الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَاجِزَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَبْدًا مَكَانَهُ جَازَ. اهـ.
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَكَرَتُهُ دُونَ عَبِيدِهِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَبِيدَ إنَّمَا يَصِحُّ وَقْفُهُمْ تَبَعًا لِضَيْعَةٍ لِأَجْلِ زِرَاعَتِهَا وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ فِي تَحْصِيلِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ دَارًا فِيهَا عَبْدٌ وَجَعَلَ الْعَبْدَ تَبَعًا لَهَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلتَّبَعِيَّةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الدَّارِ سُكْنَاهَا وَهُوَ يَحْصُلُ بِدُونِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْحِرَاثَةِ وَأَمَّا وَقْفُ الْعَبِيدِ تَبَعًا لِلْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ فَسَيَأْتِي أَنَّ بَعْضَ الْمَشَايِخِ جَوَّزَهُ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رِبَاطٌ كَثُرَتْ دَوَابُّهُ وَعَظُمَتْ مُؤْنَاتُهَا هَلْ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْهَا وَيُنْفِقَ ثَمَنَهَا فِي عَلَفِهَا أَوْ مَرَمَّةِ الرِّبَاطِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ صَارَتْ الْبَعْضُ مِنْهَا إلَى حَدٍّ لَا يَصْلُحُ لِمَا رُبِطَ لَهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إمْسَاكُهَا وَحِفْظُهَا وَإِنْ لَمْ تَصِرْ بِهَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يُمْسِكُ فِي هَذَا الرِّبَاطِ مِقْدَارَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَيَرْبِطُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فِي أَدْنَى الرِّبَاطِ. اهـ.
قَوْلُهُ (وَمُشَاعٍ قَضَى بِجَوَازِهِ) أَيْ وَصَحَّ
وَقْفُ الْمُشَاعِ
إذَا قَضَى بِصِحَّتِهِ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَطْلَقَ الْقَاضِي فَشَمَلَ الْحَنَفِيَّ وَغَيْرَهُ فَإِنَّ لِلْحَنَفِيِّ الْمُقَلِّدِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الْمُشَاعِ وَبِبُطْلَانِهِ لِاخْتِلَافِ التَّرْجِيحِ وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْقَضَاءُ وَالْإِفْتَاءُ بِأَحَدِهِمَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.
[وَقْفُ الْمَنْقُولِ]
قَوْلُهُ (وَمَنْقُولٍ فِيهِ تَعَامُلٌ) أَيْ وَصَحَّ وَقْفُ الْمَنْقُولِ مَقْصُودًا إذَا تَعَامَلَ النَّاسُ وَقْفَهُ وَأَمَّا الْكُرَاعُ وَالسِّلَاحُ فَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ مِنْ أَنَّ التَّأْبِيدَ شَرْطٌ وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ الْآثَارُ الْمَشْهُورَةُ فِيهِ مِنْهَا قَوْلُهُ عليه السلام «فَأَمَّا خَالِدٌ فَقَدْ حَبَسَ أَدْرُعًا لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَلْحَةُ حَبَسَ أَدْرُعًا لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى» وَيُرْوَى كُرَاعُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْمُرَادُ مِنْ الْكُرَاعِ الْخَيْلُ وَالْحَمِيرُ وَالْبِغَالُ وَالْإِبِلُ وَالثِّيرَانُ الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا وَالْمُرَادُ مِنْ السِّلَاحِ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْحَرْبِ وَيَكُونُ مُعَدًّا لِلْقِتَالِ. اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ دِرْعُ الْحَدِيدِ مُؤَنَّثَةٌ فِي الْأَكْثَرِ وَيُصَغَّرُ عَلَى دُرَيْعٍ بِغَيْرِ هَاءٍ عَلَى قِيَاسٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّصْغِيرُ عَلَى لُغَةِ مَنْ ذَكَّرَ وَرُبَّمَا قِيلَ دُرَيْعَةٌ بِالْهَاءِ وَجَمْعُهَا أَدْرُعٌ وَدُرُوعٌ وَأَدْرَاعٌ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ هِيَ الزَّرَدِيَّةُ ذَكَرَهُ فِي الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَأَمَّا مَا سِوَى الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ وَقْفُهُ لِأَنَّ الْقِيَاسَ إنَّمَا يُتْرَكُ بِالنَّصِّ وَالنَّصُّ وَرَدَ فِيهِمَا فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ وَقْفُ مَا فِيهِ تَعَامُلٌ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لِأَنَّ الْقِيَاسَ قَدْ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ كَمَا فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَقَدْ حَكَى فِي الْمُجْتَبَى هَذَا الْخِلَافُ فِي الْمَنْقُولِ عَلَى خِلَافِ هَذَا وَعَزَاهُ إلَى السِّيَرِ فَنَقَلَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ بِجَوَازِهِ مُطْلَقًا جَرَى التَّعَارُفُ بِهِ أَوْ لَا وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ بِجَوَازِهِ إنْ جَرَى فِيهِ تَعَامُلٌ اهـ.
وَمَثَّلَ فِي الْهِدَايَةِ مَا فِيهِ تَعَامُلٌ بِالْفَأْسِ وَالْمَرِّ وَالْمِنْشَارِ وَالْجِنَازَةِ وَثِيَابِهَا وَالْقُدُورِ وَالْمَرَاجِلِ وَالْمَصَاحِفِ قَالَ وَعَنْ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى أَنَّهُ وَقَفَ كُتُبَهُ إلْحَاقًا لَهَا بِالْمَصَاحِفِ وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُمْسَكُ لِلدِّينِ تَعْلِيمًا وَتَعَلُّمًا وَقِرَاءَةً. اهـ.
وَجَوَّزَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَقْفَ الْكُتُبِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَلَمْ يُجَوِّزْهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا وَقَفَ مُصْحَفًا عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ جَازَ وَإِنْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَأَمَّا وَقْفُ الْعَبِيدِ تَبَعًا لِلْمَدْرَسَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ سَيَأْتِي قَرِيبًا وَفِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا يَجُوزُ وَقْفُ الْغِلْمَانِ وَالْجَوَارِي عَلَى مَصَالِحِ الرِّبَاطِ وَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِهِ أَصَالَةً فَلَعَلَّهُ أَيْ قَوْلَهُ: تَبَعًا سَهْوٌ وَلَوْ قَالَ عَلَى الْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ لَكَانَ مُنَاسِبًا لِقَوْلِهِ فَسَيَأْتِي.
وَكَيْفَ يَصِحُّ مَعَ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ وَصَحَّ وَقْفُ الْعَقَارِ بِبَقَرِهِ وَأَكَرَتِهِ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ وَقْفِهِمْ تَبَعًا إذْ الْعَقَارُ شَامِلٌ لِلْأَرْضِ الْمَبْنِيَّةِ وَغَيْرِ الْمَبْنِيَّةِ تَأَمَّلْ.
[وَقْفُ الْمُشَاعِ]
(قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ وَقْفُ مَا فِيهِ تَعَامُلٌ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ إلَخْ) وَإِذَا عَرَفْتَ أَنَّ وَقْفَ الْمَنْقُولِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَاعَيْتَ الشُّرُوطَ الَّتِي اشْتَرَطَهَا فِي الْوَقْفِ فِيهَا أَيْضًا كَكَوْنِهِ مُقَوَّمًا غَيْرَ مُشَاعٍ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مُسَلَّمًا إلَى مُتَوَلٍّ وَإِنْ سَقَطَ التَّأْبِيدُ لَكِنْ ذَكَرَ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ مَسْأَلَةً حَرَّرَ فِيهَا جَوَازَ الْوَقْفِ وَالْحُكْمَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُرَكَّبًا مِنْ مَذْهَبَيْنِ وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهَا بِكَلَامِ الْمُنْيَةِ وَسَنُشِيرُ إلَيْهِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى النَّاظِرِ (قَوْلُهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا وَقَفَ مُصْحَفًا إلَخْ) تَقَدَّمَ قَبْلَ وَرَقَتَيْنِ تَفْسِيرُ مَا لَا يُحْصَى وَأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى تَفْوِيضِهِ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ وَفِي النَّهْرِ وَبِهَذَا عُرِفَ حُكْمُ نَقْلِ كُتُبِ الْأَوْقَافِ مِنْ مَحَالِّهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا وَالْفُقَهَاءُ بِذَلِكَ مُبْتَلُونَ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ وَقَفَهَا عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ فِي وَقْفِهِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ النَّاقِلُ لَيْسَ مِنْهُمْ وَإِنْ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَجَعَلَ مَقَرَّهَا فِي خِزَانَتِهِ الَّتِي فِي مَكَانِ كَذَا فَفِي جَوَازِ النَّقْلِ تَرَدُّدٌ. اهـ.
قُلْتُ: وَفِي بِلَادِنَا يَشْتَرِطُ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُخْرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ إلَّا لِمُرَاجَعَةٍ فَلَا تَرَدُّدَ حِينَئِذٍ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ إلَّا لِلْمُرَاجَعَةِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الطَّالِبِ مِنْهُ
وَقَفَ عَلَى الْمَسْجِدِ جَازَ وَيُقْرَأُ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَا يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى هَذَا الْمَسْجِدِ. اهـ.
وَذَكَرَ فِي التَّحْرِيرِ فِي بَحْثِ الْحَقِيقَةِ التَّعَامُلُ هُوَ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا فَلِذَا اقْتَصَرَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَخَرَجَ مَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَوْ حُلِيًّا لِأَنَّ الْوَقْفَ فِيهِ لَا يَتَأَبَّدُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ لِوُرُودِ النَّصِّ بِهِمَا وَمَا ذَكَرْنَاهُ لِلتَّعَامُلِ فَبَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ.
وَقَدْ زَادَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَشْيَاءَ مِنْ الْمَنْقُولِ عَلَى مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ لَمَّا رَأَوْا مِنْ جَرَيَانِ التَّعَامُلِ بِهَا فَفِي الْخُلَاصَةِ وَقَفَ بَقَرَةً عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ لَبَنِهَا وَسَمْنِهَا يُعْطَى لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ قَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ غَلَبَ ذَلِكَ فِي أَوْقَافِهِمْ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَائِزًا وَعَنْ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ زُفَرَ فِي مَنْ وَقَفَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الدَّنَانِيرَ أَوْ الطَّعَامَ أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَيَجُوزُ قَالَ نَعَمْ قِيلَ وَكَيْفَ قَالَ تُدْفَعُ الدَّرَاهِمُ مُضَارَبَةً ثُمَّ يُتَصَدَّقُ بِهَا فِي الْوَجْهِ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ وَمَا يُكَالُ وَمَا يُوزَنُ يُبَاعُ وَيُدْفَعُ ثَمَنُهُ مُضَارَبَةً أَوْ بِضَاعَةً قَالَ فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا وَقَفَ هَذَا الْكُرَّ مِنْ الْحِنْطَةِ عَلَى شَرْطِ أَنْ يُقْرَضَ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ لَا بَذْرَ لَهُمْ لِيَزْرَعُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ قَدْرُ الْقَرْضِ ثُمَّ يُقْرَضُ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ أَبَدًا عَلَى هَذَا السَّبِيلِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا قَالَ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الرَّيِّ وَنَاحِيَةِ دوبناوند وَالْأَكْسِيَةُ أَسْتِرَةُ الْمَوْتَى إذَا وُقِفَتْ صَدَقَةً أَبَدًا جَازَ وَتُدْفَعُ الْأَكْسِيَةُ لِلْفُقَرَاءِ فَيَنْتَفِعُونَ بِهَا فِي أَوْقَاتِ لُبْسِهَا وَلَوْ وَقَفَ ثَوْرًا لِإِنْزَاءِ بَقَرِهِمْ لَا يَصِحُّ ثُمَّ إذَا عُرِفَ جَوَازُ وَقْفِ الْفَرَسِ وَالْجَمَلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى.
فَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى أَنْ يُمْسِكَهُ مَا دَامَ حَيًّا إنْ أَمْسَكَهُ لِلْجِهَادِ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ لِجَاعِلِ فَرَسِ السَّبِيلِ أَنْ يُجَاهِدَ عَلَيْهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَصَحَّ جَعْلُهُ لِلسَّبِيلِ يَعْنِي يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ وَقْفُهُ وَلَا يُؤَاجَرُ فَرَسُ السَّبِيلِ إلَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَى نَفَقَتِهِ فَيُؤَاجَرُ بِقَدْرِ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا احْتَاجَ إلَى نَفَقَتِهِ تُؤَاجَرُ قِطْعَةٌ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ اهـ.
وَهَذَا عِنْدِي غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ يَعُودُ إلَى الْقُبْحِ الَّذِي لِأَجْلِهِ اسْتَثْنَى أَبُو يُوسُفَ الْمَسْجِدَ مِنْ وَقْفِ الْمُشَاعِ وَهُوَ أَنْ يَتَّخِذَ مَسْجِدًا يُصَلَّى فِيهِ عَامًا وَإِصْطَبْلًا تُرْبَطُ فِيهِ الدَّوَابُّ عَامًا وَلَوْ قَالَ إنَّمَا يُؤَجَّرُ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَنَقُولُ غَايَةُ مَا يَكُونُ لِلسُّكْنَى وَيَسْتَلْزِمُ جَوَازَ الْمُجَامَعَةِ فِيهِ وَإِقَامَةَ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ فِيهِ وَلَوْ قَالَ لَا يُؤَاجَرُ لِذَلِكَ فَكُلُّ عَمَلٍ يُؤَاجَرُ لَهُ تَغْيِيرُ أَحْكَامِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ بِاحْتِيَاجِهِ إلَى النَّفَقَةِ لَا تَتَغَيَّرُ أَحْكَامُهُ الشَّرْعِيَّةُ وَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَسْجِدًا نَعَمْ إنْ خَرِبَ مَا حَوْلَهُ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ فَحِينَئِذٍ لَا يَصِيرُ مَسْجِدًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَتَجِبُ عِمَارَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ مِنْ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا يَجُوزُ وَقْفُ الْغِلْمَانِ وَالْجَوَارِي عَلَى مَصَالِحِ الرِّبَاطِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَقْفَ السَّفِينَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَا وَلَا شَكَّ فِي دُخُولِهَا تَحْتَ الْمَنْقُولِ الَّذِي لَا تَعَامُلَ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ وَقْفُهَا وَقَدْ وَقَفَ بَعْضُهُمْ سَفِينَةً عَلَى مَقَامِ الشَّافِعِيِّ فَسَأَلَنِي عَنْهُ فَأَجَبْتُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ بِنَاءً عَلَى هَذَا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَفَ بُسْتَانًا بِمَا فِيهِ مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ يَجُوزُ وَلَوْ وَقَفَ دَابَّةً عَلَى رِبَاطٍ فَخَرِبَ الرِّبَاطُ وَاسْتَغْنَى النَّاسُ عَنْهُ فَإِنَّهَا تُرْبَطُ فِي أَقْرَبِ الرِّبَاطَاتِ إلَيْهِ.
وَفِي الْقُنْيَةِ وَقْفُ الْأَدْوِيَةِ بالتيمارخانة لَا يَجُوزُ إذْ لَمْ يَذْكُرْ الْفُقَرَاءَ بَقِيَ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى وَقْفُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ فَجَزَمَ هِلَالٌ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَنَقَلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ الْأَصْلِ ثُمَّ قَالَ وَلَا يَجُوزُ وَقْفُ الْبِنَاءِ فِي أَرْضٍ هِيَ عَارِيَّةٌ أَوْ إجَارَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِوَاقِفِ الْبِنَاءِ جَازَ عِنْدَ الْبَعْضِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ الْبِنَاءُ فِي أَرْضِ وَقْفٍ جَازَ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَكُونُ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَيْهَا. اهـ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْإِجَارَةِ مَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ مِنْ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا كَانَتْ مُتَقَرِّرَةً لِلِاحْتِكَارِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي وَقْفِ الْبِنَاءِ وَحْدَهُ
ــ
[منحة الخالق]
كُرَّاسَةً وَلَا جُزْءًا بِالْأَوْلَى مُرَاعَاةً لِشَرْطِ الْوَاقِفِ مَعَ أَنَّ الطَّلَبَةَ يَأْخُذُونَهُ إلَى بُيُوتِهِمْ وَيَقْرَءُونَ وَيُطَالِعُونَ فِيهِ مَعَ أَنَّ مُرَادَ الْوَقْفِ حِفْظُ الْكُتُبِ عَنْ الضَّيَاعِ وَلَمْ نَرَ مَنْ يَتَجَنَّبُ عَنْ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا وَلَعَلَّهُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِ ذَلِكَ الشَّرْطِ عَنْ الْوَاقِفِ عِنْدَهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْتُوبًا بِأَعْلَى ظَهْرِ الْكِتَابِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةِ الْكَاتِبِ أَوْ لِيُجْعَلَ حِيلَةً لِمَنْعِ مَنْ يَخَافُ مِنْ الضَّيَاعِ كَمَا أَخْبَرَنِي بَعْضُ قُوَّامِ الْكُتُبِ أَنَّ وَاقِفَهَا كَتَبَ ذَلِكَ الشَّرْطَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهَذَا عِنْدِي غَيْرُ صَحِيحٍ إلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ فَتْحِ الْقَدِيرِ