الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَحُكْمِ نَفَقَةِ اللُّقَطَةِ؛ لِأَنَّهُ لُقَطَةٌ حَقِيقَةً فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْآخِذُ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ مُتَبَرِّعًا وَبِإِذْنِهِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِشَرْطِ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ لِلنَّفَقَةِ الدَّيْنِ فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَجِئْ صَاحِبُهُ بَاعَهُ الْقَاضِي وَحَفِظَ ثَمَنَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَأَسْلَفْنَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُؤَجِّرُهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ وَأَنَّهُ يَحْبِسُهُ تَعْزِيرًا لَهُ بِخِلَافِ الضَّالِّ وَقَدَّرَ التَّتَارْخَانِيَّة مُدَّةَ حَبْسِهِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ يَبِيعُهُ بَعْدَهَا قَالَ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مُدَّةَ الْحَبْسِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ بَيْعِ الْآبِقِ وَهِبَتِهِ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَإِعْتَاقُهُ جَائِزٌ، وَلَوْ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ بِسَرِقَةٍ تَثْبُتُ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْضُرَ مَوْلَاهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَإِنْ أَجَّرَهُ رَجُلٌ فَالْأَجْرُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْمَوْلَى كَانَ لَهُ حَلَالًا اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ
[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]
(كِتَابُ الْمَفْقُودِ) مِنْ فَقَدَهُ يَفْقِدُهُ فَقْدًا وَفِقْدَانًا وَفَقْدًا عَدِمَهُ فَهُوَ فَقِيدٌ وَمَفْقُودٌ كَذَا فِي الْقَامُوسِ.
قَوْلُهُ (وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَهُ) يَعْنِي لَمْ تُدْرَ حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ فَالْمَدَارُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْجَهْلِ بِحَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ لَا عَلَى الْجَهْلِ بِمَكَانِهِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا مِنْهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ الْمُسْلِمَ الَّذِي أَسَرَهُ الْعَدُوُّ وَلَا يُدْرَى أَحَيٌّ أَمْ مَيِّتٌ مَعَ أَنَّ مَكَانَهُ مَعْلُومٌ وَهُوَ دَارُ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَرَفَ أَنَّهُ فِي بَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ أَوْ لَا وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّ لَهُ حُكْمَيْنِ حُكْمًا فِي الْحَالِ وَحُكْمًا فِي الْمَآلِ، فَالْأَصْلُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ حَيٌّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى لَا يُورَثَ عَنْهُ مَالُهُ وَلَا تَتَزَوَّجَ نِسَاؤُهُ وَمَيِّتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى لَا يَرِثَ مِنْ أَحَدٍ وَلَا يُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ يَبْلُغُ سِنًا سَيُبَيِّنُهُ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا الْحُكْمُ الْمَآلِيُّ فَهُوَ الْحُكْمُ بِمَوْتِهِ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ
(قَوْلُهُ: فَيَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ وَيَحْفَظُ مَالَهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْقَاضِيَ نُصِبَ نَاظِرًا لِكُلِّ عَاجِزٍ عَنْ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ وَالْمَفْقُودُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَصَارَ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَفِي نَصْبِ الْحَافِظِ لِمَالِهِ وَالْقَائِمِ عَلَيْهِ نَظَرٌ لَهُ لَكِنْ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَلَوْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ، ثُمَّ فُقِدَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْصِبَ الْقَاضِي وَكِيلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِفَقْدِ مُوَكِّلِهِ إذَا كَانَ وَكِيلًا فِي الْحِفْظِ لِمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالتَّجْنِيسِ رَجُلٌ غَابَ وَجَعَلَ دَارِهِ فِي يَدِ رَجُلٍ لِيَعْمُرَهَا أَوْ دَفَعَ مَالَهُ لِيَحْفَظَهُ وَفُقِدَ الدَّافِعُ فَلَهُ أَنْ يَحْفَظَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمُرَ الدَّارَ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ مَاتَ وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ وَصِيًّا اهـ.
أَطْلَقَ الْحَقَّ فَشَمِلَ الْأَعْيَانَ وَالدُّيُونَ مِنْ الْغَلَّاتِ وَغَيْرِهَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ أَوْ عِنْدَ أُمَنَائِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَقْبِضُ غَلَّاتِهِ وَالدُّيُونَ الْمُقَرَّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ فَيُخَاصِمُ فِي دَيْنٍ وَجَبَ بِعَقْدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي حُقُوقِهِ وَلَا يُخَاصِمُ فِي الَّذِي تَوَلَّاهُ الْمَفْقُودُ وَلَا فِي نَصِيبٍ لَهُ فِي عَقَارٍ أَوْ فِي عُرُوضٍ فِي يَدِ رَجُلٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ وَكِيلٌ فِي الْقَبْضِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ بِلَا خِلَافٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ فِي الدَّيْنِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ تَضَمَّنَ الْحُكْمَ بِهِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا رَدَّهُ الْقَاضِي وَقَضَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُجْتَهَدَ فِيهِ نَفْسُ الْقَضَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّفَ نَفَاذُهُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاضِي مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ أُجِيبُ بِأَنَّ الْمُجْتَهَدَ فِيهِ سَبَبُ الْقَضَاءِ وَهُوَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ هَلْ تَكُونُ حُجَّةً مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ حَاضِرٍ أَوْ لَا فَإِذَا رَآهَا الْقَاضِي حُجَّةً وَقَضَى بِهَا نَفَذَ قَضَاؤُهُ كَمَا لَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ الِاخْتِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ وَإِلَّا لَمْ يُتَصَوَّرْ الِاخْتِلَافُ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا بِتَنْفِيذِ قَاضٍ آخَرَ وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ إنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ إلَّا بِتَنْفِيذِ قَاضٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ
ــ
[منحة الخالق]
(كِتَابُ الْمَفْقُودِ)
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِفَقْدِ مُوَكِّلِهِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ دُيُونِهِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا غُرَمَاؤُهُ وَلَا غَلَّاتِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ إلَى النَّصْبِ وَكَانَ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إطْلَاقِهِمْ نَصَّ الْوَكِيلِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (قَوْلُهُ: تَضَمَّنَ الْحُكْمَ بِهِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ) قَالَ فِي الْحَوَاشِي السُّغْدِيَّةِ فِيهِ شَيْءٌ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ قَضَاءً لِلْغَائِبِ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَا نَصُّهُ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ مِنْ شَرْحِ الْأَتْقَانِيِّ وَأَحَالَ عَلَى الْمُخْتَلِفِ أَنَّهُ قِيلَ يَجُوزُ الْقَضَاءُ لِلْغَائِبِ عِنْدَهُمَا وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ
وَتَبِعَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ هُنَاكَ لَكِنْ ذُكِرَ هُنَا عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى النَّفَاذِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي نَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ رِوَايَتَيْنِ فَصَحَّحُوا فِي بَابِ الْمَفْقُودِ رِوَايَةَ النَّفَاذِ وَفِي كِتَابِ الْقَضَاءِ رِوَايَةَ عَدَمِهِ لَكِنْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعَصْرِ فِي الْمُرَادِ بِالْقَاضِي عَلَى الْغَائِبِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْأَعَمُّ مِنْ الْحَنَفِيِّ وَغَيْرِهِ أَوْ الْمُرَادُ غَيْرُ الْحَنَفِيِّ، وَمَنْشَؤُهُ فَهْمُ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا هُنَا حَيْثُ قَالُوا إذَا رَآهُ الْقَاضِي نَفَذَ هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ رَأْيٌ لَهُ وَاعْتِقَادٌ فَيَخْرُجُ الْحَنَفِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ الْمُرَادُ إذَا رَآهُ الْقَاضِي مَصْلَحَةً فَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ إلَّا إذَا رَآهُ الْقَاضِي أَيْ جَعَلَ ذَلِكَ رَأْيًا لَهُ وَحَكَمَ بِهِ، وَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَيْ رَأَى الْقَاضِي الْمَصْلَحَةَ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ لَهُ اهـ.
وَقَالَ الشَّارِحُونَ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ فِي تَوْجِيهِ الْجَوَابِ عَمَّا أَوْرَدَ أَنَّ الْمُجْتَهَدَ فِيهِ نَفْسُ الْقَضَاءِ رَآهَا الْقَاضِي حُجَّةً وَقَضَى بِهَا نَفَذَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْعِنَايَةِ الْمُقْتَضِي لِتَخْصِيصِ الْقَاضِي بِغَيْرِ الْحَنَفِيِّ وَمِنْ الْعَجَبِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى نَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ لَوْ فَعَلَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَقْضِي وَيَنْصِبُ وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ أَمْ لَا وَسَتَزْدَادُ وُضُوحًا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ فِيمَا لَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى الْمَفْقُودِ دَيْنًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ شَرِكَةً فِي عَقَارٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ رَدًّا بِعَيْبٍ أَوْ مُطَالَبَةً لِاسْتِحْقَاقٍ لِعَدَمِ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ مَنْصُوبَ الْقَاضِي لَيْسَ بِخَصْمٍ، وَكَذَا وَرَثَتُهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَفِي الْهِدَايَةِ، ثُمَّ مَا كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ يَبِيعُهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ حِفْظُ صُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ فَيَنْظُرُ لَهُ بِحِفْظِ الْمَعْنَى وَلَا يَبِيعُ مَا لَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ فِي نَفَقَةٍ وَلَا غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا فِي حِفْظِ مَالِهِ فَلَا يَسُوغُ لَهُ تَرْكُ حِفْظِ الصُّورَةِ وَهُوَ مُمْكِنٌ
قَوْلُهُ (: وَيُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ وِلَادٌ أَوْ زَوْجَتُهُ) يَعْنِي مِنْ مَالِ الْمَفْقُودِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فِي مَالِهِ حَالَ حَضْرَتِهِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فِي غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ حِينَئِذٍ يَكُونُ إعَانَةً وَكُلُّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا فِي حَضْرَتِهِ إلَّا بِالْقَضَاءِ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فِي غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ تَجِبُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ مُمْتَنِعٌ فَمِنْ الْأَوَّلِ الْأَوْلَادُ الصِّغَارُ وَالْإِنَاثُ مِنْ الْكِبَارِ وَأَلْزَمَنِّي مِنْ الذُّكُورِ الْكِبَارُ وَمِنْ الثَّانِي الْأَخُ وَالْأُخْتُ وَالْخَالُ وَالْخَالَةُ وَكُلُّ مَحْرَمٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي النَّفَقَاتِ، أَطْلَقَ فِي الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْمَلْبُوسِ وَالْمَطْعُومِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي مَالِهِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ وَهِيَ النَّقْدَانِ وَالتِّبْرُ بِمَنْزِلَتِهِمَا فِي هَذَا الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ قِيمَةً كَالْمَضْرُوبِ وَتَقَدَّمَ فِي النَّفَقَاتِ اسْتِثْنَاءُ الْأَبِ فَإِنَّ لَهُ بَيْعَ الْعُرُوضِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُبَاعُ فِي النَّفَقَةِ مَا سِوَى الْعَقَارِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِفَقْرِهِمْ لِمَا عُلِمَ فِي النَّفَقَاتِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ إلَّا الزَّوْجَةَ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ تَحْتَ يَدِهِ الْمَالُ لِمَا قَدَّمَهُ فِي النَّفَقَاتِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ وَدِيعَةً أَوْ دَيْنًا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمَا إذَا كَانَ الْمُودَعُ وَالْمَدْيُونُ مُقِرَّيْنِ بِالدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالنِّكَاحِ وَالنَّسَبِ.
وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُونَا ظَاهِرَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَا ظَاهِرَيْنِ لَا حَاجَةَ إلَى الْإِقْرَارِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ظَاهِرًا الْوَدِيعَةُ وَالدَّيْنُ أَوْ النِّكَاحُ وَالنَّسَبُ يُشْتَرَطُ الْإِقْرَارُ بِمَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ دَفَعَ الْمُودَعُ بِنَفْسِهِ أَوْ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي يَضْمَنُ الْمُودَعُ وَلَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ؛ لِأَنَّهُ مَا أَدَّى إلَى صَاحِبِ الْحَقِّ وَلَا إلَى نَائِبِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ بِأَمْرِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نَائِبٌ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُودَعُ وَالْمَدْيُونُ جَاحِدَيْنِ أَصْلًا أَوْ كَانَا جَاحِدَيْنِ الزَّوْجِيَّةَ وَالنَّسَبَ لَمْ يَنْتَصِبْ أَحَدٌ مِنْ مُسْتَحَقِّي النَّفَقَةِ خَصْمًا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَدَّعِيهِ لِلْغَائِبِ لَمْ يَتَعَيَّنْ سَبَبًا لِثُبُوتِ حَقِّهِ وَهُوَ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهَا كَمَا تَجِبُ فِي هَذَا الْمَالِ تَجِبُ فِي مَالٍ آخَرَ لِلْمَفْقُودِ، وَأَمَّا إذَا نَصَبَ الْقَاضِي مَنْ يُخَاصِمُ فِي ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَخْذَ الْكَفِيلِ مِنْهُمْ لِمَا قَدَّمَهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ كَفِيلًا.
(قَوْلُهُ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .