المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌8 - باب المحافظة على الصلوات - صحيح سنن أبي داود ط غراس - جـ ٢

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌100 - باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل

- ‌101 - باب في الجنب يغسل رأسه بخطمي أيجزئه ذلك

- ‌102 - باب فيما يفيض بين الرجل والمرأة من الماء

- ‌103 - باب مواكلة الحائض ومجامعتها

- ‌104 - باب الحائض تُنَاوِلُ من المسجد

- ‌105 - باب في الحائض لا تقضي الصلاة

- ‌106 - باب في إتيان الحائض

- ‌107 - باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع

- ‌108 - باب في المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض

- ‌109 - باب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة

- ‌110 - من باب ما روي أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة

- ‌111 - من باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غُسْلًا

- ‌112 - باب من قال: تغتسل من طُهْرٍ إلى طُهْرٍ

- ‌113 - باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر

- ‌114 - باب من قال: تغتسل كل يوم مرة، ولم يقل: عند الظهر

- ‌115 - باب من قال: تغتسل بين الأيام

- ‌116 - باب من قال: توضأ لكل صلاة

- ‌117 - باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث

- ‌118 - باب في المرأة ترى الصُّفْرة والكُدْرة بعد الطُّهْر

- ‌119 - باب المستحاضة يغشاها زوجها

- ‌120 - باب ما جاء في وقت النفساء

- ‌121 - من باب الاغتسال من الحيض

- ‌122 - باب التيمم

- ‌123 - باب التيمُّمِ في الحضر

- ‌124 - باب الجنب يتيمم

- ‌125 - باب إذا خاف الجُنُبُ البَرْدَ؛ أيتيمَّم

- ‌126 - باب المجروح يتيمم

- ‌127 - باب المتيمِّمُ يجد الماء بعدما يصلي في الوقت

- ‌128 - باب في الغسل للجمعة

- ‌129 - باب الرخصة في ترك الغُسْلِ يوم الجمعة

- ‌130 - باب الرجل يُسْلِمُ فيُؤْمَرُ بالغُسْل

- ‌131 - باب المرأة تَغْسِلُ ثوبَها الذي تَلْبَسُه في حَيْضِها

- ‌132 - باب الصلاة في الثوب الذي يُصيبُ أهلَهُ فيه

- ‌133 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌134 - بابُ الرُّخْصَةِ في ذلك

- ‌135 - باب المنيّ يُصيب الثوبَ

- ‌136 - باب بول الصبيِّ يصيبُ الثوبَ

- ‌137 - باب الأرض يُصِيبها البول

- ‌138 - باب في طُهُور الأرضِ إذا يَبِسَتْ

- ‌139 - باب الأذى يصيبُ الذَّيْلَ

- ‌140 - باب الأذى يصيبُ النَّعْلَ

- ‌141 - باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب

- ‌142 - باب البُزَاق يصيبُ الثوبَ

- ‌1 - باب في المواقيت

- ‌2 - باب وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يصليها

- ‌3 - باب وقت صلاة الظهر

- ‌4 - باب وقت العصر

- ‌5 - باب وقتِ المغرب

- ‌6 - باب وقت العشاء الآخرة

- ‌7 - باب وقت الصبح

- ‌8 - باب المحافظة على الصلوات

- ‌9 - باب إذا أخَّر الإمام الصلاة عن الوقت

- ‌10 - باب من نام عن صلاة أو نَسِيَها

- ‌11 - باب في بناء المساجد

- ‌12 - باب اتخاذ المساجد في الدُّور

- ‌13 - باب في السُّرُج في المساجد

- ‌14 - من باب في حصى المسجد

- ‌15 - باب كنس المسجد

- ‌16 - من باب اعتزال النساء في المسجد عن الرجال

- ‌17 - باب ما يقول الرجل عند دخوله المسجد

- ‌18 - باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد

- ‌19 - باب فضل القعود في المسجد

- ‌20 - باب في كراهية إنشاد الضالّة في المسجد

- ‌21 - باب في كراهية البُزاق في المسجد

- ‌22 - باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد

- ‌23 - باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة

- ‌24 - باب النهي عن الصلاة في مبارك الإبل

- ‌25 - باب متى يُؤْمَرُ الغلام بالصلاة

- ‌26 - باب بَدْءِ الأذان

- ‌27 - باب كيف الأذان

- ‌28 - باب في الإقامة

- ‌29 - باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر

- ‌30 - باب رفع الصوت بالأذان

الفصل: ‌8 - باب المحافظة على الصلوات

مريم قال: أخبرنا أبو غسان قال: حدثني زيد بن أسلم عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من قومه من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما أسفرتم بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر". قال الزيلعي (1/ 238): "سنده صحيح".

قلت: ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم بن يعقوب -وهو الجُوزَجَاني-، وهو ثقة حافظ.

وأبو غسان: هو محمد بن مُطَرِّف المدني؛ وقد أقام إسناده عن زيد بن أسلم؛ فقد اضطربوا عليه فيه، كما بينته في "الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب": عند المسألة الرابعة من أحكام صلاة الفجر.

وللحديث شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة، لا تخلو أسانيدها من مقال، وقد خرَّجها الزيلعي في "نصب الراية"، فراجعها فيه (1/ 235 - 239). وقد قال ابن تيمية في "الفتاوى" (1/ 67):

"إنه حديث صحيح".

‌8 - باب المحافظة على الصلوات

452 -

عن عبد الله بن الصُّنَابِحِي قال:

زَعَمَ أبو محمد أن الوتر واجب! فقال عبادةُ بن الصامت: كَذَبَ أبو محمد؛ أشهد أني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"خمسُ صلواتٍ افترضهن الله عز وجل؛ مَنْ أحسن وُضُوءهن، وصلاهنّ لوقتِهنَّ، وأتمَّ ركوعَهُن وخُشوعهن؛ كان له على الله عهد أن يغفر

ص: 301

له، ومَنْ لم يفعل؛ فليس له على الله عهد: إن شاء غَفَرَ له، وإن شاء عذبه".

(قلت: حديث صحيح، وكذا قال النووي، وصححه ابن عبد البر. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه").

إسناده: حدثنا محمد بن حرب الواسطي: نا يزيد -يعني: ابن هارون-: أنا محمد بن مُطَرِّف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن الصنابحي (*).

قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن الصنابحي؛ مختلف في صحبته، ولم يتبين لنا حقيقة أمره! ولكن الحديث صحيح؛ لأن له طرقًا أخرى عن عبادة، وشواهد.

والحديث أخرجه أحمد (5/ 317): ثنا حسين بن محمد: ثنا محمد بن مطرف

به.

وللحديث طريق ثان: أخرجه الطيالسي (رقم 573): حدثنا زَمْعَةُ عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني قال:

كنت في مجلس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيهم عبادة بن الصامت، فذكروا الوتر، فقال بعضهم: واجب. وقال بعضهم: سنة. فقال عبادة بن الصامت:

أمّا أنا؛ فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

فذكره نحوه.

وزمعة ضعيف من قبل حفظه.

وله طريق ثالث، سيأتي في الكتاب (رقم 1276).

وبالجملة؛ فالحديث -بهذه الطرق- صحيح، وقد صححه ابن عبد البر في

(*) كذا في أصل الشيخ والنسخ التي بين أيدينا لـ "سنن أبي داود". وفي "التهذيب" و"تقريب التهذيب": أبو عبد الله الصنابحي (عبد الرحمن بن عسيلة). (الناشر).

ص: 302

"التمهيد"(4/ 239).

وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، كما يأتي هناك. وقال النووي في "المجموع" (4/ 20):

"حديث صحيح".

وانظر "السنة"(967) لابن أبي عاصم.

453 -

عن أم فَرْوَةَ (زاد في رواية: قد بايعت النبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال:

"الصلاة في أول وقتها".

(قلت: حديث صحيح. أخرجه الحاكم وكذا ابن خزيمة في "صحيحهما" من حديث عبد الله بن مسعود. وقال الحاكم: "وهو صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي. وهو في "الصحيحين" بمعناه).

إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله الخُزَاعي وعبد الله بن مَسْلَمَةَ قالا: ثنا عبد الله بن عمر عن القاسم بن غَنَّام عن بعض أمهاته عن أم فروة. قال الخزاعي في حديثه: عن عمة له -يقال لها: أم فروة- قد بايَعَتِ النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سئل

قلت: هذا سند ضعيف؛ عبد الله بن عمر: هو العمري المُكَبّرِ-، وهو سيئ الحفظ.

وشيخه القاسم بن غنام؛ ليس بالمشهور، روى عنه أيضًا عبيد الله بن عمر -المصغر- والضحاك بن عثمان الحِزَامي؛ ذكره ابن حبان في "الثقات". وذكره العقيلي في "الضعفاء"، وقال:

ص: 303

"في حديثه اضطراب". وفي "التقريب":

"صدوق مضطرب الحديث".

وبعض أمهاته مجهولة؛ لم تُسَمَّ.

والحديث أخرجه أحمد (6/ 375): ثنا الخزاعي: أنا عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غَنَّام عن جدته الدُّنْيَا عن أم فروة -وكانت قد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه الترمذي (1/ 319) -عن الفضل بن موسى-، والحاكم (1/ 189)، ومن طريقه البيهقي (1/ 434) -عن منصور بن سلمة الخزاعي-، والدارقطني (ص 92) -عن إسحاق بن سليمان ووكيع والليث بن سعد- كلهم عن عبد الله بن عمر

به؛ إلا أن الليث ومنصورًا قالا: عن جدته الدنيا أم أبيه عن جدته أم فروة.

ولم يقل منصور: أم أبيه.

ولفظ وكيع مثل لفظ عبد الله بن مسلمة عند المصنف: عن بعض أمهاته.

ولفظ الفضل بن موسى: عن القاسم بن غنام عن عَمَّته أم فروة! فأسقط من بينهما جدته. وكذلك رواه الوليد بن مسلم ومعتمر بن سليمان: عند الدارقطني.

والليث: عند أحمد؛ إلا أنهم قالوا: عن جدته أم فروة.

وهذا اضطراب شديد؛ مما يزيد في ضعف الإسناد! وقد قال الترمذي:

"لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري؛ وليس هو بالقوي عند أهل الحديث، واضطربوا عنه في هذا الحديث".

ص: 304

قلت: ولكن هذا الاضطراب ليس من قبل العمري هذا؛ فقد تابعه عليه أخوه عبيد الله -المصغر-عن القاسم بن غنام عن بعض أهله

به.

وتابعه الضحاك بن عثمان عن القاسم بن غَنَّام البَيَاضي عن امرأة من المبايعات.

أخرجهما الدارقطني.

فهذه المتابعات تبين أنَّ الاضطراب إنما هو من قبل القاسم هذا. وفي كلام العقيلي السابق ما يشير إلى ذلك.

وبالجملة؛ فعلة هذا الإسناد: القاسم بن غَنَّام هذا واضطرابه فيه، وجهالة الواسطة بينه وبين أم فروة رضي الله عنها.

ولكن الحديث صحيح؛ فإن له شواهد.

منها عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أفضل؟ قال:

"الصلاة في أول وقتها

" الحديث.

أخرجه الطبراني (3/ 50 / 1)، والدارقطني (ص 91)، والحاكم (1/ 188 - 189)، وعنه البيهقي (1/ 434) من طريقين عن أبي عمروٍ الشيباني عنه. وقال الحاكم:

"صحيح على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.

وأخرجه ابن حبان (280)، وابن خزيمة أيضًا في "صحيحه"، كما في "الفتح"(2/ 8).

ص: 305

وهو في "الصحيحين" وغيرهما بلفظ:

"

على وقتها". والمعنى واحد عندنا. والله أعلم.

454 -

عن عبد الله بن فَضَالة عن أبيه قال:

علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان فيما عَلَّمني:

"وحَافِظْ على الصلواتِ الخَمْسِ".

قال: قلتُ: إن هذه ساعاتٌ لي فيها أشغال، فمُرْني بأمر جَامع؛ إذا أنا فعلته أجْزَأ عنِّي؟ فقال:

"حافظ على العَصْرَين". وما كانت لُغَتَنَا! فقلتُ: وما العصران؟ ! فقال:

"صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها".

(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والسيوطي).

إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أنا خالد عن داود بن أبي هند عن أبي حرب ابن أبي الأسود عن عبد الله بن فضالة.

قلت: وهذا إسناد صحيح إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الله بن فضالة؛ ذكره ابن حبان في "الثقات"، وكان على قضاء البصرة، وقيل: إن له صحبة. قال ابن عبد البر في "الاستيعاب":

"واختلف في إتيانه النبيَّ صلى الله عليه وسلم"، ثم قال:

"ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو عندهم مرسل؛ على أنه قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم،

ص: 306

وقد رآه". قال:

"ولا يختلف في صحبة أبيه فضالة". وقال ابن أبي حاتم:

"إسناده مضطرب، مشايخ مجاهيل"!

وتعقبه الحافظ في "الإصابة"؛ فقال:

"كذا قال! ولعبد الله رواية عن أبيه في "سنن أبي داود"، وصححها ابن حبان من طريق داود بن أبي هند

"؛ ويعني هذا الحديث.

والحديث أخرجه البيهقي (1/ 466) -من طريق يعقوب بن سفيان-، والحاكم (3/ 628) -من طريق علي بن عبد العزيز- كلاهما عن عمرو بن عون

به.

ثم أخرجه البيهقي من طريق علي بن عاصم: أَبَنا داود بن أبي هند

به.

وقد اختلف فيه على ابن أبي هند:

فرواه عنه خالد -وهو ابن عبد الله الطحان- وعلي بن عاصم هكذا.

ورواه هشيم فقال: أخبرنا داود بن أبي هند قال: حدثني أبو حرب بن أبي الأسود عن فضالة الليثي قال:

أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت، وعلَّمني

الحديث.

فأسقط من الإسناد: عبد الله بن فضالة، ووافقهما في أن الحديث من مسند فضالة.

وخالفهم جميعًا: مسلمة بن علقمة فقال: عن داود عن أبي حرب عن عبد الله بن فضالة:

أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 307

فجعله من مسند عبد الله، لا من مسند أبيه! قال أبو حاتم -كما في "الإصابة"-:

"وقول من قال فيه: عن أبيه أصح". وقال ابن عبد البر:

"وهو أصح إن شاء الله تعالى".

وهذا هو الحق إن شاء الله؛ لاتفاق ثقتين عليه؛ مع أن مسلمة بن علقمة في حفظه ضعف؛ لا سيما في روايته عن ابن أبي هند.

والحديث أخرجه ابن نصر في "قيام الليل"(ص 113) من طريق خالد

مختصرًا.

455 -

عن أبي بكر بن عُمَارة بن رُؤَيْبَة عن أبيه قال:

سأله رجلٌ من أهل البصرة، فقال: أخْبِرْني ما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا يَلِجُ النارَ رجلٌ صلَّى قبلَ طلوعِ الشمسِ وقبلَ أن تغرب". قال:

أنت سمعته منه؟ ثلاث مرات! قال: نعم، كلّ ذلك يقول: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قلبي! فقال الرجل: وأنا سمعته صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.

(قلت: إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح". وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما").

إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن إسماعيل بن أبي خالد: نا أبو بكر بن عمارة بن رؤيبة.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير أبي بكر

ص: 308

ابن عمارة؛ وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جماعة من الثقات الأثبات، واحتج به مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وهو من التراجم التي سقطت من كتاب الحافظ "تهذيب التهذيب"! ثم استدركها في "التقريب"، فقال:

"مقبول"!

كذا قال وهو ثقة؛ لما سبق.

والحديث أخرجه أحمد (4/ 261): ثنا يحيى

به.

ثم قال: ثنا وكيع: ثنا ابن أبي خالد. قال: وثنا للسعر. قال: وثنا الْبَخْتَرِيّ ابن المختار عن أبي بكر بن عمارة بن رؤيبة

به.

وهكذا أخرجه مسلم (1/ 114)، وأبو عوانة (1/ 376)، والنسائي (1/ 82) من طريق وكيع

به.

وأخرجه البيهقي (1/ 466) من طريق أخرى عن إسماعيل بن أبي خالد

به.

وهو، ومسلم، وأحمد (4/ 136) من طريق عبد الملك بن عمير عن ابن عمارة ابن رؤيبة

به.

وله طريق أخرى: أخرجه أبو عوانة (1/ 376 - 377 و 377) من وجهين عن أبي الأحوص قال: ثنا أبو إسحاق قال: سمعت عمارة بن رؤيبة الثقفي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها؛ لن يَلِجَ النار".

وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

ص: 309

456 -

عن أبي قتادة بن رِبْعِيٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"قال الله عز وجل: إني فرضت على أُمَّتِكَ خمسَ صلوات، وعهدتُ عندي عَهْدًا: أنه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن؛ أدخلته الجنة، ومن لم يحافظ عليهن؛ فلا عهدَ لهُ عندي".

(قلت: حديث حسن).

إسناده: قال أبو سعيد بن الأعرابي: حدثنا محمد بن عبد الملك بن يزيد الرَّوَّاس -يكنى: أبا أسامة- قال: أنبأنا أبو داود: نا حَيْوَةُ بن شُرَيْحٍ المصري: نا بَقِيَّة عن ضُبَارة بن عبد الله بن أبي سُلَيْكٍ الألهاني قال: أخبرني ابن نافع عن ابن شهاب الزهري قال: قال سعيد بن المسيبَ أن أبا قتادة بن رِبْعِي أخبره.

قلت: هكذا جاء إسناد هذا الحديث والذي بعده مبتدَأً بأبي سعيد الأعرابي في نسخة الكتاب التي اعتمدنا عليها! وقد ذكر في الشرح أنها ليست في رواية أبي القاسم -يعني: ابن عساكر-.

قلت: وهذا الإسناد ضعيف؛ فإن ضبارة بن عبد الله بن أبي سليك الألهاني؛ ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:

"يعتبر حديثه من رواية الثقات عنه".

وذكره ابن عدي في "الكامل"، وساق له ستة أحاديث مناكير. ولذلك؛ قال الذهبي في "الميزان":

"فيه لين". وأما الحافظ؛ فذهب إلى أنه:

"مجهول".

ص: 310

وابن نافع: اسمه دُوَيْدُ، وهو ثقة عند الذهلِي والعجلي. وقال أبو حاتم:

"شيخ". وقال ابن حبان:

"مستقيم الحديث إذا كان دونه ثقة".

وأما أبو سعيد بن الأعرابي؛ فهو الإمام الحافظ أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري، صاحب "التصانيف"، وكان ثقة ثبتًا، مات سنة أربعين وثلاث مئة، كما في "تذكرة الحفاظ"(3/ 66).

وأما شيخه محمد بن عبد الملك بن يزيد الرَّوَّاس؛ فلم أجد له ترجمة في شيء من كتب الرجال التي عندي!

وبقية رجال الإسناد ثقات؛ إلا أن بقية مدلس، وقد عنعنه؛ بيد أنه قد صرَّح بالتحديث في بعض الروايات عنه، كما يأتي.

والحديث أخرجه ابن نصر في "قيام الليل"(ص 113): حدثنا محمد بن يحيى: ثنا حيوة بن شريح الحضرمي

به.

وأخرجه ابن ماجة (1/ 428): ثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي: ثنا بقية بن الوليد ثنا ضبارة بن عبد الله بن أبي السليل

به.

وقد وجدت للحديث شاهدًا من رواية كعب بن عُجْرة، وله عنه طريقان:

الأول: أخرجه أحمد (4/ 244): ثنا هاشم: ثنا عيسى بن المسيّب البَجَلي عن الشعبي عن كعب بن عجرة قال:

بينما أنا جالس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مُسْنِدي ظهورِنا إلى قبلة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم -سبعةَ رهط: أربعة موالينا وثلاثة من عربنا-؛ إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الظهر، حتى انتهى إلينا، فقال.

ص: 311

"ما يجلسكم ها هنا؟ ". قلنا: يا رسول الله! ننتظر الصلاة. قال: فأرَمَّ قليلًا، ثم رفع رأسه، فقال:

"أتدرون ما يقول ربكم عز وجل؟ ". قال: قلنا: الله ورسوله أعلم! قال:

"فإن ربكم عز وجل يقول: من صلى الصلاة لوقتها، وحافظ عليها، ولم يضيعها استخفافًا بحقها؛ فله عليَّ عهد أن أدخله الجنة، ومن لم يصلِّ لوقتها، ولم يحافظ عليها، وضيَّعها استخفافًا بحقِّها؛ فلا عهد له: إن شئت عَذبته، وإن شئت غفرت له".

وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عيسى بن المسيب -وهو البجلي الكوفي-، وهو مختلف فيه؛ قال أبو حاتم وأبو زرعة:

"ليس بالقوي". وقال المصنف:

"هو قاضي الكوفة، ضعيف". وقال يحيى بن معين:

"ليس بشيء". وقال ابن حبان:

"كان يقلب الأخبار، ولا يفهم، ويخطئ حتى خرج عن حد الاحتجاج به".

وقال ابن عدي والدارقطني:

"صالح الحديث". وقال الحاكم -بعد أن ساق له حديثًا-:

إنه "صحيح، عيسى صدوق لم يُجَرَّحْ قط"!

كذا قال!

هذا كلُّه جاء في ترجمته من "الميزان". ومنها يتبين أنه من الضعفاء الذين لم يُتَّهموا، وإنما ضُعِّف من قبل حفظه؛ فهو ممن يكتب حديثهم ويحتجُّ به في

ص: 312

المتابعات والشواهد.

الطريق الآخر: أخرجه الدارمي (1/ 278): أخبرنا أبو نعيم: ثنا عبد الرحمن -هو ابن النعمان الأنصاري-: حدثني إسحاق بن سعد بن كعب بن عُجْرة الأنصاري عن أبيه عن كعب

به.

هكذا هو في نسختنا: إسحاق بن سعد بن كعب!

وهو خطأ، والصواب: سعد بن إسحاق بن كعب. وليس في الرواة: إسحاق ابن سعد بن كعب، ولا سعد بن كعب! والظاهر أنه انقلب على بعض النساخ.

وأما سعد بن إسحاق؛ فهو ثقة.

وأما إسحاق بن كعب فمجهول الحال.

وبقية رجاله موثقون.

فالحديث -بهذا الشاهد من طريقيه- يأخذ قوة؛ ويرقى إلى درجة الحسن على أقل الدرجات.

457 -

عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"خمسٌ من جاء بهنَّ -مع إيمان- دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس؛ على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلًا، وأعطى الزكاة طيبةً بها نفْسُهُ، وأدّى الأمانة".

قالوا: يا أبا الدرداء! وما أداء الأمانة؟ قال: الغُسْلُ من الجَنَابة.

(قلت: إسناده حسن، وقال المنذري والهيثمي: "إسناده جيد").

ص: 313

إسناده: قال ابن الأعرابي: حدثنا محمد بن عبد الملك الرَّوَّاس: نا أبو داود: نا محمد بن عبد الرحمن العنبري: نا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد: أنا عمران القطان: نا قتادة وأبان كلاهما عن خُلَيْد العَصَرِي عَن أم الدرداء عن أبي الدرداء.

قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى؛ محمد بن عبد الرحمن العنبري -وهو ابن عبد الصمد البصري- ثقة، قال علي بن الجُنَيْد:

"كان ثقة".

وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد وقتادة ثقتان من رجال الشيخين.

وأما أبان بن أبي عياش؛ فهو متروك؛ لكنه مقرون هنا بقتادة، فلا يضر.

وخليد العَصَرِيُّ؛ ثقة، روى له مسلم.

وأما عمران القطان؛ فهو ابن داور -بفتح الواو- العَمِّي أبو العوام البصري، وهو مختلف فيه؛ ويترجح عندي من النظر في أقوالهم: أنه حسن الحديث إذا لم يظهر خطؤه. وإليك مُلَخَّص ما جاء في "التهذيب" عنه: قال أحمد:

"أرجو أن يكون صالح الحديث". وقال ابن معين:

"ليس بالقوي". وقال مرة:

"ليس بشيء، لم يرو عنه يحيى بن سعيد". وقال عمرو بن علي:

"كان يحيى لا يحدث عنه، وقد ذكره يومًا، فأحسن الثناء عليه". وقال الآجُرِّي عن المصنف:

ص: 314

"هو من أصحاب الحسن، وما سمعت إلا خيرًا". وقال مِرة: "ضعيف، أفتى في أيام إبراهيم بن عبد الله بن حسن بفتوى شديدة، فيها سفك الدماء".

وقال النسائي:

"ضعيف". وقال ابن عدي:

"هو ممن يكتب حديثه".

وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الساجي:

"صدوق، وثقه عفان". وقال ابن شاهين في "الثقات":

"كان من أخص الناس بقتادة". وقال الدارقطني:

"كان كثير المخالفة والوهم". وقال العجلي:

"بصري ثقة". وقال الحاكم:

"صدوق". وكذا قال البخاري، وزاد:

"يهم".

وقد تبنَّى هذا القولَ الحافظُ في "التقريب". وقال المنذري في خاتمة "الترغيب"(4/ 289):

"ومشّاه أحمد، واحتج به ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم".

ولذلك حسن المنذري -وكذا الهيثمي- حديثه هذا، كما يأتي.

وحسن له الترمذي حديثًا في "الدعاء"(2/ 242 - طبع بولاق).

والحديث أخرجه ابن الأعرابي في الجزء الأول من "معجمه" أيضًا فقال: ثنا

ص: 315