الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن ابن عباس قال:
جاءته امرأة مستحاضة تسأله؟ فلم يُفْتِها، وقال لها: سَلِي غيري! قال: فأتتِ ابن عمر فساءلته؟ فقال لها: لا تصلي ما رأيتِ الدم. فرجعت إلى ابن عباس فأخبرته؟ فقال: رحمه الله! إن كاد ليكفرك. قال: ثم سألت علي بن أبي طالب؟ فقال: تلك ركزة من الشيطان أو قُرْحة في الرحم! اغتسلي عند كُلِّ صلاتين مرةً وصلي. قال: فلقيتِ ابن عباس بعدُ فسألتْهُ؟ فقال: ما أجدُ لكِ إلا ما قال علي رضي الله عنه.
وهذا إسناد صحيح؛ رجاله رجال مسلم؛ غير ابن أبي داود -واسمه إبراهيم-، وهو ثقة حافظ.
111 - من باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غُسْلًا
306 -
عن عائشة قالت:
استحيضت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأُمرتْ أن تعجِّل العصر وتؤخر الظهر؛ وتغتسل لهما غُسْلًا، وتؤخر المغرب وتُعجِّل العشاء؛ وتغتسل لهما غُسْلًا، وتغتسل لصلاة الصبح غُسْلًا، فقلت لعبد الرحمن: عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم بشيء.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقوّاه ابن التركماني. وقوله: فأُمرت
…
محمول عند المحدِّثين والأصوليين على أن الآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم، ومما يشهد له ما بعده).
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثني أبي: نا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 1419) قال: حدثنا شعبة
…
به بلفظ:
فأُمِرت. قلت: من أمرها؟ لنبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لست أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا. قالت: فأمرت
…
الحديث.
وهكذا أخرجه الدارمي (1/ 198 - 199) من طريق هاشم بن القاسم: ثنا شعبة
…
به.
وأخرجه البيهقي (1/ 352) من طريق الطيالسي.
وأخرجه النسائي (1/ 65)، والطحاوي (1/ 60)، وأحمد (6/ 172)، والبيهقي أيضًا من طرق أخرى عن شعبة
…
به، دون قوله: فقلت لعبد الرحمن
…
إلخ. وفي رواية للبيهقي:
فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم
…
فصرح بأن الآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكن البيهقي حكم بخطأ هذه الرواية، ثم قال:
قال أبو بكر بن إسحاق: قال بعض مشايخنا: لم يسند هذا الخبر غير محمد ابن إسحاق. وشعبة لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر أن يكون الخبر مرفوعًا.
قلت: وتعقبه ابن التركماني بقوله:
"قلت: امتنع عبد الرحمن من إسناد الأمر إلى النبي عليه السلام صريحًا.
ولا شك أنه إذا سمع: فأُمِرَتْ
…
ليس له أن يقول: فأمرها النبي عليه السلام؛ لأن اللفظ الأول مسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم بطريق اجتهادي لا بالصريح؛ فليس له أن ينقله بلى ما هو صريح، ولا يلزم من امتناعه من صريح بالنسبة إلى النبي عليه
السلام أن لا يكون مرفوعًا بلفظ: أُمِرَتْ
…
على ما عرف من ترجيح أهل الحديث والأصول في هذه الصيغة أنها مرفوعة، فتأمله! فقد يتوهم من لا خبرة له من كلام البيهقي وغيره أنه من الموقوف الذي لا تقوم به الحجة. وبهذا يُعْلَمُ أن ابن إسحاق لم يخالف شعبة في رفعه، بل رفعه ابن إسحاق صريحًا، ورفعه شعبة دلالة، ورفعه هو أيضًا صريحًا في رواية الحسن بن سهل عن عاصم عنه".
قلت: ورواية ابن إسحاق؛ قد أخرجها المصنف عقيب هذا الحديث؛ لكن ابن إسحاق عنعنه؛ وهو مدلس، وقد زاد فيه بعض الأحرف مما لم ترد في هذا الحديث؟ ! ولا في حديث ابن عيينة الآتي بعد هذا؛ ومن أجل ذلك أوردناه في الكتاب الآخر (رقم 51).
307 -
قال أبو داود: "ورواه ابن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال: إن امرأة استحيضت، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأمرها
…
بمعناه".
(قلت: وصله الطحاوي والبيهقي، وهو مرسل صحيح الإسناد شاهد لما قبله).
قلت: قد مضى معلقًا أيضًا (رقم 277) عن عبد الرحمن، ووصلناه هناك من طريق الطحاوي والبيهقي، وهو مرسل صحيح الإسناد، وهو يقوي رواية شعبة عن عبد الرحمن مسندًا، ويؤيد أن الحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وكأنه -للدلالة على ذلك- عقبها المصنف رحمه الله بهذا التعليق.
والحديث أسنده الثوري أيضًا؛ لكن خالف شعبة في إسناده فقال: عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم عن زينب بنت جحش قالت:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمنة، فقلت: إنها مستحاضة
…
الحديث نحوه.
وقد خرجناه هناك، وبينا أنه منقطع، والعمدة على رواية شعبة؛ فإنه قد حفظه وأجاده.
308 -
عن أسماء بنت عُمَيْسٍ قالت:
قلت: يا رسول الله! إن فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ استحيضت منذ كذا وكذا؛ فلم تُصَلِّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"سبحان الله! إن هذا من الشيطان، لتجلسْ في مِرْكَنٍ؛ فإذا رأت صفرة فوق الماء؛ فلتغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا، وتغتسل للفجر غسلًا واحدًا، وتَوَضَّأُ فيما بين ذلك".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وكذلك قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال ابن حزم: "إنه في غاية الصحة". وقال المنذري: "حديث حسن").
إسناده: حدثنا وهب بن بقية: أنا خالد عن سهيل -يعني: ابن أبي صالح- عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أسماء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم والذهبي كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (1/ 353)، وابن حزم (2/ 212 - 213) من طريق المؤلف.
وأخرجه الحاكم (1/ 174) من طريق أخرى عن وهب بن بقية
…
به.
ثم أخرجه هو، والدارقطني (ص 80) -من طريق علي بن عاصم-، والطحاوي (1/ 60 - 61)، والدارقطني (ص 79)، والبيهقي -من طريق خالد بن عبد الله- كلاهما عن سهيل بن أبي صالح
…
به. وقال الحاكم:
"صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. وقال ابن حزم:
"إنه في غاية الصحة".
ونقل الصنعاني في "سبل السلام"(1/ 140)، وصاحب "عون المعبود" عن المنذري أنه قال:
"حديث حسن".
قلت: هذا في النسخة المطبوعة في مِصْرَ مِنْ "مختصر السنن" للمنذري.
والحديث رواه جرير أيضًا عن سُهَيل؛ لكنه خالفه في المتن وشك في إسناده:
أما المتن؛ فإنه قال: فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد، ثم تغتسل.
هذا هو الحديث عنده لا غير؛ فليس عنده ما رواه خالد بن عبد الله وعلي بن عاصم، كما أنه ليس عندهما ما عنده. فإذا ضمت الروايتان إلى بعضهما؛ تَمَّ الحديث وكَمَلَ.
وأما الإسناد؛ فإنه قال فيه: عن عروة بن الزبير قال: حدثتني فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ أنها أمرت أسماء -أو أسماء حدثتني أنها أمرتها فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ-: أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والصواب من ذلك: أسماء حدثتني
…
إلخ؛ كما تدل عليه رواية خالد وعلي.
وحديث جرير مضى في الكتاب (رقم 273).
وفيما سبق من الكلام على أسانيد أحاديث الباب وبعض أحاديث الباب السابق؛ يتبين لك خظأ قول النووي رحمه الله في "المجموع"(2/ 536):
ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمرها [يعني: الستحاضة] بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع الحيض، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا أقبلت الحيضة؛ فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي"؛ وليس في هذا ما يقتضي تكرار الغسل. وأما الأحاديث الواردة في "سنن أبي داود" و"البيهقي" وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل لكل صلاة؛ فليس فيها شيء ثابت"! !
ومن الغريب: أنه غفل عن حديث ابن عقيل الذي صححه جماعة -ومنهم النووي نفسه-؛ وفيه الغسل أكثر من مرة واحدة، وقد سبق أن نبهنا على هذا عند الحديث المشار إليه فراجعه (رقم 293).
والأمر في هذا الحديث ليس للوجوب، بل للاستحباب.
309 -
قال أبو داود: "يرواه مجاهد عن ابن عباس: لما اشتدَّ عليها الغسل؛ أمرها أن تجمع بين الصلاتين".
(قلت: وصله الطحاوي من طريق قيس بن سعد عنه قال:
قيل لابن عباس: إن أرضنا أرض باردة؟ قال:
تؤخر الظهر وتعجل العصر؛ وتغتسل لهما غسلًا واحدًا، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء؛ وتغتسل لهما غسلًا واحدًا، وتغتسل للفجر غسلًا".
وإسناده صحيح، وقد وصله الدارمي أيضًا، وإسناده على شرط مسلم، وانظر ما تقدم (رقم 278)).
وصله الطحاوي (1/ 61) قال: حدثنا ابن خزيمة قال: ثنا حجاج قال: ثنا حماد عن قيس بن سعد.
وهذا إسناد صحيح.
ثم وجدت الدارمي قد أخرجه فقال (1/ 221): أخبرنا حجاج بن منهال
…
به.
فهو صحيح على شرط مسلم.
310 -
قال أبو داود: "ورواه إبراهيم عن ابن عباس".
(قلت: لم أقف عليه).
311 -
وهو قول إبراهيم النَّخَعِيِّ وعبد الله بن شداد.
(قلت: وصله عنهما الدارمي بإسنادين صحيحين. والأول على شرط الشيخين، والآخر على شرط البخاري).
وصله عنهما الدارمي، فقال (1/ 2044): أخبرنا محمد بن يوسف: ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال:
المستحاضة تجلس أيام أقراثها، ثم تغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء، وللفجر غسلًا واحدًا، ولا تصوم، ولا يأتيها زوجها، ولا تمس المصحف.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
ثم قال الدارمي (1/ 205): أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا أبو زُبَيْدٍ: ثنا حصين عن عبد الله بن شداد قال: