الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَرْبَحُهُ الْآخَرُ رِبْحَ مَا هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ وَلَا تَحْصُلُ جَهَالَةٌ فِي رَأْسِ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْقِسْمَةِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ بِالْحِرْزِ فَتَقَعُ الْجَهَالَةُ؛ لِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الْمَالِ شَرِيكَانِ فِيهِ فَبِالضَّرُورَةِ يَكُونُ كُلُّ مَا يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَفِي قَوْلِهِ وَعَقَدَا الشَّرِكَةَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ بِالْبَيْعِ صَارَتْ شَرِكَةَ مِلْكٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ، ثُمَّ بِالْعَقْدِ بَعْدَهُ صَارَتْ شَرِكَةَ عَقْدٍ فَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَصَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ هَذَا شَرِكَةُ مِلْكٍ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ مُشْكِلٌ وَلَعَلَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْإِشَارَةَ عَائِدَةٌ إلَى الْكُلِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ عَائِدَةٌ إلَى الْبَيْعِ فَقَطْ وَأَطْلَقَ فِي قِيمَةِ مُبْتَاعَيْهِمَا وَقَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنْ تَسْتَوِيَ الْقِيمَتَانِ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ يَبِيعُ صَاحِبُ الْأَقَلِّ بِقَدْرِ مَا تَثْبُتُ بِهِ الشَّرِكَةُ وَأَوْضَحَهُ فِي النِّهَايَةِ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ عَرْضِ أَحَدِهِمَا أَرْبَعَمِائَةٍ وَقِيمَةُ عَرْضِ الْآخَرِ مِائَةً فَإِنَّهُ يَبِيعُ صَاحِبُ الْأَقَلِّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ عَرْضِهِ بِخُمُسِ عَرْضِ الْآخَرِ فَيَصِيرُ الْمَتَاعُ كُلُّهُ أَخْمَاسًا وَيَكُونُ الرِّبْحُ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالَيْهِمَا. اهـ.
وَرَدَّهُ فِي التَّبْيِينِ بِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَالِ الْآخَرِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهَا حَتَّى يَصِيرَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَا الْعَكْسُ جَائِزٌ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُتَسَاوِيَةً فَبَاعَاهُ عَلَى التَّفَاوُتِ بِأَنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا رُبُعَ مَالِهِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ مَالِ الْآخَرِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ بَاعَ نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَالِ الْآخَرِ وَقَعَ اتِّفَاقًا أَوْ قَصْدًا لِيَكُونَ شَامِلًا لِلْمُفَاوَضَةِ وَالْعَنَانِ؛ لِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ شَرْطُهَا التَّسَاوِي بِخِلَافِ الْعَنَانِ وَقَوْلُهُ بِنِصْفِ عَرْضِ الْآخَرِ وَقَعَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ عَقَدَ الشَّرِكَةَ فِي الْعَرْضِ الَّذِي بَاعَهُ جَازَ أَيْضًا اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِيهِ شَرِكَةَ عَنَانٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ جَازَ. اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامٌ فَاشْتَرَكَا بِمَالَيْهِمَا وَخَلَطَاهُمَا وَأَحَدُهُمَا أَجْوَدُ مِنْ الْآخَرِ فَالشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ وَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ الْبَيْعَ حِينَ خَلَطَهُ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ نَصَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْجَيِّدِ وَقِيمَةِ الرَّدِيءِ يَوْمَ بَاعَا اهـ. هَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ شَرِكَةَ مِلْكٍ لَا عَقْدٍ
قَوْلُهُ (: وَعَنَانٌ إنْ تَضَمَّنَتْ وَكَالَةً فَقَطْ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى مُفَاوَضَةٍ بَيَانٌ لِلنَّوْعِ الثَّانِي مِنْ شَرِكَةِ الْعَقْدِ، وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهَا عَلَى وَزْنِ كِتَابٍ فِي الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ دُونَ سَائِرِ مَالِهِمَا أَوْ هُوَ أَنْ يُعَارِضَ رَجُلًا بِالشِّرَاءِ فَيَقُولَ أَشْرِكْنِي مَعَك أَوْ هُوَ أَنْ يَكُونَا سَوَاءً فِي الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ عَنَانَ الدَّابَّةِ طَاقَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ. اهـ.
وَإِنَّمَا انْعَقَدَتْ عَلَى الْوَكَالَةِ لِتَحْقِيقِ مَقْصُودِهِ كَمَا بَيَّنَّا وَمَعْنَى قَوْلِهِ فَقَطْ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُشْتَقٌّ مِنْ الِاعْتِرَاضِ، يُقَالُ عَنَّ لَهُ أَيْ اعْتَرَضَ، وَهَذَا لَا يُنْبِئُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَحُكْمُ التَّصَرُّفِ لَا يَثْبُتُ بِخِلَافِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا لَوْ عَقَدَاهَا عَلَى الْكَفَالَةِ لَا تَكُونُ عَنَانًا لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ بَاقِي شُرُوطِ الْمُفَاوَضَةِ مُتَوَفِّرَةً فَحِينَئِذٍ تَكُونُ مُفَاوَضَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَوَفِّرَةً يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَنَانًا وَأَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْكَفَالَةِ أَنَّ ذِكْرَ الْكَفَالَةِ فِيهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ لَا أَنَّ عَدَمَ ذِكْرِهَا شَرْطٌ لَكِنْ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، ثُمَّ هَلْ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْعَنَانَ مُعْتَبَرٌ فِيهَا عَدَمُ الْكَفَالَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا عَدَمُ اعْتِبَارِ الْكَفَالَةِ لَا اعْتِبَارُ عَدَمِهَا فَتَصِحُّ عَنَانًا، ثُمَّ كَفَالَةُ الْآخَرِ زِيَادَةٌ عَلَى نَفْس الشَّرِكَةِ كَمَا أَنَّهَا تَكُونُ عَنَانًا مَعَ الْعُمُومِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الثَّابِتَ فِيهَا عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعُمُومِ لَا اعْتِبَارُ عَدَمِ الْعُمُومِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يُرَجَّحُ بِأَنَّ هَذِهِ الْكَفَالَةَ لِمَجْهُولٍ فَلَا تَصِحُّ إلَّا ضِمْنًا فَإِذَا لَمْ تَكُنْ مِمَّا تَضْمَنُهَا الشَّرِكَةُ لَمْ يَكُنْ ثُبُوتُهَا إلَّا قَصْدًا فَلَا تَصِحُّ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلِكَوْنِهَا لَا تَقْتَضِي الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ مِمَّنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْكَفَالَةِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا
ــ
[منحة الخالق]
[بَاعَ كُلَّ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ الْآخَرِ وَعَقَدَا الشَّرِكَةَ]
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هِيَ عَائِدَةٌ إلَى الْبَيْعِ فَقَطْ) قَالَ فِي النَّهْرِ كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْعَرْضَ لَا يَصْلُحُ مَالَ الشَّرِكَةِ.
(قَوْلُهُ: هَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ شَرِكَةَ مِلْكٍ لَا عَقْدٍ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَالْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِ الْمُحِيطِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَفِي النَّهْرِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا فِي الْمُحِيطِ وَالثَّانِي بِالْقَوَاعِدِ أَلْيَقُ.
[شَرِكَة الْعَنَان]
(قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَنَانًا) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَكُونُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْكَفَالَةَ بِخِلَافِ الْمُفَاوَضَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يُرَجَّحُ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ، وَإِنْ كَانَتْ لِمَجْهُولٍ وَلَيْسَتْ ضِمْنًا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعَنَانَ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَقْتَضِي الْكَفَالَةَ أَيْ لَا تَسْتَلْزِمُهَا لِعَدَمِ مَا يُوجِبُهَا فَذَلِكَ لَا يُوجِبُ عَدَمَ لُزُومِهَا فِيهَا مَعَ التَّصْرِيحِ بِهَا، بَلْ هِيَ جَائِزَةٌ فِيهَا فَثَبَتَ
مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ أَوْ كِلَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا مَعْتُوهًا يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ أَوْ كِلَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا مَأْذُونًا اهـ.
وَأَطْلَقَهَا فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ خَاصَّةً أَوْ عَامَّةً وَمَا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً عَنْ التَّقْيِيدِ بِوَقْتٍ أَوْ مُقَيَّدَةً بِهِ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْوَكَالَةِ وَهِيَ تَصِحُّ عَامًّا وَخَاصًّا مُطْلَقًا وَمُؤَقَّتًا فَكَذَا الشَّرِكَةُ وَهَلْ تَتَوَقَّتُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ بِالْوَقْتِ رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تَتَوَقَّتُ حَتَّى لَا تَبْقَى الشَّرِكَةُ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مِمَّا لَا تَكَادُ تَصِحُّ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ أَوْ بِبَيْعِهِ الْيَوْمَ لَا تَتَوَقَّتُ الْوَكَالَةُ بِالْيَوْمِ فَإِذَا لَمْ تَتَوَّقَتْ الْوَكَالَةُ لَا تَتَوَقَّتُ الشَّرِكَةُ ضَرُورَةً، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِنَا بِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ صَحِيحَةٌ فِي الشَّرِكَةِ فَصَارَتْ الشَّرِكَةُ وَالْوَكَالَةُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي رِوَايَةٍ يَتَوَقَّتَانِ؛ لِأَنَّهُمَا يَقْبَلَانِ الْخُصُوصَ فِي النَّوْعِ فَيَقْبَلَانِ التَّوْقِيتَ بِالْوَقْتِ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَتَوَقَّتَانِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ قَدْ يَكُونُ لِقَصْرِهِمَا عَلَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ لِاسْتِعْجَالِ الْعَمَلِ فِيمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّوْقِيتِ وَهُمَا ثَابِتَانِ لِلْحَالِ بِيَقِينٍ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي ارْتِفَاعِهِمَا بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فَلَا يَرْتَفِعَانِ بِالشَّكِّ وَلِهَذَا لَا يَتَوَقَّتُ الْإِذْنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ وَتَصِحُّ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ دُونَ الرِّبْحِ وَعَكْسِهِ) وَهُوَ التَّفَاضُلُ فِي الْمَالِ وَالتَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ التَّفَاضُلَ فِيهِ يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ فَإِنَّ الْمَالَ إذَا كَانَ نِصْفَيْنِ وَالرِّبْحُ أَثْلَاثًا فَصَاحِبُ الزِّيَادَةِ يَسْتَحِقُّهَا بِلَا ضَمَانٍ إذْ الضَّمَانُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عِنْدَهُمَا فِي الرِّبْحِ كَالشَّرِكَةِ فِي الْأَصْلِ وَلِهَذَا يَشْتَرِطَانِ الْخَلْطَ فَصَارَ رِبْحُ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ نَمَاءِ الْأَعْيَانِ فَيَسْتَحِقُّ بِقَدْرِ الْمِلْكِ فِي الْأَصْلِ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه السلام «الرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ» وَلَمْ يَفْصِلْ؛ وَلِأَنَّ الرِّبْحَ كَمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمَالِ يُسْتَحَقُّ بِالْعَمَلِ كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ.
وَقَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَحْذَقَ وَأَهْدَى أَوْ أَكْثَرَ عَمَلًا فَلَا يَرْضَى بِالْمُسَاوَاةِ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى التَّفَاضُلِ قَيَّدَ بِالشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الرِّبْحِ كُلِّهِ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ الْعَقْدُ بِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَمِنْ الْمُضَارَبَةِ أَيْضًا إلَى قَرْضٍ بِاشْتِرَاطِهِ لِلْعَامِلِ أَوْ إلَى بِضَاعَةٍ بِاشْتِرَاطِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَهَذَا الْعَقْدُ يُشْبِهُ الْمُضَارَبَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَعْمَلُ فِي مَالِ الشَّرِيكِ وَيُشْبِهُ الشَّرِكَةَ اسْمًا وَعَمَلًا فَإِنَّهُمَا يَعْمَلَانِ مَعًا فَعَمِلْنَا بِشَبَهِ الْمُضَارَبَةِ وَقُلْنَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ وَبِشَبَهِ الشَّرِكَةِ حَتَّى لَا تَبْطُلَ بِاشْتِرَاطِ الْعَمَلِ عَلَيْهِمَا.
وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ جَوَازَ التَّفَاضُلِ فِي الرِّبْحِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ وَقَيَّدَهُ فِي التَّبْيِينِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنْ يَشْتَرِطَا الْأَكْثَرَ لِلْعَامِلِ مِنْهُمَا أَوْ لِأَكْثَرِهِمَا عَمَلًا أَمَّا إنْ شَرَطَاهُ لِلْقَاعِدَةِ أَوْ لِأَقَلِّهِمَا عَمَلًا فَلَا يَجُوزُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ لِاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ الْمَشْرُوطِ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ لِتَضَمُّنِهَا الْوَكَالَةَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرَكَا وَعَمِلَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ، فَلَمَّا حَضَرَ أَعْطَاهُ حِصَّتَهُ، ثُمَّ غَابَ الْآخَرُ وَعَمِلَ الْآخَرُ، فَلَمَّا حَضَرَ الْغَائِبُ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ الشَّرْطُ أَنْ يَعْمَلَا جَمِيعًا وَشَتَّى فَمَا كَانَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ فَبَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ عَمِلَا أَوْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ وَعَمِلَ الْآخَرُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَفِي الْمُحِيطِ.
ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِطَا الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْوَضِيعَةُ
ــ
[منحة الخالق]
صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فَالتَّصْرِيحُ بِهَا تَصْرِيحٌ بِمَا هُوَ جَائِزٌ فِيهَا فَيَثْبُتُ تَبَعًا لَهَا كَمَا تَثْبُتُ الْكَفَالَةُ فِي الْمُفَاوَضَةِ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ، بَلْ صَرَّحَ بِتَمَامِ مَعْنَاهَا كَمَا مَرَّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ التَّصْرِيحَ بِالْكَفَالَةِ فَقَدْ ثَبَتَتْ الْكَفَالَةُ فِيهِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِهَا وَلَمْ تُجْعَلْ قَصْدًا، بَلْ ضِمْنًا
(قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ شَرَطَاهُ لِلْقَاعِدِ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مَا لَوْ اشْتَرَطَاهُ لِلْقَاعِدِ وَكَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ كَمَا لَوْ وَضَعَ الْقَاعِدُ تِسْعَةَ آلَافٍ مَثَلًا وَوَضَعَ الْعَامِلُ أَلْفًا وَاشْتَرَطَا ثُلُثَيْ الرِّبْحِ لِلْقَاعِدِ وَالثُّلُثَ لِلْعَامِلِ وَهَذِهِ تَقَعُ كَثِيرًا وَيُؤْخَذُ عَدَمُ الْجَوَازِ مِنْ قَوْلِ الْمُحِيطِ الْآتِي قَرِيبًا، وَإِنْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى أَقَلِّهِمَا رِبْحًا خَاصَّةً لَا يَجُوزُ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ رَأْسُ الْمَالِ وَكَانَ الْعَامِلُ هُوَ الْأَقَلُّ رِبْحًا لَا يَجُوزُ الشَّرْطُ، بَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَحِينَئِذٍ فَيَحْصُلُ عَلَى الْعَامِلِ إجْحَاف زَائِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فِي صُورَتِنَا الْمَذْكُورَةِ عُشْرُ الرِّبْحِ مَعَ تَعَبِهِ فِي الْعَمَلِ لَكِنْ مَا نَنْقُلُهُ قَرِيبًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ فِيهِ مَا يُفِيدُ الْجَوَازَ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحِيطِ ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إلَخْ) ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ بَيَانُ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إذَا جَاءَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ وَاشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ وَيَصِيرُ صَاحِبُ الْأَلْفِ فِي مَعْنَى الْمُضَارِبِ إلَّا أَنَّ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ تَتْبَعُ لِمَعْنَى الشَّرِكَةِ، وَالْعِبْرَةُ لِلْأَصْلِ دُونَ التَّبَعِ فَلَا يَضُرُّهُمَا اشْتِرَاطُ الْعَمَلِ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ اشْتَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى صَاحِبِ الْأَلْفِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ اشْتَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى صَاحِبِ الْأَلْفَيْنِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ اشْتَرَطَا الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا أَثْلَاثًا وَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا