الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَطْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى فِي الثَّالِثَةِ، وَالرِّجْلِ الْيُمْنَى فِي الرَّابِعَةِ فَقَدْ طَعَنَ الطَّحَاوِيُّ أَوْ نَحْمِلُهُ عَلَى السِّيَاسَةِ وَتَمَامُهُ فِي الْأُصُولِ مَنْ بَحَثَ الْأَمْرَ وَفِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ سِيَاسَةً كَذَا فِي شَرْحِ مِسْكِينٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ ضَرْبَهُ مَعَ الْحَبْسِ وَأَثْبَتَهُ فِي الْمُجْتَبَى وَلَمْ يَذْكُرُوا مَتَى تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَتَظْهَرُ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى النَّافِعِ أَنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ أَوْ تَظْهَرَ عَلَيْهِ سِيَّمَا رَجُلٍ صَالِحٍ.
(قَوْلُهُ كَمَنْ سَرَقَ وَإِبْهَامُهُ الْيُسْرَى مَقْطُوعَةٌ أَوْ شَلَّاءُ أَوْ أُصْبُعَانِ مِنْهَا سِوَاهَا أَوْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةٌ) يَعْنِي لَا يُقْطَعُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ بَطْشًا أَوْ مَشْيًا وَكَذَا إذَا كَانَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى شَلَّاءَ لِمَا قُلْنَا وَقِوَامُ الْبَطْشِ بِالْإِبْهَامِ قُيِّدَ بِالْإِبْهَامِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَقْطُوعُ أُصْبُعًا غَيْرَ الْإِبْهَامِ أَوْ أَشَلَّ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ فَوْتَهَا لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْبَطْشِ ظَاهِرًا وَقَيَّدَ بِالْيَدِ الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى شَلَّاءَ أَوْ نَاقِصَةَ الْأَصَابِعِ تُقْطَعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِالنَّصِّ قَطْعُ الْيُمْنَى وَاسْتِيفَاءُ النَّاقِصِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْكَامِلِ جَائِزٌ وَقَيَّدَ بِقَطْعِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةَ الْأَصَابِعِ، فَإِنْ كَانَ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ، وَالْمَشْيَ عَلَيْهَا قُطِعَتْ يَدُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ، وَالْمَشْيَ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفِي الْكَافِي، وَإِذَا حُبِسَ السَّارِقُ لِيَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ فَقَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ الْيُمْنَى عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَقَدْ بَطَلَ الْحَدُّ عَنْ السَّارِقِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ قَطَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى، وَإِنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ فَقَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ الْيُمْنَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْمَرَ بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَضْمَنُ بِقَطْعِ الْيُسْرَى مَنْ أَمَرَ بِخِلَافِهِ) أَيْ إذَا قَالَ الْحَاكِمُ لِلْجَلَّادِ اقْطَعْ يَمِينَ هَذَا فِي سَرِقَةٍ سَرَقَهَا فَقَطَعَ يَسَارَهُ عَمْدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ وَيَضْمَنُ فِي الْعَمْدِ وَقَالَ فِي زُفَرَ يَضْمَنُ فِي الْخَطَأِ أَيْضًا وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَالْمُرَادُ هُوَ الْخَطَأُ فِي الِاجْتِهَادِ، وَأَمَّا الْخَطَأُ فِي مَعْرِفَةِ الْيَمِينِ، وَالْيَسَارِ وَلَا يُجْعَلُ عَفْوًا وَقِيلَ يُجْعَلُ عُذْرًا أَيْضًا لَهُ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَاهُ مَعْصُومَةً، وَالْخَطَأُ فِي حَقِّ الْعِبَادِ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَيَضْمَنُهَا قُلْنَا: إنَّهُ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ إذْ لَيْسَ فِي النَّصِّ تَعْيِينُ الْيَمِينِ، وَالْخَطَأُ فِي الِاجْتِهَادِ مَوْضُوعٌ وَلَهُمَا أَنَّهُ قَطَعَ طَرَفًا مَعْصُومًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا تَأْوِيلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ الظُّلْمَ فَلَا يُعْفَى، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ إلَّا أَنَّهُ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَتْلَفَ وَأَخْلَفَ مِنْ جِنْسِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ فَلَا يُعَدُّ إتْلَافًا كَمَنْ شَهِدَ عَلَى غَيْرِهِ بِبَيْعِ مَالِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَطَعَهُ غَيْرُ الْجَلَّادِ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا هُوَ الصَّحِيحُ قَيَّدَ بِالْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَهُ أَحَدٌ قَبْلَ الْأَمْرِ، وَالْقَضَاءِ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ اتِّفَاقًا وَسَقَطَ الْقَطْعُ عَنْ السَّارِقِ؛ لِأَنَّ مَقْطُوعَ الْيَدِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ حَدًّا، وَقَضَاءُ الْقَاضِي بِالْحَدِّ كَالْأَمْرِ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفُ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ: بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ أَطْلَقَ وَقَالَ: اقْطَعْ يَدَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيُمْنَى فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاطِعِ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ إذْ الْيَدُ تُطْلَقُ عَلَيْهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَخْرَجَ السَّارِقُ يَدَهُ فَقَالَ هَذِهِ يَمِينِي؛ لِأَنَّهُ قَطَعَهُ بِأَمْرِهِ وَقَيَّدَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ يُعَزَّرُ إذَا كَانَ عَمْدًا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ هَذَا الْقَطْعَ وَقَعَ حَدًّا أَوْ لَا قَالُوا فَعَلَى طَرِيقَةِ أَنَّهُ وَقَعَ حَدًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّارِقِ لَوْ كَانَ اسْتَهْلَكَ الْعَيْنَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ سِيَاسَةً) أَيْ إنْ سَرَقَ بَعْدَ الْقَطْعِ مَرَّتَيْنِ لَا ابْتِدَاءً كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَكَلَامُهُ فِي النَّهْرِ يُفِيدُ أَنَّ جَوَازَ قَتْلِهِ سِيَاسَةً مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا سَرَقَ فِي الْخَامِسَةِ حَيْثُ قَالَ فِي الْجَوَابِ عَنْ الْحَدِيثِ السَّابِقِ وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى السِّيَاسَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْخَامِسَةِ، «فَإِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ» فَسِيَاقُ كَلَامِهِ يُفِيدُ أَنَّ قَتْلَهُ سِيَاسَةً قَبْلَ الْخَامِسَةِ لَا يَجُوزُ لَكِنْ رَأَيْت بِخَطِّ الْحَمَوِيِّ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ مَا نَصُّهُ إذَا سَرَقَ ثَالِثًا وَرَابِعًا لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ سِيَاسَةً لِسَعْيِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ. اهـ.
قَالَ فَمَا يَقَعُ مِنْ حُكَّامِ زَمَانِنَا مِنْ قَتْلِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ زَاعِمِينَ أَنَّ ذَلِكَ سَيَاسَةً جَوْرٌ وَظُلْمٌ وَجَهْلٌ وَالسِّيَاسَةُ الشَّرْعِيَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ شَرْعٍ مُغَلَّظٍ كَذَا فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ عَلَى مِسْكِينٍ قُلْت لَا يَخْفَى أَنَّهُمْ حَيْثُ أَجَابُوا بِالْحَمْلِ عَلَى السِّيَاسَةِ لَزِمَ أَنْ يَقُولُوا بِذَلِكَ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَإِلَّا فَالْإِيرَادُ بَاقٍ ثُمَّ رَأَيْته فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَالَ وَلَئِنْ ثَبَتَ فَذَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى السِّيَاسَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا فَكَذَا يُحْمَلُ الْقَطْعُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ تَأَمَّلْ
[سَرَقَ وَإِبْهَامُهُ الْيُسْرَى مَقْطُوعَةٌ أَوْ شَلَّاءُ أَوْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةٌ]
(قَوْلُهُ: يَعْنِي لَا يُقْطَعُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إلَخْ) أَيْ لَا تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْعَيْنِيِّ حَيْثُ قَالَ لَا تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، فَإِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْيَدَ الْيُمْنَى تُقْطَعُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ أَمَّا الْيَدُ الْيُسْرَى وَالرِّجْلُ الْيُمْنَى فَلِأَنَّهُمَا لَيْسَا مَحَلًّا لِلْقَطْعِ عِنْدَنَا وَأَمَّا مَا سِوَاهُمَا فَلِتَفْوِيتِ الْمَنْفَعَةِ إمَّا بَطْشًا أَوْ مَشْيًا كَمَا ذُكِرَ هُنَا (قَوْلُهُ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ) أَيْ الْخَطَأِ فِي الْفِعْلِ لَا الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ هَذَا الْقَطْعَ وَقَعَ حَدًّا أَوْ لَا إلَخْ) فِي الزَّيْلَعِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْخَطَأِ حَيْثُ قَالَ ثُمَّ فِي الْعَمْدِ يَجِبُ ضَمَانِ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ عَلَى السَّارِقِ
؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ، وَالضَّمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ وَعَلَى طَرِيقَةِ عَدَمِ وُقُوعِهِ حَدًّا فَهُوَ ضَامِنٌ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ (قَوْلُهُ وَطَلَبُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ شَرْطُ الْقَطْعِ) أَيْ وَطَلَبُهُ الْمَالَ فَلَا قَطْعَ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ شَرْطٌ لِظُهُورِهَا أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا أَقَرَّ أَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ فَيَسْقُطُ الْقَطْعُ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ، وَالْقَطْعِ لِتَنْتَفِيَ تِلْكَ الشُّبْهَةُ وَبِمَا ذَكَرْنَا ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي التَّبْيِينِ مَعْزِيًّا إلَى الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ قُطِعَ اسْتِحْسَانًا وَلَا يُنْتَظَرُ حُضُورُ الْغَائِبِ وَتَصْدِيقُهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ عِبَارَةُ الْبَدَائِعِ، فَإِنَّ عِبَارَتَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ الدَّعْوَى فِي الْإِقْرَارِ شَرْطٌ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ السَّارِقُ أَنَّهُ سَرَقَ مَالَ فُلَانٍ الْغَائِبِ لَمْ يُقْطَعْ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ وَيُخَاصِمُ عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الدَّعْوَى فِي الْإِقْرَارِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ إلَى آخِرِهِ وَفِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ قَالَ سَرَقْت هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَلَا أَدْرِي لِمَنْ هِيَ أَوْ قَالَ سَرَقْتهَا وَلَا أُخْبِرُك مَنْ صَاحِبُهَا لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَوْقَ غَيْبَتِهِ ثُمَّ الْغَيْبَةُ لَمَّا مَنَعَتْ الْقَطْعَ عَلَى أَصْلِهِ فَالْجَهَالَةُ أَوْلَى. اهـ.
وَلَمْ يُعَيِّنْ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ مَطْلُوبَ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَاحْتَمَلَ شَيْئَيْنِ أَحَدَهُمَا: طَلَبُ الْمَالِ وَبِهِ جَزَمَ الشَّارِحُ ثَانِيهِمَا: طَلَبُ الْقَطْعِ وَأَشَارَ الشُّمُنِّيُّ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطَّلَبَيْنِ وَأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَكْفِي لَكِنْ ذَكَرَهُ فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ قُبَيْلَ بَحْثِ الْأَمْرِ أَنَّ وُجُوبَ الْقَطْعِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ وَلِهَذَا لَمْ يَتَقَيَّدْ بِالْمِثْلِ وَمَا يَجِبُ حَقًّا لِلْعَبْدِ يَتَقَيَّدُ بِهِ مَالًا كَانَ أَوْ عُقُوبَةً كَالْغَصْبِ، وَالْقِصَاصِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ الْخُصُومَةَ بِدَعْوَى الْحَدِّ وَإِثْبَاتِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْعَفْوَ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ. اهـ.
فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ طَلَبَ الْقَطْعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَا يَمْلِكُ طَلَبَ الْقَطْعِ مُجَرَّدًا عَنْ طَلَبِ الْمَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ الْمَالِ وَيُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ عِنْدَ الْقَطْعِ لَا طَلَبُهُ الْقَطْعَ إذْ هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُودِعًا أَوْ غَاصِبًا أَوْ صَاحِبَ الرِّبَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ يَدٌ صَحِيحَةٌ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ وَمَنْ لَا فَلَا فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُخَاصِمَ السَّارِقَ إذَا سَرَقَ مِنْهُ وَكَذَا الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ، وَالْمُسْتَعِيرُ، وَالْمُضَارِبُ، وَالْمُبْضِعُ، وَالْغَاصِبُ، وَالْقَابِضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ، وَالْمُرْتَهِنُ وَمُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ، وَالْأَبُ، وَالْوَصِيُّ فَتُعْتَبَرُ خُصُومَتُهُمْ فِي ثُبُوتِ وِلَايَةِ الِاسْتِرْدَادِ وَفِي حَقِّ الْقَطْعِ وَأَرَادَ بِصَاحِبِ الرِّبَا أَنْ يَبِيعَ عَشَرَةً بِعِشْرِينَ وَقَبَضَ الْعِشْرِينَ فَسُرِقَ مِنْهُ الْعِشْرُونَ فَيُقْطَعُ السَّارِقُ بِخُصُومَتِهِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ إذْ الشِّرَاءُ فَاسِدٌ بِمَنْزِلَتِهِ، وَأَمَّا الْعَاقِدُ الْآخَرُ مِنْ عَاقِدَيْ الرِّبَا، فَإِنَّهُ بِالتَّسْلِيمِ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِلْكٌ وَلَا يَدٌ فَلَا يَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الْخُصُومَةِ ذَكَرَهُ الشُّمُنِّيُّ.
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ اللُّقَطَةِ رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَضَاعَتْ مِنْهُ فَوَجَدَهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ، فَإِنَّ فِي الْوَدِيعَةِ يَكُونُ الْمُودِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِي اللُّقَطَةِ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ وَفِي وِلَايَةِ أَخْذِ اللُّقَطَةِ وَلَيْسَ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فِي وِلَايَةِ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى الْوَدِيعَةِ. اهـ.
فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ بِطَلَبِ الْمُلْتَقِطِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِطَلَبِ الْمَالِكِ لَوْ سَرَقَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ إنَّمَا شُرِطَتْ لِيُعْلَمَ أَنَّ
ــ
[منحة الخالق]
عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ حَدًّا وَسُقُوطُ الضَّمَانِ عَنْهُ فِي ضِمْنِ وُقُوعِهِ حَدًّا وَكَذَا عِنْدَهُمَا بَلْ أَوْلَى وَفِي الْخَطَأِ كَذَلِكَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي اُعْتُبِرَ فِيهَا أَنَّ الْقَاطِعَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ وَأَخْلَفَ وَلَمْ يَقَعْ حَدًّا وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي اُعْتُبِرَ فِيهَا أَنَّ الْقَاطِعَ اجْتَهَدَ وَأَخْطَأَ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ إذْ الْقَطْعُ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ بِطَلَبِ الْمُلْتَقِطِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ مُخَاصَمَةِ الْمُلْتَقِطِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي إنَّمَا هُوَ لِزَوَالِ الْأَوَّلِ بِإِثْبَاتِ يَدٍ مِثْلِ يَدِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ أَنَّ الثَّانِيَ كَالْأَوَّلِ فِي وِلَايَةِ أَخْذِ اللُّقَطَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ ضَيَاعِهَا مِنْهُ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ حَتَّى لَا يَتَمَكَّنَ أَحَدٌ مِنْ أَخْذِهَا مِنْهُ وَلَوْ وَصَفَ أَحَدَ عَلَامَتِهَا وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُلْتَقِطُ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا إلَيْهِ، وَلَوْ دَفَعَهَا إلَى أَحَدٍ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ يَدًا صَحِيحَةً فَلَهُ مُخَاصَمَةُ مَنْ سَرَقَهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الشُّمُنِّيِّ اتِّفَاقًا مِنْ أَنَّهُ لَا خُصُومَةَ لِمُعْطِي الرِّبَا ثُمَّ رَأَيْت فِي النَّهْرِ مَا نَصُّهُ وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَيْ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَقْطَعُ بِخُصُومَةِ مُعْطِي الرِّبَا دُونَ صَاحِبِ الرِّبَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْفَتْحِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْخُصُومَةُ إلَّا أَنَّ الْمَسْطُورَ فِي السِّرَاجِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِخُصُومَةِ صَاحِبِ الرِّبَا؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَدَ وَتَبِعَهُ الشُّمُنِّيُّ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ فَتَدَبَّرْهُ. اهـ.
أَقُولُ: قَدْ صَرَّحَ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّ الرِّبَا لَا يُمْلَكُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ عَيْنِهِ مَا دَامَ قَائِمًا حَتَّى لَوْ أَبْرَأَهُ صَاحِبُهُ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ رَدَّ عَيْنِهِ الْقَائِمَةِ حَقُّ الشَّرْعِ وَعَلَى هَذَا فَلِصَاحِبِهِ مِلْكٌ قَائِمٌ فِيهِ وَلِلْآخَرِ يَدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَبَضَهُ بِرِضَا صَاحِبِهِ صَارَ كَالْمُودِعِ
الْمَسْرُوقَ مِلْكُ غَيْرِ السَّارِقِ وَهَذَا يَحْصُلُ بِخُصُومَةِ الْمَالِكِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الرَّاهِنَ، وَالْمُرْتَهِنَ لِلِاخْتِلَافِ فَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِطَلَبِ الرَّاهِنِ فِي غَيْبَةِ الْمُرْتَهِنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَضْرَتِهِ وَصَرَّحَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِأَنَّهُ يُقْطَعُ فِي غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَالِكُ وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ حَضَرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَغَابَ الْغَاصِبُ.
(قَوْلُهُ لَا بِطَلَبِ الْمَالِكِ أَوْ السَّارِقِ لَوْ سَرَقَ مِنْ سَارِقٍ بَعْدَ الْقَطْعِ) يَعْنِي لَوْ قُطِعَ سَارِقٌ بِسَرِقَةٍ فَسُرِقَتْ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا لِمَالِكِ الْعَيْنِ الْمَسْرُوقَةِ أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقَ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ السَّارِقِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِالْهَلَاكِ فَلَمْ تَنْعَقِدْ مُوجِبَةً فِي نَفْسِهَا وَلِلْأَوَّلِ وِلَايَةُ الْخُصُومَةِ فِي الِاسْتِرْدَادِ لِحَاجَتِهِ إذْ الرَّدُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُقْطَعَ الْأَوَّلُ أَوْ بَعْدَمَا دُرِئَ الْقَطْعُ بِشُبْهَةٍ يُقْطَعُ بِخُصُومَةِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ التَّقَوُّمِ ضَرُورَةُ الْقَطْعِ وَلَمْ يُوجَدْ فَصَارَ كَالْغَاصِبِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَ الْكَرْخِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ عَدَمَ قَطْعِ السَّارِقِ مِنْ السَّارِقِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ أَمَانَةٍ وَلَا مِلْكَ فَكَانَ ضَائِعًا وَلَا قَطْعَ فِي أَخْذِ مَالٍ ضَائِعًا قُلْنَا: بَقِيَ أَنْ يَكُونَ يَدَ غَصْبٍ، وَالسَّارِقُ مِنْهُ يُقْطَعُ فَالْحَقُّ مَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ وَاخْتَارَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي مَسْأَلَةِ وِلَايَةِ الِاسْتِرْدَادِ أَنَّ الْوَجْهَ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ هَذَا الْحَالُ لِلْقَاضِي لَا يَرُدُّهُ إلَى الْأَوَّلِ وَلَا إلَى الثَّانِي إذَا رَدَّهُ لِظُهُورِ خِيَانَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَلْ يَرُدُّهُ مِنْ يَدِ الثَّانِي إلَى الْمَالِكِ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَإِلَّا حَفِظَهُ كَمَا يَحْفَظُ أَمْوَالَ الْغُيَّبِ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ سَرَقَ شَيْئًا وَرَدَّهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ إلَى مَالِكِهِ أَوْ مَلَكَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ النِّصَابِ لَمْ يُقْطَعْ) بَيَانٌ لِأَرْبَعِ مَسَائِلَ لَا قَطْعَ فِيهَا الْأُولَى: لَوْ سَرَقَ شَيْئًا وَرَدَّهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ إلَى مَالِكِهِ فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ شَرْطٌ لِظُهُورِ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا جُعِلَتْ حُجَّةً ضَرُورَةَ قَطْعِ الْمُنَازَعَةِ، وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ قَيَّدَ بِالرَّدِّ بِمَا قَبْلَ الْخُصُومَةِ أَيْ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرَدَ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ إلَى الْقَاضِي قُطِعَ لِانْتِهَاءِ الْخُصُومَةِ لِحُصُولِ مَقْصُودِهَا فَتَبْقَى تَقْدِيرًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا رَدَّهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ وَمَا إذَا رَدَّهُ بَعْدَمَا شَهِدَ الشُّهُودُ وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ قَدْ ظَهَرَتْ عِنْدَ الْقَاضِي بِمَا هُوَ حُجَّةٌ بِنَاءً عَلَى خُصُومَةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَالْمُرَادُ بِالْخُصُومَةِ الدَّعْوَى، وَالشَّهَادَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ فَلَوْ ادَّعَى وَلَمْ يُثْبِتْ ثُمَّ رَدَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا قَطْعَ لِعَدَمِ ظُهُورِهَا عِنْدَ الْقَاضِي فَهِيَ رُبَاعِيَّةٌ.
لِأَنَّ الرَّدَّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَى الْقَاضِي قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ الثُّبُوتِ أَوْ بَعْدَهُمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ فَلَا قَطْعَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَيُقْطَعُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَأَطْلَقَ فِي الرَّدِّ فَشَمِلَ الرَّدَّ حَقِيقَةً، وَالرَّدَّ حُكْمًا كَمَا إذَا رَدَّهُ إلَى أُصُولِهِ، وَإِنْ عَلَا كَوَالِدِهِ وَجَدِّهِ وَوَالِدَتِهِ وَجَدَّتِهِ سَوَاءٌ كَانُوا فِي عِيَالِ الْمَالِكِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ لِهَؤُلَاءِ شُبْهَةَ الْمِلْكِ فَيَثْبُتُ بِهِ شُبْهَةُ الرَّدِّ بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهُ إلَى عِيَالِ أُصُولِهِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَمِنْ الرَّدِّ الْحُكْمِيِّ إلَيْهِ الرَّدُّ إلَى فَرْعِهِ وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِي عِيَالِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِرَدٍّ وَمِنْهُ الرَّدُّ إلَى مُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ وَمِنْهُ الرَّدُّ إلَى مَوْلَاهُ لَوْ كَانَ مُكَاتَبًا؛ لِأَنَّ مَالَهُ لَهُ رَقَبَةٌ وَمِنْهُ إذَا سَرَقَ مِنْ الْعِيَالِ وَرَدَّ إلَى مَنْ يَعُولُهُمْ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِمْ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فِي مَالِهِ. الثَّانِيَةُ: لَوْ مَلَكَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ فَلِأَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ لِوُقُوعِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالِاسْتِيفَاءِ إذْ الْقَضَاءُ لِلْإِظْهَارِ، وَالْقَطْعُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْخُصُومَةِ عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَصَارَ كَمَا إذَا مَلَكَهَا مِنْهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْبَيْعَ، وَالْهِبَةَ لَكِنْ بِشَرْطِ الْقَبْضِ فِيهَا لِيَحْصُلَ الْمِلْكُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. الثَّالِثَةُ: لَوْ ادَّعَى السَّارِقُ أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِلْكُهُ بَعْدَمَا ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ فَلَا قَطْعَ سَوَاءٌ أَقَامَ بَيِّنَةً أَوْ لَمْ يُقِمْ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ دَارِئَةٌ لِلْحَدِّ فَتَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى بِدَلِيلِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ. الرَّابِعَةُ: إذَا سَرَقَ
ــ
[منحة الخالق]
لَا كَالْغَاصِبِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَثْبُتَ الْخُصُومَةُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَتْنِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ مُودِعًا أَوْ غَاصِبًا أَوْ صَاحِبَ رِبًا، فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِلَوْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْمَتْنُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ وَيُقْطَعُ بِطَلَبِ الْمَالِكِ لَوْ سَرَقَ مِنْهُمْ فَهَذَا يُعَارِضُ قَوْلَ السِّرَاجِ وَالشُّمُنِّيِّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَلِلْأَوَّلِ وِلَايَةُ الْخُصُومَةِ فِي الِاسْتِرْدَادِ) هَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالرِّوَايَةُ لَيْسَ لَهُ وَسَيَأْتِي بَحْثُ الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ بِشَرْطِ الْقَبْضِ فِيهَا إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ رَدُّ الْمَسْرُوقِ إلَى الْمَالِكِ