الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَاعْتُبِرَ الْإِسْقَاطُ مَقْصُودًا فِيهِ دُونَ دَمِ الْإِحْصَارِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَنَقَلَ الْوَلْوَالِجِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا وَإِنْ عَلِمَ بِأَدَاءِ الْمَالِكِ وَنَصَّ فِي زِيَادَاتِ الْعَتَّابِيِّ أَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُ عَلِمَ بِأَدَائِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
[أَذِنَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِشِرَاءِ أَمَةٍ لِيَطَأَ فَفَعَلَ]
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَذِنَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِشِرَاءِ أَمَةٍ لِيَطَأَ فَفَعَلَ فَهِيَ لَهُ بِلَا شَيْءٍ) أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَالَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى دَيْنًا عَلَيْهِ خَاصَّةً مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ بِنَصِيبِهِ كَمَا فِي شِرَاءِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَقَعَ لَهُ خَاصَّةً وَالثَّمَنَ بِمُقَابَلَةِ الْمِلْكِ وَلَهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ دَخَلَتْ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الْبَتَاتِ جَرْيًا عَلَى مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ إذْ هُمَا لَا يَمْلِكَانِ تَغْيِيرَهُ فَأَشْبَهَ حَالَ عَدَمِ الْإِذْنِ، غَيْرَ أَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ هِبَةَ نَصِيبِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمِلْكِ وَلَا وَجْهَ إلَى إثْبَاتِهِ بِالْبَيْعِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ فَأَثْبَتْنَاهُ بِالْهِبَةِ الثَّانِيَةِ فِي ضِمْنِ الْإِذْنِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى عَنْهَا لِلضَّرُورَةِ فَيَقَعُ الْمِلْكُ لَهُ خَاصَّةً بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَكَانَ مُؤَدِّيًا دَيْنًا عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا قَضَى دَيْنًا عَلَيْهِمَا وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَجَبَ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ، وَالْمُفَاوَضَةُ تَضَمَّنَتْ الْكَفَالَةَ فَصَارَ كَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةُ قَيْدٌ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ بِلَا إذْنٍ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّ السُّكُوتَ عِنْدَ الِاسْتِئْذَانِ لَا يَكُونُ إذْنًا فَلَا يَكُونُ لَهُ خَاصَّةً، وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُكُوتِ الْمُوَكِّلِ.
[كِتَابُ الْوَقْفِ]
[شَرَائِطُ الْوَقْف]
(كِتَابُ الْوَقْفِ) .
مُنَاسَبَتُهُ لِلشَّرِكَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْتِفَاعُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ وَلَهُ مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَشَرْعِيٌّ وَسَبَبٌ وَمَحَلٌّ وَشَرَائِطُ وَرُكْنٌ وَأَحْكَامٌ وَمَحَاسِنُ وَصِفَةٌ فَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَقَفَ الدَّارَ حَبَسَهُ كَأَوْقَفَهُ وَهَذِهِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. اهـ.
وَأَمَّا مَعْنَاهُ شَرْعًا فَمَا أَفَادَهُ (قَوْلُهُ حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَنْفَعَةِ) يَعْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَعِنْدَهُمَا هُوَ حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى وَزَادَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ صَرْفُ مَنْفَعَتِهَا عَلَى مَنْ أَحَبَّ قَالَ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ لِمَنْ يُحِبُّ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ بِلَا قَصْدِ الْقُرْبَةِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فِي آخِرِهِ مِنْ الْقُرْبَةِ كَشَرْطِ التَّأْبِيدِ وَهُوَ بِذَلِكَ كَالْفُقَرَاءِ وَمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ لَكِنَّهُ يَكُونُ وَقْفًا قَبْلَ انْقِرَاضِ الْأَغْنِيَاءِ بِلَا تَصَدُّقٍ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْغَنِيِّ تَصَدُّقٌ بِالْمَنْفَعَةِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ كَمَا تَكُونُ عَلَى الْفُقَرَاءِ تَكُونُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَإِنْ كَانَ التَّصَدُّقُ عَلَى الْغَنِيِّ مَجَازًا عَنْ الْهِبَةِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَصَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّ فِي التَّصَدُّقِ عَلَى الْغَنِيِّ نَوْعَ قُرْبَةٍ دُونَ قُرْبَةِ الْفَقِيرِ وَعَرَّفَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّهُ حَبْسُ الْمَمْلُوكِ عَنْ التَّمْلِيكِ مِنْ الْغَيْرِ وَسَبَبُهُ إرَادَةُ مَحْبُوبِ النَّفْسِ فِي الدُّنْيَا بِبِرِّ الْأَحْبَابِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالتَّقَرُّبِ إلَى رَبِّ الْأَرْبَابِ جَلَّ وَعَزَّ وَمَحَلُّهُ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ وَشَرَائِطُهُ أَهْلِيَّةُ الْوَاقِفِ لِلتَّبَرُّعِ مِنْ كَوْنِهِ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا وَأَنْ يَكُونَ مُنْجَزًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ فَإِنَّهُ مِمَّا لَا يَصْلُحُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ وَلَدِي فَدَارِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَاءَ وَلَدُهُ لَا تَصِيرُ وَقْفًا وَذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْوَقْفُ فِيمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فِي رِوَايَةٍ فَأَشَارَ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِصِحَّةِ إضَافَتِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَتَعْلِيقُ الْوَقْفِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ أَوْ قَالَ إذَا مَلَكْتُ هَذِهِ الْأَرْضَ فَهِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالْوَقْفُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالْخَطَرِ لِأَنَّهُ لَا يُحْلَفُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْهِبَةِ بِخِلَافِ النَّذْرِ لِأَنَّهُ يُحْلَفُ بِهِ وَيَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ اهـ.
فَإِذَا جَاءَ غَدٌ تَعْلِيقٌ وَوَقَفْتُهُ غَدًا إضَافَةٌ وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ وَفِي لُبِّ الْأُصُولِ وَلَوْ قَالَ وَقَفْتُهُ إنْ شِئْتُ ثُمَّ قَالَ شِئْتُ كَانَ بَاطِلًا لِلتَّعْلِيقِ
ــ
[منحة الخالق]
(كِتَابُ الْوَقْفِ) .
أَمَّا لَوْ قَالَ شِئْتُ وَجَعَلْتُهَا صَدَقَةً صَحَّ هَذَا الْكَلَامُ الْمُتَّصِلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ فِي مِلْكِي فَهِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فَظَهَرَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ التَّكَلُّمِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى أَمْرٍ كَائِنٍ وَهُوَ تَنْجِيزٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَسَيَأْتِي تَعْلِيقُهُ بِالْمَوْتِ.
الْخَامِسُ مِنْ شَرَائِطِهِ الْمِلْكُ وَقْتَ الْوَقْفِ حَتَّى لَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَوَقَفَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكِهَا وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ أَوْ صَالَحَ عَلَى مَالٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ لَا تَكُونُ وَقْفًا لِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَهَا بَعْدَ أَنْ وَقَفَهَا هَذَا عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْوَاقِفُ أَمَّا لَوْ وَقَفَ ضَيْعَةَ غَيْرِهِ عَلَى جِهَاتٍ فَبَلَغَ الْغَيْرَ فَأَجَازَهُ جَازَ بِشَرْطِ الْحُكْمِ وَالتَّسْلِيمِ أَوْ عَدَمِهِ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي سَنَذْكُرُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِجَوَازِ وَقْفِ الْفُضُولِيِّ فَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْوَقْفُ بَطَلَ وَكَذَا لَوْ جَاءَ شَفِيعُهَا بَعْدَ وَقْفِ الْمُشْتَرِي وَكَذَا لَوْ وَقَفَ الْمَرِيضُ الْمَدْيُونُ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيَنْقُضُ الْوَقْفُ وَلَوْ وَقَفَ الْمَبِيعَ فَاسِدًا بَعْدَ الْقَبْضِ صَحَّ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِلْبَائِعِ وَكَذَا لَوْ اتَّخَذَهَا مَسْجِدًا وَكَذَا لَوْ جَعَلَهَا مَسْجِدًا وَجَاءَ شَفِيعُهَا نَقَضَ الْمَسْجِدِيَّةَ وَلَوْ وَقَفَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ نَقَدَ الثَّمَنَ جَازَ الْوَقْفُ وَإِلَّا فَهُوَ مَوْقُوفٌ وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَوَقَفَهَا ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّهَا وَأَجَازَ الْبَيْعَ بَطَلَ الْوَقْفُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ ضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَائِعَ جَازَ الْوَقْفُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْكُلُّ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ وُهِبَتْ لَهُ أَرْضٌ هِبَةً فَاسِدَةً فَقَبَضَهَا ثُمَّ وَقَفَهَا صَحَّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا.
وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَوَقَفَهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ بَدَلًا لِعَدَمِ دُخُولِ نُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْإِسْعَافِ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ فِيهَا فَوَقَفَهَا ثُمَّ أَجَازَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ لَمْ يَجُزْ الْوَقْفُ. اهـ.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمِلْكِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُ الْإِقْطَاعَاتِ إلَّا إذَا كَانَ الْأَرْضُ مَوَاتًا فَأَقْطَعَهَا الْإِمَامُ رَجُلًا أَوْ كَانَتْ مِلْكًا لِلْإِمَامِ فَأَقْطَعَهَا رَجُلًا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُ أَرْضِ الْحَوْزِ لِلْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لَهَا زَادَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا لِمَالِكِهَا قَالَ وَتَفْسِيرُ أَرْضِ الْحَوْزِ أَرْضٌ عَجَزَ صَاحِبُهَا عَنْ زِرَاعَتِهَا وَأَدَاءِ خَرَاجِهَا فَدَفَعَهَا إلَى الْإِمَامِ لِتَكُونَ مَنَافِعُهَا جَبْرًا لِلْخَرَاجِ. اهـ.
وَتَمَامُهُ فِي الْخَصَّافِ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ قَبَضَ بَعْدُ هُوَ الْمُوصَى لَهُ كَذَلِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ
السَّادِسُ عَدَمُ الْجَهَالَةِ فَلَوْ وَقَفَ مِنْ أَرْضِهِ شَيْئًا وَلَمْ يُسَمِّهِ كَانَ بَاطِلًا لِأَنَّ الشَّيْءَ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَلَوْ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ رُبَّمَا يُبَيِّنُ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يُوقَفُ عَادَةً فَلَوْ وَقَفَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يُسَمِّ السِّهَامَ جَازَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ وَقَفَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضَ وَبَيَّنَ وَجْهَ الصَّرْفِ كَانَ بَاطِلًا لِمَكَانِ الْجَهَالَةِ.
وَلَوْ قَالَ جَعَلْتُ نَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَقْفًا وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الدَّارِ فَإِذَا هِيَ النِّصْفُ كَانَ الْكُلُّ وَقْفًا وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ
السَّابِعُ عَدَمُ الْحَجْرِ عَلَى الْوَاقِفِ لِسَفَهٍ أَوْ دَيْنٍ كَذَا أَطْلَقَهُ الْخَصَّافُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا وَقَفَهَا فِي الْحَجْرِ لِلسَّفَهِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ أَنْ يَصِحَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَعِنْدَ الْكُلِّ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْوَقْفَ تَبَرُّعٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ
الثَّامِنُ أَنْ لَا يَذْكُرَ مَعَ الْوَقْفِ اشْتِرَاطَ بَيْعِهِ فَلَوْ وَقَفَ بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَصْرِفَ ثَمَنَهَا إلَى حَاجَتِهِ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ فِي الْمُخْتَارِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُ هِلَالٍ وَالْخَصَّافِ وَجَوَّزَهُ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ إلْحَاقًا لِلْوَقْفِ بِالْعِتْقِ.
وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الِاسْتِبْدَالِ فَلَا يُبْطِلُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ
التَّاسِعُ أَنْ لَا يَلْحَقَ بِهِ خِيَارُ شَرْطٍ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَعِنْدَ الْكُلِّ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ) فِيهِ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ لَا يَنْفُذُ عِنْدَهُ بَلْ عِنْدَهُمَا فَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ لَا يَنْحَجِرُ وَيَبْقَى تَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ وَبَعْدَهُ سَوَاءً وَلَيْسَ الْحَجْرُ بِحُكْمٍ عِنْدَهُ بَلْ هُوَ فَتْوَى وَهِيَ لَا تَرْفَعُ الْخِلَافَ وَعِنْدَهُمَا تَصَرُّفُهُ غَيْرُ نَافِذٍ فَلِهَذَا لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَقْفَ عِنْدَهُ لَا يَلْزَمُ وَحِينَئِذٍ فَصِحَّتُهُ بِالْحُكْمِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ عِنْدَ الْكُلِّ فَإِنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْحُكْمَ بِنَفَاذِ تَصَرُّفِ الْمَحْجُورِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِالْعَكْسِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ مُرَكَّبًا مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ الطَّرَسُوسِيُّ حِينَ وَقَفَ عَلَى وَقْفِيَّةٍ سُطِّرَ فِيهَا حُكْمٌ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِلسَّفَهِ ثُمَّ قَالَ وَلَكِنْ رَأَيْت فِي الْمُنْيَةِ مِثْلَ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ مَذْهَبَيْنِ حَيْثُ قَالَ لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْفُسَّاقِ عَلَى غَائِبٍ أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي النِّكَاحِ عَلَى غَائِبٍ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَإِنْ كَانَ مَنْ يُجَوِّزُ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ يَقُولُ لَيْسَ لِلْفَاسِقِ شَهَادَةٌ وَلَا لِلنِّسَاءِ فِي بَابِ النِّكَاحِ شَهَادَةٌ اهـ.
فَقَدْ جَعَلَ الْحُكْمَ وَإِنْ كَانَ مُرَكَّبًا مِنْ مَذْهَبَيْنِ جَائِزًا فَكَذَا نَقُولُ هُنَا وَإِنْ كَانَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَحْجُورِ نَافِذٌ لَا يَقُولُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَمَنْ قَالَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ يَقُولُ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ الْحَجْرِ غَيْرُ نَافِذٍ فَانْدَفَعَ الْإِشْكَالُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْوَقْفَ تَبَرُّعٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ أَهْلِيَّتِهِ لِلتَّبَرُّعِ يَعْنِي عَلَى غَيْرِهِ لَا عَلَى نَفْسِهِ كَمَا هُنَا وَاسْتِحْقَاقُ الْغَيْرِ لَهُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ وَقَفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي عَلَى وَلَدِهِ صَحَّ عِنْدَ الْبَلْخِيّ خِلَافًا