الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ فِي بَيْعِ الدَّارِ]
لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ تَبَعًا لَهَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي بَيْعِهَا فَيَدْخُلُ السَّلَمُ الْمُتَّصِلُ وَالسَّرِيرُ وَالدَّرَجُ الْمُتَّصِلَةُ وَالْحَجَرُ الْأَسْفَلُ مِنْ الرَّحَا، وَكَذَا الْأَعْلَى اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَتْ مُرَكَّبَةً فِي الدَّارِ الْمَنْقُولَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى بَيْتَ الرَّحَا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الشُّرُوطِ أَنَّ لَهُ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهِ قَدْرُ النُّحَاسِ مَوْصُولًا بِالْأَرْضِ وَقِيلَ الْأَعْلَى لَا يَدْخُلُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا فَرَحَا الْإِبِلِ لِلْبَائِعٍ، وَإِنْ كَانَ ضَيْعَةً كَانَ الرَّحَا لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بَعُدَ مِنْ تَوَابِعِ الضَّيْعَةِ اهـ.
وَذُكِرَ قَبْلَهُ إنَّ رَحَى الْإِبِلِ وَآلَاتِهَا لِلْبَائِعِ، وَلَوْ ذَكَرَ الْحُقُوقَ. وَأَمَّا رَحَى الْمَاءِ فَلِلْمُشْتَرِي إذَا بَاعَهَا بِحُقُوقِهَا وَتَدْخُلُ الْبِئْرُ الْكَائِنَةُ فِي الدَّارِ وَبَكَرَتُهَا الَّتِي عَلَيْهَا لَا الدَّلْوُ وَالْحَبْلُ إلَّا إذَا قَالَ بِمَرَافِقِهَا.
وَأَمَّا الْبَكَرَةُ فَدَاخِلَةٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ بِالْبِئْرِ، وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ دِهْلِيزٍ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ يَدْخُلُ نِصْفُ الْبَابِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَيَدْخُلُ الْبَابُ الْمُرَكَّبُ لَا الْمَوْضُوعُ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي بَابِ الدَّارِ فَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ مُرَكَّبًا مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ مَقْلُوعًا، فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا فَالْقَوْلُ فِيهِ لِذِي الْيَدِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ بِخِلَافِ الْبَكَرَةِ فِي الْحَمَّامِ لِانْفِصَالِهَا.
كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَدْخُلُ مَا فِيهَا مِنْ الْبُسْتَانِ، وَلَوْ كَبِيرًا لَا الْخَارِجُ عَنْهَا، وَلَوْ كَانَ لَهُ بَابٌ وَتَدْخُلُ الْأَرْضُ الَّتِي تَحْتَ الْحَائِطِ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا كَالْأَسَاسِ وَتَدْخُلُ الْقُدُورُ فِي بَيْعِ الْحَمَّامِ دُونَ الْقِصَاعِ، وَإِنْ ذَكَرَ الْمَرَافِقَ بِخِلَافِ قُدُورِ الصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ وَإِجَّانَةِ الْغَسَّالِ وَخَابِيَةِ الزَّيَّاتِ وَحِبَالِهِمْ وَدِنَانِهِمْ، وَلَوْ كَانَتْ مَدْفُونَةً كَالصُّنْدُوقِ الْمُثَبَّتِ فِي الْبِنَاءِ وَجِذْعِ الْقَصَّارِ الَّذِي يَدُقُّ عَلَيْهِ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ، وَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا كَالسُّلَّمِ الْمُنْفَصِلِ فِي عُرْفِهِمْ وَفِي عُرْفِ الْقَاهِرَةِ يَنْبَغِي دُخُولُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ بُيُوتَهُمْ طَبَقَاتٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بِدُونِهِ وَلَا يُرَدُّ عَدَمُ دُخُولِ الطَّرِيقِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ رَقَبَتِهَا قَدْ يُقْصَدُ لِلْأَخْذِ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ، وَلِهَذَا دَخَلَ فِي الْإِجَارَةِ بِلَا ذِكْرٍ كَمَا سَيَأْتِي وَأَرَادَ بِالْمَفَاتِيحِ الْإِغْلَاقَ، فَإِنَّهَا تَدْخُلُ تَبَعًا، فَإِنَّ الْمَفَاتِيحَ تَبَعٌ لِلْغَلَقِ وَهُوَ لَا يَدْخُلُ إلَّا إذَا كَانَ مُرَكَّبًا كَالضَّبَّةِ وَالْكَيْلُونِ وَإِلَّا فَلَا كَالْقُفْلِ وَمِفْتَاحِهِ كَالثَّوْبِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا سَوَاءٌ ذَكَرَ الْحُقُوقَ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَابُ مُغْلَقًا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ حَانُوتًا أَوْ بَيْتًا أَوْ دَارًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَفِي الْمُحِيطِ وَمِقْلَاةُ السَّوَّاقِينَ وَهِيَ الَّتِي يُقْلَى فِيهَا السَّوِيقُ إذَا كَانَتْ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ مِنْ نُحَاسٍ فَهِيَ لِلْبَائِعٍ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهَا جُعِلَتْ فِي الْبِنَاءِ لِلْعَمَلِ فَلَمْ تَكُنْ مِنْ جُمْلَةِ الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَزَفٍ فَلِلْمُشْتَرِي اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ يَدْخُلُ كَوْرُ الْحَدَّادِ فِي بَيْعِ حَانُوتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَرَافِقَ وَكَوْرُ الصَّائِغِ لَا يَدْخُلُ، وَلَوْ ذَكَرَ الْمَرَافِقَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُرَكَّبٌ مُتَّصِلٌ. وَالثَّانِي مُنْفَصِلٌ وَلَا يَدْخُلُ زِقُّ الْحَدَّادِ الَّذِي يَنْفُخُ فِيهِ اهـ.
وَفِيهَا أَيْضًا قَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ إذَا بَاعَ بِكُلِّ كَثِيرٍ وَقَلِيلٍ هُوَ فِيهَا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا يَدْخُلُ الْعَبِيدُ وَالْجَوَارِي فِي الْبَيْعِ وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَحْرَارُ، وَقَالَ زُفَرُ يَدْخُلُ فِيهِ الْأَحْرَارُ أَيْضًا وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ، وَلَوْ قَالَ مِنْهَا لَا يَدْخُلُ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ اشْتَرَى دَارًا فَذَهَبَ
ــ
[منحة الخالق]
[اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ]
(فَصْلٌ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ فِي بَيْعِ الدَّارِ) .
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ الْبِنَاءِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَأَمَّا الْأَحْجَارُ الْمُكَوَّمَةُ وَالْمَدْفُونَةُ الْمُودَعَةُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ بِنَاءٍ لَا تَدْخُلُ كَالْأَمْتِعَةِ الْمَدْفُونَةِ بِهَا وَقَدْ كَتَبْنَا فِي حَاشِيَةِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا يُبْهِجُ الْإِبْصَارَ. (قَوْلُهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بِدُونِهِ) أَخْذُهُ مِنْ قَوْلِ الْهِدَايَةِ فِي دُخُولِ الْمِفْتَاحِ تَبَعًا لِلْغَلَقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا بِهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مُلْكَ رَقَبَتَهَا) أَيْ رَقَبَةَ الدَّارِ، وَقَوْلُهُ: وَلِهَذَا دَخَلَ أَيْ الطَّرِيقُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ رَقَبَةَ الدَّارِ قَدْ يُقْصَدُ تَمَلُّكُهَا لِغَيْرِ الِانْتِفَاعِ بِعَيْنِهَا فَلِهَذَا لَمْ يَدْخُلْ الطَّرِيقُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ فَيَدْخُلُ الطَّرِيقُ تَبَعًا وَلَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي دَفْعِ الْإِيرَادِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ السَّلَمَ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِالْبَيْتِ إلَّا بِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِالْمَفَاتِيحِ الْإِغْلَاقَ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ الْمُرَادُ بِالْغَلَقِ مَا نُسَمِّيهِ ضَبَّةً، وَهَذَا إذَا كَانَتْ مُرَكَّبَةً؛ لِأَنَّهَا تُرَكَّبُ لِلْبَقَاءِ لَا إذَا كَانَتْ مَوْضُوعَةً فِي الدَّارِ، وَلِهَذَا لَا تَدْخُلُ الْأَقْفَالُ فِي بَيْعِ الْحَوَانِيتِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُرَكَّبُ، وَإِنَّمَا تَدْخُلُ الْأَلْوَاحُ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً؛ لِأَنَّهَا فِي الْعُرْفِ كَالْأَبْوَابِ الْمُرَكَّبَةِ وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الْأَلْوَاحِ مَا تُسَمَّى فِي عُرْفِنَا بِمِصْرَ دَرَارِيبَ الدُّكَّانِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِيهَا عَدَمَ الدُّخُولِ فَلَا مُعَوِّلَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ يَدْخُلُ كَوْرُ الْحَدَّادِ) سَيُذْكَرُ فِي آخِرِ الْقَوْلَةِ الْآتِيَةِ تَفْسِيرَ الْكَوْرِ بِأَنَّهُ الْمَبْنِيُّ مِنْ الطِّينِ. (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وَلَوْ بَاعَهَا بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ لَهَا وَفِيهَا، وَمِنْهَا وَفِيهَا خَشَبٌ مَوْضُوعٌ أَوْ لَبِنٌ أَوْ آجُرٌّ أَوْ أَمْتِعَةٌ، فَإِنَّهَا لَا تَدْخُلُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ اهـ.
قُلْتُ: وَوَجْهُهُ
بِنَاؤُهَا لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ أَخَذَ الدَّارَ بِالْحِصَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ صُوفِ الشَّاةِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ لَهُ أَوْ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِلشَّجَرِ ثَمَنًا.
(قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ بِلَا ذِكْرٍ) لِكَوْنِهِ مُتَّصِلًا بِهَا لِلْقَرَارِ فَيَدْخُلُ تَبَعًا أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الشَّجَرَةَ الْمُثْمِرَةَ وَغَيْرَ الْمُثْمِرَةِ وَالصَّغِيرَةَ وَالْكَبِيرَةَ إلَّا الْيَابِسَةَ، فَإِنَّهَا عَلَى شَرَفِ الْقَطْعِ فَهِيَ كَالْحَطَبِ الْمَوْضُوعِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهَا مُتَّصِلَةً لِلْقَرَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ فِيهَا أَشْجَارٌ صِغَارٌ تُحَوَّلَ فِي فَصْلِ الرَّبِيعِ وَتُبَاعُ، فَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ تُقْلَعُ مِنْ أَصْلِهَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ تُقْطَعُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ فَهِيَ لِلْبَائِعِ إلَّا بِالشَّرْطِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا قُطْنٌ لَمْ يَدْخُلْ كَالثَّمَرِ. وَأَمَّا أَصْلُهُ فَقَدْ قَالُوا لَا يَدْخُلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَدْخُلُ وَشَجَرَةُ الْبَاذِنْجَانِ لَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ فَهِيَ لِلْبَائِعِ إلَّا بِالشَّرْطِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ هَكَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَالْكُرَّاثُ بِمَنْزِلَةِ الرَّطْبَةِ، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي الْحَطَبِ وَالْقَصَبِ وَالطَّرْفَاءِ وَأَنْوَاعِ الْخَشَبِ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ اهـ.
وَفِيهَا إذَا اشْتَرَى شَجَرَةً لِلْقَلْعِ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَلْعِهَا بِعُرُوقِهَا وَلَيْسَ لَهُ حَفْرُ الْأَرْضِ إلَى انْتِهَاءِ الْعُرُوقِ بَلْ يُقْلِعُهَا عَلَى الْعَادَةِ إلَّا إنْ شَرَطَ لِلْبَائِعِ الْقَطْعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَوْ يَكُونَ فِي الْقَلْعِ مِنْ الْأَصْلِ مَضَرَّةٌ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا إذَا كَانَتْ بِقُرْبِ حَائِطٍ أَوْ بِئْرٍ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَإِنْ قَطَعَهَا أَوْ قَلَعَهَا فَنَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى فَالنَّابِتُ لِلْبَائِعِ إلَّا إذَا قَطَعَ مِنْ أَعْلَاهَا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ اشْتَرَى نَخْلَةً، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْقَطْعِ أَوْ لِلْقَرَارِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَمْلِكُ أَرْضَهَا وَأَدْخَلَ مُحَمَّدٌ مَا تَحْتَهَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا لِلْقَطْعِ لَا تَدْخُلُ الْأَرْضُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ اشْتَرَاهَا لِلْقَرَارِ تَدْخُلُ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْإِقْرَارِ تَدْخُلُ وَيَجُوزُ شِرَاءُ الشَّجَرَةِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَأَمَّا شِرَاؤُهَا بِشَرْطِ الْقَلْعِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ.
وَإِذَا بَاعَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ شَجَرَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ بِغَيْرِ أَرْضٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ قَدْ بَلَغَتْ أَوْ إنْ قَطَعَهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ اشْتَرَيَا أَرْضًا فِيهَا نَخِيلٌ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الْأَرْضَ وَلِلْآخَرِ النَّخِيلَ فَلِصَاحِبِ الشَّجَرِ أَنْ يُقْلِعَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي قَلْعِهِ ضَرَرٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا اهـ.
وَلَوْ اشْتَرَى نَخْلَةً فِي أَرْضِ إنْسَانٍ وَلَهَا طَرِيقٌ فَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ وَيَأْخُذُ إلَى النَّخْلَةِ طَرِيقًا مِنْ أَيِّ النَّوَاحِي شَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَاوَتُ حَتَّى لَوْ كَانَ مُتَفَاوِتًا بَطَلَ الْبَيْعُ.
وَيَدْخُلُ الْعِذَارُ فِي بَيْعِ الْفَرَسِ وَالزِّمَامُ فِي بَيْعِ الْبَعِيرِ وَالْحَبْلُ الْمَشْدُودُ فِي عُنُقِ الْحِمَارِ وَالْبَرْذَعَةُ وَالْإِكَافُ لَا يَدْخُلَانِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ سَوَاءٌ كَانَ مُوكَفًا أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ بَاعَ حِمَارًا مُوكَفًا يَدْخُلُ الْإِكَافُ وَالْبَرْذعَةُ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُوكَفٍ فَكَذَلِكَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لَكِنْ إذَا دَخَلَ فَأَيُّ بَرْذعَةٍ وَأَيُّ إكَافٍ يَدْخُلُ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي ثِيَابِ الْجَارِيَةِ وَلَا يَدْخُلُ الْمِقْوَدُ فِي بَيْعِ الْحِمَارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ وَالْبَعِيرَ لَا يَنْقَادَانِ إلَّا بِهِ بِخِلَافِ الْحِمَارِ وَالسَّرْجُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ لِعَدَمِ الْعُرْفِ حَتَّى لَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِدُخُولِهِ دَخَلَ أَوْ كَانَ الثَّمَنُ كَثِيرًا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَصِيلُ النَّاقَةِ وَفَلُوُّ الرَّمَكَةِ وَجَحْشُ الْأَتَانِ وَالْعِجْلُ لِلْبَقَرَةِ وَالْحَمْلُ لِلشَّاةِ إنْ ذَهَبَ بِهِ مَعَ الْأُمِّ إلَى مَوْضِعِ الْبَيْعِ دَخَلَ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَإِلَّا فَلَا وَفَرَّقَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، فَقَالَ إنَّ الْعِجْلَ يَدْخُلُ وَالْجَحْشُ لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَةَ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا بِالْعِجْلِ وَلَا كَذَلِكَ الْأَتَانُ اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ يَدْخُلُ الْوَلَدُ الرَّضِيعُ فِي الْكُلِّ دُونَ الْفَطِيمِ، وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ إنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ، وَإِنْ بَاعَهُ مَعَ مَالِهِ بِكَذَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَالَ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَكَذَا لَوْ سَمَّاهُ وَهُوَ دَيْنٌ عَلَى
ــ
[منحة الخالق]
أَنَّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا لَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ صُوفِ الشَّاةِ لَا يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ لَهُ أَوْ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِلشَّجَرِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْقَبْضُ وَظَهَرَ مَا اشْتَرَاهُ نَاقِصًا كَاسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ فِي وُجُوهِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِصَاحِبِ الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهُ فِي الْحَاوِي إلَّا إذَا سَمَّى لَهُ أَوْ لِلْبِنَاءِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَأَدْخَلَ مُحَمَّدٌ مَا تَحْتَهَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِشَجَرَةٍ يَدْخُلُ فِي الْإِقْرَارِ مَا تَحْتَهَا مِنْ الْأَرْضِ، وَكَذَا فِي الْقِسْمَةِ، وَإِذَا دَخَلَ مَا تَحْتَهَا مِنْ الْأَرْضِ فِي الْبَيْعِ يَدْخُلُ مِقْدَارُ غِلَظِ الشَّجَرَةِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَوَقْتَ الْإِقْرَارِ وَوَقْتَ الْقِسْمَةِ حَتَّى لَوْ ازْدَادَ غِلَظُهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِنَحْتِ الزِّيَادَةِ وَلَا يَدْخُلُ مِنْ الْأَرْضِ مَا تَنَاهَى إلَيْهِ الْعُرُوقُ وَالْأَغْصَانُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ شِرَاءُ الشَّجَرَةِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ) قِيلَ هَذَا إذَا بَيَّنَ مَوْضِعَ الْقَطْعِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَمْ يَجُزْ وَفِي ظَاهِرِ الْجَوَابِ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ، وَإِذَا جَازَ كَانَ لَهُ أَنْ يُقَلِّعَهَا مِنْ الْأَصْلِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَقْطَعُهَا مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَلَا يَقْلَعُ وَإِنْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْلَعَهَا بِأَصْلِهَا، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ إنْ ذَهَبَ بِهِ مَعَ الْأُمِّ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأُمَّ لَوْ
النَّاسِ أَوْ بَعْضُهُ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَثْمَانِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْعَبْدِ بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ دَرَاهِمَ وَمَالُ الْعَبْدِ دَرَاهِمَ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلَّ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْعَبْدِ بِلَا ثَمَنٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ بِأَنْ كَانَ دَرَاهِمَ وَمَالُ الْعَبْدِ دَنَانِيرَ وَعَلَى الْعَكْسِ جَازَ إذَا تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ، وَكَذَا لَوْ قَبَضَ مَالَ الْعَبْدِ وَنَقَدَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي مَالِ الْعَبْدِ.
وَلَوْ اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا لُؤْلُؤَةً، فَإِنْ كَانَتْ فِي الصَّدَفِ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ اصْطَادَ السَّمَكَةَ يَرُدُّهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَتَكُونُ عِنْدَ الْبَائِعِ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ يُعَرِّفُهَا حَوْلًا، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا، وَإِنْ اشْتَرَى دَجَاجَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا لُؤْلُؤَةً يَرُدُّهَا عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا سَمَكَةً فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ فِي بَعْضِ جُذُوعِهَا مَالًا إنْ قَالَ الْبَائِعُ هُوَ لِي كَانَ لَهُ فَيَرُدُّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا وَصَلَتْ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ لَيْسَ لِي كَانَ كَاللُّقَطَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقُيِّدَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ كَوْنُهُ لِلْبَائِعِ بِحَلِفِهِ.
وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً كَانَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ الْكِسْوَةِ مَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ، فَإِنْ بِيعَتْ فِي ثِيَابِ مِثْلِهَا دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُمْسِكَ تِلْكَ الثِّيَابَ وَيَدْفَعَ غَيْرَهَا مِنْ ثِيَابِ مِثْلِهَا يُسْتَحَقُّ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَكُونُ لَهَا قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ الثَّوْبَ أَوْ وَجَدَ بِالثَّوْبِ عَيْبًا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ الثَّوْبَ، وَلَوْ هَلَكَتْ الثِّيَابُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ تَعَيَّبَتْ، ثُمَّ رَدَّ الْجَارِيَةَ بِعَيْبٍ رَدَّهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِدُونِ تِلْكَ الثِّيَابِ اهـ.
أَيْ إذَا هَلَكَتْ. وَأَمَّا مَعَ قِيَامِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ رَدِّهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَبِعَا وَإِلَّا لَزِمَ حُصُولُهَا لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ وَهُوَ لَا يَجُوزُ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ بَاعَ جَارِيَةً وَعَلَيْهَا قُلْبُ فِضَّةٍ وَقُرْطَانِ، وَلَمْ يَشْتَرِطَا ذَلِكَ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُ قَالَ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ الْحُلِيِّ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْحُلِيَّ لَهَا فَهُوَ لَهَا، وَإِنْ سَكَتَ عَنْ طَلَبِهَا وَهُوَ بَرَاهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّسْلِيمِ اهـ.
وَفِي الْكَافِي رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ بَيْضَاءُ وَلِآخَرَ فِيهَا نَخْلٌ فَبَاعَهُمَا رَبُّ الْأَرْضِ بِإِذْنِ الْآخَرِ بِأَلْفٍ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسُمِائَةٍ فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَإِنْ هَلَكَ النَّخْلُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّرْكِ وَأَخْذِ الْأَرْضِ بِكُلِّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ النَّخْلَ كَالْوَصْفِ وَالثَّمَنُ بِمُقَابَلَةِ الْأَصْلِ لَا الْوَصْفِ، وَلِذَا لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ. اهـ.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ تَبَعًا لَمْ يُقَابِلْهُ شَيْءٌ كَمَا فِي ثِيَابِ الْعَبْدِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْكَافِي مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يُفَصِّلْ ثَمَنَ كُلٍّ أَمَّا إذَا فَصَّلَ بِأَنْ عَيَّنَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْأَرْضِ عَلَى حِدَةٍ وَثَمَنَ النَّخْلِ عَلَى حِدَةٍ سَقَطَ قِسْطُ النَّخْلِ بِهَلَاكِهَا لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ فِي بَابِ الثَّمَنِ صَارَ لَهُ وَكَانَ لَهُمَا، وَقَالَ فِي آخِرِهِ لِهَذَا لَوْ بَاعَ حَامِلًا حَمَلَهَا لِلْغَيْرِ فَوَلَدَتْ فَالثَّمَنُ لَهُمَا إنْ عَاشَ الْوَلَدُ وَلِرَبِّ الْأُمِّ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ اهـ.
وَفِي الْعُمْدَةِ اشْتَرَى أَرْضًا وَفِيهَا بُقُولٌ أَوْ حَطَبٌ أَوْ رَيَاحِينُ فَهِيَ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ وَالشَّجَرُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ بِلَا ذِكْرٍ، وَكَذَا كُلُّ مَا لَهُ سَاقٌ وَالْآسُ وَالزَّعْفَرَانُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرِ، وَإِنَّهُ يُقْطَعُ اهـ.
ــ
[منحة الخالق]
كَانَتْ غَائِبَةً هِيَ وَوَلَدُهَا وَبَاعَهَا سَاكِتًا عَنْهُ لَا يَدْخُلُ لِفَقْدِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لَا يُرْجَعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ) يَعْنِي مِنْ الثَّمَنِ. وَأَمَّا رُجُوعُهُ بِكِسْوَةِ مِثْلِهَا فَثَابِتٌ لَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ شَيْخُنَا قَالَهُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ. (قَوْلُهُ أَيْ إذَا هَلَكَتْ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَوْ اُسْتُهْلِكَتْ كَمَا إذَا تَقَايَلَا الْبَيْعَ وَكَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ تَبَعًا إلَخْ) فَرَّعَ فِي النَّهْرِ عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ أَعْنِي مَا دَخَلَ تَبَعًا لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ أَخْذَ الدَّارِ بِالْحِصَّةِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا فَيَكُونُ الِاسْتِحْقَاقُ بِمَنْزِلَةِ الْإِتْلَافِ اهـ.
فَمُفَادُهُ أَنَّ التَّبَعَ بِالْإِتْلَافِ يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ رَدَّ الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ بِحُكْمِ خِيَارِ الْعَيْبِ بَعْدَ إتْلَافِ ثِيَابِهَا يَسْقُطُ عَنْ الْبَائِعِ مَا قَابَلَ الثِّيَابَ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ قُلْتُ: أَخْذُهُ الدَّارَ بِالْحِصَّةِ فِيمَا إذَا اسْتَحَقَّ الْبِنَاءَ يُشْكِلُ بِمَا سَبَقَ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ عَدَمِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ إذَا اُسْتُحِقَّتْ ثِيَابُ الْأَمَةِ قُلْتُ: الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْهَلَاكِ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي النَّهْرِ فَكَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ يَتَمَشَّى عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّسْوِيَةِ.
(تَتِمَّةٌ)
اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِبَابِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ كِيلُونٌ مِنْ فِضَّةٍ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْقُدَ مِنْ الثَّمَنِ مَا يُقَابِلُهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لِدُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَلَا يُشْكَلُ بِمَا سَيَأْتِي فِي الصَّرْفِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ مَعَ الطَّوْقِ وَالسَّيْفِ الْمُحَلَّى؛ لِأَنَّ دُخُولَ الطَّوْقِ وَالْحِلْيَةِ فِي الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلطَّوْقِ فَلِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِالْأَمَةِ، وَكَذَا الْحِلْيَةُ، وَإِنْ اتَّصَلَتْ بِالسَّيْفِ؛ لِأَنَّ السَّيْفَ اسْمٌ لِلْحِلْيَةِ أَيْضًا كَمَا فِي الدُّرِّ مِنْ الصَّرْفِ فَكَانَتْ الْحِلْيَةُ مِنْ مُسَمَّى السَّيْفِ إذَا عُلِمَ هَذَا ظَهَرَ أَنَّهُ فِي بَيْعِ الشَّاشِ وَنَحْوِهِ إذَا كَانَ بِهِ عَلَمٌ لَا يُشْتَرَطُ نَقْدُ مَا قَابَلَ الْعِلْمَ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُسَمَّى الْمَبِيعِ فَكَانَ دُخُولُهُ فِي الْبَيْعِ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ فَلَا
وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْحُقُوقِ دُخُولُ الْعُلُوِّ فِي الدَّارِ وَالْمَنْزِلِ وَالْبَيْتِ وَعَدَمِهِ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ بَاعَ سُفْلَ دَارِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ حَقَّ قَرَارِ الْعُلُوِّ عَلَيْهِ جَازَ. وَأَمَّا الطَّرِيقُ فَلَا يَدْخُلُ بِلَا ذِكْرٍ، فَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا أَوْ قَالَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لَهُ فِيهَا وَخَارِجٍ عَنْهَا كَانَ لَهُ الطَّرِيقُ وَالْإِقْرَارُ بِالدَّارِ وَالصُّلْحُ عَلَيْهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا كَالْبَيْعِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْقِسْمَةُ وَالرَّهْنُ وَالْوَقْفُ وَالصَّدَقَةُ كَالْإِجَارَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْحَقُّ فِي الْعَادَةِ يَذْكُرُ فِيمَا هُوَ تَبَعٌ لِلْمَبِيعِ وَلَا بُدَّ لِلْمَبِيعِ مِنْهُ وَلَا يُقْصَدُ إلَيْهِ إلَّا لِأَجْلِهِ كَالشِّرْبِ وَالطَّرِيق وَمَسِيلِ الْمَاءِ وَالْمَرَافِقِ مَا يُرْتَفَقُ بِهِ وَيَخْتَصُّ بِمَا هُوَ مِنْ التَّوَابِعِ كَالشِّرْبِ وَالْمَسِيلِ وَقَوْلُهُ كُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مُبَالَغَةٌ فِي حَقِّ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ وَبِمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ اهـ.
وَظَاهِرُ مَا فِي الْمُجْتَبَى أَنَّ ذِكْرَ الْحُقُوقِ أَوْ الْمَرَافِقِ كَافٍ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِإِدْخَالِ الطَّرِيقِ وَالشِّرْبِ وَقَوْلُهُمْ أَوْ مِنْهَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِمْ فِيهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَأَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ أَيْضًا.
وَفِي الْخَانِيَّةِ اشْتَرَى أَرْضًا بِشِرْبِهَا جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الشِّرْبِ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ تَبَعُ الْأَرْضِ فَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مَعْلُومَةً فَجَهَالَةُ التَّبَعِ لَا تَمْنَعُ الْجَوَازَ اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ اشْتَرَى كَرْمًا تَدْخُلُ الْوَثَائِلُ الْمَشْدُودَةُ عَلَى الْأَوْتَادِ الْمَضْرُوبَةِ فِي الْأَرْضِ، وَكَذَا عُمَدُ الزَّرَاجِينِ الْمَدْفُونَةُ فِي الْأَرْضِ أُصُولُهَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ.
وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا تُرَابٌ مَنْقُولٌ مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إذَا كَانَتْ مَجْمُوعَةً شِبْهَ التَّلِّ.
وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا مَقَابِرُ صَحَّ الْبَيْعُ فِيمَا وَرَاءَ الْمَقَابِرِ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا تَدْخُلُ أَرْضُ الْقَبْرِ فِي الْمَبِيعِ وَمَطْرَحُ الْحَصَائِدِ لَيْسَ مِنْ مَرَافِقِ الْأَرْضِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرِ الْمَرَافِقِ اهـ.
وَفِي الْمُجْتَبَى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بَاعَ دَارًا بِفِنَائِهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَفِي بَيْعِهَا بِحُقُوقِهَا تَدْخُلُ الْحُقُوقُ وَقْتَ الْبَيْعِ لَا مَا قَبْلَهُ وَفِي الْبَدَائِعِ الطَّرِيقُ الْأَعْظَمُ أَوْ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِلَا تَنْصِيصٍ وَلَا قَرِينَةٍ إنَّمَا الْكَلَامُ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ فَإِذَا كَانَ يَلِي الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ فَتَحَ لَهُ بَابًا إلَيْهِ وَإِلَّا اسْتَأْجَرَ الطَّرِيقَ أَوْ اسْتَعَارَهُ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرَى أَشْجَارًا لِلْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ حَتَّى جَاءَ الصَّيْفُ إنْ أَضَرَّ الْقَطْعُ بِالْأَرْضِ وَأُصُولِ الشَّجَرِ يُعْطِي الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ شَجَرٍ قَائِمٍ جَبْرًا، وَقَالَ الصَّدْرُ قِيمَةَ مَقْطُوعٍ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِوَاحِدٍ قَطَعَ، وَإِنْ اشْتَرَى الشَّجَرَ مُطْلَقًا لَهُ الْقَطْعُ مِنْ الْأَصْلِ ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَسْرَ أَغْصَانِ الْأَشْجَارِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي مَا تَعَمَّدْت وَلَكِنَّهُ مَا كَانَ بُدٌّ مِنْهُ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ إنْ قَالُوا إنَّهُ مِمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَإِنْ قَالُوا مِمَّا لَا يُمْكِنُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا؛ وَتَدْخُلُ الْأَقْتَابُ فِي بَيْعِ الْجِمَالِ.
وَلَوْ وَجَدَ فِي بَطْنِ السَّمَكَةِ سَمَكَةً أُخْرَى كَانَتْ لِلْمُشْتَرِي، وَكَذَا الْعَنْبَرُ الْمَوْجُودُ فِي بَطْنِهَا؛ لِأَنَّهُ حَشِيشٌ فِي الْبَحْرِ هُوَ طَعَامُهَا، وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ غِذَاءً لِلسَّمَكِ وَفِي الصِّحَاحِ مَرَافِقُ الدَّارِ مَصَابُّ الْمَاءِ وَنَحْوِهَا وَالْمَرْفِقُ مِنْ الْأَمْرِ مَا ارْتَفَقْت وَانْتَفَعْت بِهِ اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ. وَأَمَّا مِرْفَقُ الدَّارِ كَالْمَطْبَخِ وَالْكَنِيفِ وَنَحْوِهِ فَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ لَا غَيْرُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِاسْمِ الْآلَةِ وَجَمْعُهُ مَرَافِقُ اهـ.
وَالْكَوْرُ لِلْحَدَّادِ الْمَبْنِيُّ مِنْ الطِّينِ مُعَرَّبٌ وَفِي
ــ
[منحة الخالق]
يُقَابِلُهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، كَذَا فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ أَبِي السُّعُودِ.
(قَوْلُهُ وَالْوَصِيَّةُ بِهَا كَالْبَيْعِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي فَلَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ فِيهَا وَيَجِبُ إلْحَاقُ الْهِبَةِ بِالْوَصِيَّةِ وَلَا تُقَاسُ بِالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا مَنْفَعَةُ الْفَقِيرِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مُبَالَغَةٌ فِي حَقِّ الْبَائِعِ إلَخْ) هُنَا سَقْطٌ وَتَحْرِيفٌ وَعِبَارَةُ الْمُجْتَبَى مُبَالَغَةٌ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ وَعَمَّا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ. (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ أَوْ مِنْهَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِمْ فِيهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ هِشَامٍ لَا عَلَى مَا قَالَهُ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ إذْ عِنْدَهُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ الْقَوْلَةِ السَّابِقَةِ وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ عَنْ الْمُجْتَبَى هُنَاكَ.
(قَوْلُهُ تَدْخُلُ الْوَثَائِلُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الْوَثَائِلُ جَمْعُ وَثَلٍ مُحَرَّكَةٌ وَهُوَ الْحَبْلُ مِنْ اللِّيفِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا عُمَدُ الزَّرَاجِينِ الْمَدْفُونَةُ أُصُولُهَا فِي الْأَرْضِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الْمُرَادُ بِالزَّرَاجِينِ الْكَرْمُ هُنَا قَالَ فِي مُخْتَارِ اللُّغَةِ الزَّرَجُونُ بِالتَّحْرِيكِ الْخَمْرُ وَقِيلَ الْكَرْمُ فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ وَأَرَادَ بِالْأَعْمِدَةِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا أَغْصَانُ الْكَرْمِ زَمَنَ الصَّيْفِ وَتَقْيِيدُهُ بِالْمَدْفُونَةِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَوْضُوعَةَ عَلَى الْأَرْضِ لَا تَدْخُلُ بِمَنْزِلَةِ الْحَطَبِ الْمَوْضُوعِ فِي الْكَرْمِ وَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ وَاقِعَةً الْفَتْوَى وَيَنْبَغِي بِنَاءً عَلَى مَا فِي الْقُنْيَةِ أَنْ يُفْتَى بِدُخُولِهَا فِي الْبَيْعِ إنْ كَانَتْ مَدْفُونَةً وَإِلَّا فَلَا كَذَا رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إذَا كَانَتْ مَجْمُوعَةً شِبْهَ التَّلِّ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَّا إذَا كَانَتْ بِزِيَادَةِ إلَّا وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْقُنْيَةِ بِدُونِهَا.
(قَوْلُهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرِ الْمَرَافِقِ) ، كَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَفِي نُسْخَةٍ بِذِكْرِ بِدُونِ لَا وَهُوَ الَّذِي فِي الْقُنْيَةِ. (قَوْلُهُ وَفِي الْبَدَائِعِ الطَّرِيقُ الْأَعْظَمُ إلَخْ) ذُكِرَ مِثْلُهُ فِي الْمُجْتَبَى، وَقَالَ: وَكَذَا حَقُّ تَسْيِيلِ الْمَاءِ وَحَقُّ إلْقَاءِ الثَّلْجِ فِي مِلْكٍ خَاصٍّ لَا يَدْخُلُ إلَّا نَصًّا أَوْ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ أَوْ الْمَرَافِقِ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْحُقُوقَ وَالْمَرَافِقَ لَمْ يَدْخُلْ الطَّرِيقُ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ إذَا قَالَ ظَنَنْت أَنَّ لَهُ مِفْتَحًا إلَى الطَّرِيقِ.
الْقَامُوسِ إكَافُ الْحِمَارِ كَكِتَابٍ وَغُرَابٍ وَوِكَافُهُ بَرْدَعَتُه وَالْأَكَّافُ صَانِعُهُ وَآكَفَ الْحِمَارَ إيكَافًا وَوَكَّفَهُ تَوْكِيفًا شَدَّهُ عَلَيْهِ وَأَكَّفَ الْإِكَافَ تَأْكِيفًا اتَّخَذَهُ اهـ.
فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِكَافَ الْبَرْدَعَةُ. وَظَاهِرُ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهَا غَيْرُهُ لِلْعَطْفِ وَلَكِنْ قَالَ فِي الْقَامُوسِ فِي بَابِ الْعَيْنِ الْبَرْدَعَةُ الْحِلْسُ تَحْتَ الرَّجُلِ وَبِلَا لَامٍ، وَقَدْ تُنْقَطُ دَالُهُ اهـ.
فَعَلَى هَذَا الْإِكَافُ الرَّحْلُ وَالْبَرْدَعَةُ مَا تَحْتَهُ وَلَكِنَّهُ فِي الْعُرْفِ الْإِكَافُ خَشَبَتَانِ فَوْقَ الْبَرْدَعَةِ وَقَوْلُهُ بِلَا ذِكْرٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ أَمَرَ غَيْرَهُ بِبَيْعِ أَرْضٍ فِيهَا أَشْجَارٌ فَبَاعَ الْوَكِيلُ الْأَرْضَ بِأَشْجَارِهَا، فَقَالَ الْمُوَكِّلُ مَا أَمَرَتْهُ بِبَيْعِ الْأَشْجَارِ قَالَ الْفَضْلِيُّ الْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ فِيمَا أَمَرَ وَالْمُشْتَرِي يَأْخُذُ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَشْجَارِ بِنَاءٌ اهـ.
وَفِيهَا اشْتَرَى كَرْمًا فِيهَا أَشْجَارُ الْفِرْصَادِ وَشَجَرُ الْوَرْدِ وَعَلَى شَجَرِ الْفِرْصَادِ تُوتٌ وَأَوْرَاقٌ وَعَلَى شَجَرِ الْوَرْدِ وَرْدٌ، وَقَالَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ لَا يَدْخُلُ التُّوتُ وَأَوْرَاقُ الْفِرْصَادِ فِي الْبَيْعِ، وَكَذَا الْوَرْدُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ بِلَا تَسْمِيَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِالْأَرْضِ لِلْفَصْلِ فَشَابَهُ الْمَتَاعَ الَّذِي هُوَ فِيهَا وَلَا يُرَدُّ حَمْلُ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فَصْلُ الْآدَمِيِّ وَالْحَمْلُ بِفَصْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ لِلْمُجَانَسَةِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا نَبَتَ أَوَّلًا وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ فِيهَا وَشَمِلَ مَا إذَا نَبَتَ، وَلَمْ يَصِرْ لَهُ قِيمَةٌ وَفِيهِ قَوْلَانِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ فِي الْهِدَايَةِ وَصَحَّ فِي التَّجْنِيسِ بِأَنَّ الصَّوَابَ الدُّخُولُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقُدُورِيُّ والإسبيجابي.
وَفَصَّلَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي غَيْرِ النَّابِتِ بَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُعَفِّنْ أَوْ لَا، فَإِنْ عَفَّنَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْعَفَنَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ فَصَارَ كَجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَفِي الْمِصْبَاحِ عَفِنَ الشَّيْءُ عَفَنًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَسَدَ مِنْ نَدْوَةٍ أَصَابَتْهُ فَهُوَ يَتَمَزَّقُ عِنْدَ مَسِّهِ وَعَفِنَ اللَّحْمُ تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنَّمَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُ بِأَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَبْذُورَةً أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا غَيْرَ مَبْذُورَةٍ عُلِمَ أَنَّهُ صَارَ مُتَقَوِّمًا اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ بِلَا زَرْعٍ وَبِهِ، فَإِنْ زَادَ فَالزَّائِدُ قِيمَتُهُ.
وَأَمَّا تَقْوِيمُهَا مَبْذُورَةً وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ، فَإِنَّمَا يُنَاسِبُ مَنْ يَقُولُ إذَا عَفِنَ الْبَذْرُ يَدْخُلُ وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَكَانَ هَذَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ أَنْ تَنَالَهُ الْمَشَافِرُ وَالْمَنَاجِلُ اهـ.
يَعْنِي مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَالَ يَدْخُلُ وَمَنْ قَالَ يَجُوزُ قَالَ لَا يَدْخُلُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاخْتِلَافَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى سُقُوطِ تَقَوُّمِهِ وَعَدَمِهِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ وَبِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ كِلَاهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى سُقُوطِ تَقَوُّمِهِ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ بَيْعِهِ عَلَى رَجَاءِ تَرْكِهِ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَحْشِ كَمَا وُلِدَ رَجَاءَ حَيَاتِهِ فَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي ثَانِي الْحَالِ اهـ.
وَمِشْفَرُ الْبَعِيرِ شَفَتُهُ وَالْجَمْعُ الْمَشَافِرُ وَالْمِنْجَلُ مَا يُحْصَدُ بِهِ الزَّرْعُ وَالْجَمْعُ الْمَنَاجِلُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَفِي الْمِصْبَاحِ الشَّفَةُ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْأَسْنَانِ وَالْمِشْفَرُ مِنْ ذَوِي الْخُفِّ وَالْحَفَلَةُ مِنْ ذِي الْحَافِرِ وَالْمِقَمَّةُ مِنْ ذِي الظِّلْفِ وَالْخَطْمُ وَالْخُرْطُومُ مِنْ السِّبَاعِ وَالْمَنْسَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَالسِّينُ مَفْتُوحَةٌ فِيهِمَا مِنْ ذَوِي الْجَنَاحِ الصَّائِدِ وَالْمِنْقَارُ مِنْ غَيْرِ الصَّائِدِ وَالْفِنْطِسَةُ مِنْ الْخِنْزِيرِ اهـ. وَصُحِّحَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ عَدَمُ الدُّخُولِ فِي الْبَيْعِ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ وَصُحِّحَ جَوَازُ الْبَيْعِ وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّلْفِيقِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِعَدَمِ الدُّخُولِ قَائِلٌ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَعَكْسُهُ فِيهِمَا وَصُحِّحَ فِي الْمُحِيطِ دُخُولُ الزَّرْعِ قَبْلَ النَّبَاتِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فَالْحَاصِلُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَشَمِلَ مَا إذَا نَبَتَ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يَنْبُتْ قَالَ فِي النَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ بِالْغِرْبَالِ. (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ) أَيْ اخْتَارَ عَدَمَ الدُّخُولِ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْبُتْ وَعِبَارَتُهُ إذَا بِيعَتْ الْأَرْضُ، وَقَدْ بَذَرَ فِيهَا صَاحِبُهَا، وَلَمْ يَنْبُتْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَوْدُوعٌ فِيهَا كَالْمَتَاعِ.
(قَوْلُهُ وَفَصَّلَ فِي الذَّخِيرَةِ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِمَا اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَنُقِلَ فِي الْفَتْحِ مِثْلُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ، وَقَالَ وَاخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا هُوَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَكَانَ هَذَا إلَخْ) يَعْنِي الِاخْتِلَافَ فِي دُخُولِ الزَّرْعِ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ قِيمَةٌ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ تَنَاوَلَهُ الْمَشَافِرُ وَالْمَنَاجِلُ أَيْ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ بِهَا لِقَصْرِهِ تَأَمَّلْ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُ الْمِشْفَرِ وَالْمِنْجَلِ قَرِيبًا.
(قَوْلُهُ يَعْنِي مَنْ قَالَ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ بَيْعِهِ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ اخْتَارَ عَدَمَ الدُّخُولِ خِلَافَ مَا اسْتَصْوَبَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ. (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ فِي السِّرَاجِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِي السِّرَاجِ لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ مَا نَبَتَ، وَلَمْ تَنَلْهُ الْمَشَافِرُ وَالْمَنَاجِلُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ أَوْ لَا الصَّحِيحُ الْجَوَازُ.
(قَوْلُهُ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ الْقَائِلَ بِعَدَمِ الدُّخُولِ قَائِلٌ بِعَدَمِ الْجَوَازِ إلَخْ) الَّذِي قَدَّمَهُ خِلَافُ هَذَا وَهُوَ أَنَّ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الدُّخُولِ بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَبِالْعَكْسِ فَلَيْسَ مَا فِي السِّرَاجِ مِنْ التَّلْفِيقِ بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي النَّهْرِ اعْتَرَضَهُ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ هَذَا سَهْوٌ ظَاهِرٌ بَلْ الْقَائِلُ بِعَدَمِ
أَنَّ الْمُصَحَّحَ عَدَمُ الدُّخُولِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ إلَّا إذَا كَانَ قَبْلَ النَّبَاتِ فَالصَّوَابُ دُخُولُ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ فَاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِيمَا لَا قِيمَةَ لَهُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الثَّمَرُ الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ وَقِيلَ يَحْكُمُ الثَّمَنُ فِي الْكُلِّ، فَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ وَالثَّمَرِ يَدْخُلُ تَبَعًا وَإِلَّا فَلَا.
كَذَا فِي الْمُجْتَبَى قُيِّدَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي رَهْنِ الْأَرْضِ بِلَا ذِكْرٍ كَالشَّجَرِ وَالثَّمَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ فَيَدْخُلُ فِي رَهْنِ الْأَرْضِ تَبَعًا، كَذَا فِي رَهْنِ الْخَانِيَّةِ. وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ، فَقَالَ فِي الْإِسْعَافِ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ تَبَعًا وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ النَّابِتُ فِيهَا حِنْطَةً كَانَ أَوْ شَعِيرًا أَوْ غَيْرَهُ، وَكَذَلِكَ الْبَقْلُ وَالْآسُ وَالرَّيَاحِينُ وَالْخِلَافُ وَالطَّرْفَاءُ وَمَا فِي الْجَمَّةِ مِنْ حَطَبٍ، وَلَوْ زَادَ بِحُقُوقِهَا تَدْخُلُ الثَّمَرَةُ الْقَائِمَةُ فِي الْوَقْفِ إلَخْ. وَأَمَّا فِي الْإِقْرَارِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَقَرَّ بِأَرْضٍ عَلَيْهَا زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ دَخَلَ فِي الْإِقْرَارِ، وَلَوْ بَرْهَنَ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ أَنَّ الزَّرْعَ لَهُ صُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي الزَّرْعِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الشَّجَرِ اهـ.
وَأَمَّا فِي الْهِبَةِ فَفِي الْخَانِيَّةِ لَا يَدْخُلُ الْحُلِيُّ وَالثِّيَابُ فِي هِبَةِ الْجَارِيَةِ. وَأَمَّا فِي الْإِقَالَةِ فَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي إقَالَةِ الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَا يَدْخُلُ الْغَلَقُ وَالسُّرُرُ وَالسَّلَالِمُ الْمُغْرَزَةُ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ إلَّا إذَا قَالَ بِمَرَافِقِهِ قَالُوا تَدْخُلُ وَالزَّرْعُ يَدْخُلُ فِيهَا.
وَفِي الْخَانِيَّةِ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ فَبَاعَ الْأَرْضَ بِدُونِ الزَّرْعِ أَوْ الزَّرْعَ بِدُونِ الْأَرْضِ جَازَ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ نِصْفَ الْأَرْضِ بِدُونِ الزَّرْعِ، وَإِنْ بَاعَ نِصْفَ الزَّرْعِ بِدُونِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَكَّارِ فَيَبِيعُ الْأَكَّارُ نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ جَازَ، وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَكَّارِ لَا يَجُوزُ هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأَكَّارِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ، وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ الْأَرْضِ مَعَ نِصْفِ الزَّرْعِ جَازَ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا رَطْبَةٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ أَوْ خِلَافٌ يُقْلَعُ فِي كُلِّ ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ رَيَاحِينُ أَوْ بُقُولٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْبَيْعِ مَا فِيهَا قَالَ الْفَضْلِيُّ مَا عَلَا مِنْهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرِ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَمَا كَانَ مِنْ أُصُولِهَا فِي الْأَرْضِ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ أُصُولَهَا تَكُونُ لِلْبَقَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ.
وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهَا قَصَبٌ أَوْ حَشِيشٌ أَوْ حَطَبٌ نَابِتٌ مَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَأُصُولُهَا فِي الْأَرْضِ تَدْخُلُ وَاخْتَلَفُوا فِي قَوَائِمِ الْخِلَافِ قَالَ بَعْضُهُمْ تَدْخُلُ؛ لِأَنَّهَا شَجَرٌ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ؛ لِأَنَّهَا تُعَدُّ مِنْ الثَّمَرِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ شَجَرَةُ قُطْنٍ فَبِيعَتْ الْأَرْضُ لَا يَدْخُلُ مَا فِيهَا مِنْ الْقُطْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَصْلِ الْقُطْنِ وَهُوَ الشَّجَرُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ كُرَّاثٌ فَبِيعَتْ الْأَرْضُ مُطْلَقًا مَا كَانَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَرْضِ لَا يَدْخُلُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا كَانَ مُغَيَّبًا وَالصَّحِيحُ الدُّخُولُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ الثَّمَرُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ إلَّا بِشَرْطٍ) أَيْ وَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بِيعَ الشَّجَرُ مَعَ الْأَرْضِ أَوْ وَحْدَهُ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ أَوْ لَا وَقَدَّمْنَا الِاخْتِلَافَ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي دُخُولِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَصُحِّحَ فِي الْهِدَايَةِ هُنَا إطْلَاقُ عَدَمِ الدُّخُولِ وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ يَجُوزُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ فَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ بَيْعِ الشَّجَرِ مَعَ الْأَرْضِ أَوْ وَحْدَهُ.
فَإِنْ قُلْتُ: الْكِتَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاخْتِصَارِ وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ فِي الْبَيْعِ بِلَا شَرْطٍ فَلِمَ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ قُلْتُ: لِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ فَالْمَبِيعُ فِي الْأُولَى الْأَرْضُ فَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ تَبَعًا وَفِي الثَّانِيَةِ النَّخْلُ وَالشَّجَرُ فَلَا يَدْخُلُ الثَّمَرُ تَبَعًا وَالثَّمَرَةُ تُجْمَعُ عَلَى ثِمَارٍ وَتُجْمَعُ عَلَى ثَمَرٍ وَثَمَرَاتٍ وَالثَّمَرُ هُوَ الْحَمْلُ الَّذِي تُخْرِجُهُ الشَّجَرَةُ أُكِلَ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ فَيُقَالُ ثَمَرُ الْأَرَاكِ وَثَمَرُ الْعَوْسَجِ وَثَمَرُ الْعِنَبِ وَقِيلَ لِمَا لَا نَفْعَ فِيهِ لَيْسَ لَهُ ثَمَرَةٌ، كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَأَطْلَقَ الشَّجَرَةَ فَشَمِلَ الْمُؤَبَّرَةَ وَغَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ أُبِّرَتْ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَالتَّأْبِيرُ التَّلْقِيحُ وَهُوَ إنْ يُشَقَّ الْكُمُّ وَيَذُرَّ فِيهَا مِنْ طَلْعِ الْفَحْلِ، فَإِنَّهُ يُصْلِحُ ثَمَرَ إنَاثِ النَّخْلِ لِحَدِيثِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ مَرْفُوعًا «مَنْ
ــ
[منحة الخالق]
الدُّخُولِ قَائِلٌ بِالْجَوَازِ كَمَا قَدْ عَلِمْت؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَجْعَلْهُ تَابِعًا وَمَنْ قَالَ بِالدُّخُولِ جَعَلَهُ تَابِعًا.
(قَوْلُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الدُّخُولِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ) شَامِلٌ لِأَرْبَعِ صُوَرٍ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ النَّبَاتِ أَوْ بَعْدَهُ وَمَا إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ فِيهِمَا أَوْ لَا، ثُمَّ أَخْرَجَ بِقَوْلِهِ إلَّا إذَا كَانَ إلَخْ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ النَّبَاتِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ بِأَنْ عَفِنَ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الصَّوَابُ دُخُولُهُ فِي الْبَيْعِ وَفِيمَا عَدَاهَا وَهُوَ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ النَّبَاتِ وَلَهُ قِيمَةٌ أَوْ بَعْدَهُ وَلَهُ قِيمَةٌ أَوْ لَا الصَّحِيحُ عَدَمُ الدُّخُولِ هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ أَنَّ الَّذِي نَبَتَ وَلَهُ قِيمَةٌ فَالصَّحِيحُ عَدَمُ دُخُولِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمَتْنِ وَالْهِدَايَةِ وَاَلَّذِي نَبَتَ، وَلَمْ تَصِرْ لَهُ قِيمَةٌ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَدْخُلُ.
وَأَمَّا مَا لَمْ يَنْبُتْ فَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ تَرْجِيحُ عَدَمِ دُخُولِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي اللَّيْثِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ. وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الدُّخُولِ إذَا لَمْ يَصِرْ لَهُ قِيمَةٌ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا إذَا كَانَ قَبْلَ.
بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» . وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» .
وَاسْتَدَلَّ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِالْحَدِيثِ «مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْمُؤَبَّرَةِ وَغَيْرِهَا وَأَجَابُوا عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ حَاصِلَهُ اسْتِدْلَالٌ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ فَمَنْ قَالَ بِهِ يَلْزَمُهُ وَأَهْلُ الْمَذْهَبِ يَنْفُونَ حُجِّيَّتَهُ وَمَا قِيلَ إنَّ فِي مَرْوِيِّهِمْ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُمْ لَوْ كَانَ لَقَبًا لِيَكُونَ مَفْهُومَ لَقَبٍ لَكِنَّهُ صِفَةٌ وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَهُمْ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ صَحَّ حَدِيثُ مُحَمَّدٍ فَهُمْ يَحْمِلُونَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَعَلَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ أَيْضًا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَادِثَةٍ وَاحِدَةٍ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُمْ مِنْ الْوَجْهِ الْقِيَاسُ عَلَى الزَّرْعِ الْمَفْهُومِ إذَا تَعَارَضَا وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ حَمْلُ الْإِبَارِ عَلَى الْإِثْمَارِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤَخِّرُونَهُ عَنْهُ وَكَانَتْ الْإِبَارُ عَلَامَةَ الْإِتْمَامِ فَعَلَّقَ بِهِ الْحُكْمَ بِقَوْلِهِ نَخْلًا مُؤَبَّرًا يَعْنِي مُثْمِرًا وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مِنْ أَنَّ الثَّمَرَةَ مُطْلَقًا لِلْمُشْتَرِي بَعِيدٌ إذْ يُضَادُّ الْأَحَادِيثَ الْمَشْهُورَةَ اهـ.
فَظَاهِرُهُ أَنَّ عِنْدَهُ تَرَدَّدَا فِي صِحَّةِ دَلِيلِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ الزَّيْلَعِيُّ الْمُخَرِّجُ لِأَحَادِيثِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ وَالْمَنْقُولُ فِي الْأُصُولِ حَتَّى فِي تَحْرِيرِ الْمُعْتَرِضِ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا اسْتَدَلَّ بِحَدِيثٍ كَانَ تَصْحِيحًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ بَعْدَهُ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إمَّا مُجْتَهِدٌ أَوْ نَاقِلُ أَدِلَّةِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَاسْتِدْلَالُهُ تَصْحِيحٌ وَقَوْلُهُ وَعَلَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ يَجِبُ قُلْنَا ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ مَذْكُورًا فِي بَعْضِ كُتُبِ الْأُصُولِ لِمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَنَا لَا فِي حَادِثَةٍ وَلَا فِي حَادِثَتَيْنِ حَتَّى جَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ التَّيَمُّمَ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ «عليه السلام جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» ، وَلَمْ يُحْمَلْ هَذَا الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَهُوَ قَوْلُهُ «عليه السلام التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ» إلَى آخِرِ مَا فِيهَا.
فَإِنْ قُلْتُ: ذُكِرَ فِي الزَّرْعِ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ وَذُكِرَ فِي الثَّمَرِ إلَّا بِالشَّرْطِ فَهَلْ لِلْمُغَايَرَةِ نُكْتَةٌ قُلْتُ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا غَايَرَ بَيْنَهُمَا لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسَمِّيَ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك الْأَرْضَ وَزَرْعَهَا أَوْ مَعَ زَرْعِهَا أَوْ بِزَرْعِهَا أَوْ الشَّجَرَ وَثَمَرَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ بِهِ أَوْ يُخْرِجَهُ مَخْرَجَ الشَّرْطِ فَيَقُولُ بِعْتُك الْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَكُونَ زَرْعُهَا لَك وَبِعْتُك الشَّجَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ لَك، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ وَكُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا أَوْ مِنْهَا، وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْمِعْرَاجِ.
وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَلْفَاظَ ثَلَاثَةٌ:
أَحَدُهَا إنْ بَاعَ أَرْضًا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْهَا وَالثَّانِي إنْ بَاعَ أَرْضًا بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مَعَ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ فَفِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَالثَّالِثُ إنْ بَاعَ أَرْضًا بِكُلِّ كَثِيرٍ وَقَلِيلٍ مِنْهَا أَوْ فِيهَا بِدُونِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ فَيَدْخُلَانِ فِيهِ اهـ.
وَقَدَّمْنَا حُكْمَ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ وَالشِّرْبِ مِنْ أَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ أَنَّ ذِكْرَ الْمَرَافِقِ وَالْحُقُوقِ مُقْتَصِرٌ أَوْ إنْ زَادَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لَمْ يَدْخُلَا فِيهِمَا عَلَى عَكْسِ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ وَفِي الْمِعْرَاجِ وَقَوْلُهُ بِكُلِّ كَثِيرٍ وَقَلِيلٍ يُذْكَرُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ، أَمَّا الثَّمَرُ الْمَجْدُودُ وَالزَّرْعُ الْمَحْصُودُ فِيهَا فَلَا يَدْخُلَانِ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ عَلَيْهَا ثِمَارٌ، وَقَالَ فِي الْبَيْعِ بِثِمَارِهَا فَأَكَلَ الْبَائِعُ الثِّمَارَ سَقَطَتْ حِصَّةُ الثِّمَارِ مِنْ الثَّمَنِ وَهَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِ الْبَاقِي ذُكِرَ فِي الْبُيُوعِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَاةً بِعَشَرَةٍ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلَدًا قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ فَأَكَلَهُ الْبَائِعُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَلْزَمُهُ الشَّاةُ بِخَمْسَةٍ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي مَسْأَلَةِ الثِّمَارِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ صَارَ مَبِيعًا مَقْصُودًا فَإِذَا أَكَلَ الْبَائِعُ تَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ عَلَيْهِ فَيُخَيَّرُ اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ اشْتَرَى أَرْضًا مَعَ الزَّرْعِ فَأَدْرَكَ الزَّرْعَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ تَقَايَلَا
ــ
[منحة الخالق]
النَّبَاتِ صَوَابُهُ بَعْدَ النَّبَاتِ وَقَوْلُهُ فَاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ صَوَابُهُ إبْدَالُ الْفَاءِ بِالْوَاوِ وَتَقْيِيدُهُ بِمَا قَبْلَ النَّبَاتِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُمْ مِنْ الْوَجْه الْقِيَاسِ عَلَى الْمَفْهُومِ) وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُمْ مِنْ الْوَجْهِ الْقِيَاسُ عَلَى الزَّرْعِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ إنَّهُ مُتَّصِلٌ لِلْقَطْعِ لَا لِلْبَقَاءِ فَصَارَ كَالزَّرْعِ وَهُوَ قِيَاسٌ صَحِيحٌ وَهُمْ يُقَدِّمُونَ الْقِيَاسَ عَلَى الْمَفْهُومِ إذَا تَعَارَضَا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْمَلْ هَذَا الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ) أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُقَيَّدَ هُنَا لَا يَنْفِي الْحُكْمَ عَمَّا عَدَاهُ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ لَقَبٌ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ فَلَيْسَ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْحَمْلُ فَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ فِي حَادِثَةٍ عِنْدَنَا وَالْحَمْلُ فِيهَا مَعَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ مَشْهُورٌ عِنْدَنَا مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمَنَارِ وَالتَّوْضِيحِ وَالتَّلْوِيحِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا حُكْمَ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ وَالشِّرْبِ إلَخْ) الَّذِي قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَيَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ لَيْسَ كَمَا ذَكَرَهُ هُنَا فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ أَمَّا الثَّمَرُ الْمَجْدُودُ) يَعْنِي مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ
لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا وَرَدَ عَلَى الْفَصِيلِ دُونَ الْحِنْطَةِ، وَلَوْ حَصَدَ الْمُشْتَرِي الزَّرْعَ، ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ مِنْ قِيمَةِ الْأَشْجَارِ وَتُسَلَّمُ الْأَشْجَارُ إلَى الْمُشْتَرِي هَذَا إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ بِقَطْعِ الْأَشْجَارِ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقْتَ الْإِقَالَةِ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُقَالُ لِلْبَائِعِ اقْطَعْهَا وَسَلِّمْ الْمَبِيعَ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْمَبِيعِ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ وَقَيَّدَهُ فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي مَشْغُولٌ بِمِلْكِ الْبَائِعِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَفْرِيغُهُ وَتَسْلِيمُهُ كَمَا إذَا كَانَ فِيهَا مَتَاعٌ قُيِّدَ بِالْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا انْقَضَتْ فِي الْإِجَارَةِ وَفِي الْأَرْضِ زَرْعٌ، فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُؤْمَرُ بِقَلْعِ زَرْعِهِ، وَإِنَّمَا يَبْقَى بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى انْتِهَائِهِ؛ لِأَنَّهَا لِلِانْتِفَاعِ وَذَلِكَ بِالتَّرْكِ دُونَ الْقَلْعِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الرَّقَبَةَ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ وَلِأَنَّ التَّسْلِيمَ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فَارِغَةً لَكِنَّ تَسْلِيمَ الْعِوَضِ تَسْلِيمٌ لِلْمُعَوِّضِ فَافْتَرَقَا فَلَا يُقَاسُ الْبَيْعُ عَلَى الْإِجَارَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الثَّلَاثَةِ وَفِي الِاخْتِيَارِ، وَلَوْ بَاعَ قُطْنًا فِي فِرَاشٍ فَعَلَى الْبَائِعِ فَتْقُهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمَهُ إمَّا جِذَاذُ الثَّمَرَةِ وَقَطْعُ الرَّطْبَةِ وَقَلْعُ الْجَزَرِ وَالْبَطَلِ وَأَمْثَالِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ فِي مِلْكِهِ وَلِلْعُرْفِ اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ اشْتَرَى ثِمَارَ الْكَرْمِ وَالْأَشْجَارِ وَهِيَ عَلَيْهَا يَتِمُّ تَسْلِيمُهَا بِالتَّخْلِيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِمِلْكِ الْبَائِعِ كَالْمُشَاعِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ، وَلَوْ بَاعَ قُطْنًا فِي فِرَاشٍ أَوْ حِنْطَةً فِي سُنْبُلٍ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقَبْضُ إلَّا بِالْفَتْقِ وَالدَّقِّ يَصِحُّ تَسْلِيمُ دَارٍ فِيهَا مَتَاعٌ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَأَرْضٌ فِيهَا أَشْجَارٌ لِغَيْرِهِ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ لَا بِحُكْمِ الْهِبَةِ اهـ.
وَفِيهَا، وَإِنْ اشْتَرَى الزَّرْعَ فِي الْأَرْضِ فَاحْتَرَقَ أَخَذَهَا بِحِصَّتِهَا إنْ شَاءَ اهـ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ شَجَرًا وَعَلَيْهِ ثَمَرٌ قَدْ أَدْرَكَ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ جَازَ وَعَلَى الْبَائِعِ قَطْعُ الثَّمَرِ مِنْ سَاعَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الشَّجَرَ فَيُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَارِغًا، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بِنَخْلٍ لِرَجُلٍ وَعَلَيْهِ بُسْرٌ أُجْبِرَ الْوَرَثَةُ عَلَى قَطْعِ الْبُسْرِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ مِنْ الرِّوَايَةِ رَجُلٌ بَاعَ عِنَبًا جُزَافًا فَعَلَى الْمُشْتَرِي قَطْعُهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ بَاعَهُ جُزَافًا مِثْلُ الثُّومِ فِي الْأَرْضِ وَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ إذَا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ لَوْ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ إنَّمَا يَجِبُ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ مُكَايَلَةً وَلَا مُوَازَنَةً وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ آخِرَ الْبَابِ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَةً بَدَا صَلَاحُهَا أَوْ لَا صَحَّ) أَيْ ظَهَرَ صَلَاحُهَا، وَإِنَّمَا صَحَّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ إمَّا لِكَوْنِهِ مُنْتَفَعًا بِهِ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَآلِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَقَوْلُهُ ثَمَرَةٌ أَيْ ظَاهِرَةٌ قَيَّدْنَا بِهِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهَا قَبْلَ الظُّهُورِ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْمُنْتَفَعِ بِهِ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بَعْدَ الظُّهُورِ بِشَرْطِ التَّرْكِ غَيْرُ صَحِيحٍ اتِّفَاقًا وَبَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا وَبَعْدَمَا تَنَاهَتْ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا إذَا أُطْلِقَ.
وَأَمَّا بِشَرْطِ التَّرْكِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ سَيَأْتِي فَصَارَ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْبَيْعُ بَعْدَ الظُّهُورِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مُطْلَقًا أَيْ لَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَا بِشَرْطِ التَّرْكِ فَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ وَعِنْدَنَا يَجُوزُ وَلَكِنْ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ الْآنَ أَكْلًا وَعَلَفًا لِلدَّوَابِّ فَقِيلَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَنَسَبَهُ قَاضِي خَانْ لِعَامَّةِ مَشَايِخِنَا وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ بَاعَ الثِّمَارَ فِي أَوَّلِ مَا تَطْلُعُ وَتَرَكَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ حَتَّى أَدْرَكَ فَالْعُشْرُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا لَمْ يُوجَبْ فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْعُشْرُ، وَصِحَّةُ الْبَيْعِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ بِنَاءً عَلَى التَّعْوِيلِ عَلَى إذْنِ الْبَائِعِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَرِيبٍ وَإِلَّا فَلَا انْتِفَاعَ بِهِ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ بِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ أَنْ يَبِيعَ الْكُمَّثْرَى أَوَّلَ مَا يَخْرُجُ مَعَ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ فَيَجُوزُ فِيهَا تَبَعًا لِلْأَوْرَاقِ كَأَنَّهُ وَرَقٌ كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلَوْ عَلَفًا لِلدَّوَابِّ فَالْبَيْعُ
ــ
[منحة الخالق]
فِي الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمُتَّصِلِ بِالْأَرْضِ وَالشَّجَرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ أَيْضًا وَالْمَجْدُودُ بِدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ وَمُعْجَمَتَيْنِ بِمَعْنَى أَيْ الْمَقْطُوعِ غَيْرَ أَنَّ الْمُهْمَلَتَيْنِ هُنَا أَوْلَى لِيُنَاسِبَ الْمَحْصُودَ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ ظَهَرَ صَلَاحُهَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ هُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بَدَا. (قَوْلُهُ وَصِحَّةُ الْبَيْعِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ بِنَاءً إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ حَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِتِلْكَ الْإِشَارَةِ لَا يَتِمُّ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَامٌّ وَهِيَ فِي خَاصٍّ لَكِنْ قَدْ عُلِمَ مِنْ دَلَالَةِ الِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمَهْرِ وَالْجَحْشِ جَوَازُ بَيْعِ الثِّمَارِ الَّتِي لَا يُنْتَفَعُ بِهَا الْآنَ فَذَكَرَ مُحَمَّدٌ التَّرْكَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فِي التَّصْوِيرِ إنَّمَا هُوَ لِوُجُوبِ الْعُشْرِ لَا لِجَوَازِ الْبَيْعِ
جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ مُطْلَقًا وَيَجِبُ قَطْعُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا بِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مُحَمَّدٌ سَابِقًا؛ لِأَنَّهُ بِعُمُومِهِ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَعَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهُوَ قَالَ تَحْمَارُّ أَوْ تَصْفَارُّ» .
وَأَجَابَ عَنْهُ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الظُّهُورِ وَغَيْرُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِشَرْطِ التَّرْكِ، فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا ظَاهِرَهُ فَأَجَازُوا الْبَيْعَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَهِيَ مُعَارَضَةٌ صَرِيحَةٌ لِمَنْطُوقِهِ فَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ مَتْرُوكٌ الظَّاهِرُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ إنْ لَمْ يَكُنْ لِمُوجِبٍ وَهُوَ عِنْدَهُمْ تَعْلِيلُهُ عليه الصلاة والسلام بِقَوْلِهِ «أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فِيمَا يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» ، فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِهَا مُدْرِكَةً قَبْلَ الْإِدْرَاكِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ النَّاسَ يَبِيعُونَ الثِّمَارَ قَبْلَ أَنْ تُقْطَعَ فَنَهَى عَنْ هَذَا الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ تُوجَدَ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ فَصَارَ مَحَلُّ النَّهْيِ بَيْعَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ التَّرْكِ إلَى أَنْ يَبْدُوَ الصَّلَاحُ وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ مُتَنَاوِلًا لِلنَّهْيِ، وَإِذَا صَارَ مَحَلُّهُ بَيْعَهَا بِشَرْطِ تَرْكِهَا إلَى أَنْ تَصْلُحَ فَقَدْ قَضَيْنَا عُهْدَةَ هَذَا النَّهْي، فَإِنَّا قَدْ قُلْنَا بِفَسَادِ هَذَا الْبَيْعِ فَبَقِيَ بَيْعُهَا مُطْلَقًا غَيْرَ مُتَنَاوِلٍ لِلنَّهْيِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَى آخِرِ مَا حَقَّقَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَحَمَلَهُ فِي الْمِعْرَاجِ عَلَى السَّلَمِ وَظُهُورُ الصَّلَاحِ عِنْدَنَا أَنْ يَأْمَنَ الْعَاهَةَ وَالْفَسَادَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ ظُهُورُ النَّضْحِ وَبُدُوُّ الْحَلَاوَةِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا فَأَثْمَرَتْ ثَمَرًا آخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَدَ الْبَيْعُ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ، وَلَوْ أَثْمَرَتْ بَعْدَهُ اشْتَرَكَا لِلِاخْتِلَاطِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ فِي مِقْدَارِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ.
وَكَذَا فِي بَيْعِ الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ إذَا حَدَثَ بَعْدَ الْقَبْضِ خُرُوجُ بَعْضِهَا اشْتَرَكَا وَكَانَ الْحَلْوَانِيُّ يُفْتِي بِجَوَازِهِ فِي الْكُلِّ وَزَعَمَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَصْحَابِنَا وَهَكَذَا حُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ الْفَضْلِيِّ وَكَانَ يَقُولُ الْمَوْجُودُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَصْلٌ وَمَا يَحْدُثُ تَبَعٌ لَهُ نَقَلَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ عَنْهُ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ عَنْهُ بِكَوْنِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْعَقْدِ يَكُونُ أَكْثَرَ بَلْ قَالَ عَنْهُ اجْعَلْ الْمَوْجُودَ أَصْلًا فِي الْعَقْدِ وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَعًا، وَقَالَ اُسْتُحْسِنَ فِيهِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ، فَإِنَّهُمْ تَعَامَلُوا بَيْعَ ثِمَارِ الْكَرْمِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ عَادَةٌ ظَاهِرَةٌ وَفِي نَزْعِ النَّاسِ عَنْ عَادَاتِهِمْ حَرَجٌ، وَقَدْ رَأَيْت فِي هَذَا رِوَايَةً عَنْ مُحَمَّدٍ وَهُوَ فِي بَيْعِ الْوَرْدِ عَلَى الْأَشْجَارِ، فَإِنَّ الْوَرْدَ مُتَلَاحِقٌ، ثُمَّ جَوَّزَ الْمَبِيعَ فِي الْكُلِّ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْمُخَلِّصُ مِنْ هَذِهِ اللَّوَازِمِ الصَّعْبَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ أُصُولَ الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ وَالرَّطْبَةِ لِيَكُونَ مَا يَحْدُثُ عَلَى مِلْكِهِ وَفِي الزَّرْعِ وَالْحَشِيشِ يَشْتَرِي الْمَوْجُودَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ وَيَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ مُدَّةً مَعْلُومَةً يَعْلَمُ غَايَةَ الْإِدْرَاكِ وَانْقِضَاءَ الْغَرَضِ فِيهَا بِبَاقِي الثَّمَنِ وَفِي ثِمَارِ الْأَشْجَارِ يَشْتَرِي الْمَوْجُودَ وَيَحِلُّ لَهُ الْبَائِعُ مَا يُوجَدُ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يَرْجِعَ يَفْعَلُ كَمَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي الْإِذْنِ فِي تَرْكِ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى رَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ كَانَ مَأْذُونًا فِي التَّرْكِ بِإِذْنٍ جَدِيدٍ فَيَحِلُّ لَهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا فَرْقَ فِي كَوْنِ الْخَارِجِ بَعْدَ الْعَقْدِ لِلْبَائِعِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّرْكُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْأَصَحُّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ السَّرَخْسِيُّ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الْمَعْدُومِ وَهُوَ. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَيُقَدِّمُ بَيْعَ الْأَشْجَارِ وَيُؤَخِّرُ الْإِجَارَةَ، فَإِنْ قَدَّمَ الْإِجَارَةَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَكُونُ مَشْغُولَةً بِأَشْجَارِ الْأَجْرِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَشْجَارَ بَعْدَ أُصُولِهَا لِهَذَا، وَلَوْ بَاعَ أَشْجَارَ الْبِطِّيخِ وَأَعَارَ الْأَرْضَ يَجُوزُ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْإِعَارَةَ لَا تَكُونُ لَازِمَةً وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَهَا اهـ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لَوْ اشْتَرَى التَّمْرَ عَلَى رُءُوسِ النَّخِيلِ فَجَذُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْجَزَرَ فَقَلْعُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي اهـ.
وَتَسْلِيمُ الثِّمَارِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ بِالتَّخْلِيَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَفِي
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَثْمَرَتْ بَعْدَهُ اشْتَرَكَا لِلِاخْتِلَاطِ) قَالَ فِي النَّهْرِ، فَإِنْ قُلْتُ: قَدْ مَرَّ أَنَّ التَّرْكَ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ فَمَتَى يَشْتَرِكَانِ قُلْتُ: مَعْنَى الْأَوَّلِ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ كَمَا مَرَّ وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ إنَّ الْعَيْنَ الزَّائِدَةَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا بَيْعٌ، وَإِنَّمَا حَدَثَتْ بَعْدَهُ، وَقَدْ خَفِيَ هَذَا عَلَى بَعْضِ طَلَبَةِ الدَّرْسِ إلَى أَنَّ بَيَّنْتُهُ لَهُ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ. (قَوْلُهُ بِبَاقِي الثَّمَنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَيَسْتَأْجِرُ. (قَوْلُهُ وَفِي ثِمَارِ الْأَشْجَارِ يَشْتَرِي الْمَوْجُودَ وَيَحِلُّ لَهُ الْبَائِعُ مَا يُوجَدُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ: كَتَبْت فِي لَطَائِفِ الْإِشَارَاتِ أَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك بِكَذَا عَلَى أَنِّي كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْت وَكِيلِي صَحَّ وَقِيلَ لَا فَإِذَا صَحَّ يَبْطُلُ الْعَزْلُ عَنْ الْمُعَلَّقَةِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَجَوَّزَهُ مُحَمَّدٌ فَيَقُولُ فِي عَزْلِهِ رَجَعْت عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَعَزَلْتُك عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَ عَلَى رُءُوسِ النَّخِيلِ فَجَذُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي) قَالَ الرَّمْلِيُّ
الْحَاوِي لَوْ شَرَطَ قَطْعَ الثَّمَرَةِ عَلَى الْبَائِعِ فَسَدَ الْبَيْعُ اهـ.
وَفِي الْبَدَائِعِ إذَا سَمَّى الثَّمَرَ مَعَ الشَّجَرِ صَارَ بَيْعًا مَقْصُودًا فَلَوْ هَلَكَ الثَّمَرُ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا تَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ كَالشَّجَرِ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ جَذَّهُ الْبَائِعُ وَهُوَ قَائِمٌ، فَإِنْ جَذَّهُ فِي حِينِهِ، وَلَمْ يَنْقُصْ فَلَا خِيَارَ وَيَقْبِضُهُمَا، وَلَوْ قَبَضَهُمَا بَعْدَ جِذَاذِ الْبَائِعِ فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُمَا مُتَفَرِّقَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَذَّهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ وَحْدَهُ لِاجْتِمَاعِهِمَا عِنْدَ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ، وَإِنْ نَقَصَهُ جِذَاذُ الْبَائِعِ سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي حِصَّةُ النُّقْصَانِ وَلَهُ الْخِيَارُ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَرَى الثِّمَارَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ فَرَأَى مِنْ كُلِّ شَجَرَةٍ بَعْضَهَا يَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ حَتَّى لَوْ رَضِيَ بَعْدَهُ يَلْزَمُهُ، وَإِنْ بَاعَ مَا هُوَ مُغَيَّبٌ فِي الْأَرْضِ كَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ وَأُصُولِ الزَّعْفَرَانِ وَالثُّومِ وَالشَّلْجَمِ وَالْفُجْلِ إنْ بَاعَ بَعْدَمَا أُلْقِيَ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ النَّبَاتِ أَوْ نَبَتَ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، فَإِنْ بَاعَ بَعْدَمَا نَبَتَ نَبَاتًا مَعْلُومًا يُعْلَمُ وُجُودُهُ تَحْتَ الْأَرْضِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَكُونُ مُشْتَرِيًا شَيْئًا لَمْ يَرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، ثُمَّ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ مَا لَمْ يَرَ الْكُلَّ وَيَرْضَى بِهِ وَعَلَى قَوْلِ صَاحِبَيْهِ لَا يَتَوَقَّفُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْكُلِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ بَعْدَ الْقَطْعِ كَالْجَزَرِ وَالثُّومِ وَالْبَصَلِ فَإِذَا قَلَعَ الْبَائِعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ قَلَعَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَقْلُوعُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ حَتَّى لَوْ رَضِيَ بِهِ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ، وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَلَعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ الْمَقْلُوعُ شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ لَزِمَهُ الْكُلُّ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْقَلْعِ كَانَ يَنْمُو وَبَعْدَ الْقَلْعِ لَا يَنْمُو وَالْعَيْبُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ الرَّدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْلُوعُ شَيْئًا يَسِيرًا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يُعْتَبَرُ وَالْقَلْعُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُغَيَّبُ يُبَاعُ بَعْدَ الْقَلْعِ عَدَدًا كَالْفُجْلِ قَطَعَ الْبَائِعُ بَعْضَهُ أَوْ قَلَعَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ لَا يَلْزَمُهُ مَا لَمْ يَرَ الْكُلَّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ بِمَنْزِلَةِ الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ قَلَعَ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ لَزِمَهُ الْكُلُّ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ شَيْئًا يَسِيرًا، وَإِنْ اخْتَصَمَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَلْعِ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَخَافُ إنْ قَلَعْتُهُ لَا يَصْلُحُ لِي فَيَلْزَمُنِي، وَقَالَ الْبَائِعُ أَخَافُ إنْ قَلَعْتُهُ لَا تَرْضَى بِهِ وَتَرُدُّهُ فَأَتَضَرَّرَ بِذَلِكَ يَتَطَوَّعُ إنْسَانٌ بِالْقَلْعِ وَإِلَّا يَفْسَخْ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ اشْتَرَى أَوْرَاقَ الثُّومِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الْقَطْعِ وَكَانَ مَوْضِعُ قَطْعِهَا مَعْلُومًا وَمَضَى وَقْتُهَا لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ اشْتَرَى أَوْرَاقَ التُّوتِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الْقَطْعِ لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ عُرْفًا صَحَّ، وَلَوْ تَرَكَ الْأَغْصَانَ فَلَهُ أَنْ يَقْطَعَهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ تَرَكَهَا مُدَّةً، ثُمَّ أَرَادَ قَطْعَهَا فَلَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالشَّجَرَةِ، وَلَوْ بَاعَ أَوْرَاقَ تُوتٍ لَمْ تُقْطَعْ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ يَجُوزُ وَبِسَنَتَيْنِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِسَنَةٍ يُعْلَمُ مَوْضِعُ قَطْعِهَا عُرْفًا بَاعَ أَوْرَاقَ التُّوتِ دُونَ ثَمَرِ التُّوتِ صَحَّ وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ اشْتَرَى رَطْبَةً مِنْ الْبُقُولِ أَوْ قِثَّاءً وَشَيْئًا يَنْمُو سَاعَةً فَسَاعَةً لَا يَجُوزُ كَبَيْعِ الصُّوفِ وَبَيْعُ قَوَائِمِ الْخِلَافِ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ يَنْمُو؛ لِأَنَّ نُمُوَّهَا مِنْ الْأَعْلَى بِخِلَافِ الرَّطْبَاتِ لَا الْكُرَّاثِ لِلتَّعَامُلِ وَمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ لَا يَجُوزُ اهـ.
وَفِي الْمُنْتَقَى وَبَيْعُ الْحِصْرِمِ أَوْ التُّفَّاحِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَالْخَوْخُ وَالْكُمَّثْرَى وَنَحْوِهَا غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِنْ كَانَ ثَمَرُ بَعْضِ الْأَشْجَارِ مُدْرِكًا دُونَ الْبَعْضِ جَازَ فِي الْمُدْرِكِ دُونَ غَيْرِهِ؛ تِينٌ قَدْ أَدْرَكَ بَعْضُهُ دُونَ الْبَعْضِ إنْ بَاعَ الْمَوْجُودَ مِنْهُ جَازَ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى خَرَجَ الْبَاقِي فَسَدَ الْبَيْعُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَعْرِيفًا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْمُشْتَرَطِ لِبُدُوِّ الصَّلَاحِ وَفِيهِ مَنْ سَرَقَ مَاءً فَسَقَى أَرْضَهُ أَوْ كَرْمَهُ يَطِيبُ لَهُ مَا خَرَجَ كَمَا لَوْ غَصَبَ شَعِيرًا أَوْ تِبْنًا وَسَمَّنَ بِهِ دَابَّتَهُ فَيَطِيبُ لَهُ مَا زَادَ فِي الدَّابَّةِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَلَفِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَقْطَعُهَا الْمُشْتَرِي تَفْرِيغًا لِمِلْكِ الْبَائِعِ) وَقَدَّمْنَا أَنَّ أُجْرَةَ الْقَطْعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَنَّ تَسْلِيمَ الثَّمَرَةِ بِالتَّخْلِيَةِ.
(قَوْلُهُ
ــ
[منحة الخالق]
وَفِي نَوَازِلِ أَبِي اللَّيْثِ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ الْعِنَبَ فِي الْكَرْمِ عَلَى مَنْ قَطْفُ الْعِنَبِ وَوَزْنُهُ قَالَ إذَا بَاعَ مُجَازَفَةً فَالْقَطْفُ وَالْجَمْعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِذَا بَاعَ مُوَازَنَةً فَعَلَى الْبَائِعِ الْقَطْفُ وَالْوَزْنُ اهـ.
وَسَيَذْكُرُهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَأُجْرَةُ الْكَيْلِ إلَخْ وَقَدَّمَهُ قَرِيبًا قُبَيْلَ هَذَا بِيَسِيرٍ.
(قَوْلُهُ وَالشَّلْجَمِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الشَّلْجَمُ كَجَعْفَرٍ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ وَلَا تَقُلْ سَلْجَمَ وَلَا ثَلْجَمَ أَوْ لُغَةً وَذُكِرَ فِي مَادَّةِ " لِفْت " وَاللِّفْتُ بِالْكَسْرِ الشَّلْجَمُ.
وَإِنْ شَرَطَ تَرْكَهَا عَلَى النَّخْلِ فَسَدَ) أَيْ الْبَيْعُ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ مَحَلُّ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ شَغْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ فِي بَيْعٍ إنْ كَانَ لِلْمَنْفَعَةِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ إعَارَةٌ فِي بَيْعٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ وَتَعَقَّبَهُمْ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّكُمْ قُلْتُمْ إنَّ كُلًّا مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ صَفْقَةٌ فَاسِدَةٌ فِي صَفْقَةٍ صَحِيحَةٍ فَفَسَدَتَا جَمِيعًا، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ تَرْكَ الزَّرْعِ عَلَى الْأَرْضِ لِمَا قُلْنَا أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا تَنَاهَى عِظَمُهُمَا أَوْ لَا فِي الْأَوَّلِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ، فَإِنَّهُ يَقُولُ اُسْتُحْسِنَ أَنْ لَا يَفْسُدَ بِشَرْطِ التَّرْكِ لِلْعَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَنَاهَ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ الْجُزْءَ الْمَعْدُومَ وَهُوَ مَا يَزْدَادُ بِمَعْنًى فِي الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ وَفِي الْأَسْرَارِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ وَفِي الْمُنْتَقَى ضَمَّ إلَيْهِ أَبَا يُوسُفَ وَفِي التُّحْفَةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا وَقُيِّدَ بِاشْتِرَاطِ التَّرْكِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا وَتَرَكَهَا، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ، وَإِنْ تَرَكَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ تَصَدَّقَ بِمَا زَادَ فِي ذَاتِهِ لِحُصُولِهِ بِجِهَةٍ مَحْظُورَةٍ، وَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَ مَا تَنَاهَى لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ هَذَا تَغَيُّرُ حَالَةٍ لَا تَتَحَقَّقُ زِيَادَةٌ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَتَرَكَهَا عَلَى النَّخْلِ وَقَدْ اسْتَأْجَرَ النَّخِيلَ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ طَلَبَ لَهُ الْفَضْلَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ وَالْحَاجَةِ فَبَقِيَ الْإِذْنُ مُعْتَبَرًا؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا وُجُودَ لَهُ فَكَانَ إذْنًا مَقْصُودًا بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى الزَّرْعَ وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ وَتُرِكَ حَيْثُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ لِلْجَهَالَةِ.
وَإِذَا فَسَدَ الْمُتَضَمَّنُ فَسَدَ الْمُتَضَمِّنُ فَأَوْرَثَتْ خَبَثًا، وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا هُنَا أَنَّ الشَّمْسَ تُنْضِحُهَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِتَقْدِيرِهِ وَيَأْخُذُ اللَّوْنَ مِنْ الْقَمَرِ وَالطَّعْمَ مِنْ الْكَوَاكِبِ فَلَمْ يَبْقَ فِيهِ إلَّا عَمَلُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِب، كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ قَتَادَةَ وَفِي الْمِعْرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى الْفُصُولِ لَوْ أَرَادَ إجَارَةَ الْأَشْجَارِ وَالْكُرُومِ فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَكْتُبَ إنَّ لِهَذَا الْمُشْتَرِي حَقَّ تَرْكِ الثِّمَارِ عَلَى الْأَشْجَارِ فِي مُدَّةِ كَذَا بِأَمْرٍ لَازِمٍ وَاجِبٍ وَعَسَى أَنْ تَكُونَ الثِّمَارُ وَالْأَشْجَارُ لِآخَرَ وَلَهُ حَقُّ التَّرْكِ فِيهَا إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ فَإِذَا ذُكِرَ هَذَا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ بِحَقٍّ لَازِمٍ، كَذَا فِي شَرْحِ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ اهـ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَاعَ شَجَرًا عَلَيْهِ ثَمَرٌ وَكَرْمًا فِيهِ عِنَبٌ لَا يَدْخُلُ الثَّمَرُ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِيَتْرُكَ عَلَيْهِ الثَّمَرَ لَمْ يَجُزْ وَلَكِنْ يُعَارُ إلَى الْإِدْرَاكِ فَلَوْ أَبَى الْمُشْتَرِي يُخَيَّرُ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ أَوْ قَطَعَ الثَّمَرَ، وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا بِدُونِ الزَّرْعِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ بِأَجْرِ مِثْلِهَا إلَى الْإِدْرَاكِ اهـ.
وَفِيهِ أَيْضًا شَرَى قَصِيلًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى صَارَ حَبًّا بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. اهـ.
وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ هَذَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ ثَمَرَةً بِدُونِ الشَّجَرَةِ، وَلَمْ يُدْرِكْ، وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِإِعَارَةَ الشَّجَرِ أَنْ يَتَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَهَا وَوَجْهُهُ فِيهِمَا إنَّ فِي الْقَطْعِ إتْلَافَ الْمَالِ إذْ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَقَوْلُهُ لَوْ بَاعَ أَرْضًا بِدُونِ الزَّرْعِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ بِأَجْرِ مِثْلِهَا مُشْكِلٌ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ قَطْعُهُ وَتَسْلِيمُ الْأَرْضِ فَارِغَةً، وَلَيْسَ هَذَا مَذْهَبَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ مِنْ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ التَّسْلِيمَ إلَى الْإِدْرَاكِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُوجِبُوا أَجْرَ الْمِثْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَثْنَى مِنْهَا أَرْطَالًا مَعْلُومَةً صَحَّ) أَيْ الْبَيْعُ وَالِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ وَبَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ جَائِزٌ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ بِخِلَافِ اسْتِثْنَاءِ الْحَمْلِ مِنْ الْجَارِيَةِ الْحَامِلِ أَوْ الشَّاةِ وَأَطْرَافِ الْحَيَوَانِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا إذَا بَاعَ هَذِهِ الشَّاةَ إلَّا أَلْيَتَهَا أَوْ هَذَا الْعَبْدَ إلَّا يَدَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ أَقْيَسُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ فِي
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ صَفْقَةٌ فَاسِدَةٌ فِي صَفْقَةٍ صَحِيحَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَنْتَ قَدْ عَلِمْت أَنَّ إجَارَةَ النَّخْلِ بَاطِلَةٌ وَفِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ الْإِعَارَةُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ الْكَاكِيُّ عَنْ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ اهـ.
وَأَقُولُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ حَيْثُ قَالَ بَاعَ شَجَرًا عَلَيْهِ ثَمَرٌ أَوْ كَرْمًا عَلَيْهِ عِنَبٌ لَا يَدْخُلُ الثَّمَرُ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِيَتْرُكَ عَلَيْهِ الثَّمَرَ لَمْ يَجُزْ وَلَكِنْ يُعَارُ إلَى الْإِدْرَاكِ فَلَوْ أَبَى الْمُشْتَرِي يُخَيَّرُ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ أَوْ قَطَعَ الثَّمَرَ اهـ.
فَلَا فَرْقَ يَظْهَرُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ اهـ. وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ آخِرَ الْقَوْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا هُنَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ يُنَاسِبُ ذِكْرَ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَفِي الْأَوَّلِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ، فَإِنَّهُ يَقُولُ أَسْتَحْسِنُ أَنْ لَا يَفْسُدَ بِشَرْطِ التَّرْكِ لِلْعَادَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ قَتَادَةَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هُنَا سَقْطٌ وَفِي نُسْخَةٍ غَيْرِ هَذِهِ بَيَاضٌ مَتْرُوكٌ لِلْحَدِيثِ. (قَوْلُهُ مُشْكِلٌ لِمَا قَدَّمْنَا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ بِرِضَا الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَقْيَسُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْفَسَادَ عِنْدَهُ فِي بَيْعِ الصُّبْرَةِ بِنَاءً عَلَى جَهَالَةِ الثَّمَنِ إذْ الْمَبِيعُ مَعْلُومٌ بِالْإِشَارَةِ وَفِيهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ وَالثَّمَنِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مَعْلُومٌ
مَسْأَلَةِ بَيْعِ صُبْرَةِ طَعَامٍ كُلِّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ أَفْسَدَ الْبَيْعَ بِجَهَالَةِ قَدْرِ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَهُوَ لَازِمٌ فِي اسْتِثْنَاءِ أَرْطَالٍ مَعْلُومَةٍ مِمَّا عَلَى الْأَشْجَارِ، وَإِنْ لَمْ تُفْضِ إلَى الْمُنَازَعَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ جَهَالَةٍ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ مُبْطِلَةٌ فَلَيْسَ يَلْزَمُ أَنَّ مَا لَا يُفْضِي إلَيْهَا يَصِحُّ مَعَهَا بَلْ لَا بُدَّ مَعَ عَدَمِ الْإِفْضَاءِ إلَيْهَا فِي الصِّحَّةِ مِنْ كَوْنِ الْمَبِيعِ عَلَى حُدُودِ الشَّرْعِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَدْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَعَلَى الْبَيْعِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ كَقُدُومِ الْحَاجِّ وَنَحْوِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مُصَحِّحًا.
كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْمِعْرَاجِ وَقِيلَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ وَالطَّحَاوِيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَرُ مُنْتَفَعًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُصِيبُهُ آفَةٌ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قَدْرُ الْمُسْتَثْنَى فَيَتَطَرَّقُ فِيهِ الضَّرَرُ اهـ.
وَمَحَلُّ الِاخْتِلَافِ مَا إذَا اسْتَثْنَى مُعَيَّنًا، فَإِنَّ اسْتَثْنَى جُزْءًا كَرُبْعٍ وَثُلُثٍ، فَإِنَّهُ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْكِتَابِ أَرْطَالًا مَعْلُومَةً وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ مِنْهَا أَيْ مِنْ الثَّمَرَةِ عَلَى رُءُوسِ النَّخِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَجْذُوذًا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ أَرْطَالًا جَازَ اتِّفَاقًا وَقُيِّدَ بِالْأَرْطَالِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى رِطْلًا وَاحِدًا جَازَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الْقَلِيلِ مِنْ الْكَثِيرِ بِخِلَافِ الْأَرْطَالِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرُ فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ، كَذَا فِي الْبِنَايَةِ وَسَيَأْتِي فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الْإِيرَادُ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي اسْتِثْنَاءِ الْحَمْلِ وَهُوَ أَنَّ الْإِيصَاءَ بِالْخِدْمَةِ مُنْفَرِدَةً جَائِزٌ وَاسْتِثْنَاؤُهَا لَا، وَكَذَلِكَ الْغَلَّةُ.
وَنَذْكُرُ جَوَابَهُ وَهِيَ قَاعِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ مُنْعَكِسَةٌ كَمَا فِي الْبِنَايَةِ، وَلَوْ بَاعَ صُبْرَةً بِمِائَةٍ إلَّا عُشْرَهَا فَلَهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ عُشْرَهَا لِي فَلَهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الثَّمَنِ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِيهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ أَبِيعُك هَذِهِ الْمِائَةَ شَاةٍ بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّ هَذِهِ لِي أَوْ وَلِي هَذِهِ فَسَدَ، وَلَوْ قَالَ إلَّا هَذِهِ كَانَ مَا بَقِيَ بِمِائَةٍ، وَلَوْ قَالَ وَلِي نِصْفُهَا كَانَ النِّصْفُ بِخَمْسِينَ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ إلَّا نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ جَازَ فِي كُلِّهِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى بَاعَ نِصْفَهُ بِأَلْفٍ؛ لِأَنَّهُ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَالنِّصْفُ الْمُسْتَثْنَى عَيْنُ بَيْعِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَهُ بِثَلَاثِمِائَةٍ أَوْ مِائَةِ دِينَارٍ فَسَدَ لِإِدْخَالِ صَفْقَةٍ فِي صَفْقَةٍ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَيَّدْنَا بِاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الثِّمَارِ أَوْ الصُّبْرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى شَاةً مِنْ قَطِيعٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا أَوْ ثَوْبًا مِنْ عَدْلِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ اسْتَثْنَى وَاحِدًا بِعَيْنِهِ جَازَ. كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ
وَفِيهَا أَبِيعُك دَارًا عَلَى أَنَّ لِي طَرِيقًا مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إلَى بَابِ الدَّارِ يَكُونُ فَاسِدًا، وَكَذَا لَوْ شُرِطَ الطَّرِيقُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَبَيَّنَ مَوْضِعَهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ كَانَ فَاسِدًا، وَلَوْ قَالَ أَبِيعُك هَذِهِ الدَّارَ إلَّا طَرِيقًا مِنْهَا مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إلَى بَابِ الدَّارِ وَوَصَفَ الطُّولَ وَالْعَرْضَ جَازَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الطَّرِيقِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا فَيَكُونُ جَمِيعُ الثَّمَنِ يُقَابِلُهُ غَيْرُ الْمُسْتَثْنَى فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ جَعَلَ الثَّمَنَ مُقَابَلًا بِجَمِيعِ الدَّارِ فَإِذَا شَرَطَ مِنْهَا طَرِيقًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ يُسْقِطُ حِصَّتهُ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَيَصِيرُ الْبَاقِي مَجْهُولًا، وَلَوْ قَالَ أَبِيعُك دَارِي هَذِهِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِي هَذَا الْبَيْتَ بِعَيْنِهِ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ جَازَ الْبَيْعُ.
وَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ إلَّا بِنَاءَهَا جَازَ الْبَيْعُ وَلَا يَدْخُلُ الْبِنَاءُ فِي الْبَيْعِ، وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا إلَّا هَذِهِ الشَّجَرَةَ بِعَيْنِهَا بِقَرَارِهَا جَازَ الْبَيْعُ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَدَلِّي أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِقْدَارُ غِلَظِ الشَّجَرَةِ دُونَ الزِّيَادَةِ.
رَجُلَانِ اشْتَرَيَا سَيْفًا وَتَوَاضَعَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْحِلْيَةُ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ النَّصْلُ كَانَ السَّيْفُ الْمُحَلَّى بَيْنَهُمَا وَالْخَاتَمُ مَعَ الْفَصِّ كَذَلِكَ، وَلَوْ اشْتَرَيَا دَارًا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الْأَرْضَ وَلِلْآخَرِ الْبِنَاءَ جَازَ كَذَلِكَ، وَلَوْ اشْتَرَيَا بَعِيرًا وَتَوَاضَعَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا رَأْسُهُ وَجِلْدُهُ وَقَوَائِمُهُ وَلِلْآخَرِ بَدَنُهُ تَوَاضَعَا فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَائِعُ شَيْئًا فَالْكُلُّ لِصَاحِبِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ الْبَدَنَ أَصْلٌ وَغَيْرَهُ بِمَنْزِلَةِ التَّبَعِ، وَلَوْ تَوَاضَعَا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا رَأْسَهُ وَجِلْدَهُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الِاخْتِلَافِ مَا إذَا اسْتَثْنَى مُعَيَّنًا إلَخْ) وَجْهُ كَوْنِ الْأَرْطَالِ الْمَعْلُومَةِ مُعَيَّنَةً أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّطْلِ مَا يَكُونُ قَدْرُهُ فِي الْوَزْنِ مِنْ الثَّمَرَةِ لَا الْقِطْعَةِ الَّتِي هِيَ آلَةُ الْوَزْنِ وَمَا يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ وَيُقَدَّرُ بِالرِّطْلِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ لَيْسَ جَزَاءً شَائِعًا فِي جَمِيعِ الثَّمَرَةِ بِخِلَافِ الرُّبْعِ وَالثُّلُثِ مَثَلًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَيَفْسُدُ بَيْعُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ دَارٍ لَا أَسْهُمٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الْقَلِيلِ مِنْ الْكَثِيرِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الثَّمَرَةَ تَبْلُغُ قَدْرًا كَثِيرًا زَائِدًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْطَالٍ أَوْ عَشَرَةً مَثَلًا بِحَيْثُ يَكُونُ الْبَاقِي أَكْثَرَ مِنْ الْمُسْتَثْنَى أَنَّهُ يَصِحُّ تَأَمُّلٌ وَفِي الْفَتْحِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. (قَوْلُهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ قَوْلُهُ مَا جَازَ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ وَوَصْفَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَأَمَةً عَلَى أَنْ يُعْتِقَ الْمُشْتَرِي إلَى آخِرِهِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ وَصْفِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَيَكُونُ طَرِيقُهُ عَرْضَ بَابِ الدَّارِ الْخَارِجَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ.