الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِيمَا نَقَلْنَاهُ آنِفًا عَنْهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَعْمَلُ مَعَ الْإِنْكَارِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ رِدَّتَهُ لَا تَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ مَعَ الْإِنْكَارِ بَلْ تَثْبُتُ وَيُحْكَمُ بِهَا حَتَّى تَبِينَ زَوْجَتُهُ مِنْهُ وَيَجِبُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ الْقَتْلُ فَقَطْ لِلتَّوْبَةِ بِالْإِنْكَارِ وَقَدْ رَأَيْت مَنْ يَغْلَطُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِلرِّدَّةِ أَحْكَامًا أَرْبَعَةً الْعَرْضُ وَالْكَشْفُ وَالْحَبْسُ وَالْقَتْلُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ وَقَدْ بَقِيَ لَهَا أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا حَبْطُ الْعَمَلِ عِنْدَنَا بِنَفْسِ الرِّدَّةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِشَرْطِ الْمَوْتِ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ أَيْ إبْطَالُ الْعِبَادَاتِ وَفِي الْخُلَاصَةِ مَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهُوَ قَدْ حَجَّ مَرَّةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ ثَانِيًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَوَاتِ وَالزَّكَوَاتِ وَالصِّيَامَاتِ لِأَنَّ بِالرِّدَّةِ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَافِرًا فَإِذَا أَسْلَمَ وَهُوَ غَنِيٌّ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ اهـ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا إلَى الْيَتِيمَةِ قِيلَ لَهُ لَوْ تَابَ أَتَعُودُ حَسَنَاتُهُ قَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلِفَةٌ فَعِنْدَ أَبِي عَلِيٍّ وَأَبِي هَاشِمٍ وَأَصْحَابِنَا أَنَّهَا تَعُودُ وَعِنْدَ أَبِي قَاسِمٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّهَا لَا تَعُودُ وَنَحْنُ نَقُولُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ مَا بَطَلَ مِنْ ثَوَابِهِ لَكِنَّهُ تَعُودُ طَاعَاتُهُ الْمُتَقَدِّمَةُ مُؤَثِّرَةً فِي الثَّوَابِ بَعْدُ اهـ.
وَفِيهَا مَعْزِيًّا إلَى السِّرَاجِيَّةِ مَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِعُقُوبَةِ الْكُفْرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَمِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي بَطَلَتْ بِرِدَّتِهِ وَقْفُهُ الَّذِي وَقَفَهُ حَالَ إسْلَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى قُرْبَةٍ ابْتِدَاءً أَوْ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَلَا بَقَاءَ لَهَا مَعَ وُجُودِ الرِّدَّةِ وَإِذَا عَادَ مُسْلِمًا لَا يَعُودُ وَقْفُهُ إلَّا بِتَجْدِيدٍ مِنْهُ وَإِذَا مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ كَانَ الْوَقْفُ مِيرَاثًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ كَمَا أَوْضَحَهُ الْخَصَّافِ فِي آخِرِ أَوْقَافِهِ وَمِنْهَا بَقَاءُ الْمَعْصِيَةِ مَعَ الرِّدَّةِ وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ إذَا كَانَ عَلَى الْمُرْتَدِّ قَضَاءُ صَلَوَاتٍ أَوْ صِيَامَاتٍ تَرَكَهَا فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَسْلَمَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَ فِي الْإِسْلَامِ لِأَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ مَعْصِيَةٌ وَالْمَعْصِيَةُ تَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ اهـ.
وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ عِنْدَنَا لِعَدَمِ خِطَابِ الْكُفَّارِ بِالشَّرَائِعِ عِنْدَنَا فَلَا يَقْضِي مَا فَاتَهُ زَمَنَ رِدَّتِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَمِنْهَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ مُسْلِمٌ أَصَابَ مَالًا أَوْ شَيْئًا يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ أَوْ حَدُّ قَذْفٍ ثُمَّ ارْتَدَّ وَأَصَابَ ذَلِكَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارُ الْحَرْبِ وَحَارَبَ الْمُسْلِمِينَ زَمَانًا ثُمَّ جَاءَ
ــ
[منحة الخالق]
[تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ]
(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ تَعُودُ طَاعَتُهُ الْمُتَقَدِّمَةُ مُؤَثِّرَةً فِي الثَّوَابِ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ تَوْبَتِهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِعَوْدِهَا مُؤَثِّرَةً فِي الثَّوَابِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُثِيبُهُ عَلَيْهَا ثَوَابًا جَدِيدًا غَيْرَ الثَّوَابِ الَّذِي حَبَطَ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّوَابِ عَدَمُ مُطَالَبَتِهِ بِإِعَادَتِهَا وَإِنْ بَطَلَتْ بِالرِّدَّةِ فَإِنَّ الِاعْتِدَادَ بِهَا وَعَدَمَ مُطَالَبَتِهِ بِإِعَادَتِهَا فَضْلٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ لِلسَّعْدِ التَّفْتَازَانِيُّ فِي بَحْثِ التَّوْبَةِ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الْمُعْتَزِلَةُ فِي أَنَّهُ إذَا سَقَطَ اسْتِحْقَاقُ الْعِقَابِ لِلْمَعْصِيَةِ بِالتَّوْبَةِ هَلْ يَعُودُ اسْتِحْقَاقُ ثَوَابِ الطَّاعَةِ الَّذِي أَبْطَلَتْهُ تِلْكَ الْمَعْصِيَةُ فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو هَاشِمٍ لَا لِأَنَّ الطَّاعَةَ تَنْعَدِمُ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَبْقَى اسْتِحْقَاقُ الثَّوَابِ وَقَدْ سَقَطَ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ وَقَالَ الْكَعْبِيُّ نَعَمْ لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ لَا تُزِيلُ الطَّاعَةَ وَإِنَّمَا تَمْنَعُ حُكْمَهَا وَهُوَ الْمَدْحُ وَالتَّعْظِيمُ فَلَا تُزِيلُ ثَمَرَتَهَا فَإِذَا صَارَتْ بِالتَّوْبَةِ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ ظَهَرَتْ ثَمَرَةُ الطَّاعَةِ كَنُورِ الشَّمْسِ إذَا زَالَ الْغَيْمُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَعُودُ ثَوَابُ السَّابِقِ لَكِنْ تَعُودُ طَاعَتُهُ السَّالِفَةُ مُؤَثِّرَةً فِي اسْتِحْقَاقِ ثَمَرَاتِهِ وَهُوَ الْمَدْحُ وَالثَّوَابُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ بِمَنْزِلَةِ شَجَرَةٍ احْتَرَقَتْ بِالنَّارِ أَغْصَانُهَا وَثِمَارُهَا ثُمَّ انْطَفَأَتْ النَّارُ فَإِنَّهُ تَعُودُ أَصْلُ الشَّجَرَةِ وَعُرُوقُهَا إلَى خُضْرَتِهَا وَثَمَرَتِهَا اهـ.
وَهَذَا يُفِيدُ مَا قُلْنَا وَيُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْكَعْبِيِّ وَغَيْرِهِ عَلَى عَكْسِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّف وَأَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ فِي بُطْلَانِ ثَوَابِ الطَّاعَةِ بِالْمَعَاصِي الْكَبَائِرُ لِأَنَّهَا عِنْدَ هُمْ تُخْرِجُ صَاحِبَهَا مِنْ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرِّدَّةِ لَكِنْ لَا تُدْخِلُهُ فِي الْكُفْرِ نَعَمْ إذَا مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا كَانَ مُخَلَّدًا فِي النَّارِ كَالْكُفَّارِ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا بَقَاءُ الْمَعْصِيَةِ مَعَ الرِّدَّةِ) قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ الْمَعْصِيَةُ بِالرِّدَّةِ لَا تَرْتَفِعُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ تَابَ سَقَطَ عَنْهُ الْقَضَاءُ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ عِنْدَ الْعَامَّةِ مَا وَقَعَ حَالَ الرِّدَّةِ وَقَبْلَهَا مِنْ الْمَعَاصِي وَلَا يَسْقُطُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ اهـ.
وَتَمَامُهُ فِيهِ وَأَقُولُ: الَّذِي يَظْهَرُ لِي وَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الْمَعَاصِي قَبْلَ الرِّدَّةِ لَا يَسْقُطُ بِالرِّدَّةِ أَصْلًا وَإِنَّمَا يَسْقُطُ بَعْدَ إسْلَامِهِ كَمَا يَسْقُطُ مَا وَقَعَ مِنْهُ حَالَ الرِّدَّةِ لِأَنَّ «الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ بِإِسْلَامِهِ وَتَبَرِّيهِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ يَصِيرُ تَائِبًا عَمَّا صَدَرَ مِنْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ الْمَذْكُورِ فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ فِي حَالِ رِدَّتِهِ تَحْبَطُ طَاعَاتُهُ وَهَلْ تَعُودُ عَلَى الْخِلَافِ وَأَنَّهُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ لَا تَسْقُطُ مَعَاصِيهِ إذْ لَا وَجْهَ لِسُقُوطِهَا بَلْ قَدْ ازْدَادَ فَوْقَهَا أَعْظَمُ الْآثَامِ وَإِنَّمَا تَسْقُطُ مَعَاصِيهِ الْمَاضِيَةُ بِإِسْلَامِهِ أَوْ لَا فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفْسَ الْإِسْلَامِ يَكُونُ تَوْبَةً مِنْ الْمَعَاصِي أَيْضًا أَوْ لَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ حَدِيثِ «الْإِسْلَامِ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْعَامَّةُ مِنْ سُقُوطِ الْمَعَاصِي أَيْ بِالْإِسْلَامِ لَا بِالرِّدَّةِ كَمَا عَلِمْت تَحْقِيقَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي غَيْرِ الَّذِي يُطَالَبُ بِأَدَائِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَحُقُوقِ الْعِبَادِ وَقَضَاءِ مَا تَرَكَهُ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ.
مُسْلِمًا فَهُوَ مَأْخُوذٌ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَلَوْ أَصَابَ ذَلِكَ بَعْدَمَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا وَأَسْلَمَ فَذَلِكَ كُلُّهُ مَوْضُوعٌ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَصَابَهُ وَهُوَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالْحَرْبِيُّ لَا يُؤَاخَذُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِمَا كَانَ أَصَابَهُ حَالَ كَوْنِهِ مُحَارِبًا وَمَا أَصَابَ الْمُسْلِمُ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ أَصَابَ ذَلِكَ بَعْدَ الرِّدَّةِ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارُ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَ مُسْلِمًا فَكُلُّ ذَلِكَ يَكُونُ مَوْضُوعًا عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَالَ فِي السَّرِقَةِ وَإِذَا أَصَابَ دَمًا فِي الطَّرِيقِ كَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ كَانَ الْمُرْتَدُّ مَأْخُوذًا بِذَلِكَ وَمَا أَصَابَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ مِنْ الْقَتْلِ خَطَأً فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ أَصَابَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَفِي مَالِهِ إنْ أَصَابَهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ.
وَإِنْ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِ حَدُّ الشُّرْبِ مِنْ الْخَمْرِ أَوْ الْمُسْكِرِ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ اللُّحُوقِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْكُفْرَ يَمْنَعُ وُجُوبَ هَذَا الْحَدِّ ابْتِدَاءً حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ فَإِذَا اعْتَرَضَ الْكُفْرُ بَعْدَ الْوُجُوبِ يَمْنَعُ الْبَقَاءَ وَإِنْ أَصَابَ ذَلِكَ وَالْمُرْتَدُّ مَحْبُوسٌ فِي يَدِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِحَدِّ الْخَمْرِ وَالسُّكْرِ وَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَتَمَكَّنُ الْإِمَامُ مِنْ إقَامَةِ هَذَا الْحَدِّ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ حِينَ أَصَابَ ذَلِكَ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ اللُّحُوقِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَذَلِكَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ أَيْضًا اهـ.
وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَصَرُّفَاتِهِ وَأَمْلَاكِهِ وَجِنَايَتِهِ وَأَوْلَادِهِ فِي الْكِتَابِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا قُتِلَ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ لَمْ يُشَرَّعُ فِيهِ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا يُتْرَكُ عَلَى رِدَّتِهِ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ وَلَا بِأَمَانٍ مُوَقَّتٍ وَلَا بِأَمَانٍ مُؤَبَّدٍ وَلَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ بَعْدَ اللَّحَاقِ مُرْتَدًّا إذَا أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ أَسِيرًا وَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الْمُرْتَدَّةِ بَعْدَ اللِّحَاقِ اهـ.
وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ لِأَنَّهَا لِلْمَعُونَةِ وَهُوَ لَا يُعَاوَنُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بِرِدَّةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَفِي الْمُحَرَّمَاتِ أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكِحْ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ أَحَدٍ لِانْعِدَامِ الْمِلَّةِ وَالْوِلَايَةِ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الرِّدَّةَ أَفْحَشُ مِنْ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَطْلَقَ فِي الْقَتْلِ فَشَمِلَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ فَوِلَايَةُ قَتْلِ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ لِلْإِمَامِ لَا لِلْمَوْلَى لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْمُرْتَدَّ أَوْ أَمَتَهُ الْمُرْتَدَّةَ جَازَ وَالرِّدَّةُ عَيْبٌ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَفِي حَقِّ الْعَبْدِ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ الْقَتْلِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ عَيْبًا وَرِدَّةُ الْأَمَةِ تُفَوِّتُ عَلَى الْمُشْتَرِي مَنْفَعَةَ الْوَطْءِ فَيَكُونُ عَيْبًا أَيْضًا اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مَعْزِيًّا إلَى الْحَقَائِقِ وَلَا تُجَالَسُ وَلَا تَوَاكَلُ وَلَا تُبَاعُ اهـ.
وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ أَنْ لَا يَكُونَ إسْلَامُهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ صَبِيٌّ أَبَوَيْهِ مُسْلِمَانِ حَتَّى حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ فَبَلَغَ كَافِرًا وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِاللِّسَانِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يُقْتَلُ لِانْعِدَامِ الرِّدَّةِ مِنْهُ إذْ هِيَ اسْمٌ لِلتَّكْذِيبِ بَعْدَ سَابِقَةِ التَّصْدِيقِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ التَّصْدِيقُ بَعْدَ الْبُلُوغِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِالْإِسْلَامِ ثُمَّ ارْتَدَّ يُقْتَلُ وَلَكِنَّهُ فِي الْأُولَى يُحْبَسُ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْبُلُوغِ تَبَعًا وَالْحُكْمُ فِي إكْسَابِهِ كَالْحُكْمِ فِي إكْسَابِ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ حُكْمًا اهـ.
وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي إسْلَامِهِ شُبْهَةٌ لِأَنَّ السَّكْرَانَ لَوْ أَسْلَمَ صَحَّ إسْلَامُهُ فَإِنْ رَجَعَ مُرْتَدًّا لَا يُقْتَلُ كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ إذَا ارْتَدَّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. .
(قَوْلُهُ وَإِسْلَامُهُ أَنْ يَتَبَرَّأَ عَنْ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا أَوْ عَمَّا انْتَقَلَ إلَيْهِ) أَيْ إسْلَامُ الْمُرْتَدِّ بِذَلِكَ وَمُرَادُهُ أَنْ يَتَبَرَّأَ عَنْ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا سِوَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَتَرْكُهُ لِظُهُورِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّهَادَتَيْنِ وَصَرَّحَ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّ التَّبَرُّؤَ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ سَأَلَ أَبُو يُوسُفَ كَيْفَ يُسْلِمُ فَقَالَ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِرُّ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَتَبَرَّأُ مِنْ الَّذِي انْتَحَلَهُ وَقَالَ لَمْ أَدْخُلْ فِي هَذَا الدِّينِ قَطُّ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ وَقَوْلُهُ قَطُّ يُرِيدُ مِنْهُ مَعْنَى أَبَدًا لِأَنَّ قَطُّ ظَرْفٌ لِمَا مَضَى لَا لِمَا يُسْتَقْبَلُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْإِقْرَارُ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ مُسْتَحَبٌّ وَقَوْلُهُ عَمَّا انْتَحَلَهُ أَيْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَأَفَادَ بِاشْتِرَاطِ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .