الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا جَوَابَ لِلْمَشَايِخِ فِيهَا
الثَّامِنَةُ فِي
وَقْفِ الْمَسْجِدِ أَيَجُوزُ أَنْ يُبْنَى مِنْ غَلَّتِهِ مَنَارَةً
قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ
مَصْلَحَةِ
الْمَسْجِدِ بِأَنْ كَانَ أَسْمَعَ لَهُمْ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَسْمَعُ الْجِيرَانُ الْأَذَانَ بِغَيْرِ مَنَارَةٍ فَلَا أَرَى لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ التَّاسِعَةُ وَقَفَ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ عَلَى أَنَّ مَا فَضَلَ مِنْ عِمَارَتِهِ فَهُوَ لِلْفُقَرَاءِ فَاجْتَمَعَتْ الْغَلَّةُ وَالْمَسْجِدُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى الْعِمَارَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ تُحْبَسُ الْغَلَّةُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَحْدُثُ بِالْمَسْجِدِ حَدَثٌ وَتَصِيرُ الْأَرْضُ بِحَالٍ لَا تَغُلُّ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْجَوَابُ كَمَا قَالَ وَعِنْدِي لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا يَحْتَاجُ الْأَرْضُ وَالْمَسْجِدُ إلَى الْعِمَارَةِ يُمْكِنُ الْعِمَارَةُ بِهَا وَيَفْضُلُ تُصْرَفُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ وَفِي الْقُنْيَةِ لَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَأْخُذَ مَا فَضَلَ مِنْ وَجْهِ عِمَارَةِ الْمَدْرَسَةِ دَيْنًا لِيَصْرِفَهَا إلَى الْفُقَرَاءِ وَإِنْ احْتَاجُوا إلَيْهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهُ يَنْظُرُ إنْ اجْتَمَعَ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا لَوْ احْتَاجَ الضَّيْعَةُ وَالْمَسْجِدُ إلَى الْعِمَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ يُمْكِنُ الْعِمَارَةُ مِنْهَا وَيَبْقَى شَيْءٌ تُصْرَفُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَرِيعُ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِلْعِمَارَةِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَجُزْ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَصْرِفَ رِيعَ الْعِمَارَةِ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهَا إلَى الْفُقَرَاءِ لِيَسْتَرِدَّ ذَلِكَ مِنْ حِصَّتِهِمْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ. اهـ.
الْعَاشِرَةُ مَسْجِدٌ تَهَدَّمَ وَقَدْ اجْتَمَعَ مِنْ غَلَّتِهِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْبِنَاءُ قَالَ الْخَصَّافُ لَا يُنْفِقُ الْغَلَّةَ فِي الْبِنَاءِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَ عَلَى مَرَمَّتِهَا وَلَمْ يَأْمُرْ بِأَنْ يُبْنَى هَذَا الْمَسْجِدُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْبِنَاءُ بِتِلْكَ الْغَلَّةِ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ هَلْ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ سُلَّمًا لِيَرْتَقِيَ عَلَى السَّطْحِ لِكَنْسِ السَّطْحِ وَتَطْيِينِهِ أَوْ يُعْطَى مِنْ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ أَجْرُ مَنْ يَكْنُسُ السَّطْحَ وَيَطْرَحُ الثَّلْجَ وَيُخْرِجُ التُّرَابَ الْمُجْتَمِعَ مِنْ الْمَسْجِدِ.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَفْعَلَ مَا فِي تَرْكِهِ خَرَابُ الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ حَوَانِيتُ مَالَ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَالْأَوَّلُ مِنْهَا وَقْفٌ وَالْبَاقِي مِلْكٌ وَالْمُتَوَلِّي لَا يُعَمِّرُ الْوَقْفَ قَالَ أَبُو قَاسِمٍ إنْ كَانَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ كَانَ لِأَصْحَابِ الْحَوَانِيتِ أَنْ يَأْخُذُوا الْقَيِّمَ لِيُسَوِّيَ الْحَائِطَ الْمَائِلَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فِي يَدِ الْقَيِّمِ رَفَعُوا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَ الْقَاضِي الْقَيِّمَ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ فِي إصْلَاحِ الْوَقْفِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي.
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ لَوْ وَقَفَ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِمَارَةَ يَبْدَأُ مِنْ الْغَلَّةِ بِالْعِمَارَةِ وَبِمَا يُصْلِحُهَا وَبِخَرَاجِهَا وَمُؤَنِهَا ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ نَخْلٌ وَيَخَافُ الْقَيِّمُ هَلَاكَهَا كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَسِيلًا فَيَغْرِسَهُ كَيْ لَا يَنْقَطِعَ فَلَوْ كَانَتْ قِطْعَةٌ مِنْهَا سَبْخَةً تَحْتَاجُ إلَى رَفْعِ وَجْهِهَا وَإِصْلَاحِهَا حَتَّى تَنْبُتَ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ جُمْلَةِ غَلَّةِ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ وَيُصْلِحَ الْقِطْعَةَ.
وَلَوْ أَرَادَ الْقَيِّمُ أَنْ يَبْنِيَ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ قَرْيَةً لِأَكَرَتِهَا وَحُفَّاظِهَا لِيَحْفَظَ فِيهَا الْغَلَّةَ وَيَجْمَعَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ خَانًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَاحْتَاجَ إلَى خَادِمٍ يَكْسَحُ الْخَانَ وَيَقُومُ بِهِ وَيَفْتَحُ بَابَهُ وَيَسُدُّهُ فَسَلَّمَ بَعْضَ الْبُيُوتِ إلَى رَجُلٍ أُجْرَةً لَهُ لِيَقُومَ بِذَلِكَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ قَيِّمُ الْوَقْفِ أَنْ يَبْنِيَ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ بُيُوتًا يَسْتَغِلُّهَا بِالْإِجَارَةِ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِغْلَالَ أَرْضِ الْوَقْفِ يَكُونُ بِالزَّرْعِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُتَّصِلَةً بِبُيُوتِ الْمِصْرِ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي اسْتِئْجَارِ بُيُوتِهَا وَتَكُونُ غَلَّةُ ذَلِكَ فَوْقَ غَلَّةِ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بُيُوتًا فَيُؤَاجِرَهَا لِأَنَّ الِاسْتِغْلَالَ بِهَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ.
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ لَوْ بَنَى خَانًا وَاحْتَاجَ إلَى الْمَرَمَّةِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُعْزَلُ مِنْهُ بَيْتٌ أَوْ بَيْتَانِ فَتُؤَاجَرُ وَيُنْفَقُ مِنْ غَلَّتِهَا عَلَيْهِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى إجَارَةُ الْكُلِّ سَنَةً وَيَسْتَرِمُّ مِنْهَا قَالَ النَّاطِفِيُّ قِيَاسُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَجُوزَ إجَارَةُ سَطْحِهِ لِمَرَمَّتِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ فِي فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ شَجَرَةُ وَقْفٍ فِي دَارِ وَقْفٍ خَرِبَتْ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَ الشَّجَرَةَ وَيُعَمِّرَ الدَّارَ وَلَكِنْ يُكْرِي الدَّارَ وَيَسْتَعِينُ بِالْكِرَاءِ عَلَى عِمَارَةِ
ــ
[منحة الخالق]
أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ يَرُدُّ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبَانَ.
[وَقْفِ الْمَسْجِدِ أَيَجُوزُ أَنْ يُبْنَى مِنْ غَلَّتِهِ مَنَارَةً]
(قَوْلُهُ فَسِيلًا) قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَالْفَسِيلَةُ وَالْفَسِيلُ الْوِدِّيُّ وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ وَالْجَمْعُ الْفُسْلَانُ
الدَّارِ لَا بِالشَّجَرَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ هَلْ يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ طَعَامِ الْعَمَلَةِ يَوْمَ الْعِمَارَةِ قَالُوا إنْ حَضَرُوا لِلْإِرْشَادِ وَالْحَثِّ عَلَى الْعَمَلِ جَازَ الْأَكْلُ وَإِلَّا فَإِنْ كَانُوا قَلِيلًا جَازَ وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي قَوْمٍ جَمَعُوا الدَّرَاهِمَ لِعِمَارَةِ الْقَنْطَرَةِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ جَوَازُ أَكْلِ الشَّادِّ وَالْمُهَنْدِسِ مَعَهُمْ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي فَتَاوَى خُوَارِزْمَ أَنَّ الْوَاقِفَ وَمَحَلَّ الْوَقْفِ أَعْنِي الْجِهَةَ إنْ اتَّحَدَتْ بِأَنْ كَانَ وَقْفًا عَلَى الْمَسْجِدِ أَحَدُهُمَا إلَى الْعِمَارَةِ وَالْآخَرُ إلَى إمَامِهِ أَوْ مُؤَذِّنِهِ وَالْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ لَا يَسْتَقِرُّ لِقِلَّةِ الْمَرْسُومِ لِلْحَاكِمِ الدَّيِّنِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ فَاضِلِ وَقْفِ الْمَصَالِحِ وَالْعِمَارَةِ إلَى الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ بِاسْتِصْوَابِ أَهْلِ الصَّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ مُتَّحِدًا لِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ إحْيَاءُ وَقْفِهِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِمَا قُلْنَا أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْوَاقِفُ أَوْ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَاخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ بِأَنْ بَنَى مَدْرَسَةً وَمَسْجِدًا وَعَيَّنَ لِكُلٍّ وَقْفًا وَفَضَلَ مِنْ غَلَّةِ أَحَدِهِمَا لَا يُبَدِّلُ شَرْطَ الْوَاقِفِ.
وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَ الْوَاقِفُ لَا الْجِهَةُ يُتَّبَعُ شَرْطُ الْوَاقِفِ وَقَدْ عُلِمَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ إعْمَالُ الْغَلَّتَيْنِ إحْيَاءً لِلْوَقْفِ وَرِعَايَةً لِشَرْطِ الْوَاقِفِ هَذَا هُوَ الْحَاصِلُ مِنْ الْفَتَاوَى. اهـ.
وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُتَوَلِّي الشَّيْخُونِيَّةِ بِالْقَاهِرَةِ صَرْفُ أَحَدِ الْوَقْفَيْنِ لِلْآخَرِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مَسْجِدٌ لَهُ أَوْقَافٌ مُخْتَلِفَةٌ لَا بَأْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَخْلِطَ غَلَّتَهَا كُلَّهَا وَإِنْ خَرِبَ حَانُوتٌ مِنْهَا فَلَا بَأْسَ بِعِمَارَتِهِ مِنْ غَلَّةِ حَانُوتٍ آخَرَ لِأَنَّ الْكُلَّ لِلْمَسْجِدِ هَذَا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ مُخْتَلِفًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَجْمَعُهُمَا اهـ.
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا انْهَدَمَ رِبَاطُ الْمُخْتَلِفَةِ وَبَنَى بِنَاءً جَدِيدًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا يَكُونُ الْأَوَّلُونَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ تَرْتِيبَهُ الْأَوَّلَ إلَّا أَنَّهُ إنْ زِيدَ أَوْ نُقِصَ فَالْأَوَّلُونَ أَوْلَى اهـ.
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ بَنَى الْمُتَوَلِّي فِي عَرْصَةِ الْوَقْفِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِهِ لِلْوَقْفِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا كَانَ وَقْفًا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ بَنَاهُ لِنَفْسِهِ كَانَ مِلْكًا لَهُ وَإِنْ مُتَوَلِّيًا كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ النَّاسِ الْعِمَارَةُ فِي الْوَقْفِ وَقْفٌ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ إذَا عَمِلَ الْقَيِّمُ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَالْوَقْفِ كَعَمَلِ الْأَجِيرِ لَا يَسْتَحِقُّ أَجْرًا لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ لَهُ أَجْرُ الْقِوَامَةِ وَأَجْرُ الْعَمَلِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَسَيَأْتِي أَيْضًا الْعِشْرُونَ لَوْ انْكَشَفَ سَقْفُ السُّوقِ فَغَلَبَ الْحَرُّ عَلَى الْمَسْجِدِ الصَّيْفِيِّ لِوُقُوعِ الشَّمْسِ فِيهِ فَلِلْقَيِّمِ سَتْرُ سَقْفِ السُّوقِ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ بِقَدْرِ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ هَذَا الْقَدْرُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ دَارًا فَعِمَارَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى) أَيْ لَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ دَارًا فَعِمَارَةُ الْمَوْقُوفِ عَلَى مَنْ لَهُ سُكْنَاهُ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَصَارَ كَنَفَقَةِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ السُّكْنَى رَمَّ حِيطَانَ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ بِالْآجُرِّ وَجَصَّصَهَا أَوْ أَدْخَلَ فِيهَا أَجْذَاعًا ثُمَّ مَاتَ وَلَا يُمْكِنُ نَزْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِتَضَرُّرٍ بِالْبِنَاءِ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ السُّكْنَى بَعْدَهُ اضْمَنْ لِوَرَثَتِهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَلَكَ السُّكْنَى فَإِنْ أَبَى أُوجِرَتْ الدَّارُ وَصُرِفَتْ الْغَلَّةُ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ فَإِذَا وَفَّتْ غَلَّتُهُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ أُعِيدَ السُّكْنَى إلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى وَلَيْسَ لِصَاحِبِ السُّكْنَى أَنْ يَرْضَى بِقَلْعِ ذَلِكَ وَهَدْمِهِ وَإِنْ كَانَ مَا رَمَّ الْأَوَّلُ مِثْلَ تَجْصِيصِ الْحِيطَانِ أَوْ تَطْيِينِ السُّطُوحِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَرْجِعُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ اشْتَرَى دَارًا وَجَصَّصَهَا وَطَيَّنَ سُطُوحَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْجِصِّ وَالطِّينِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْقُضَهُ وَيُسَلِّمَ نَقْضَهُ إلَيْهِ. اهـ.
وَجَعَلَ فِي الْمُجْتَبَى مَسْأَلَةَ مَا إذَا عَمَّرَهَا وَمَاتَ نَظِيرَ مَا إذَا عَمَّرَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ لِلْحَاكِمِ الدَّيْنُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ عَنْ الْإِسْعَافِ فِي السَّادِسَةِ (قَوْلُهُ أَوْ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَاتَّحَدَتْ الْجِهَةُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَمِنْ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ مَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ مَنْزِلَيْنِ أَحَدُهُمَا لِلسُّكْنَى وَالْآخَرُ لِلِاسْتِغْلَالِ فَلَا يُصْرَفُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَ الْوَاقِفُ لَا الْجِهَةُ) كَذَا رَأَيْتُهُ فِي عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَحْرِيفُ وَالْأَصْلُ وَالْجِهَةُ بِوَاوِ الْعَطْفِ لِأَنَّهُ مُكَرَّرٌ بِقَوْلِهِ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْوَاقِفُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَعَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ (قَوْلُهُ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مَسْجِدٌ لَهُ أَوْقَافٌ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ لِأَنَّ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ ضِدُّ اتِّحَادِ الْجِهَةِ وَتَوَافُقُ الشَّرْطَيْنِ مِنْ الْوَاقِفِينَ تَأَمَّلْ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الرَّابِعِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مَسْجِدٌ لَهُ أَوْقَافٌ مُخْتَلِفَةٌ لَا بَأْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَخْلِطَ غَلَّتَهَا وَإِنْ خَرِبَ حَانُوتٌ فِيهَا لَا بَأْسَ بِعِمَارَتِهِ مِنْ غَلَّةِ حَانُوتٍ آخَرَ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ أَوْ لَا. اهـ.
فَهُوَ كَمَا تَرَاهُ عَيْنُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ اهـ.
وَانْظُرْ هَذَا التَّوْفِيقُ مَعَ قَوْلِ الْبَزَّازِيَّةِ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَ الْوَاقِفُ لَا الْجِهَةُ يُتَّبَعُ شَرْطُ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا فَإِنَّهُ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي لِيَرْجِعَ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِلَّا فَإِنْ بَنَى لِلْوَقْفِ فَوَقَفَ وَإِنْ لِنَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ رَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ أَخَّرَ فَهُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ فَلْيَتَرَبَّصْ إلَى خَلَاصِهِ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ لِلنَّاظِرِ تَمَلُّكُهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ
دَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ قَالَ مُسْتَأْجِرُ حَانُوتِ الْوَقْفِ بَنَى فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَيِّمِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَيَرْفَعُ بِنَاءَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْوَقْفِ وَإِلَّا يَتَمَلَّكُهُ الْقَيِّمُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ مَنْزُوعًا وَغَيْرَ مَنْزُوعٍ فَإِنْ أَبَى يَتَرَبَّصُ إلَى أَنْ يَخْلُصَ مَالُهُ ثُمَّ قَالَ مُسْتَأْجِرُ الْوَقْفِ بَنَى غُرْفَةً عَلَى الْحَانُوتِ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِأَصْلِهِ وَيَزِيدَ فِي أُجْرَتِهِ أَوْ لَا يَسْتَأْجِرُ إلَّا بِالْغُرْفَةِ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ وَقَفَ دَارًا عَلَى رَجُلٍ وَأَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَإِذَا انْقَطَعُوا فَإِلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ بَنَى وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بَعْضَ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ وَطَيَّنَ الْبَعْضَ وَجَصَّصَ الْبَعْضَ وَبَسَطَ فِيهِ الْآجُرَّ فَطَلَبَ الْآخَرُ مِنْهُ حِصَّتَهُ لِيَسْكُنَ فِيهَا فَمَنَعَهُ مِنْهَا حَتَّى يَدْفَعَ لَهُ حِصَّةَ مَا أَنْفَقَ فِيهَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالتَّطْيِينُ وَالْجِصُّ صَارَ تَبَعًا لِلْوَقْفِ وَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْآجُرَّ قَالَ رضي الله عنه وَإِنَّمَا يَنْقُضُ الْآجُرَّ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي نَقْضِهِ ضَرَرٌ بِالْوَقْفِ كَمَنْ بَنَى فِي الْحَانُوتِ الْمُسَبَّلِ فَلَهُ رَفْعُهُ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْبِنَاءِ الْقَدِيمِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ لَا تَكُونُ الْعِمَارَةُ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ لَا يَمْلِكُ السُّكْنَى وَمَنْ لَهُ السُّكْنَى لَا يَمْلِكُ الِاسْتِغْلَالَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الدَّارُ سُكْنَاهَا بَلْ الِاسْتِغْلَالُ كَمَا لَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ السُّكْنَى الِاسْتِغْلَالُ. اهـ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ إجَارَةُ الْعَيْنِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ صَحِيحَةٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ اسْتِئْجَارَ دَارٍ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ السُّكْنَى لَا يَجُوزُ فَجَوَازُهَا دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا سَكَنَ مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ وَفَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ هَلْ تَجِبُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ وَيَأْخُذُهَا الْمُتَوَلِّي ثُمَّ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْوَقْفَ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى الْعِمَارَةِ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُهَا الْمُتَوَلِّي لِيُعَمِّرَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي وُجُوبِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْغَلَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ عَلَيْهَا يُؤَجِّرُهَا وَيُعَمِّرُهَا بِأُجْرَتِهَا كَمَا لَوْ أَبَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى لَكِنْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا صَحَّ الْوَقْفُ وَاحْتَاجَ إلَى الْعِمَارَةِ فَالْعِمَارَةُ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ الْغَلَّةَ اهـ.
وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى فَالْعِمَارَةُ فِي غَلَّتِهَا وَلَمَّا كَانَتْ غَلَّتُهَا لَهُ صَارَ كَأَنَّ الْعِمَارَةَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ غَلَّةُ الْأَرْضِ جَمَاعَةً رَضِيَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَرُمَّهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَأَبَى الْبَعْضُ فَمَنْ أَرَادَ الْعِمَارَةَ عَمَّرَ الْمُتَوَلِّي حِصَّتَهُ بِحِصَّتِهِ وَمَنْ أَبَى تُؤَجَّرُ حِصَّتُهُ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهَا إلَى الْعِمَارَةِ إلَى أَنْ تَحْصُلَ الْعِمَارَةُ ثُمَّ تُعَادُ إلَيْهِ. اهـ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ حِينَ شَرَطَ الْغَلَّةَ لِفُلَانٍ مَا عَاشَ شَرَطَ عَلَى فُلَانٍ مَرَمَّتَهَا وَإِصْلَاحَهَا فِيمَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ فَالْوَقْفُ جَائِزٌ مَعَ هَذَا الشَّرْطِ. اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى عِمَارَتِهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ السُّكْنَى
ــ
[منحة الخالق]
مَنْزُوعًا وَغَيْرَ مَنْزُوعٍ بِمَالِ الْوَقْفِ. اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ قَوْلُهُ فَلْيَتَرَبَّصْ إلَى خَلَاصِهِ قِيلَ وَإِذَا تَرَبَّصَ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى اخْتِيَارِ الْمُتَأَخِّرِينَ.
(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ لَا يَمْلِكُ السُّكْنَى إلَخْ) قَدْ سَوَّى بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالثَّانِيَةُ مِنْهُمَا وِفَاقِيَّةٌ وَالْأُولَى خِلَافِيَّةٌ وَالرَّاجِحُ فِيهَا أَنَّهُ يَمْلِكُ السُّكْنَى كَمَا حَقَّقَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَةٍ سَمَّاهَا تَحْقِيقَ السُّؤْدُدِ فَارْجِعْ إلَيْهَا أَقُولُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَوَّلًا التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي بَابٍ آخَرَ مُعَلِّلًا بِأَنَّ سُكْنَى مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ كَسُكْنَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ فِيهَا حَقًّا لِغَيْرِهِ وَمَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ إذَا سَكَنَ لَا يُوجِبُ حَقًّا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي الْوَقْفِ يَكُونُ لِلِاسْتِغْلَالِ وَفِي النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ وَمَنْ وُقِفَتْ دَارٌ عَلَيْهِ فَمَالُهُ سِوَى الْأَجْرِ وَالسُّكْنَى بِهَا لَا تُقَرَّرُ وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ لَيْسَ لَهُ السُّكْنَى وَبَيَانُ الدَّلَالَةِ أَنَّ قَوْلَهُمْ يَصِحُّ أَنْ تُؤَجَّرَ الدَّارُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ إذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَنْ لَهُ حَقُّ السُّكْنَى لَمَا صَحَّ فَجَوَازُ إجَارَتِهَا لِمَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ فَقَطْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ السُّكْنَى إذْ لَا يَسْتَأْجِرُ الْإِنْسَانُ شَيْئًا يَسْتَحِقُّهُ وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ هَكَذَا وَلَا يَمْلِكُ الْمَصْرِفُ السُّكْنَى فِي دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ وُقِفَتْ عَلَيْهِمْ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّ إجَارَتَهُ مِنْ الْمَصْرِفِ يَجُوزُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ اسْتِئْجَارَ دَارٍ لَهُ السُّكْنَى لَا يَجُوزُ فَجَوَازُهَا دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا اهـ.
وَقَوْلُهُ لَهُ السُّكْنَى أَلْ فِيهِ بَدَلٌ عَنْ الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ لَهُ سُكْنَاهَا هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَقِبَ مَا قَدَّمْنَاهُ مَا نَصُّهُ وَفِي النَّوَازِلِ وَقَفَ عَلَيْهِ غَلَّةَ دَارٍ لَيْسَ لَهُ السُّكْنَى وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهِ لِلسُّكْنَى لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ. اهـ.
وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ أَوَّلًا وَوَقَعَ فِي رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِدُونِ لَيْسَ فَقَالَ عَازِيًا إلَى الْبَزَّازِيَّةِ وَقَفَ عَلَيْهِ غَلَّةَ دَارٍ لَهُ السُّكْنَى وَجَعَلَهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا فِي النَّوَازِلِ ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ بَعْدَمَا قَدَّمَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ إظْهَارًا لِمُخَالَفَتِهِ وَعَلَى مَا عَلِمْته لَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى عِمَارَتِهَا) قَالَ فِي النَّهْرِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْعِمَارَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ فَأَشْبَهَ صَاحِبَ الْبَذْرِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَلَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ رِضًا مِنْهُ بِبُطْلَانِ حَقِّهِ لِأَنَّهُ فِي حَيِّزِ التَّرَدُّدِ. اهـ.
وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا بِإِطْلَاقِهِ يَشْمَلُ مَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ
كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْتَ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُ الْعِمَارَةِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ قُلْتُ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْوَقْفِ وَيَجُوزُ شِرَاءُ عِمَارَةِ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ لِلْمَسْجِدِ إذَا كَانَتْ الرَّقَبَةُ وَقْفًا وَإِلَّا فَلَا اهـ.
وَمِنْ الْبُيُوعِ وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ بَيْعِ الْعِمَارَةِ فِي الْحَانُوتِ وَالْأَشْجَارِ فِي الْأَرْضِ أَنْ لَا يَلْحَقَهَا ضَرَرٌ بِالْقَلْعِ لِأَمْلَاكِ الْبَاعَةِ وَفِي الْوَقْفِ لَا يُشْتَرَطُ وَلَوْ بَاعَ بِنَاءً وَاسْتَثْنَى مَا فِيهِ مِنْ الْخَشَبِ أَوْ اسْتَثْنَى مَا فِيهِ مِنْ اللَّبِنِ وَالتُّرَابِ يَجُوزُ إذَا اشْتَرَاهُ لِلنَّقْضِ. اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ دَارٌ لِسُكْنَى الْإِمَامِ هَدَمَهَا وَبَنَاهَا لِنَفْسِهِ وَسَقْفُهَا مِنْ الْخَشَبِ الْقَدِيمِ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْعُ الْبِنَاءِ إنْ بَنَاهَا كَمَا كَانَتْ وَفِيهَا أَيْضًا وَقَفَ دَارًا عَلَى إمَامِ مَسْجِدٍ لِيَسْكُنَهُ بِشَرَائِطِهِ ثُمَّ أَخَذَ يَؤُمُّ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَتَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَبَى أَوْ عَجَزَ عَمَّرَ الْحَاكِمُ بِأُجْرَتِهَا) يَعْنِي أَجَّرَهَا الْحَاكِمُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ وَعَمَّرَهَا بِأُجْرَتِهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا بَعْدَ التَّعْمِيرِ إلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى لِأَنَّ فِي ذَلِكَ رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ حَقِّ الْوَقْفِ وَحَقِّ صَاحِبِ السُّكْنَى لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَمِّرْهَا تَفُوتُ السُّكْنَى أَصْلًا أَفَادَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْعِمَارَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ فَأَشْبَهَ امْتِنَاعَ صَاحِبِ الْبَذْرِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَلَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ رِضًا مِنْهُ بِبُطْلَانِ حَقِّهِ لِأَنَّهُ فِي حَيِّزِ التَّرَدُّدِ.
وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ عَمَّرَ الْحَاكِمُ بِأُجْرَتِهَا أَنَّ مَنْ لَهُ السُّكْنَى لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِلْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْعِنَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ لَزِمَ أَنْ لَا يَمْلِكَ الْإِعَارَةَ وَالْمَنْقُولُ فِي الْخَصَّافِ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا فَلَوْلَا أَنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ لَمَا مَلَكَهَا لِأَنَّهَا تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِلْعَيْنِ.
وَالْإِجَارَةُ تَتَوَقَّفُ عَلَى مِلْكِ الْعَيْنِ لَزِمَ أَنْ لَا تَصِحَّ إجَارَةُ الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ وَأَنْ لَا تَصِحَّ إعَارَتُهُ وَهُمَا صَحِيحَانِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَنَافِعَ بِلَا بَدَلٍ فَلَا يَمْلِكُ تَمْلِيكَهَا بِبَدَلٍ وَهُوَ الْإِجَارَةُ وَإِلَّا لَمَلَكَ أَكْثَرَ مِمَّا مَلَكَ بِخِلَافِ الْإِعَارَةِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا الْحُكْمِ أَعْنِي عَدَمَ الْإِجَارَةِ بَيْنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ السُّكْنَى وَغَيْرِهِ فَلَا يَمْلِكُهَا الْمُسْتَحِقُّ لِلْغَلَّةِ أَيْضًا.
وَنَصَّ الْأُسْرُوشَنِيُّ أَنَّ إجَارَةَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْقَاضِي وَنُقِلَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ إنْ كَانَ الْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ لَا يَسْتَرِمُّ تَجُوزُ إجَارَتُهُ وَهَذَا فِي الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ وَأَمَّا الْأَرَاضِي فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ تَقْدِيمَ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَسَائِرِ الْمُؤَنِ فَلَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَاجِرَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ وَيَكُونُ الْخَرَاجُ وَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ وَالدَّعْوَى مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَإِنْ قُلْتَ إذَا لَمْ يَصِحَّ إيجَارُهُ مَا حُكْمُ الْأُجْرَةِ الَّتِي آجَرَهَا قُلْتُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلْوَقْفِ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَلَوْ قَالُوا عَمَّرَهَا الْمُتَوَلِّي أَوْ الْقَاضِي لَكَانَ أَوْلَى.
فَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ إنَّمَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْقَاضِي أَنَّ لِلْقَاضِي الِاسْتِقْلَالَ بِالْإِجَارَةِ وَلَوْ أَبَى الْمُتَوَلِّي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ التَّوْزِيعَ فَالْقَاضِي يُؤَجِّرُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مُتَوَلٍّ أَوْ كَانَ لَهَا وَأَبَى الْأَصْلَحُ وَأَمَّا مَعَ حُضُورِ الْمُتَوَلِّي فَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَسَتَزْدَادُ وُضُوحًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدُ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُونَ حُكْمَ الْعِمَارَةِ مِنْ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْقَاضِي هَلْ هِيَ مَمْلُوكَةٌ لِمَنْ لَهُ السُّكْنَى أَوْ لَا وَفِي الْمُحِيطِ فَإِنْ أَجَّرَ الْقَيِّمُ وَأَنْفَقَ الْأُجْرَةَ فِي الْعِمَارَةِ فَتِلْكَ الْعِمَارَةُ الْمُحْدَثَةُ تَكُونُ لِصَاحِبِ السُّكْنَى لِأَنَّ الْأُجْرَةَ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ وَمِلْكُ الْمَنْفَعَةِ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً لِصَاحِبِ السُّكْنَى.
فَكَذَا بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ تَكُونُ لَهُ وَالْقَيِّمُ إنَّمَا أَجَّرَ لِأَجْلِهِ اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ تَكُونُ مِيرَاثًا كَمَا لَوْ عَمَّرَهَا بِنَفْسِهِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ السُّكْنَى بِالْعِمَارَةِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا لَمْ أَرَ حُكْمَ هَذِهِ فِي الْمَنْقُولِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالْحَالُ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ تَصِيرَ نَقْضًا عَلَى الْأَرْضِ كَوْمًا تَسْفُوهُ الرِّيَاحُ وَخَطَرَ لِي أَنَّهُ يُخَيِّرُهُ الْقَاضِي بَيْنَ أَنْ يُعَمِّرَهَا لِيَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَتَهَا وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ
ــ
[منحة الخالق]
الْمَرَمَّةَ لِأَنَّهَا حَيْثُ كَانَتْ عَلَيْهِ كَانَ فِي إجْبَارِهِ إتْلَافُ مَالِهِ وَبِهَذَا اتَّضَحَ مَا مَرَّ اهـ.
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَبَى أَوْ عَجَزَ عَمَّرَ الْحَاكِمُ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْحَاوِي. اهـ.
وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالُوا) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي أَصْحَابَ الْمُتُونِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ التَّوْزِيعَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَعَ حُضُورِ الْمُتَوَلِّي فَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْمُتَوَلِّي فَتَأَمَّلْهُ وَقَدْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ فُرُوعًا وَعَلَى هَذَا لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ نَاظِرٍ وَلَوْ مِنْ قِبَلِهِ. اهـ.
وَالْإِجَارَةُ تَصَرُّفٌ فِيهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّوْزِيعُ يَعْنِي إنْ أَبَى الْمُتَوَلِّي أَوْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مُتَوَلٍّ يُؤَجِّرُهَا الْقَاضِي وَسَيَأْتِي أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الْمَشْرُوطِ وَعَنْ وَصِيِّهِ تَنَبَّهْ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ
اهـ.
وَهُوَ عَجِيبٌ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِاسْتِبْدَالِ الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ وَصَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأَرْضِ وَالدَّارِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ سَمِعْت مُحَمَّدًا يَقُولُ الْوَقْفُ إذَا صَارَ بِحَيْثُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَسَاكِينُ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِلْقَاضِي. اهـ.
وَأَمَّا عَوْدُ الْوَقْفِ بَعْدَ خَرَابِهِ إلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ أَوْ وَرَثَتِهِ فَقَدْ قَدَّمْنَا ضَعْفَهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ السُّكْنَى إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْعِمَارَةِ وَلَمْ يُوجَدْ مُسْتَأْجِرٌ بَاعَهَا الْقَاضِي وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا مَا يَكُونُ وَقْفًا وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ خَانٌ أَوْ رِبَاطُ سَبِيلٍ أَرَادَ أَنْ يَخْرَبَ يُؤَاجِرُهُ الْمُتَوَلِّي وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ فَإِذَا صَارَ مَعْمُورًا لَا يُؤَاجِرُهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَاجِرْهُ يَنْدَرِسُ. اهـ.
لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَشَايِخِ أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِبْدَالِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ إنَّمَا هُوَ الْأَرْضُ لَا الْبَيْتُ وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي رِسَالَةٍ فِي الِاسْتِبْدَالِ.
قَوْلُهُ (وَيُصْرَفُ نَقْضُهُ إلَى عِمَارَتِهِ إنْ احْتَاجَ وَإِلَّا حَفِظَهُ لِلِاحْتِيَاجِ وَلَا يَقْسِمُهُ بَيْنَ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ) بَيَانٌ لِمَا انْهَدَمَ مِنْ بِنَاءِ الْوَقْفِ وَخَشَبِهِ وَالنَّقْضُ بِالضَّمِّ الْبِنَاءُ الْمَنْقُوضُ وَالْجَمْعُ نُقُوضٌ وَعَنْ الْوَبَرِيِّ النِّقْضُ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَذَكَرَ فِي الْقَامُوسِ أَوَّلًا أَنَّ النِّقْضَ بِالْكَسْرِ الْمَنْقُوضُ وَثَانِيًا أَنَّهُ بِالضَّمِّ مَا اُنْتُقِضَ مِنْ الْبُنْيَانِ وَذَكَرَ أَنَّ الْجَمْعَ أَنْقَاضٌ وَنُقُوضٌ وَفَاعِلُ يَصْرِفُ الْحَاكِمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَمَّرَهَا الْحَاكِمُ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَوَلِّي وَالْحَاكِمِ فِي الْإِجَارَةِ وَالتَّعْمِيرِ فَكَذَا فِي النِّقْضِ وَقَدْ سَوَّى بَيْنَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ فَإِنْ احْتَاجَ الْوَقْفُ إلَى عَوْدِ النِّقْضِ أَعَادَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ أَمْسَكَهُ إلَى أَنْ يَحْتَاجَ إلَى عِمَارَتِهِ وَلَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ بَيْنَ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْعَيْنِ وَلَا حَقَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِيهَا وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ فِي الْمَنَافِعِ وَالْعَيْنُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُصْرَفُ لَهُمْ غَيْرُ حَقِّهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ بَيْعَهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ تَعَذَّرَ إعَادَةُ عَيْنِهِ إلَى مَوْضِعِهِ بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ إلَى الْمَرَمَّةِ صَرْفًا لِلْبَدَلِ إلَى مَصْرِفِ الْمُبْدَلِ. اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ إعَادَتُهُ وَهَلْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ أَوْ يَصِحُّ مَعَ إثْمِ الْمُتَوَلِّي لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَيَنْبَغِي الْفَسَادُ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ لِمَرَمَّةِ الْبَاقِي بِثَمَنِ مَا بَاعَ زَادَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ هَدَمَ الْبِنَاءَ يَنْبَغِي عَزْلُ النَّاظِرِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَأْتَمِنَ الْخَائِنَ وَسَبِيلُهُ أَنْ يَعْزِلَهُ. اهـ.
وَفِي الْحَاوِي فَإِنْ خِيفَ هَلَاكُ النَّقْضِ بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَأَمْسَكَ ثَمَنَهُ لِعِمَارَتِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ. اهـ.
فَعَلَى هَذَا يُبَاعُ النَّقْضُ فِي مَوْضِعَيْنِ عِنْدَ تَعَذُّرِ عَوْدِهِ وَعِنْدَ خَوْفِ هَلَاكِهِ وَالْمُرَادُ مَا انْهَدَمَ مِنْ الْوَقْفِ فَلَوْ انْهَدَمَ الْوَقْفُ كُلُّهُ فَقَدْ سُئِلَ عَنْهُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ سُئِلَ عَنْ وَقْفٍ تَهَدَّمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ يُعَمَّرُ مِنْهُ وَلَا أَمْكَنَ إجَارَتُهُ وَلَا تَعْمِيرُهُ هَلْ تُبَاعُ أَنْقَاضُهُ مِنْ حَجَرٍ وَطُوبٍ وَخَشَبٍ أَجَابَ إنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ صَحَّ بَيْعُهُ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ أَوْ يُشْتَرَى بِثَمَنِهِ وَقْفٌ مَكَانَهُ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ رَدَّهُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ إنْ وُجِدُوا وَإِلَّا صُرِفَ إلَى الْفُقَرَاءِ اهـ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ جَعَلَ الْوَاقِفُ غَلَّةَ الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ أَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ إلَيْهِ صَحَّ) أَيْ لَوْ شَرَطَ عِنْدَ الْإِيقَافِ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَجُوزُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ
ــ
[منحة الخالق]
عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْوَرَقَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ (قَوْلُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ كَلَامُ الْفَتْحِ. اهـ.
مِنْ أَنْ يَجِدَ مُسْتَبْدَلًا أَوْ لَا وَيُحْمَلُ عَلَى الثَّانِي إنْ رَأَى الِاسْتِبْدَالَ أَوْ عَلَيْهِمَا إنْ لَمْ يَرَهُ فَلَا يَجِبُ تَأَمَّلْ وَقَدْ فَرَّقَ الشَّيْخُ الْمُؤَلِّفُ فِي رِسَالَةٍ فِي الِاسْتِبْدَالِ بَيْنَ الْأَرْضِ فَأَجَازَهُ فِيهَا وَبَيْنَ الدَّارِ فَلَمْ يُجِزْهُ وَأَتَى بِأَشْيَاءَ لَا تَدُلُّ عَلَى دَعْوَاهُ وَقَوْلُهُ الْآتِي لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمَشَايِخِ أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِبْدَالِ الْأَرْضُ لَا الْبَيْتُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُنْتَقَى شَامِلٌ لَهُمَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالدَّارِ غَيْرُ صَحِيحٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِلْقَاضِي) قَالَ الرَّمْلِيُّ عَلَيْكَ أَنْ تَتَأَمَّلَ وَتُرَاجِعَ كُتُبَ الْأَوْقَافِ فَقَدْ قَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يَمْلِكُ إلَخْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا ضَعُفَتْ الْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ عَنْ الِاسْتِبْدَالِ وَالْقَيِّمُ يَجِدُ بِثَمَنِهَا أُخْرَى أَكْثَرَ رِيعًا كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا مَا هُوَ أَكْثَرُ رِيعًا وَقِيلَ هَذَا إذَا بَاعَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لِضَرُورَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِصِحَّةِ الْبَيْعِ يَنْفُذُ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا وَفِي الذَّخِيرَةِ سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ إذَا تَعَطَّلَتْ وَتَعَذَّرَ اسْتِغْلَالُهَا هَلْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا مَكَانَهَا أُخْرَى قَالَ نَعَمْ وَقَدْ أَشْبَعَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ لِمَرَمَّةِ الْبَاقِي) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَيْعُ عَقَارِ الْمَسْجِدِ لِمَصْلَحَتِهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ لِإِصْلَاحِ بَاقِيهِ لِخَرَابِ كُلِّهِ جَازَ اهـ.
وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا) يُبَاعُ النِّقْضُ فِي مَوْضِعَيْنِ يُزَادُ عَلَيْهِمَا مَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ وَقْفُ الْوَاقِفِ أَمَّا فِيمَا اشْتَرَاهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِلَا هَذَا الشَّرْطِ وَهَذَا
مُحَمَّدٍ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُتَوَلِّي عِنْدَهُ وَقِيلَ إنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ وَالْإِفْرَازِ وَقِيلَ هِيَ مَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ فَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْبَعْضَ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَفِيمَا إذَا شَرَطَ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ.
وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ إنَّ الْوَقْفَ شُرِعَ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ بِالطَّرِيقِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ فَاشْتِرَاطُهُ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ لِنَفْسِهِ يُبْطِلُهُ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَتَحَقَّقُ فَصَارَ كَالصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ وَشَرْطِ بَعْضِ بُقْعَةِ الْمَسْجِدِ لِنَفْسِهِ وَلِأَبِي يُوسُفَ مَا رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُلُ مِنْ صَدَقَتِهِ وَالْمُرَادُ مِنْهَا صَدَقَتُهُ الْمَوْقُوفَةُ وَلَا يَحِلُّ الْأَكْلُ مِنْهُ إلَّا بِالشَّرْطِ فَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ إزَالَةُ الْمِلْكِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَإِذَا شَرَطَ الْبَعْضَ أَوْ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ فَقَدْ جَعَلَ مَا صَارَ مَمْلُوكًا لِلَّهِ تَعَالَى لِنَفْسِهِ لَا أَنْ يَجْعَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَهَذَا جَائِزٌ كَمَا إذَا بَنَى خَانًا أَوْ سِقَايَةً أَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَقْبَرَةً وَشَرَطَ أَنْ يَنْزِلَهُ أَوْ يَشْرَبَ مِنْهُ أَوْ يُدْفَنَ فِيهِ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْقُرْبَةُ وَفِي الصَّرْفِ إلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ قَالَ عليه السلام «نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ صَدَقَةٌ» .
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَقَدْ تَرَجَّحَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَنَحْنُ أَيْضًا نُفْتِي بِقَوْلِهِ تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الْوَقْفِ وَاخْتَارَهُ مَشَايِخُ بَلْخٍ وَكَذَا ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ حَيْثُ أَخَّرَ وَجْهَهُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ وَمِنْ صُوَرِ الِاشْتِرَاطِ لِنَفْسِهِ مَا لَوْ قَالَ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ غَلَّتِهِ وَكَذَا إذَا قَالَ إذَا حَدَثَ عَلَيَّ الْمَوْتُ وَعَلَيَّ دَيْنٌ يُبْدَأُ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ بِقَضَاءِ مَا عَلَيَّ فَمَا فَضَلَ فَعَلَى سَبِيلِهِ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَفِي وَقْفِ الْخَصَّافِ فَإِذَا شَرَطَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَحَشَمِهِ وَعِيَالِهِ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ فَجَاءَتْ غَلَّتُهُ فَبَاعَهَا وَقَبَضَ ثَمَنَهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُنْفِقَ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِأَهْلِ الْوَقْفِ قَالَ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَّلَ ذَلِكَ وَكَانَ لَهُ فَقَدْ عُرِفَ أَنَّ شَرْطَ بَعْضِ الْغَلَّةِ لَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ بَعْضًا مُعَيَّنًا كَالنِّصْفِ وَالرُّبْعِ.
وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إنْ حَدَثَ عَلَى فُلَانٍ الْمَوْتُ يَعْنِي الْوَاقِفَ نَفْسَهُ أُخْرِجَ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مَثَلًا سَهْمٌ يُجْعَلُ فِي الْحَجِّ عَنْهُ أَوْ فِي كَفَّارَةِ أَيْمَانِهِ وَفِي كَذَا وَكَذَا وَسَمَّى أَشْيَاءَ أَوْ قَالَ أُخْرِجُ مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لِيُصْرَفَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ وَيُصْرَفَ الْبَاقِي فِي كَذَا وَكَذَا عَلَى مَا سَبَّلَهُ. اهـ.
وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الْوَقْفِ وَتَكْثِيرًا لِلْخَيْرِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ أَيْضًا مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ كَشَرْطِهِ لِنَفْسِهِ وَفَرَّعَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ أَيْضًا اشْتِرَاطَ الْغَلَّةِ لِمُدَبَّرِيهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا وَالْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ حُرِّيَّتَهُمْ ثَبَتَتْ بِمَوْتِهِ فَيَكُونُ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ كَالْوَقْفِ عَلَى الْأَجَانِبِ وَيَكُونُ ثُبُوتُهُ لَهُمْ حَالَ حَيَاتِهِ تَبَعًا لِمَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُجْتَبَى مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهَا عَلَى الْخِلَافِ ضَعِيفٌ قُيِّدَ بِجَعْلِ الْغَلَّةِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ لَا يَجُوزُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ جَوَازُهُ وَإِذَا مَاتَ صَارَ إلَى الْمَسَاكِينِ وَلَوْ قَالَ أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّ لِي غَلَّتَهَا مَا عِشْتُ قَالَ هِلَالٌ لَا يَجُوزُ هَذَا الْوَقْفُ وَذَكَرَ الْأَنْصَارِيُّ جَوَازَهُ وَإِذَا مَاتَ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِيهَا لَوْ وَقَفَ وَقْفًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَعِنْدَهُ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ مَعَالِيقُ عِنَبٍ أَوْ زَبِيبٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ مَرْدُودٌ إلَى الْوَقْفِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ خُبْزٌ مِنْ بُرِّ ذَلِكَ الْوَقْفِ يَكُونُ مِيرَاثًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْوَقْفِ حَقِيقَةً. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ وَاشْتِرَاطُ أَنْ تَكُونَ الْغَلَّةُ لَهُ فَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى فُلَانٍ صَحَّ نِصْفُهُ وَهُوَ حِصَّةُ فُلَانٍ وَبَطَلَ حِصَّةُ نَفْسِهِ وَلَوْ قَالَ عَلَى نَفْسِي ثُمَّ عَلَى فُلَانٍ أَوْ قَالَ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى نَفْسِي لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ عَلَى عَبْدِي وَعَلَى فُلَانٍ صَحَّ فِي النِّصْفِ وَبَطَلَ فِي النِّصْفِ وَلَوْ قَالَ عَلَى نَفْسِي وَوَلَدِي وَنَسْلِي فَالْوَقْفُ كُلُّهُ بَاطِلٌ لِأَنَّ حِصَّةَ النَّسْلِ مَجْهُولَةٌ اهـ.
ــ
[منحة الخالق]
لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ وَقْفًا خِلَافًا وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَقْفًا فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَبِيعَهُ مَتَى شَاءَ لِمَصْلَحَةٍ عَرَضَتْ اهـ.