الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اخْتِلَافًا إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْقُوفًا عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي وُقِفَتْ الْأَرْضُ عَلَيْهَا لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا كَانَ أَصْلُ الْبُقْعَةِ وَقْفًا عَلَى جِهَةِ قُرْبَةٍ فَبَنَى عَلَيْهَا بِنَاءً وَوَقَفَهُ عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى اخْتَلَفُوا فِيهِ وَأَمَّا إذَا وَقَفَهُ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي كَانَتْ الْبُقْعَةُ وَقْفًا عَلَيْهَا جَازَ اتِّفَاقًا تَبَعًا لِلْبُقْعَةِ. اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَقَفَ الْبِنَاءَ مِنْ غَيْرِ وَقْفِ الْأَصْلِ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ وَقْفُهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ وَإِذَا كَانَ أَصْلُ الْبُقْعَةِ مَوْقُوفًا عَلَى جِهَةِ قُرْبَةٍ فَبَنَى عَلَيْهَا بِنَاءً وَوَقَفَ بِنَاءَهَا عَلَى جِهَةِ قُرْبَةٍ أُخْرَى اخْتَلَفُوا فِيهِ اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الْجَوَازِ مُطْلَقًا وَقَدْ نَقَلْنَا الِاتِّفَاقَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا وَوَقَفَ الْبِنَاءَ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ فَبَقِيَ مَا عَدَا هَذِهِ الصُّورَةَ دَاخِلًا تَحْتَ الصَّحِيحِ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى وَقَصَرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ وَاسْتَخْرَجَ الطَّرَسُوسِيُّ جَوَازَ وَقْفِ بِنَاءٍ وَضَعَهُ صَاحِبُهُ عَلَى أَرْضِ وَقْفٍ اسْتَأْجَرَهَا وَلَوْ كَانَ عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى وَكَذَا لَوْ بَنَى فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مَسْجِدًا وَوَقَفَهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يَجُوزُ قَالَ وَإِذَا جَازَ فَعَلَى مَنْ يَكُونُ حِكْرُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَا دَامَتْ الْمُدَّةُ بَاقِيَةً فَإِذَا انْقَضَتْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ الْمَالِ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ
وَقَفَ الْبِنَاءَ بِدُونِ الْأَرْضِ
لَمْ يُجَوِّزْهُ هِلَالٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَمَلُ أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ عَلَى خِلَافِهِ. اهـ.
وَفِي الْمُجْتَبَى لَا يَجُوزُ وَقْفُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. اهـ.
وَفِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ سُئِلَ هَلْ يَجُوزُ وَقْفُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ دُونَ الْأَرْضِ أَجَابَ الْفَتْوَى عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ. اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ يُفْتَى بِرِوَايَةِ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الْبِنَاءِ إذَا كَانَ مُنْتَفَعًا بِهِ كَالْجُدْرَانِ مَعَ السَّقْفِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالْبِنَاءِ وَحْدَهُ اهـ.
وَأَمَّا الْحَكْرُ فَقَالَ الْمَقْرِيزِيُّ فِي الْخُطَطِ أَنَّ أَصْلَهُ الْمَنْعُ فَقَوْلُ أَهْلِ مِصْرَ حَكَرَ فُلَانٌ يَعْنُونَ بِهِ مَنَعَ غَيْرَهُ مِنْ الْبِنَاءِ اهـ.
الثَّانِيَةُ: وَقْفُ الشَّجَرِ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا غَرَسَ شَجَرَةً وَوَقَفَهَا إنْ غَرَسَهَا فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَوْقُوفَةٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقِفَهَا بِمَوْضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ أَوْ لَا فَإِنْ وَقَفَهَا بِمَوْضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ صَحَّ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِحُكْمِ الِاتِّصَالِ وَإِنْ وَقَفَهَا دُونَ أَصْلِهَا لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ فَوَقَفَهَا عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ جَازَ كَمَا فِي الْبِنَاءِ وَإِنْ وَقَفَهَا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَعَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا. اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ غَرَسَ فِي الْمَسْجِدِ يَكُونُ لِلْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ بِالْمَسْجِدِ وَكَذَا لَوْ بَنَى فِي أَرْضِ الْوَقْفِ أَوْ نَصَبَ فِيهَا بَابًا فَإِنْ نَوَى عِنْدَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ بَنَى لِلْوَقْفِ يَصِيرُ وَقْفًا لِأَنَّهُ جَعَلَهُ وَقْفًا وَوَقْفُ الْبِنَاءِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ لَا يَصِيرُ وَقْفًا لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ وَقْفًا وَلَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الرِّبَاطِ يُنْظَرُ إنْ تَوَلَّى الْغَارِسُ تَعَاهُدَ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ فَالْأَشْجَارُ لِلْوَقْفِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ التَّعَاهُدِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ فَهِيَ لِلْغَارِسِ وَعَلَيْهِ قَلْعُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ وَلَوْ غَرَسَ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ أَوْ عَلَى شَطِّ نَهْرِ الْعَامَّةِ أَوْ عَلَى شَطِّ حَوْضِ الْقَرْيَةِ فَالشَّجَرَةُ لِلْغَارِسِ وَلَهُ قَلْعُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْعَامَّةِ. اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ غَرَسَ الْوَاقِفُ لِلْأَرْضِ شَجَرًا فِيهَا قَالُوا إنْ غَرَسَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَكِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ غَرَسَ لِلْوَقْفِ يَكُونُ لِلْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وَقَدْ غَرَسَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَكُونُ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَا يَكُونُ وَقْفًا وَإِذَا صَحَّ وَقْفُ الشَّجَرَةِ تَبَعًا لِأَصْلِهَا فَإِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِأَوْرَاقِهَا وَأَثْمَارِهَا فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ أَصْلُهَا إلَّا أَنْ تَفْسُدَ أَغْصَانُهَا وَلَوْ كَانَ لَا يَنْتَفِعُ بِأَوْرَاقِهَا وَلَا بِأَثْمَارِهَا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَيُتَصَدَّقُ بِهَا مَسْجِدٌ فِيهِ شَجَرَةُ التُّفَّاحِ
ــ
[منحة الخالق]
[وَقْفُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ]
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الصَّحِيحَ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ هُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الْجَوَازِ مُطْلَقًا أَيْ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ سِوَى مَسْأَلَةِ الِاتِّفَاقِ فَصَارَ تَصْحِيحُ عَدَمِ الْجَوَازِ مَقْصُورًا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى وَقَصَرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ عَلَى الْأَرْضِ الْمِلْكِ فَقَطْ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ بَنَى فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مَسْجِدًا إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَوَائِلِ فَصْلِ الْمَسْجِدِ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ أَرْضِهِ مَمْلُوكَةً.
[غَرَسَ شَجَرَةً وَوَقَفَهَا أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الرِّبَاطِ]
(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْحَكْرُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْقَامُوسِ الْحَكْرُ الظُّلْمُ وَإِسَاءَةُ الْمُعَاشَرَةِ وَالْفِعْلُ كَضَرَبَ ثُمَّ قَالَ وَبِالتَّحْرِيكِ مَا اُحْتُكِرَ أَيْ اُحْتُبِسَ وَفَاعِلُهُ حَكِرٌ كَفَرِحٍ وَأَقُولُ: وَالْأَرْضُ الْمُحْتَكَرَةُ هِيَ الَّتِي وُقِفَ بِنَاؤُهَا وَلَمْ تُوقَفْ هِيَ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَبَنَى فِيهَا ثُمَّ وَقَفَ الْبِنَاءَ كَذَا رَأَيْت لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَأَقُولُ: الْأَرْضُ هِيَ الْمُقَرَّرَةُ لِلِاحْتِكَارِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ وَقْفًا أَوْ مِلْكًا وَالِاحْتِكَارُ فِي الْعُرْفِ إجَارَةٌ يُقْصَدُ بِهَا مَنْعُ الْغَيْرِ وَاسْتِيفَاءُ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ قَالُوا لَوْ بَنَى عَلَى أَرْضٍ مُقَرَّرَةٍ لِلِاحْتِكَارِ فَبَاعَ الْبِنَاءَ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ قِسْمِ الْمَنْقُولِ (قَوْلُهُ إنْ تَوَلَّى الْغَارِسُ تَعَاهُدَ الْأَرْضِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهَا وَعِبَارَةُ الْإِسْعَافِ أَظْهَرُ وَهِيَ فَلَوْ غَرَسَ رِبَاطِيٌّ شَجَرَةً فِي وَقْفِ الرِّبَاطِ وَتَعَاهَدَهَا حَتَّى كَبُرَتْ وَلَمْ يَذْكُرْ وَقْتَ الْغَرْسِ أَنَّهَا لِلرِّبَاطِ.
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ كَانَ إلَيْهِ وِلَايَةُ
قَالَ بَعْضُهُمْ يُبَاحُ لِلْقَوْمِ أَنْ يُفْطِرُوا بِهَذَا التُّفَّاحِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ وَقْفًا لِلْمَسْجِدِ يُصْرَفُ إلَى عِمَارَتِهِ شَجَرَةٌ عَلَى طَرِيقِ الْمَارَّةِ جُعِلَتْ وَقْفًا عَلَى الْمَارَّةِ يُبَاحُ تَنَاوُلُ ثَمَرِهَا لِلْمَارَّةِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ وَلَوْ كَانَتْ الثِّمَارُ عَلَى أَشْجَارِ رِبَاطِ الْمَارَّةِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ النِّزَالُ فِي سَعَةٍ مِنْ تَنَاوُلِهَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ غَارِسَهَا جَعَلَهَا لِلْفُقَرَاءِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ مِنْ سَاكِنِي الرِّبَاطِ فَالْأَحْوَطُ لَهُ أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ تَنَاوُلِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ ثِمَارًا لَا قِيمَةَ لَهَا كَالتُّوتِ. اهـ.
وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ هِيَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لِلدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْأَشْجَارِ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثِمَارِهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ شَرْطَ الْوَاقِفِ فِيهَا وَفِي الْحَاوِي وَمَا غُرِسَ فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ إنْ غُرِسَ لِلسَّبِيلِ وَهُوَ الْوَقْفُ عَلَى الْعَامَّةِ كَانَ لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَإِنْ غُرِسَ لِلْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَّا إلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ كَسَائِرِ الْوَقْفِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ غَرَضَ الْغَارِسِ. اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ فِي الْبَيْتِ الْمَوْقُوفِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ الشَّرْطَ أَنْ يَأْخُذَهَا الْمُتَوَلِّي لِيَبِيعَهَا وَيَصْرِفَهَا فِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَكْلُ مِنْهَا وَفِي الْقَنِيَّةِ يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ غَرْسُ الْأَشْجَارِ وَالْكُرُومِ فِي الْأَرَاضِيِ الْمَوْقُوفَةِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْأَرْضِ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّي دُونَ حَفْرِ الْحِيَاضِ وَإِنَّمَا يَحِلُّ لِلْمُتَوَلِّي الْإِذْنُ فِيمَا يَزِيدُ الْوَقْفُ بِهِ خَيْرًا قَالَ مُصَنِّفُهَا قُلْتُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقُّ قَرَارِ الْعِمَارَةِ فِيهَا أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُحَرَّمُ الْحَفْرُ وَالْغَرْسُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِهَا. اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ عَنْ شَجَرَةِ وَقْفٍ يَبِسَ بَعْضُهَا وَبَقِيَ بَعْضُهَا فَقَالَ مَا يَبِسَ مِنْهَا فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ غَلَّتِهَا وَمَا بَقِيَ مَتْرُوكٌ عَلَى حَالِهَا. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَالَ الْفَضْلِيُّ وَبَيْعُ الْأَشْجَارِ الْمَوْقُوفَةِ مَعَ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ الْقَلْعِ كَبَيْعِ الْأَرْضِ وَقَالَ أَيْضًا إنْ لَمْ تَكُنْ مُثْمِرَةً يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقَلْعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ غَلَّتُهَا وَالْمُثْمِرَةُ لَا تُبَاعُ إلَّا بَعْدَ الْقَلْعِ كَبِنَاءِ الْوَقْفِ اهـ.
قَوْلُهُ (وَلَا يُمْلَكُ الْوَقْفُ) بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ كَمَا نَقَلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام لِعُمَرَ رضي الله عنه «تَصَدَّقْ بِأَصْلِهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ» وَلِأَنَّهُ بِاللُّزُومِ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ وَبِلَا مِلْكٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْبَيْعِ أَفَادَ بِمَنْعِ تَمْلِيكِهِ وَتَمَلُّكِهِ مَنْعُ رَهْنِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي رَهْنُهُ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ الْمُتَوَلِّي إذَا رَهَنَ أَرْضَ الْوَقْفِ بِدَيْنٍ لَا يَصِحُّ وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْجَمَاعَةِ إذَا رَهَنُوا فَإِنْ سَكَنَ الْمُرْتَهِنُ الدَّارَ قَالَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَمْ تَكُنْ نَظَرًا لِلْوَقْفِ وَكَذَلِكَ مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا بَاعَ مَنْزِلًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمَسْجِدِ فَسَكَنَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ عُزِلَ هَذَا الْمُتَوَلِّي وَوُلِّيَ غَيْرُهُ فَادَّعَى الثَّانِي الْمَنْزِلَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَبْطَلَ الْقَاضِي بَيْعَ الْمُتَوَلِّي وَسَلَّمَ الدَّارَ إلَى الْمُتَوَلِّي الثَّانِي فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَجْرُ الْمِثْلِ. اهـ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ الْمُتَوَلِّيَ أَوْ غَيْرَهُ بَلْ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّي بِالْأَوْلَى وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ مُرَاعَاةً لِلْوَقْفِ وَفِي الْقُنْيَةِ سَكَنَهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ لِصَغِيرٍ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ وَفِي الْمُحِيطِ فَإِنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَالْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْبَائِعَ
ــ
[منحة الخالق]
الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ فَالشَّجَرَةُ وَقْفٌ وَإِلَّا فَهِيَ لَهُ وَلَهُ رَفْعُهَا (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَاهُ فِي الْبَيْتِ الْمَوْقُوفِ إلَى قَوْلِهِ لِيَبِيعَهَا) أَيْ لِيَبِيعَ الْأَثْمَارَ لَا الْأَشْجَارَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ غَرَضَ الْغَارِسِ وَقْفُهَا وَسَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ شَجَرَةُ وَقْفٍ فِي دَارِ وَقْفٍ خَرِبَتْ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَ الشَّجَرَةَ وَيُعَمِّرَ الدَّارَ وَلَكِنْ يُكْرِي الدَّارَ وَيَسْتَعِينُ بِالْكِرَاءِ عَلَى عِمَارَةِ الدَّارِ لَا بِالشَّجَرَةِ اهـ.
وَهَذَا مَعَ خَرَابِ الدَّارِ فَكَيْفَ يَجُوزُ بَيْعُهَا مَعَ عِمَارَتِهَا ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدْفَعُهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ مُعَامَلَةً قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ كَانَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ شَجَرٌ فَدَفَعَهُ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ مَثَلًا جَازَ اهـ. فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فَسَكَنَهَا الْمُشْتَرِي) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ لَعَلَّهُ اتِّفَاقِيٌّ بَلْ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ كَافٍ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ) وَنَصُّهُ سم مح سَكَنَ الدَّارَ سِنِينَ يَدَّعِي الْمِلْكَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لِلْوَقْفِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى اهـ.
قَالَ الرَّمْلِيُّ مَا فِي الْقُنْيَةِ مَذْهَبُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَوُجُوبُ الْأُجْرَةِ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْعَافِ وَصَاحِبُ الْقُنْيَةِ نَقَلَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ) الْإِشَارَةُ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي الْعِبَارَةِ الَّتِي نَقَلْنَاهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ إلَخْ) فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا وَقْفًا مِنْ مُؤَجِّرٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ أَنَّهُ هَدَمَهَا بِيَدِهِ الْعَادِيَةِ وَغَيَّرَ مَعَالِمَهَا وَجَعَلَهَا طَاحُونًا أَوْ فُرْنًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ هَدْمُ مَا بَنَاهُ وَإِعَادَةُ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ كَمَا كَانَتْ أَوْ لَا أَجَابَ يَنْظُرُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَا غَيَّرَهَا إلَيْهِ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأَكْثَرَ رِيعًا أَخَذَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ وَبَقِيَ مَا عَمَّرَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا أَكْثَرَ رِيعًا أُلْزِمَ بِهَدْمِ مَا صَنَعَ وَإِعَادَةِ الْوَقْفِ إلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ
نَفَذَ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ بِالضَّمَانِ وَيَكُونُ الضَّمَانُ لِلْوَقْفِ لَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ. اهـ.
فَإِنْ قُلْتُ: قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْوَاقِفُ إذَا افْتَقَرَ وَاحْتَاجَ إلَى الْوَقْفِ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَفْسَخَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسَجَّلًا. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَلَوْ وَقَفَ مَحْدُودًا ثُمَّ بَاعَهُ وَكَتَبَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ فِي صَكِّ الْبَيْعِ وَكَتَبَ فِي الصَّكِّ بَاعَ فُلَانٌ مَنْزِلَ كَذَا أَوْ كَانَ كَتَبَ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ لَا يَكُونُ حُكْمًا بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَنَقْضِ الْوَقْفِ وَلَوْ كَتَبَ بَاعَ بَيْعًا جَائِزًا صَحِيحًا كَانَ حُكْمًا بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِ الْوَقْفِ وَإِذَا أَطْلَقَ الْحَاكِمُ وَأَجَازَ بَيْعَ وَقْفٍ غَيْرِ مُسَجَّلٍ إنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ لِلْوَارِثِ كَانَ حُكْمًا بِصِحَّةِ بَيْعِ الْوَقْفِ وَإِنْ أَطْلَقَهُ لِغَيْرِ الْوَارِثِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْوَقْفِ أَمَّا إذَا بِيعَ الْوَقْفُ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ قَاضٍ كَانَ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ. اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ وَقْفٌ قَدِيمٌ لَا يُعْرَفُ صِحَّتُهُ وَلَا فَسَادُهُ بَاعَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لِضَرُورَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِصِحَّةِ الْبَيْعِ يَنْفُذُ إذَا كَانَ وَارِثَ الْوَاقِفِ ثُمَّ رَقَمَ: بَاعَهُ الْوَارِثُ لِضَرُورَةٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِصِحَّتِهِ وَلَا يُفْتَحُ هَذَا الْبَابُ. اهـ.
قُلْتُ: إنَّهُ فِي وَقْفٍ لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهِ وَلُزُومِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْخُلَاصَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسَجَّلًا أَيْ مَحْكُومًا بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ الْحَمْلِ أَيْضًا فَهُوَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْمَرْجُوحِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا الرَّاجِحُ الْمُفْتَى بِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِلُزُومِهِ لَا لِلْوَارِثِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَلَوْ قَضَى قَاضٍ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ فَإِنْ كَانَ حَنَفِيًّا مُقَلِّدًا فَحُكْمُهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالصَّحِيحِ الْمُفْتَى بِهِ فَهُوَ مَعْزُولٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَلِذَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِصِحَّتِهِ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَأَمَّا مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ سِرَاجُ الدِّينِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ مِنْ صِحَّةِ الْحُكْمِ بِبَيْعِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِوَقْفِهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ مُجْتَهِدٌ أَوْ سَهْوٌ مِنْهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَصْحَابِ الْمُتُونِ وَالْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُهُ وَلَوْ خَرِبَ وَأَنَّهُ
ــ
[منحة الخالق]
عَلَيْهَا بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ قُلْتُ: إنَّهُ فِي وَقْفٍ لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهِ وَلُزُومِهِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: الَّذِي يَظْهَرُ الْإِطْلَاقُ لِأَنَّ بَيْعَهُ اسْتِبْدَالٌ لَا فَسْخٌ وَالِاسْتِبْدَالُ لَيْسَ فِيهِ فَسْخُ الْقَضَاءِ السَّابِقِ حَتَّى يَمْتَنِعُ فَإِذَا رَآهُ حَاكِمٌ وَقَضَى بِهِ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ شَرَائِطِهِ فَهُوَ قَضَاءٌ فِي مَحَلٍّ مُجْتَهَدٍ فِيهِ وَالْقَضَاءُ فِي مِثْلِهِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ فَتَأَمَّلْ الْفَرْقَ يَظْهَرْ لَك الْحَقُّ وَفَرِّقْ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِبْطَالِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ وَالِاسْتِبْدَالِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ سِرَاجُ الدِّينِ إلَخْ) أَقُولُ: قَدْ وَافَقَ الْمُؤَلِّفُ فِي فَتَاوَاهُ مَا أَفْتَى بِهِ سِرَاجُ الدِّينِ فَأَفْتَى بِالْجَوَازِ ثُمَّ قَالَ وَبِهَذَا أَفْتَى سِرَاجُ الدِّينِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَهُوَ شَاهِدٌ لِصِحَّةِ مَا أَفْتَيْتُ بِهِ أَنَّ الْوَاقِفَ لَوْ بَاعَ الْوَقْفَ غَيْرَ الْمُسَجَّلِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ حَاكِمٌ نَفَذَ الْبَيْعُ وَإِنْ صَحَّحَ الْمَشَايِخُ قَوْلَهُمَا فِي الْوَقْفِ لِوُقُوعِ الْقَضَاءِ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ الْبَزَّازِيُّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ نَصُّهَا وَذَكَرَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - افْتَقَرَ الْوَاقِفُ وَاحْتَاجَ إلَى الْوَقْفِ يَرْفَعُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَفْسَخَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسَجَّلًا وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ رحمه الله وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِهِمَا فَيَصِحُّ أَيْضًا لِوُقُوعِهِ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ. اهـ.
وَعَلَى هَذَا مَشَى تِلْمِيذُ الْمُؤَلِّفِ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَقَالَ بِهِ يَنْدَفِعُ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَمَنْ تَبِعَهُ لِمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّ الْمُفْتِيَ يُفْتِي بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ ثُمَّ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ بِقَوْلِ زُفَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَلَا يَتَخَيَّرُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَقَوْلُ الْإِمَامِ مُصَحَّحٌ أَيْضًا فَقَدْ جَزَمَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِ الْمُتُونِ وَلَمْ يُعَوِّلُوا عَلَى غَيْرِهِ اهـ.
وَعَزَا مِثْلَهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ إلَى الْمَوْلَى أَبِي السُّعُودِ مُفْتِي الرُّومِ قُلْتُ: وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ بِخِلَافِ فَتْوَاهُ الْأُولَى فَإِنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَهَا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى جِهَاتٍ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ ثُمَّ رَجَعَ وَوَقَفَ عَلَى جِهَاتٍ غَيْرِ الْأُوَلِ وَحَكَمَ بِهَذَا حَنَفِيٌّ هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا أَجَابَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ إنَّ الْوَقْفَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْحُكْمِ أَوْ تَعْلِيقِهِ بِمَوْتِهِ ثُمَّ يَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا عَلَّقَهُ فَعَلَى هَذَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَيَصِحُّ الثَّانِي لَكِنَّ الْفَتْوَى فِي الْوَقْفِ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلُزُومِهِ شَيْءٌ مِمَّا شَرَطَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فَعَلَى هَذَا: الْوَقْفُ هُوَ الْأَوَّلُ وَمَا فَعَلَهُ ثَانِيًا لَا اعْتِبَارَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِمَا شَاءَ مِنْ الْجِهَاتِ وَالْمَصَارِفِ غَيْرِ الْأَوَّلِ فَيَصِحُّ ذَلِكَ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ مَا نَصُّهُ وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ شَيْئًا مُعَيَّنًا مِنْ مَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَفَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى غَيَّرَ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ الثَّانِي وَلُزُومِهِ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ فِي وَجْهِ الْوَاقِفِ فِي سَاعَةِ الْوَقْفِ وَلَمْ يَتَّصِلْ الْوَقْفُ الْأَوَّلُ بِحَاكِمٍ أَصْلًا ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ وَاتِّصَالِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ حَكَمَ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْوَقْفِ الثَّانِي وَالْحُكْمِ بِهِ فَأَيُّ الْوَقْفَيْنِ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْمُولُ بِهِ أَجَابَ رحمه الله الْوَقْفُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ لِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا بِلُزُومِ الْوَقْفِ وَحَيْثُ كَانَ لَازِمًا لَا يَصِحُّ تَغْيِيرُهُ بِلَا شَرْطٍ مِنْهُ وَلَا يَضُرُّ فِي لُزُومِهِ عَدَمُ اتِّصَالِهِ بِحَاكِمِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ مَمْنُوعٌ شَرْعًا مِنْ الْحُكْمِ
لَا يَعُودُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ لِعَدَمِ اسْتِثْنَائِهِمْ شَيْئًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُمْلَكُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُمْلَكُ وَلَا يُبَاعُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَقْفِيَّةَ لَا تَبْطُلُ بِالْخَرَابِ وَلَا تَعُودُ إلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَوَارِثِهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُرْسَلًا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ شَرْطُ الِاسْتِبْدَالِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَسْتَبْدِلَ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرْضَ الْوَقْفِ سَبْخَةً لَا يُنْتَفَعُ بِهَا لِأَنَّ سَبِيلَ الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا لَا يُبَاعُ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الِاسْتِبْدَالِ بِالشَّرْطِ وَبِدُونِ الشَّرْطِ لَا تَثْبُتُ فَهُوَ كَالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ عَنْ شَرْطِ الْخِيَارِ لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ وَإِنْ لَحِقَهُ فِي ذَلِكَ غَبْنٌ اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْمَسْجِدِ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ خَرَابًا فَأَمَّا بَيْعُ النَّقْضِ فَيَصِحُّ وَنَقَلَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي وَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ مَكَانَهُ آخَرَ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ بِثَمَنِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ لِلْمَسْجِدِ لَا يُبَاعُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا ضَعُفَتْ الْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ عَنْ الِاسْتِغْلَالِ وَالْقَيِّمُ يَجِدُ بِثَمَنِهَا أُخْرَى هِيَ أَكْثَرُ رِيعًا كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا مَا هُوَ أَكْثَرُ رِيعًا وَفِي الْفَتَاوَى قَيِّمُ وَقْفٍ خَافَ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ مِنْ وَارِثٍ يَغْلِبُ عَلَى أَرْضِ وَقْفٍ يَبِيعُهَا وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا وَكَذَا كُلُّ قَيِّمٍ إذَا خَافَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَبِيعُ وَمَا يُوَافِقُ هَذَا مَا رَوَى الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فِي بَابَيْ الْأَسِيرِ فِي الدَّفْتَرِ الثَّانِي ذَكَرَ مَسْأَلَةً ثُمَّ قَالَ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ خَطَأُ مَنْ يُجَوِّزُ اسْتِبْدَالَ الْوَقْفِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ كَانَ يُفْتِي بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ ثُمَّ رَجَعَ اهـ.
مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يُجَوِّزُ الِاسْتِبْدَالَ فِي الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ إذَا ضَعُفَتْ الْأَرْضُ مِنْ الرِّيعِ وَنَحْنُ لَا نُفْتِي بِهِ وَقَدْ شَاهَدْنَا فِي الِاسْتِبْدَالِ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى فَإِنَّ ظَلَمَةَ الْقُضَاةِ جَعَلُوهُ حِيلَةً إلَى إبْطَالِ أَكْثَرِ أَوْقَافِ الْمُسْلِمِينَ وَفَعَلُوا مَا فَعَلُوا. اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ إذَا تَعَطَّلَتْ وَتَعَذَّرَ اسْتِغْلَالُهَا هَلْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ مَكَانَهَا أُخْرَى قَالَ نَعَمْ قِيلَ إنْ لَمْ تَتَعَطَّلْ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ بِثَمَنِهَا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا هَلْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا قَالَ لَا وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ بَيْعَهُ تَعَطَّلَ أَوْ لَمْ يَتَعَطَّلْ وَكَذَا لَمْ يُجَوِّزْ الِاسْتِبْدَالَ بِالْوَقْفِ وَهَكَذَا فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ مُحَمَّدٍ فِي فَصْلِ الْعِمَارَةِ إذَا ضَعُفَتْ الْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ عَنْ الِاسْتِغْلَالِ وَالْقَيِّمُ يَجِدُ بِثَمَنِهَا أَرْضًا أُخْرَى أَكْثَرَ رِيعًا لَهُ أَنْ يَبِيعَ هَذِهِ الْأَرْضَ وَيَشْتَرِيَ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ الْوَقْفُ إذَا صَارَ بِحَيْثُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَسَاكِينُ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِلْقَاضِي وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَسْأَلَةً تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ بِالْوَقْفِ وَصُورَتُهَا الْكُفَّارُ إذَا اسْتَوْلَوْا عَلَى بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ وَقَسَمُوهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَأَصَابَ رَجُلٌ مِنْ الْغَانِمِينَ أَرْضًا فَجَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلْمَسَاكِينِ وَدُفَعه اإلَى قَيِّمٍ يَقُومُ عَلَيْهَا ثُمَّ حَضَرَ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا قَالُوا وَهَذَا لِأَنَّهُ زَالَ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ فَلَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ حَقُّ الْمِلْكِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْوَقْفُ بَاطِلٌ حَتَّى كَانَ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَبِيعَ الْوَقْفَ حَالَ حَيَاتِهِ فَإِذَا مَاتَ يَصِيرُ مِيرَاثًا عَنْهُ فَكَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ حَقُّ الْأَخْذِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ خَاصَّةً فَإِنَّ اتِّخَاذَ الْمَسْجِدِ عِنْدَهُ صَحِيحٌ وَيَزُولُ عَنْ مُلَيْكَةِ مُتَّخَذِهِ فَلَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ حَقُّ الْأَخْذِ فِيهِ. اهـ.
وَأَمَّا مَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا حَانُوتٌ احْتَرَقَ فِي السُّوقِ وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا يُسْتَأْجَرُ أَلْبَتَّةَ وَحَوْضُ مَحَلَّةٍ خَرِبَ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُ عِمَارَتُهُ فَهُوَ لِلْوَاقِفِ وَلِوَرَثَتِهِ فَإِنْ كَانَ وَاقِفُهُ وَوَرَثَتُهُ لَا تُعْرَفُ فَهُوَ لُقَطَةٌ زَادَ فِي فَتَاوَى الْخَاصِّيِّ إذَا كَانَ كَاللُّقَطَةِ يَتَصَدَّقُونَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ يَبِيعُهُ الْفَقِيرُ
ــ
[منحة الخالق]
بِخِلَافِ مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَا تَنْسَ مَا قَدَّمَهُ بِأَسْطُرٍ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ بِنَقْلِ الذَّخِيرَةِ حِينَ سُئِلَ عَنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ إذَا تَعَطَّلَتْ هَلْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ مَكَانَهَا أُخْرَى قَالَ نَعَمْ وَلَا قَوْلُهُمْ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَلَا اتِّفَاقُ الْمَشَايِخِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَنْصِبُوا مُتَوَلِّيًا وَلَا يُعْلِمُوا الْقَاضِيَ فِي زَمَانِنَا لِمَا عُلِمَ مِنْ طَمَعِ الْقُضَاةِ فِي أُمُورِ الْأَوْقَافِ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَسْأَلَةً إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَجِبُ تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ اسْتِيلَاءُ الْكُفَّارِ يُوجِبُ مِلْكَهُمْ عَلَى الْبَلْدَةِ بِأَنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِدَارِهِمْ أَمَّا إذَا كَانَتْ بَيْنَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَمْلِكُونَهَا بِذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ لِلْمُقَاتِلِينَ قِسْمَتُهَا بَيْنَهُمْ فَيَبْطُلُ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَيَأْخُذُهَا مَالِكُهَا وَلَوْ اُتُّخِذَتْ مَسْجِدًا وَصَارَ كَمَا لَوْ غَصَبَ أَرْضَ الْغَيْرِ وَاتَّخَذَهَا مَسْجِدًا تَأَمَّلْ