعَ النِّزَاعُ فِيهَا فِي زَمَانِنَا فِي تَفْتِيشٍ وَقَعَ مِنْ نَائِبِ مِصْرَ عَلَى الرِّزْقِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ حَتَّى ادَّعَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُبَايَعَاتِ لِلْأَرَاضِيِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى إبْطَالِ الْأَوْقَافِ وَالْخَيْرَاتِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ شَخْصٌ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ أَمْرَ الْأَوْقَافِ فَطَلَبَ أَنْ يُحْدِثَ عَلَى أَرَاضِي الْأَوْقَافِ خَرَاجًا مُتَمَسِّكًا بِأَنَّ الْخَرَاجَ وَاجِبٌ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ وَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ بِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ مِنْ أَنَّ الْخَرَاجَ ارْتَفَعَ عَنْ أَرَاضِي مِصْرَ إنَّمَا الْمَأْخُوذُ مِنْهَا أُجْرَةٌ فَصَارَتْ الْأَرَاضِي بِمَنْزِلَةِ دُورِ السُّكْنَى لِعَدَمِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ فَإِذَا اشْتَرَاهَا إنْسَانٌ مِنْ الْإِمَامِ بِشَرْطِهِ شِرَاءً صَحِيحًا مَلَكَهَا وَلَا خَرَاجَ عَلَيْهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ أَخَذَ الْبَدَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِذَا وَقَفَهَا سَالِمَةً مِنْ الْمُؤَنِ فَلَا يَجِبُ الْخَرَاجُ فِيهَا وَتَمَامُهُ فِيمَا كَتَبْنَاهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ الْمُسَمَّى بِالتُّحْفَةِ الْمَرَضِيَّةِ فِي الْأَرَاضِي الْمِصْرِيَّةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا يُعْتَبَرُ قُرْبُهُ) أَيْ لَوْ أَحْيَا الْمُسْلِمُ وَالْمُرَادُ بِالْقُرْبِ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ بِقُرْبِ أَرْضِ الْخَرَاجِ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ بِقُرْبِ أَرْضِ الْعُشْرِ فَهِيَ عُشْرِيَّةٍ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ مَا قَرُبَ مِنْ الشَّيْءِ أَخَذَ حُكْمَهُ كَفِنَاءِ الدَّارِ لِصَاحِبِهَا الِانْتِفَاعُ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لَهُ وَلِذَا يَجُوزُ إحْيَاءُ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ وَاعْتَبَرَ مُحَمَّدٌ الْمَاءَ فَإِنْ أَحْيَاهَا بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ وَإِلَّا فَعُشْرِيَّةٌ.
قَيَّدْنَا بِالْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْكَافِرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ مُطْلَقًا كَذَا فِي الشَّرْحِ وَقَدَّمْنَاهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْبَصْرَةُ عُشْرِيَّةٍ) نَصَّ عَلَيْهَا لِأَنَّ مُقْتَضَى مَا سَبَقَ أَنْ تَكُونَ خَرَاجِيَّةً لِأَنَّهَا مِنْ حَيِّزِ أَرْضِ الْخَرَاجِ لَكِنْ تَرْكُ الْقِيَاسِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم عَلَى تَوْظِيفِ الْعُشْرِ عَلَيْهَا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَيِّزَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَرْضِ الْمُحْيَاةِ وَالْبَصْرَةُ لَمْ تَكُنْ مُحْيَاةً وَإِنَّمَا فُتِحَتْ عَنْوَةً فَقِيَاسُ مَا مَضَى أَنْ تَكُونَ خَرَاجِيَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّبْيِينِ كَمَا خَرَجَ عَنْ الْقِيَاسِ مَكَّةُ الْمُشَرَّفَةُ فَإِنَّ الْقِيَاسَ وَضْعُ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُوَظِّفْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا الْخَرَاجَ تَعْظِيمًا لَهَا وَلِأَهْلِهَا فَكَمَا لَا رِقَّ عَلَى الْعَرَبِ فَكَذَلِكَ لَا خَرَاجَ عَلَى أَرَاضِيهِمْ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَخَرَاجُ جَرِيبٍ صَلُحَ لِلزَّارِعَةِ صَاعٌ وَدِرْهَمٌ وَفِي جَرِيبِ الرَّطْبَةِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَفِي جَرِيبِ الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ الْمُتَّصِلِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ) بَيَانٌ لِلْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فَإِنَّهُ بَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ حَتَّى يَمْسَحَ سَوَادَ الْعِرَاقِ وَجَعَلَ حُذَيْفَةَ مُشْرِفًا فَمَسَحَ فَبَلَغَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ أَلْفَ أَلْفَ جَرِيبٍ وَوَضَعَ عَلَى ذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ وَلِأَنَّ الْمُؤَنَ مُتَفَاوِتَةٌ فَالْكَرْمُ أَخَفُّهَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِيمَا كَتَبْنَاهُ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ وَأَمَّا إذَا بَاعَهَا بَعْدَمَا صَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّمَا بَاعَهَا بَعْدَمَا سَقَطَ الْخَرَاجُ عَنْهَا بِعَدَمِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ لَا فِي الْخَارِجِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَقَدْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ إنَّ خَرَاجَ الْوَظِيفَةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ فِيهَا شَيْئًا فِي الذِّمَّةِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ اهـ.
لَا يُقَالُ إنَّ الْخَرَاجَ وَظِيفَةُ الْأَرْضِ لَا يَسْقُطُ أَصْلًا لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ كَذَلِكَ مَا دَامَتْ الذِّمَّةُ صَالِحَةً لِلْوُجُوبِ فَإِذَا مَاتَ مَالِكُهَا وَلَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا سَقَطَ لِعَدَمِ الْمَحَلِّ وَلَا يُمْكِنُ الْوُجُوبُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ السُّلْطَانِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِالْتِزَامِ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ انْتَقَلَتْ الْأَرْضُ إلَيْهِ مِمَّنْ وَجَبَ الْخَرَاجُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ كَبَيْعِهِ أَوْ بَيْعِ السُّلْطَانِ عِنْدَ عَجْزِهِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلَوْ قَبِلَ بِوَضْعِ الْخَرَاجِ الْآنَ عَلَى أَرْضِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَجُوزُ وَضْعُ الْخَرَاجِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَإِنْ جَازَ بَقَاءً بِالْتِزَامِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخَرَاجُ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا جَعَلَ دَارِهِ بُسْتَانًا وَسَقَاهُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ لِمَا أَنَّ سَقْيَهُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ الْتِزَامٌ مِنْهُ كَمَا فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ مَعَ أَنَّ الْمَذْهَبَ وُجُوبُ الْعُشْرِ مُطْلَقًا دُونَ الْخَرَاجِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لِمَا ذُكِرَ وَلَوْ قِيلَ بِعَوْدِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى لَمْ يَبْقَ مَوْجُودًا وَهُوَ الِالْتِزَامُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا اهـ. مُلَخَّصًا ثُمَّ قَالَ تِلْكَ الرِّسَالَةُ.
فَإِنْ قُلْت إنَّ الْأَرَاضِيَ الَّتِي لِلزِّرَاعَةِ لَا تَخْلُو عَنْ مُؤْنَةٍ أَمَّا الْخَرَاجُ أَوْ الْعُشْرُ وَقَدْ حَكَمْت بِسُقُوطِ الْخَرَاجِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْعُشْرُ قُلْت نَعَمْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا وَصَرَّحُوا فِي الْأُصُولِ بِأَنَّ الْعُشْرَ يَجِبُ فِي مَالِ الْوَقْفِ وَصَرَّحَ فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إذَا دَفَعَ أَرْضَ الْوَقْفِ مُزَارَعَةً جَازَ عِنْدَ الصَّالِحِينَ وَكَانَ الْعُشْرُ عَلَى أَرْبَابِ الْوَقْفِ فِيمَا كَانَ لَهُمْ وَإِنْ كَانَ الْأَرْبَابُ مَسَاكِينَ انْتَهَتْ وَكَذَا صَرَّحَ بِوُجُوبِ الْعُشْرِ الْخَصَّافُ وَغَيْرُهُ وَإِنَّمَا لَمْ أَجْزِمْ بِهِ فِي الْأَرَاضِي الْمِصْرِيَّةِ الْمَوْقُوفَةِ لِأَنِّي لَمْ أَرَ نَقْلًا فِي وُجُوبِهِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْتَرَاةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا خَرَجَ عَنْ الْقِيَاسِ مَكَّةُ الْمُشَرَّفَةُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهَا شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَقَدْ أَطْلَقُوا أَنَّهَا
مُؤْنَةً وَالْمَزَارِعُ أَكْثَرُهَا مُؤْنَةً وَالرِّطَابُ بَيْنَهُمَا وَالْوَظِيفَةُ تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِهَا فَجَعَلَ الْوَاجِبَ فِي الْكَرْمِ أَعْلَاهَا وَفِي الزَّرْعِ أَدْنَاهَا وَفِي الرَّطْبَةِ أَوْسَطَهَا وَالْجَرِيبُ أَرْضٌ طُولُهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهَا كَذَلِكَ لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي الذِّرَاعِ فَفِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَنَّهُ سَبْعُ قَبَضَاتٍ وَهُوَ ذِرَاعُ كِسْرَى يَزِيدُ عَلَى ذِرَاعِ الْعَامَّةِ بِقَبْضَةٍ.
وَفِي الْمُغْرِبِ أَنَّهُ سِتُّ قُبْضَانٍ وَالْقَبْضَةُ أَرْبَعُ أَصَابِعَ اهـ.
وَفِي الْكَافِي مَا قِيلَ الْجَرِيبُ سِتُّونَ فِي سِتِّينَ حِكَايَةً عَنْ جَرِيبِهِمْ فِي أَرَاضِيهِمْ وَلَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ فِي الْأَرَاضِي كُلِّهَا بَلْ جَرِيبُ الْأَرْضِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلَدٍ مُتَعَارَفُ أَهْلِهِ اهـ.
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي مِصْرَ الْفَدَّانُ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَهُ لَكِنَّ مَا فِي الْكَافِي مَرْدُودٌ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّقْدِيرِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقُيِّدَ بِصَلَاحِيَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي غَيْرِ الصَّالِحِ لَهَا وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا زَرَعَهُ صَاحِبُهُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً أَوْ مِرَارًا أَوْ لَمْ يَزْرَعْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا تَقْدِيرُ الصَّاعِ لِلِاكْتِفَاءِ بِمَا قَدَّمَهُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ مِنْ أَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ كُلَّ مَزْرُوعٍ فِيهِ فَيُؤْخَذُ قَفِيزٌ مِمَّا زُرِعَ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرُ أَوْ عَدَسًا أَوْ ذُرَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَمْ يُقَدَّرْ الدِّرْهَمُ لِلِاكْتِفَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الزَّكَاةِ مِنْ أَنَّ الْعَشَرَةَ مِنْهَا بِوَزْنِ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ وَذَكَرَ الْعَيْنِيُّ أَنَّهُ يُعْطِي الدِّرْهَمَ مِنْ أَجْوَدِ النُّقُودِ الرَّطْبَةِ بِفَتْحِ الرَّاءِ الأسفست الرَّطْبَ وَالْجَمْعُ رِطَابٌ وَفِي كِتَابِ الْعُشْرِ الْبُقُولُ غَيْرُ الرِّطَابِ وَإِنَّمَا الْبُقُولُ مِثْلُ الْكُرَّاثِ وَالرِّطَابُ هُوَ الْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَالْبَاذِنْجَانُ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِيمَا عِنْدِي مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ فَحَسْبُ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَفِي الْعَيْنِيِّ الرَّطْبَةُ الْبِرْسِيمُ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَسَّرَ بِمَا فِي كِتَابِ الْعُشْرِ كَمَا لَا يَخْفَى وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الرَّطْبَةِ شَيْءٌ مِنْ الْخَارِجِ وَقَيَّدَ بِالِاتِّصَالِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فِي جَوَانِبِ الْأَرْضِ وَوَسَطُهَا مَزْرُوعَةً فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَكَذَا لَوْ غَرَسَ أَشْجَارًا غَيْرَ مُثْمِرَةٍ وَلَوْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ مُلْتَفَّةً لَا يُمْكِنُ زِرَاعَةُ أَرْضِهَا فَهِيَ كَرْمٌ ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ أَنْبَتَ أَرْضَهُ كَرْمًا فَعَلَيْهِ خَرَاجُهَا إلَى أَنْ تَطْعَمَ فَإِذَا أَطْعَمَتْ فَإِنْ كَانَ ضِعْفُ وَظِيفَةِ الْكَرْمِ فَفِيهِ وَظِيفَةُ الْكَرْمِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَنِصْفُهُ إلَى أَنْ يَنْقُصَ عَنْ قَفِيزٍ وَدِرْهَمٍ فَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَقَفِيزٌ اهـ.
وَفِي الْبِنَايَةِ الْمُتَّصِلُ مَا يَتَّصِلُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ عَلَى وَجْهٍ تَكُونُ كُلُّ الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِهَا وَفِي الْهِدَايَةِ وَفِي دِيَارنَا وَظَّفُوا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي الْأَرَاضِي كُلِّهَا وَتَرَكَ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ اهـ قُلْت وَكَذَا فِي غَالِبِ أَرَاضِي مِصْرَ لَا يُؤْخَذُ خَرَاجُهَا إلَّا دَرَاهِمَ بِخِلَافِ أَرَاضِي الصَّعِيدِ فَإِنَّ غَالِبَ خَرَاجِهَا الْقَمْحُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَصْنَافِ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْبُسْتَانِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ يُوضَعُ عَلَيْهَا بِحَسَبِ الطَّاقَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَوْظِيفُ عُمَرَ رضي الله عنه وَقَدْ اُعْتُبِرَ فِي ذَلِكَ الطَّاقَةُ فَنَعْتَبِرُهَا فِيمَا لَا تَوْظِيفَ فِيهِ قَالُوا أَوْ نِهَايَةُ الطَّاقَةِ أَنْ يَبْلُغَ الْوَاجِبُ نِصْفَ الْخَارِجِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّنْصِيفَ عَيْنُ الْإِنْصَافِ لَمَّا كَانَ لَنَا أَنْ نَقْسِمَ الْكُلَّ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَالْبُسْتَانُ كُلُّ أَرْضٍ يَحُوطُهَا حَائِطٌ وَفِيهَا نَخِيلٌ مُتَفَرِّقَةٌ وَأَشْجَارٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ خَرَاجَ الْمَقَّاسَةِ لِظُهُورِهِ فَإِذَا مَنَّ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ جَعَلَ عَلَى أَرَاضِيهمْ نِصْفَ الْخَارِجِ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ رُبْعَهُ.
قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَا يُزَادُ عَلَى النِّصْفِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الْخُمْسِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُطِقْ مَا وَظَّفَ نَقَصَ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْأَرْضُ مَا جُعِلَ عَلَيْهَا مِنْ الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ السَّابِقِ نُقِضَ عَنْهَا مَا لَا تُطِيقُهُ وَجَعَلَ عَلَيْهَا مَا تُطِيقُهُ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا وَظَّفَهُ عُمَرُ رضي الله عنه فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ وَإِنْ طَاقَتْهَا الْأَرْضُ لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه لِعَامِلَيْهِ لَعَلَّكُمَا حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ فَقَالَا بَلْ حَمَّلْنَاهَا مَا تُطِيقُ وَلَوْ زِدْنَا لَأَطَاقَتْ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْأَرَاضِيَ الَّتِي صَدَرَ التَّوْظِيفُ فِيهَا مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَوْ مِنْ إمَامٍ بِمِثْلِ وَظِيفَةِ عُمَرَ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْإِمَامُ
ــ
[منحة الخالق]
عُشْرِيَّةٍ قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ (قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ قَفِيزٌ مِمَّا زُرِعَ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَرَادَ بِالْقَفِيزِ الصَّاعَ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِيِّ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْنَاءَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلَ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ هُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ رِطْلٍ وَهُوَ صَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ لِظُهُورِهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ كَالْمُوَظِّفِ مَصْرِفًا وَكَالْعُشْرِ مَأْخَذًا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الرِّطَابِ وَالزَّرْعِ وَالْكَرْمِ وَالنَّخْلِ الْمُتَّصِلِ وَغَيْرِهِ فَيُقْسَمُ الْجَمِيع عَلَى حَسَبِ مَا تُطِيقُ الْأَرْضُ مِنْ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ أَوْ الْخُمُسِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ كَالْعُشْرِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْخَارِجِ وَلِذَا يَتَكَرَّرُ وَيَتَكَرَّرُ الْخَارِجُ فِي السَّنَةِ وَإِنَّمَا يُفَارِقُهُ فِي الْمَصْرِفِ فَكُلُّ شَيْءٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ وَتَجْرِي الْأَحْكَامُ الَّتِي قُرِّرَتْ فِي الْعُشْرِ فِيهِ
تَوْظِيفَ الْخَرَاجِ عَلَى أَرْضٍ ابْتِدَاءً وَزَادَ عَلَى وَظِيفَةِ عُمَرَ رضي الله عنه فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه لَمْ يَزِدْ لَمَّا أَخْبَرَاهُ بِزِيَادَةِ الطَّاقَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي فُتِحَتْ بَعْدَ عُمَرَ رضي الله عنه لَوْ كَانَتْ تُزْرَعُ الْحِنْطَةَ فَأَرَادَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهَا دِرْهَمَيْنِ وَقَفِيزًا وَهِيَ تُطِيقُهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَمَعْنَى عَدَمِ الْإِطَاقَةِ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْهَا لَمْ يَبْلُغْ ضِعْفَ الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ فَيَنْقُصُ مِنْهُ إلَى نِصْفِ الْخَارِجِ كَذَا أَفَادَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّ النُّقْصَانَ عِنْدَ الْإِطَاقَةِ لَا يَجُوزُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ نَقَلَ فِي الْبِنَايَةِ عَنْ الْكَاكِيِّ أَنَّهُ إذَا جَازَ النُّقْصَانُ عِنْدَ قِيَامِ الطَّاقَةِ فَعِنْدَ عَدَمِ الطَّاقَةِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ وَلَا خَرَاجَ إنْ غَلَبَ عَلَى أَرْضِهِ الْمَاءُ أَوْ انْقَطَعَ أَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ) لِأَنَّهُ فَاتَ التَّمَكُّنُ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَهُوَ النَّمَاءُ التَّقْدِيرِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْخَرَاجِ وَفِيمَا إذَا اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَاتَ النَّمَاءُ التَّقْدِيرِيُّ بِرَيٍّ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ وَكَوْنُهُ نَامِيًا فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ شَرْطٌ كَمَا فِي الزَّكَاةِ أَوْ يُدَارُ الْحُكْمُ عَلَى الْحَقِيقَةِ عِنْدَ خُرُوجِ الْخَارِجِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ ذَهَابَ كُلِّ الْخَارِجِ أَوْ بَعْضِهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْأَوَّلِ أَمَّا فِي الثَّانِي قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ بَقِيَ مِقْدَارُ الْخَرَاجِ وَمِثْلُهُ بِأَنْ بَقِيَ مِقْدَارُ دِرْهَمَيْنِ وَقَفِيزَيْنِ يَجِبُ الْخَرَاجُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ مِقْدَارِ الْخَرَاجِ يَجِبُ نِصْفُهُ قَالَ مَشَايِخُنَا وَالصَّوَابُ فِي هَذَا أَنْ يُنْظَرَ أَوَّلًا إلَى مَا أَنْفَقَ هَذَا الرَّجُلُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ ثُمَّ يُنْظَرَ إلَى الْخَارِجِ فَيُحْسَبَ مَا أَنْفَقَ أَوَّلًا مِنْ الْخَارِجِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أُخِذَ مِنْهُ مِقْدَارُ مَا بَيَّنَّا وَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْخَرَاجَ يَسْقُطُ بِالِاصْطِلَامِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ أَمَّا إذَا بَقِيَ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ وَأَطْلَقَ الْآفَةَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا كَالْغَرَقِ وَالِاحْتِرَاقِ وَشِدَّةِ الْبَرْدِ أَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ سَمَاوِيَّةٍ وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا كَأَكْلِ الْقِرَدَةِ وَالسِّبَاعِ وَالْأَنْعَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَسْقُطُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ هَلَاكَ الْخَارِجِ قَبْلَ الْحَصَادِ يَسْقُطُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الدُّودَةَ وَالْفَأْرَةَ إذَا أَكَلَا الزَّرْعَ لَا يُقَسَّطُ الْخَرَاجُ وَقَيَّدَ بِالزَّرْعِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْقَائِمِ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَصَادِ لَا يَسْقُطُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ.
وَقَيَّدَ بِالْخَرَاجِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَسْقُطُ بِالْأُولَيَيْنِ وَأَمَّا بِالثَّالِثِ فَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ سَنَةً ثُمَّ اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَمَا وَجَبَ مِنْ الْأَجْرِ قُبَيْلَ الِاصْطِلَامِ لَا يَسْقُطُ وَمَا وَجَبَ بَعْدَ الِاصْطِلَامِ يَسْقُطُ لِأَنَّ الْأَجْرَ إنَّمَا يَجِبُ بِإِزَاءِ الْمَنْفَعَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَمَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَمَا لَمْ يَسْتَوْفِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي حَقِّهِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْخَرَاجِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ اهـ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَمِمَّا حُمِدَ مِنْ سِيَرِ الْأَكَاسِرَةِ أَنَّهُمْ إذَا أَصَابَ بَعْضَ زَرْعِ الرَّعِيَّةِ آفَةٌ غَرِمُوا لَهُ مَا أَنْفَقَ فِي الزِّرَاعَةِ مِنْ بَيْتِ مَالِهِمْ وَقَالَ: التَّاجِرُ شَرِيكٌ فِي الْخُسْرَانِ كَمَا هُوَ شَرِيكٌ فِي الرِّبْحِ فَإِذَا لَمْ يُعْطِهِ الْإِمَامُ شَيْئًا فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ لَا يُغَرِّمَهُ الْخَرَاجَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَطَّلَهَا صَاحِبُهَا أَوْ أَسْلَمَ أَوْ اشْتَرَى مُسْلِمٌ أَرْضَ خَرَاجٍ يَجِبُ) أَيْ الْخَرَاجُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ التَّمَكُّنَ كَانَ ثَابِتًا وَهُوَ الَّذِي فَوَّتَهُ قَالُوا مَنْ انْتَقَلَ إلَى أَحْسَنِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْأَعْلَى لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ضَيَّعَ الزِّيَادَةَ كَمَا إذَا كَانَتْ صَالِحَةً لِلزَّعْفَرَانِ فَزَرَعَ الشَّعِيرَ وَهَذَا يُعْرَفُ وَلَا يَفْنَى بِهِ كَيْ لَا يَتَجَرَّأَ الظَّلَمَةُ عَلَى أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ لِأَنَّا لَوْ أَفْتَيْنَا بِذَلِكَ يَدَّعِي كُلُّ ظَالِمٍ فِي أَرْضٍ لَيْسَ هَذَا شَأْنُهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَزْرَعُ الزَّعْفَرَانَ فَيَأْخُذُ خَرَاجَهُ فَيَكُونُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا.
قَيَّدَ بِكَوْنِهِ الْمُعَطَّلَ لِأَنَّهُ لَوْ مَنَعَهُ
ــ
[منحة الخالق]
وِفَاقًا وَخِلَافًا ثُمَّ بَحَثَ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُطِقْ الْخُمُسَ لِقِلَّةِ الرِّيعِ وَكَثْرَةِ الْمُؤَنِ يَنْقُص وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الرِّضَى عَلَى دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ عَلَى عَدَدِ الْأَشْجَارِ يَنْبَغِي الْجَوَازُ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْكَافِي لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ الْخَرَاجَ الْمُوَظَّفَ إلَى خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ اهـ.
قَالَ وَكَذَلِكَ عَكْسُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَعْلِيلِهِ لِأَنَّهُ قَالَ لِأَنَّ فِيهِ نَقْضَ الْعَهْدِ وَهُوَ حَرَامٌ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مُفْرَدٌ.
(قَوْلُهُ كَذَا أَفَادَهُ فِي الْخُلَاصَةِ) حَيْثُ قَالَ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَا تُطِيقُ أَنْ يَكُونَ الْخَرَاجُ خَمْسَةً بِأَنْ كَانَ الْخَارِجُ لَا يَبْلُغُ عَشْرَةً يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِ الْخَارِجِ اهـ.
وَفِي هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَرَضِينَ الَّتِي وَظَّفَ عَلَيْهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ثُمَّ نَقَصَ نُزُلُهَا وَضَعُفَتْ الْآنَ أَوْ غَيْرَهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الدُّودَةَ وَالْفَأْرَةَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَلْحَقَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْجَرَادَ بِمَا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ بِأَكْلِهِ الْخَرَاجُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الدُّودَةَ وَالْفَأْرَةَ فِي مَعْنَى الْجَرَادِ فِي عَدَمِ إمْكَانِ الدَّفْعِ وَبِمِثْلِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ صَرَّحَ مُلَّا مِسْكِينٌ وَفِي النَّهْرِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ قَوْلَهُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ إلَخْ وَأَقُولُ: فِي كَوْنِ الدُّودَةِ لَيْسَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ لَا يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ فِي كَوْنِهَا سَمَاوِيَّةً وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ
إنْسَانٌ مِنْ الزِّرَاعَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ وَقَيَّدَ بِالْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالتَّعْطِيلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَشَارَ بِنِسْبَةِ التَّعْطِيلِ إلَيْهِ إلَى أَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الزِّرَاعَةِ وَلَمْ يَزْرَعْ فَلَوْ عَجَزَ الْمَالِكُ عَنْ الزِّرَاعَةِ لِعَدَمِ قُوَّتِهِ وَأَسْبَابِهِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً وَيَأْخُذَ الْخَرَاجَ مِنْ نَصِيبِ الْمَالِكِ وَيُمْسِكَ الْبَاقِيَ لِلْمَالِكِ وَإِنْ شَاءَ أَجَرَهَا وَأَخَذَ الْخَرَاجَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ شَاءَ زَرَعَهَا بِنَفَقَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَقْبَلُ ذَلِكَ بَاعَهَا وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهَا الْخَرَاجَ وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَدْفَعُ لِلْعَاجِزِ كِفَايَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَيَعْمَلُ فِيهَا قَرْضًا وَفِي جَمْعِ الشَّهِيدِ بَاعَ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً فَإِنْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ الزِّرَاعَةِ فَالْخَرَاجُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ أَنَّ أَرْضَ مِصْرَ الْآنَ لَيْسَتْ خَرَاجِيَّةً إنَّمَا هِيَ بِالْأُجْرَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْفَلَّاحِ لَوْ عَطَّلَهَا وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَأْجِرًا لَهَا وَلَا جَبْرَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهَا وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ بَعْضَ الْمُزَارِعِينَ إذَا تَرَكَ الزِّرَاعَةَ وَسَكَنَ فِي مِصْرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَمَا يَفْعَلُهُ الظَّلَمَةُ مِنْ الْأَضْرَارِ بِهِ فَحَرَامٌ خُصُوصًا إذَا أَرَادَ الِاشْتِغَالَ بِالْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ كَمُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْخَرَاجُ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ فَيُعْتَبَرُ مُؤْنَةً فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ فَأَمْكَنَ إبْقَاؤُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ إذَا اشْتَرَى مُسْلِمٌ مِنْ ذِمِّيٍّ أَرْضَ خَرَاجٍ فَلَمَّا قُلْنَا وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم اشْتَرَوْا أَرَاضِيَ الْخَرَاجِ وَكَانُوا يُؤَدُّونَ خَرَاجَهَا فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الشِّرَاءِ وَأَخْذِ الْخَرَاجِ وَأَدَائِهِ لِلْمُسْلِمِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهِيَةٍ.
(قَوْلُهُ وَلَا عُشْرَ فِي خَارِجِ أَرْضِ الْخَرَاجِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام «لَا يَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ» كَمَا رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي مُسْنَدِهِ وَلِأَنَّ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ وَالْجَوْرِ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا وَكَفَى بِإِجْمَاعِهِمْ حُجَّةً وَلِأَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ فِي أَرْضٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَقَهْرًا وَالْعُشْرُ يَجِبُ فِي أَرْضٍ أَسْلَمَ أَهْلُهَا طَوْعًا وَالْوَصْفَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَسَبَبُ الْحَقَّيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْعُشْرِ تَحْقِيقًا وَفِي الْخَرَاجِ تَقْدِيرًا وَلِهَذَا يُضَافَانِ إلَى الْأَرْضِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الزَّكَاةُ مَعَ أَحَدِهِمَا وَالْحَدُّ وَالْعُقْرُ وَالْجَلْدُ وَالنَّفْيُ وَالرَّجْمُ وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ وَالْقَطْعُ وَالضَّمَانُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَا التَّيَمُّمُ مَعَ الْوُضُوءِ وَكَذَا الْحَبَلُ مَعَ الْحَيْضِ وَالْحَيْضُ مَعَ النِّفَاسِ.
(فُرُوعٌ)
لَا يَتَكَرَّرُ الْخَرَاجُ بِتَكَرُّرِ الْخَارِجِ فِي سَنَةٍ إذَا كَانَ مُوَظَّفًا وَإِنْ كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ تَكَرَّرَ لِتَعَلُّقِهِ بِالْخَارِجِ حَقِيقَةً كَالْعُشْرِ وَلَوْ وَهَبَ السُّلْطَانُ لِإِنْسَانٍ خَرَاجَ أَرْضِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَأَنْ
ــ
[منحة الخالق]
الِاحْتِرَازُ عَنْهَا إلَى آخَرِ كَلَامِهِ وَأَقُولُ: إنْ كَانَ كَثِيرًا غَالِبًا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِحِيلَةٍ يَجِبُ أَنْ يَسْقُطَ بِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ لَا يَسْقُطُ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ لِلصَّوَابِ.
(قَوْلُهُ وَقَيَّدَ بِالْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيهِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَكَذَلِكَ لَوْ هَلَكَ الْخَارِجُ فِي خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ قَبْلَ الْحَصَادِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْخَارِجِ حَقِيقَةً وَحُكْمُهُ حُكْمُ الشَّرِيكِ شَرِكَةَ الْمِلْكِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي فَاعْلَمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَيَكْثُرُ وُقُوعُهُ فِي بِلَادِنَا وَفِي الْخَانِيَّةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي سُقُوطِهِ بَعْدَ الْحَصَادِ فِي حِصَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ وَوُجُوبُهُ عَلَيْهِ فِي حِصَّةِ الْأَكَّارِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْأَرْضَ فِي حِصَّتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَقْوَى مُدْرَكًا أَوْضَحُ وَجْهًا فَلْيَكُنْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ عَجَزَ الْمَالِكُ عَنْ الزِّرَاعَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ ثُمَّ لَوْ عَادَتْ قُدْرَتُهُ اسْتَرَدَّهَا الْإِمَامُ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ وَرَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا إلَّا فِي الْبَيْعِ خَاصَّةً صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ وَفِي جَمْعِ الشَّهِيدِ بَاعَ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً إلَخْ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ فَارِغَةً وَالْجَوَابُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ مَا يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى زِرَاعَتِهَا قَبْلَ دُخُولِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَعَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ زَرْعُ الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ أَوْ أَيِّ زَرْعٍ كَانَ فَالْفَقِيهُ أَبُو نَصْرٍ يَعْتَبِرُ أَيَّ زَرْعٍ كَانَ وَالْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ يَعْتَبِرُ زَرْعَ الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ إدْرَاكُ الرِّيعِ بِكَمَالِهِ.
وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ بَقِيَتْ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَعَلَى الْبَائِعِ وَهَذَا مِنْهُ اعْتِبَارُ زَرْعِ الدَّخَنِ وَإِدْرَاكُ الرِّيعِ فَإِنَّ رِيعَ الدَّخَنِ يُدْرَكُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ الْوَجْهُ الثَّانِي إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ لَمْ يَبْلُغْ بَعْدُ فَبَاعَهَا مَعَ الزَّرْعِ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ بَلَغَ وَانْعَقَدَ الْحَبُّ فَإِنَّ هَذَا وَمَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا فَارِغَةً فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ لَهُ أَرْضُ خَرَاجٍ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ وَمَكَثَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي شَهْرًا ثُمَّ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ شَهْرًا أَيْضًا ثُمَّ يَبِيعُ كُلُّ مُشْتَرٍ بَعْدَ شَهْرٍ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِ أَحَدِهِمْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ خَرَاجٌ وَفِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ لِلْأَرْضِ رُبْعَانِ خَرِيفِيٌّ وَرَبِيعِيٌّ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا لِلْبَائِعِ وَالْآخَرُ لِلْمُشْتَرِي وَتَمَكَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ تَحْصِيلِ أَحَدِ