الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا بخلاف رواية عمرو هذه؛ فإنه عكَس ذلك! قال الحافظ:
"ورواها عبد الرزاق من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ولم يذكر التيمم".
فقد توبع عمرو بن الحارث، ولم ينفرد بذكر التيمم، فيجب ضم ذلك إلى ما رواه ابن لهيعة ومن معه. وهذا ما جنح إليه البيهقي، فقال:
"يحتمل أن يكون قد فعل ما نقل في الروايتين جميعًا: غَسَلَ ما قدر على غسله، وتيمم للباقي". قال النووي (2/ 283):
"وهذا الذي قاله البيهقي متعين؛ لأنه إذا أمكن الجمع بين الروايتين تعيَّن".
وأقرّه الحافظ.
363 -
قال أبو داود: "وروى هذه القصةَ: الأوزاعيُّ عن حسان بن عطية
…
قال فيه: فتيمم".
(قلت: لم أجد من وصله).
126 - باب المجروح يتيمم
364 -
عن جابر قال:
خرجنا في سفر، فأصاب رجلًا منا حجرٌ فشجَّهُ في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء. فاغتسل، فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم، أُخبر بذلك، فقال:
"قتلوه؛ قاتلهم الله! ألا سألوا إذ لم يعلموا؛ فإنما شفاءُ العِيِّ السؤال! إنما كان يكفيه أن يتيمَّم، ويَعْصِرَ -أو يَعْصِبَ؛ شك موسى- على جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثم يمسحَ عليها، وبغسلَ سائر جسده".
(قلت: حديث حسن؛ إلا قوله: "إنما كان
…
إلخ"؛ فإنه ضعيف؛ لأنه ليس له شاهد معتبر، وصححه ابن السكن).
إسناده: حدثنا موسى بن عبد الرحمن الأنطاكي: ثنا محمد بن سلمة عن الزُّبَيْرِ بن خُرَيْق عن عطاء عن جابر.
قلت: هذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ غير الزبير بن خُريق؛ وثقه ابن حبان. وقال الدارقطني:
"ليس بالقوي". وقال الحافظ في "التقريب":
"لين الحديث". ولذلك قال في "بلوغ المرام":
"رواه أبو داود بسند فيه ضعف". وقال في "التلخيص"(2/ 288):
"وصححه ابن السكن".
وأما قوله في ترجمة الزبير هذا من "التهذيب":
"روى له أبو داود حديثًا واحدًا في التيمم". ثم قال:
"قال أبو داود عقب حديثه في كتاب "السنن": ليس بالقوي"!
قلت: وليس هذا في نسخة "عون المعبود"، ولا في النسخة التي صححها وطبعها حديثًا الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد من "السنن"! فلعل ذلك في بعض النسخ القديمة من الكتاب!
والحديث أخرجه البيهقي (1/ 227) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه هو (1/ 228)، والدارقطني (ص 69) من طريق أبي بكر عبد الله ابن سليمان بن الأشعث: ثنا موسى بن عبد الرحمن الحلبي
…
به. وقال الدارقطني:
"قال أبو بكر: هذه سنة تفرَّد بها أهل مكة. وحملها أهل الجزيرة؛ لم يروه عن عطاء عن جابر غير الزبير بن خريق؛ وليس بالقوي. وخالفه الأوزاعي؛ فرواه عن عطاء عن ابن عباس. واختلف على الأوزاعي؛ فقيل: عنه عن عطاء، وقيل: عنه بلغني عن عطاء. وأرسل الأوزاعي آخره عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو الصواب".
قلت: وقيل أيضًا: عنه: ثنا عطاء؛ ويأتي بيان ذلك عند حديث ابن عباس المشار إليه؛ وهو في الكتاب عقب هذا.
وأبو بكر عبد الله بن سليمان: هو ابن المصنف رحمه الله، وقد شارك أباه في السماع من كثير من شيوخه، منهم هذا.
وقد ضعف الحديثَ من سبق ذكرهم، وضعفه أيضًا البيهقي، فقال (1/ 228):
"ولا يثبتُ عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء، وأصح ما روي فيه حديث عطاء بن أبي رباح الذي قد تقدم، وليس بالقوي".
قلت: لكن الزبير بن خريق قد توبع على القسم الأكبر من الحديث كما يأتي، فهو بذلك يَقْوى ويَرْقَى إلى درجة الحسن على أقل الدرجات.
لكن قوله في آخره: "ويعصر
…
" إلخ. من أفراده؛ كما قال الحافظ في "التلخيص" (1/ 292 - 295)؛ فكان ضعيفًا.
(تنبيه): عزا الشوكاني في "النيل"(1/ 224) حديث جابر هذا إلى ابن ماجة.
وتبعه على ذلك الشيخ أبو الطيب شمس الحق في تعليقه على "الدارقطني"!
وهو وهم منهما؛ فإنه ليس عند ابن ماجة؛ وإنما عنده حديث ابن عباس الآتي، وهو:
365 -
عن عبد الله بن عباس قال:
أصاب رجلًا جُرْحٌ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم احتلم، فأُمِرَ بالاغتسال، فاغتسل، فمات، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
"قتلوه؛ قاتلهم الله! ألم يَكُنْ شِفاءُ العِيِّ السؤالَ؟ ! ".
(قلت: حديث حسن. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"،
وقال الحاكم: "حديث صحيح"! ووافقه الذهبي! ).
إسناده: حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي: ثنا محمد بن شعيب: أخبرني الأوزاعي أنه بلغه عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع عبد الله بن عباس.
قلت: هذا إسناد صحيح -لولا جهالة الواسطة بين الأوزاعي وعطاء-، رجاله كلهم ثقات إن شاء الله تعالى؛ وقد ذكر العقيلي نصر بن عاصم في "الضعفاء"، وأورد له حديثًا، ثم قال:
"لا يتابع على حديثه"! قال الذهبي عقيبه:
"قلت: نصر بن عاصم محدث رَحَّال، ذكره ابن حبان في "الثقات"
…
".
والحديث أخرجه الدارقطني (ص 70)، والبيهقي (1/ 227) من طريق العباس ابن الوليد بن مَزْيَدٍ: ثنا أبي قال: سمعت الأوزاعي يقول: بلغني عن عطاء
…
به؛ وزاد: قال عطاء:
فبلغنا أن رسول صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك؟ فقال:
"لو غسل جسده، وترك رأسه حيث أصابه الجرح".
ثم أخرجه الدارقطني، والدارمي أيضًا (1/ 192) من طريق أبي المغيرة: ثنا الأوزاعي
…
به.
ثم أخرجه أيضًا هو، والحاكم (1/ 178) من طريق هِقْلِ بن زياد عن الأوزاعي قال: قال عطاء
…
به؛ وزاد في آخره:
"أجزأه".
وأخرجه ابن ماجة (1/ 252)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1/ 88) -عن عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين-، والدارقطني -عن أيوب بن سويد- كلاهما عن الأوزاعي عن عطاء
…
به.
ثم أخرجه الدارقطني من طريق أخرى عن الأوزاعي عن رجل عن عطاء
…
به.
وخالف هؤلاء كلَّهم: بشرُ بنُ بكر فقال: ثني الأوزاعي: ثنا عطاء
…
به؛ فصرح بسماع الأوزاعي من عطاء! وهو شاذ.
أخرجه الحاكم، ثم قال:
"وقد رواه الهِقْلُ بن زياد، وهو من أثبت أصحاب الأوزاعي، ولم يذكر سماع الأوزاعي من عطاء
…
"، ثم ساق إسناده بذلك كما ذكرته آنفًا. وقد قال ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 37):
"سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه هِقْل والوليد بن مسلم وغيرهما عن
الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس: أن رجلًا أصابته جراحة
…
وذكرت لهما الحديث؟ فقالا: روى هذا الحديث: ابنُ أبي العشرين عن الأوزاعي عن إسماعيل ابن مسلم عن عطاء عن ابن عباس، وأفسد الحديث".
قلت: حديث ابن أبي العشرين عند ابن ماجة كما سبق، وليس فيه: عن إسماعيل بن مسلم! فلعله اختلف فيه على ابن أبي العشرين، وهو متكلَّم فيه من قبل حفظه، فيبعد أن يحفط ما لم يحفظه الثقات من أصحاب الأوزاعي، ولذلك قالا: إنه أفسد الحديث.
وبالجملة؛ فالإسناد منقطع؛ ولكن قد جاء موصولًا؛ فقد أخرجه ابن حبان في "صحيحه" -كما في "موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان"(1) -، والحاكم (1/ 165) من طريق عمر بن حفص بن غياث: حدثني أبي: أخبرني الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح أن عطاء حدثه
…
به؛ إلا أنه قال:
"ما لهم قتلوه! قتلهم الله (ثلاثًا)! قد جعل الله الصعيد -أو التيمم- طهورًا".
وقال الحاكم:
(1) هو كتاب قيم للحافظ نور الدين الهيثمي مؤلف "مجمع الزوائد"، اختصر به "صحيح ابن حبان"، وأورد فيه ما فيه من الزوائد على "الصحيحين" دون أن يجردها من أسانيدها، مرتبًا لها على ترتيب كتب الفقه والسنن.
رأيت هذا الكتاب في (المكتبة المحمودية) في المدينة المنورة، حين سافرت إليها من مكة لزيارة المسجد النبوي، أواخر شهر المحرم من هذه السنة (1369)، وقد مررت على الكتاب كله، وكتبت منه بعض المنتخبات من أحاديثه.
ومما يؤسف له: أن هذه المكتبة مغلَّقة الأبواب، ليس لها راع ولا قيم! ومفتاحها مع رئيس المحكمة الشرعية هناك: الشيخ ابن مزاحم، وبواسطته -جزاه الله خيرًا- تمكنت من مطالعة فهرسها المملوء بالكتب القيمة، وقد فقد غير قليل من كتبها القيمة! ! ولما كنت أطالع فيها كان يلقى القفل على الباب وأنا في داخلها، من الصلاة إلى الصلاة، حتى يأتي الشيخ يصلي فيها، فيفتح علي!
"صحيح"، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن خزيمة أيضًا -كما في "التلخيص"(2/ 292) -، والبيهقي (1/ 226) من طريق الحاكم، وقال:
"حديث موصول". ثم قال الحافظ:
"والوليد بن عبيد الله؛ ضعفه الدارقطني، وقوّاه من صحح حديثه هذا".
ثم رأيت الحديث في "صحيح ابن خزيمة"(273)، وعنه ابن حبان، وابن الجارود (126).
وله شاهد يرويه جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس؛ رفعه: في قوله عز وجل: {وإن كنتم مرضى أو على سفر} ؛ قال:
"إذا كان بالرجل الجراحة في سبيل الله، أو القروح، أو الجُدَرِيُّ، فيُجْنِبُ، فيخاف -إن اغتسل- أن يموت؛ فَلْيَتَيَمَّمْ".
أخرجه ابن خزيمة (1/ 138 / 272)، والدارقطني (1/ 177 / 9)، والحاكم (1/ 165)، والبيهقي (1/ 224). وقال ابن خزيمة:
"لم يرفعه غير عطاء بن السائب".
وذكر البيهقي أنه رواه عنه جمع موقوفًا.
قلت: وقال الدارقطني:
"وهو الصواب".
ولكنه في حكم المرفوع؛ لأنه في التفسير، ولا سيما أنه من ترجمان القرآن: ابن عباس رضي الله عنهما.