الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُحْمَدْ مُحَمَّدٌ عَلَى مَا قَالَهُ بِسَبَبِ أُسْتَاذِهِ وَقِيلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ انْقَطَعَ خَاطِرُهُ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَفْرِيعِ مَسَائِلِ الْوَقْفِ كَالْخَصَّافِ وَهِلَالٍ وَلَوْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْأَحْيَاءِ حِينَ مَا قَالَ لَزَأَمَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي أَبِي حَنِيفَةَ رَأَيْتُ رَجُلًا لَوْ قَالَ هَذِهِ الْأُسْطُوَانَةُ مِنْ ذَهَبٍ لَدَلَّ عَلَيْهِ وَلَكِنْ كُلُّ مُجَرٍّ بِالْخَلَا يُسَرُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَشَايِخَ رَجَّحُوا قَوْلَهُمَا وَقَالَ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ الْحَقُّ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ مَرَّ بَعْدَهُمْ رضي الله عنهم مُتَوَارَثًا عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ
وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ
قَالَ الطَّحَاوِيُّ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُ إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْوَقْفُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ. اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ امْرَأَةٌ وَقَفَتْ مَنْزِلًا فِي مَرَضِهَا عَلَى بَنَاتِهَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِنَّ عَلَى أَوْلَادِهِنَّ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِنَّ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَإِذَا انْقَرَضُوا فَلِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا وَخَلَّفَتْ مِنْ الْوَرَثَةِ بِنْتَيْنِ وَأُخْتًا لِأَبٍ وَالْأُخْتُ لَا تَرْضَى بِمَا صَنَعَتْ وَلَا مَالَ لَهَا سِوَى الْمَنْزِلِ جَازَ الْوَقْفُ فِي الثُّلُثِ وَلَمْ يَجُزْ فِي الثُّلُثَيْنِ فَيُقْسَمُ الثُّلُثَانِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ وَيُوقَفُ الثُّلُثُ فَمَا خَرَجَ مِنْ غَلَّتِهِ قُسِمَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ مَا عَاشَتْ الْبِنْتَانِ فَإِذَا مَاتَتَا صُرِفَتْ الْغَلَّةُ إلَى أَوْلَادِهِمَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا كَمَا شَرَطَتْ الْوَاقِفَةُ لَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ.
رَجُلٌ وَقَفَ دَارًا لَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى ثَلَاثِ بَنَاتٍ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرَهُنَّ.
قَالَ الثُّلُثُ مِنْ الدَّارِ وَقْفٌ وَالثُّلُثَانِ مُطْلَقٌ لَهُ يَصْنَعْنَ بِهِمَا مَا شِئْنَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا إذَا لَمْ يُجِزْنَ أَمَّا إذَا أَجَزْنَ صَارَ الْكُلُّ وَقْفًا عَلَيْهِنَّ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا وَقَفَ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ.
فَإِنْ أَجَازَ الْوَارِثُ الْآخَرُ كَانَ الْكُلُّ وَقْفًا وَاتُّبِعَ الشَّرْطُ وَإِلَّا كَانَ الثُّلُثَانِ مِلْكًا بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالثُّلُثُ وَقْفًا مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْبَعْضِ لَا تَنْفُذُ فِي شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ لِغَيْرِهِ فَاعْتُبِرَ الْغَيْرُ بِالنَّظَرِ إلَى الثُّلُثِ وَاعْتُبِرَ الْوَارِثُ بِالنَّظَرِ إلَى غَلَّةِ الثُّلُثِ الَّذِي صَارَ وَقْفًا فَلَا يُتَّبَعُ الشَّرْطُ مَا دَامَ الْوَارِثُ حَيًّا وَإِنَّمَا تُقْسَمُ غَلَّةُ هَذَا الثُّلُثِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا انْقَرَضَ الْوَارِثُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ فِي غَلَّةِ الثُّلُثِ وَإِنْ وُقِفَ عَلَى غَيْرِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يُجِيزُوا كَانَ الثُّلُثُ وَقْفًا وَاعْتُبِرَ شَرْطُهُ فِيهِ وَالثُّلُثَانِ مِلْكٌ فَلَوْ بَاعَ الْوَارِثُ الثُّلُثَيْنِ قَبْلَ ظُهُورِ مَالٍ آخَرَ ثُمَّ ظَهَرَ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعَ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ فَيَشْتَرِي بِذَلِكَ أَرْضًا وَتُجْعَلُ وَقْفًا عَلَى جِهَةِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَفِيهَا قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى ابْنِي فُلَانٍ فَإِنْ مَاتَ فَعَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِي وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَهِيَ إرْثٌ بَيْنَ كُلِّ الْوَرَثَةِ مَا دَامَ الِابْنُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيًّا فَإِنْ مَاتَ صَارَ كُلُّهَا لِلنَّسْلِ. اهـ.
وَهِيَ عِبَارَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ
ــ
[منحة الخالق]
[وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ]
(قَوْلُهُ قَالَ الثُّلُثُ مِنْ الدَّارِ وَقْفٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْوَقْفَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ فَتَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ إلَّا بِإِجَازَةٍ لَكِنْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ حَيْثُ وُجِدَ الْمُنَازِعُ وَهُوَ الْوَارِثُ الْآخَرُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ وَارِثٌ غَيْرُ الْمُوصَى لَهُ فَتَجُوزُ بِلَا إجَازَةٍ لِعَدَمِ الْمُنَازِعِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ فَلِمَ لَا تَجُوزُ فِي الْكُلِّ بَلْ تَوَقَّفَ جَوَازُهَا فِي الثُّلُثَيْنِ عَلَى الْإِجَازَةِ.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُوصِي حَقًّا فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَمْ تَجُزْ فِي الزَّائِدِ وَإِنْ كَانَتْ لِلْوَارِثِ بِلَا مُنَازِعٍ إلَّا إذَا أَجَازَهَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَهِيَ عِبَارَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ) لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَ الْأَرْضَ إرْثًا لِلْوَرَثَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ مَعَ أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَهُمْ ثُلُثَاهَا فَقَطْ وَأَيْضًا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُمْ كَيْفَ تَصِيرُ بَعْدَ مَوْتِ الِابْنِ لِلنَّسْلِ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ فَهِيَ إرْثٌ أَيْ حُكْمًا يَعْنِي أَنَّ غَلَّتَهَا تُصْرَفُ بَيْنَهُمْ عَلَى حُكْمِ الْإِرْثِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ نَفْسَ الْأَرْضِ تَكُونُ إرْثًا فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مُخَالَفَةٌ ثَانِيهِمَا قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ صَارَتْ كُلُّهَا لِلنَّسْلِ يُخَالِفُهُ فَإِنَّ الثُّلُثَيْنِ مِلْكُ الْوَارِثِ وَالْمَوْقُوفُ هُوَ الثُّلُثُ فَاَلَّذِي تَصِيرُ غَلَّتُهُ لِلنَّسْلِ هُوَ هَذَا الثُّلُثُ لَا الْأَرْضُ كُلُّهَا.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ فَهِيَ إرْثٌ رَاجِعٌ إلَى غَلَّةِ الثُّلُثِ الَّذِي صَارَ وَقْفًا وَقَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ صَارَ كُلُّهَا لِلنَّسْلِ أَيْ كُلُّ غَلَّةِ هَذَا الثُّلُثِ وَأَمَّا الثُّلُثَانِ فَهُمَا مَمْلُوكَانِ رَقَبَةً لِلْوَرَثَةِ وَالْقَرِينَةُ عَلَى هَذِهِ الْإِرَادَةِ أَنَّ الَّذِي يَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ هُوَ تِلْكَ الْغَلَّةُ الَّتِي لِلثُّلُثِ فَتَأَمَّلْ وَأَجَابَ شَيْخُنَا بِمَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَهُوَ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْبَزَّازِيَّةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ كُلُّهَا وَقْفًا وَحَيْثُ لَمْ يُجِيزُوا تُقْسَمُ غَلَّتُهَا كَالْإِرْثِ ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِ الِابْنِ تَصِيرُ كُلُّهَا لِلنَّسْلِ وَيُوَضِّحُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْمَنْقُولَةُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا.
وَفِي أَوْقَافِ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرِيضًا قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ أَبَدًا عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أُخْرِجَتْ وَكَانَتْ مَوْقُوفَةً تُسْتَغَلُّ ثُمَّ تُقْسَمُ غَلَّتُهَا عَلَى جَمِيعِ وَرَثَتِهِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ وَلَهُ وَلَدُ وَلَدٍ قُسِمَتْ الْغَلَّةُ عَلَى عَدَدِ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ وَعَلَى عَدَدِ وَلَدِ وَلَدِهِ فَمَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ وَلَدَهُ قُسِمَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ
لِمَا قَدَّمْنَا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الثُّلُثَيْنِ مِلْكٌ وَالثُّلُثُ وَقْفٌ وَأَنَّ غَلَّةَ الثُّلُثِ تُقْسَمُ عَلَى الْوَرَثَةِ مَا دَامَ الْوَارِثُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيًّا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَهُ وَقَفَ أَرْضَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فَثُلُثُهَا وَقْفٌ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ إنْ لَمْ يُجِيزُوا وَإِنْ أَجَازُوا كَانَ بَيْنَ الصُّلْبِيِّ وَوَلَدِ الْوَلَدِ عَلَى السَّوَاءِ وَقَفَ أَرْضِهِ فِي مَرَضِهِ وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَتَلِفَ الْمَالُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَصَارَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْوَرَثَةِ فَثُلُثُهَا وَقْفٌ وَثُلُثَاهَا لِلْوَرَثَةِ وَقَفَ أَرْضَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ فَإِنْ أَجَازُوا الْوَرَثَةُ فَهُوَ كَمَا قَالُوا فِي الْوَصِيَّةِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ صَارَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَمِقْدَارُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ يَصِيرُ وَقْفًا ثُمَّ تُقْسَمُ جَمِيعُ غَلَّةِ الْأَرْضِ مَا جَازَ فِيهِ الْوَقْفُ وَمَا لَمْ يَجُزْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى مَا دَامَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْ أَحَدُهُمْ فِي الْأَحْيَاءِ فَإِذَا انْقَرَضُوا كُلُّهُمْ تُصْرَفُ غَلَّةُ الْأَرْضِ إلَى الْفُقَرَاءِ إنْ لَمْ يُوصِ الْوَاقِفُ إلَى وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ وَلَوْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْوَرَثَةِ وَبَقِيَ الْآخَرُ فَإِنَّ الْمَيِّتَ فِي قِسْمَةِ الْغَلَّةِ مَا دَامَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ أَحْيَاءَ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ حَيٌّ فَيُقْسَمُ ثُمَّ يُجْعَلُ سَهْمُهُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ الَّذِينَ لَا حِصَّةَ لَهُمْ مِنْ الْوَقْفِ. اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا زَوْجَتُهُ وَلَمْ تُجِزْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا مِنْ السُّدُسِ وَالْخَمْسَةُ الْأَسْدَاسُ تَكُونُ وَقْفًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ إلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً وَأَوْصَى بِكُلِّ مَالِهِ لِرَجُلٍ إنْ أَجَازَتْ فَكُلُّ الْمَالِ لَهُ وَإِلَّا فَالسُّدُسُ لَهَا وَخَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ لَهُ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ الثُّلُثَ أَوَّلًا بَقِيَ أَرْبَعَةٌ تَأْخُذُ الرُّبْعَ وَالثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ لِلْمُوصَى لَهُ فَحَصَلَ لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ سِتَّةٍ. اهـ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْوَقْفَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ وَفِي الْمُحِيطِ وَقْفُ الْمَرِيضِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَقِفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ جَازَ فِي الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ جَازَ فِي الْكُلِّ وَإِلَّا جَازَ فِي الثُّلُثِ الثَّانِي لَوْ وَقَفَ عَلَى وَارِثٍ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا جَازَ فِي الثُّلُثِ وَذَكَرَ هِلَالٌ وَالْخَصَّافُ تُقْسَمُ جَمِيعُ غَلَّةِ الْأَرْضِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ شَيْءٌ مَا دَامَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ صُرِفَ لِلْفُقَرَاءِ فَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ يَكُونُ الْكُلُّ لِلْفُقَرَاءِ وَإِلَّا فَلَهُمْ بِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ هَذَا وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَارِثِ لَا قَبْلَهُ فَمَا دَامَ الْوَارِثُ حَيًّا لَا يَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَلَا يَكُونُ لَهُمْ حَقٌّ فِي تِلْكَ الْغَلَّةِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ قَدْ بَطَلَتْ فَيُقْسَمُ الْكُلُّ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُعْطِي حِصَّةَ الْوَقْفِ مِنْ الْغَلَّةِ لِلْفُقَرَاءِ لِلْحَالِ وَلَا يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ مِنْهَا شَيْءٌ لِأَنَّ الْوَقْفَ حَصَلَ عَلَى الْفُقَرَاءِ لِلْحَالِ لِأَنَّ هَذَا الْوَقْفَ وَصِيَّةٌ بِالْغَلَّةِ لِلْوَارِثِ فَإِذَا لَمْ يُجِزْ الْبَاقُونَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ فَبَقِيَ هَذَا وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ.
فَأَمَّا إذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ قِيلَ تَكُونُ حِصَّةُ الْوَقْفِ لِلْفُقَرَاءِ لِلْحَالِ وَقِيلَ مِقْدَارُ الثُّلُثِ لِلْفُقَرَاءِ وَمَا وَرَاءَ الثُّلُثِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ رَجَعَ إلَى الْوَرَثَةِ وَالثَّالِثُ لَوْ وَقَفَ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ مِنْ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ كَانَ الْأَوْلَادُ وَالنَّسْلُ كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ فَالْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ فُقَرَاءَ أَوْ كَانَ فِي كُلِّ فَرِيقٍ بَعْضُهُمْ فُقَرَاءَ فَإِنَّهُ تُقْسَمُ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ فُقَرَاءِ الْفَرِيقَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ فَمَا أَصَابَ الْفُقَرَاءَ مِنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ قُسِمَ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا أَصَابَ الْفُقَرَاءَ مِنْ النَّسْلِ قُسِمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ أَوْلَادُ الصُّلْبِ كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ وَنَسْلُهُ فُقَرَاءُ فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلنَّسْلِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْعَكْسِ أَوْ بَعْضُ أَوْلَادِ الصُّلْبِ فُقَرَاءَ فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِأَوْلَادِ الصُّلْبِ تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ مَا أَصَابَ النَّسْلَ أَصَابُوهُ عَلَى سَبِيلِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُمْ لَا يَكُونُوا وَرَثَةً فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمَا أَصَابَ الْأَوْلَادُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ
ــ
[منحة الخالق]
جَمِيعًا عَلَى عَدَدِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذِهِ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ فَمَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ مَنْ يَرِثُهُ مِنْ وَلَدِهِ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ قُسِمَ ذَلِكَ بَيْنَ جَمِيعِ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ عَنْهُ وَمَا أَصَابَ مَنْ لَا يَرِثُهُ مِنْ وَلَدِ وَلَدِهِ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ فَإِذَا انْقَرَضَ وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ قُسِمَتْ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ بَيْنَ وَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ عَلَى مَا قَالَ وَلَا يَكُونُ لِزَوْجَتِهِ وَلَا لِأَبَوَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.
فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْوَاقِفِ قَالَ يَكُونُ ثُلُثَاهَا مِيرَاثًا بَيْنَ جَمِيعِ وَرَثَتِهِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ عَنْهُ وَيَكُونُ ثُلُثُهَا مَوْقُوفًا تُقْسَمُ غَلَّتُهُ إذَا جَاءَتْ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ جَمِيعًا إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَوَلَدُ وَلَدٍ فَمَا أَصَابَ وَلَدَهُ لِصُلْبِهِ يُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَ سَائِرِ وَرَثَتِهِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ فَإِذَا انْقَرَضُوا أُنْفِذَتْ الْغَلَّةُ عَلَى مَا سَبَّلَهَا الْوَاقِفُ. اهـ.
إذْ «لَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ» فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ.
وَالرَّابِعُ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُوقَفَ أَرْضُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَمْ تَخْرُجْ وَلَكِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهَا تُوقَفُ كُلُّهَا وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَمِقْدَارُ الثُّلُثِ يُوقَفُ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ وَإِنْ خَرَجَتْ كُلُّهُ مِنْ ثُلُثِهِ وَفِيهَا نَخْلٌ فَأَثْمَرَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ وَقْفِ الْأَرْضِ دَخَلَتْ الثَّمَرَةُ فِي الْوَقْفِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ أَصْلٍ مَشْغُولٍ بِحَقِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ أَثْمَرَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ فَتِلْكَ الثَّمَرَةُ تَكُونُ مِيرَاثًا. اهـ. وَتَمَامُهُ فِي الْإِسْعَافِ مَعَ بَيَانِ حُكْمِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ بِالْوَقْفِ
قَوْلُهُ (وَلَا يَتِمُّ حَتَّى يَقْبِضَ وَيُفْرِزَ وَيَجْعَلَ آخِرَهُ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ) بَيَانٌ لِشَرَائِطِهِ الْخَاصَّةِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ مَشَى الْمُؤَلِّفُ أَوَّلًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ عَدَمِ لُزُومِهِ إلَّا بِالْقَضَاءِ وَثَانِيًا فِي الشَّرَائِطِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي لِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي لُزُومِهِ بِلَا قَضَاءٍ كَمَا قَدَّمْنَا وَإِذَا لَزِمَ عِنْدَهُمَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ بِجَامِعِ إسْقَاطِ الْمِلْكِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُتَوَلِّي وَالْإِفْرَازِ وَالتَّأْبِيدِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى إنَّمَا يَثْبُتُ فِيهِ فِي ضِمْنِ التَّسْلِيمِ إلَى الْعَبْدِ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَالِكُ الْأَشْيَاءِ لَا يَتَحَقَّقُ مَقْصُودًا وَقَدْ يَكُونُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَوْ قَالَ هَذِهِ الشَّجَرَةُ لِلْمَسْجِدِ لَا تَكُونُ لَهُ مَا لَمْ يُسْلِمْهَا إلَى قَيِّمِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَمَشَايِخِ بَلْخٍ يُفْتُونَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَخَذُوا بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَوْجَهُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَفِي الْمُنْيَةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهَذَا قَوْلُ مَشَايِخِ بَلْخٍ وَأَمَّا الْبُخَارِيُّونَ فَأَخَذُوا بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَفِي الْمَبْسُوطِ كَانَ الْقَاضِي أَبُو عَاصِمٍ يَقُولُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَقْوَى إلَّا أَنَّهُ قَالَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَقْرَبُ إلَى مُوَافَقَةِ الْآثَارِ يَعْنِي مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَعَلَ وَقْفَهُ فِي يَدِ حَفْصَةَ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَرَدَّهُ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ لِيَتِمَّ الْوَقْفُ بَلْ لِشُغْلِهِ وَخَوْفِ التَّقْصِيرِ إلَى آخِرِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْإِمَامُ الثَّانِي فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ ضَيَّقَ ثُمَّ وَسَّعَ كُلَّ التَّوَسُّعِ حَتَّى قَالَ يَتِمُّ بِقَوْلِهِ وَقَفْت وَمَشَايِخُ خُوَارِزْمَ أَخَذُوا بِقَوْلِهِ عَلَى مَا حَكَاهُ نَجْمٌ الزَّاهِدُ فِي شَرْحِهِ لِلْمُخْتَصَرِ وَمُحَمَّدٌ تَوَسَّطَ وَبِقَوْلِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى مَا حَكَاهُ فِي الْفَتَاوَى اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّرْجِيحَ قَدْ اخْتَلَفَ وَالْأَخْذُ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَحْوَطُ وَأَسْهَلُ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَمَشَايِخُنَا أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الْوَقْفِ وَيَبْتَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَسَائِلُ الْأُولَى لَوْ عَزَلَ الْوَاقِفُ الْقَيِّمَ وَأَخْرَجَهُ إلَى غَيْرِهِ بِلَا شَرْطٍ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَنْعَزِلُ وَالْوِلَايَةُ لِلْقِيَمِ.
الثَّانِيَةُ لَوْ مَاتَ وَلَهُ وَصِيٌّ فَلَا وِلَايَةَ لِوَصِيِّهِ وَالْوِلَايَةُ لِلْقَيِّمِ الثَّالِثَةُ لَوْ تَوَلَّاهُ الْوَاقِفُ بِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْوِلَايَةُ لِلْوَاقِفِ وَلَهُ أَنْ يَعْزِلَ الْقَيِّمَ فِي حَيَاتِهِ وَيُوَلِّيَ غَيْرَهُ أَوْ يَرُدَّ النَّظَرَ إلَى نَفْسِهِ وَإِذَا مَاتَ الْوَاقِفُ بَطَلَ وِلَايَةُ الْقَيِّمِ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ وَكِيلِهِ وَأَمَّا إذَا جَعَلَهُ قَيِّمًا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ اتِّفَاقًا وَكَذَا لَوْ شَرَطَ الْوِلَايَةَ فِي عَزْلِ الْقُوَّامِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِهِمْ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهُ جَائِزٌ اتِّفَاقًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ لَا يُخِلُّ بِشَرَائِطِ الْوَاقِفِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّي فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ كِلَاهُمَا صَحِيحَانِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهِلَالٍ الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ بَاطِلَانِ. اهـ.
وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُتَوَلِّي نَصْبًا وَتَصَرُّفًا وَأَمَّا الثَّانِي أَعْنِي اشْتِرَاطَ الْإِفْرَازِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فَلَا يَجُوزُ وَقْفُ الْمُشَاعِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ جَائِزٌ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ فَمَنْ شَرَطَهُ لَمْ يُجَوِّزْ وَقْفَ الْمُشَاعِ وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ جَوَّزَهُ وَالْخِلَافُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَمَّا مَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا اعْتِبَارًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ بِالْهِبَةِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَقَدْ مَشَى الْمُؤَلِّفُ أَوَّلًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ) قَالَ فِي النَّهْرِ الْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ مَا قَالَهُ أَوَّلًا عَلَى بَيَانِ مَسْأَلَةٍ إجْمَاعِيَّةٍ هِيَ أَنَّ الْمِلْكَ بِالْقَضَاءِ يَزُولُ أَمَّا إذَا خَلَا عَنْ الْقَضَاءِ فَلَا يَزُولُ بَعْدَ هَذِهِ الشُّرُوطِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِعَامَّةِ الْمَشَايِخِ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْوِلَايَةُ لِلْوَاقِفِ إلَخْ) سَيَأْتِي ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْوَرَقَةِ الْعِشْرِينَ
وَالصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ الشُّيُوعُ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا لِأَنَّ بَقَاءَ الشَّرِكَةِ يَمْنَعُ الْخُلُوصَ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ فِي هَذَا فِي غَايَةِ الْقُبْحِ بِأَنْ يُقْبَرَ فِيهَا الْمَوْتَى سَنَةً وَتُزْرَعَ سَنَةً وَيُصَلَّى لِلَّهِ فِيهِ فِي وَقْتٍ وَيُتَّخَذَ إصْطَبْلًا فِي وَقْتٍ بِخِلَافِ الْوَقْفِ لِإِمْكَانِ الِاسْتِغْلَالِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَقْفَ الْمُشَاعِ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً غَيْرُ جَائِزٍ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا وَفِي غَيْرِهِمَا إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ جَازَ اتِّفَاقًا.
وَالْخِلَافُ فِيمَا يَحْتَمِلُهَا وَمَنْ أَخَذَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي خُرُوجِهِ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ وَهُمْ مَشَايِخُ بَلْخٍ أَخَذَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ وَمَنْ أَخَذَ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْقَبْضِ وَهُمْ مَشَايِخُ بُخَارَى أَخَذَ بِقَوْلِهِ فِي وَقْفِ الْمُشَاعِ وَصَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْوَقْفِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي وَقْفِ الْمُشَاعِ وَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ والولوالجية وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَفِي التَّجْنِيسِ وَبِقَوْلِهِ يُفْتَى وَتَبِعَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا إذَا قَضَى بِجِوَارِهِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا وَقَفَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ الْمُشَاعَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ اقْتَسَمَا فَوَقَعَ نَصِيبُ الْوَاقِفِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقِفَهُ ثَانِيًا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تُعَيِّنُ الْمَوْقُوفَ وَإِذَا أَرَادَ الِاجْتِنَابَ عَنْ الْخِلَافِ يَقِفُ الْمَقْسُومَ ثَانِيًا وَلَوْ كَانَ الْأَرْضُ لَهُ فَوَقَفَ نِصْفَهَا ثُمَّ أَرَادَ الْقِسْمَةَ فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ مَا بَقِيَ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ وَإِنْ لَمْ يَبِعْ وَرَفَعَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَ إنْسَانًا بِالْقِسْمَةِ مَعَهُ جَازَ.
كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا وَفِيهَا حَانُوتٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَقَفَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ لَوْحَ الْوَقْفِ عَلَى بَابِهِ فَمَنَعَهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ لَيْسَ لَهُ الضَّرْبُ إلَّا إذَا أَمَرَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَرْضُونَ وَدُورٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَوَقَفَ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُقَاسِمَ شَرِيكَهُ وَيَجْمَعَ الْوَقْفَ كُلَّهُ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَدَارٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهِلَالٍ وَإِذَا قَاسَمَ الْوَاقِفُ شَرِيكَهُ وَبَيْنَهُمَا دَرَاهِمُ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ هُوَ الَّذِي أَعْطَى الدَّرَاهِمَ جَازَ لِأَنَّهُ فِي حِصَّةِ الْوَقْفِ قَاسَمَ شَرِيكَهُ وَاشْتَرَى أَيْضًا مَا لَمْ يَقِفْ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَجَازَ ذَلِكَ كُلُّهُ ثُمَّ حِصَّةُ الْوَقْفِ لِلْوَاقِفِ وَمَا اشْتَرَاهُ بِالدَّرَاهِمِ فَذَلِكَ لَهُ وَلَيْسَ بِوَقْفٍ. اهـ.
وَلَوْ وَقَفَ جَمِيعَ أَرْضِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ مِنْهُ بَطَلَ فِي الْبَاقِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الشُّيُوعَ مُقَارِنٌ كَمَا فِي الْهِبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي الْبَعْضِ أَوْ رَجَعَ الْوَارِثُ فِي الثُّلُثَيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَرِيضِ وَقَدْ وَهَبَ أَوْ وَقَفَ فِي مَرَضِهِ وَفِي الْمَالِ ضَيَّقَ لِأَنَّ الشُّيُوعَ فِي ذَلِكَ طَارِئٌ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ مُمَيَّزٌ بِعَيْنِهِ لَمْ يَبْطُلْ فِي الْبَاقِي لِعَدَمِ الشُّيُوعِ وَلِهَذَا جَازَ فِي الِابْتِدَاءِ.
وَعَلَى هَذَا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ الْمَمْلُوكَةُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَقَفَاهَا عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ وَدَفَعَاهَا إلَى وَالٍ يَقُومُ عَلَيْهَا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ تَمَامِ الصَّدَقَةِ شُيُوعٌ فِي الْمَحَلِّ الْمُتَصَدَّقِ بِهِ وَلَا شُيُوعَ هُنَا لِأَنَّ الْكُلَّ صَدَقَةٌ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ الْمُتَصَدِّقِينَ وَالْقَبْضُ مِنْ الْوَالِي فِي الْكُلِّ وُجِدَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَهُوَ كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَهَا شَائِعًا عَلَى حِدَةٍ وَجَعَلَ لَهَا وَالِيًا عَلَى حِدَةٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُمَا صَدَقَتَانِ وَلَوْ وَقَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ وَجَعَلَا الْوَالِيَ فَسَلَّمَاهَا إلَيْهِ جَمِيعًا جَازَ لِأَنَّ تَمَامَهَا بِالْقَبْضِ وَالْقَبْضُ يَجْتَمِعُ.
كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْمُشَاعُ غَيْرُ الْمَقْسُومِ مِنْ شَاعَ يَشِيعُ شَيْعًا وَشُيُوعًا وَمَشَاعًا كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ آخِرَهُ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ فَهُوَ قَوْلُهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا سَمَّى فِيهِ جِهَةً تَنْقَطِعُ جَازَ وَصَارَ بَعْدَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ لَمْ يُسَمِّهِمْ لَهُمَا أَنَّ مُوجِبَ الْوَقْفِ زَوَالُ الْمِلْكِ بِدُونِ التَّمْلِيكِ وَأَنَّهُ يَتَأَبَّدُ كَالْعِتْقِ وَإِذَا كَانَتْ الْجِهَةُ يُتَوَهَّمُ انْقِطَاعُهَا لَا يَتَوَفَّرُ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ وَلِهَذَا كَانَ التَّوْقِيتُ مُبْطِلًا لَهُ كَالتَّوْقِيتِ فِي الْبَيْعِ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُوَفَّرٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّقَرُّبَ تَارَةً يَكُونُ بِالصَّرْفِ إلَى جِهَةٍ تَنْقَطِعُ وَمَرَّةً بِالصَّرْفِ إلَى جِهَةٍ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَصَارَ بَعْدَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ لَمْ يُسَمِّهِمْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَمَا يَأْتِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْحِ