الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْيَدِ الْحَافِظَةِ وَالنَّاقِلَةِ، وَالثَّانِي مُنْعَدِمٌ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى الِاسْتِنْقَاذِ وَوُجُودِهِ ظَاهِرًا، وَالْأَصْلُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا مِلْكَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ فَتَحْرُمُ الْقِسْمَةُ وَالْبَيْعُ قَبْلَهُ وَيُشَارِكُ الْمَدَدُ الْعَسْكَرَ قَبْلَهُ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إذَا أَسْلَمُوا بِدَارِهِمْ قَبْلَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ أَمَةٍ مِنْ السَّبْيِ ادَّعَاهُ بَعْضُ الْغَانِمِينَ قَبْلَهُ وَيَجِبُ عُقْرُهَا وَتُقْسَمُ الْأَمَةُ وَالْوَلَدُ وَالْعُقْرُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَلَا يُورَثُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَهُ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ جَمِيعَ تِلْكَ الْأَحْكَامِ إنَّمَا هِيَ قَبْلَهُ أَمَّا بَعْدَهُ فَالْأَحْكَامُ مُخْتَلِفَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا مِلْكَ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا إلَّا بِالْقَسْمِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَثْبُتُ بِالْإِحْرَازِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ بَلْ يَتَأَكَّدُ الْحَقُّ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ وَاحِدٌ مِنْ الْغَانِمِينَ عَبْدًا بَعْدَ الْإِحْرَازِ لَا يَعْتِقُ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مِلْكٌ مُشْتَرَكٌ عَتَقَ بِعِتْقِ الشَّرِيكِ وَيَجْرِي فِيهِ مَا عُرِفَ فِي عِتْقِ الشَّرِيكِ فَحُكْمُ اسْتِيلَادِ الْجَارِيَةِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَبْلَهُ سَوَاءٌ نَعَمْ لَوْ قُسِمَتْ تِلْكَ الْغَنِيمَةُ عَلَى الرَّايَاتِ أَوْ الْعِرَافَةِ فَوَقَعَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ أَهْلِ رَايَةٍ صَحَّ اسْتِيلَادُ أَحَدِهِمْ لَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ عِتْقُهُ لَهَا لِأَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ تِلْكَ الرَّايَةِ وَالْعِرَافَةِ شَرِكَةُ مِلْكٍ لَكِنَّ هَذَا إذَا قَلُّوا حَتَّى تَكُونَ الشَّرِكَةُ خَاصَّةً أَمَّا إذَا كَثُرُوا فَلَا لِأَنَّ بِالشَّرِكَةِ الْعَامَّةِ لَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الْإِعْتَاقِ وَالْقَلِيلُ مِائَةٌ أَوْ أَقَلُّ وَقِيلَ أَرْبَعُونَ.
قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُوَقَّتَ وَيُجْعَلَ مَوْكُولًا إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّ الْجُنْدَ إذَا كَانَ بِحَيْثُ تَقَعُ بِهِمْ الشَّرِكَةُ فِي الْأَغْلَبِ كَانَتْ الشَّرِكَةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَامَّةً وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَقَعُ بِهِمْ الشَّرِكَةُ فِي الْغَالِبِ تَكُونُ شَرِكَةً خَاصَّةً اهـ.
وَفِيهَا وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا أَعْتَقَ الْإِمَامُ عَبْدًا مِنْ الْخُمُسِ جَازَ عِتْقُهُ وَوَلَاؤُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدًا اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةً لَا يُحَدُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُقْرُ إنْ وَطِئَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ دُونَ دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَنَافِعَ بُضْعِهَا اهـ.
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ وَقَدْ نَقَلَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِصِيغَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ قَالَ وَكَذَا إذَا قَتَلَ وَاحِدًا مِنْ السَّبْيِ أَوْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَهْلِكُ مِنْ الْغَانِمِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَعَبَّرَ بِالْحُرْمَةِ دُونَ الصِّحَّةِ.
لِأَنَّهُ إذَا قَسَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُجْتَهِدًا أَوْ قَسَمَ لِحَاجَةِ الْغَانِمِينَ فَصَحِيحَةٌ وَإِنْ قَسَمَ بِلَا اجْتِهَادٍ أَوْ اجْتَهَدَ فَوَقَعَ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهَا فَغَيْرُ صَحِيحَةٍ وَقَيَّدَ بِغَيْرِ الْإِيدَاعِ لِأَنَّهَا لِلْإِيدَاعِ جَائِزَةٌ وَصُورَتُهَا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَمُولَةٌ يَحْمِلُ عَلَيْهَا الْغَنَائِمَ فَيُقَسِّمُهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ قِسْمَةَ إيدَاعٍ لِيَحْمِلَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ يَرْتَجِعَهَا مِنْهُمْ فِيهَا فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَحْمِلُوهَا أَجْبَرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فِي رِوَايَةِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ لِأَنَّهُ دَفْعُ ضَرَرٍ عَامٍّ بِتَحْمِيلِ ضَرَرٍ خَاصٍّ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً شَهْرًا فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْمَفَازَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ عَلَيْهَا إجَارَةٌ أُخْرَى بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُجْبِرُهُمْ فِي رِوَايَةِ السِّيَرِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ ابْتِدَاءً كَمَا إذَا نَفَقَتْ دَابَّتُهُ فِي الْمَفَازَةِ وَمَعَ رَفِيقِهِ دَابَّةٌ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ فَإِنَّهُ بِنَاءٌ وَلَيْسَ بِابْتِدَاءٍ وَهُوَ أَسْهَلُ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ فِي الْغَنِيمَةِ حَمُولَةٌ حَمَلَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْكُلَّ مَالُهُمْ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ أَوْدَعَ الْغَنِيمَةَ إلَى بَعْضِ الْجُنْدِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَا يَبِينُ مَا فَعَلَ حَتَّى مَاتَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَإِذَا أَرَادَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ أَنْ يُرْسِلَ رَسُولًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَقْدِرْ الرَّسُولُ أَنْ يَخْرُجَ إلَّا فَارِسًا وَلِبَعْضِ الْعَسْكَرِ فَضْلُ فَرَسٍ فَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ فَرَسِهِ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبَيْعُهَا قَبْلَهَا) أَيْ حَرُمَ
بَيْعُ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ
أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا قَبْلَ الْإِحْرَازِ وَمَا بَعْدَهُ أَمَّا قَبْلَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَنَصِيبُهُ مَجْهُولٌ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَشِرْكُ
ــ
[منحة الخالق]
قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إذَا أَسْلَمُوا بِدَارِهِمْ) سَيَذْكُرُ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ لَا السُّوقِيِّ مَا يُخَالِفُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ عُقْرُهَا) سَيَذْكُرُ فِي هَذِهِ الْقَوْلَةِ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ) أَفَادَ أَنَّ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيُّ خِلَافُ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَلَا يُجْبِرُهُمْ فِي رِوَايَةِ السِّيَرِ الصَّغِيرِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ خَافَ تَفَرُّقَهُمْ لَوْ قَسَمَهَا قِسْمَةَ الْغَنِيمَةِ يَفْعَلُ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَخَفْ قَسَمَهَا قِسْمَةَ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِلْحَاجَةِ وَفِيهِ إسْقَاطُ الْإِكْرَاهِ وَإِسْقَاطُ الْأُجْرَةِ.
[بَيْعُ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ]
(قَوْلُهُ وَبَيْعُهَا قَبْلَهَا) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهَذَا فِي بَيْعِ الْغُزَاةِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا بَيْعُ الْإِمَامِ لَهَا فَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ رَأَى
الْمَصْلَحَةَ
فِي ذَلِكَ وَأَقَلُّهُ تَخْفِيفُ إكْرَاهِ الْحَمْلِ عَنْ النَّاسِ أَوْ عَنْ الْبَهَائِمِ وَنَحْوِهِ وَتَخْفِيفُ مُؤْنَتِهِ عَنْهُمْ فَيَقَعُ عَنْ اجْتِهَادٍ فِي الْمَصْلَحَةِ فَلَا يَقَعُ جُزَافًا فَيَنْعَقِدُ بِلَا كَرَاهَةٍ مُطْلَقًا
الرِّدْءِ وَالْمَدَدِ فِيهَا) أَيْ فِي الْغَنِيمَةِ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي السَّبَبِ وَهُوَ الْمُجَاوَزَةُ أَوْ شُهُودُ الْوَقْعَةِ وَإِذَا لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجُوا الْغَنِيمَةَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ شَارَكُوهُمْ فِيهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ عِنْدَنَا بِالْإِحْرَازِ أَوْ بِقِسْمَةِ الْإِمَامِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِبَيْعِهِ الْمَغَانِمَ فِيهَا لِأَنَّ بِكُلٍّ مِنْهَا يَتِمُّ الْمِلْكُ فَتَنْقَطِعُ شَرِكَةُ الْمَدَدِ وَالرِّدْءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ بِمَعْنَى الْعَوْنِ وَالْمَدَدِ الْجَمَاعَةُ النَّاصِرُونَ لِلْجُنْدِ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُقَاتِلَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْجُنْدِيُّ الَّذِي لَمْ يُقَاتِلْ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ وَاحِدٌ عَلَى آخَرَ بِشَيْءٍ حَتَّى أَمِيرُ الْعَسْكَرِ، وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْمُحِيطِ الْمُتَطَوِّعُ فِي الْغَزْوِ وَصَاحِبُ الدِّيوَانِ فِي الْغَنِيمَةِ سَوَاءٌ اهـ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا قَسَمَ الْإِمَامُ الْغَنِيمَةَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَأَقَامَ عَدْلَيْنِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَنْقُضُ وَيُعَوَّضُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ لَا لِسُوقِيٍّ بِلَا قِتَالٍ) أَيْ لَا شَرِكَةَ لِلسُّوقِيِّ فِي الْغَنِيمَةِ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ لَا سَهْمًا وَلَا رَضْخًا لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ الْمُجَاوَزَةُ عَلَى قَصْدِ الْقِتَالِ فَانْعَدَمَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ فَيُعْتَبَرُ السَّبَبُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ الْقِتَالُ فَيُقَيَّدُ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ فَارِسًا أَوْ رَاجِلًا عِنْدَ الْقِتَالِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ الْمُرْتَدَّ إذَا أَسْلَمَ وَلَحِقَ بِالْجَيْشِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إنْ لَمْ يُقَاتِلْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ.
وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ السُّوقِيَّ إذَا قَاتَلَ ظَهَرَ أَنَّ قَصْدَهُ الْقِتَالَ وَالتِّجَارَةَ تَبَعٌ لَهُ فَلَا يَضُرُّهُ كَالْحَاجِّ إذَا اتَّجَرَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا مَنْ مَاتَ فِيهَا وَبَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا يُوَرَّثُ نَصِيبَهُ) لِأَنَّ الْإِرْثَ يَجْرِي فِي الْمِلْكِ وَلَا مِلْكَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ وَإِنَّمَا الْمِلْكُ بَعْدَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ صَرَّحُوا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّ مَعْلُومَ الْمُسْتَحَقِّ لَا يُوَرَّثُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَفِي قَوْلٍ يُوَرَّثُ وَلَمْ أَرَ تَرْجِيحًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فَإِنْ كَانَ مَاتَ بَعْدَ خُرُوجِ الْغَلَّةِ وَإِحْرَازِ النَّاظِرِ لَهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ يُوَرَّثُ نَصِيبُ الْمُسْتَحَقِّ لِتَأَكُّدِ الْحَقِّ فِيهِ فَإِنَّ الْغَنِيمَةَ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا يَتَأَكَّدُ الْحَقُّ فِيهَا لِلْغَانِمِينَ وَلَا مِلْكَ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مَعَ أَنَّ النَّصِيبَ يُوَرَّثُ فَكَذَا فِي الْوَظِيفَةِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ فِي يَد الْمُتَوَلِّي لَا يُوَرَّثُ نَصِيبُهُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْغَنِيمَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ قَبْلَ خُرُوجِ الْعَطَاءِ لَا يُوَرَّثُ نَصِيبُهُ سَوَاءٌ مَاتَ فِي
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجُوا الْغَنِيمَةَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ) أَيْ وَقَبْلَ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى الْبَلَدِ لِمَا فِي الشرنبلالية عِنْدَ قَوْلِ الدُّرَرِ وَمَدَدًا يَلْحَقُهُمْ ثَمَّةَ وَتَقْيِيدُهُ لُحُوقَ الْمَدَدِ بِدَارِ الْحَرْبِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ الْعَسْكَرُ بَلَدًا بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتَظْهَرُوا عَلَيْهِ ثُمَّ لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ لَمْ يُشَارِكْهُمْ لِأَنَّهُ صَارَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَصَارَتْ الْغَنِيمَةُ مُحْرَزَةً بِدَارِ الْإِسْلَامِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارِ اهـ.
وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَإِذَا لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ إلَخْ مُصَوَّرٌ فِيمَا إذَا غَنِمُوا مِنْهُمْ وَلَمْ يَظْهَرُوا عَلَيْهِمْ وَلَمْ تَصِرْ دَارَ إسْلَامٍ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ أَنَّ عَسْكَرًا دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ وَقَاتَلُوا أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ مَدَائِنِهِمْ وَقَهَرُوا أَهْلَهَا وَاسْتَوْلُوا عَلَيْهَا وَفَتَحُوهَا وَأَظْهَرُوا فِيهَا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ حَتَّى صَارَتْ الْمَدِينَةُ دَارَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَقْسِمُوا الْغَنَائِمَ حَتَّى لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ لَا يُشَارِكُوهُمْ فِيهَا اهـ.
(قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْغَنِيمَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ لِلْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنُ وَقْفٌ فَلَمْ يَسْتَوْفِيَا حَتَّى مَاتَا سَقَطَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الصِّلَةِ وَكَذَا الْقَاضِي وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ لِأَنَّهُ كَالْأُجْرَةِ اهـ.
وَجَزَمَ فِي الْبُغْيَةِ بِأَنَّهُ يُورَثُ بِخِلَافِ رِزْقِ الْقَاضِي وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْقَاضِي لَيْسَ صِلَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا أَجْرًا لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْعِبَادَةِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُمَا فَبِالنَّظَرِ إلَى الْأُجْرَةِ يُورَثُ مَا يَسْتَحِقُّ إذَا اُسْتُحِقَّ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِظُهُورِ الْغَلَّةِ وَقَبْضِهَا فِي يَدِ النَّاظِرِ وَبِالنَّظَرِ إلَى الصِّلَةِ لَا يُورَثُ وَإِنْ قَبَضَهُ النَّاظِرُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبِهَذَا عَرَفْت أَنَّ الْقِيَاسَ عَلَى الْغَنِيمَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ وَبَيَانٌ فِي الْوَقْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ.
مَا فِي النَّهْرِ وَلَمْ أَرَ لَهُ فِي الْوَقْفِ ذِكْرًا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ أَيْضًا هَذَا وَقَوْلُ النَّهْرِ أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْقَاضِي لَيْسَ صِلَةً مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ قُبَيْلَ الرِّدَّةِ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ أَيْضًا نَعَمْ مَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ وَنَحْوُهُ فِيهِ مَعْنَى الصِّلَةِ وَمَعْنَى الْأُجْرَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مَنْشَأُ الْخِلَافِ الْمَحْكِيِّ فِي الدُّرَرِ لَكِنَّ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبُغْيَةِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ جَانِبِ الْأُجْرَةِ فِي حَقِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا سِيَّمَا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ جَوَازِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَعَنْ هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مَشَى الْعَلَّامَةُ الطَّرَسُوسِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُدَرِّسَ وَنَحْوَهُ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ يُعْطَى بِقَدْرِ مَا بَاشَرَ وَيَسْقُطُ الْبَاقِي بِخِلَافٍ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالذُّرِّيَّةِ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ مُسْتَحِقٌّ مِنْهُمْ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ وَقْتُ ظُهُورِ الْغَلَّةِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَا خَرَجَتْ الْغَلَّةُ وَلَوْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا صَارَ مَا يَسْتَحِقُّهُ لِوَرَثَتِهِ وَإِلَّا سَقَطَ كَمَا حَرَّرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَالْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ
نِصْفِ السَّنَةِ أَوْ آخِرِهَا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ إنَّمَا لَا يُوَرَّثُ نَصِيبُهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ قَبْلَ الْبَيْعِ أَمَّا إنْ مَاتَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَوْ الْبَيْعِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ يُوَرَّثُ نَصِيبُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ وَيَنْتَفِعُ فِيهَا بِعَلَفٍ وَطَعَامٍ وَحَطَبٍ وَسِلَاحٍ وَدُهْنٍ بِلَا قِسْمَةٍ) لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُ وَلَا نَرْفَعُهُ أَطْلَقَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْحَاجَةِ وَقَدْ شَرَطَهَا فِي رِوَايَةٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا فِي الْأُخْرَى وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ فَيَجُوزُ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ.
وَجْهُ الْأُولَى أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ فَلَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ كَمَا فِي الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ. وَوَجْهُ الْأُخْرَى «قَوْلُهُ عليه السلام فِي طَعَامِ خَيْبَرَ كُلُوهَا وَاعْلِفُوهَا وَلَا تَحْمِلُوهَا» وَلِأَنَّ الْحُكْمَ يُدَارُ عَلَى دَلِيلِ الْحَاجَةِ وَهُوَ كَوْنُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ السِّلَاحَ لَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا بِشَرْطِ الْحَاجَةِ اتِّفَاقًا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ سَوَّى بَيْنَ الْكُلِّ وَأَطْلَقَ الطَّعَامَ فَشَمِلَ الْمُهَيَّأَ لِلْأَكْلِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُمْ ذَبْحُ الْمَوَاشِي وَيَرُدُّونَ جُلُودَهَا فِي الْغَنِيمَةِ وَقَيَّدَ جَوَازَ الِانْتِفَاعِ بِمَا ذُكِرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِمَا إذَا لَمْ يَنْهَهُمْ الْإِمَامُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ أَمَّا إذَا نَهَاهُمْ عَنْهُ فَلَا يُبَاحُ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ بِهِ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَتُهُمْ إلَيْهِ أَمَّا إذَا احْتَاجُوا إلَى الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ لَا يُعْمَلُ نَهْيُهُ وَقَيَّدَ بِالْمَذْكُورَاتِ لِأَنَّ مَا لَا يُؤْكَلُ عَادَةً لَا يَجُوزُ لَهُمْ تَنَاوُلُهُ مِثْلُ الْأَدْوِيَةِ وَالطِّيبِ وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِلْحَدِيثِ «رُدُّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ» كَذَا فِي الشَّرْحِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ بِأَحَدِهِمْ مَرَضٌ يُحْوِجُهُ إلَى اسْتِعْمَالِهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَلِبْسِ الثَّوْبِ فَالْمُعْتَبَرُ حَقِيقَةُ الْحَاجَةِ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْثًا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ يَنْتَفِعُ عَائِدٌ إلَى الْغَانِمِينَ فَخَرَجَ التَّاجِرُ وَالدَّاخِلُ لِخِدْمَةِ الْجُنْدِيِّ بِأَجْرٍ لَا يَحِلُّ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ خُبْزًا لِحِنْطَةٍ أَوْ طَبْخِ اللَّحْمِ فَلَا بَأْسَ بِهِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَلَوْ فَعَلُوا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَيَأْخُذُ الْجُنْدِيُّ مَا يَكْفِيه وَمَنْ مَعَهُ مِنْ عَبِيدِهِ وَنِسَائِهِ وَصِبْيَانِهِ الَّذِي دَخَلُوا مَعَهُ قَالُوا وَلَوْ احْتَاجَ الْكُلُّ إلَى الثِّيَابِ وَالسِّلَاحِ قَسَمَهَا حِينَئِذٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ قِسْمَةَ السِّلَاحِ وَلَا فَرْقَ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الْحَاجَةَ فِي الثِّيَابِ وَالسِّلَاحِ وَاحِدٌ بِخِلَافِ السَّبْيِ لَا يَقْسِمُ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ فُضُولِ الْحَوَائِجِ لَا أُصُولِهَا.
وَفِي الْمُحِيطِ وَجَدَ مُسْلِمٌ جَارِيَةً مَأْسُورَةً لَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي أَيْدِيهمْ وَقَدْ دَخَلَ بِأَمَانٍ كَرِهْت لَهُ غَصْبَهَا وَوَطْأَهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ لَا يَمْلِكُونَهَا بِخِلَافِ الْقِنَّةِ لِأَنَّهُ بِعَقْدِ الْأَمَانِ ضَمِنَ أَنْ لَا يَسْرِقَ وَلَا يَغْصِبَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ نَقْضًا فَإِنْ وَطِئَ مُدَبَّرَتَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَهْلُ الْحَرْبِ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا لِأَنَّهُمْ بَاشَرُوا الْوَطْءَ عَلَى تَأْوِيلِ الْمِلْكِ فَتَجِبُ الْعِدَّةُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ، وَالْمَأْسُورُ فِيهِمْ لَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَسْرِقَ أَمَتَهُ وَسَائِرَ أَمْوَالِهِ وَلَا يَقْتُلَهُمْ لِأَنَّهُ لَا عَهْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ مُبَاحَةٌ فِي حَقِّنَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا نَبِيعُهَا) لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُمْ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ وَأَفَادَ أَنَّهُمْ لَا يَتَمَوَّلُونَهَا كَالْمُبَاحِ لَهُ الطَّعَامُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْبَيْعَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْعُرُوضِ فَإِنْ بَاعَهُ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ رَدَّ الثَّمَنَ إلَى الْغَنِيمَةِ لِأَنَّهُ بَدَلُ عَيْنٍ كَانَ لِلْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ إنْ كَانَ غَنِيًّا وَيَأْكُلُ إنْ كَانَ فَقِيرًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا دَخَلَ الْعَسْكَرُ دَارَ الْحَرْبِ فَصَادَ رَجُلٌ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنْ الصَّيْدِ بَازِيًا أَوْ صَقْرًا أَوْ ظَبْيًا أَوْ صَادَ سَمَكَةً كَبِيرَةً مِنْ الْبَحْرِ أَوْ أَصَابَ عَسَلًا فِي جِبَالٍ لَا يَمْلِكُهُ أَهْلُ الْحَرْبِ أَوْ أَصَابَ جَوَاهِرَ مِنْ يَاقُوتٍ وَفَيْرُوزَجَ وَزُمُرُّدٍ مِنْ مَعْدِنٍ لَا يَمْلِكُهُ أَهْلُ الْحَرْبِ أَوْ أَصَابَ مَعْدِنَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ حَدِيدٍ مِمَّا لَا يَمْلِكُهُ أَهْلُ الْحَرْبِ سِوَى الْحَشِيشِ وَالْمَاءِ فَإِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الْعَسْكَرِ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْآخِذُ فَإِنْ كَانَ الْآخِذُ بَاعَهُ مِنْ التُّجَّارِ يَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْأَمِيرِ ثُمَّ الْإِمَامُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا
ــ
[منحة الخالق]
فَبِهَذَا تَعْلَمُ الْفَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ الْوَقْفِ إمَامًا وَنَحْوَهُ أَوْ مِنْ الْأَوْلَادِ.
(قَوْلُهُ أَمَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَوْ الْبَيْعِ) هَذَا فِي الْبَيْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ أَنَّ لِلْإِمَامِ بَيْعَ الْغَنِيمَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ عَائِدٌ إلَى الْغَانِمِينَ) لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ وَيَنْتَفِعُونَ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إلَى الْغَانِمِ بِالْأَفْرَادِ أَوْ يَقْرَأُ يَنْتَفِعُ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَالظَّرْفُ بَعْدَهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ وَالْمَأْسُورُ فِيهِمْ لَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَسْرِقَ أَمَتَهُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ سَقْطًا أَوْ تَحْرِيفًا فَلْيُرَاجِعْ الْمُحِيطُ
وَالثَّمَنُ أَنْفَعُ لِلْعَسْكَرِ مِنْ الْمَبِيعِ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَرَدَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ وَقَسَّمَهُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ أَنْفَعُ لَهُمْ مِنْ الثَّمَنِ فَسَخَ الْبَيْعَ وَاسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ وَجَعَلَهُ فِي الْغَنِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ قَائِمًا يُجِيزُ بَيْعَهُ وَيَأْخُذُ ثَمَنَهُ وَيَرُدَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ وَهَذَا كُلُّهُ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَعْمَلَ الْإِجَازَةُ بَعْدَ الْهَلَاكِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْجُنْدِ حَشَّ الْحَشِيشَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ اسْتَسْقَى الْمَاءَ وَيَبِيعُهُ مِنْ الْعَسْكَرِ أَوْ التُّجَّارِ كَانَ بَيْعُهُ جَائِزًا وَكَانَ الثَّمَنُ طَيِّبًا لَهُ وَلَوْ أَخَذَ جُنْدِيٌّ خَشَبًا فَعَمِلَ مِنْهُ قِصَاعًا ثُمَّ أَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْهُ ثُمَّ يُعْطِيه قِيمَةَ مَا زَادَ مِنْ الصَّنْعَةِ فِيهِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ وَقَسَّمَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ هَذَا الْخَشَبِ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَعَلَى قِيمَتِهِ مَعْمُولًا فَمَا أَصَابَ غَيْرَ الْمَعْمُولِ كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا أَصَابَ الْمَعْمُولُ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْعَامِلِ وَلَا يَصِيرُ الْمَصْنُوعُ مِلْكًا لِلْعَامِلِ بِهَذِهِ الصَّنْعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي مِلْكٍ خَاصٍّ لِغَيْرِهِ يُجْعَلُ الْمَصْنُوعُ مِلْكًا لِلصَّانِعِ فَيَنْقَطِعُ حَقُّ صَاحِبِ الْخَشَبِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَضْمَنُ بِالْغَصْبِ فَالصَّنْعَةُ لَا تُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الْمَالِكِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ جِلْدَ مَيْتَةٍ وَخَاطَهَا فَرْوًا ثُمَّ دَبَغَهَا فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ صَاحِبِ الْجِلْدِ عَنْ الْجِلْدِ بِهَذِهِ الصَّنْعَةِ وَلَوْ أُخْرِجَتْ الْغَنِيمَةُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَخَذَ آخَرُ مِنْهَا خَشَبًا وَجَعَلَهُ قِصَاعًا أَوْ غَيْرَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْخَشَبِ وَكَانَ الْمَصْنُوعُ لِلَّذِي عَمِلَ لَا سَبِيلَ لِلْإِمَامِ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهَا لَا) أَيْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ لِزَوَالِ الْمُبِيحِ وَلِأَنَّ حَقَّهُمْ قَدْ تَأَكَّدَ حَتَّى يُوَرَّثَ نَصِيبُهُ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِدُونِ رِضَاهُمْ (قَوْلُهُ وَمَا فَضَلَ رُدَّ إلَى الْغَنِيمَةِ) لِزَوَالِ حَاجَتِهِ، وَالْإِبَاحَةُ بِاعْتِبَارِهَا أَطْلَقَهُ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنْ يَكُونَ غَنِيًّا وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَأْكُلُ بِالضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الطَّعَامِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ فَكَذَلِكَ الْإِمْسَاكُ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ ارْتَفَعَتْ وَهَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَهَا بَاعَهَا وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْقِسْمَةُ لِقِلَّتِهِ فَتَعَذَّرَ إيصَالُهُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ كَاللُّقَطَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَطِفْلَهُ وَكُلَّ مَالٍ مَعَهُ أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ دُونَ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَزَوْجَتِهِ وَحَمْلِهَا وَعَقَارِهِ وَعَبْدِهِ الْمُقَاتِلِ) أَيْ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَخْذِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْنَا حَتَّى ظَهَرْنَا عَلَى الدَّارِ إلَى آخِرِهِ وَإِنَّمَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُنَافِي ابْتِدَاءَ الِاسْتِرْقَاقِ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا وَكُلَّ مَالٍ هُوَ فِي يَدِهِ لِقَوْلِهِ عليه السلام «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَالٍ فَهُوَ لَهُ» وَلِأَنَّهُ سَبَقَتْ يَدُهُ الْحَقِيقَةُ إلَيْهِ يَدَ الظَّاهِرِينَ عَلَيْهِ وَالْوَدِيعَةَ لَمَّا كَانَتْ فِي يَدٍ صَحِيحَةٍ مُحْتَرَمَةٍ صَارَتْ كَيَدِهِ وَخَرَجَ عَنْهُ عَقَارُهُ لِأَنَّهُ فِي يَدِ أَهْلِ الدَّارِ وَسُلْطَانِهَا إذْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ دَارِ الْحَرْبِ فَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً فَكَانَ فَيْئًا وَقِيلَ إنَّ مُحَمَّدًا جَعَلَهُ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ وَكَذَا عَبْدُهُ الْمُقَاتِلُ لِأَنَّهُ لَمَّا تَمَرَّدَ عَلَى مَوْلَاهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَصَارَ تَبَعًا لِأَهْلِ دَارِهِ وَكَذَا أَمَتُهُ الْمُقَاتِلَةُ وَلَوْ كَانَتْ حُبْلَى فَهِيَ وَالْجَنِينُ فَيْءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَأَمَّا وَلَدُهُ الْكَبِيرُ فَهُوَ فَيْءٌ لِأَنَّهُ كَافِرٌ حَرْبِيٌّ وَلَا تَبَعِيَّةَ وَكَذَا زَوْجَتُهُ وَحَمْلُهَا جُزْءٌ فَيَرِقَّ بِرِقِّهَا وَالْمُسْلِمُ مَحَلٌّ لِلتَّمْلِيكِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ لِأَنَّهُ حُرٌّ لِانْعِدَامِ الْجُزْئِيَّةِ عِنْدَ ذَلِكَ قَيَّدَ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ مَا كَانَ غَصْبًا فِي يَدِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَهُوَ فَيْءٌ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّ الْمَالَ تَابِعٌ لِلنَّفْسِ وَقَدْ صَارَتْ مَعْصُومَةً بِإِسْلَامِهِ فَيَتْبَعُهَا مَالُهُ فِيهَا وَلَهُ أَنَّهُ مَالٌ مُبَاحٌ فَيُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ وَالنَّفْسُ لَمْ تَصِرْ مَعْصُومَةً بِالْإِسْلَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُتَقَوِّمَةٍ إلَّا أَنَّهُ مُحَرَّمُ التَّعَرُّضِ فِي الْأَصْلِ لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا، وَإِبَاحَةُ التَّعَرُّضِ بِعَارِضٍ شَرَهٌ وَقَدْ انْدَفَعَ بِالْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْمَالِ لِأَنَّهُ خُلِقَ عُرْضَةً لِلِامْتِهَانِ فَكَانَ مَحَلًّا لِلتَّمَلُّكِ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ حُكْمًا فَلَمْ تَثْبُتْ الْعِصْمَةُ وَقَيَّدَ بِالْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَ حَرْبِيٍّ فَهِيَ فَيْءٌ لِأَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ بِمُحْتَرَمَةٍ وَقَيَّدْنَا كَوْنَ إسْلَامِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْدَهُ فَهُوَ عَبْدٌ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ انْعِقَادِ سَبَبِ الْمِلْكِ فِيهِ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَمَا أَخَذَ أَوْلَادَهُ الصِّغَارَ وَمَالَهُ وَلَمْ يُؤْخَذْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الطَّعَامِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ