الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِهَذَا يَصِيرُ مُقِيمًا بِإِقَامَتِهِمْ وَمُسَافِرًا بِسَفَرِهِمْ فَبَطَلَ الْإِحْرَازُ أَصْلًا كَالْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا وَهُوَ الْمُشَبَّهُ بِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَخَصَّ الْخَطَأَ بِالْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي الْعَمْدِ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ اسْتِئْمَانِ الْكَافِرِ]
(فَصْلٌ)
تَأْخِيرُ اسْتِئْمَانِ الْكَافِرِ عَنْ الْمُسْلِمِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لَا يُمَكَّنُ مُسْتَأْمَنٌ أَنْ يُقِيمَ فِينَا سَنَةً وَقِيلَ لَهُ إنْ أَقَمْت سَنَةً وَضَعَ عَلَيْك الْجِزْيَةَ) لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يُمَكَّنُ مِنْ إقَامَةٍ دَائِمَةٍ فِي دَارِنَا إلَّا بِاسْتِرْقَاقٍ أَوْ جِزْيَةٍ لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَيْنًا لَهُمْ وَعَوْنًا عَلَيْنَا تَلْتَحِقُ الضَّمْرَةُ بِالْمُسْلِمِينَ وَيُمَكَّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ الْيَسِيرَةِ لِأَنَّ فِي مَنْعِهَا قَطْعَ الْمِيرَةِ وَالْجَلْبِ وَسَدَّ بَابِ التِّجَارَةِ فَفَصَلْنَا بَيْنَهُمَا بِسَنَةٍ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ تَجِبُ فِيهَا الْجِزْيَةُ فَتَكُونُ الْإِقَامَةُ لِمَصْلَحَةِ الْجِزْيَةِ قَيْدٌ بِالْمُسْتَأْمَنِ لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ دَارَنَا بِلَا أَمَانٍ فَهُوَ وَمَا مَعَهُ فَيْءٌ فَإِنْ قَالَ دَخَلْت بِأَمَانٍ لَمْ يُصَدَّقْ وَأُخِذَ وَلَوْ قَالَ أَنَا رَسُولُ فَإِنْ وُجِدَ مَعَهُ كِتَابٌ يُعْرَفُ أَنَّهُ كِتَابُ مَلِكِهِمْ بِعَلَامَةٍ تُعَرِّفُ ذَلِكَ كَانَ آمِنًا فَإِنَّ الرَّسُولَ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَمَانٍ خَاصٍّ بَلْ بِكَوْنِهِ رَسُولًا يَأْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفُ فَهُوَ زُورٌ فَيَكُونُ هُوَ وَمَا مَعَهُ فَيْئًا. وَإِنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِلَا أَمَانٍ فَأَخَذَهُ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَلْ يَكُونُ فَيْئًا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمَا أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ وَلَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُؤْخَذُ وَيَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا وَلَكِنْ لَا يُطْعَمُ وَلَا يُسْقَى وَلَا يُؤْذَى وَلَا يُخْرَجُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْمُحِيطِ إذَا دَخَلَ دَارَنَا بِلَا أَمَانٍ فَهُوَ فَيْءٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أُخِذَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ وَعِنْدَهُمَا إنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْأَخْذِ فَهُوَ حُرٌّ وَلَوْ رَجَعَ هَذَا الْحَرْبِيُّ إلَى دَارِ الْحَرْبِ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَيْئًا وَعَادَ حُرًّا وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَا أَمَّنْته لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ رَجُلَانِ غَيْرَهُ أَنَّهُ أَمَّنَهُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ مَكَثَ سَنَةً فَهُوَ ذِمِّيٌّ) إنْ مَكَثَ الْمُدَّةَ الْمَضْرُوبَةَ فَهُوَ ذِمِّيٌّ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَامَهَا بَعْدَ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ إلَيْهِ صَارَ مُلْتَزَمًا لِلْجِزْيَةِ فَيَصِيرُ ذِمِّيًّا فَمُرَادُهُ مِنْ السَّنَةِ وَمَا وَقْتُهُ الْإِمَامُ لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ سَنَةً أَوْ أَقَلَّ كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ لَهُ مَا ذُكِرَ شَرْطٌ لِكَوْنِهِ ذِمِّيًّا فَلَوْ مَكَثَ سَنَةً قَبْلَ مَقَالِ الْإِمَامِ لَهُ لَا يَكُونُ ذِمِّيًّا وَبِهِ صَرَّحَ الْعَتَّابِيُّ فَقَالَ لَوْ أَقَامَ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْإِمَامُ إلَيْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَقِيلَ وَلَفْظُ الْمَبْسُوطِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فِي حَوْلِ الْمُكْثِ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَارَ ذِمِّيًّا بَعْدَهُ فَتَجِبُ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ مَكَثَ سَنَةً أَخَذَهَا مِنْهُ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ مِنْ أَحْكَامِ الذِّمِّيِّ جَرَيَانُ الْقِصَاصِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ وَضَمَانُ الْمُسْلِمِ قِيمَةَ خَمْرِهِ وَخِنْزِيرِهِ إذَا أَتْلَفَهُ وَوُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَيْهِ إذَا قَتَلَهُ خَطَأً وَوُجُوبُ كَفِّ الْأَذَى عَنْهُ حَتَّى قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ تَحْرُمُ غِيبَتُهُ كَمَا تَحْرُمُ غِيبَةُ الْمُسْلِمِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْجِعَ مَعَهُ بِسِلَاحٍ اشْتَرَاهُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ بَلْ بِاَلَّذِي دَخَلَ بِهِ فَإِنْ بَاعَ سَيْفَهُ وَاشْتَرَى بِهِ قَوْسًا وَنُشَّابًا أَوْ رُمْحًا لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى سَيْفًا أَحْسَنَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ يُمَكَّنُ وَلَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِنَا وَقَفَ مَالَهُ لِوَرَثَتِهِ فَإِذَا قَدِمُوا وَبَرْهَنُوا أَخَذُوهُ وَلَوْ كَانَ الشُّهُودُ أَهْلَ ذِمَّةٍ أَخَذَ مِنْهُمْ كَفِيلًا وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ مَلِكِهِمْ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَتْرُكْ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِمْ) أَيْ لَا يُمَكَّنُ الْمُسْتَأْمَنُ بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لَا يُنْقَضُ لِكَوْنِهِ خَلَفًا عَنْ الْإِسْلَامِ كَيْفَ وَإِنَّ فِيهِ قَطْعَ الْجِزْيَةِ وَجَعْلَ وَلَدِهِ حَرْبًا عَلَيْنَا وَفِيهِ مَضَرَّةٌ بِالْمُسْلِمِينَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ يَقْتَضِي مَنْعَ الذِّمِّيِّ مِنْ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ.
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهِ الْخَرَاجَ) أَيْ فَلَا يُمْكِنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ خَرَاجَ الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ خَرَاجِ الرَّأْسِ فَإِذَا الْتَزَمَهُ صَارَ مُلْتَزَمًا الْمَقَامَ فِي دَارِنَا قُيِّدَ بِوَضْعِهِ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ لَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهَا لِلتِّجَارَةِ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرَّاوِيَةِ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفَسَّرَ فِي الْبِنَايَةِ وَضْعَهُ بِالتَّوْظِيفِ عَلَيْهِ
ــ
[منحة الخالق]
مَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ بِالْعَقْدِ وَالِاسْتِهْلَاكِ أَوْ بِالِاسْتِقْرَاضِ كَذَا فِي السِّرَاجِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ قَصَرَ الْمُدَايَنَةَ عَلَى الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ شَدَّدَ وَمَنْ أَدْخَلَ الْقَرْضَ وَنَحْوَهُ خَفَّفَ وَهُوَ أَوْلَى اهـ
[مُسْلِمَانِ مُسْتَأْمَنَانِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ]
(فَصْلٌ تَأْخِيرُ اسْتِئْمَانِ الْكَافِرِ)(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَيْنًا لَهُمْ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذِهِ الْعِلَّةُ تُنَادِي بِحُرْمَةِ تَمْكِينِهِ سَنَةً بِلَا شَرْطِ وَضْعِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ إنْ هُوَ أَقَامَهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِلَا أَمَانٍ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى وَهُوَ أَنَّهُ يُخْرِجُ كَثِيرٌ مِنْ سُفُنِ أَهْلِ الْحَرْبِ جَمَاعَةً مِنْهُمْ لِلِاسْتِقَاءِ مِنْ الْأَنْهُرِ الَّتِي بِالسَّوَاحِلِ الْإِسْلَامِيَّةِ فَيَقَعُ فِيهِمْ بَعْضٌ مِنَّا فَيَأْخُذُهُمْ
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْمُرَادُ بِوَضْعِهِ إلْزَامُهُ بِهِ وَأَخْذُهُ مِنْهُ عِنْدَ حُلُولِ وَقْتِهِ وَهُوَ بِمُبَاشَرَةِ السَّبَبِ وَهُوَ زِرَاعَتُهَا أَوْ تَعْطِيلُهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهَا إذَا كَانَتْ فِي مِلْكِهِ أَوْ زِرَاعَتِهَا بِالْإِجَارَةِ وَهِيَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ لَا مِنْ الْمَالِكِ فَيَصِيرُ بِهِ ذِمِّيًّا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا يُظَنُّ بِوَضْعِ الْإِمَامِ وَتَوْظِيفِهِ أَنْ يَقُولَ وَظَّفْت عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ الْخَرَاجَ وَنَحْوَهُ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَطُّ لَا يَقُولُهُ بَلْ الْخَرَاجُ مِنْ حِينِ اسْتَقَرَّ وَظِيفَةٌ لِلْأَرْضِ اسْتَمَرَّ عَلَى كُلِّ مَنْ صَارَتْ إلَيْهِ وَاسْتَمَرَّتْ فِي يَدِهِ اهـ.
وَأَطْلَقَ فِي وَضْعِ الْخَرَاجِ فَشَمِلَ جَمِيعَ أَسْبَابِ الْتِزَامِهِ فَلَوْ اسْتَعَارَهَا الْمُسْتَأْمِنُ مِنْ ذِمِّيٍّ صَارَ الْمُسْتَعِيرُ ذِمِّيًّا وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا اشْتَرَى الْمُسْتَأْمِنُ أَرْضَ خَرَاجٍ فَغُصِبَتْ مِنْهُ فَإِنْ زَرَعَهَا الْغَاصِبُ لَا يَصِيرُ الْمُسْتَأْمَنُ ذِمِّيًّا وَإِلَّا فَهُوَ ذِمِّيٌّ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِيرُ ذِمِّيًّا فِي الْوَجْهَيْنِ وَفِي السِّرَاجِ لَوْ زَرَعَ الْحَرْبِيُّ أَرْضَهُ الْخَرَاجِيَّةَ فَأَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ لَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْخَرَاجِ وَفِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا لَزِمَهُ خَرَاجُ الْأَرْضِ فَبَعْدَ ذَلِكَ تَلْزَمُهُ الْجِزْيَةُ لِسَنَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ لِأَنَّهُ يَصِيرُ ذِمِّيًّا بِلُزُومِ الْخَرَاجِ فَتُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ نَكَحَتْ ذِمِّيًّا) يَعْنِي فَلَا تُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ إلَيْهِمْ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْ الْمَقَامَ تَبَعًا لِلزَّوْجِ فَتَكُونُ ذِمِّيَّةً فَيُوضَعُ الْخَرَاجُ عَلَى أَرْضِهَا وَتَقْيِيدُ الزَّوْجِ بِالذِّمِّيِّ لِيُفِيدَ أَنَّهَا تَصِيرُ ذِمِّيَّةً إذَا نَكَحَتْ مُسْلِمًا بِالْأَوْلَى كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَتْ كِتَابِيَّةً كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَأَفَادَ بِإِضَافَةِ النِّكَاحِ إلَيْهَا أَنَّهُ بِمَعْنَى الْعَقْدِ فَتَصِيرُ ذِمِّيَّةً بِمُجَرَّدِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الدُّخُولِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ النِّكَاحَ حَادِثٌ بَعْدَ دُخُولِهَا دَارَنَا وَهُوَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ قَالَ أَوْ صَارَ لَهَا زَوْجٌ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا إذَا دَخَلَ الْمُسْتَأْمَنُ بِامْرَأَتِهِ دَارَنَا ثُمَّ صَارَ الزَّوْجُ ذِمِّيًّا فَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ وَهِيَ كِتَابِيَّةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمَ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ وَلِيَشْمَلَ مَا إذَا تَزَوَّجَ مُسْتَأْمَنٌ مُسْتَأْمَنَةً فِي دَارِنَا ثُمَّ صَارَ الرَّجُلُ ذِمِّيًّا وَلَوْ أَسْلَمَ وَهِيَ كِتَابِيَّةٌ ثُمَّ أَنْكَرَتْ أَصْلَ النِّكَاحِ فَأَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى أَصْلِ النِّكَاحِ أَوْ إقْرَارِهَا بِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَلْتَفِتْ الْقَاضِي إلَى هَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِهَا بِهِ فِي دَارِنَا قُبِلَتْ وَمُنِعَتْ مِنْ اللَّحَاقِ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي كَذَا ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ وَذَكَرَ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَصِيرُ الْمُسْتَأْمَنُ ذِمِّيًّا إذَا نَكَحَ ذِمِّيَّةً لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَيَرْجِعَ إلَى بَلَدِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُلْتَزِمًا الْمُقَامَ وَكَذَا لَوْ دَخَلَا إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَتْ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ طَالَبَتْهُ بِصَدَاقِهَا فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَهُ الرُّجُوعَ حَتَّى يُوَفِّيَهَا مَهْرَهَا وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ اهـ.
وَيُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الدَّيْنِ الْحَادِثِ فِي دَارِنَا الْأُولَى وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا مَنَعَتْهُ لِلْمَهْرِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَفَائِهِ حَتَّى مَضَى حَوْلٌ كَانَ ذِمِّيًّا وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ أَنَّ جُنْدًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ أَوْ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ اسْتَأْمَنُوا وَهُمْ فِي مَعْمَعَةِ الْقِتَالِ فَأَمَّنُوهُمْ وَصَارُوا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَأَرَادُوا أَنْ يَنْصَرِفُوا إلَى مَأْمَنِهِمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُتْرَكُوا وَصَارُوا ذِمَّةً اهـ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهِدَايَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ جَعَلَ الْحَرْبِيَّ بِالتَّزَوُّجِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ خَرَاجَ وَظِيفَةٍ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا بَيَّنَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا وَأَقَامَ حَتَّى زَرَعَهَا فَأُخِذَ مِنْهُ الْخَرَاجُ كَانَ ذِمِّيًّا أَيْضًا وَهَذَا غَلَطٌ بَيِّنٌ فَإِنَّ الْخَرَاجَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْآجِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ وَذَلِكَ جُزْءٌ مِنْ الْخَارِجِ بِمَنْزِلَةِ الْعُشْرِ فَيَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ كَالْعُشْرِ فَأَمَّا خَرَاجُ الْوَظِيفَةِ فَدَارُهُمْ فِي ذِمَّةِ الْآجِرِ تَجِبُ بِاعْتِبَارِ تَمَكُّنُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ اهـ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ أَوْ أَخَّرَ الْكِتَابَ فِي بَابِ مَا يَصِيرُ بِهِ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيًّا فَقَالَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ الْخَرَاجِ فَزَرَعَهَا فَخَرَاجُهَا عَلَى صَاحِبِهَا لَا عَلَى الْمَزَارِعِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ بِإِزَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَنْفَعَةُ فِي الْحَقِيقَةِ حَصَلَتْ لِرَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْبَدَلَ حَصَلَ لَهُ فَلَا يَصِيرُ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيًّا بِالزَّارِعَةِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ خَرَاجُهَا مُقَاسَمَةً بِنِصْفِ الْخَارِجِ فَزَرَعَهَا الْحَرْبِيُّ بِبَذْرِهِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجِبُ خَرَاجُ الْأَرْضِ عَلَى الْمَالِكِ وَعِنْدَ هُمَا عَلَى الْمُزَارِعِ فِي الْخَارِجِ لِأَنَّ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ بِمَنْزِلَةِ الْعُشْرِ وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ الْعُشْرِ فَزَرَعَهَا فَالْعُشْرُ عِنْدَهُ عَلَى الْمَالِكِ وَعِنْدَ هُمَا عَلَى الْمُزَارِعِ فِي الْخَارِجِ اهـ. مُلَخَّصًا.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ لَا مِنْ الْمَالِكِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ أَوْ صَارَ لَهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ صَارَ يُفِيدُ الْحُدُوثَ أَيْضًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمَ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ) أَيْ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَعْرِضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَمَا فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ حَتَّى مَضَى حَوْلٌ كَانَ ذِمِّيًّا) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الْإِمَامِ إلَيْهِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْجَهِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهِدَايَةِ فِي آخَرِ كِتَابِ الطَّلَاقِ) أَيْ قُبَيْلَ بَابِ
فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ذِمِّيًّا فَهُوَ مُنَاقِضٌ لِمَا ذَكَرَهُ هُنَا وَقَدَّمْنَا جَوَابَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهِمْ وَلَهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ دَيْنٌ حَلَّ دَمُهُ) أَيْ فَإِنْ رَجَعَ الْمُسْتَأْمَنُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَقَدْ جَازَ قَتْلُهُ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ أَمَانَهُ بِالْعَوْدِ إلَيْهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِكَوْنِهِ ذِمِّيًّا أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ صَارَ حَرْبِيًّا كَمَا سَيَأْتِي وَجَوَازُ قَتْلِهِ بِعَوْدِهِ لَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَى كَوْنِهِ لَهُ دَيْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ فَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ فَإِنْ أُسِرَ أَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ سَقَطَ دَيْنُهُ وَصَارَتْ وَدِيعَتُهُ فَيْئًا وَإِنْ قُتِلَ وَلَمْ يَظْهَرْ أَوْ مَاتَ فَقَرْضُهُ وَوَدِيعَتُهُ لِوَرَثَتِهِ) بَيَانُ الْحُكْمِ أَمْوَالُهُ الْمَتْرُوكَةُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ أَمَانَهُ بَطَلَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ وَأَمَّا فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الَّتِي فِي دَارِنَا فَبَاقٍ وَلِهَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَالَهُ وَعَلَى وَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ.
وَفِي السِّرَاجِ لَوْ بَعَثَ مَنْ يَأْخُذُ الْوَدِيعَةَ وَالْقَرْضَ وَجَبَ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ فَفِي ثَلَاثَةٍ يَسْقُطُ دَيْنُهُ وَتَصِيرُ وَدِيعَتُهُ غَنِيمَةً الْأَوَّلُ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى الدَّارِ وَيَأْخُذُوهُ، الثَّانِي أَنْ يَظْهَرُوا وَيَقْتُلُوهُ، الثَّالِثُ أَنْ يَأْخُذُوهُ مُسَبَّبًا مِنْ غَيْرِ ظُهُورٍ فَقَوْلُهُ فَإِنْ أُسِرَ بَيَانٌ لِلثَّالِثِ وَقَوْلُهُ أَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِينَ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَقْتُلُوهُ أَوَّلًا لَكِنْ شَامِلٌ لِمَا إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ وَهَرَبَ وَأَنَّ مَالَهُ يَبْقَى لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ فِي الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يَأْخُذُوهُ أَوْ يَقْتُلُوهُ وَإِنَّمَا صَارَتْ وَدِيعَتُهُ غَنِيمَةً لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ تَقْدِيرًا لِأَنَّ يَدَ الْمُودِعِ كَيَدِهِ فَيَصِيرُ فَيْئًا تَبَعًا لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَ الدَّيْنُ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْيَدِ عَلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الْمُطَالَبَةِ وَقَدْ سَقَطَتْ وَيَدُ مَنْ عَلَيْهِ أَسْبَقُ إلَيْهِ مِنْ يَدِ الْعَامَّةِ فَتَخْتَصُّ بِهِ فَيَسْقُطُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ مِنْهُ كَدَيْنِهِ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ وَلَيْسَتْ يَدُ الْغَاصِبِ كَيَدِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ حُكْمُ الرَّهْنِ قَالُوا وَالرَّهْنُ لِلْمُرْتَهِنِ بِدِينِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُبَاعُ وَيُسْتَوْفَى دَيْنُهُ وَالزِّيَادَةُ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فِي حُكْم الْوَدِيعَةِ وَهِيَ فَيْءٌ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَصَارَ مَالُهُ فَيْئًا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَخُصُّ الْوَدِيعَةَ لِأَنَّ مَا عِنْدَ شَرِيكِهِ وَمُضَارِبِهِ وَمَا فِي بَيْتِهِ فِي دَارِنَا كَذَلِكَ وَفِي وَجْهَيْنِ يَبْقَى مَالُهُ عَلَى حَالِهِ فَيَأْخُذُهُ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ وَرَثَتُهُ إنْ مَاتَ الْأَوَّلُ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى الدَّارِ فَيَهْرُبَ الثَّانِي أَنْ يَقْتُلُوهُ وَلَمْ يَظْهَرُوا عَلَى الدَّارِ أَوْ يَمُوتَ لِأَنَّ نَفْسَهُ لَمْ تَصِرْ مَغْنُومَةً فَكَذَلِكَ مَالُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالدَّيْنِ بَدَلَ الْقَرْضِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ سَائِرَ الدُّيُونِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ غَنِيمَةً لَا خُمُسَ فِيهِ وَإِنَّمَا يُصْرَفُ كَمَا يُصْرَفُ الْخَرَاجُ وَالْجِزْيَةُ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ بِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ بِمُبَاشَرَةِ الْغَانِمِينَ وَبِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَدِيعَتُهُ فَيْءٌ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَكُونُ فَيْئًا لِلسَّرِيَّةِ الَّتِي أَسَرَتْ الرَّجُلُ وَيَعْتِقُ مُدَبَّرُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ فِي دَارِنَا وَأُمُّ وَلَدِهِ بِأَسْرِهِ وَفِي الْمُغْرِبِ ظَهَرَ عَلَيْهِ غَلَبَ وَظَهَرَ عَلَى اللِّصِّ غَلَبَ اهـ.
فَيَنْبَغِي ضَبْطُ الْمُخْتَصَرِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ دَيْنٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَدَانَهُ فِي دَارِنَا ثُمَّ رَجَعَ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بَاقٍ لِبَقَاءِ الْمُطَالَبَةِ وَيَنْبَغِي أَوْ يُوَفِّي مِنْ مَالِهِ الْمَتْرُوكِ وَلَوْ صَارَتْ وَدِيعَتُهُ فَيْئًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَنَا حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَلَهُ زَوْجَةٌ ثُمَّ وَوَلَدٌ وَمَالٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ هُنَا ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَالْكُلُّ فَيْءٌ) بَيَانٌ لِحُكْمِ مَا تَرَكَهُ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ صَارَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا إمَّا بِإِسْلَامِهِ أَوْ بِصَيْرُورَتِهِ ذِمِّيًّا فَتَقْيِيدُهُ بِإِسْلَامِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ لِيُفْهَمَ مِنْهُ حُكْمُ الْآخَرِ بِالْأُولَى أَمَّا الْمَرْأَةُ وَأَوْلَادُهُ الْكِبَارُ فَلِأَنَّهُمْ حَرْبِيُّونَ كِبَارٌ وَلَيْسُوا بِأَتْبَاعٍ وَكَذَلِكَ مَا فِي بَطْنِهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا لَمَا قُلْنَا أَنَّهُ جُزْؤُهَا وَأَمَّا أَوْلَادُهُ الصِّغَارُ فَلِأَنَّ الصَّغِيرَ إنَّمَا يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي الْإِسْلَامِ عِنْدَ اتِّحَادِ الدَّارِ وَمَعَ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ لَا يَتَحَقَّقُ وَلِذَا أَطْلَقَ فِي الْوَلَدِ لِيَشْمَلَ الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَالْجَنِينَ وَلَوْ سُبِيَ الصَّبِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَصَارَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ إخْرَاجِهِ وَهُوَ فَيْءٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا أَمْوَالُهُ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ مُحْرَزَةً
ــ
[منحة الخالق]
النَّفَقَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا تُسَافِرُ مُطَلَّقَةٌ بِوَلَدِهَا وَقَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا جَوَابَهُ لَمْ أَرَ لَهُ جَوَابًا هُنَاكَ نَعَمْ قَالَ فِي النَّهْرِ هُنَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَجَدْت بِخَطِّ شَيْخِي لَيْسَ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي قُوبِلَتْ مَعَ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقَعَ سَهْوًا اهـ.
يَعْنِي: مِنْ الْكَاتِبِ وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ أَيْسَرُ الْأَجْوِبَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَقْدِيمَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يُؤْذِنُ بِتَرْجِيحِهِ وَهَذَا لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ إنَّمَا كَانَتْ فَيْئًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا فِي يَدِهِ حُكْمًا وَلَا كَذَلِكَ الرَّهْنُ اهـ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَقُولُ: لَمَّا كَانَ الزَّائِدُ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ كَانَ فِي يَدِهِ حُكْمًا فَالْحَقُّ مَا فِي الْبَحْرِ وَأَمَّا حَدِيثُ التَّرْجِيحِ بِتَقْدِيمِ الْقَوْلِ فَلَيْسَ بِمُطَّرِدٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَتَبَّعَ اهـ.
وَنَحْوُهُ فِي حَوَاشِي أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ