المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌100 - باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل

- ‌101 - باب في الجنب يغسل رأسه بخطمي أيجزئه ذلك

- ‌102 - باب فيما يفيض بين الرجل والمرأة من الماء

- ‌103 - باب مواكلة الحائض ومجامعتها

- ‌104 - باب الحائض تُنَاوِلُ من المسجد

- ‌105 - باب في الحائض لا تقضي الصلاة

- ‌106 - باب في إتيان الحائض

- ‌107 - باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع

- ‌108 - باب في المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض

- ‌109 - باب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة

- ‌110 - من باب ما روي أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة

- ‌111 - من باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غُسْلًا

- ‌112 - باب من قال: تغتسل من طُهْرٍ إلى طُهْرٍ

- ‌113 - باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر

- ‌114 - باب من قال: تغتسل كل يوم مرة، ولم يقل: عند الظهر

- ‌115 - باب من قال: تغتسل بين الأيام

- ‌116 - باب من قال: توضأ لكل صلاة

- ‌117 - باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث

- ‌118 - باب في المرأة ترى الصُّفْرة والكُدْرة بعد الطُّهْر

- ‌119 - باب المستحاضة يغشاها زوجها

- ‌120 - باب ما جاء في وقت النفساء

- ‌121 - من باب الاغتسال من الحيض

- ‌122 - باب التيمم

- ‌123 - باب التيمُّمِ في الحضر

- ‌124 - باب الجنب يتيمم

- ‌125 - باب إذا خاف الجُنُبُ البَرْدَ؛ أيتيمَّم

- ‌126 - باب المجروح يتيمم

- ‌127 - باب المتيمِّمُ يجد الماء بعدما يصلي في الوقت

- ‌128 - باب في الغسل للجمعة

- ‌129 - باب الرخصة في ترك الغُسْلِ يوم الجمعة

- ‌130 - باب الرجل يُسْلِمُ فيُؤْمَرُ بالغُسْل

- ‌131 - باب المرأة تَغْسِلُ ثوبَها الذي تَلْبَسُه في حَيْضِها

- ‌132 - باب الصلاة في الثوب الذي يُصيبُ أهلَهُ فيه

- ‌133 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌134 - بابُ الرُّخْصَةِ في ذلك

- ‌135 - باب المنيّ يُصيب الثوبَ

- ‌136 - باب بول الصبيِّ يصيبُ الثوبَ

- ‌137 - باب الأرض يُصِيبها البول

- ‌138 - باب في طُهُور الأرضِ إذا يَبِسَتْ

- ‌139 - باب الأذى يصيبُ الذَّيْلَ

- ‌140 - باب الأذى يصيبُ النَّعْلَ

- ‌141 - باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب

- ‌142 - باب البُزَاق يصيبُ الثوبَ

- ‌1 - باب في المواقيت

- ‌2 - باب وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يصليها

- ‌3 - باب وقت صلاة الظهر

- ‌4 - باب وقت العصر

- ‌5 - باب وقتِ المغرب

- ‌6 - باب وقت العشاء الآخرة

- ‌7 - باب وقت الصبح

- ‌8 - باب المحافظة على الصلوات

- ‌9 - باب إذا أخَّر الإمام الصلاة عن الوقت

- ‌10 - باب من نام عن صلاة أو نَسِيَها

- ‌11 - باب في بناء المساجد

- ‌12 - باب اتخاذ المساجد في الدُّور

- ‌13 - باب في السُّرُج في المساجد

- ‌14 - من باب في حصى المسجد

- ‌15 - باب كنس المسجد

- ‌16 - من باب اعتزال النساء في المسجد عن الرجال

- ‌17 - باب ما يقول الرجل عند دخوله المسجد

- ‌18 - باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد

- ‌19 - باب فضل القعود في المسجد

- ‌20 - باب في كراهية إنشاد الضالّة في المسجد

- ‌21 - باب في كراهية البُزاق في المسجد

- ‌22 - باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد

- ‌23 - باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة

- ‌24 - باب النهي عن الصلاة في مبارك الإبل

- ‌25 - باب متى يُؤْمَرُ الغلام بالصلاة

- ‌26 - باب بَدْءِ الأذان

- ‌27 - باب كيف الأذان

- ‌28 - باب في الإقامة

- ‌29 - باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر

- ‌30 - باب رفع الصوت بالأذان

الفصل: ‌27 - باب كيف الأذان

‌27 - باب كيف الأذان

؟

512 -

عن عبد الله بن زيد قال:

لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يُعْمَلُ ليُضْرَبَ به الناس لجمع الصلاة؛ طاف بي وأنا نائم رَجل يحمل ناقوسًا في يده، فقلت: يا عبد الله! أتبيع الناقوس؟ فال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلُّك على ما هو خير من ذلك؟ ! فقلت له: بلى، قال: فقال:

تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: ثم استأخر عني غيرَ بعيدٍ، ثم قال: ثم تقول إذا أقمتَ الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله الا

الله. فلما أصبحت؛ أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت؛ فقال:

"إنها لرؤيا حقٍّ إن شاء الله، فقم مع بلال؛ فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به؛ فإنه أندى صوتًا منك". فقمت مع بلال، فجعلت أُلقيه عليه ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته؛ فخرج يجرُّ رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله! لقد رأيت مثل ما أُري! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلله الحمد".

ص: 406

(قلت: إسناده حسن صحيح. وقال النووي: "إسناده صحيح". وقال البخاري وابن خزيمة: "حديث صحيح". وقال الترمذي: "حسن صحيح". وقال محمد بن يحيى الذُّهليُّ: "ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان أصح من هذا". ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما").

إسناده: حدثنا محمد بن منصور الطُّوسِيُّ: ثنا يعقوب: ثنا أبي عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيْمِي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه: حدثني أبي عبد الله بن زيد.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث.

والحديث أخرجه أحمد (4/ 43): ثنا يعقوب

به.

ومن طريق أحمد: أخرجه الدارقطني (ص 89)، والبيهقي (1/ 391).

وأخرجه الدارمي (1/ 269)، والبيهقي (1/ 390 - 391) من طرق أخرى عن يعقوب

به.

وابن ماجة (1/ 239 - 241) -عن محمد بن سلمة الحَرَّاني-، والدارمي -عن سلمة؛ وهو ابن الفضل الأبرش- كلاهما عن ابن إسحاق

به نحوه.

وأخرجه الترمذي (1/ 358 - 360) من طريق أخرى عنه

مختصرًا، وقال:"حديث حسن صحيح".

وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" من حديث يعقوب بن إبراهيم

به.

وكذلك رواه البخاري في "أفعال العباد"(ص 76).

ص: 407

ثم روى البيهقي عن محمد بن يحيى -وهو الذُّهْلي- أنه قال:

"ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان أصح من هذا. وفي كتاب "العلل" لأبي عيسى الترمذي قال:

سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث؛ يعني: حديث محمد ابن إبراهيم التيمي؟ فقال: هو عندي حديث صحيح". وقال ابن خزيمة في "صحيحه":

"هذا حديث صحيح ثابت من جهة النقل؛ لأن محمدًا سمع من أبيه، وابن إسحاق سمع من التيمي؛ وليس هذا مما دلسه". وقال الخَطَّابي في "المعالم":

"روي هذا الحديث والقصة بأسانيد مختلفة، وهذا الإسناد أصحها". وقال النووي في "المجموع"(3/ 76):

"إسناده صحيح". وقال الحافظ في "الفتح"(2/ 62):

"وشاهده: حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب

مرسلًا، ومنهم من وصله عن سعيد عن عبد الله بن زيد، والمرسل أقوى إسنادًا".

قلت: والموصول هذا؛ قد علقه المصنف؛ وهو:

513 -

قال أبو داود: "هكذا رواية الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد؛ وقال فيه ابن إسحاق عن الزهري: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر".

(قلت: وصله أحمد من طريق ابن إسحاق، وهو حديث صحيح).

ص: 408

إسناده: علقه المصنف كما ترى؛ وقد وصله الإمام أحمد (4/ 42 - 43): ثنا يعقوب قال: أنا أبي عن ابن إسحاق قال: وذَكَرَ محمد بن مسلم الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال:

لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضرب بالناقوس، يجمع للصلاة الناس -وهو له كاره؛ لموافقته النصارى-؛ طاف بي من الليل طائف

الحديث نحو الرواية السابقة؛ وفي آخره زيادة في قول:

"الصلاة خير من النوم" في صلاة الفجر.

ومن طريقه: رواه البيهقي (1/ 415). وقال الحاكم في (مناقب عبد الله بن زيد) من "المستدرك"(3/ 336):

"وهو الذي أُري الأذان الذي تداوله فقهاء الإسلام بالقبول

وأمثل الروايات فيه رواية سعيد بن المسيب، وقد توهم بعض أئمتنا أن سعيدًا لم يلحق عبد الله بن زيد؛ وليس كذلك؛ فإن سعيد بن المسيب كان فيمن يدخل بين علي وبين عثمان في التوسط، وإنما توفي عبد الله بن زيد في أواخر خلافة عثمان. وحديث الزهري عن سعيد بن المسيب مشهور؛ رواه يونس بن يزيد ومعمر بن راشد وشعيب بن أبي حمزة ومحمد بن إسحاق وغيرهم". قال الشوكاني (2/ 31):

"ومتابعة هؤلاء لمحمد بن إسحاق عن الزهري ترفع احتمال التدليس الذي تحتمله عنعنة ابن إسحاق".

ومما يشد في عضده: روايته الأخرى السابقة؛ وقد صرح فيها بالسماع، وفي كلتيهما تربيع التكبير؛ خلافًا له!

ص: 409

514 -

وقال معمر ويونس عن الزهري فيه:

"الله أكبر الله أكبر" لم يثنِّيا.

(قلت: وصله عبد الرزاق عن معمر، والبيهقي عن يونس عن الزهري عن سعيد مرسلًا. ورواه بعضهم عن سعيد موصولًا. قال الحافظ:"والمرسل أقوى إسنادًا"، وقال البيهقي:"وسعيد بن المسيب أصح التابعين إرسالًا".

والحديث -على كل حال- صحيح، لكن الأصح تربيع التكبير فيه؛ كما في الروايتين المتقدمتين).

هو معلق، وقد سبق أن ذكرنا عن الحافظ أن عبد الرزاق رواه عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلًا.

ورواه البيهقي (1/ 414 - 415) من طريق عبد الله بن المبارك: أنا يونس عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب عن النداء:

أن أول من أُمر به في النوم رجل من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج؛ يقال له: عبد الله بن زيد، قال عبد الله بن زيد: بيْنا أنا نائم

الحديث بطوله.

وهذا ليس صريحًا في الإرسال؛ لاحتمال أن يكون سعيد بن المسيب قد سمعه من عبد الله بن زيد، وقد لَحِقَه، كما نقلناه قريبًا عن الحاكم.

وأما قوله -أعني: الحاكم؛ فيما نقله ابن التركماني وغيره- أن الصحيح أن عبد الله بن زيد قتل بأحد، وأن الروايات عنه كلها منقطعة! فهو -بالرغم من مخالفته لقوله المتقدم-؛ فهو غير صحيح؛ لأمرين:

الأول: أنه مبني على قصة عن ابنة عبد الله بن زيد مع عمر بن عبد العزيز لا تصح؛ لانقطاعها، كما ذكره ابن التركماني، والحافط في "التلخيص"(3/ 162).

ص: 410

والآخر: لو صح قول الحاكم؛ للزم أن يكون ابن عبد الله بن زيد صحابيًّا؛ وذلك أنه سبق في الكتاب (رقم 512) من طريق محمد بن عبد الله بن زيد -هذا-: حدثني أبي

فصرَّح بسماعه من أبيه؛ وهو ليس صحابيًّا، ولم يدرك الزمن الذي زعم الحاكم أن أباه توفي فيه.

وإذ قد بطل قوله هذا؛ لم يبق صحيحًا إلا قوله السابق؛ وإليه مال ابن دقيق العيد وابن التركماني والحافط وغيرهم.

وأما البيهقي؛ فجزم بأن الحديث هذا مرسل؛ قال (1/ 421):

"وسعيد بن المسيب أصح التابعين إرسالًا".

قلت: لكن قد ثبت موصولًا من طريق أخرى -كما قد سبق-؛ وفيه تربيع التكبير؛ فهو أصح من تثنيته؛ لأنه مرسل.

ويؤيد ذلك: أن التربيع جاء من طريق أخرى لهذه القصة بإسناد صحيح؛ كما يأتي (رقم 523).

515 -

عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده قال:

قلت: يا رسول الله! علِّمْني سنة الأذان، قال: فمسح مقدَّم رأسي؛ قال:

"تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، ترفع بها صوتك، ثم تقول: أشهد ان لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بالشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد

ص: 411

أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، فإن كان صلاة الصبح قلتَ: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله".

(قلت: حديث صحيح. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (1680)).

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة.

قلت: وهذا إسناد ضعيف. وقال عبد الحق:

"لا يحتج بهذا الإسناد". وبينه ابن القطان؛ فقال:

"محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة مجهول الحال، لا نعلم روى عنه إلا الحارث". وقال الذهبي في "الميزان":

"ليس بحجة؛ يكتب حديثه اعتبارًا، قد روى عنه الثوري وآخر، وذكره ابن حبان في "ثقاته"

".

ووالده عبد الملك بن أبي محذورة ليس بالمشهور أيضًا؛ وقد روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقد قال الحافظ في كل منهما:

"مقبول"؛ يعني: عند المتابعة.

وقد توبعا كما يأتي.

والحارث بن عبيد: هو أبو قدامة الإيادي البصري، وهو ضعيف من قبل حفظه؛ وقد فرَّق ابن حبان بين الحارث بن عبيد هذا -الذي روى عن محمد بن عبد الملك، وعنه مسدد-، وبين الحارث بن عبيد أبي قدامة الإيادي؛ فأورد الأول

ص: 412

في "الثقات"، وضعف الآخر! والحق أنهما واحد؛ فقد جاء في بعض روايات هذا الحديث مكنيًّا بأبي قدامة كما يأتي.

لكن الحديث صحيح؛ لأن له طرقًا كثيرة عن أبي محذورة؛ وقد ساقها المصنف.

والحديث أخرجه البيهقي (1/ 394) من طريق المصنف.

ثم أخرجه من طريق أبي المثنى: ثنا مسدد: ثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة

به.

وأخرجه أحمد (3/ 408 - 409) من طريق أخرى عن الحارث

به.

ورواه ابن حبان (رقم 288 و 289).

516 -

وفي رواية عن أبي محذورة عن النبي صلى الله عليه وسلم

نحو هذا الخبر؛ وفيه: "الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح".

قال أبو داود: "وحديث مسدد أبين [قلت: يعني: الرواية الأولى]، قال فيه: وعلمني الإقامة مرتين مرتين:

"الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، (زاد في رواية: وإذا أقمت الصلاة فقلها مرتين: قد قامت الصلاة؛ أسمعت؟ ) ".

قال: فكان أبو محذورة لا يَجُزُّ ناصيته ولا يفرقها؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ

ص: 413

مسح عليها.

(قلت: حديث صحيح، دون قوله: فكان أبو محذورة لا يَجُزُّ

إلخ؛ فإنه من حصة الكتاب الآخر (رقم 79)).

إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو عاصم وعبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عثمان بن السائب: أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عثمان بن السائب؛ قال ابن القطان:

"غير معروف".

ووالده السائب؛ قال الذهبي:

"لا يعرف".

وذكرهما ابن حبان في "الثقات"!

وأم عبد الملك بن أبي محذورة؛ لم أعرفها ولم أعرف اسمها؛ وقد أغفلوها فلم يوردوها في (فصل الكنى من النساء).

والحديث أخرجه البيهقي (1/ 422) من طريق المصنف.

وأخرجه أحمد (3/ 408): ثنا عبد الرزاق

به.

وأخرجه البيهقي أيضًا (1/ 393 - 394) من طريق أخرى عن عبد الرزاق.

وأخرجه الطحاوي (1/ 78 و 80): ثنا أبو بكرة قال: ثنا أبو عاصم

به.

وأخرجه النسائي (1/ 104)، والطحاوي أيضًا (78 و 80 - 82)، والدارقطني (ص 86)، والبيهقي (1/ 418)، وأحمد (3/ 408) من طرق أخرى عن ابن

ص: 414

جريج

به؛ غير أن الطحاوي وأحمد ذكرا التكبير في أوله مرتين لا أربعًا!

والصحيح في حديث أبي محذورة: التربيع، كما في أكثر الروايات عن ابن جريج في هذا الحديث، وكما في الحديث السابق، والآتي عن أبي محذورة.

ثم اعلم أن في الرواية السابقة: "فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم"؛ فهذا مطلق. وفي هذه الرواية تقييد ذلك بـ: "الأولى من الصبح".

وهذا هو الصواب: أن السنة جعل هذه الجملة في الأذان الأول للفجر، وعلى ذلك جاءت الأحاديث من طرق شتى، وقد ذكرتها في "الثمر المستطاب"؛ وليس في شيء منها أنها في الأذان الثاني للفجر. فما عليه الناس اليوم خلاف السنة، وتخصيصها الأذان الأول بها دون الثاني معقول جدًّا؛ للتفريق بينهما؛ فإن الأول لا يحرم طعامًا ولا يُحِلُّ الصلاة؛ بخلاف الآخر.

وإنما حكمنا بصحة الحديث مع ضعف إسناده؛ لكثرة طرقه عن أبي محذورة وقد مضى واحد منها، ويأتي سائرها.

ولما كانت الجملة الأخيره منه لا شاهد لها في جميع الطرق التي وقفت عليها؛ فقد حكمنا عليها بما يقتضيه إسنادها، فأوردناها في الكتاب الآخر (رقم 79).

517 -

وعنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّمه الأذان تسع عشره كلمةً، والإقامة سبع عشرة كلمةً: الأذان: (الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد

ص: 415

أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله).

والإقامة: (الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله).

(قلت: إسناده حسن صحح، وهو على شرط مسلم، وصححه ابن دقيق العيد على شرطه. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما" -دون ذكر الإقامة-، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" -مختصرًا-، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح").

إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عفان وسعيد بن عامر وحجاج -المعنى واحد- قالوا: ثنا همام: ثنا عامر الأحول: حدتني مكحول أن ابن مُحَيْرِيز حدثه أن أبا محذورة حدثه.

قلت: وهذا إسناد حسن وهو على شرط مسلم؛ لكنْ عامر الأحول -وهو ابن عبد الواحد- فيه كلام من قِبَلِ حفظه؛ قال أحمد:

"ليس بقوي".

وكذا قال النسائي. وقال ابن معين:

"ليس به بأس". وقال أبو حاتم:

ص: 416

"ثقة لا بأس به". وقال ابن عدي:

"لا أرى برواياته بأسًا".

وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الساجي:

"يُحْتمل لصدقه، وهو صدوق". وقال الحافظ:

"صدوق يخطيء".

قلت: فهو حسن الحديث -إن شاء الله تعالى- إذا لم يخالف ولم يتبين خطؤه.

والحديث أخرجه أحمد (3/ 409): ثنا عفان

به.

وأخرجه الدارمي (1/ 271): أخبرنا سعيد بن عامر

به. ثم قال: أخبرنا أبو الوليد الطيالسي وحجاج بن المنهال قالا: ثنا همام

به مختصرًا.

وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه"(1/ 330 - 331) من هذه الطرق؛ إلا طريق الحجاج.

وأخرجه الترمذي (1/ 367)، وابن ماجة (1/ 243 - 244)، والطحاوي (1/ 78 و 80 - 81) من طريق عفان؛ بعضهم مختصرًا.

وأخرجه البيهقي (1/ 416 - 417) -من طريق سعيد بن عامر-، وهو، والطحاوي، والدارقطني (ص 87 - 88) -من طريق أبي الوليد-

به.

وأخرجه النسائي (1/ 103)، والطحاوي أيضًا، وأبو عوانة، وابن حزم (3/ 150) من طرق أخرى عن همام

به مطولًا ومختصرًا.

وخالفهم في إسناده أبو داود الطيالسي؛ فقال في "مسنده"(رقم 1354): ثنا همام عن عامر الأحول عن مكحول عن ابن أبي محذورة عن أبيه

به

ص: 417

مختصرًا. قال:

"وذكروا أنه عن مكحول عن أبي [كذا! ولعله: ابن] محيريز عن ابن أبي محذورة عن أبيه"!

قلت: وهذا من أوهام الطيالسي رحمه الله؛ فليس هو من رواية ابن أبي محذورة عن أبيه؛ بل هو من رواية ابن محيريز عن أبي محذورة؛ سمعه منه؛ كما في رواية المصنف وغيره.

نعم؛ قد رواه ابن أبي محذورة عن أبيه -كما تقدم برقم (515)، ويأتي بعد هذا بحديث-؛ لكن ليس هو من حديث همام عن مكحول عنه! فلعله اختلظ عليه أحدهما بالآخر؛ والله أعلم.

وتابعه معاذ بن هشام عن أبيه عن عامر الأحول

به دون الإقامة.

أخرجه مسلم (2/ 3)، وأبو عوانة، والنسائي، والبيهقي من طرق عنه

به، لكن مسلمًا ذكر التكبير في أوله مرتين فقط! قال الحافظ (3/ 160):

"وقال ابن القطان: الصحيح في هذا تربيع التكبير، وبه يصح كون الأذان تسع عشرة كلمة، وقد قُيِّدَ بذلك في نفس الحديث [يعني: حديث الباب] قال: وقد وقع في بعض روايات مسلم بتربيع التكبير، وهي التي ينبغي أن تعد في الصحيح. انتهى. وقد رواه أبو نعيم في "المستخرج" والبيهقي من طريق إسحاق بن إبراهيم عن معاذ بن هشام بسنده؛ وفيه تربيع التكبير، وقال بعده: أخرجه مسلم عن إسحاق".

قلت: وكذلك أخرجه النسائي عن إسحاق؛ فرواية مسلم بالتثنية شاذة. ثم قال أبو عوانة عقب الحديث:

"هذا لفظ هشام، وزاد همام في حديثه ذِكْرَ الإقامة، فتركته؛ لأن هشامًا

ص: 418

أحفظ وأتقن منه، ولأن إجماع أهل الحرمين على خلاف زيادته"!

قلت: وبنحو هذا أعلّه البيهقي (1/ 417)! والجواب عن الأول:

أن هذا الاختلاف ليس اختلاف تعارض حتى يصار إلى ترجيح رواية الأحفظ؛ بل هو من قبيل زيادة الثقة على الثقة، وهي مقبولة.

وأيضًا؛ فإن همامًا لم يتفرد بذكر الإقامة فيه؛ بل قد تابعه سعيد بن أبي عروبة عن عامر

بسنده؛ ولفظه:

علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة.

أخرجه الطبراني؛ كما في "الجوهر النقي" وغيره.

والجواب عن الآخر: أنه لا حجة في إجماع طائفة بعد ثبوت الحديث؛ ولذلك قال الحافظ (3/ 164):

"وتكلم البيهقي عليه بأوجه من التضعيف، ردَّها ابن دقيق العيد في "الإمام"، وصحح الحديث".

قلت: وتفصيل هذا في "الزيلعي"(1/ 268).

518 -

وفي رواية عنه قال:

ألقى عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو بنفسه، فقال:

"قل: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، مرتين مرتين -قال: - ثم ارجع فَمُدَّ مِنْ صوتك: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن

ص: 419

محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله".

(قلت: إسناده حسن صحيح. وقال الترمذي: "حديث صحيح". ورواه ابن خزيمة في "صحيحه").

إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا أبو عاصم: ثنا ابن جريج: أخبرني ابن عبد الملك بن أبي محذورة -يعني: عبد العزيز- عن ابن محيريز عن أبي محذورة.

قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد العزيز بن عبد الملك، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه -غير ابن جريج-: ابنه إبراهيم وأبو سعيد محمد بن سعيد الطائفي، وصحح له الترمذي وابن خزيمة، كما يأتي.

والحديث أخرجه ابن ماجة (1/ 241 - 242): حدثنا محمد بن بشار ومحمد ابن يحيى قالا: ثنا أبو عاصم

به أتم منه؛ وزاد في آخره: قال: وأخبرني ذلك مَن أدرك أبا محذورة على ما أخبرني عبد الله بن محيريز.

وكذلك أخرجه الدارقطني (ص 86)، والبيهقي (1/ 393)، وأحمد (3/ 409).

وروراه النسائي (1/ 103 - 104)، ومن طريقه ابن حزم (3/ 151)، والطحاوي (1/ 78) دون الزيادة؛ كلهم أخرجوه من طرق عن ابن جريج.

وعنه: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" كما في "التهذيب"(6/ 347).

وأخرجه الترمذي (1/ 366) من طريق إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: أخبرني أبي وجدي جميعًا عن أبي محذورة

به مختصرًا.

ص: 420

وكذلك أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق الشافعي عن إبراهيم، فقال الشافعي: وسمعته يحدث عن أبيه عن ابن محيريز عن أبي محذورة عن النبي صلى الله عليه وسلم

معنى ما حكى ابن جريج.

وروى منه البخاري في "أفعال العباد"(ص 76) الترجيع. ثم قال الترمذي: "حديث صحيح".

519 -

وفي رواية أخرى عنه قال:

ألقى عَليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان حرفًا حرفًا:

"الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح".

قال: وكان يقول في الفجر: "الصلاة خير من النوم".

(قلت: حديث صحيح، كما قال الترمذي. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه". وصححه عبد الحق الإشبيلي).

إسناده: حدثنا النُّفَيْلِيُّ: نا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: سمعت جدي عبد الملك بن أبي محذورة يذكر أنه سمع أبا محذورة يقول

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي

ص: 421

محذورة مجهول.

وضعفه الأزدي، كما في "التقريب".

وجده عبد الملك بن أبي محذورة ليس بالمشهور، كما سبق (رقم 515).

لكن الحديث صحيح؛ بما له من الطرق، وقد سبق أكثرها.

والحديث أخرجه الطبراني في "الأوسط"(1/ 57/ 2/ 1025) من طريق أخرى عن أبي جعفر النفيلي.

520 -

وعنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّمه الأذان؛ يقول:

"الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله

"، ثم ذكر مثل أذان حديث ابن جريج عن عبد العزيز بن عبد الملك ومعناه (1).

(1) قال في "عون المعبود": "أي: في حديث نافع بن عمر تثنية التكبير في أول الأذان؛ بخلاف رواية ابن جريج؛ فإن فيها تربيع التكبير في أول الأذان. وأما باقي الأذان في رواية نافع بن عمر مثل ألفاظ الأذان لرواية ابن جريج التي مضت، ومعنى روايته مع إثبات الترجيع (وفي حديث مالك بن دينار

إلخ) يعني: في رواية مالك بن دينار أيضًا تثنية التكبير في أول الأذان، كما في رواية نافع بن عمر الجمحي عن عبد الملك، و (قط)؛ بمعنى: حسب (وكذلك)؛ أي: مثل رواية نافع بن عمر بتثنية التكبير وباقي الألفاظ مثل رواية ابن جريج (إلا أنه قال)؛ أي: جعفر بن سليمان في حديثه: (ثم ترجع فترفع صوتك). وفي حديث ابن جريج: "ثم ارجع فمد من صوتك". (الله أكبر الله أكبر): هذا بيان التشبيه؛ أي: وكذلك حديث جعفر بتثنية التكبير: الله أكبر الله أكبر".

قلت: يفهم منه أن في هذه الروايات الثلاث الترجيع، كما في حديث ابن جريج؛ وهذا حق لا مناقشة فيه. =

ص: 422

(قلت: يعني: الحديث رقم (518). والحديث صحيح؛ لكن الأصح تربيع التكبير في أوله، كما في سائر الروايات المتقدمة).

إسناده: حدثنا محمد بن داود الإسكندراني: ثنا زياد -يعني: ابن يونس- عن نافع بن عمر -يعني: الجُمَحِيُّ- عن عبد الملك بن أبي محذورة أخبره عن عبد الله بن محيريز الجمحي عن أبي محذورة.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل عبد الملك هذا، وبقية رجاله ثقات كلهم.

لكن الحديث صحيح؛ لما سبق بيانه في الرواية السابقة؛ إلا أن الأصح فيه تربيع التكبير في أوله.

كذلك رواه مكحول عن عبد الله بن محيريز، وقد سبقت روايته (رقم 517)، وهو أوثق من روى الحديث عن ابن محيريز، وعليه أكثر الرواة عن أبي محذورة، كما سلف.

= لكن قوله في السطر الأخير: "هذا بيان التشبيه

" إلخ! خطأ واضح عندي؛ بل هو بيان للمخالفة التي وقعت في رواية جعفر هذه، خلافًا للروايات قبلها التي هي -فيما عدا التكبير- مثل رواية ابن جريج، وقد سبق أن فيها: "ثم ارجع فمُدّ من صوتك: أشهد

" إلخ.

وليست المخالفة هذه هي ما أشار إليه الشارح بقوله: "وفي حديث ابن جريج: "ثم ارجع فمد من صوتك"

"؛ فإن هذا اختلاف في اللفظ دون المعنى، وهذا قلما يُعْنَى المصنف ببيانه، وإنما المخالفة الحقيقية في مبتدأ الترجيع، ففي حديث ابن جريج أنه من الشهادتين، وفي حديث جعفر أنه من التكبير؛ إذ إن معنى حديثه: "فترفع صوتك قائلًا: الله أكبر الله أكبر"، فالتكبير إنما هو من صلب الحديث؛ ليس هو بيانًا من المصنف كما زعم الشارح!

وقد أشار إلى هذا الحديث وضعفه: البيهقي في "سننه"؛ وقد ذكرنا نص كلامه في الكتاب الآخر؛ فراجعه.

ص: 423

521 -

قال أبو داود: "وفي حديث مالك بن دينار قال: سألت ابن أبي محذورة، قلت: حدِّثْني عن أذان أبيك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فذكر فقال: الله أكبر الله أكبر

قط".

إسناده معلق كما ترى، ولم أجد من وصله؛ لا هذا، ولا الذي بعده (1).

والحديث صحيح لكن بتربيع التكبير في أوله لما سلف ذكره.

522 -

وكذلك حديث جعفر بن سليمان عن ابن أبي محذورة عن عمه عن جده؛ إلّا أنه قال:

"ثم ترجع فترفع صوتك: الله أكبر، الله أكبر".

(قلت: لم أجد من وصله! والحديث صحيح؛ لكن بتربيع التكبير في أوله كما تقدم قريبًا. وأما الرجوع إلى التكبير بعد الشهادتين -كما في هذه الرواية الأخيرة-؛ فمنكر. ولذلك أوردناها في الكتاب الآخر (رقم 80)).

(1) ثم وجدت الحديث قد وصله الدارقطني (ص 90) من طريق داود بن أبي عبد الرحمن القرشي: ثنا مالك بن دينار قال:

صعدت إلى ابن أبي محذورة فوق المسجد الحرام بعد ما أذن، فقلت له: أخبرني عن أذان أبيك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:

كان يبدأ فيكبر، ثم يقول: أشهد أن لا لله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، مرة، ثم يرجع فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حتى يأتى على آخر الأذان: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. وقال:

"تفرد به داود".

قلت: ولم أجد من ترجمه!

ص: 424

523 -

عن ابن أبي ليلى [هو عبد الرحمن] قال:

أُحِيلَت الصلاةُ ثلاثةَ أحوال. قال: وحدَّثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين -أو قال: المؤمنين- واحدة، حتى لقد هممت أن أبُثَّ رجالًا في الدُّور ينادون الناس بحين الصلاة، وحتى هممت أن آمر رجالًا يقومون على الآطام؛ ينادون المسلمين بحين الصلاة"، حتى نَقَسوا أو كادوا أن يَنْقُسُوا، قال: فجاء رجل من الأنصار فقال:

يا رسول الله! إني لما رجعتُ -لِمَا رأيت من اهتمامك- رأيت رجلًا كأنَّ عليه ثوبين أخضرين، فقام في المسجد فأذَّن، ثم قعد قَعْدَةً، ثم قام فقال مثلها؛ إلا أنه يقول: قد قامت الصلاة، ولولا أن يقول الناس (وفي رواية: أن تقولوا) لقلت: إني كنت يقظانًا غير نائم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (زاد في الرواية المذكورة: "لقد أراك الله خيرًا)، فمُرْ بلالًا فليؤذن".

قال: فقال عمر: أما إني قد رأيت مثل الذي رأى، ولكن لمَّا سُبقت استحييت!

قال: وحدثنا أصحابنا: قال:

كان الرجل إذا جاء يَسأل؟ فيُخبر بما سُبِق من صلاته، وأنهم قاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ من بين قائم وراكع وقاعد ومُصَلٍّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن المثنى: قال عمرو: وحدثني بها حُصَيْن عن ابن أبي ليلى-؛ حتى

ص: 425

جاء معاذ- قال شعبة: وقد سمعتها من حصين؛ فقال: لا آراه على حال

إلى قوله: "كذلك فافعلوا".

قال أبو داود: ثم رجعت إلى حديث عمرو بن مرزوق. قال: فجاء معاذ فأشاروا إليه -قال شعبة: وهذه سمعتها من حصين- قال: فقال معاذ: لا آراه على حال إلا كنتُ عليها؛ قال: فقال: "إن معاذًا قد سَنَّ لكم سُنَّةً؛ كذلك فافعلوا".

قال: وحدثنا أصحابنا:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة؛ أمرهم بصيام ثلاثة أيام، ثم أُنزل رمضان، وكانوا قومًا لم يتعوَّدوا الصيام، وكان الصيام عليهم شديدًا، فكان من لم يصم أَطعم مسكينًا، فنزلت هذه الآية:{فمن شهد منكم الشهر فلْيَصُمْهُ} ؛ فكانت الرخصة للمريض والمسافر؛ فأمروا بالصيام.

قال: وحدثنا أصحابنا: قال:

وكان الرجل إذا أفطر فنام قبل أن يأكل؛ لم يأكل حتى يصبح. قال: فجاء عمر فأراد امرأته؛ فقالت: إني قد نمتُ، فظنَّ أنها تَعْتَلُّ؛ فأتاها، فجاء رجل من الأنصار فأراد الطعام، فقالوا: حتى نُسَخِّنَ لك شيئًا؛ فنام، فلما أصبحوا أُنزلت عليهم هذه الآية؛ فيها:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} .

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقول ابن أبي ليلى: (حدثنا أصحابنا)؛ يريد به أصحاب النبي عليه السلام. وقد صححه ابن حزم وابن

ص: 426

دقيق العيد وابن التركماني).

إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق: أنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى. (ح) وحدثنا ابن المثنى: ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى. والرواية الأخرى لابن المثنى.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقول ابن أبي ليلى:(حدثنا أصحابنا) إنما أراد به الصحابة رضي الله عنهم، كما صرح به الأعمش عن عمرو ابن مرة، كما يأتي. وقد تردد في ذلك المنذري، فقال في "مختصره" (رقم 477):

"وقول ابن أبي ليلى: (حدثنا أصحابنا)؛ إن أراد الصحابة؛ فهو قد سمع من جماعة من الصحابة، فيكون الحديث مسندًا؛ وإلا فهو مرسل"!

والرواية المشار إليها تعين الاحتمال الأول، كما قال الحافظ في "التلخيص" (3/ 174). قال:

"ولهذا صححها ابن حزم وابن دقيق العيد". وقال الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 267):

"أراد به الصحابة؛ صرَّح بذلك ابن أبي شيبة في "مصنفه"، فقال: حدثنا وكيع: ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أن عبد الله بن زيد الأنصاري جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! رأيت في المنام كأن رجلًا قام وعليه بردان أخضران، فقام على حائط، فأذن مثنما مثنى، وأقام مثنى مثنى. انتهى. وأخرجه البيهقي في "سننه" عن وكيع

به. قال في "الإمام": وهذا رجال "الصحيح"، وهو متصل على مذهب الجماعة في عدالة الصحابة، وأن جهالة اسمهم لا تضر".

قلت: وكذا قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" نحو ما قال ابن دقيق العيد

ص: 427

في "الإمام" أنه على شرط "الصحيح". إلخ.

وكذلك أخرجه الطحاوي (1/ 79 و 80) -عن يحيى بن يحيى النيسابوري-، والبيهقي (1/ 420) -عن عبد الله بن هاشم-، وابن حزم في "المحلى"(3/ 157) -عن موسى بن معاوية- كلهم عن وكيع

به. وقال ابن حزم:

"وهذا إسناد في غاية الصحة".

ثم إن الحديث قد روى قسمًا منه: عمرو بن مرة أيضًا عن حصين عن ابن أبي ليلى وتابعه عليه شعبة عن حصين، كما قد ذكر ذلك المصنف في تضاعيف الحديث.

وقد رواه ابن حزم في "الإحكام"(6/ 70 - 71) من طريق بُنْدَار: ثنا غُنْدَرٌ -لقب محمد بن جعفر-: ثنا شعبة: ثنا عمرو بن مرة عن حصين

به من قوله: قال: وحدثنا أصحابنا إلى قوله: "كذلك فافعلوا".

والحديث فيه تربيع التكبير في أول الأذان، فهو يؤيد رواية ابن إسحاق المتقدمة عن عبد الله بن زيد (رقم 512)؛ ولذلك رجحنا هناك أنه أصح من تثنية التكبير في هذه القصة.

وأما رواية المسعودي عن عمرو بن مرة بالتثنية -كما في حديث معاذ الآتي-؛ فلا تصلح للمعارضة؛ لأن المسعودي ضعيف، كما يأتي.

524 -

عن معاذ بن جبل قال:

أُحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال

وساق نص الحديث بطوله، واقتصَّ ابن المثنى منه قصة صلاتهم نحو بيت المقدس قط، قال:

ص: 428

الحال الثالث:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصلَّى -يعني: نحو بيت المقدس- ثلاثة عشر شهرًا، فأنزل الله هذه الآية:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ؛ فوجَّهه الله عز وجل إلى الكعبة

وتمَّ حديثه. وسمى نصر صاحب الرؤيا. قال:

فجاء عبد الله بن زيد -رجل من الأنصار-

وقال فيه: فاستقبل القبلة. قال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة -مرتين-، حي على الفلاح -مرتين-، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. ثم أمهل هُنَيَّةً، ثم قام فقال مثلها؛ إلا أنه قال: زاد -بعدما قال: حي على الفلاح-: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لقِّنْها بلالًا"؛ ، فأذَّن بها بلال.

وقال في الصوم: قال:

فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ويصوم يوم عاشوراء، فأنزل الله:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ؛ فكان من

ص: 429

شاء أن يصوم صام، ومن شاء أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينًا أجزأه ذلك، فهذا حَوْلٌ.

فأنزل الله: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ؛ فثبت الصيام على من شهد الشهر، وعلى المسافر أن يقضي، وثبت الطعام للشيخ الكبير والعجوز اللذَيْنِ لا يستطيعان الصوم، وجاء صِرْمَةُ وقد عمل يومه

وساق الحديث.

(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. وعلق البخاري بعضه في "صحيحه". وقوّاه الحافظ؛ لكن الأصح تربيع التكبير في أوله).

إسناده: حدثنا ابن المثنى عن أبي داود. (ح) وثنا نصر بن المهاجر: ثنا يزيد ابن هارون عن المسعودي عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ لكن المسعودي -واسمه عبد الرحمن بن عبد الله- كان قد اختلط.

لكن قد تابعه شعبة عن عمرو بن مرة؛ لكن خالفه في إسناده ومتنه.

أما الإسناد؛ فقال المسعودي: عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل

فَأُعِلَّ بالانقطاع، قال المنذري في "مختصره":

"ذكر الترمذي وابن خزيمة أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل. وما قالاه ظاهر جدًّا؛ فإن ابن أبي ليلى قال: وُلِدْتُ لستٍّ بَقِين من خلافة عمر؛ فيكون مولده سنة سبع عشرة من الهجرة، ومعاذ توفي في سنة سبع عشرة أو

ص: 430

ثمان عشرة. وقد قيل: إن مولده لست مضين من خلافة عمر؛ فيكون مولده على هذا بعد موت معاذ".

وبذلك أعله الدارقطني أيضًا؛ فقال في "السنن"(ص 89):

"وقال الأعمش والمسعودي عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل

ولا يثبت، وللصواب ما رواه الثوري وشعبة عن عمرو بن مرة وحصين بن عبد الرحمن عن ابن أبي ليلى مرسلًا"!

كذا قال! وفيه نظر من وجهين:

الأول: دعواه أن الأعمش رواه كرواية المسعودي عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن معاذ!

فلعل ذلك في بعض الروايات عن الأعمش؛ وإلا فقد رواه وكيع عنه عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

فهذا متصل صحيح الإسناد، كما سبق ذكره في حديث ابن أبي ليلى (رقم 523).

والوجه الآخر: زعمه أن رواية شعبة عن عمرو بن مرة وحصين بن عبد الرحمن عن ابن أبي ليلى إنما هي مرسلة وأنها الصواب!

وقد سبقت هذه الرواية؛ وليست هي صريحة في الإرسال؛ بل هي -عند التحقيق- موصولة؛ فإن فيها أن ابن أبي ليلى قال: وحدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

الحديث. وقد بينت رواية وكيع عن الأعمش المذكورة آنفًا: أن الأصحاب في هذه الرواية إنما هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ فعاد الحديث موصولًا صحيح الإسناد.

ص: 431

ولا يعله أن المسعودي رواه منقطعًا؛ لما سبق من ضعف حفظه، ولأن من وصله ثقة جاء بزيادة، وهي مقبولة.

ولذلك علق البخاري في "صحيحه"(4/ 152) قسمًا من الحديث من طريق الأعمش فقال: وقال ابن نمير: حدثنا الأعمش: حدثنا عمرو بن مرة: حدثنا ابن أبي ليلى:

حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم:

نزل رمضان، فشَقَّ عليهم؛ فكان من أطعم كل يوم مسكينًا؛ ترك الصوم ممن يطيقه، ورُخِّصَ لهم في ذلك، فنسختها: {وَأن تصوموا خَيْرٌ لَكُم)؛ فأُمِروا بالصوم. فقال الحافظ:

"قوله: وقال ابن نمير

إلخ؛ وصله أبو نعيم في "المستخرج" والبيهقي من طريقه". قال:

"وهذا الحديث أخرجه أبو داود من طريق شعبة والمسعودي عن الأعمش

مطولًا في الأذان والقِبْلَةِ والصيام. واختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا؛ وطريق ابن نمير هذه أرجحها".

وقوله: "عن الأعمش"! وهم منه رحمه الله، أو سبق قلم؛ والصواب:"عن عمرو بن مرة"، كما سبق.

والحديث أخرجه أحمد (5/ 246 - 247): ثنا أبو النَّضْرِ: ثنا المسعودي. ويزيد ابن هارون: أخبرنا المسعودي -قال أبو النضر في حديثه-: حدثني عمرو بن مرة

به بتمامه.

وكذلك أخرجه البيهقي (1/ 391 و 420 - 421).

ص: 432

وأخرج منه الحاكم (2/ 274) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم أحوال الصيام فقط؛ وقال:

"حديث صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

وليس بجيد؛ لما علمت من حال المسعودي. والصواب أن يقال: حديث صحيح؛ لمتابعة شعبة له، كما في الرواية التي قبلها.

وقال أحمد (5/ 232): ثنا أسود بن عامر: أنبأنا أبو بكر -يعني: ابن عياش- عن الأعمش عن عمرو بن مرة

به مقتصرًا على قصة الأذان، وفيه:

فأذن مثنى مثنى، ثم جلس، ثم أقام فقال: مثنى مثنى.

وكذلك أخرجه الدارقطني (ص 89 - 90) من طريق الأسود.

فقد تابع الأعمشُ المسعوديَّ في روايته عن عمرو عن ابن أبي ليلى عن معاذ، وقد سبق أن الدارقطني أشار إلى هذه المتابعة.

لكن أبو بكر بن عياش -الراوي عن الأعمش- هو سيئ الحفظ أيضًا.

وقد خالفه وكيع؛ فقال: عن الأعمش عن عمرو عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم

كما تقدم.

فالقول في هذه الرواية؛ ما قلنا في رواية المسعودي عن عمرو بن مرة.

وبالجملة؛ فالحديث صحيح، ورواية من رواه مقطوعًا لا تعل رواية من رواه موصولًا.

لكن الأصح فيه تربيع التكبير في أوله، كما في رواية الأعمش هذه، وروايته الأخرى المشار إليها آنفًا، وقد ذكرنا لفظها عند الكلام على الحديث السابق.

ص: 433