الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فَجَحَدَ فَاسْتُحْلِفَ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي اسْتِخْلَافَ الْآخَرِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَخْلِفُهُ عَلَى عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَى أَحَدِهِمَا دَعْوَى عَلَيْهِمَا، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِمَا شَيْئًا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسْتَحْلَفُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَأَيُّهُمَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ يَمْضِي الْأَمْرُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَ أَحَدِهِمَا كَإِقْرَارِهِمَا، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى أَحَدِهِمَا وَهُوَ غَائِبٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الْحَاضِرَ عَلَى عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ غَيْرِهِ فَإِنْ حَلَفَ، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحْلِفُهُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ جِرَاحَةً خَطَأً لَهَا أَرْشٌ وَاسْتَحْلَفَهُ أَلْبَتَّةَ فَحَلَفَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ شَرِيكَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمَهْرُ وَالْخُلْعُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ تَحْتَ الشَّرِكَةِ فَلَا يَكُونُ فِعْلُ أَحَدِهِمَا كَفِعْلِهِمَا اهـ.
وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِتِجَارَةٍ مَهْرَ الْمُشْتَرَاةِ الْمَوْطُوءَةِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ، قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَإِذَا وَطِئَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالْعُقْرِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْعُقْرَ هَا هُنَا وَجَبَ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ. اهـ.
وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ وَكُلُّ شَيْءٍ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا بِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَلِلْآخَرِ قَبْضُهُ وَالْمُطَالَبَةُ بِهِ لَكَانَ أَفْوَدَ لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَوْ أَدَانَ رَجُلًا أَوْ كَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِدَيْنٍ أَوْ غَصَبَ مَالًا فَلِشَرِيكِهِ الْآخَرِ أَنْ يُطَالِبَ وَكُلُّ شَيْءٍ هُوَ لِأَحَدِهِمَا خَاصَّةً إذَا بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُطَالَبَ بِالثَّمَنِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الشَّرِيكَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ.
(قَوْلُهُ: وَبَطَلَتْ إنْ وُهِبَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ وَرِثَ مَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ) أَيْ الْمُفَاوَضَةُ لِفَوَاتِ الْمُسَاوَاةِ فِيمَا يَصْلُحُ رَأْسَ الْمَالِ إذْ هِيَ شَرْطٌ فِيهِ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً، وَهَذَا لِأَنَّ الْآخَرَ لَا يُشَارِكُهُ فِيمَا أَصَابَهُ لِانْعِدَامِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ إلَّا أَنَّهَا تَنْقَلِبُ عَنَانًا لِلْإِمْكَانِ فَإِنَّ الْمُسَاوَاةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهَا وَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ لَازِمٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ مَا تَصِحُّ فِيهِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَالْفُلُوسُ النَّافِقَةُ وَأَرَادَ بِالْهِبَةِ الْهِبَةَ مَعَ الْقَبْضِ وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ، وَكَذَا لَوْ زَادَتْ قِيمَةُ دَرَاهِمِ أَحَدِهِمَا الْبِيضِ عَلَى دَرَاهِمِ الْآخَرِ السُّودِ أَوْ دَنَانِيرِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ قَيَّدَ بِالزِّيَادَةِ فِي الْقَدْرِ احْتِرَازًا عَنْ الزِّيَادَةِ فِي الْقِيمَةِ فَإِنَّهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَإِنْ حَصَلَ الْفَضْلُ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ فَسَدَتْ وَإِنْ حَصَلَ الْفَضْلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ لَا تَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ لَا تَفْسُدُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ حَصَلَ الشِّرَاءُ بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ، ثُمَّ فَضَلَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ فَإِنْ فَضَلَ الْمَالُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الشِّرَاءُ لَا تَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ، وَإِنْ فَضَلَ الْمَالُ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الشِّرَاءُ فَسَدَتْ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْقَدْرِ إنَّمَا هُوَ فَضْلُ أَحَدِهِمَا صَاحِبُهُ فِيمَا يَصْلُحُ رَأْسَ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ وَلِأَحَدِهِمَا زِيَادَةُ دَرَاهِمَ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهَا حَصَلَتْ فِي مَالِ الْغَيْرِ لَا فِي مَالِ أَحَدِهِمَا فَلَمْ يَفُتْ التَّسَاوِي فِي مَالِهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ
[شَرِكَة الْمُفَاوَضَة بِمِلْكِ الْعَرْضِ]
قَوْلُهُ (: لَا الْعَرْضِ) أَيْ لَا تَبْطُلُ بِمِلْكِ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ فَلَا تُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ فِيهِ، وَلَوْ قَالَ لَا مَا لَا تَصِحُّ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ الْعَقَارُ وَالدُّيُونُ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِهِمَا إلَّا إذَا قَبَضَ الدُّيُونَ
[شَرِكَة مُفَاوَضَةٌ وَعَنَانٌ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَالتِّبْرِ وَالْفُلُوسِ]
(قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ مُفَاوَضَةٌ وَعَنَانٌ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَالتِّبْرِ وَالْفُلُوسِ) وَقَالَ مَالِكٌ تَجُوزُ بِالْعُرُوضِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ أَيْضًا إذَا كَانَ الْجِنْسُ وَاحِدًا؛ لِأَنَّهَا عُقِدَتْ عَلَى رَأْسِ مَالٍ مَعْلُومٍ فَأَشْبَهَ النُّقُودَ بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَاهَا لِمَا فِيهَا مِنْ رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ وَلَنَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ وَتَفَاضَلَ الثَّمَنَانِ فَمَا يَسْتَحِقُّهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الزِّيَادَةِ فِي مَالِ صَاحِبِهِ رِبْحُ مَا لَمْ يَمْلِكْ وَمَا لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ مَا يَشْتَرِيهِ فِي ذِمَّتِهِ إذْ هِيَ لَا تَتَعَيَّنُ فَكَانَ رِبْحَ مَا ضَمِنَ؛ وَلِأَنَّ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: يَسْتَحْلِفُ كُلَّ وَاحِدٍ أَلْبَتَّةَ) أَيْ الْيَمِينُ أَلْبَتَّةَ فَأَلْبَتَّةَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ الْمَحْذُوفِ قِيَامَ الصِّفَةِ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ.
أَوَّلَ التَّصَرُّفِ فِي الْعَرْضِ الْبَيْعُ وَفِي النُّقُودِ الشِّرَاءُ وَبَيْعُ أَحَدِهِمَا مَالَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ شَرِيكًا فِي ثَمَنِهِ لَا يَجُوزُ وَشِرَاءُ أَحَدِهِمَا شَيْئًا بِمَالِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ جَائِزٌ وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ التِّبْرَ كَالنَّقْدَيْنِ، رِوَايَةُ كِتَابِ الصَّرْفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ حَتَّى لَا يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا تَكُونُ الْمُفَاوَضَةُ بِمَثَاقِيلِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَمُرَادُهُ التِّبْرُ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ التِّبْرُ سِلْعَةٌ وَيَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَلَا يَصْلُحُ رَأْسَ مَالٍ فِي الْمُضَارَبَاتِ وَالشَّرِكَاتِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ خُلِقَتْ لِلتِّجَارَةِ فِي الْأَصْلِ لَكِنْ الثَّمَنِيَّةُ تَخْتَصُّ بِالضَّرْبِ الْمَخْصُوصِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ لَا يُصْرَفُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ ظَاهِرٍ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ التَّعَامُلُ بِاسْتِعْمَالِهَا ثَمَنًا فَيَنْزِلُ التَّعَامُلُ بِمَنْزِلَةِ الضَّرْبِ فَتَكُونُ ثَمَنًا وَتَصْلُحُ رَأْسَ الْمَالِ. اهـ.
فَيُحْمَلُ مَا فِي الْكِتَابِ عَلَى مَا إذَا جَرَى التَّعَامُلُ بِاسْتِعْمَالِ التِّبْرِ ثَمَنًا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ، وَالتِّبْرُ مَا لَيْسَ بِمَضْرُوبٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَأَطْلَقَ الْفُلُوسَ وَأَرَادَ بِهَا الرَّائِجَةَ؛ لِأَنَّهَا تَرُوجُ رَوَاجَ الْأَثْمَانِ فَأُلْحِقَتْ بِهَا قَالُوا هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالنُّقُودِ عِنْدَهُ حَتَّى لَا تَتَعَيَّنَ بِالتَّعْيِينِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ بِأَعْيَانِهِمَا عَلَى مَا عُرِفَ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ بِهَا؛ لِأَنَّ ثَمَنِيَّتَهَا تَتَبَدَّلُ سَاعَةً فَسَاعَةً وَتَصِيرُ سِلْعَةً وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ وَأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا جَائِزَةٌ بِالْفُلُوسِ عِنْدَهُمَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا أَثْمَانٌ بِاصْطِلَاحِ الْكُلِّ فَلَا تَبْطُلُ مَا لَمْ يُصْطَلَحْ عَلَى ضِدِّهِ ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَلِذَا اخْتَارَهُ فِي الْكِتَابِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ وَالْمَعْدُودَ الْمُتَقَارِبَ وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَنَا قَبْلَ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّهَا عُرُوضٌ مَحْضَةٌ، وَكَذَا إنْ خَلَطَا، ثُمَّ اشْتَرَكَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَتَاعُهُ بِحِصَّةِ رِبْحِهِ وَوَضِيعَتِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَصِحُّ وَتَصِيرُ شَرِكَةَ عَقْدٍ إذَا كَانَ الْمَخْلُوطُ جِنْسًا وَاحِدًا، وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِي اشْتِرَاطِ التَّفَاضُلِ فِي الرِّبْحِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَصِحُّ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَلْزَمُ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَكَانَ عَرْضًا مَحْضًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا جِنْسًا كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ فَخَلَطَا لَا تَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ بِهَا بِالِاتِّفَاقِ، وَالْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَخْلُوطَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَمِنْ جِنْسَيْنِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَتَتَمَكَّنُ الْجَهَالَةُ كَمَا فِي الْعُرُوضِ، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ فَحُكْمُ الْخَلْطِ سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ الْمَالَ بِالْحَضْرَةِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ، قَالَ فِي الْقُنْيَةِ عَقَدَا شَرِكَةَ عَنَانٍ بِالدَّنَانِيرِ وَرَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا غَائِبٌ لَا تَصِحُّ، وَلَوْ دَفَعَهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ لِيَشْتَرِيَ الشَّرِيكُ بِالْمَالَيْنِ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ تَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ بِالدَّفْعِ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا تَصِحُّ بِمَالٍ غَائِبٍ أَوْ دَيْنٍ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ حَاضِرًا مُفَاوَضَةً كَانَتْ أَوْ عَنَانًا وَأَرَادَ عِنْدَ عَقْدِ الشِّرَاءِ لَا عِنْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ عَقْدِهَا تَجُوزُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا، وَقَالَ أَخْرِجْ مِثْلَهَا أَوْ اشْتَرِ بِهَا وَبِعْ وَالْحَاصِلَ بَيْنَنَا أَنْصَافًا وَلَمْ يَكُنْ الْمَالُ حَاضِرًا وَقْتَ الشَّرِكَةِ فَبَرْهَنَ الْمَأْمُورُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَأَحْضَرَ الْمَالَ وَقْتَ الشِّرَاءِ جَازَ. اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَقْرِضْنِي أَلْفًا أَتَّجِرُ بِهَا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَنَا فَأَقْرَضَهُ أَلْفًا فَاتَّجَرَ بِهَا وَرَبِحَ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمُسْتَقْرِضِ لَا شَرِكَةَ لِلْمُقْرِضِ فِيهِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا، وَقَالَ اشْتَرِ بِهَا بَيْنِي وَبَيْنَك نِصْفَيْنِ وَالرِّبْحُ لَنَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْنَا فَهَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِقَرْضٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَرِكَةٌ، وَلَوْ اشْتَرَى بِالْمَالِ، ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ فَعَلَى الْآمِرِ ضَمَانُ نِصْفِ الْمَالِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي نِصْفُ ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ كُلَّ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ الْآخَرِ وَعَقَدَا الشَّرِكَةَ صَحَّ) بَيَانٌ لِلْحِيلَةِ فِي صِحَّةِ الشَّرِكَةِ بِالْعُرُوضِ فَإِنَّ فَسَادَهُ بِهَا لَيْسَ لِذَاتِهَا، بَلْ لِلَازِمِ الْبَاطِلِ مِنْ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا لُزُومِ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَالثَّانِي جَهَالَةُ رَأْسِ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْقِسْمَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُنْتَفٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَيَكُونُ كُلُّ مَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: تَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ بِالدَّفْعِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِالدَّفْعِ بَعْدَ فَسَادِهَا بِالِافْتِرَاقِ بِلَا دَفْعٍ، وَظَاهِرُ مَا يَأْتِي عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ يُفِيدُ جَوَازَهَا مَوْقُوفًا عَلَى إحْضَارِ الْمَالِ وَقْتَ الشِّرَاءِ تَأَمَّلْ، وَاَلَّذِي فِي الْفَتْحِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ حُضُورَ الْمَالِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَهُوَ صَحِيحٌ، بَلْ الشَّرْطُ وُجُودُهُ وَقْتَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ مَا لَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا وَقَالَ أَخْرِجْ مِثْلَهَا