الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَسْجِدِ لِيَؤُمَّ فِيهِ زَمَانَ غَيْبَتِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْخَلِيفَةُ مِنْ أَوْقَافِ الْإِمَامَةِ شَيْئًا إنْ كَانَ الْإِمَامُ أَمَّ أَكْثَرَ السَّنَةِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّائِبَ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْوَقْفِ شَيْئًا لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالتَّقْرِيرِ لَمْ يُوجَدْ وَيَسْتَحِقُّ الْأَصِيلُ الْكُلَّ إنْ عَمِلَ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَسَكَتَ عَمَّا يُعَيِّنُهُ الْأَصِيلُ لِلنَّائِبِ كُلَّ شَهْرٍ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ هَلْ يَسْتَحِقُّهُ النَّائِبُ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ وَقَدْ وَفَّى الْعَمَلَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْإِمَامَةِ وَالتَّدْرِيسِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَعَلَى هَذَا إذَا لَمْ يَعْمَلْ الْأَصِيلُ وَعَمِلَ النَّائِبُ كَانَتْ الْوَظِيفَةُ شَاغِرَةً وَلَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ الصَّرْفُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي عَزْلُهُ وَعَمَلُ النَّاسِ بِالْقَاهِرَةِ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِنَابَاتِ فِي الْوَظَائِفِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهَا شَاغِرَةً مَعَ وُجُودِ النِّيَابَةِ.
ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْإِمَامَ يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ بِلَا إذْنٍ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَعَلَى هَذَا لَا تَكُونُ وَظِيفَتُهُ شَاغِرَةً وَتَصِحُّ النِّيَابَةُ وَمِمَّا يَرِدُ عَلَى الطَّرَسُوسِيِّ أَنَّ الْخَصَّافَ صَرَّحَ بِأَنَّ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ مِنْ مَعْلُومِهِ شَيْئًا وَكَذَا فِي الْإِسْعَافِ وَهَذَا كَالتَّصْرِيحِ بِجَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ لِأَنَّ النَّائِبَ وَكِيلٌ بِالْأُجْرَةِ كَمَا لَا يَخْفَى فَاَلَّذِي تَحَرَّرَ جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْوَظَائِفِ فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ لِلنَّاظِرِ قَطْعُ مَعْلُومِ صَاحِبِ الْوَظِيفَةِ بِقَوْلِ كَاتِبِ الْغَيْبَةِ وَحْدَهُ مَعَ دَعْوَى الْمُسْتَحِقِّ حُضُورَهُ.
قُلْتُ: لَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا لِأَصْحَابِنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَطْعُ بِقَوْلِ كَاتِبِ الْغَيْبَةِ وَحْدَهُ وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِكَاتِبِ الْغَيْبَةِ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ غَيْبَتَهُ كَانَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَكِنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ أَنَّ الْغَيْبَةَ لِعُذْرٍ لَا تُوجِبُ الْحِرْمَانَ وَأَمَّا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْوَظَائِفِ فِي بَيَانِ تَصَرُّفَاتِ النَّاظِرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْمَوْضِعُ الثَّانِي فِي النَّاظِرِ بِالشَّرْطِ قَدَّمْنَا أَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْوَاقِفِ ثَابِتَةٌ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا وَأَنَّ لَهُ عَزْلَ الْمُتَوَلِّي وَأَنَّ مَنْ وَلَّاهُ لَا يَكُونُ لَهُ النَّظَرُ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَّا بِالشَّرْطِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَلَوْ نَصَبَ الْوَاقِفُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَصِيًّا وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ أُمُورِ الْوَاقِفِ شَيْئًا تَكُونُ وِلَايَةُ الْوَقْفِ إلَى الْوَصِيِّ وَلَوْ جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي أَمْرِ الْوَقْفِ فَقَطْ كَانَ وَصِيًّا فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَهِلَالٍ.
وَلَيْسَ لِأَحَدِ النَّاظِرِينَ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ
ــ
[منحة الخالق]
وَمَا فِي الْقُنْيَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ سَفَرٍ لِأَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ تَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْأَشْبَاهِ حَمَلَهُ الشَّيْخُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي عَلَى مَا إذَا كَانَ التَّرْكُ الْمَذْكُورُ فِي سَنَةٍ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَوْلِهِ يُسَامَحُ فِي كُلِّ شَهْرٍ أُسْبُوعًا إلَخْ إذْ لَيْسَ فِي الْقُنْيَةِ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّائِبَ لَا يَسْتَحِقُّ إلَخْ) أَقُولُ: قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ بَعْدَ الْعِبَارَةِ الَّتِي نَقَلْنَاهَا عَنْهُ آنِفًا مَا نَصُّهُ وَسُئِلَ مُفْتِي الرُّومِ مَوْلَانَا الْعَلَّامَةُ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الِاسْتِنَابَةِ فَأَجَابَ الِاسْتِنَابَةُ إنْ كَانَتْ فِيمَا لَا يَقْبَلُهَا أَصْلًا كَطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِقْرَائِهِ فَلَا يُشْتَبَهُ بُطْلَانُهَا عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ كَانَتْ فِيمَا يَقْبَلُهَا كَالتَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ وَنَظَائِرِهِمَا فَإِنْ كَانَتْ بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ وَكَانَ النَّائِبُ فِي إقَامَةِ الْخَدَمِ مِثْلَ الْأَصْلِ وَخَيْرًا مِنْهُ فَهِيَ جَائِزَةٌ إلَى أَنْ يَزُولَ مَا اعْتَرَاهُ مِنْ الْعُذْرِ خَلَا أَنَّ الْمَعْلُومَ بِتَمَامِهِ يَكُونُ لِلنَّائِبِ لَيْسَ لِلْأَصِيلِ مَعَهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ النَّائِبُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَرِضًا كَامِلٍ لَا يَحُومُ حَوْلُهُ شَيْءٌ مِنْ الْخَوْفِ وَالْحَيَاءِ وَهَيْهَاتَ اهـ.
وَأَفْتَى شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْقَاضِي عَلِيُّ بْنُ جَارِ اللَّهِ الْحَنَفِيُّ بِجَوَازِ النِّيَابَةِ بِشَرْطِ الْعُذْرِ الشَّرْعِيِّ أَقُولُ: وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ كَمَا أَفْتَى بِهِ مَوْلَانَا أَبُو السُّعُودِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
كَلَامُ الْبِيرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَتَأَمَّلْ وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ عَلَى عَدَمِ الْقَوْلِ بِعَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ (قَوْلُهُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ سَتَأْتِي أَيْضًا مَسْأَلَةُ تَوْكِيلِ الْقَيِّمِ فِي آخِرِ شَرْحِ هَذِهِ الْمَقُولَةِ. اهـ.
وَقَالَ فِي فَتَاوَاهُ الْخَيْرِيَّةِ بَعْدَ نَقْلِ حَاصِلِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَالْمَسْأَلَةُ وُضِعَ فِيهَا رَسَائِلُ وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا عَلَيْهِ النَّاسُ وَخُصُوصًا مَعَ قِيَامِ الْعُذْرِ وَعَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ الْمَعْلُومِ لِلْمُسْتَنِيبِ وَلَيْسَ لِلنَّائِبِ إلَّا الْأُجْرَةُ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ بِهَا فِي مُدَّةِ إنَابَتِهِ عَنْهُ لَا غَيْرُ وَاسْتِحْقَاقُهُ الْأُجْرَةَ لِكَوْنِهِ وَفَّى الْعَمَلَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ فِيهَا وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى الْإِمَامَةِ وَالتَّدْرِيسِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ جَائِزٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ لَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا لِأَصْحَابِنَا إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ النَّاظِرَ لَوْ أَنْكَرَ مُلَازَمَتَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَرِّسِ بِيَمِينِهِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَاخْتَلَفَ مَعَ وَرَثَتِهِ فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ مَعَ يَمِينِهِمْ وَكَذَا كُلُّ وَظِيفَةٍ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي الْمُبَاشَرَةِ إلَى آخِرِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الرَّمْلِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْعِشْرِينَ.
[النَّاظِرِ بِالشَّرْطِ فِي الْوَقْف]
(قَوْلُهُ قَدَّمْنَا) أَيْ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَوْرَاقٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَجُوزُ) قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَتْوَى عَلَيْهِ إمَّا لِأَنَّهُ أَخَذَ بِالِاسْتِحْسَانِ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَ هَذِهِ مِنْهَا وَإِمَّا لِأَنَّ الْفَتْوَى فِي الْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ بَحَثَ أَنَّ نَاظِرَ الْوَقْفِ كَذَلِكَ وَتَمَامُهُ فِيهِ فَرَاجِعْهُ
رَأْيِ الْآخَرِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ وَلَوْ أَوْصَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَكَانَ لِلْبَاقِي الِانْفِرَادُ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُوصِيَ بِهِ الْمُتَوَلِّي عِنْدَ مَوْتِهِ امْتَنَعَ الْإِيصَاءُ وَلَوْ جَعَلَهَا الرَّجُلَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا وَرَدَّ الْآخَرُ ضَمَّ الْقَاضِي إلَى مَنْ قَبِلَ رَجُلًا أَوْ فَوَّضَ لِلْقَابِلِ بِمُفْرَدِهِ وَلَوْ جَعَلَهَا لِفُلَانٍ إلَى أَنْ يُدْرِكَ وَلَدِي فَإِذَا أَدْرَكَ كَانَ شَرِيكًا لَهُ لَا يَجُوزُ مَا جَعَلَهُ لِابْنِهِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِمَالٍ سَمَّاهُ أَرْضًا وَيَجْعَلَهَا وَقْفًا سَمَّاهَا لَهُ وَأَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّتِهِ جَازَ وَيَكُونُ مُتَوَلِّيًا وَلَهُ الْإِيصَاءُ بِهِ لِغَيْرِهِ وَلَوْ نَصَبَ مُتَوَلِّيًا عَلَى وَقْفِهِ ثُمَّ وَقَفَ وَقْفًا آخَرَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مُتَوَلِّيًا لَا يَكُونُ مُتَوَلِّي الْأَوَّلِ مُتَوَلِّيًا عَلَى الثَّانِي إلَّا بِأَنْ يَقُولَ أَنْتَ وَصِيِّي وَلَوْ وَقَفَ أَرَضِينَ وَجَعَلَ لِكُلٍّ مُتَوَلِّيًا لَا يُشَارِكُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ.
وَلَوْ جَعَلَ وِلَايَةَ وَقْفِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ جَعَلَ رَجُلًا آخَرَ وَصِيَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا لِلْمُتَوَلِّي فِي أَمْرِ الْوَقْفِ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَقَفْتُ أَرْضِي عَلَى كَذَا وَكَذَا وَجَعَلْتُ وِلَايَتَهَا لِفُلَانٍ وَجَعَلْتُ فُلَانًا وَصِيًّا فِي تَرِكَاتِي وَجَمِيعِ أُمُورِي فَحِينَئِذٍ يَنْفَرِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ كَذَا فِي الْإِسْعَافِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وُجِدَ مَكْتُوبَانِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ فُلَانٌ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ رَجُلٌ غَيْرُهُ وَالثَّانِي مُتَأَخِّرُ التَّارِيخِ فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الثَّانِيَ نَاسِخٌ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخَصَّافِ فِي الشَّرَائِطِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ التَّوْلِيَةَ مِنْ الْوَاقِفِ خَارِجَةٌ عَنْ حُكْمِ سَائِرِ الشَّرَائِطِ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا التَّغْيِيرَ وَالتَّبْدِيلَ كُلَّمَا بَدَا لَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي عُقْدَةِ الْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا بَاقِي الشَّرَائِطِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ.
ثُمَّ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ لِأَفْضَلِ أَوْلَادِهِ وَكَانُوا فِي الْفَضْلِ سَوَاءً تَكُونُ لِأَكْبَرِهِمْ سِنًّا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَوْ قَالَ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ مِنْ أَوْلَادِي فَأَبَى أَفْضَلُهُمْ الْقَبُولَ أَوْ مَاتَ يَكُونُ لِمَنْ يَلِيهِ فِيهِ وَهَكَذَا عَلَى التَّرْتِيبِ كَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَقَالَ هِلَالٌ الْقِيَاسُ أَنْ يُدْخِلَ الْقَاضِي بَدَلَهُ رَجُلًا مَا كَانَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ صَارَتْ الْوِلَايَةُ إلَى الَّذِي يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ وَلَوْ كَانَ الْأَفْضَلُ غَيْرَ مَوْضِعٍ أَقَامَ الْقَاضِي رَجُلًا يَقُومُ بِأَمْرِ الْوَقْفِ مَا دَامَ الْأَفْضَلُ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ يَنْتَقِلُ إلَى مَنْ يَلِيهِ فِيهِ فَإِذَا صَارَ أَهْلًا بَعْدَ ذَلِكَ تُرَدُّ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ وَهَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ أَهْلًا لَهَا.
فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُقِيمُ أَجْنَبِيًّا إلَى أَنْ يَصِيرَ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَهْلًا فَتُرَدُّ إلَيْهِ وَلَوْ صَارَ الْمَفْضُولُ مِنْ أَوْلَادِهِ أَفْضَلَ مِمَّنْ كَانَ أَفْضَلَهُمْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ بِشَرْطِهِ إيَّاهَا لِأَفْضَلِهِمْ فَيَنْظُرُ فِي كُلِّ وَقْتٍ إلَى أَفْضَلِهِمْ كَالْوَقْفِ عَلَى الْأَفْقَرِ فَالْأَفْقَرِ مِنْ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يُعْطَى الْأَفْقَرُ مِنْهُمْ.
وَإِذَا صَارَ غَيْرُهُ أَفْقَرَ مِنْهُ يُعْطَى الثَّانِي وَيُحْرَمُ الْأَوَّلُ وَلَوْ جَعَلَهَا لِاثْنَيْنِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَكَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ وَأُنْثَى صَالِحَيْنِ لِلْوِلَايَةِ تُشَارِكُهُ فِيهَا لِصِدْقِ الْوَلَدِ عَلَيْهَا أَيْضًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ أَوْلَادِي فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا حِينَئِذٍ وَلَوْ جَعَلَهَا الرَّجُلَ ثُمَّ عِنْدَ وَفَاتِهِ قَالَ قَدْ أَوْصَيْتُ إلَى فُلَانٍ وَرَجَعْتُ عَنْ كُلِّ وَصِيَّةٍ لِي بَطَلَتْ وِلَايَةُ الْمُتَوَلِّي وَصَارَتْ لِلْوَصِيِّ وَلَوْ قَالَ رَجَعْتُ عَمَّا أَوْصَيْت بِهِ وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ مَنْ يُوثَقُ بِهِ لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِرُجُوعِهِ. اهـ.
مَا فِي الْإِسْعَافِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا شَرَطَهَا لِأَفْضَلِهِمْ وَاسْتَوَى اثْنَانِ فِي الدِّيَانَةِ وَالسَّدَادِ وَالْفَضْلِ وَالرَّشَادِ فَالْأَعْلَمُ بِأَمْرِ الْوَقْفِ أَوْلَى وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَرَعًا وَصَلَاحًا وَالْآخَرُ أَوْفَرَ عِلْمًا بِأُمُورِ الْوَقْفِ فَالْأَوْفَرُ عِلْمًا أَوْلَى بَعْدَ أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ تُؤْمَنُ خِيَانَتُهُ وَغَائِلَتُهُ وَلَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ فَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَكِلَاهُمَا وَالِيَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُتَوَلِّي إذَا أَرَادَ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَحِينَئِذٍ يَنْفَرِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ أَمْرَ الْوَقْفِ لَيْسَ مِنْ أُمُورِ الْوَاقِفِ فَلَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ فِي تَرِكَاتِي وَجَمِيعِ أُمُورِي فَكَانَ تَخْصِيصًا بِمَا عَدَا الْوَقْفَ فَلَا يُشَارِكُ الْأَوَّلَ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الْوِصَايَةَ فِيهَا مُطْلَقَةٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخَصَّافِ) أَيْ قَبْلَ هَذَا بِخَمْسَةِ أَوْرَاقٍ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا تُبَاعَ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ الِاسْتِبْدَالَ كَانَ لَهُ لِأَنَّ الثَّانِيَ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَفْضَلُ غَيْرَ مَوْضِعٍ) أَيْ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْوَقْفِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الْمُتَوَلِّي إذَا أَرَادَ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ إلَخْ) قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَبْقَى فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى حَالِهِ فَإِذَا وَلَّاهُ النَّظَرَ بَقِيَ بِالنَّظَرِ إلَى أَنَّهُ اسْتَفَادَ الْوِلَايَةَ مِنْ الْوَاقِفِ كَالْوَكِيلِ عَنْهُ فَيَبْطُلُ بِمَوْتِهِ وَلَهُ عَزْلُهُ كُلَّمَا بَدَا لَهُ وَبِالنَّظَرِ إلَى بَقَاءِ الَّذِي وَكَّلَهُ لِأَجْلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَهُوَ الْمَوْقُوفُ جُعِلَ كَالْوَصِيِّ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يُسْنِدَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ فَعَلِمْنَا بِالشَّبَهَيْنِ وَقُلْنَا إنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ النَّظَرَ فِي حَيَاتِهِ كَالْوَكِيلِ وَعِنْدَ مَوْتِهِ قُلْنَا لَهُ ذَلِكَ كَالْوَصِيِّ لِمُشَابِهَتِهِ الْوَكِيلَ مِنْ وَجْهٍ وَالْوَصِيَّ مِنْ وَجْهٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ إلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ هَذَا الِاسْتِنَابُ مَخْصُوصٌ بِالْأَخِيرِ وَهُوَ التَّفْوِيضُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ وَلَّاهُ وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُسْنِدَهُ وَيُوصِيَ بِهِ إلَى مَنْ شَاءَ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجُوزُ التَّفْوِيضُ مِنْهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَفِي حَالَةِ الْمَرَضِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ.
إنْ كَانَ الْوِلَايَةُ بِالْإِيصَاءِ يَجُوزُ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ إلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْمِيمِ اهـ.
فَإِنْ قُلْتُ: لَوْ شَرَطَهُ لِلرَّشِيدِ الصَّالِحِ مِنْ وَلَدِهِ فَمَنْ يَسْتَحِقُّهُ قُلْتُ فَسَّرَ الْخَصَّافُ الصَّالِحَ بِمَنْ كَانَ مَسْتُورًا لَيْسَ بِمَهْتُوكٍ وَلَا صَاحِبِ رِيبَةٍ وَكَانَ مُسْتَقِيمَ الطَّرِيقَةِ سَلِيمَ النَّاحِيَةِ كَامِنَ الْأَذَى قَلِيلَ السُّوءِ لَيْسَ بِمُعَاقِرٍ لِلنَّبِيذِ وَلَا يُنَادِمُ عَلَيْهِ الرِّجَالَ وَلَيْسَ بِقَذَّافِ الْمُحْصَنَاتِ وَلَا مَعْرُوفًا بِالْكَذِبِ فَهَذَا عِنْدَنَا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَكَذَا إذَا قَالَ مِنْ أَهْلِ الْعَفَافِ أَوْ الْفَضْلِ أَوْ الْخَيْرِ فَالْكُلُّ سَوَاءٌ. اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّشْدَ صَلَاحُ الْمَالِ وَهُوَ حُسْنُ التَّصَرُّفِ.
الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ فِي النَّاظِرِ الْمَوْلَى مِنْ الْقَاضِي يَنْصِبُهُ الْقَاضِي فِي مَوَاضِعَ الْأَوَّلُ إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ وَلَمْ يَجْعَلْ وِلَايَتَهُ إلَى أَحَدٍ وَلَا يَجْعَلُهُ مِنْ الْأَجَانِبِ مَا دَامَ يَجِدُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْوَاقِفِ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ إمَّا لِأَنَّهُ أَشْفَقُ أَوْ لِأَنَّ مِنْ قَصْدِ الْوَاقِفِ نِسْبَةَ الْوَقْفِ إلَيْهِ وَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَمَنْ يَصْلُحُ مِنْ الْأَجَانِبِ فَإِنْ أَقَامَ أَجْنَبِيًّا ثُمَّ صَارَ مِنْ وَلَدِهِ مَنْ يَصْلُحُ صَرَفَهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْإِسْعَافِ الثَّانِي إذَا مَاتَ الْمُتَوَلِّي الْمَشْرُوطُ لَهُ بَعْدَ الْوَاقِفِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ غَيْرَهُ وَشَرَطَ فِي الْمُجْتَبَى أَنْ لَا يَكُونَ الْمُتَوَلِّي أَوْصَى بِهِ إلَى رَجُلٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَا يَنْصِبُ الْقَاضِي وَقَيَّدْنَا بِمَوْتِهِ بَعْدَ الْوَاقِفِ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْوَاقِفِ قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وِلَايَةُ النَّصْبِ إلَى الْوَاقِفِ وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالَ مُحَمَّدٌ النَّصْبُ إلَى الْقَاضِي. اهـ.
وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا مَاتَ الْمُتَوَلِّي وَالْوَاقِفُ حَيٌّ فَالرَّأْيُ فِي نَصْبِ قَيِّمٍ آخَرَ إلَى الْوَاقِفِ لَا إلَى الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ مَيِّتًا فَوَصِيُّهُ أَوْلَى مِنْ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَى إلَى أَحَدٍ فَالرَّأْيُ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي اهـ.
فَأَفَادَ أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَوَصِيِّهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ تَقْرِيرِ الْقَاضِي فِي الْوَظَائِفِ فِي الْأَوْقَافِ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ التَّقْرِيرَ لِلْمُتَوَلِّي وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ فِي الْقَاهِرَةِ فِي زَمَانِنَا وَقَبْلَهُ بِيَسِيرٍ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا نَصْبُ الْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ فَقَالَ أَبُو نَصْرٍ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَلَيْسَ الْبَانِي لِلْمَسْجِدِ أَحَقَّ مِنْهُمْ بِذَلِكَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ الْبَانِي أَحَقُّ بِنَصْبِهِمَا مِنْ غَيْرِهِ كَالْعِمَارَةِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إمَامًا وَمُؤَذِّنًا وَالْقَوْمُ يُرِيدُونَ الْأَصْلَحَ فَلَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ اهـ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة الْوَقْفُ إذَا كَانَ عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ يُحْصَى عَدَدُهُمْ إذَا نَصَبُوا مُتَوَلِّيًا بِدُونِ اسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الْقَاضِي يَصِحُّ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْمُتَقَدِّمُونَ قَالُوا الْأَوْلَى أَنْ يَرْفَعُوا إلَى الْقَاضِي وَمَشَايِخُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ قَالُوا الْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْفَعُوا إلَى الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ فِيهَا أَيْضًا سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ أَهْلِ مَسْجِدٍ اتَّفَقُوا عَلَى نَصْبِ رَجُلٍ مُتَوَلِّيًا لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ فَتَوَلَّى ذَلِكَ بِاتِّفَاقِهِمْ هَلْ يَصِيرُ مُتَوَلِّيًا وَيُطْلَقُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْمَسْجِدِ كَمَا لَوْ قَلَّدَهُ الْقَاضِي قَالَ نَعَمْ قَالَ وَمَشَايِخُنَا الْمُتَقَدِّمُونَ يُجِيبُونَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَقُولُونَ نَعَمْ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْقَاضِي ثُمَّ اتَّفَقَ الْمَشَايِخُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأُسْتَاذُونَا أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَنْصِبُوا مُتَوَلِّيًا وَلَا يُعْلِمُوا الْقَاضِيَ فِي زَمَانِنَا لِمَا عُرِفَ مِنْ طَمَعِ الْقُضَاةِ فِي أَمْوَالِ الْأَوْقَافِ. اهـ.
وَهَاهُنَا تَنْبِيهٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْقَاضِي
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلَا يَجْعَلُهُ مِنْ الْأَجَانِبِ إلَخْ) هَذَا عَلَى وَجْهِ الْأَفْضَلِيَّةِ لِمَا فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنْ التَّهْذِيبِ الْوَاقِفُ جَعَلَ لِلْوَقْفِ قَيِّمًا فَلَوْ مَاتَ الْقَيِّمُ لَهُ أَنْ يَنْصِبَ آخَرَ وَبَعْدَ مَوْتِهِ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْصِبَ مِنْ أَوْلَادِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوْ أَقَارِبِهِ مَا دَامَ يُوجَدُ مِنْهُمْ أَحَدٌ يَصْلُحُ لِذَلِكَ. اهـ.
تَأَمَّلْ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَوَائِلِ الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ كَوْنَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُمْ بِلَا خِيَانَةٍ وَلَوْ فَعَلَ لَا يَصِيرُ مُتَوَلِّيًا. اهـ.
لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ وَهُنَا عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَقَدْ خَفِيَ هَذَا عَلَى الرَّمْلِيِّ فِي فَتَاوَاهُ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ التَّقْرِيرَ لِلْمُتَوَلِّي) قَالَ الرَّمْلِيُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الشَّرْطِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِمَفَاهِيمِ التَّصَانِيفِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ شَرْطٍ لَهُ فَلَا يَمْلِكُهُ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِهِمْ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الظَّاهِرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَانَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ وَعَشِيرَتِهِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا فَأَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَوْلَى بِنَصْبِهِمَا (قَوْلُهُ وَهَاهُنَا تَنْبِيهٌ لَا بُدَّ مِنْهُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: وَفِي فَتَاوَى شَيْخِنَا مُحَمَّدِ بْنِ سِرَاجِ الدِّينِ الْحَانُوتِيِّ سُؤَالٌ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ الِاسْتِبْدَالَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْقَاضِي حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَرْطُ وَاقِفٍ هَلْ الْمُرَادُ قَاضِي الْقُضَاةِ أَمْ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كَتَبَ فِي مَنْشُورِهِ ذَلِكَ أَمْ لَا.
الْجَوَابُ لَمْ نَرَ مَنْ قَيَّدَ بِاشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ فِي مَنْشُورِهِ كَمَا قَيَّدُوا بِهِ فِي وِلَايَةِ إنْكَاحِ الصَّغَائِرِ وَفِي الِاسْتِخْلَافِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ بِالْإِطْلَاقِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ قَاضِي الْقُضَاةِ بِالِاسْتِبْدَالِ بَلْ كَمَا يَكُونُ مِنْهُ يَكُونُ مِنْ نَائِبِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ لِنَائِبِهِ إلَّا إنْ فُوِّضَ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ السُّلْطَانِ وَحَيْثُ فُوِّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ كَانَتْ وِلَايَةُ نَائِبِهِ مُسْتَنِدَةً إلَى إذْنِ السُّلْطَانِ فَيَكُونُ قَائِمًا مَقَامَ مُسْتَنِيبِهِ الَّذِي هُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الِاسْتِخْلَافِ وَلِذَا كَانَ
الَّذِي يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَيَكُونُ لَهُ النَّظَرُ عَلَى الْأَوْقَافِ قُلْتُ وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ لَا كُلُّ قَاضٍ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ فَالْأَوْثَقُ أَنْ يَكْتُبَ فِي الصُّكُوكِ وَالسِّجِلَّاتِ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ حَاكِمٍ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيِّ وَالتَّوْلِيَةُ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ رُبَّمَا يَكُونُ مِنْ حَاكِمٍ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيِّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي إلَّا إذَا كَانَ ذِكْرُ التَّصَرُّفِ فِي الْأَوْقَافِ وَالْأَيْتَامِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ فَصَارَ كَحُكْمِ نَائِبِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ مَأْذُونٌ بِالْإِنَابَةِ تَحَرُّزًا عَنْ هَذَا الْوَهْمِ. اهـ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ السُّلْطَانِ جَعَلْتُكَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ كَالتَّنْصِيصِ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْمَنْشُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ فِي الِاسْتِدَانَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي الْمُرَادُ بِهِ قَاضِي الْقُضَاةِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ وَالْقَاضِي فِي أُمُورِ الْأَوْقَافِ بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ وَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ قَاضٍ أَمْضَاهُ فَإِنَّهُ أَعَمُّ كَمَا لَا يَخْفَى الثَّالِثُ إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَعْزِلُهُ وَيَنْصِبُ أَمِينًا قَالَ فِي آخِرِ أَوْقَافِ الْخَصَّافِ مَا تَقُولُ إنْ طَعَنَ عَلَيْهِ فِي الْأَمَانَةِ فَرَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يُدْخِلَ مَعَهُ آخَرَ أَوْ يُخْرِجَهُ مِنْ يَدِهِ وَيُصَيِّرَهُ إلَى غَيْرِهِ قَالَ أَمَّا إخْرَاجُهُ فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَّا بِخِيَانَةٍ ظَاهِرَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِذَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَصِحُّ وَاسْتَحَقَّ إخْرَاجَ الْوَقْفِ مِنْ يَدِهِ قَطَعَ عَنْهُ مَا كَانَ أَجْرَى لَهُ الْوَاقِفُ.
وَأَمَّا إذَا أَدْخَلَ مَعَهُ رَجُلًا فِي الْقِيَامِ بِذَلِكَ فَالْأَجْرُ لَهُ قَائِمٌ فَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَجْعَلَ لِلرَّجُلِ الَّذِي أَدْخَلَ مَعَهُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْمَالِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ قَلِيلًا ضَيِّقًا فَرَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَجْعَلَ لِلرَّجُلِ الَّذِي أَدْخَلَهُ مَعَهُ رِزْقًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقْتَصِدَ فِيمَا يُجْرِيهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ مَا تَقُولُ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ أَخْرَجَهُ مِنْ الْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ وَقَطَعَ عَنْهُ مَا كَانَ أَجْرَاهُ لَهُ الْوَاقِفُ ثُمَّ جَاءَ حَاكِمٌ آخَرُ فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ هَذَا الرَّجُلُ وَقَالَ إنَّ الْحَاكِمَ الَّذِي كَانَ قَبْلَكَ إنَّمَا أَخْرَجَنِي مِنْ الْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ بِتَحَامُلٍ مِنْ قَوْمٍ سَعَوْا بِهِ إلَيْهِ وَلَمْ يَصِحَّ عَلَيَّ شَيْءٌ اسْتَحَقَّ بِهِ إخْرَاجِي مِنْ الْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ قَالَ أُمُورُ الْحَاكِمِ عِنْدَنَا إنَّمَا تَجْرِي عَلَى الصِّحَّةِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَ هَذَا الرَّجُلِ فِيمَا ادَّعَاهُ عَلَى الْحَاكِمِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَكِنْ يَقُولُ صَحِّحْ أَنَّكَ مَوْضِعٌ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ أَرُدّكَ إلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ فَإِنْ صَحَّ عِنْدَ هَذَا الْحَاكِمِ أَنَّهُ مَوْضِعٌ لِذَلِكَ رَدَّهُ وَأَجْرَى ذَلِكَ الْمَالَ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْحَاكِمَ الَّذِي كَانَ أَخْرَجَهُ صَحَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَابَ وَرَجَعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ وَصَارَ مَوْضِعًا لِلْقِيَامِ بِهِ وَجَبَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى ذَلِكَ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ الْمَالَ الَّذِي كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَهُ لَهُ اهـ.
وَقَدْ عَلِمْتَ فِيمَا سَبَقَ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَهُ بِغَيْرِ جُنْحَةٍ لَا يَنْعَزِلُ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يُعِيدُ الطَّالِبَ لِلتَّوَلِّيَةِ بَعْدَ عَزْلِهِ إذَا أَنَابَ وَرَجَعَ مَعَ قَوْلِهِمْ طَالِبُ التَّوْلِيَةِ لَا يُوَلَّى قُلْتُ مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِهَا ابْتِدَاءً وَأَمَّا طَلَبُ الْعَوْدِ بَعْدَ الْعَزْلِ فَلَا جَمْعًا بَيْنَ كَلَامِهِمْ وَمِنْ الْخِيَانَةِ امْتِنَاعُهُ مِنْ الْعِمَارَةِ قَالَ فِي الْخَصَّافِ إذَا امْتَنَعَ
ــ
[منحة الخالق]
مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا شَرَطَ فِي مَنْشُورِهِ تَزْوِيجَ الصِّغَارِ وَالصَّغَائِرِ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ ثُمَّ لِمَنْصُوبِهِ فَجَلَعُوا إذْنَ السُّلْطَانِ لِلْقَاضِي فِي التَّزْوِيجِ كَافِيًا فِي مُبَاشَرَتِهِ وَمَنْصُوبُهُ كَذَلِكَ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ.
وَإِذَا جَازَ لِلنَّائِبِ مُبَاشَرَةُ الْأَنْكِحَةِ مَعَ تَنْصِيصِهِمْ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ لِلْقَاضِي فِي مَنْشُورِهِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ ابْنِ الْهُمَامِ فِي تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ فِي النِّكَاحِ هَكَذَا ثُمَّ السُّلْطَانُ ثُمَّ الْقَاضِي إذَا شَرَطَ فِي عُهْدَةِ تَزْوِيجِ الصَّغَائِرِ وَالصِّغَارِ ثُمَّ مَنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي فَجَعَلَ الشَّرْطَ أَعْنِي قَوْلَهُ الَّذِي شَرَطَ فِي عُهْدَةٍ إلَخْ رَاجِعًا إلَى الْقَاضِي فَقَطْ وَلَمْ يَجْعَلْ رَاجِعًا لَهُ وَلِمَنْصُوبِهِ حَيْثُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ عَنْهُمَا نَعَمْ قَدْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ أَخَّرَ الشَّرْطَ عَنْ الْقَاضِي وَمَنْ نَصَّبَهُ فَكَانَتْ عِبَارَتُهُ مُحْتَمَلَةً لِرُجُوعِهِ إلَى الْقَاضِي لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ أَوْ لَهُمَا. اهـ.
لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْخَيْرِيَّةُ أَوَّلَ الْوَقْفِ عِبَارَةَ الْبَحْرِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا ثُمَّ قَالَ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرَ لَهُ السُّلْطَانُ فِي مَنْشُورِهِ نَصْبَ الْوُلَاةِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَفَوَّضَ لَهُ أُمُورَ الْأَوْقَافِ وَيَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ شَيْخُنَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ سِرَاجِ الدِّينِ الْحَانُوتِيُّ لِمَا فِي إطْلَاقِ مِثْلِهِ لِلنُّوَّابِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ الِاخْتِلَالِ وَالْمَسْأَلَةُ لَا نَصَّ فِيهَا بِخُصُوصِهَا فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ فِيمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ وَالشَّيْخُ زَيْنٌ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَإِنَّمَا اسْتَخْرَجَهَا تَفَقُّهًا وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ قُلْتُ مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِهَا ابْتِدَاءً) قَالَ فِي النَّهْرِ الْحَقُّ أَنَّ مَا فِي الْخَصَّافِ فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ التَّوْلِيَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ وَقَوْلُهُمْ طَالِبُ التَّوْلِيَةِ لَا يُوَلَّى فِي غَيْرِهِ وَبِهِ عُرِفَ أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّظَرُ لَوْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي تَقْرِيرَهُ فِيهِ إجَابَةً فِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ التَّنْفِيذَ لَا أَصْلَ التَّوْلِيَةِ لِأَنَّهُ مُوَلًّى وَهَذَا فِقْهٌ حَسَنٌ فَاحْفَظْهُ. اهـ.
مِنْ الْعِمَارَةِ وَلَهُ غَلَّةٌ أُجْبِرَ عَلَيْهَا فَإِنْ فَعَلَ فِيهَا وَإِلَّا أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَمِنْ الْخِيَانَةِ الْمُجَوِّزَةِ لِعَزْلِهِ أَنْ يَبِيعَ الْوَقْفَ أَوْ بَعْضَهُ لَكِنْ ظَاهِرُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَدْمِ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِذَا خَرِبَتْ أَرْضُ الْوَقْفِ وَأَرَادَ الْقَيِّمُ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَهَا مِنْهَا لِيَرُمَّ الْبَاقِيَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ بَاعَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ فَإِنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ أَوْ صَرَمَ النَّخْلَ فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَ الْقَيِّمَ عَنْ هَذَا الْوَقْفِ لِأَنَّهُ صَارَ خَائِنًا وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمَنَ الْخَائِنَ بَلْ سَبِيلُهُ أَنْ يَعْزِلَهُ اهـ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَرْيَةٌ وَقْفٌ عَلَى أَرْبَابٍ مُسَمَّيْنَ فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي بَاعَ الْمُتَوَلِّي وَرَقَ أَشْجَارِ التُّوتِ جَازَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي قَطْعَ قَوَائِمِ الشَّجَرِ يُمْنَعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَبِيعَةٍ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَنْعِ الْمُشْتَرِي عَنْ قَطْعِ الْقَوَائِمِ كَانَ ذَلِكَ خِيَانَةً مِنْهُ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مَنْ يُتْلِفُ شَيْئًا لِلْوَقْفِ كَانَ خَائِنًا وَيُعْزَلُ وَفِي الْقُنْيَةِ قَيِّمٌ يَخْلِطُ غَلَّةَ الدُّهْنِ بِغَلَّةِ الْبَوَارِي فَهُوَ سَارِقٌ خَائِنٌ اهـ.
فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ إذَا تَصَرَّفَ بِمَا لَا يَجُوزُ كَانَ خَائِنًا يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ وَلْيُقَسْ مَا لَمْ يَقُلْ فَإِنْ قُلْتَ إذَا ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ ثِقَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْزِلَهُ قُلْتُ نَعَمْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَصَلَ بِضَمِّ الثِّقَةِ إلَيْهِ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ بَاعَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ أَرْضِهِ فَهُوَ خِيَانَةٌ فَيُعْزَلُ أَوْ يُضَمُّ إلَيْهِ ثِقَةٌ. اهـ.
وَمِنْ أَحْكَامِ الْمُتَوَلِّي مِنْ الْقَاضِي مَا فِي الْقُنْيَةِ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِ إنْ عَمَّمَ الْقَاضِي التَّفْوِيضَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ يَبْقَى مَا نَصَبَهُ عَلَى حَالِهِ. اهـ.
فَإِنْ قُلْتَ مَا حُكْمُ تَوْلِيَةِ الْقَاضِي النَّاظِرَ حِسْبَةً مَعَ وُجُودِ النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ قُلْتُ صَحِيحَةٌ إذَا شَكَّ النَّاظِرُ أَوْ ارْتَابَ الْقَاضِي فِي أَمَانَتِهِ لِقَوْلِ الْخَصَّافِ كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ وَأَمَّا إذَا أَدْخَلَ مَعَهُ رَجُلًا إلَخْ لَا يَأْخُذُ مِنْ مَعْلُومِ الْمُتَوَلِّي وَلَا مِنْ الْوَقْفِ شَيْئًا لِأَنَّهُ إنَّمَا وَلَّاهُ الْقَاضِي حِسْبَةً أَيْ بِغَيْرِ مَعْلُومٍ الرَّابِعُ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَنْصِبُ غَيْرَهُ وَهَلْ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ فِي غَيْبَةِ الْقَاضِي الْجَوَابُ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَبْلُغَ الْقَاضِيَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ إذَا عَلِمَ الْقَاضِي سَوَاءٌ عَزَلَهُ الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَعْزِلْهُ وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ قَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ عَزَلْتُ نَفْسِي لَا يَنْعَزِلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَوْ لِلْقَاضِي فَيُخْرِجَهُ. اهـ.
وَمِنْ عَزْلِ نَفْسِهِ الْفَرَاغُ عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ لِرَجُلٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَ الْمَنْزُولَ لَهُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ لَكِنْ ظَاهِرُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ بَاعَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ رَهَنَهُ فَهُوَ خِيَانَةٌ (قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ قَيِّمٌ يَخْلِطُ غَلَّةَ الدُّهْنِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي الْغَلَّةَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى شِرَاءِ الدُّهْنِ بِالْغَلَّةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى شِرَاءِ الْبَوَارِي أَيْ الْحُصْرِ اهـ.
قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ مَسْجِدٌ لَهُ أَوْقَافٌ مُخْتَلِفَةٌ لَا بَأْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَخْلِطَ غَلَّتَهَا كُلَّهَا (قَوْلُهُ قُلْتُ: نَعَمْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَصَلَ إلَخْ) سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُنْزَعُ لَوْ خَائِنًا إنَّ عَزْلَ الْخَائِنِ وَاجِبٌ عَلَى الْقَاضِي فَيُنَافِي مَا هُنَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُرَادَ مِنْ عَزْلِهِ إزَالَةُ ضَرَرِهِ عَنْ الْوَقْفِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِضَمِّ ثِقَةٍ إلَيْهِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَصَلَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا أَدْخَلَ مَعَهُ رَجُلًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ إذَا أَدْخَلَ مَعَهُ رَجُلًا وَرَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ شَيْئًا فَلَا بَأْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَنْ عَزَلَ نَفْسَهُ الْفَرَاغَ عَنْ وَظِيفَتِهِ لِرَجُلٍ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فَائِدَةٌ أَخَذَ السُّبْكِيُّ مِنْ صِحَّةِ خَلْعِ الْأَجْنَبِيِّ جَوَازُ بَذْلِ مَالٍ لِمَنْ بِيَدِهِ وَظِيفَةٌ يَسْتَنْزِلُهُ عَنْهَا لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَيَحِلُّ لَهُ حِينَئِذٍ أَخْذُ الْعِوَضِ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهَا وَيَبْقَى الْأَمْرُ بَعْدَ ذَلِكَ لِنَاظِرِ الْوَظِيفَةِ يَفْعَلُ مَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ شَرْعًا كَذَا فِي شَرْحِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْهَاجِ أَقُولُ: وَقَوْلُ هَذَا الشَّارِحِ هُنَا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَيَنْبَغِي الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ بَعْدَهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ وَحُرْمَةِ الْأَخْذِ وَهُوَ مَحَلٌّ يَحْتَاجُ إلَى التَّحْرِيرِ وَفِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي الْفَنِّ الْأَوَّلِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْعُرْفِ الْخَاصِّ أَقُولُ: عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ قَدْ تَعَارَفَ الْفُقَهَاءُ بِالْقَاهِرَةِ النُّزُولَ عَنْ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ يُعْطَى لِصَاحِبِهَا وَتَعَارَفُوا ذَلِكَ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ وَأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لَهُ وَقَبَضَ الْمَبْلَغَ مِنْهُ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. اهـ.
وَرَأَيْت بَعْضَ الْفُضَلَاءِ كَتَبَ عَلَى هَذَا الْمَحَلِّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْوَظَائِفِ وَمَا قَالَهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِمَّا سَيَأْتِي الْحُقُوقُ الْمُجَرَّدَةُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ وَمَسَائِلَ أُخَرَ سَرَدَهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ تَرُدُّ هَذَا. اهـ. تَأَمَّلْ. اهـ. كَلَامُ الرَّمْلِيِّ.
أَقُولُ: بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ صِحَّةِ الْفَرَاغِ عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ قَبْلَ وَرَقَةٍ وَنِصْفٍ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ بِقَوْلِهِ الْمُتَوَلِّي إذَا أَرَادَ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ إنْ كَانَ الْوِلَايَةُ بِالْإِيصَاءِ يَجُوزُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ إلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْمِيمِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَيِّمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْزِلَ عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ إلَّا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى سَبِيلِ الْإِيصَاءِ وَأَمَّا فِي صِحَّتِهِ فَلَا إلَّا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ وَمَرَّ بَيَانُهُ فِيمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الطَّرَسُوسِيِّ وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْعَلَائِيِّ أَيْضًا مَا نَصُّهُ الْفِعْلُ فِي الْمَرَضِ أَحَطُّ رُتْبَةً مِنْ الْفِعْلِ فِي الصِّحَّةِ إلَّا فِي
وَهَكَذَا فِي سَائِرِ الْوَظَائِفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَنْزُولُ لَهُ أَهْلًا لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُقَرِّرُهُ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ بِأَنَّ مَنْ فَرَغَ لِإِنْسَانٍ عَنْ وَظِيفَتِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا سَوَاءٌ قَرَّرَ النَّاظِرُ الْمَنْزُولَ لَهُ أَوْ لَا اهـ.
فَالْقَاضِي بِالْأَوْلَى وَقَدْ جَرَى التَّعَارُفُ بِمِصْرَ الْفَرَاغُ بِالدَّرَاهِمِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَيَنْبَغِي الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ بَعْدَهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ امْتَنَعَ مِنْ الْعَمَلِ وَلَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ بِعَزْلِ نَفْسِهِ إلَى الْحَاكِمِ لَا يَخْرُجُ عَنْ التَّوْلِيَةِ. اهـ.
فَإِنْ قُلْتَ هَلْ لِلْقَاضِي عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ بِغَيْرِ جُنْحَةٍ. قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ نَصَبَ الْقَاضِي قَيِّمًا آخَرَ لَا يَنْعَزِلُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ مَنْصُوبَ الْوَاقِفِ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبَهُ وَيَعْلَمُهُ وَقْتَ نَصَبَ الثَّانِي يَنْعَزِلُ بِخِلَافِ مَا إذَا نَصَبَ السُّلْطَانُ قَاضِيًا فِي بَلْدَةٍ لَا يَنْعَزِلُ الْأَوَّلُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ تَكْثُرُ الْقُضَاةُ فِي بَلْدَةٍ دُونَ الْقُوَّامِ فِي الْوَقْفِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ. اهـ. وَسَيَأْتِي عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ.
الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ فِي تَصَرُّفَاتِ النَّاظِرِ وَفِيهِ بَيَانُ مَا عَلَيْهِ وَلَهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَوَّلُ مَا يَفْعَلُهُ الْقَيِّمُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ الْبُدَاءَةُ بِالْعِمَارَةِ وَأُجْرَةِ الْقُوَّامِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا الْوَاقِفُ وَيَتَحَرَّى فِي تَصَرُّفَاتِهِ النَّظَرَ لِلْوَقْفِ وَالْغِبْطَةَ حَتَّى لَوْ آجَرَ الْوَقْفَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ سَكَنَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا إذَا آجَرَهُ مِنْ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ لِلتُّهْمَةِ وَلَا نَظَرَ مَعَهَا كَذَا فِي الْإِسْعَافِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمُتَوَلِّي لَوْ آجَرَ دَارَ الْوَقْفِ مِنْ ابْنِهِ الْبَالِغِ أَوْ أَبِيهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ كَبَيْعِ الْوَصِيِّ لَوْ بِقِيمَتِهِ صَحَّ عِنْدَهُمَا وَلَوْ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ صَحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا مُتَوَلٍّ أَجَّرَ مِنْ نَفْسِهِ لَوْ خَيْرٌ صَحَّ وَإِلَّا لَا وَمَعْنَى الْخَيْرِيَّةِ مَرَّ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ مِنْ نَفْسِهِ وَبِهِ يُفْتَى. اهـ.
فَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْإِسْعَافِ ضَعِيفٌ وَلَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ لِأَجْنَبِيٍّ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِأَنَّ مَا نَقَصَ يَكُونُ إضْرَارًا بِالْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْقُنْيَةِ فِي الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ الْمُسَبَّلَةِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ يُمْسِكُهَا بِغَبَنٍ فَاحِشٍ نِصْفُ الْمِثْلِ أَوْ نَحْوُهُ لَا يُعْذَرُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ فِي
ــ
[منحة الخالق]
مَسْأَلَةِ إسْنَادِ النَّاظِرِ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ بِلَا شَرْطٍ فَإِنَّهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ صَحِيحٌ لَا فِي الصِّحَّةِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهَا. اهـ.
فَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي مَسْأَلَةِ النَّاظِرِ فَلْيُحْمَلْ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا مِنْ جَوَازِ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ عَلَى غَيْرِ وَظِيفَةِ النَّظَرِ كَوَظِيفَةِ تَدْرِيسٍ وَإِمَامَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنَّ حَمْلَ جَوَازِ النُّزُولِ عَنْ النَّظَرِ عَلَى مَا إذَا كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ يُخَصَّصُ بِهِ كَلَامُهُمْ وَالْمُؤَلِّفُ لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ هُنَا تَأَمَّلْ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْأَشْبَاهِ أَوَائِلَ كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ عَزْلَ النَّاظِرِ حَالَ الْوَقْفِ صَحَّ اتِّفَاقًا وَإِلَّا لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَيَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ عَزْلِهِ لِلْمُدَرِّسِ وَالْإِمَامِ الَّذِي وَلَّاهُمَا وَلَا يُمْكِنُ الْإِلْحَاقُ بِالنَّاظِرِ لِتَعْلِيلِهِمْ لِصِحَّةِ عَزْلِهِ عِنْدَ الثَّانِي بِكَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْهُ وَلَيْسَ صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ وَكِيلًا عَنْ الْوَاقِفِ إلَخْ فَهَذَا يُفِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَ النَّاظِرِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْوَظَائِفِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ بِأَنَّ مَنْ فَرَّغَ لِإِنْسَانٍ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ تَقْرِيرِ النَّاظِرِ لِغَيْرِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِفَرَاغِهِ لَدَى الْقَاضِي أَمْ لَا لِأَنَّهُ عَزَلَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْرِيرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ ذُو وَظِيفَةٍ فَقَرَّرَ النَّاظِرُ آخَرَ فَبَانَ أَنَّهُ نَزَلَ عَنْهَا الْآخَرُ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي التَّقْرِيرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بَلْ لَوْ قَرَّرَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ.
وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِي ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ عَزْلًا فَقَدْ شَغَرَتْ الْوَظِيفَةُ لِعَدَمِ تَقْرِيرِ الْقَاضِي فَيَجِبُ التَّقْيِيدُ بِمَا إذَا لَمْ يُقَرِّرْ الْقَاضِي الْمَنْزُولَ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ التَّقْرِيرُ الثَّانِي كَانَ عَزْلًا بِغَيْرِ جُنْحَةٍ عَنْ وَظِيفَةٍ صَارَتْ حَقَّهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ إذْ هُوَ حَقٌّ مُجَرَّدٌ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ فَلَا طَرِيقَ لِجَوَازِهِ وَقِيَاسُهُ عَلَى الْخُلْعِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ إذْ الْمَالُ فِي الْخُلْعِ مُقَابَلٌ بِإِزَاءِ مِلْكِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا مِلْكَ لِلْفَارِغِ عَنْ الْوَظِيفَةِ حَتَّى يَكُونَ أَخْذُهُ لَهُ مُقَابَلًا بِهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ إلَخْ) سَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ لِأَحَدِ النَّاظِرَيْنِ أَنْ يُؤَاجِرَ الْآخَرَ أَنَّ لِلْقَاضِي عَزْلَ مَنْصُوبِ قَاضٍ آخَرَ بِلَا خِيَانَةٍ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا عَنْ الْقُنْيَةِ قَالَ أَبُو السُّعُودِ تَعَقَّبَهُ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ شَاهِينُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْفَصْلِ الْأَخِيرِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَنَصُّهُ إذَا كَانَ لِلْوَقْفِ مُتَوَلٍّ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْقُضَاةِ لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي نَصْبَ مُتَوَلٍّ آخَرَ بِلَا سَبَبٍ مُوجِبٍ لِذَلِكَ وَهُوَ ظُهُورُ خِيَانَةِ الْأَوَّلِ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ فَلْيَكُنْ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مُقَدَّمًا عَلَى مَا فِي الْقُنْيَةِ. اهـ.
قُلْتُ: التَّعَقُّبُ مَدْفُوعٌ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَسَيَأْتِي عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ وَقَوْلُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ يَشْمَلُ مَا إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فَلَا مُنَافَاةَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ مُقَيَّدٌ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَتَدَبَّرْ لَكِنْ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ مَا يُخَالِفُ هَذَا حَيْثُ قَالَ فِي أَثْنَاءِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَسْأَلَةِ الِاسْتِبْدَالِ مَعَ شَرْطِ الْوَاقِفِ عَدَمَهُ وَنَصُّهُ وَلِأَنَّ مَا قُلْنَاهُ لَا يَكُونُ أَبْلَغَ مِمَّا قَالُوا فِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَزَلَ الْوَصِيَّ الْعَدْلَ الْكَافِيَ يَصِحُّ وَلَهُ أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ خِيَانَةٌ فِي الظَّاهِرِ اهـ.
إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ كَلَامَهُ بِالْمَصْلَحَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ تَأَمَّلْ