الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يُعَمِّرُهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَجِبُ ابْتِدَاءً إلَّا فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَ لِلْوَقْفِ ذِمَّةٌ وَالْفُقَرَاءُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ ذِمَّةٌ إلَّا أَنَّهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ لَا تُتَصَوَّرُ مُطَالَبَتُهُمْ فَلَا يَثْبُتُ الدَّيْنُ بِاسْتِدَانَةِ الْقَيِّمِ إلَّا عَلَيْهِ وَدَيْنٌ يَجِبُ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ قَضَاءَهُ مِنْ غَلَّةٍ هِيَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ الْقِيَاسَ هَذَا لَكِنْ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ فِيمَا فِيهِ ضَرُورَةٌ نَحْوُ أَنْ يَكُونَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ زَرْعٌ يَأْكُلُهُ الْجَرَادُ وَيَحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ لِجَمْعِ الزَّرْعِ أَوْ طَالَبَهُ السُّلْطَانُ بِالْخَرَاجِ جَازَ لَهُ الِاسْتِدَانَةُ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يُتْرَكُ لِلضَّرُورَةِ.
قَالَ وَالْأَحْوَطُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَوْنُهَا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْحَاكِمِ أَعَمُّ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ وِلَايَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا عَنْ الْحَاكِمِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْحُضُورُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَدِينَ بِنَفْسِهِ وَهَذَا الَّذِي رُوِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ أَكْلِ الْجَرَادِ وَالزَّرْعِ وَبَيْنَ الْخَرَاجِ وَتُتَصَوَّرُ الِاسْتِدَانَةُ فِي أَكْلِ الْجَرَادِ الزَّرْعَ لِأَنَّ الزَّرْعَ مَالٌ لِلْفُقَرَاءِ وَهَذَا الدَّيْنُ إنَّمَا يُسْتَدَانُ لِحَاجَتِهِمْ فَأَمْكَنَ إيجَابُ الدَّيْنِ فِي مَالِهِمْ وَأَمَّا بَابُ الْخَرَاجِ فَلَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ غَلَّةٌ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى الِاسْتِدَانَةِ لِأَنَّ الْغَلَّةَ تُبَاعُ وَيُؤَدَّى مِنْهَا الْخَرَاجُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ غَلَّةٌ فَلَيْسَ هُنَا إلَّا رَقَبَةُ الْوَقْفِ وَرَقَبَةُ الْوَقْفِ لَيْسَتْ لِلْفُقَرَاءِ.
وَلَا يَسْتَقِيمُ إيجَابُ دَيْنٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْفُقَرَاءُ فِي مَالٍ لَيْسَ لَهُمْ فَهَذَا الْفَصْلُ مُشْكِلٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ غَلَّةٌ وَكَانَ بَيْعُهَا مُتَعَذِّرًا فِي الْحَالِ وَقَدْ طُولِبَ بِالْخَرَاجِ قَالُوا لَيْسَ قَيِّمُ الْوَقْفِ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ كَالْوَصِيِّ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْيَتِيمِ لِأَنَّ الْيَتِيمَ لَهُ ذِمَّةٌ صَحِيحَةٌ وَهُوَ مَعْلُومٌ فَتُتَصَوَّرُ مُطَالَبَتُهُ.
أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْيَتِيمِ شَيْئًا بِنَسِيئَةٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ قَيِّمُ وَقْفٍ طُلِبَ مِنْهُ الْجِبَايَاتُ وَالْخَرَاجُ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ الْوَاقِفِ شَيْءٌ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَدِينَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَمَرَ الْوَاقِفُ بِالِاسْتِدَانَةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالِاسْتِدَانَةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلِاسْتِدَانَةِ بُدٌّ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَأْمُرَهُ بِالِاسْتِدَانَةِ ثُمَّ يَرْجِعَ فِي الْغَلَّةِ لِأَنَّ لِلْقَاضِي هَذِهِ الْوِلَايَةَ وَإِنْ كَانَ لَهَا بُدٌّ لَيْسَ لِلْقَاضِي هَذِهِ الْوِلَايَةُ وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ الْمُتَوَلِّي إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْوَقْفِ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ فِي ثَمَنِ الْبَذْرِ إنْ أَرَادَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَلَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَمْلِكُ الِاسْتِدَانَةَ عَلَى الْوَقْفِ فَيَمْلِكُ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَفِيهِ رِوَايَتَانِ.
وَصَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ مَا قَالَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَفِي الْخَانِيَّةِ قَيِّمُ الْوَقْفِ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِمَرَمَّةِ الْمَسْجِدِ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي قَالُوا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْمَسْجِدِ وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْمَرَمَّةِ مِنْ مَالِهِ كَالْوَصِيِّ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَإِنْ أَدْخَلَ الْمُتَوَلِّي جِذْعًا مِنْ مَالِهِ فِي الْوَقْفِ جَازَ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ. اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْجِذْعِ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَبِيعَ الْجِذْعَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ لِأَجْلِ الْوَقْفِ ثُمَّ يُدْخِلَهُ فِي دَارِ الْوَقْفِ اهـ.
وَفَسَّرَ قَاضِي خَانْ الِاسْتِدَانَةَ
ــ
[منحة الخالق]
[الِاسْتِدَانَةِ لِأَجْلِ الْعِمَارَةِ فِي الْوَقْفِ]
(قَوْلُهُ نَحْوُ أَنْ يَكُونَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ زَرْعٌ يَأْكُلُهُ الْجَرَادُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: وَبِالْأَوْلَى إذَا غَصَبَ الْأَرْضَ غَاصِبٌ وَعَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِهَا إلَّا بِمَالٍ فَلَهُ الِاسْتِدَانَةُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ لِلضَّرُورَةِ فَهُوَ وَإِنْ خَالَفَ الْقِيَاسَ لَكِنْ يُتْرَكُ لِلضَّرُورَةِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ الْآتِي (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَصَحَّ مَا قَالَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ قَيِّمُ الْوَقْفِ إلَخْ) أَقُولُ: فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ إذَا أَشْهَدَ عِنْدَ الْإِنْفَاقِ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ عَلَى الْوَقْفِ يَرْجِعُ. اهـ.
وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ مَنْقُولًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ لِأَجْلِ الْوَقْفِ) أَيْ بِإِذْنِ الْقَاضِي لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفَسَّرَ قَاضِي خَانْ الِاسْتِدَانَةَ إلَخْ) أَقُولُ: عِبَارَةُ قَاضِي خَانْ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْقَيِّمَ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِدَانَةَ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي وَتَفْسِيرُ الِاسْتِدَانَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْوَقْفِ شَيْئًا وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ بِذَلِكَ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ غَلَّاتِ الْوَقْفِ فَاشْتَرَى لِلْوَقْفِ شَيْئًا وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ فِي غَلَّةِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ بَعْدَ وَرَقَةٍ وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَسْتَدِينَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي وَتَفْسِيرُ الِاسْتِدَانَةِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فَيَحْتَاجَ إلَى الْقَرْضِ وَالِاسْتِدَانَةِ أَمَّا إذَا كَانَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فَأَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِإِصْلَاحِ الْوَقْفِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ. اهـ.
قُلْتُ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ أَوْ اشْتَرَى مَعَ وُجُودِ مَالٍ لِلْوَقْفِ يَرْجِعُ وَلَوْ بِلَا أَمْرِ قَاضٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَالٌ لِلْوَقْفِ فَاشْتَرَى أَوْ أَنْفَقَ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِأَمْرٍ وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْقَرْضِ الْإِقْرَاضَ لَا الِاسْتِقْرَاضَ لِدُخُولِهِ فِي الِاسْتِدَانَةِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ قَبْلَ هَذَا قَيِّمُ الْوَقْفِ إذَا اشْتَرَى إلَخْ أَيْ عِنْدَ عَدَمِ مَالٍ فِي يَدِهِ لِلْوَقْفِ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْمَرَمَّةِ مِنْ مَالِهِ أَيْ إذَا كَانَ لِلْوَقْفِ مَالٌ وَحِينَئِذٍ لَهُ الرُّجُوعُ إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ فَيُوَافِقُ مَا سَيَأْتِي عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشْهَادَ لَازِمٌ قَضَاءً لَا دِيَانَةً فَلَا يُخَالِفُ
عَلَى الْوَقْفِ بِتَفْسِيرَيْنِ فَقَالَ فِي الثَّانِي وَتَفْسِيرُ الِاسْتِدَانَةِ بِمَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ الْغَلَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْهَا وَاشْتَرَى شَيْئًا لِلْوَقْفِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ مِنْ غَلَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَقَالَ فِي الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَرْضِ وَالِاسْتِدَانَةِ أَمَّا إذَا كَانَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فَأَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِإِصْلَاحِ الْوَقْفِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ. اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ بِرَقْمِ (يو) قَيِّمٌ أَنْفَقَ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ بِمِثْلِهِ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَتْ غَلَّتُهُ مُسْتَوْفَاةً أَوْ غَيْرَ مُسْتَوْفَاةٍ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ وَلِلْقَيِّمِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لِضَرُورَةِ الْعِمَارَةِ لَا لِتَقْسِيمِ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ رَقَمَ (بَنْك) اسْتَقْرَضَ الْقَيِّمُ لِمَصَالِحِ الْمَسَاجِدِ فَهُوَ عَلَى نَفْسِهِ وَبِرَقْمِ (عك) لَا أُصَدِّقُهُ فِي زَمَانِنَا وَبِرَقْمِ (حم) لَهُ ذَلِكَ وَبِرَقْمِ (بق) لَا يَسْتَدِينُ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي ثُمَّ ذَكَرَ مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ. اهـ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ وَلَوْ أَخَذَ الْمُتَوَلِّي دَرَاهِمَ الْوَقْفِ وَصَرَفَ دَنَانِيرَ إلَى عِمَارَةِ الْوَقْفِ صَحَّ لَوْ خَيْرًا وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَرْجِعُ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَوَصِيٍّ ثُمَّ رَقَمَ (مق) يَرْجِعُ لَوْ شَرَطَ وَإِلَّا لَا ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ الِاسْتِدَانَةَ لِضَرُورَةِ مَصَالِحِ الْوَقْفِ تَجُوزُ لَوْ أَمَرَ الْوَاقِفُ وَإِلَّا فَالْمُخْتَارُ أَنْ يَرْفَعَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَ بِهَا ثُمَّ رَقَمَ (فط) الْأَحْوَطُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَيْهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الْحُضُورُ لِبُعْدِهِ فَيَسْتَدِينُ بِنَفْسِهِ وَقِيلَ يَصِحُّ بِلَا رَفْعٍ وَلَوْ أَمْكَنَ اهـ.
وَفِي الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ قَيِّمُ الْوَقْفِ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ فَلَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
وَفِي الْحَاوِي وَيَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي إذَا احْتَاجَ إلَى الْعِمَارَةِ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْوَقْفِ وَيَصْرِفَ ذَلِكَ فِيهَا وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هِلَالًا مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ مُطْلَقًا وَحَمَلَهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي وَادَّعَى أَنَّهُ إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَلَا خِلَافَ فِيهِ وَالظَّاهِرُ كَمَا ذَكَرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ خِلَافُهُ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ تَعْلِيلِهِ وَأَمَّا غَيْرُ هِلَالٍ فَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ الِاسْتِدَانَةَ مُطْلَقًا لِلْعِمَارَةِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ إنْ كَانَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ لَا يَسْتَدِينُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهُ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَالْعِمَارَةُ لَا بُدَّ لَهَا فَيَسْتَدِينُ لَهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي وَأَمَّا غَيْرُ الْعِمَارَةِ فَإِنْ كَانَ لِلصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ لَا تَجُوزُ الِاسْتِدَانَةُ وَلَوْ بِإِذْنِ الْقَاضِي لِأَنَّ لَهُ مِنْهُ بُدًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْقُنْيَةِ بِقَوْلِهِ لَا لِتَقْسِيمِ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَأَنَّ الِاسْتِدَانَةَ أَعَمُّ مِنْ الْقَرْضِ وَالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا لَوْ اسْتَقْرَضَ الْمُتَوَلِّي إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ لَهُ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا رَفَعَ إلَى الْحَاكِمِ إنْ احْتَاجَ اهـ.
لَكِنْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا هَلْ يَسْتَدِينُ لِلْإِمَامِ وَالْخَطِيبِ وَالْمُؤَذِّنِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَقَطْ أَوْ لَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَدِينُ لَهُمْ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي لِقَوْلِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِضَرُورَةِ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ وَقَفَ عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ يَجُوزُ دَفْعُ غَلَّتِهِ إلَى الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَالْقَيِّمِ. اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْخَطِيبُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ فِي الْجَامِعِ نَظِيرُ مَنْ ذُكِرَ فِي الْمَسْجِدِ. اهـ.
فَعَلَى هَذَا تَخْرُجُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ قَوْلِ الْقُنْيَةِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ وَمِنْهَا هَلْ يَسْتَدِينُ بِإِذْنِ الْقَاضِي لِلْحُصْرِ وَالزَّيْتِ بِالْمَسْجِدِ أَمْ لَا فَعَلَى أَنَّهُمَا مِنْ الْمَصَالِحِ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِمَا مِنْ الْمَصَالِحِ فَفِي الْقُنْيَةِ رَقْمٌ لِرُكْنِ الدِّينِ الصَّبَّاغِيِّ وَقَالَ كَتَبْتُ إلَى الْمَشَايِخِ وَرَمَزَ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ وَشِهَابِ الدِّينِ الْإِمَامِيِّ هَلْ لِلْقَيِّمِ شِرَاءُ الْمِرْوَاحِ مِنْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ فَقَالَا لَا ثُمَّ رَمَزَ لِلْعَلَاءِ التَّرْجُمَانِيِّ فَقَالَ الدُّهْنُ وَالْحَصِيرُ وَالْمَرَاوِحُ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا مَصَالِحُهُ عِمَارَتُهُ ثُمَّ رَمَزَ لِأَبِي حَامِدٍ وَقَالَ الدُّهْنُ وَالْحَصِيرُ مِنْ مَصَالِحِهِ دُونَ الْمَرَاوِحِ قَالَ يَعْنِي مَوْلَانَا بَدِيعَ الدِّينِ وَهُوَ أَشْبَهُ لِلصَّوَابِ وَأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ. اهـ.
فَقَدْ تَحَرَّرَ
ــ
[منحة الخالق]
كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ غَلَّتُهُ مُسْتَوْفَاةً أَوْ غَيْرَ مُسْتَوْفَاةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْأَمْرِ مِنْ قَاضٍ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هِلَالًا مَنَعَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ مُطْلَقًا) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ بِإِذْنٍ وَبِغَيْرِ إذْنٍ (قَوْلُهُ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ تَعْلِيلِهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ تَعْلِيلِ هَذَا بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ لِلْوَقْفِ ذِمَّةٌ. اهـ.
قُلْتُ: لَكِنْ مَا مَرَّ عَنْ الْوَاقِعَاتِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيمَا إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي
أَنَّ الرَّاجِحَ كَوْنُهُمَا مِنْ الْمَصَالِحِ فَيَسْتَدِينُ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَمِنْهَا أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اسْتَدَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي مَقْبُولَ الْقَوْلِ لِمَا أَنَّهُ يُرِيدُ الرُّجُوعَ فِي الْغَلَّةِ وَهُوَ إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُهُ فِيمَا بِيَدِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْذِنْ الْقَاضِيَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَلَّةِ لِمَا أَنَّهُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ مُتَبَرِّعٌ. اهـ.
وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ أَوْ أَدْخَلَ جِذْعًا لَهُ فِي الْوَقْفِ لَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الِاسْتِدَانَةِ لِأَنَّهَا مَحْصُورَةٌ فِي الْقَرْضِ وَالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ صَرَفَ الْمُتَوَلِّي لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ مَالِهِ لَا يَكُونُ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ وَلَهُ الرُّجُوعُ وَلَكِنْ قَاضِي خَانْ قَيَّدَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَرَمَّةِ وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ فَوَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ وَعَلَى هَذَا وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي زَمَانِنَا فِي نَاظِرٍ أَذِنَ إنْسَانًا فِي الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ مَالِهِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ لِيَرْجِعَ بِهِ إذَا جَاءَتْ الْغَلَّةُ هَلْ يَكُونُ مِنْ بَابِ الِاسْتِدَانَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَلَا تَجُوزُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ أَوْ أَنَّهُ كَصَرْفِ النَّاظِرِ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ قُلْنَا بِرُجُوعِهِ فَإِنْ قُلْتَ إنَّهُ دَفَعَ لَهُمْ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ مَعَالِيمَهُمْ فَقَامَ مَقَامَهُمْ قُلْتُ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ الْوَكِيلُ لَوْ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ حَتَّى لَقِيَ الْآمِرَ فَقَالَ بِعْتُ ثَوْبَكَ مِنْ فُلَانٍ فَأَنَا أَقْضِيكَ عَنْهُ ثَمَنَهُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ قَالَ أَنَا أَقْضِيكَهُ عَنْهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي عَلَى الْمُشْتَرِي لِي لَمْ يَجُزْ وَرَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِمَا دَفَعَ وَفِي الْعُدَّةِ يُبَاعُ عِنْدَهُ بَضَائِعُ لِلنَّاسِ أَمَرُوهُ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا بِثَمَنٍ مُسَمًّى فَعَجَّلَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ إلَى أَصْحَابِهَا عَلَى أَنَّ أَثْمَانَهَا لَهُ إذَا قَبَضَهَا فَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَى أَصْحَابِ الْبَضَائِعِ اهـ.
قَالَ فِي الْقُنْيَةِ إذَا قَالَ الْقَيِّمُ أَوْ الْمَالِكُ لِمُسْتَأْجِرِهَا أَذِنْتُ لَكَ فِي عِمَارَتِهَا فَعَمَّرَهَا بِإِذْنِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْقَيِّمِ وَالْمَالِكِ وَهَذَا إذَا كَانَ يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِ إلَى الْمَالِكِ أَمَّا إذَا رَجَعَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَفِيهِ ضَرَرٌ بِالدَّارِ كَالْبَالُوعَةِ أَوْ شَغَلَ بَعْضَهَا كَالتَّنُّورِ فَلَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ. اهـ.
وَيَدُلُّ لَهُ بِالْأَوْلَى مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمُتَوَلِّي صَرَفَ الْعِمَارَةَ مِنْ خَشَبٍ مَمْلُوكٍ لَهُ وَدَفَعَ قِيمَتَهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ كَانَ لَهُ إذْ يَمْلِكُ الْمُعَاوَضَةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَوَصِيٍّ يَمْلِكُ صَرْفَ ثَوْبٍ مَمْلُوكٍ إلَى الصَّبِيِّ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَلَكِنْ لَوْ ادَّعَى لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدَّعِيَ عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا لَوْ ادَّعَى عِنْدَ الْقَاضِي وَقَالَ أَنْفَقْتُ مِنْ مَالِي كَذَا فِي الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ثُمَّ رَقَمَ بِعَلَامَةِ (بق) ادَّعَى وَصِيٌّ أَوْ قَيِّمٌ أَنَّهُ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذْ يَدَّعِي دَيْنًا لِنَفْسِهِ عَلَى الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ فَلَا يَصِحُّ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى ذَكَرَهُ فِي أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَيِّمُ الْوَقْفِ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ فِي الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهِ لَهُ الرُّجُوعُ وَكَذَا الْوَصِيُّ مَعَ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَكِنْ لَوْ ادَّعَى لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ الْمُتَوَلِّي إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ فِي مَالِ الْوَقْفِ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ يَرْجِعُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.
وَفِيهَا أَيْضًا قَيِّمُ الْمَسْجِدِ اشْتَرَى شَيْئًا لِمُؤْنَةِ الْمَسْجِدِ بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ بِمَالِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَقْفِ. اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ مُطْلَقًا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي سَوَاءٌ كَانَ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ أَوْ لَا سَوَاءٌ رَفَعَ إلَى الْقَاضِي أَوْ لَا سَوَاءٌ بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا الْخَامِسَةُ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْعِمَارَةِ أَحَدٌ مَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ شَرَطَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَخْ) يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ فَدَعْوَى الِاسْتِدَانَةِ بِالْأَوْلَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ كَصَرْفِ النَّاظِرِ عَلَيْهِمْ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ رحمه الله الْوَجْهُ أَنَّهُ كَصَرْفٍ بِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إذْ هُوَ مُسْتَقْرِضٌ مِنْهُ وَقَدْ أَمَرَهُ بِالصَّرْفِ عَلَيْهِمْ تَأَمَّلْ. اهـ.
أَقُولُ: إذَا كَانَ مُسْتَقْرِضًا لَا يَكُونُ كَصَرْفِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاضَ اسْتِدَانَةٌ فَلَا رُجُوعَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا بِرُجُوعِهِ) أَقُولُ: فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ السُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ الَّذِي وَقَفْتُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ النَّاظِرَ إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى عِمَارَةِ الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهِ لَهُ الرُّجُوعُ دِيَانَةً لَكِنْ لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ كَمَا فِي الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَكَلَامُهُمْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ وَإِلَّا لِمَا جَازَ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَلَمْ يَكْفِ الْإِشْهَادُ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ فَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ الصَّرْفُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ مِنْ مَالِهِ مُسَاوِيًا لِلصَّرْفِ عَلَى الْعِمَارَةِ مِنْ مَالِهِ نَعَمْ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لِأَجْلِ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا جَوَّزُوهَا لِمَا لَا بُدَّ لِلْوَقْفِ مِنْهُ كَالْعِمَارَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ. اهـ.
قُلْتُ اُنْظُرْ مَا قَدَّمْنَا فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) أَيْ ذَكَرَهُ فِي الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ (قَوْلُهُ الْخَامِسَةُ يَسْتَثْنِي إلَخْ) قِيلَ لَا مَحَلَّ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ الَّذِي يُبْدَأُ بِهِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ تَعْمِيرُهُ مَا إذَا كَانَ فِي تَرْكِ الْعِمَارَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ وَمَحَلُّ مَسْأَلَةِ الْخَصَّافِ مَا إذَا لَمْ
الْعِمَارَةَ فِي الْوَقْفِ فَإِنَّهُ تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ عَلَى صَاحِبِ الْغَلَّةِ إلَّا إذَا جُعِلَتْ غَلَّتُهَا لِفُلَانٍ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ بَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ شَرَطَ الْعِمَارَةَ مِنْ الْغَلَّةِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ الْعِمَارَةَ عَنْ حَقِّ صَاحِبِ الْغَلَّةِ لِأَنَّا لَوْ صَرَفْنَا الْغَلَّةَ إلَى الْعِمَارَةِ أَوَّلًا أَدَّى إلَى إبْطَالِ حَقِّ صَاحِبِ الْغَلَّةِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْغَلَّةِ فِي مُدَّةٍ مَخْصُوصَةٍ فَتَنْتَهِي بِمُضِيِّهَا وَلَوْ صَرَفْنَاهَا إلَيْهِ أَوَّلًا لَا يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ عِمَارَةِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ عِمَارَتُهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا إذَا كَانَ فِي تَأْخِيرِ الْعِمَارَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ بِالْوَقْفِ فَحِينَئِذٍ تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى إبْطَالِ مَقْصُودِ الْوَاقِفِ. اهـ.
وَقَيَّدَ بِالسَّنَتَيْنِ لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَأَمَّا الْمَشْرُوطُ لَهُ الْغَلَّةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ يُؤْخَذُ بِالْعِمَارَةِ اهـ.
السَّادِسَةُ فِي بَيَانِ مَنْ يُقَدَّمُ مَعَ الْعِمَارَةِ وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالشَّعَائِرِ وَلَمْ أَرَهُ إلَّا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ قَالَ وَاَلَّذِي يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَوْ لَا ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ
لِلْمَصْلَحَةِ
كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ لِلْمَدْرَسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ إلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِمْ ثُمَّ السِّرَاجُ وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ إلَى آخِرِ الْمَصَالِحِ. اهـ.
وَظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْإِمَامِ وَالْمُدَرِّسِ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا شَرْطٍ وَالتَّسْوِيَةُ بِالْعِمَارَةِ
ــ
[منحة الخالق]
يَكُنْ فِي تَرْكِ تَعْمِيرِ الْوَقْفِ هَلَاكُ الْوَقْفِ يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْخَصَّافِ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيلِ لِلْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِمَارَةِ سَنَةً لَيْسَ مِمَّا يُخْرِجُ الْوَقْفَ عَنْ حَالِهِ
(قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهُ إلَّا فِي الْحَاوِي) فِيهِ أَنَّهُ قَدَّمَ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ الْفَتْحِ بَيَانَ ذَلِكَ وَمُفَادُهُ مُسَاوَاةُ مَنْ خِيفَ بِقَطْعِهِ الضَّرَرُ لِلتَّعْمِيرِ (قَوْلُهُ إلَى آخِرِ الْمَصَالِحِ) تَمَامُ عِبَارَةِ الْحَاوِي هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مُعَيَّنًا عَلَى شَيْءٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ بَعْدَ عِمَارَةِ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْإِمَامِ وَالْمُدَرِّسِ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ بِلَا شَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمُدَرِّسَ يُقَدَّمَانِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ كَلَامَ الْحَاوِي فِيهِ حَيْثُ قَالَ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ وَالتَّسْوِيَةُ بِالْعِمَارَةِ تَقْتَضِي تَقْدِيمَهَا إلَخْ) الْمُرَادُ بِالتَّسْوِيَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ قَوْلِهِ مَا هُوَ أَقْرَبُ لِلْعِمَارَةِ مَعَ أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ بِثُمَّ الْمُفِيدَةِ لِلتَّرْتِيبِ لَكِنْ مَا قَرُبَ مِنْ الشَّيْءِ يُعْطَى حُكْمَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّسْوِيَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ السَّابِقِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيمِ مَنْ ذُكِرَ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ قَالَ فِي النَّهْرِ نَازَعَهُ فِيهِ بَعْضُ الْمَوَالِي بِقَوْلِ الْحَاوِي هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا. اهـ.
وَعَلَى مَا قُلْنَا مِنْ احْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّسْوِيَةُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ تَنْدَفِعُ الْمُنَازَعَةُ تَأَمَّلْ يَقُولُ الْفَقِيرُ جَامِعُ هَذِهِ الْحَوَاشِي رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الْمُحَشِّي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا نَصُّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى وَبَعْدُ فَقَدْ رُفِعَ لِعُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ سُؤَالٌ عَلَى لِسَانِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَالْمَقَامَيْنِ الْمُنِيفَيْنِ وَهُوَ مَا يُفِيدُ مَوَالِينَا مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ أَدَامَ اللَّهَ تَعَالَى الِانْقِيَادَ إلَيْهِمْ وَالِاسْتِسْلَامَ فِي وَاقِفٍ شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ خَطِيبًا وَإِمَامًا وَمُؤَذِّنِينَ وَبَوَّابِينَ وَخَدَمَةً وَمُدَرِّسِينَ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَطَلَبَةً وَقُرَّاءَ وَغَيْرَ ذَلِكَ ثُمَّ شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ إذَا ضَاقَ رِيعُ الْوَقْفِ عَنْ الْمَصَارِفِ قُدِّمَ مَا هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاقِفَ عَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورِينَ قَدْرًا مُعَيَّنًا وَشَرَطَ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ قَدْرًا مُعَيَّنًا فَهَلْ إذَا ضَاقَ رِيعُ الْوَقْفِ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ تُقَدَّمُ جِهَةُ الْحَرَمَيْنِ بِمَا شُرِطَ لَهُمْ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ أَوْ يُلْغَى هَذَا الشَّرْطُ وَيُسَوَّى فِي هَذَا الْوَقْفِ بَيْنَ جَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَمْ تُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ بِمَا شَرَطَ لَهُمْ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْحَرَمَيْنِ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ آمِينَ فَكَتَبَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا قَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ بِمَا لَفْظُهُ الَّذِي يُبْدَأُ بِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ شُرِطَ أَوْ لَا ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ لِلْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ لِلْمَصْلَحَةِ كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ لِلْمُدَرِّسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ قَدْرُ كِفَايَتِهِمْ ثُمَّ السِّرَاجُ وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ اهـ.
قَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ الْإِمَامُ وَالْمُدَرِّسُ وَالْوَقَّادُ وَالْفَرَّاشُ وَمَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمْ لِتَعْبِيرِهِ بِالْكَافِ وَظَاهِرُهَا يُفِيدُ أَيْضًا تَقْدِيمَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ لَا جَعْلُهُمْ كَالْعِمَارَةِ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ اسْتِوَاءَ الْعِمَارَةِ بِالْمُسْتَحَقِّينَ لَمْ يُعْتَبَرْ شَرْطُهُ وَإِنَّمَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ فَكَذَا هُمْ. اهـ.
مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَعَلَى مُقْتَضَى مَا أَفَادَهُ مِنْ أَنَّ عِبَارَةَ الْحَاوِي تُفِيدُ أَنَّ أَرْبَابَ الشَّعَائِرِ يُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ تُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ فِي هَذَا الْوَقْفِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ فِي حَالَةِ شَرْطِ اسْتِوَاءِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ بِغَيْرِهِمْ لَا تُحْرَمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ بِالْكُلِّيَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ أُلْغِيَ شَرْطُ الِاسْتِوَاءِ فَإِلْغَاؤُهُ فِي حَالَةٍ قَدْ يُحْرَمُونَ فِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَهِيَ حَالَةُ شَرْطِ تَقْدِيمِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ عَلَيْهِمْ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَفْضُلَ شَيْءٌ لِأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَيْهِمْ بِالْأَوْلَى ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَحَاصِلُ تَوَقُّفِهِ أَنَّهُ قَالَ لَا نُسَلِّمُ أَوَّلًا أَنْ يُقَاسَ حُكْمُ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى حُكْمِ الْعِمَارَةِ لِأَنَّ انْتِظَامَ مَصَالِحِ الْوَقْفِ بِإِقَامَةِ
يَقْتَضِيَ تَقْدِيمُهُمَا عِنْدَ شَرْطِ الْوَاقِفِ أَنَّهُ إذَا ضَاقَ رِيعُ الْوَقْفِ قَسَمَ الرِّيعَ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَّةِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُعْتَبَرُ وَلَكِنْ تَقْدِيمُ الْمُدَرِّسِ إنَّمَا يَكُونُ بِشَرْطِ مُلَازَمَتِهِ لِلْمَدْرَسَةِ لِلتَّدْرِيسِ الْأَيَّامَ الْمَشْرُوطَةَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ وَلِذَا قَالَ لِلْمَدْرَسَةِ لِأَنَّ مُدَرِّسَهَا إذَا غَابَ تَعَطَّلَتْ بِخِلَافِ مُدَرِّسِ الْجَامِعِ وَفِي الْقُنْيَةِ يُدَرِّسُ بَعْضَ النَّهَارِ فِي مَدْرَسَةٍ وَبَعْضَ النَّهَارِ فِي مَدْرَسَةٍ أُخْرَى وَلَا يَعْلَمُ شَرْطَ الْوَاقِفِ يَسْتَحِقُّ
ــ
[منحة الخالق]
شَعَائِرِهِ لَيْسَ كَانْتِظَامِهِ بِبَقَاءِ عَيْنِهِ لِيُقَاسَ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى إلَى مَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ فِي تَوْجِيهِ تَقْدِيمِ الْعِمَارَةِ عَلَى غَيْرِهَا وَإِنْ شَرَطَ تَأْخِيرَهَا مِنْ قَوْلِهِمْ لِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا شَرْطَهُ أَدَّى ذَلِكَ إلَى اضْمِحْلَالِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ فَيَعُودُ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَصَدَ مِنْ الْوَقْفِ بِالْإِبْطَالِ فَقِيَاسُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّذِي ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ تَقْدِيمِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ عَلَى حُكْمِ الْعِمَارَةِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ ظُهُورُهُ كَالشَّمْسِ وَبَعْدَهُ كَالْيَوْمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمْسِ هَذَا وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ فَالشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَدْ اخْتَصَرَ عِبَارَةَ الْحَاوِي وَجَعَلَهَا دَلِيلًا عَلَى مَا ادَّعَاهُ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِهِ يُنَافِي مَا ادَّعَاهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَتِمَّةُ عِبَارَةِ الْحَاوِي هُوَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْهُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مُعَيَّنًا عَلَى شَيْءٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ إلَّا بِقَدْرِ عِمَارَةِ الْبِنَاءِ اهـ.
كَلَامُ الْحَاوِي وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ التَّتِمَّةِ أَنَّهَا قَيْدٌ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَيُفِيدُ كَلَامُ الْحَاوِي أَنَّ تَقْدِيمَ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ قَدْرَ مَا يُعْطَى لِكُلِّ مُسْتَحِقٍّ أَمَّا إذَا عَيَّنَ لِكُلٍّ قَدْرًا مُعَيَّنًا فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْحَاوِي دَلِيلًا عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى هَذَا حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ الْمُتَوَقِّفُ فِي كَلَامِهِ أَحْيَا اللَّهُ تَعَالَى مَذْهَبَ إمَامِهِ هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ التَّوَقُّفِ الْأَوَّلِ بِأَنْ يُقَالَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ فِي تَقْدِيمِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَيْسَ هُوَ كَوْنَهُمْ كَالْعِمَارَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثِيَّةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي عُمُومِ النَّفْعِ بَيْنَ الْعِمَارَةِ وَأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ فَلَمَّا اشْتَرَكَا فِي عُمُومِ النَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَيْرِ اشْتَرَكَا فِي هَذَا الْحُكْمِ وَهُوَ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى الْغَيْرِ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ خِلَافَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِوَاءٍ أَوْ تَقْدِيمٍ وَإِذَا تَأَمَّلْتَ كَلَامَ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَجَدْتَهُ شَاهِدًا عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى وَيُجَابُ عَنْ التَّوَقُّفِ الثَّانِي بِأَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ الْوَاقِعَ تَتِمَّةَ كَلَامِ الْحَاوِي وَهُوَ قَوْلُهُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا إلَى آخِرِهِ لَيْسَ رَاجِعًا لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لِيَكُونَ قَيْدًا لَهَا وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِأَقْرَبِ مَذْكُورٍ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ تُصْرَفُ إلَيْهِمْ قَدْرُ كِفَايَتِهِمْ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ أَنَّ مَحَلَّ تَفْوِيضِ أَمْرِ الصَّرْفِ إلَى الْمُتَوَلِّي إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ قَدْرًا مُعَيَّنًا لِكُلِّ مُسْتَحِقٍّ أَمَّا إذَا عَيَّنَ فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ شَرْطُهُ وَقَدْ أَفْصَحَ عَنْ هَذَا الْإِمَامُ الزَّاهِدِيُّ فِي كِتَابِهِ قُنْيَةٌ الْفَتَاوَى حَيْثُ قَالَ فِي بَابٍ يَحِلُّ لِلْمُدَرِّسِ وَالْمُتَعَلِّمِ وَالْإِمَامِ مَا نَصُّهُ الْأَوْقَافُ بِبُخَارَى عَلَى الْعُلَمَاءِ لَا يُعْرَفُ مِنْ الْوَاقِفِ غَيْرُ هَذَا فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يُفَضِّلَ الْبَعْضَ وَيَحْرِمَ الْبَعْضَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ يُحْصَوْنَ وَكَذَا الْوَقْفُ عَلَى الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلَى هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ أَوْ عَلَى مُتَعَلِّمِيهَا أَوْ عَلَى عُلَمَائِهَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُفَضِّلَ الْبَعْضَ وَيَحْرِمَ الْبَعْضَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ قَدْرَ مَا يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ. اهـ.
فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ وَهِيَ قَوْلُ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ قَدْرَ مَا يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ أَزَالَتْ اللَّبْسَ وَأَوْضَحَتْ كُلَّ تَخْمِينٍ وَحَدْسٍ هَذَا وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فِي وَجْهِ تَقْدِيمِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ عُمُومُ النَّفْعِ الْحَاصِلُ مِنْ انْتِظَامِ مَصَالِحِ الْمَسَاجِدِ بِإِقَامَةِ شَعَائِرِهَا وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ مَا إذَا عَيَّنَ الْوَاقِفُ قَدْرًا مُعَيَّنًا لِكُلٍّ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ بِخِلَافِ تَفْوِيضِ أَمْرِ الصَّرْفِ لِلْمُتَوَلِّي فَإِنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ يَخْتَلِفُ فِيهِ بَيْنَمَا إذَا عَيَّنَ لِكُلٍّ قَدْرًا مُعَيَّنًا وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ هَذَا مَا ظَهَرَ قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ الْوَاقِفُ بِاللُّطْفِ الْخَفِيِّ قَاسِمُ الدَّنَوْشَرِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي غُرَّةِ مُحَرَّمٍ الْحَرَامِ افْتِتَاحِ سَنَةِ (1139) هـ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ آمِينَ كَذَا فِي فَتَاوَى مَوْلَانَا الْعَلَّامَةِ حَامِدٍ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ مُفْتِي دِمَشْقَ الشَّامِ عَفَا عَنْهُ الْمَلِكُ السَّلَامُ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ تَقْدِيمُ الْمُدَرِّسِ إنَّمَا يَكُونُ بِشَرْطِ مُلَازَمَتِهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فَلَوْ أَنْكَرَ النَّاظِرُ مُلَازَمَتَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَرِّسِ مَعَ يَمِينِهِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَاخْتَلَفَ مَعَ وَرَثَتِهِ فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ مَعَ يَمِينِهِمْ وَقَدْ صَرَّحَ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ الْحَلَبِيِّ بِذَلِكَ فِي وَظِيفَةِ الْقِرَاءَةِ بِمَا حَاصِلُهُ لَوْ شَرَطَ الْقِرَاءَةَ فِي مُصْحَفٍ بِجَامِعٍ مُعَيَّنٍ وَتُوُفِّيَ الْقَارِئُ وَالْوَاقِفُ وَأَنْكَرَ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْوَقْفِ الْقِرَاءَةَ الْمَذْكُورَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ فِي الْمُبَاشَرَةِ مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَ مُوَرِّثِهِمْ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْمُبَاشَرَةِ مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَكَذَلِكَ وَرَثَتُهُ اهـ.
وَأَقُولُ: وَكَذَا كُلُّ ذِي وَظِيفَةٍ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي مُدَرِّسٍ مَاتَ وَطَلَبَ النَّاظِرُ مِنْ وَرَثَتِهِ الْمَعْلُومَ الْمَشْرُوطَ الَّذِي قَبَضَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لِيَرُدَّهُ لِلْوَقْفِ لِكَوْنِهِ لَمْ يُدَرِّسْ فَأَفْتَيْتُ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُمْ مَعَ الْيَمِينِ فِي الْمُبَاشَرَةِ اهـ.
وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ كَاتِبِ الْغَيْبَةِ وَسَيَأْتِي تَوَقُّفُ الْمُؤَلِّفِ فِيهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُدَرِّسِ الْجَامِعِ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَشْهَدُ لِمَا ادَّعَى مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَدْرَسَةِ وَالْجَامِعِ وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ الْجَامِعَ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ
غَلَّةَ الْمُدَرِّسِ فِي الْمَدْرَسَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ يُدَرِّسُ بَعْضَ الْأَيَّامِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَبَعْضَهَا فِي الْأُخْرَى لَا يَسْتَحِقُّ غَلَّتَهُمَا بِتَمَامِهَا وَحُكْمُ الْمُتَعَلِّمِ وَالْمُدَرِّسِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ سَوَاءٌ. اهـ.
وَاسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَسْتَحِقُّ غَلَّتَهُمَا بِتَمَامِهَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فِي أَصْحَابِ الْوَظَائِفِ فِي زَمَانِنَا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لَهُ وَعَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ وَيُقْسَمُ الْمَشْرُوطُ عَلَى عَمَلِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَقُولُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَشْرُوطَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْمَشْرُوطِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ وَقَوْلُهُ ثُمَّ السِّرَاجُ بِكَسْرِ السِّين أَيْ الْقَنَادِيلُ وَمُرَادُهُ مَعَ زَيْتِهَا وَالْبِسَاطُ بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ الْحَصِيرُ وَيُلْحَقُ بِهِمَا مَعْلُومُ خَادِمِهَا وَهُوَ الْوَقَّادُ وَالْفَرَّاشُ فَيُقَدَّمَانِ وَتَعْبِيرُهُ بِثُمَّ دُونَ الْوَاوِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا مُؤَخَّرَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْمُدَرِّسِ وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ اشْتَرَى بِسَاطًا نَفِيسًا مِنْ غَلَّتِهِ جَازَ إذَا اسْتَغْنَى الْمَسْجِدُ عَنْ الْعِمَارَةِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ إلَى آخِرِ الْمَصَالِحِ أَيْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ فَيَدْخُلُ الْمُؤَذِّنُ وَالنَّاظِرُ لِأَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ مِنْ الْمَصَالِحِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْخَطِيبَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ إمَامُ الْجَامِعِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الشَّعَائِرَ الَّتِي تُقَدَّمُ فِي الصَّرْفِ مُطْلَقًا بَعْدَ الْعِمَارَةِ الْإِمَامُ وَالْخَطِيبُ وَالْمُدَرِّسُ وَالْوَقَّادُ وَالْفَرَّاشُ وَالْمُؤَذِّنُ وَالنَّاظِرُ وَثَمَنُ الْقَنَادِيلِ وَالزَّيْتِ وَالْحُصْرِ وَيَلْحَقُ بِثَمَنِ الزَّيْتِ وَالْحُصْرِ ثَمَنُ مَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ أُجْرَةُ حَمْلِهِ أَوْ كُلْفَةُ نَقْلِهِ مِنْ الْبِئْرِ إلَى الْمِيضَأَةِ فَلَيْسَ الْمُبَاشِرُ وَالشَّاهِدُ وَالْجَابِي وَالشَّادُّ وَخَازِنُ الْكُتُبِ مِنْ الشَّعَائِرِ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمِصْرَ فِي دِيوَانِ الْمُحَاسَبَةِ بِتَقْدِيمِهِمْ مَعَ الْمَذْكُورِينَ أَوَّلًا وَلَيْسَ شَرْعِيًّا وَيَقَعُ الِاشْتِبَاهُ فِي الْبَوَّابِ والمزملاتي وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ جَعَلَ حُجْرَتَهُ لِدُهْنِ سِرَاجِ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَزِدْ صَارَتْ وَقْفًا عَلَى الْمَسْجِدِ إذَا سَلَّمَهَا إلَى الْمُتَوَلِّي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَ الْغَلَّةَ إلَى غَيْرِ الدُّهْنِ اهـ.
فَعَلَى هَذَا الْمَوْقُوفُ عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ لَا يُصْرَفُ لِغَيْرِهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَعْمَالِ الْبِرِّ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْرَجَ الْمَسْجِدُ مِنْهُ قَالَ الْفَقِيه أَبُو بَكْرٍ يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ عَلَى سِرَاجِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ ذَلِكَ إسْرَافٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يُزَيِّنُ الْمَسْجِدَ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ. اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ مَنْعُ الْكَثْرَةِ الْوَاقِعَةِ فِي رَمَضَانَ فِي مَسَاجِدِ الْقَاهِرَةِ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ لِأَنَّ شَرْطَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَفِي الْقُنْيَةِ وَإِسْرَاجُ السُّرُجِ الْكَثِيرَةِ فِي السِّكَكِ وَالْأَسْوَاقِ لَيْلَةَ الْبَرَاءَةِ بِدْعَةٌ وَكَذَا فِي الْمَسَاجِدِ وَيَضْمَنُ الْقَيِّمُ وَكَذَا يَضْمَنُ إذَا أَسْرَفَ فِي السُّرُجِ فِي رَمَضَانَ وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَيَجُوزُ الْإِسْرَاجُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فِي السِّكَّةِ أَوْ السُّوقِ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ شَمْعًا فِي رَمَضَانَ يَضْمَنُ قُلْتُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ أَنْ يُنْفَقَ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ جَازَ وَيُنْفَقُ فِي سِرَاجِهِ وَنَحْوِهِ قَالَ هِشَامٌ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ عَلَى قَنَادِيلِهِ وَسُرُجِهِ وَالنَّفْطِ وَالزَّيْتِ اهـ.
السَّابِعَةُ إذَا احْتَاجَ الْوَقْفُ إلَى الْعِمَارَةِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ غَلَّةٌ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْقَرْضُ إلَّا بِرِبْحٍ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ رَامِزًا لِيُوسُفَ التَّرْجُمَانِيِّ الصَّغِيرِ قَالَ الْبُصَرَاءُ لِلْقَيِّمِ إنْ لَمْ تَهْدِمْ الْمَسْجِدَ الْعَامَّ يَكُونُ ضَرَرُهُ فِي الْقَابِلِ أَعْظَمَ فَلَهُ هَدْمُهُ وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْضُ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ وَلَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ إذَا أَمْكَنَهُ الْعِمَارَةُ فَلَوْ هَدَمَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ غَلَّةٌ لِلْعِمَارَةِ فِي الْحَالِ فَاسْتَقْرَضَ الْعَشَرَةَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فِي السَّنَةِ وَاشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ شَيْئًا يَسِيرًا بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ يَرْجِعُ فِي غَلَّتِهِ بِالْعَشَرَةِ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ اهـ.
وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ مِنْ أَنَّهُ
ــ
[منحة الخالق]
تَدْرِيسٌ إذَا غَابَ مُدَرِّسُهُ لَمْ يُقْطَعْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ جَامِعًا وَيَتَعَطَّلُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَدْرَسَةً فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالشَّادُّ) قِيلَ هُوَ الدَّعْجِيُّ قُلْتُ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الْقَامُوسِ الْإِشَادَةُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالشَّيْءِ وَتَعْرِيفُ الضَّالَّةِ وَالْإِهْلَالُ وَالشِّيَادُ الدُّعَاءُ بِالْإِبِلِ وَدَلْكُ الطِّيبِ بِالْجِلْدِ (قَوْلُهُ وَيَقَعُ الِاشْتِبَاهُ فِي الْبَوَّابِ والمزملاتي) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى الْمُزَمِّلَاتِيُّ هُوَ الشَّاوِي بِعُرْفِ أَهْلِ الشَّامِ وَذَكَرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّ ظُهُورَ شُمُولِ تَقْدِيمِ الْبَوَّابِ والمزملاتي وَخَادِمِ الْمَطْهَرَةِ مِمَّا لَا يُتَرَدَّدُ فِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَ الْغَلَّةَ إلَى غَيْرِ الدُّهْنِ) سَيَأْتِي لِهَذَا زِيَادَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ (قَوْلُهُ قَالَ هِشَامٌ إلَخْ) فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ أَرَادَ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ دُهْنًا أَوْ حُصْرًا أَوْ آجُرًّا أَوْ حَصًى لِيُفْرَشَ فِيهِ يَجُوزُ إنْ وَسَّعَ الْوَاقِفُ فِي ذَلِكَ لِلْقَيِّمِ بِأَنْ قَالَ يَفْعَلُ مَا يَرَاهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يُوَسِّعْ بَلْ وَقَفَهُ لِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَعِمَارَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعِمَارَةِ وَالْبِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ شَرْطُهُ فِي ذَلِكَ يَنْظُرْ هَذَا الْقَيِّمُ إلَى مَنْ كَانَ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ يَشْتَرِي مِنْ الْغَلَّةِ مَا ذَكَرْنَا جَازَ لَهُ الشِّرَاءُ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَيَبِيعَهُ وَيَصْرِفَهُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَيَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى الْوَقْفِ الْجَوَابُ نَعَمْ كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ. اهـ.
أَقُولُ: بَيْنَهُمَا مَا يُشْبِهُ الْمُخَالَفَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يَلْزَمْ الْأَجَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ بَقِيَ مُجَرَّدُ شِرَاءِ الْيَسِيرِ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ فَتَمَحَّضَ ضَرَرًا عَلَى الْوَقْفِ فَلَمْ تَلْزَمْهُ الزِّيَادَةُ فَكَانَتْ عَلَى الْقَيِّمِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ شِرَاءِ الْمَتَاعِ وَبَيْعِهِ لِلُزُومِ الْأَجَلِ فِي جُمْلَةِ الثَّمَنِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.
لَكِنْ قَالَ الْمَقْدِسِيَّ