الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف بالبهجة الوفية
البهجة الوفية من أغرب الكتب التي تم تصنيفها في تراثنا النحوي؛ إذ إنه شرح كتابًا منظومًا في كتاب منظوم، وليس هذا سهلًا؛ إذ نظم العلوم والضوابط والفوائد من أصعب ما يكون.
لكن هذا الأمر ليس صعبًا على بعض العلماء الذين منهم ابن مالك وبدر الدين الغزي، وقد قيل عن ابن مالك إنه لو شاء أن يجعل كل كلامه منظومًا لجعل، أما ابن الغزي فهو أمة وحده في النظم.
ابن مالك له من الكتب ما هو منظوم، ومن أشهر كتبه "الألفية" وهي نظم على الرجز في ألف بيت، وأيضًا الألفية هذه مختصرة من كتاب سابق منظوم لابن مالك وهو "الكافية الشافية"، ولابن مالك أيضًا كتاب "الاعتضاد في الفرق بين الظاء والضاد" وهو على بحر الطويل.
وابن مالك لما رأى الألفية أجحفت بعض أبواب الصرف ألحق بها كتابه "لامية الأفعال" وهي نظم على بحر البسيط.
ومن كتب ابن مالك المنظومة كتاب "نظم الفوائد" وهو كتاب جمع فيه الكثير من الفوائد اللغوية والنحوية والصرفية كل فائدة على حدة ينظمها ويجمع أشتاتها، فجاء كتابًا بديعًا لطيفًا سهلًا.
أما ابن الغزي فكتاب واحد من كتبه المنظومة تفوق كل ما صنفه الناس نظمًا، ولعل ما يؤكد لك هذا أن له تفسيرًا كبيرًا للقرآن الكريم يقع في مئة وثمانين ألف بيت، عدا مختصره لهذا التفسير إلى جانب شرح الألفية ومختصره أيضًا.
البهجة الوفية تقع تقريبًا في عشرة آلاف بيت، وأشار الشارح إلى هذا في ختام الكتاب قائلًا
(1)
:
(1)
انظر: البيت 10054.
أَبْيَاتُهُ عَشْرَةُ آلَافٍ وَمَا
…
عَدَدْتُ مِنْهَا شَاهِدًا قَدْ أَتْمَمَا
واحتوى النظم على مقدمة للكتاب، وبعدها مقدمة في مهمات هذا الفن، وتلاها شرح لبداية ألفية ابن مالك وبدأه بالبسملة.
ثم ساير ابن مالك حرفًا حرفًا يمزج كلامه بكلامه، وكلام ابن مالك المبثوث في نظم الغزي ملون باللون الأحمر، ولو قرأت الملون بالأحمر وحده فإنك تقرأ ألفية ابن مالك.
وفي الختام شرح خاتمة الألفية، ثم ألحقها بختام للشرح ثم ختام للكتاب كله مفتخرًا معتدًا بهذا المصنف الغريب الذي لم يسبقه أحد في النسج على منواله فتراه يقول فيه
(1)
:
فِي الدَّهْرِ لَمْ أُسْبَقْ إِلَى مِثالِهِ
…
وَلَا يُرَى نَسْجٌ عَلَى مِنْوَالِه
لكنه لا ينسى نفسه في مدح كتابه بل ينسب الفضل لله تعالى في جميع أعماله قائلًا
(2)
:
وَاللهِ مَا نَظَمْتُهُ وَعِنْدِي
…
وَلَوْ بَذَلْتُ طَاقَتِي وَجَهْدِي
أَنِّيَ مِنْهُ بِالِغٌ بُعَيْضَ مَا
…
حَقَّقْتُهُ فِيهِ إِلَى أَنْ نُظِمَا
وَإِنَّمَا اللهُ تَعَالَى سَهَّلَهْ
…
بِمَنِّهِ الجَزِيلِ حَتَّى أَكْمَلَهْ
فَيَا لَهُ مِنْ نِعْمَةٍ لَوْ صُرِفَا
…
شُكْرُ الوَرَى طُرًّا عَلَيْهِ مَا وَفَى
أما عن زمن نظم الشرح فهو كان في منتصف شعبان من عام تسعمئة وأربعين للهجرة، قال
(3)
:
خَتَمْتُهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَه
…
تَنَزَّلَتْ فِي جَوْفِهَا المَلَائِكَه
يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ مُحْكَمِ
…
مِنْ نِصْفِ شَعْبَانَ الأَغَرِّ الأَكْرَمِ
لِعَامِ أَرْبَعِينَ مِعْ تِسْعِمِئَه
…
عَمَّ الجَمِيلُ خَتْمَهُ وَمَبْدَأَهْ
(1)
انظر: البيت 47.
(2)
انظر: البيت 10032 وما بعده.
(3)
انظر: البيت 10051 وما بعده.